رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الثانى و الاربعون42 بقلم سهام صادق


 

رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الثانى و الاربعون بقلم سهام صادق

 

أن تكون حُلمًا ملموسًا، أن تَغدو حقيقة ومستقبلًا، أن تسلب الأنفاس وتضيع أحرف الكلمات عند رؤياك..، أن تكون أنتَ الوطن والملاذ.. أن تنفرد في حكاية أنتَ وحدك بطلها. 

عيناه بحثت عنها بتَوْق بعدما استطاع بصعوبة التخلص من ضيوفه المهنئين. خفق قلبه عندما إلتقطتها عيناه وهي في أحضان السيدة "صفية" التي كانت تحتضنها بشدة وتبكي من فرحتها. 

ومن حضن إلى حضن صَارت تتنقل، ولم يعد قادر على تحمل رؤيتها هكذا أمامه دون أن يضمها إليه. ولولا تعقله لكان انتشلها من بينهم. 

ابتسم عندما وجد "نيرة" تتعلق بذراعه تطلب منه أن يلتقطوا صورة سويًا. 

_ تدفع كام وأنا أجيبهالك، اصلك لو سيبتها مش هتيجي لوحدها.

باغتته "نيرة" بقولها عندما اِقتربت منه وهمست في أذنه. حدقها "عزيز" بنظرة ضجت باللهفة ودنى منها هامسًا. 

_ أنتِ عارفة إني مش هتأخر عنك لو طلبتي حاجة. 

اتسعت اِبتسامة "نيرة" وأسرعت برفع هاتفها لأعلى قليلًا حتى تتمكن من إلتقاط صورة أخرى. عندما اِنتهت "نيرة" من إلتقاط الصورة التي أعادت إلتقاطها لمرات اِتجهت نحو "ليلى" التي مَازالت واقفة بين قريباتها اللاتي حضرن من أجلِها. 

_ ممكن اخد منكم العروسة عشان نتصور، مش عايزين نضيع اللحظة الحلوة دي في البُكا. 

لم تنتظر "نيرة" رد أحد لكنهن ابتسمن. برفق دفعتها "نيرة" قُرب عمها الذي اِحتضنه العم "سعيد" للتو وأخذ يبكي. 

_ أنا مش مصدق إني عيشت للحظة دي، متعرفش أنا فرحان أد إيه. 

تعلقت عينيّ "عزيز" نحو "ليلى" التي صَارت أخيرًا أمامه. 

_ حتى في الفرح بتعيط يا راجل يا عجوز.

قالتها "نيرة" وهي تجتذب العم "سعيد" من ذراعه. وأردفت بعدما سحبته بعيدًا. 

_ لأ ،تعالا هنا... فين الشربات اللي أنت كنت نادر إنك توزعه... الناس هتمشي خلاص.

وضعت "ليلى" يدها على شفتيها حتى تكتم صوت ضحكاتها وهي تراهم يتجهون جِهة المطبخ.

_ "لـيـلـى" 

خرجت أحرف اِسمها من بين شفتيه بصوت رخيم وقريب للغاية؛ فالتفت نحوه بخجل ورفعت عيناها إليه. 

انفرجت شفتيّ "عزيز" بإبتسامة واسعة. 

_ مبروك. 

كاد أن يمد ذراعه حتى يحتضن خِصرها ويُقربها منه لكن اِقتراب عمها منهما جعله يغمض عيناه للحظة ويتنهد حتى يستطيع السيطرة على ثباته. 

والحضن الذي يتوق له، يناله الآن عمها الذي أخذ يبكي ويُخبرها عن سعادته التي لا يستطيع وصفها. 

اِنتبهت "نيرة" على نظرات عمها إليها بعدما غادرت المطبخ وتركت العم "سعيد"؛ يهز لها رأسه بيأس ورجاء. 

نظرت إليه "نيرة" بحيره وسُرعان ما التقطت عيناها
"شهد" التي وقفت قُرب فتاة بعمرها. اِقتربت "نيرة" من "شهد" التي فور أن فهمت ما تُريده منها أسرعت نحو والدها.

داعبت شفتيّ "شهد" ابتسامة عريضة بعدما ابتعد والدها ونظرت نحو "ليلى" و "عزيز" قائلة: 

_ هو أنتوا ليه واقفين بعيد عن بعض، "لولو" قربي على أبيه "عزيز" خليني اعرف أصوركم. 

لم تنتظر "شهد" أن تتحرك "ليلى" التي كانت تموت خجلًا بل أسرعت بإجتذاب ذراعها ودفعها نحو "عزيز" الذي ابتسم فور أن صارت داخل أحضانه. 

_ أبيه "عزيز" بوسها على جبينها.

تحركت عينين "ليلى" نحو "شهد" لتلومها على فعلتها وسُرعان ما كان جسدها ينتفض بعدما شعرت بيديه على خصرها ويُقربها منه. نظرت إليه بأعيُن متسعة ثم انتقلت بعينيها نحو يديه ليبتسم قائلًا وهو يوجه نظراته نحو "شهد": 

_ كده مظبوط يا "شهد"؟. 

هزت إليه "شهد" رأسها بحماس وهتفت قائلة: 

_ ارفعي راسك يا "ليلى"، خلي عينك في عين أبيه
"عزيز". 

اِتجهت "ليلى" بأنظارها نحو "شهد" ليزيد "عزيز" من ضغطه على خِصرها حتى تنتبه عليه ولا تحيد بنظراتها بعيدًا عنه.. 

_ يلا يا "لولو" بصي لأبيه "عزيز". 

_ اسمعي كلام "شهد" يا "لولي"، اسمعي الكلام يا اخرة الصبر. 

قالها بمِزاح ثم غمز لها بعدما تلاقت عيناهما. 

اِتسعت ابتسامة "شهد" بعدما التقطت الصورة الأولى لهما لتهتف بسعادة. 

_ الصورة تجنن، يلا بقى يا أبيه "عزيز" بوسها على جبينها. 

هذه المرة كانت "نيرة" تقف قُرب "شهد" لتحس عمها على فعل الأمر قائلة لتأكيد كلام "شهد".

_ ولسا صورة الحضن، مش معقول هنعدي حفلة كتب الكتاب كده..."لولو" بطلي كسوف.

نفسًا عميقًا أخذته بعدما صَارت محاصرة بينهم لتشعر بشفتيه على جبينها. تنهيدة طويلة حبسها في صدره لترتجف بين ذراعيه وتغمض عينيها. ابتعد "عزيز" عنها حتى يتسنى له رؤية ملامحها. ارتفعت دقات قلبه عندما رأي إحمرار خديها وعدم قدرتها على فتح عينيها. 

أضاعت عقله بخجلها الذي يقتله ويزيده هيامًا بها. 

_ آخر صورة بقى.

أفاقتهم "شهد" من سحر اللحظة ثم نظرت نحو "نيرة" التي تقف جانبها تتساءَل. 

_ "نيرو" مين فينا هيظبط الصورة دي. 

حدجتها "نيرة" بنظرة مشتتة ثم نفضت ذلك الشعور الذي عاد يتسلل إلى قلبها وابتسمت. 

_ خليني أنا أصورهم المرادي.

وها هي في حضنه حتى يتم إلتقاط الصورة ولم يزيده هذا القرب إلا توقً ليهمس لها قائلًا بوعيد. 

« صَبرًا يا "ليلى"  »
.... 

الصمت وحده ما كان يسود طريقهما لتتوقف أخيرًا السيّارة أمام الفندق الذي شَهِد على حفل زفافهما الراقي. 

طالعها "صالح" بطرف عينه ثم زفر زفرة حارة وألقى نظرة سريعة نحو مدخل الفندق. أغلقت جفنيها بقوة بعدما طرقت ذكرى ليلة زفافها ذاكرتها. ذلك اليوم الذي كانت تطير فيه من السعادة رغم خجلها وقلقها من حياة جديدة ستعيشها بعيدًا عن جدها. قلبها كان يرفرف كلما داعبتها "سما" بالحديث أو إحدى صديقاتها عن وسامة عريسها ومهنته التي تمكنه أن يأخذها بجولة حول العالم. المداعبات كانت تُلقى من حولها فتزيدها خجلًا وحرجًا. وهي تركت لقلبها الحُلم في زيجة تمت سَريعًا دون أن تدع لعقلها فرصة التفكير في أمر التعجل لإتمام العُرس. 

فتحت جفنيها بعدما ارتسمت اِبتسامة ساخرة على شفتيها ...لقد كانت العروس المناسبة.

_"زينب"، لو عايزة نمشي وبعدين نعتذر ليهم ومتقلقيش أنا هقدر اقدم أي عذر مقبول وأشيل الحرج عنك. 

اِلتفت جِهته بعد حديثه تنظر إليه وعلى محياها ابتسامة واسعة. 

_ وليه محضرش فرح بنت عمي وأضيع مناسبة عائلية مهمه.

قالتها ثم ترجلت من السيّارة ووقفت تستنشق بعض الهواء. 

تنهد "صالح" تنهيدة قوية ثم غادر السيّارة وقد ترك أمر اِصطفافها -بالمكان المخصص- لعامل الفندق. 

استدارت "زينب" جهته وكادت أن تتحرك دونه لكن عندما رأت بعض المدعويين من أقاربها ابتسمت ومدّت يدها إليه. 

لم يكن غافل عن السبب وراء دعوتها له لتتأبط ذراعه، اِقترب منها مقررًا أنه سيرسم ببراعة دور الزوج بصورة حقيقية وليس بتزيف مثلما فعل بالسابق. 

دغدغها شعور تمنته كما تمنت الكثير في أحلامها لكنها وأدته سريعًا داخلها حتى لا تسمح لقلبها بالعودة إلى أوهامه. 

تقدم بها "صالح" نحو قاعة مختلفة عن القاعة التي تم فيها زفافهم. اِنتقلت الأعين عليهما عندما دخلوا القاعة الواسعة، ابتسم "هشام" وأسرع بالترحيب بـ "صالح" بحفاوة. 

_ "صالح الزيني" زوج "زينب" بنت أخويا.

مَدّ "عدنان الهتيمي" والد "مراد" يده نحو "صالح" قائلًا: 

_ غنى عن التعريف طبعًا لأن أنا و "شاكر" باشا داخلين قريب مشروع سوا. 

_ رجال المال في البلد بيتحدوا.

قالها "هشام" ثم قهقه بصوت مرتفع وكأنه ألقى مزحه، ابتسم "عدنان" وتجاهل حديثه ومَدّ يده نحو "زينب" مرحبًا. 

_ العيلة كلها ما شاء الله مليانه بالجميلات.

توردت وجنتيّ "زينب" خجلًا لتجفل من فعلته عندما اِجتذبها من خصرها إليه. 

_ الف مبروك مره تانية يا "عدنان" باشا.

ابتعد بها وقد اشتعلت نيران الغضب في أوردته من نظرات العجوز المتصابي لها. 

_ أنت إزاي تجرني كده من قدامهم. 

بصعوبة تمالك "صالح" شعور الضيق وسيطر على انفعالات وجهه وابتسم عندما تلاقت عيناه بعينين "نائل". 

_ هتعرفي بعدين، دلوقتي ابتسمي عشان جدك عينه علينا وزوجات أعمامك. 

وكز "حاتم" بذراعه "قُصي" الذي لم تحيد عيناه عن "زينب" مُنذ لحظة دخولها القاعة وقال بمزاح. 

_ إيه يا بني روحت فين؟ 

_ إزاي يومها قولت لجدي إني بشوف "زينب" أخت ليا.

رفع "حاتم" كلا حاجبيه بإستنكار لِما كان يظنه ابن عمه من مشاعر نحو "زينب". 

_ ما قولنا كده من الأول وأنت كنت مصمم إنك بتشوفها زي "أشرقت"، أهو فاز بيها واحد من بره العيلة بس بصراحة لايقين على بعض.

احتقنت ملامح "قُصي"؛ فهل كان ينقصه حديثه الآن. 

_ أنت بتبصلي كده ليه، والله البت "زوزو" بنت حلال كويس إنها خرجت من العيلة اللي عندها النفخة الكدابه.

أنذرته نظرة "قُصي" له بالشر؛ فأسرع بالإبتعاد عنه قائلًا: 

_ أما اروح اسلم على "زوزو" وسيادة الطيار سابقًا. 

جلست "زينب" قُرب جدها وتساءَلت وهي تبحث بعينيها عن "سما". 

_ هي فين "سما"؟.

هَز "نائل" رأسه وهو ينظر حوله. 

_ مش عارف البنت دي اختفت فين. 

انتبهت "زينب" على رابطة العنق التي يرتديها جدها وقالت بعدما وضعت يدها على شفتيها. 

_ جدو أنت لبست الكرافته شبه الفستان بتاعي، عشان كده كنت بتسألني عن لون الفستان؟.

ابتسم "نائل" وحرك رابطة العنق التي اِنتبهت عليها حفيدته أخيرًا. 

_ لبست في الأول كرافته شبه فستان "أشرقت" عشان كانت جيبالي واحدة ومصممه ألبسها واول ما سلمتها لعريسها قولت كويس "زوزو" اتأخرت وخليت "سما" تربطلي الكرافته التانية. 

عند نهاية الحديث الذي أخبرها به جدها أتت "سما" بفستانها الذي زادها جمالاً وتناسب مع قوامها. 

_ أكيد بتحكيلها عن الكرافته يا سيادة اللوا، الكل ليه نصيب من الدلع إلا أنا. 

ارتفعت ضَحكات الجد و الجالسين معهم على نفس الطاولة وقد عاد "صالح" إلى الطاولة بعدما نهض ليصافح أحد الأشخاص. 

_ تعالا يا كابتن شوف قصة العشق الممنوع اللي كنت فكراها هتنتهي لما تتجوز "زوزو". 

أشارت "سما" نحو رابطة عنق جدها وفستان "زينب" وواصلت كلامها. 

_ شايف منسقين إزاي مع بعض.

ارتكزت عينين "صالح" على "زينب" التي أسرعت بتقبيل خد جدها ثم اِحتضنته؛ فأردفت "سما" حانقة. 

_ لو سمحت خد مراتك من حضن جدو.

خفق قلب "صالح" وتشتت عقله وهو يراها تُعانق جدها وتقبل خده حتى تزيد من حنق "سما". 

_" سما" اقفي عدل وبلاش هزار إحنا مش في تجمع عائلي.

قالتها "يسرا" والدة "سما" بضيق من أفعال ابنتها لتتساءَل "لبنى" التي أتت. 

_ مالكم في إيه؟ 

أخبرتها "يسرا" سبب منكافتهم وهي حانقة لتنظر "لبنى" نحو "صالح" الذي لم يكن يرتدي رابطة عنق وتساءَلت: 

_ مش كنت حليت لينا المشكله دي يا كابتن ولبست الكرافته بدل ما تعبنا سيادة اللواء. 

تجهمت ملامح "نائل" من كلام زوجة ابنه لكنه لم يُعلق وانتظر أن يسمع رد "صالح" الذي وقف هائمًا في "زينب". 

_"صالح" مبيحبش لبس الكرافتات يا طنط "لبنى" وبيكون مُجبر يلبسها في الشغل لكن طول ما هو مش مضطر مش بيلبسها. 

التمعت عينين "نائل" بسعادة عندما أدهشته "زينب" بردها لينظر إليها "صالح" مدهوشًا هو الأخر من ردها. 

_ ما دام في العيلة مطلوب إني ألبس كرافته لون الفستان أنا معنديش مشكله بعد كده المهم "زينب" تكون مبسوطة.

تعلقت عينين "نائل" وأخذ يهز رأسه وقد أعجبه الكلام ورؤية زوجات أبنائه محتقنات الأوجه. 

_ بس اعمل إيه في حفيدتك يا سيادة اللوا أصلاً فجأتني بشكل الفستان النهاردة وبصراحة كنت معترض تخرج بيه لأنه جاذب العيون ليها وعايز أخبيها. 

استمر "نائل" بتحريك رأسه والإبتسامة تعلو ثغره؛ فهتفت "سما" بمرح وهي تميل نحو جدها لتداعبه بمشاكستها اللطيفة. 

_ بس سيادة اللوا طلع أشطر منك يا كابتن وعرف لون الفستان وجاب الكرافته يعني هو الرابح النهاردة.

ابتسم "صالح" وحدق بتلك التي صَارت تخطف دقات قلبه. 

_ المرادي سيادة اللوا هو الرابح المره اللي جايه هكون أنا يا "سما".

زفرت "لبنى" أنفاسها بسأم وانسحبت من بينهم قائلة: 

_ هروح اشوف الضيوف.

أتبعتها "يسرا" قائلة: 

_ استني يا "لبنى" أنا جاية معاكِ. 

هَربت "زينب" بعينيها بعيدًا عن "صالح" بعد حديثه ليحاول الجد النهوض من المقعد قائلًا: 

_ عشان أكون أنا الفايز بهدف أعلى هنقوم نرقص يا "زوزو".

وقبل أن تتذمر" سما" أشار لها" نائل" أن تقترب منه حتى يخبرها بشئ. 

_ خليكي أنتِ بعدها وهرقص معاكي دقيقتين زيادة.

ابتعدت "سما" عنه وضحكت وهي تشير لهما بالتحرك. 

_ ده من كرمك يا سيادة اللواء. 
.... 

خرج "هارون" من غرفته بوجه متعب ينظر إلى ما فعلته "سمية" بصدمة؛ فقد استيقظ على صوت صراخها. 

_ مالك يا "سمية"؟. 

رفعت عيناها إليه بعدما سال كُحل عينيها الأسود على خديها. 

_ مفيش يا "هارون"، أنت إيه اللي قومك من على السرير.

اقترب منها "هارون" ومَدّ يده لها حتى تنهض وتبتعد عن الزجاج المتناثر حولها. 

_ قومي يا "سمية"، الإزاز حواليكي وممكن تتعوري. 

أطاعته في صمت وتحركت معه إلى خارج الغرفة التي صَارت محطمة. نظر إليها بعدما ارتشفت من كأس الماء الذي قدمته لها الخادمة. 

_ احسن دلوقتي؟

أماءت برأسها وهربت بعينيها بعيدًا عنه. 

_ خسرت صفقة مهمه.

منحته كذبة تعلم أنه سيُصدقها لتشعر بيده على كتفها. 

_ الحياة كده يا "سمية" مش لازم دايمًا نكسب فيها. 

بصوت جاهدت في إخراجه بثبات ردت. 

_ بس أنت عارفني يا "هارون" بحب دايمًا أكسب.

وضع كفه هذه المرة على خدها حتى يجعلها تنظر إليه.

_ اكيد الصفقة كبيرة بس مش مهم يا حببتي، أنا مش عايز أشوفك منهارة عشان حاجة.

تعلقت عينين "سمية" به لتشعر بشفتيه على خدها يلثمه. 

أغمضت عيناها هاربة من صورة رَجُلًا لم يغادر عقلها يومًا واليوم دمرها بخبر زواجه. مجرد قبلات ولمسات كان يمنحها لها "هارون" لا تزيدها إلا توقً لآخر قضت معه ليلة واحدة كزوجه ثم بعدها نبذها من حياته. 

آه انفلتت منها؛ فابتعد "هارون" عنها يسألها بحيره وقد ظَنّ أن قبلته هي السبب. 

_ لأ أنتِ فيكي حاجة مش طبيعية، معقول خسارة صفقة تخليكي كده. 
.... 

شعرت "ليلى" بالإرتباك عندما اِنطلق بسيارته بعد أن أعطاها عمها الإذن بالمغادرة واستكمال الإحتفال بمفردهما وقد شجعت ذلك القرار "عايدة". 

ابتسم "عزيز" وهو يخلتس النظرات إليها ليتساءَل: 

_ مش عايزه تعرفي هنروح فين؟ 

طالعت الطريق ثم نظرت إليه وتساءَلت. 

_ هنروح فين؟

لم يتحمل "عزيز" وانفجر ضاحكًا بمتعة. 

_ بتردي على سؤالي بسؤال تاني يا "ليلى"! 

ارتبكت من رده لتفرك يديها بتوتر من شدة خجلها؛ فتلك هي طبيعتها ولا تعرف كيف تتحرر منها رُغم خروجها إلى العمل وإختلاطها بالبشر. 

_ أنا مش بعرف اتكلم كتير. 

ابتسم "عزيز" وركز عيناه على الطريق المؤدي إلى خارج المدينة مُتجهًا نحو إحدي المنتجعات السياحية المطلة على ساحل البحر الأحمر. 

_ أنتِ مش بتتكلمي خالص يا حبيبتي. 

ارتفعت دقات قلبها ونظرت إليه؛ فرمقها بطرف عينه وابتسم. 

_ بتبصيلي كده ليه؟

خجلت من إخباره أن كلمته الأخيرة جعلت قلبها يخفق بجنون.. ليَمُدّ "عزيز" يَده إليها قائلًا: 

_ قربي مني يا "ليلى". 

تحركت بخفة أنشً واحدًا، فنظر إليها ورفع أحد حاجبيه بعبث. 

_ هو كده أنتِ قربتي.

لم ينتظرها لتأخذ قرار القُرب الذي تراه هي لتنفلت منها شهقة خافته عندما صارت رأسها عند صدره. 

_ اوعي تتحركي لنعمل حادثة، خليكي لطيفة يا حبيبتي. 

بتوتر ردت عليه وهي تحاول الإبتعاد عنه. 

_ خليني أبعد مش هينفع. 

_ وأنا بقول هينفع، غمضي عينك تمام وأنتِ هتنسي كل حاجة حواليكي. 

بعثرتها رائحة عطرة القوية التي تغلغلت في أنفها فجعلتها تستكين كقِطة مطيعة.

_ قوليلي إيه السبب اللي مخليكي قليلة الكلام كده. 

أطبقت جفنيها ثم تنهدت ببطء ثقيل. 

_ ماما مكنتش بتخليني اختلط بحد، مبدأتش اختلط بالناس غير وأنا في الجامعه وبعد مرضها، يمكن في الفترة دي اتغيرت شوية وبدأت اتعود على الناس.

شَّدَدَ "عزيز" من ضمها إليه؛ فشعرت بخفقان قلبه.

_ ممكن كانت بتعمل كده من الخوف.

هزت رأسها بصمت وكأنه يرى فعلتها.

_ تعرفي إن تاني حاجة جذبتني ليكي خجلك اللي بعتبره مش عادي.

رفرفت بأهدابها الطويلة ورفعت عيناها لتتلاقى بعينيه التي توهجت بالسعادة. 

_ طيب إيه الحاجة الأولى؟ 

اتسعت ابتسامة "عزيز" وتذكر أول مرة رآها فيها. 

_ مش عارف أنا قولتلك ولا لأ قبل كده.. بس أول حاجة جذبتني ليكي لون شعرك يا "ليلى". 
... 

وقف "صالح" مُرغَمًا مع "مصطفى" عم "زينب" يستمع إلى أحاديثه عن العائلة ولِمَا لم تأتي شقيقتهم الوحيدة اليوم حتى في حفل زفافهم لم تأتي لمشاغلها هي و زوجها. 

_ حياتها بره نستها لمة العيلة، كتير بنقولها أنا و "هشام" ترجع تستقر وسطينا لكن نقول إيه اتعودت على الغُربة حتى ولادها مبيحبوش يجوا مصر، حياتهم بقت كلها في أمريكا وده غلط بنعمله مع ولادنا ولا أنت إيه رأيك؟!

هَز "صالح" رأسه وكأنه منتبهًا على حديثه. افتر ثغر "صالح" عن ابتسامة خفيفة وتوهجت عيناه وهو يرى الجد "نائل" يرقص مع أحفاده. 

_ ده سيادة اللوا مبسوط على الأخر. 

قالها "مصطفى" بعدما تعلقت عيناه بوالده وكاد أن يتحرك جِهة المكان المخصص للرقص إلا أن رؤيته لوالدىّ "صالح" جعلته يتقدم منهما ويمدّ يده مرحبًا بِهما. 

اقتربت "حورية" من "صالح" وقد انشغل "صفوان" بالحديث مع "مصطفى". 

_ "زوزو" طالعه زي القمر، إزاي واقف بعيد كده وسايبها. 

أخذ "صالح" نفسًا طويلًا لعله يستطيع إخماد ذلك الشعور الذي صَار يُرق مضجعه. 

_ لو قربت منها مش هتكون بالصورة السعيدة اللي أنتِ شايفاها فيها... 

ضاقت عينيّ "حورية" وتساءَلت بصوت مرتفع. 

_ بتقول إيه يا "صالح" مش سمعاك صوت الاغاني بقى عالي. 

هدأت الأجواء مؤقتًا حول العروس وانسحبت "زينب" مع جدها و "سما" وقد اِتجه "قُصي" نحوهم لإسناد جده. 

_ كبرت يا سيادة اللواء ومبقتش حمل تنطيط أنت. 

دفعه "نائل" من جانبه؛ فارتفعت ضحكات كلاً من "زينب" و "سما". 

ابتسمت "حورية" ونظرت إلى "صالح" قبل أن تتقدم نحو الجد. 

_ خليك كده لحد ما يجي غيرك ويخطفها منك. 

تحرك "مازن" نحو صديقه بعدما هدأت الموسيقى وتفرق الواقفين من حوله. 

اِحتضنه "مراد" بسعادة لا يُصَدق أنه آتى حفل خِطبته. 

_ مش مصدق نفسي إنك صدقت في كلامك وجيت. 

ابتسم "مازن" وربت على كتفه قائلًا: 

_ هو أنت كام مرة هتخطب يا "مراد". 

ارتفعت ضحكات "مراد"؛ فغمز له "مازن" واقترب منه هامسًا بصوت خفيض. 

_"عدنان" باشا شكله مبسوط اوي بالخطوبة ياريت بس تعقل وتكملها على خير. 

تلاشت ابتسامة "مراد" بعد ذكر اسم والده. 

_ ما لازم الباشا يكون مبسوط... 

توقف "مراد" عن سخريته ورسم ابتسامة واسعة على شفتيه عندما اقتربت منهما "أشرقت". 

_ تعالي يا حبيبتي اعرفك بـ "مازن" أعز أصدقائي و دكتور عظام.

ابتسمت "أشرقت" ومدت يدها له لتصافحه وتعرفه على حالها بإعتزاز. 

هنئهم "مازن" وانسحب لكن بعد عدة خُطوات كانت حدقتاه تضيق وهو ينظر نحو أخر من توقع وجودها بحفل خِطبة صديقه. 

اِقترب من الطاولة التي تجلس عليها وعلى محياه ارتسمت ابتسامة واسعة. 

احتقنت ملامح "صالح" وضاقت عيناه المتربصة من بعيد وهو يرى وجه ذلك الذي وقف يصافح جميع الجالسين على الطاولة. 
.... 

توقفت سيّارة "عزيز" أخيرًا عند بوابة المنتجع السياحي الذي قام "نيهان" بالحجز لهما فيه ڪهَدية منه وأخبره أن به مكان مميز و خصوصية توفرها إدارة المنتجع كما أن مالكه صديق لعائلة زوجته فالتوصية ستكون على أعلى مستوى. 

نظرت "ليلى" إلى المكان بعدما سمح لهما موظف الأمن بالمرور لتتساءَل. 

_ إحنا كده مش هنتأخر في الرجوع؟ 

ابتسم "عزيز" بعدما ألقى عليها نظرة سريعة. 

_ أنتِ قلقانه من إيه، أنتِ مراتي دلوقتي.

_ عمي لو اتأخرت ممكن يقلق عليا. 

قالتها بقلق وعدم اِعتياد لما يحدث؛ فرمقها ثم تنهد. 

_ "ليلى" ممكن تنسي كل حاجة ولا أنتِ عايزانى اخدك في حضني عشان تبطلي تتكلمي.

أربكها حديثه وأخفضت رأسها بخجل، فهي طيلة الرحلة كانت مستكينة بوداعة قُربه. 

توقفت سيارة "عزيز" هذه المرة داخل المنتج وقد أسرع الموظف المسئول بإستقبالهم. 

ترجلوا من السيّارة؛ فوقفت "ليلى" تنظر حولها بإنبهار وتغمض عينيها بمتعة. 

بالفعل كل شئ كان مجهز لإستقبالهم مثلما قال له "نيهان" ليقترب الموظف من "عزيز" قائلًا بهمس خافت قبل أن يرشده إلى المكان الذي سيتناولون فيه العشاء أولًا أمام شاطئ البحر. 

_ في جناح محجوز كمان يا فندم... 

كاد أن يواصل الموظف كلامه لكن "عزيز" قطع حديثه وهو ينظر نحو "ليلى" التي تقف قُربه وتركز أنظارها عليه.  

قدحت عينيّ "صالح" شررًا وهو يراها تبتسم وتُعرف أفراد العائلة على "مازن" الذي كان بدوره سعيدًا والإبتسامة تعلو شفتيه. 

لم يستطع الوقوف هكذا وإتخاذ دور المتفرج؛ فالأمر زاد عن حده وقد بدأ الجد يضحك مع ذلك الطبيب ثم ينظر كلاهما إليها بعدما تشير نحو حالها.. حتى والدته صَارت تشاركهم الضحك. 

_ بقى أنا يا جدو بخبي عليك حاجة؟ 

اِمتعضت ملامح "نائل" بعبوس مصطنع وهو ينظر نحو "مازن". 

_ ايوة طبعًا، يعني أنا كل شوية أقولك يا "زوزو" عايز أغير دكتور العظام بتاعي، تقوليلي هو أشطر واحد في تخصصه وأنت بتدلع يا جدو وكل شوية تغير دكتور ... واهو طلعتي تعرفي د. "مازن".

_ تشرف عيادتي في أي وقت يا سيادة اللوا. 

قالها "مازن" بتهذيب؛ فابتسم "نائل" له وقد التقطت أذنين "صالح" جزء من الحديث الدائر. 

أظهر "صالح" دهشته عندما صَار وراء "زينب" واجتذبها نحو صدره بحركة تملكية. 

_ مش معقول يا حبيبتي بشاورلك عشان تيجي تسلمي على صديق ليا ومراته عايزين يتعرفوا عليكِ وأنتِ مش واخدة بالك. 

أرجفتها فعلته التي باغتها بها ونظرت نحو يده الملتفه حول خصرها لتضيق حدقتيّ "صالح" بدهشة أجاد إظهارها. 

_ دكتور "مازن". 

قالها "صالح" وهو يمد يده ليصافحه وعلى وجهه اِبتسامة أدهشت "مازن". 

_ أهلاً كابتن "صالح"، سعيد جدًا إني شوفتك النهاردة.

_ أنا أسعد يا دكتور، اكيد تقرب للعريس.

أماء "مازن" برأسه وكاد أن يتحدث لكن "زينب" سبقته بعدما استطاعت التحرر من ذراع "صالح" الملتف حول خصرها قائلة: 

_ د. "مازن" صديق "مراد" خطيب "أشرقت" بنت عمي. 

تلك النظرة التي اِحتلت عينين "صالح" بعد حديثها لم تغفل عنها "سما" التي كانت عيناها عالقة بذلك الطبيب الوسيم. 
... 

حرك الموظف رأسه بتفهم وهو يستمع إلى ما يُمليه عليه "عزيز" وتحدث على الفور.

_ متقلقش يا فندم، المكان فيه خصوصية مجرد ما هنحط لحضرتك الاكل و كل اللي تحتاجه أنت والمدام هننسحب على طول.

وبنظرة لفتت إنتباه "عزيز" رمق الموظف "ليلى" التي وقفت تنظر حولها متأملة المكان. اِحتدت نظرات "عزيز" بمقت ووضع يده على خد الموظف حتى يُحرك وجهه نحوه.

_ ياريت تبص هنا يا استاذ.. 

قالها "عزيز" بنبرة محذرة وهو يقطب حاجبيه متظاهرًا بعدم تذكره لاسم الواقف. 

_ اسمي "إسماعيل" يا فندم.

حدجه "عزيز" بنظرة قوية وأومَأ برأسه.

_ اتفضل قدامنا يا استاذ "إسماعيل".

اِستدار "عزيز" نحو "ليلى" بعدما تحرك الموظف أمامهما وفور أن تعلقت عيناها به اِقتربت منه.

ابتسم "عزيز" عندما عانق كف يده يدها وتحرك بها هامسًا.

_ ربكتك وتوترك ده مخلي أي حد يشوفنا يفهمنا غلط وميصدقش إنك مراتي. 

طالعته بتوتر وحرج شديد؛ فكلمة زوجته جديدة عليها ولم تستوعبها حتى هذه اللحظة. 

بللت شفتيها بلسانها وتساءَلت وهي تتحرك معه بعدما أخفضت رأسها. 

_ طيب أعمل إيه، أنا أول مرة اكون معاك لوحدنا وتكون يعني.. 

توقفت عن مواصلة كلامها بعدما وجدت صعوبة في نطق الكلمة الأخيرة التي جعلت "عزيز" يرفع حاجبه الأيسر بعبث. 

_ أكون إيه يا "ليّلَتي"، مش عارفه تنطقيها ليه هي صعبة أوي كدا.

تخضبت وجنتيها وطالعته وهي تعض على طرف شفتها السفلى. 

_ أنا دلوقتي جوزك يا "ليلى"، ياريت تردديها كتير الأيام دي ولا أقولك أنا كده كده بعد شوية هثبتلك. 

جحظت عيناها في فزع عقب حديثه وابتلعت لُعابها ثم توقفت عن السير وقد وقعت عيناها على المكان المخصص لقضاء أمسيتهم. 
ضاقت حدقتيّ "عزيز" وهو ينظر إليها بعدما استدارت بجسدها لترى المسافة التي قطعتها ليتساءَل بعدما فهم ما إِنْتَوَت إليه. 

_ وقفتي ليه؟

خفق قلبها بشدة وهي تدور بعينيها بالمكان؛ فهي تشعر بالرهبة الشديدة نحو ما تجهله وبتعلثم قالت: 

_ هو إحنا ممكن نمشي، أصل يعني كده هنتأخر. 

اِتسعت ابتسامة "عزيز" وباغتها بحركته عندما مدّ يديه نحو خديها يداعبهما. 

_ معقول نقطع المسافه دي ونروح من غير ما نجرب المكان، على فكرة الجو النهاردة جميل... خلينا نستمتع بالهدوء. 

أسبلت أهدابها نحو يديه وبرجفة خرج صوتها.

_ هو إحنا ليه جينا لوحدنا؟ 

اِنبهر "عزيز" بسؤالها لكنه معها صَار يتوقع كل شئ ثم اِبتعد عنها واتجهت عيناه نحو المكان الذي تم تجهيزه قُرب شاطئ البحر ومغلق من جميع الجوانب عدا الجانب الذي يقابله أمواج البحر المتلاطمة بهدوء على طول الشاطئ.

اِنتظرت رده لكنه صمت واجتذب يدها ليستكملوا سيرهم على الممشّى المضاء المؤدي إلى مكان جلوسهم. 

تعلقت عيناها بالطاولة ذات الأرجل القصيرة والتي تم تزينها ببتلات الورود ووضِع الطعام عليها وقاموا بتغطيته.

الأرض كانت مفترشه ببساط عريض ووضعت عليها وسائد التفت حول الطاولة، كانت جلسة تشبة الجلسات العربية.

دارت مقلتيها بالمكان ثم أغمضت عيناها بإسترخاء بعدما بدأ الهواء يداعب وجنتيها بخفة. 

كانت عينين "عزيز" معها إلىٰ أن انسحب عاملين الضيافة بعدما نالوا البقشيش منه بسخاء ولم يبقى سوى السيد "إسماعيل". 

_ كل حاجة تمام يا فندم؟

حرك "عزيز" له رأسه وعيناه عالقة نحو "ليلى" التي تحركت نحو مياة الشاطئ. 

_ لو احتاجت حاجة هكلمكم غير كده اتمنى ملاقيش حد حوالينا.

وكما فعل "عزيز" مع العاملين كان يفعل مع السيد "إسماعيل" الذي اتسعت ابتسامته وقال:

_ ألف مبروك يا فندم، وزي ما أمرت... مفيش حد هيقرب من الشط النهاردة. 

ابتسم "عزيز" وكاد أن يتحرك نحو "ليلى" لكن سؤال السيد "إسماعيل" أوقفه.

_ طيب وموضوع الجناح المحجوز... 

ابتلع السيد "إسماعيل" لُعابه بعدما زجره "عزيز" بنظرة حادة.

_ تمام يا فندم، أتمنى تقضي سهرة ممتعة ولو احتاجت حاجة.. 

ارتبك السيد "إسماعيل" وغادر دون أن يواصل كلامه بعدما رأي الضجر مرتسم على ملامح "عزيز".

تنهيدة طويلة خرجت من بين شفتيّ "عزيز" بعدما صَار المكان خاليًا. 

وبخُطوات حملت لهفة صاحبها كان يتحرك نحوها إلى أن صَار ورائها. 

اِستدارت إليه عندما شعرت بقُربه تتساءَل وهي تبحث بعينيها عن عاملين خدمة الضيافة. 

_ هما راحوا فين؟ 

بهدوء أجاب عليها بعدما أخذ يُحرك يديه على خديها. 

_ مشيوا يا "ليلى". 

تهربت بعينيها بعيدًا عنه وقد تأكدت من خلو المكان. لتشعر بيديه تثبت وجهها؛ فتلاقت أعيُنَهُم. 

_  أخيرًا بقيتي ملكي وليا. 

تسارعت أنفاسها الهادرة وهي تشعر بيديه تسير على كل أنش بوجهها. 

_ دلوقتي ارتبط اسمنا ببعض وبقيتي حرم "عزيز الزهار". 

بنبرة مرتعشة خرج صوتها وهي تنظر إليه. 

_ أﻧـا.. 

_ أنتِ إيه يا "ليّلَتي"!. 

خرج صوتها هذه المرة بتهدج من هول ما تشعر به من مشاعر بسبب قُربه. 

_ أنا قلبي بيدق بسرعة. 

ابتسم بإنتشاء، فهي تُخبره بتأثيره عليها ليلتقط يدها قائلًا بصوت رخيم بعدما وضعها على صدره. 

_ قلبك حاسس بقلب حبيبه. 

ثم أردف بعدما قَرَبَ وجهه من وجهها واختلطت أنفاسهم. 

_ عذبتيني معاكِ عشان أوصل للحظة دي. 

ثم واصل كلامه وهو يحرك أصابعه على شفتيها. 

_ مكنتش فاكر إن هيجي يوم واسلم قلبي لواحده، سلمت قلبي ليكِ وبقيت مجنون بـ حُبك. 

ارتعش سائر جسدها تحت أثر لمساته وأنفاسه وبصوت خافت متقطع خرج اسمه من بَين شفتيها. 

_ "ﻋـزيـز" 

وهو كان ينتظر تلك الدعوة من شفتيها؛ ينتظر أن تُخرج حروف اسمه منهما، فينالهم بترحيب حتى يَذوق عُسَيْلَتَها. 

تجمد جسدها من فِعلَته لا تستوعب أن شفتيه تتحرك بنعومة فوق خاصتها. اِبتعد عنها "عزيز" بعدما شعر بتسارع أنفاسها ليضع جبينه على جبينها وهو يُحاول إلتقاط أنفاسه قائلًا بصوت متهدج. 

_ مكنتش عايز أعمل كده غير وأنتِ في بيتي لكن مقدرتش صدقيني، ولو سألتيني عن شعوري دلوقتي هقولك إني لسا عطشان ومرتوتش يا "ليلى". 

رفرفت بأهدابها بعدما بدأت تستوعب ما حدث وقد غادر الذهول مقلتيها و احتلتهم الصدمة. تراجعت إلى الوراء و أسرعت بوضع يدها على شفتيها. 

غرز "عزيز" أصابعه في خُصلات شعره نادمًا على تسرعه؛ فهو كان بحاجه للتمهل لكنه لم يعد يمتلك القدرة على السيطرة على رغبته المُلحة في تقبيلها. 

_ "ليلى"!! أنا عارف إني كان لازم اديكي فرصة تستعوبي جوازنا. 

بسرعة ردت بخجل فطري. 

_ بس إحنا لسا متجوزناش. 

ابتسم ثم اتسعت ابتسامته وهو يرفع إصبعه ويشير نحو إصبعها. 

_ والبصمة دي بتأكد إيه والناس والمأذون كل ده إيه؟!. 

اِرتبكت وسحبت عيناها بعيدًا عنه. 

_ أنا أقصد الفرح.

شهية وممتعة هي تجعله -بخبرتها المنعدمة- يتوق بفكره نحو الليلة التي ستكون فيها اِمرأته. 

اِجتذبها إلى حضنه دون أن ينتظر سماع كلمة إعتراض منها قائلًا بنبرة لينة. 

_ لو كنتي طاوعتيني كنا عملنا الفرح مع كتب الكتاب ورحمتي قلبي. 
.... 

تأففت "زينب" بضجر عندما اِجتذب "صالح" يدها من وسط العائلة بعدما بدأوا بإلتقاط الصور مع العروسين. 

_ المفروض مكانك جمبي، ومش كل شوية هفضل ادور عليكي كأني بدور على طفلة. 

قالها بعدما ضاق ذرعًا من أفعالها؛ فاليوم يشعر وكأنها تختبر صبره. 

_ أنت مش شايف إنك زودتها، كل شوية تشد إيدي ولا كأني عيلة صغيرة. 

رمقها بنظرة طويلة ثم دنى منها وقد تلاقت عيناه بعينين "مازن" الذي أشاح عيناه عنهما ثم غادر الحفل. 

_ أنا فعلاً اكتشفت النهاردة إنك طفلة صغيرة يا "زينب". 

رمشت بأهدابها لتحاول فهم نظراته إليها بعد حديثه ليقترب منهم الجد قائلًا: 

_ تعالوا يا ولاد نتصور سوا، عايز صوره تجمعني بيكم. 

ثم نظر نحو "زينب" وتساءَل بعدما التقط المصور صورة لهم . 

_ مش ملاحظة يا "زوزو" إني مشوفتش صور فرحكم لحد النهاردة. 
... 

حدق "عزيز" بها؛ فارتبكت وابتلعت الطعام بصعوبة ثم رفعت يدها نحو شفتيها حتى تمسح بقايا أي طعام عالق بهما. 

_  فيه حاجة عاوزه تتمسح؟ 

هز رأسه بيأس منها ثم رفع كأس الماء وارتشف منه القليل. 

_ هو أنا كل ما أبصلك تسأليني السؤال ده، يا ستي واحد معجب بمراته وبيبص عليها سبيه يبص.

سَعلت بشدة بعد حديثه ليقترب منها بلهفة وهو يحمل كأس الماء ويضعه عند شفتيها. 

_ اشربي براحه.

أرادت أن تلتقط منه كأس الماء لكنه أصر أن يمسكه لها. بخجل ارتشفت الماء لتنظر إليه بعدما سألها. 

_ أحسن دلوقتي؟

حركت رأسها إليه.

_ آه الحمدلله. 

ابتسم "عزيز" وقَربها من حضنه قائلًا وهو يلتقط الطعام بشوكته. 

_ خليني اكلك لأن شايفك بتاكلي زي العصافير. 

خجلت من فعلته ولكنها استسلمت بالنهاية لأمر تناول الطعام من يده. 

شعور جديد وغريب عليه كان يعيشه وهي في حضنه ويُطعمها حتى اِبتعدت عنه ونظرت إليه وهي تُحرك يدها على معدتها. 

_ أنا بجد شبعت ومش قادرة اكل تاني.

ابتسم دون إعتراض والتقط بعض من المحارم الورقية ليمسح يديه. 

_ كان لازم اكلك لانك بتنقنقي في الأكل.

طالعت طبق الطعام الذي صَار فارغًا وقالت بحرج. 

_ أول مرة اخلص طبق الأكل كله.

شاكسها "عزيز" برفع كلا حاجبيه. 

_ يعني افهم من كده إن الأكل في حضني ومن ايدي ليه طعم تاني.

ارتبكت وأشاحت عيناها عنه وكادت أن تلتقط المحارم الورقية لتمسح شفتيها إلا أنه كان الأسرع حين اِجتذبها نحوه قائلًا بخبث لم يظن أنه يتمتع به لكنه الآن رَجُلًا عاشقًا عطشًا: 

_ لازم أكمل الدور على أكمل وجه.

ببطئ وخفة أرجفتها حرك المنديل على شفتيها ليمسح أثر الطعام من عليهما.

صدح صوت موسيقى عالية وهادئة بالأرجاء؛ فزادت من رجفة شفتيها وجسدها وخفقان قلبه الذي أخذ يلح عليه بتذوق شهد عُسَيْلَتَها مرة أخرى. 

مع تسارع أنفاسها انفرجت شفتيها بإنفراجه خفيفه، فقاوم هو تلك الرغبة التي تأججت داخله في نيل المزيد ثم أغمض عينيه حتى تهدء أنفاسه واجتذبها إلى حضنه قائلًا بصوت أجش. 

_ معقول خلتيني أوصل للدرجة دي من الحب يا "ليلى"، معقول جيه اليوم اللي عقلي فيه بقى منسحب وقلبي بس هو اللي بيحركني، قوليلي عملتي فيا إيه! 

حركت رأسها على صدره بوداعة بعدما أفقدتها رائحة عطره وكلماته صوابها وجعلتها كالمخدرة. 

_ قوليلي عملتي إيه. 

بابتسامة شقت ثغرها الوردي رفعت عيناها إليه تتساءَل. 

_ أنتَ حقيقة مش كده.

وعند هنا كان يقهقه عاليًا ويشد من اِحتضانها بين ذراعيه. 
... 

ارتفع كلا حاجبين "صالح" بنظرة عابثة عندما وجدها تترجل من السيّارة وتصفع الباب ورائها بعنف، فهي حانقة منه لأنه جعلها تغادر الحفل قبل أن ينصرف آخر فرد من الضيوف وكأنها تُريد أن تغلق باب القاعة بعدما يُغادر العروسين. تنهد بقوة ثم ترجل هو أيضًا وقد أسرع الحارس نحوه حتى يقوم بصف السيّارة بالجراچ. 

أتبعها وهو يحدق في حركتها؛ فعلىٰ ما يبدو أن الحذاء يؤلم قدميها وسُرعان ما كان يُطالعها بذهول عندما خلعت حذائها ثم إلتقطته وسارت حافية. 

_ رجلك وجعاكي طبعًا من التنطيط. 

قالها بمداعبة؛ فزجرته بنظرة غاضبة جعلته يبتسم. اِنفلتت شهقتها عندما وقعت بعد أن تعثرت إحدى قدميها في درجات سُلّم مدخل البناية. أسرع نحوها بلهفة يجتذبها برفق. 

_ أنتِ كويسه؟ 

شعرت بالحرج لِما حدث لكنها أسرعت في إخفاء حرجها وطالعته بعبوس. 

_ فرحان فيا أكيد دلوقتي.

افتر ثغر "صالح" عن ابتسامة واسعة وقال وهو ينحني ليلتقط حذائها. 

_ والله أنا شايف إنك بقيتي ظلماني وبتفسري كل حاجة غلط.

امتقعت ملامحها عندما حادثها ببراءة لا تليق به. 

_ عشان أنا السيئة في الحكاية. 

تنهد وهو يراها تستكمل سيرها نحو المصعد وتتحامل على قدميها المتورمتين بسبب الحذاء العالي. 

غادر المصعد أحد القاطنين في البناية لينظر نحو "صالح" الذي ارتبك للحظة من حمل الحذاء النسائي لكن سُرعان ما تبسم للرَجُل الذي ألقى عليه تحيته. 

_ مساء الخير يا كابتن. 

_ مساء الخير يا سيادة المستشار. 

لم تَخفىٰ عليها ربكته مما حدث؛ فمدت يدها له حتى تلتقط منه حذائها فور أن دخلوا المصعد لكنه دفع يدها برفق قائلًا: 

_ هو أنا اشتكيت ليكِ إنه تقيل مثلًا. 

ارتفعت زاوية شفتيها بإستنكار؛ فهي رأت نظراته المرتبكة منذ لحظات. 

عندما توقف بهما المصعد ضربت جبهتها دون تصديق وهي تنظر إليه. 

_ إحنا نسينا نجيب "يزيد". 

لامس سؤالها عن صغيره فؤاده وابتسم هو يتحرك أمامها. 

_"يزيد" هيبات في الڤيلا. 
... 

سارت "ليلى" على الرمال حافية الأقدام أمام الشاطئ وقد تركت مكان جلوسهما حتى ينتهي العاملين من رفع أطباق الطعام. 

أغلقت جفنيها بإسترخاء ثم وضعت يدها على قلبها الذي لم تهدء دقاته حتى الآن. اِبتسامة حُلوة داعبت ثغرها الذي أسرعت بوضع أطراف أناملها عليه؛ فهي حتى هذه اللحظة تشعر بملمس شفاه عليهما. 

انصرف آخر عامل بعدما وضع لهما المشروبات وقد سلط عيناه عليه حتى اِختفى من أمامه كباقي زملائه. 

ابتسامة واسعة ارتسمت على محياه وهو يُحرك يده على خُصلات شعره ثم اقترب منها وقد خرجت شهقة خافته منها بعدما احتضن خصرها بذراعيه. 

_ ما بتصدقي تهربي مني.

قالها وهو يضع ذقنه على كتفها؛ فابتسمت بخجل وحاولت إخراج صوتها بدون تعلثم. 

_ المنظر جميل اوي والجو كمان جميل.

أغلق "عزيز" جفنيه ورغم شعوره بمحاولتها سحب جسدها بعيدًا عنه إلا أنه أطبق على خصرها بإحكام. 

_ متحاوليش لاني مش هبعد... ممكن بقى تسبيني استمتع معاكِ بمنظر البحر وأنتِ في حضني.

وهل هي تمتلك الآن أمر الإعتراض؛ فقد أفقدتها تلك اللحظات الجميلة -التي تنعمت فيها بحضنه ولماسته- قدرتها وجعلتها كالهائمة. 

_ إحنا هنشمي امتي؟

_ وأنتِ مستعجلة ليه؟ 

تساءَلت؛ فرد عليها بتساؤله لتلتف برأسها نحوه قائلة:

_ يعني عمو ممكن يقلق علينا. 

لولا معرفته بأنها لا تُحسن اختيار الكلمات بسبب خجلها وتوترها لكان وصل لذروة غضبه منها. 

_ "ليلى" عمك مسلمك لراجل والراجل ده جوزك.

وبخفة كان يُديرها إليه قائلًا بصوت رخيم.

_ قولي أنت جوزي وأنا مراتك.

ابتسمت على قوله ثم وضعت يدها على شفتيها حتى لا تضحك وهي ترى حنقه وتكراره لكلامه. 

_ قولي يا "ليلى". 

_ لأ مش هقول.

التمعت عيناه عندما اعترضت والتوت شفتيه بمكر. 

_ بقى كده. 

أفلتت جسدها منه وقد سمح لها بهذا وسُرعان ما أدركت سبب تركه لها فهو على وشك حملها على ذراعيه. 

_  لأ خلاص هقول. 

ابتسم بخبث وانتظر سماع ما أراده حتى طال صمتها؛ فاقترب منها لتنفيذ وعيده. 

_ هقول خلاص.

وبصوت خافت متقطع كانت تخبره بما يُريد... هي زوجته وهو زوجها وليتها ما نطقت ما أراده.. فلو ترك لقلبه القرار هذه اللحظة لأخذها إلى الغرفة التي حجزها لهما "نيهان" وانتهى الأمر. 
.... 

أسرعت "زينب" بإغلاق أزرار منامتها عندما طرق الباب واستأذن بالدخول. طالعته بنظرة ثاقبة لتضيق حدقتاها وهي تراه يحمل في يده كيس من الثلج وفي اليد الأخرى كان يحمل منامة مكونه من قطعتين لها. 

عندما رأي نظراتها نحو ما يحمله قال بتوتر. 

_ مكنتش فاكر إن فيه هدوم ليكِ هنا بعد يعني... 

حاول ترتيب كلامه بعدما شعر بتلبكه وبتعلثمه بالكلام. 

_ لأنك يعني نقلتي كل حاجتك في الاوضة عندي.

لم تنتظره ليواصل بعدما أشار نحو أغراضها التي نقلتها إلى غرفته وقطعت كلامه قائله: 

_ لأ أنا سايبه ليا هدوم هنا على قد احتياجاتي عشان طبعًا مكونش متطفله على أوضتك. 

أراد الحديث حتى يخبرها أن نقل أغراضها إلى غرفته أمر كان لابُد أن يحدث وأن فعلته الخرقاء بالبداية لم تكن إلا حماقة منه. 

_ وعلى فكرة أنا منقلتش حاجتي عندك غير بسبب زيارة العيلة لينا ومش هفضل كل شوية بنقل حاجتي من أوضة لأوضة لكن لو ده يضايقك أنا... 

قطع حديثها قائلًا بنبرة قاطعه. 

_ "زينب" أرجوكِ بلاش تفسري أي كلام مني بطريقة غلط وعلى فكرة أنا كنت هقولك افضلي أنتِ في الاوضة التانية وأنا أقعد هنا.

أسرعت بالرد عليه ومَازالت ذكرى نبذها تقتحم فؤادها. 

_ لأ الاوضة التانيه أوضتك لكن دي مناسبة لكوني ضيفة عندك. 

احتقنت ملامح "صالح" وتنهد بقوة، فهي تحاصره دائمًا بكلمتين إما مربية صغيرة أو ضيفة لديه وكأنها تُريد محو صفتها الأساسية بحياته. انتظرت أن يخبرها بعبارته التي صَار ينطقها مؤخرًا لكنه أخلف ظنها وتساءَل: 

_ رجلك لسا وجعاكي؟. 

طالعته بتعجب ثم أصرفت عيناها عنه لتنظر نحو قدمها اليسرى التي بها التورم الشديد. 

_ اه كويسة ده مجرد تورم بيحصل من الكعب العالي.

اِقترب منها وقد اندهشت من إقترابه. 

_ طيب خليني اشوفها ممكن.

وقبل أن تعترض كان يسحبها من يدها ويُجلسها على الفراش. 

ارتبكت وهي تراه يتعمق بالنظر في كاحلها. 

_ أنتِ إزاي كنتي مستحمله الوجع ده. 

بنبرة متوتره ردت وهي تحاول سحب قماش بنطالها القصير. 

_ عادي، ممكن بقى تديني التلج وأنا احطه. 

_ كنتِ طالعه زي القمر النهاردة بس الفستان ده ميتلبسش تاني.

كان يعلم عندما يجتذبها بحديث آخر ستلتهي عن أمر وضع الثلج وتترك له تلك المهمة. 

استاءت ملامحها من كلامه وزمت شفتيها بحنق. 

_ وليه بقى ملبسش الفستان تاني!. 

باِبتسامة ملتوية أجابها وهو يحرك الثلج على قدمها؛ فارتعش جسدها وحاولت سحب ساقها مِنه. 

_ لأنه مخليكي زي الفراشة. 

رغم أن حديثه داعب أنوثتها إلا أنها أسرعت بنفض رأسها من ذلك الشعور الذي طغى عليها للحظة والتقطت كيس الثلج منه. 

_ كفاية كده انا هحط التلج لنفسي.

ابتسم "صالح" على فعلتها ونهض من جِوارها بعدما شعر بهروبها منه وقال: 

_ تمام، تصبحي على خير يا "زوزو". 

غادر الغرفة تحت نظراتها التي صَارت ضيقة فهل يتلاعب هو بها حتى يعيد خيوطها بين أصابعه. 
.... 

رمشت "ليلى" بأهدابها عِدة مرات بعدما سمح لها بفتح عينيها. طالعت العُلبة التي وضع بها سِلسال بسيط على شكل نجوم صغيرة. اِتسعت ابتسامتها شيئًا فشئ وقد لمعت عيناها بإنبهار لم يراه عندما أتى لها بهَدية العُرس. 

_ جميلة اوي، عرفت منين إن كان نفسي في حاجة شبهها. 

ابتسم وهو يرى سعادتها الواضحة على ملامحها ثم أخرج السِلسال من عُلبته قائلًا بنبرة جعلت قلبها يخفق بجنون. 

_ هعتبر نفسي إني فعلًا كنت محظوظ ساعتها وأنا بختارها ليكِ.

حاولت الحديث لكنها لم تجد أي كلام تخبره به عن مدى سعادتها. 

_ بس ده كتير أوي، أنت جايبلي شبكة غالية.

بعشق اِقترب منها هامسًا. 

_ مفيش حاجة تغلى عليكِ، اطلبي وانا لو أطول اجبلك نجمه من السما هجيبهالك. 

هل هذا هو الحب الذي سمعت عنه في حكاية زواج من قاموا بتربيتها أو كما تراه في حب عمها لزوجته. 

_ تسمحيلي.

ابتسمت وهي تهز رأسها بسعادة ليتنهد قبل أن يطلب منها ذلك الشئ الذي يُريده منذ أن اختلى بها وصارت زوجته. 

_ "ليلى" ممكن تقلعي الحجاب، عايز اعيش الصورة اللي كنت متخيلها وأنا بلبسك السلسلة. 

نبض قلبها بشدة وأصبح صوت أنفاسها الغير منتظمة مرتفعه ليتساءَل بهمس أذابها بين يديه كقطعة الحلوى. 

_ تسمحيلي يا "لَيّلَتي". 

أعطته جوابها بإماءة خفيفة لمحتها عيناه المتلهفة إلى رؤية خُصلات شعرها النارية مرة أخرى؛ فهذه المرة هي حلاله. 

ببطئ كان يزيل حجاب رأسها ثم أغمض عينيه وهو يَمُد يده نحو رابطة شعرها. 

تناثرت خُصلات شعرها الكثيف حولها، فأسبلت جفنيها بخجل وهي تشعر بيديه تمر عليه وقد استمر في غلق عينيه واقترب منها أكثر ليشم عبيره العَطر. 

آاه طويلة عبرت عن حرمان صاحبها خرجت منه. 

_ لونه مميز أوي، جننتيني يوم ما شوفتك من غير حجاب... عارفه انا بحمد ربنا إن جمالك المحفوظ ده كان ليا. 

فتحت عينيها في نفس الوقت الذي فتح فيه عينيه؛ فابتسمت له ليخون عهده الذي وعدها به ووعد به نفسه وترك شفتيه تتناول ترياقها وهذه المرة  كانت تذوب بين يديه وتتنعم بــ ملمس شفاه. 
... 

في تمام الساعة الرابعة فجرًا قبل أذان الفجر بدقائق... 

كانت تتوقف سيّارة "عزيز" داخل الڤيلا لينظر نحوها بنظرة عاشقة متخمة من السعادة. 

_ حمدلله على السلامة.

توترت ثم أخفضت رأسها فلم تعد قادرة على النظر بعينيه. 

_ الله يسلمك. 

وسُرعان ما أردفت بنبرة صوت متعلثمة وهي تَمُد يدها نحو مقبض باب السيّارة. 

_ تصبح على خير.

أسرع في اجتذاب ذراعها قبل أن تترجل من السيّارة. 

_ استنى يا "ليلي". 

طالعته بحيره ليميل نحوها ويقتطف قُبلة من خدها قائلًا بهمس. 

_ عايزك تحلمي بيا ماشي.

أعقب كلامه بغمزة من عينيه زادتها حَرجًا لتُغادر السيّارة سريعًا دون النظر إليه. 

ترجل من السيّارة وهو مبتسم بإنتشاء. 

_ استنى أوصلك.

اندهشت من عرضه؛ فالمسكن على بعد خُطوات ليقترب منها ملتقطًا يدها. 

_ أنا استلمتك من عمك كامله وهسلمك ليه كامله.

مازحها؛ فابتسمت خجلًا وسارت معه وهو محتضن كفها بكف يده. 

من بعيد كانت "نيرة" تقف وتشاهد الأمر، فهي ظلت مستيقظة حتى تطمئن عليه حين عودته. طرقت رأسها وهي تزفر أنفاسها بقوه مقررة العودة إلى غرفتها. 

أفلتت "ليلى" يدها منه بعدما فتح عمها الباب واستقبلها. 

_ حمدلله على السلامه.

تمتم "عزيز" وهو ينظر لتلك التي تجاوره بخجل. 

_ الله يسلمك، اهو سلمتها ليك حافظلي عليها لحد ما اخدها منك وتبقى ليا لوحدي.

ابتسم "عزيز" -العم- وقد انشرح قلبه من السعادة وهو يرى عشق سيده لابنة شقيقه. 

_ إزاي تبقى ليك لوحدك وهي روح عمها.

رفعت "ليلى" عيناها نحو عمها عند لمست كلماته قلبها وأسرعت إليه تحتضنه. 

_ ربنا يخليك ليا.

ضمها عمها إليه وقد توهجت عينين "عزيز" بنظرة لم تخفى عن عينين "عزيز" العم. 

ارتفع صوت أذان الفجر ليبتسم "عزيز" وهو يرمق تلك التي لا يستطيع إصراف عينيه عنها وتحمل فكره نومها بعيدًا عنه قائلًا: 

_ استأذنكم أنا عشان صلاة الفجر.

أسرع "عزيز" العم قائلًا: 

_ استني يا بيه أنا كمان جاي اصلي معاك في المسجد.

قبلها عمها على جبينها ثم أسرع بإلتقاط خفه المنزلي وأتبع سيده الذي استدار بجسده وتحرك حتى يتمالك ذلك الشعور الذي يلح عليه في اِجتذابها وأخذها معه غرفته. 
.... 

تحرك "صالح" بالمطبخ وهو يستمع إلى الطرف الآخر من خلال الهاتف قائلًا: 

_ خلاص هستني اللي وقع عليهم الاختيار بكره واقرر مين اللي هتصلح.

أنهى مكالمته وتنهد براحه وهو يتمنى أن تنال إحداهن إستحسان صغيره ويتأقلم معها؛ فأحواله صَارت مستقره بعدما دخلت "زينب" حياتهم. 

وضع كوب القهوة خاصته أسفل ماكينة القهوة وانتظر امتلائه ليسمع صوتها بعدما خرج تثاؤبها. 

_ صباح الخير.

قالتها وهي تُحدق بالطاولة التي تم تجهيزها بأطباق شهية ثم ضاقت عيناها وهي تستوعب الشئ الذي انتبهت عليه للتو، هو لا يتواجد بيوم عطلته بل يذهب إلى النادي الرياضي ثم بعد الظهيرة  يصطحبها هي والصغير إلى منزل العائلة. 

سحب فنجان القهوة ونظر إليها وهو يسلط عينيه على قدميها الصغيرتين. 

_ صباح الخير، بقيتي كويسه دلوقتي. 

استمرت بالتحديق بالطاولة وما عليها وتساءَلت. 

_ هو مين اللي حضر الفطار؟

اقترب من أحد الأطباق والتقط شريحة الخيار من عليه ثم باغتها بدسها في فمها. 

_ أنا. 

كادت أن تتحدث ليُقاطعها قائلًا: 

_ أنتِ رجلك وارمه؛ فأكيد مش هتقدرى تحضري لنفسك الفطار.

مضغت شريحة الخيار ببطء وهي ترمقه بنطرة ممتعضة. 

_ لأ عادي أقدر. 

ابتسم بيأس من ردود أفعالها واِتجه جهتها ليُحرك المقعد للأمام قليلًا. 

_ تمام، أنتِ فعلاً تقدري... بس ممكن تقبلي مني النهاردة عزومة الفطار وتدوقي من فطاري المتواضع

هذا اللُطف منه جعلها تقبل عرضه ليبتسم وهو ينقل عيناه بين ملامحها وتلك المنامة ذات القطعتين التي تُظهرها كالطفلة وشعرها المعقوص أعلى رأسها. 

_ تحبى تشربي عصير ولا شاي ولا قهوه... الخدمة النهاردة متكاملة يا فندم.

وتلك النظرة التي رمقته بها جعلته يخفي اِبتسامته سريعًا ويتساءَل بقلق.

_ هي الخدمة مش عجباكي يا فندم؟ 

ولم تجد أمامها إلا أن تفر هاربة نحو غرفتها بعدما تناولت فطورها بعجالة تتساءَل بعد أن استندت بظهرها على الباب المغلق. 

_ هو عايز يوصل معايا لإية، فاكر نفسه هيضحك عليا بشوية حنية. 
.... 

تفاجأ "عزيز" بعدم وجود "سيف" معهم على طاولة الإفطار واقترب من "نيرة" التي انشغلت مع العم "سعيد" بفرش الطاولة الموجودة بالحديقة. 

_ فين "سيف"؟! 

ارتبكت "نيرة" من سؤال عمها؛ فَــ شقيقها عندما علم بتناول "ليلى" الإفطار معهم ومشاركة عائلة العم "عزيز" أيضًا أخبرها أنه سَيقضي اليوم بالخارج هو و "كارولين" وسيترك إلى سيدة المنزل الجديدة فرصة للتمتع بإنتصارها العظيم وحصولها على عمه. 

_ "سيف" حب ياخد "كارولين" ويقضوا اليوم بره.

ضاقت عينيّ "عزيز" بحيره؛ فأسرعت "نيرة" بمواصلة كلامها. 

_ علاقته بـ "كارولين" الفترة دي متوتره فهو قرر يقضي معاها اليوم بره بما إن النهاردة أجازته. 

تنهد "عزيز" بقوه ثم ربت على خدها بحنو. 

_ ماشي يا حبيبتي مع إنه مقالش ليا كده لما قولتله هنفطر متأخر شويه في الجنينة وبعدين نخرج سوا نصلي الجمعه.

شعرت "نيرة" بالحرج من كذبها وتحاشت النظر إليه ثم قالت بعدما لمحت "عايدة" قادمة جهتهم. 

_ هروح اساعد "عايدة".

اِحتل الضيق ملامح "عزيز" قليلًا وسُرعان ما كان يتلاشى عن وجهه عندما لمحها أتيه وتخفض عينيها من شدة حرجها. رفعت عيناها بعدما نداها العم "سعيد" لتتلاقي عيناها بنظرات "عزيز" الذي فور أن رأي ربكتها غمز لها بإحدى عينيه. اشتعل وجهها خجلًا وهربت بعينيها بعيدًا عنه. 

اجتمعوا جميعا على طاولة واحدة وقد جلست "ليلى" على يَمين "عزيز" بعدما أخبرتها "نيرة" أن هذا مكانها من اليوم. 

خجلت بشدة بعدما انتقلت الأنظار عليها ثم شرعوا بتناول فطورهم. 

ابتسمت "نيرة" وهي تقرب طبق البيض من عمها. 

_ المرادي ظبطت ملحه. 

ليبتسم "عزيز" وهو يغمس لقمته ثم وضعها داخل فمه وتحدث وهو يُحرك رأسه بإستمتاع. 

_ تسلم أيدك يا حبيبتي.

شعرت "نيرة" بالرضىٰ وهي ترى عمها يتناول كل ما تقدمه له ويخبرها بأنها تُدلله وكيف سيتحمل فكرة بُعدها عنه مجددًا بعد عودتها إلى زوجها الذي ضاق ذرعًا من بعدها عنه لكنه يتحمل هذا تقديرًا لطلب عمها منه في إطالة إجازتها حتى موعد الزفاف. 

_ ست البنات النهاردة تعتبر هي اللي مجهزها كل أطباق الفطار. 

قالها العم "سعيد"؛ فابتسمت "نيرة" له وقد ألقى كلاً من "عايدة" و"عزيز" و"شهد" مديحهم بأطباق الفطار الشهية. 

لتنظر "ليلى" نحو ما تأكله قائلة بسعادة.

_ تسلم ايدك يا "نيرو" أحلى طبق أومليت اكلته.

بإبتسامة مقتضبة هزت "نيرة" رأسها قائلة: 

_ تسلمي يا "ليلى". 

لم يكن أحد منتبهًا على تغير "نيرة" معها لكنها كانت وحدها من تشعر بتغير معاملتها. أخفضت رأسها في أسى.. فحتى "سيف" ليس هنا... هل هو بسبب وجودها اليوم بينهم. 

ضم "عزيز" حاجبيه عندما وقعت عيناه عليها بعدما ترك هاتفه جانبًا؛ فقد كان منشغلًا بالرد على إحدى الرسائل. 

_ مبتاكليش ليه؟ 

توترت وهي تنظر إليه ثم إلى طبق طعامها. 

_ أنا باكل آهو.

تنهد ثم إلتقط طبقها وأخذ يضع الطعام عليه وقد 
اِنتبهوا جميعهم على فِعلتُه ثم وضع الطبق أمامها قائلًا: 

_ عايزك تخلصي الطبق بتاعك كله. 

وبصوت خفيض واصل كلامه. 

_ ولا عايزانى اكلك قدامهم؟ 

خجلت من حديثه وابتسمت لكن سُرعان ما تلاشت ابتسامتها وهي ترى نظرة "نيرة" لها. 
.... 

نظر الحاج "عبدالرحمن" إلى زوجته متسائلًا وهو يخلع عبائته ليرتدي أخرى. 

_ فين "أميمة" يا أم "عمار"، مجتش ليه النهاردة تتغدا وسطينا.

ارتبكت "هويدا" وهي تساعده في إرتداء عباءته. 

_ تعبانة شوية يا حاج وبتقول مش هتقدر تيجي.

طالعها الحاج "عبدالرحمن" بفزع؛ فَــ "أميمة" يعدها ڪـ ابنة له وليست أخت زوجته. 

_ تعبانه ومقولتيش ليه، قولي لـ "عمار" يروحلها وياخدها المستوصف.

تنهدت "هويدا" بقوة وجلست على الفراش تلطم على فخذيها بقهر على حال شقيقتها. 

_ تعبها مش محتاج دكتور يا حاج، ادعيلها ربنا يطيب خاطرها. 

ضاقت عينين الحاج "عبدالرحمن" بحيره وتساءَل بعدما شعر أن زوجته تخفي عليه أمرًا. 

_ "أميمة" فيها إيه يا أم "عمار"؟! 

وهل أخفت عليه شيئًا لتخفي عليه اليوم ما يجثم على صدرها. زفرة قوية خرجت من بين شفتيّ الحاج
"عبدالرحمن" ثم أخذ يُحرك رأسه بيأس. 

_ حرام عليكي، حرام عليكي يا شيخة... اقول إيه دلوقتي... 

_ هو أنا ناقصة تقطيم يا حاج. 

أغمض الحاج "عبدالرحمن" عينيه بقلة حيلة ثم أخذ يستغفر.

_ وهمتيها ليه بحب راجل وخلتيها تتوهم بحبه... قوليلي دلوقتي كسبتي إيه. 

شعرت "هويدا" بالضيق ولم تتحمل تأنيبه لها ونهضت من جواره صائحة. 

_ هو كان يلاقي زي "أميمة" اختي بس نقول إيه البت حلوه وعايشه عنده في البيت فأكيد... 

اِحتدت عينين الحاج "عبدالرحمن" وصاح بها بعد أوقفها عن إستكمال جملتها. 

_ استغفري ربنا يا حاجه معقول لسانك يخونك وتقولي كده يا حافظة كتاب ربنا.

أخفضت "هويدا" رأسها بخزي مما قالته. 

_ اعمل إيه يا حاج قلبي واجعني على أختي...
...
ارتفعت قهقهة "عزيز" عاليًا واسترخى في جلسته خلف طاولة مكتبه قائلًا: 
_ عارف يا "نيهان" لولا إني رايق كنت قلبت عليك قلبه طين وكفاية وقاحة بقى دي مكالمة شغل.

اِبتسم "نيهان" ثم اِرتشف القليل من قهوته وعَدّلَ من موضع هاتفه على أذنه. 
_ هذا جزاء كل ما فعلته لك يا ناكر الجميل. 
تنهد "عزيز" بقوة وإلتقط أحد الأقلام من على طاولة مكتبه ليتلاعب به. 
_ بيعجبني فيك يا "نيهان" نبرة صوتك لما تتغير وتحسسني إنك الحمل الوديع. 
اِبتسم "نيهان" بإنتشاء ووضَع فنجان قهوته جَانبًا ثم أخذ يُحرك إصبعه على ذقنه. 
_ أنا بالفعل حمل وديع والجُندي الخفي في حكايتك. 
صمت "عزيز"؛ فهو لا ينكر هذا ليتساءَل "نيهان" بعدما عاد المكر إليه. 
_ هل تشعر بالتخمة الآن بعدما ذُقت طعم الحَلوى. 
ومغزي الحديث المُبَطن وصل إلى "عزيز" بوضوح ليزفر أنفاسه. 
_ اقفل المكالمة يا "نيهان" لأن دماغك بقت دايمًا في حته تانية. 
_ انتظر يا رَجُل انتظر. 
زفر "عزيز" أنفاسه وانتظر سماع ما يُريد إخباره به. 
_ أريد صور عقد القِران أنا اعلم أنك لا تفضل أن تكون حياتك الخاصة مُشاعة على الملأ لكن لابد أن يعلم شُركائنا أنك تزوجت. 
خرج صوت "عزيز" في حيره فَـ القليل من يعرف بعقد قِرانه. 
_ أنت شايف كده، خلاص يا "نيهان" هخلي "نيرة" تبعتلك الصور. 
خرج "عزيز" من غرفة مكتبه بعدما قضىٰ بها بعض الوقت ليقترب من مكان جلوس "نيرة" التي اِنتهت للتو من مكالمتها مع زوجها الحانق الذي لم يعد يتحمل أمر بُعدها. 
_ كنتي بتكلمي "معتز" يا حبيبتي؟. 
اِستدارت "نيرة" جِهته وهزت رأسها قائلة: 
_ عمو وطنط هيحضروا إن شاء الله الفرح.

جاورها "عزيز" بالجلوس واِجتذبها إلى حضنه ليخبرها بإتصال والدي "معتز" له؛ فأردفت قائلة: 
_  هياخدوا اجازة قبل آخر الشهر وينزلوا من الكويت يقضوا كام يوم قبل الفرح. 
_ يشرفوا يا حبيبتي، أنتِ عارفه إن بيتنا مفتوح لأي حد. 
اِحتضنته وطبعت قُبلة على خده. 
_ أنا مش قادرة أصدق إن هشوفك عريس ببدلة الفرح. 
ضَحِك على قولها وابتسم. 
_ مش دي كانت برضو أمنيتك. 
أرادت إخباره أن زواجه كان أحد أمنياتها لكنها كانت تُريد له عروس مناسبة لمكانته لكن هو سعيد بإختياره وهذا ما يجعلها تتقبل "ليلى". 
_ هو "سيف" و "كارولين" لسا بره؟ 
تنهدت وهي تنظر إلى الوقت بالهاتف. 
_ اتصلت بيه من شوية قالي ساعة وهيكون في الڤيلا. 
توقفت سيّارة "سيف" وراء سيّارة والدته التي ترجلت من سيّارتها ورَمقته بنظرة غاضبه لعدم إخباره بزواج "عزيز" إلا بعدما تم. 
اِقترب منها "سيف" مُرحبًا واحتضنها قائلًا: 
_ حمدلله على السلامة. 
حاولت "سمية" تلاشى ضيقها وعانقته بعناق بارد شعر به "سيف". 
_ حسابك معايا بعدين. 
لم تهتم بوجود "كارولين" التي كانت تُرهبها دومًا نظرة
"سمية" لها. 
بخُطوات واثقة دخلت "سمية" الڤيلا لتقع عيناها على "عزيز" وهو يضحك وفي حضنه "نيرة" التي كانت تستند  على صدره. 
_ أنا شايفه إن الصوره دي افضل.

_ مبروك يا "عزيز". 
صدح صوت" سمية" عاليًا ليلتف "عزيز" جِهتها كما اِلتفت "نيرة" وسُرعان ما كانت تنهض وأسرعت نحوها لتحتضنها. 
_ حمدلله على السلامة يا ماما، معقول جيتي من السفر على هنا على طول.

بإبتسامة ملتوية حدقت "سمية" بــ "عزيز" الذي طالعها بنظرة باردة. 
_ مقدرتش ءأجل زيارتي لبكره الصبح ومباركش لعمك وطليقي سابقـًا. 
.... 
اِتسعت ابتسامة السيدة "حورية" عندما وقعت عيناها على المقطع المنتشر من حفل -الخِطبة- أمس. 
_ "زوزو" تعالي شوفي الڤيديو، كنتي برنسيس الحفلة. 
اِقتربت "زينب" منها بعدما ناولت الصغير كأس العصير، فأردفت "حورية" قائلة وهي تعطيها الهاتف: 
_ دكتورة صديقة ليا و للعيلة لسا بعتالي الڤيديو وبتقولي الكل بيمدح في جمال مرات ابنك. 
التقطت أذنين "صالح" حديث والدته أثناء مغادرته لغرفة مكتب جده وقد استمع "شاكر" إلى الحوار ليتساءَل بنبرة صارمة.

_ ڤيديو إيه المنتشر، مين قدر يسمح لنفسه إن ينشر ڤيديو لزوجة "صالح الزيني". 
وشقهة خرجت من بين شفتيّ "زينب" عندما التقط منها "صالح" الهاتف. 
تعليقات



×