رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 (انشودة الاقدار) الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم نورهان ال عشري




 رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 (انشودة الاقدار) الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم نورهان ال عشري 



بسم الله الرحمن الرحيم 


الأنشودة السادسة و الثلاثون 🎼 💗 


لا تقل تغيروا بل قُل سقطت اقنعتهم المُزيفة .

لا تقُل لما تبدلوا ليُصبحوا بهذا السوء ؟ 

قُل انقشعت الغمامة من على عيناي فصِرت أرى حقيقتهم جيدًا ، فهذة هي وجوههم الحقيقية و تلك الصورة الرائعة التي كُنت تراهُم بِها ليست سوى إنعِكاس لروحك التي كانت أنقى من أن تُلوثها قذارتهم .


نورهان العشري ✍️ 


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


تبادل الرجلان النظرات لثوان قبل أن يقول «مروان» بسخرية 

_ والله عيب عالنجوم و الكواكب اللي على كتافك دي . تقبض على مين يا ابني ! دا عضو مجلس شعب ! هما أمثالكوا اللي ضيعوا البلد . 


بادله «مصطفى» سخريته قائلًا 

_ محدش فوق القانون يا حضرت . مش معنى انه عضو مجلس شعب أنه ميتحاكمش لو ارتكب جريمة ! 


تدخل «طارق» القادم من الخلف ليقول بسخرية 

_ طب و بالنسبة للحصانة اللى معاه يعمل بيها ايه ؟ 


تهكم «مروان» بوقاحة 

_ انا عارف يعمل بيها ايه بس طبعًا عمري ما هقول عشان الكبير ممكن يدفني حي . 


لم يستطِع «سالم» قمع ضحكة خافتة ظهرت على محياة ولكنه سرعان ما عاد لـ جموده حين استمع لحديث« مصطفى» الذي تابع بتسلية

_ الحصانة بتسقط لما سيادة النائب يرتكب جريمة بشعة زي دي . 


اندفع «مروان» ساخرًا 

_ هي لحقت سقطت دي الولية لسه متكلتش ! الحياة في مصر بقت سريعة جدًا ياخي. 


أردف «طارق» بتهكم

_ سريعة و مُريبة . 


تدخل «سالم» بجفاء

_ بس انت و هو . اتفضل معايا يا حضرة الظابط . 


_ أوباش .

هكذا تحدث «مصطفى» مازحًا بخفوت موجهًا حديثه إلى كُلًا من «طارق» و «مروان» قبل أن يتوجه برفقة «سالم» إلى رُكن مُنعزِل ليقول الأخير باستفهام

_ حصل ايه يا مصطفى ؟ 


_ طبعًا سيادتك عارف بالبلاغ اللي جالنا من يومين باختفاء ضحى و أنها كانت في اسماعيلية في المزرعة الخاصة بـ عيلتكوا و بعدها اختفت و أهلها فقدوا أي تواصل معاها ، و امبارح المستشفى بلغتنا باللي حصل في عربيتك و الجثة اللي كانت جواها . من نص ساعه بالظبط اتقدم بلاغ للنائب العام برفع الحصانة عنك مُرفق بفيديو ليك وانت بتعذب المجني عليها ، و بناءً عليه احنا هنا . 


صُدِم «سالم» عند سماعه كلمات الضابط ولكنه سُرعان ما تجاوز صدمته ليقول بجفاء

_ الفيديو دا مليون في المية متفبرك ، و دا مش صعب إثباته.  


«مصطفى» مؤيدًا حديثه 

_ دا شيء مؤكد ، و دا يخلينا نعرف أن اللي عمل كده قصده الشوشرة على حضرتك و إثارة فضيحة . 


«سالم» بحنق

_ أو أنه يلهيني . 


«مصطفى» بتفكير

_ جايز ، و عمومًا ضحى لسه عايشه و على الرغم من أنه مُستحيل بس عندنا أمل انها تفوق و نعرف منها مين عمل فيها كدا ؟ 


«سالم» بتهكم

_ و تفتكر اللي عمل فيها كدا هيسيبها تفوق أو تقول حرف ! 


_ في كل الأحوال احنا كنا لازم هنسمع أقوالك في اللي حصل لإنها كانت في عربيتك ، و عمومًا احنا احنا فرغنا كاميرات المستشفى و اللي بتوضح انك كنت متواجد هنا الأيام اللي فاتت كلها . كمان محاولة قتل سليم دي جت في صالحك لإن التزامن بينها وبين حادثة العربية أكيد مش صدفة . 


«سالم» باستفهام

_ قدرتوا تستجوبوا الحيوان اللي عمل كدا ؟ 


«مصطفى» بتهكم 

_ الحقيقة لا ، والبركة في طارق افندي وفعله سنانه و لخبطله معالم وشه . اول لما يقدر يتكلم هناخد أقواله .


«سالم» بجفاء 

_ انا واثق انكوا مش هتعرفوا تطلعوا منه بحاجه . أن مخلصش عليه. 


_ والله يا سالم بيه احنا بنعمل أقصى ما عندنا . زي ما انت عارف الوضع حساس ، و أي غلطة مش في صالحنا خصوصًا بعد بدأنا نمسك خيوط شبكة المخدرات بتاعتهم . دي فيها ناس تقيلة اوي . 


«سالم» بحنق

_ ناس معندهاش ضمير . المهم انت اكيد عارف هتعمل ايه . لو في جديد بلغني . 


_ حاضر ، و متقلقش احنا زودنا المراقبة حوالين المستشفى و جواها كمان . 


«سالم» بخشونة 

_ ربنا يستر . 


ودع« سالم» «مصطفى» ثم عاد أدراجه إلى حيث يقف كُلًا «طارق» و «مروان» الذي قال بتهكم

_ ايه دا هو صاصا مشي ! ياخي كنت عايز أرخم عليه شويه.  


«سالم» بحزم

_ مش طالبة سخافة عشان أنا قرفان . 


«مروان» بسعادة تجلت في ملامحه 

_ أما انا بقى سعيد و فرحان وانا مُتخيل نوجا وهو بيتفرج على شريط الفيديو الرهيب اللي انا بعتهوله . ياه لو كان ممكن اشوف وشه دلوقتي! 


«طارق» بملل

_ على فكرة ناجي مكنش عاشقها يعني عشان يزعل ، و ممكن ميتأثرش بيه اوي . 


«مروان» باندفاع

_ ازاي يا ابني ميتأثرش بيه ؟ دا فيديو مؤثر جدًا . انا انفرجت عليه ييجي تلتميت مرة و كل مرة بتأثر . 


ناظره الرجلان بحنق فـ رسم ابتسامة بلهاء على ملامحه ليقول «سالم» بجمود

_ اللي هيوجعه المخدرات ، و بعدين ناجي اكتر واحد قلبه أسود في الدنيا . يعني حتى لو هي متفرقش معاه لازم هـ ينتقم ، و احنا المفروض نستغل دا . 


جاءهم صوت جاف من خلفهم 

_ و ياترى هتستغلوه ازاي ؟ 


كان هذا صوت «هارون» و بجانبه «صفوت» الذي أومأ برأسه إلى« سالم» ففهم الأخير ماذا يقصد لـ يتواجه مع «هارون» قائلًا بخشونة

ـ حمد لله عالسلامة . 


«هارون» بجمود 

_ الله يسلمك . 


 سالم باستفهام

_ ناوي على ايه ؟ 


لونت الحيرة معالمه إضافة إلى خيبة الأمل التي تجلت في صوته حين قال

_ مش عارف . 


«طارق» بجفاء

_ لازم تعرف وتحدد موقفك . يا معانا يا علينا . 


رمقه« هارون» باستخفاف قبل أن يوجه حديثه إلى «سالم» قائلًا بجفاء

_ عايز أشوف اخواتي هما فين ؟ 


أجابه «مروان» بسخرية

_ قاعدين يندبوا جنب جنة قدام أوضة سليم .


ظهر الخزي بعينيه يُنافي لهجته حين قال بجمود

_ اتأكدت أن هو اللي عمل كدا ؟ 


أومأ «سالم» بصمت فأضاف« مروان» ساخرًا 

_ اتأكدنا و بس ! دا البيه كان متصل يشمت كمان.


استفهم «سالم» قائلًا 

_ انت كنت مصدقه ؟ 


احتار بماذا يُجيبه فما أخبره به كان قاسيًا مُروعًا للحد الذي جعله يتمنى لو أنه كان كاذبًا و حين تأكد من كذبه تفشت لعنات الحزم بقلبه إضافة إلى الخزي من ذلك الوالد الذي تمنى دومًا أن يتعرف إليه ليتفاجأ بأنه أسوأ أب على الإطلاق . 

زفر بقوة وهو يحاول التغلب على ذلك الحريق الناشب بداخله ليقول بجمود يُنافي لوعة قلبه 

_ في الأول لما سمعت منه . اتمنيت يكون بيكذب . ماهو مفيش أم تكون بالبشاعة دي ، ولا أهل يكرهوا ابنهم كدا ، و بعد لما اتأكدت انه بيكذب اتمنيت لو كان في حاجة واحدة صح قالها . حاجة واحدة تشفعله و تخليني اقدر اسامحه. 


تشارك الرجال الأربعة في شعور الشفقة على ذلك الولد الذي لم يكُن سوى ضحية أخرى لذلك الشيطان الذي لم ينجو من بطشه أحد . 

تحدث «مروان» بلهجة ودودة بعض الشيء

_ بص متدورش عشان مش هتلاقي . اللي زي دا جاي الدنيا يرازي في خلق الله و بس . اسألني انا . 


«هارون» باستفهام

_ و أنت كمان ؟ ليه عملك ايه ؟ 


«مروان» بقهر

_ عقدلي امك ، و مطلعه عليا كل حاجة وحشة عملها فيها. يا ستي انا مالي . يا ستي سبيني اتجوز انا و البت اللي هـ تخلل جنبك دي . مفيش فايدة . 


ابتسم الجميع فتدخل «صفوت» قائلًا بسخرية

_ لا دا مروان عادي . اتعود عليه كدا . 


استفهم «هارون» بحرج 

_ هو فعلًا موضوع جوهرة و ألبرت دا ؟ 


اجابه «سالم» باختصار 

_ صحيح . 

«هارون» باستفهام

_ عرفتوا ازاي ؟ 


تولى «طارق» الإجابة هذه المرة

_ لما كنا مراقبينكوا في ألمانيا و سمعناها هي وناجي بيتخانقوا يومها راحت لـ ألبرت بالليل أوضة نومه ، و من اول ما جه مصر و هي بتتواصل معاه.   


اومأ برأسه قبل أن يُطلِق زفرة حادة من جوفه ليقول بعدها بحزن

_ ناويين على ايه معاه ؟ 


أعاد «سالم» صياغة السؤال قائلًا

_ انت ناوي على ايه ؟ 


امتزجت الحيرة مع اليأس في عينيه قبل أن يحسم قراره قائلًا بجفاء

_ هقولك زي ما قولتله قبل كدا . مش هأذيه حتى لو كان أسوأ راجل في الدنيا . دا ابويا مهما كان 


صيحات استنكار خرجت من فم «طارق» و «مروان» بينما ظفر «صفوت» حانقًا ليقطع «سالم» الحديث قائلًا بحسم

_ و أنا مش هطلب منك كدا ، ولا انا كمان هعمل كده . أبوك مسابش فرصة لحد يأذي . هو أذى الكل و أولهم نفسه . 


لم يُريحه حديث «سالم» و لكنه آثر تغيير الحديث حين قال 

_ على فكرة . هو مش هيصدق بسهولة أن ألبرت يخونه . 


«سالم» بخشونة

_ هيصدق لما يشوف بعينه . 


«هارون» بصدمة

_ يعني ايه ؟ انت ..


تدخل «مروان» قائلًا 

ـ احنا مصورينهم ، و هما في اليخت بتاعه هنا في مصر.  


«هارون» بصدمة

_ لحظة واحدة . يعني هي خرجت تقابله وهي هنا ؟ طب ازاي ؟ 


اجابه «سالم» قائلًا 

_ من أول ما ألبرت جه مصر وهي على تواصل معاه لحد ما طلب منها أنها تقابله ، و تاني يوم دا رامي الحارس اللي كان ناجي مجنده في القصر كان نازل السوق هو و الحاجة نعمة اللي شافت جوهرة رايحه الجراچ ، و قالتلي ، و راقبناهم لحد ما نزل نعمة في السوق و نزلها هي في شارع جانبي بعيد عن السوق شويه كان مخبيها في شنطة العربية عشان نعمة متشوفهاش و بعدها جتلها عربية وصلتها اليخت بتاعه و بعد تلت ساعات رجعتها تاني مكان ما نزلها رامي اللي كان مستنيها هناك .


وضع« هارون» يده فوق رأسه فقد توالت الصدمات فوق رأسه فقد كان يتمنى لو أن الثلاث سنوات الماضية تنمحي من حياته ، ولا يتعرف لذلك الرجل أبدًا فقد كان يكفيه ذلك الأب الروحي الذي رباه على كل شيء جيد ليتفاجأ بأنه ابن أسوأ شخص بالعالم و الذي يتوقع منه رد فعل مروع لما حدث ، فما أن يرى ذلك التصوير الذي يتحدثون عنه حتمًا سيُقيم القيامة.


اللهم ربّ السموات، وربّ الأرض، وربّ العرش العظيم، ربنا وربّ كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شرِّ كل ذي شرٍّ أنت آخذٌ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عنَّا الدَّيْنَ وأغننا من الفقر.♥️


★★★★★★★★★★


و بالفعل كانت الجدران تهتز من صرخاته حين شاهد ذلك المقطع الفاضح لتلك الحقيرة و هذا الخائن فقد كان يومًا سيئًا منذ بدايته حين جاءته هذه المُكالمة التي كانت بداية الحريق


عودة للأمس 


_ انت بتستعبطني يا ناجي ؟ مش عارف انت بتتعامل مع مين ؟ 


«ناجي» بفزع

_ في ايه يا حجاج ؟ حصل ايه ؟ 


صاح الرجل بصوت جهوري يحمل وعيد و تهديد صريح

_ حصل ايه ؟ انت عبيط ولا بتستعبط ! فاكر انك ممكن تضحك على حجاج الوالي ! دانا ادفنك حي ولا انك تستغفلني . الظاهر انك خلاص راحت عليك ، عايز نهايتك تبقى سودا ، و انا عنيا ليك . هخليها أسوأ مما تتخيل .


لم يعُد يحتمل ما يحدُث لذا صاح بانفعال

_ هتقعد طول اليوم تهدد من غير ما تعرفني حصل ايه؟ 


«حجاج» بجهامة

ـ بقى انا تلبسني العمة و تبعتلي دقيق بدل المخدرات ! فاكرني فاتح فرنة ! اسمع لما اقولك . الخمسين مليون بتوعي يرجعولي النهاردة لو عايز تفضل عايش لبكرة ، و متفكرش اني هصهين عالحركة دي ! لا . انا ما عاش ولا كان اللي يغفلني ، و اللي حصل دا الكُبار لازم يعرفوا بيه . 


جن جنونه حين استمع لكلمات «حجاج» ولم يُصدق ما حدث لذا صاح بغضب

_ دا انت بقى اللي بتستعبطني . أنت فاكر ان انا اهبل عشان اصدق كلامك دا ! تلاقيك عامل الحركة دي كلها عشان تلهف الفلوس و المخدرات ! لا مش انا اللي يتعمل معايا كدا . فوق . انت عارف كويس انا مين و انت بتتكلم مع مين ، و الكُبار اللي انت بتهددني بيهم دول انا معاهم من سنين و عارفين شغلي كويس . 


دق الرعب أوتاده في قلب «حجاج» الذي هدأ انفعاله و لانت لهجته قليلًا حين قال

_ انا مش هضحك عليك . الشحنة زي ما هي تقدر تبعت الراجل بتاعك وهو يتأكد بنفسه . انا أكيد مش هضر نفسي . انا محتاج الشحنة دي وانت عارف كدا يبقى مش هوقف حالي ، ولا هفكر انصب عليك ما انت اكيد هتعرف . 


حديثه مقبولًا بالنسبة إليه وهو يعلم أن هذا «الحجاج» أضعف من أن يُلفِق كذبة مثل هذه لذا قال بجفاء

_ هبعتلك راجل من بتوعي يتأكد بنفسه و ياويلك لو كنت بتكذب عليا . 


اغلق الهاتف و قام بالاتصال «بألبرت» لـ يأمره بضرورة التحري عن الأمر و ماهي الا ساعة واحدة حتى أتاه اتصالًا هاتفياً منه 

ـ ماذا حدث ألبرت ؟


_ الرجل مُحِق سيد ناجي فـ المخدرات تم استبدالها.  


أطلق صرخة عالية و أخذ يُطلِق السُباب دون الوعي ليُتابِع« ألبرت» قائلًا بعملية

_ بدلًا من السباب و إطلاق اللعنات علينا أن نُعيد للرجُل أمواله حتى لا تهتز صورتك أمام الرؤساء ، و بعدها لنُعاقب من فعل ذلك . 


«ناجي» بحنق 

_ اقسم سأدُق عُنق ذلك الحقير الذي تجرأ و لعب معي هذه اللعبة القذرة . 


«ألبرت» بقسوة

_ إذن لنبدأ بفعل ذلك الآن . 


«ناجي» باستفهام

ـ ماذا تقصد ؟ هل تعرف من فعل هذا ؟ 

_ و من غيره ؟


«ناجي» بتفكير 

_ اتقصد سالم الوزان ؟

«ألبرت» بتأكيد

_ نعم . اعتقد أنه استغل مرضك المزعوم ليضرب ضربته ، فهو بالتأكيد يعلم خطورة هذا الأمر في عالمنا ، و بهذا يضمن أنه سيقضي عليك بسهولة و دون أن يتدخل. 


بدا كلامه مُقنعًا كثيرًا لذا اهتاج «ناجي» قائلًا بانفعال

_ ذلك الحقير . أقسم سأقتله بأبشع الطُرق .


«ألبرت» بقسوة

_ الموت رفاهية كبيرة لا تمنحها بسهولة . سأُرسِل له تحية خاصة ستجعله يُفكِر كثيرًا قبل أن يعبث معك مرة أخرى . 


«ناجي» بحنق

_ ماذا ستفعل ؟ 


_ ساجعله يتحسر على طفله ، فإن كان الحظ معه مرة و نجت زوجته فلن يكون معه دائمًا و لن ينجو الرضيع . 


ابتسم «ناجي» بشر

_ أعجبتني الفكرة كثيرًا ، و أنا سأُرسِل له هدية لـ يلتهي بها و لتُجهِز على ذلك الاسم البغيض إلى الأبد . 


عودة للوقت الحالي 


صاح« ناجي» وهو يقوم بضرب الطاولة أمامه لتنقلب و يتناثر كل ما فوقها وهو يصيح بصوت جهوري هز أرجاء القصر

_ اه يا ابن الكلب . والله لهوريكوا النجوم في عز الضهر ، و هعرفكوا مين هو ناجي الوزان .


اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كل خيرٍ، واجعل الموتَ راحةً لي من كل شرٍّ♥️


★★★★★★★★


لا يمُر الليل مرور الكِرام على العاشقين فإما أن يأتي حاملاً الحنين في جعبته أو يأتي مُحملًا بـ نوبات شوقٍ ضارية تُزعزِع ثبات أعتى القلوب فكيف بقلب رهيف على غرارها ؟ 

ليلة طويلة مرت عليها وهي حاملة بقلبها جمرات الحنين و الشوق ، حنين لوجوده وشوق لرؤيته . و كلاهما أشد و اقوى من الآخر ولا قدرة لها على مقاومة ايًا منهما وحين لجأت للنوم تخلى عنها لتقضي ليلتها برفقة طيفه الذي لا يُفارقها أبدًا إلى أن أتت الفتيات إليها لتقوم «سما» باحتضانها قائلة بمواساة

_ أن شاء الله هيخف و يقوم بالسلامة. 


«جنة» بخفوت

_ أن شاء الله. 


ارتجفت شفاه «سما» دلالة على مقاومتها رغبة مُلِحة بالبكاء لتتعثر الحروف فوق شفتيها حين قالت

_ حقك عليا . لو بإيدي اخد تار سليم منه هعمل كدا و مش هتردد ثانية . لو كان ينفع افديه و اخد الطعنة دي مكانه والله ما كنت هفكر ثانية واحدة . صدقيني يا جنة 


احتوتها «جنة» بين ذراعيها وهي تشعر بالألم و الشفقة على حال تلك الفتاة التي تتلخص مأساتها في هذه الحياة في والدها 

_ متقوليش كده يا سما . أنتِ ذنبك ايه ؟ 


«سما» من بين عبراتها

_ على الأقل مش هسمع اسمه و لا سيرته تاني . هتخلص من العار اللي ملاحقني طول مانا بنته.  


اقتربت «شيرين» تربت برفق على خصلات شقيقتها وهي تقول بأسى

_ احنا مجروحين زيكوا و اكتر يا جنة ، و في نفس الوقت خايفين نقرب منكوا لا تلوموا علينا ، أو تحملونا ذنبه . 


«جنة» بلهفة 

_ اوعي تقولي كده . احنا كلنا في مركب واحدة ، و احنا عارفين قد ايه انتوا اكتر ناس اتأذيتوا منه . محدش فينا عمره هيلوم عليكوا ولا هيفكر يشيلكوا ذنبه . 


همست «سما» من بين عبراتها

_ احنا بنحبكوا اوي والله يا جنة . ياريت لو في أيدينا اي حاجه نعملها عشان نمنع أذاه عنكوا بس احنا حتى مش قادرين نمنع أذاه عننا . 


لم تعرف «جنة» بماذا تخبرها فقامت بضمها بيد و بالأخرى «شيرين» التي كانت لا يقل حالها عن حال شقيقتها فقد كان حالهم مُحزِن و خاصةً لذلك الثُلاثي الذي كان يُناظرهم بقلب ينفطر ألمًا على وجعهم و قد كان شعوره مختلف تجاههم فمن بين كل تلك المآسي أصبح لديه أم تُعاني من العذاب و الذنب وشقيقتان بقلب مكسور و شعور عارم بالخزي من أفعال والدهم و قد كان يتشارك مع الجميع في شعورهم لذا عزِم على مساندتهم جميعًا وهو أولهم .

_ مهما حاولنا أننا نبعد عنهم الإحساس بالذنب مفيش فايدة . شايفين أنهم عشان بناته يبقى يتحملوا نتيجة أفعاله.  


هكذا تحدث «طارق» بلهجة خافتة و لكن حزينة و أيده« مروان» قائلًا بأسى

_ ياخي صعب اوي لما بنتين زي الورد ينطفوا بالشكل دا بسبب أبوهم ، و يبقوا كارهين يسمعوا اسمه . بدل ما يكون هو سندهم في الدنيا دي يكون هو سبب خوفهم و كسرتهم بالشكل دا !


كانت كلماتهم كالخناجر تُمزِق قلبه فهو مثلهم . يشاركهم الشعور بالذنب و الخزي من ذلك الرجل ، و لكنه لا يملك رفاهية الإنهيار و لا البكاء لذا تجاهل حديثهم و تقدم الى حيث تقف الفتيات فأثار وجوده حفيظة الجميع و تبلور الترقُب في نظراتهم ليقترب« مروان» يحاوط كتف« سما» و كذلك فعل« طارق» مع «شيرين» فتجاهل فعلتهم و وجه حديثه الى «جنة» قائلًا بنبرة جامدة

_ الف سلامه عليه . أن شاء الله يخف و يرجع أحسن من الأول . 


ابتسامة بسيطة ارتسمت على شفاهها قبل أن تقول بنبرة هادئة 

_ الله يسلمك . أن شاء الله . 


شعرت «جنة» بالحرج من وجودها بينهم ف قالت بخفوت

_ انا هدخل اطمن على سليم عن اذنكوا .


دلفت إلى داخل الغرفة تاركة المجال للجميع بالحديث ليتحدث« هارون» موجهًا حديثه إلى «شيرين» قائلًا بلهجة هادئة

_ اذيك يا شيرين . 


«شيرين» بتحفظ 

_ الحمد لله. 


التفت لينظر الى« سما» قائلًا بنفس لهجته

_ عاملة ايه يا سما ؟ 


«سما» بخفوت 

_ كويسة . 


ارتفعت نظراته لتتفرق بين الشقيقان ليقول بجفاء

_ عايز اتكلم مع اخواتي على انفراد . 


نظر كلًا من «طارق» و «مروان» إلى بعضهم البعض ليقول الأخير باستنكار

_ اخواتك و على انفراد ! دانا اللى جوزها من قبل ما نعرفك مقعدتش معاها على انفراد . 


و أيده «طارق» قائلًا بجفاء

_ انفراد ايه و بتاع ايه ؟ ما تتكلم قدامنا . هو احنا غُرب ! 


لم يُجيبهم انما نظر إلى شقيقتاه وهو يقول بنبرة جادة

_ ياريت كل واحدة تطلب من جوزها يسيبنا نتكلم على راحتنا. ممكن ؟ 


اغتاظ الرجلان من حديثه بينما شعرت الفتيات بفضول كبير للتحدث معه و التعرُف إليه لذا ما أن هم «طارق» بالحديث حتى باغتته «شيرين» قائلة 

_ طارق معلش تسبنا شويه شويه ؟ 


هتف «مروان» بتشفي

_ يالهوي عالكسفة اللي انت فيها يا حازم حازم . تسبنا شويه ! مفيش بربع جنية سيطرة خالص كدا ! 


اغتاظ «طارق» من حديثه و ما أوشك على الرد فاجأته «سما» حين قالت بخفوت

_ و ياريت انت كمان تسبنا لوحدنا يا مروان ! 


شهق« مروان» بصدمة 

_ نعم . انت كمان تسبنا يا مروان ! يخربيتك . بت أنتِ احنا مش لسه فاتحين صفحة جديدة امبارح ياللي تتفتح دماغك أنتِ . ايه ذاكرة السمكة ! بتبعيني في أول محطة على طول كدا يخربيتك . 


«سما» بتوضيح

ـ مش ببيعك والله بس ..


قاطعها« هارون» الذي قال بصرامة

_ ياريت بلاش كلام كتير مالوش لازمة . طلبت منك بكل ذوق تسبنا لوحدنا . اتفضل يالا . 


عض «مروان» على شفتيه بحنق وخاصةً حين شاهد نظرات التشفي من قبل «طارق» ليتوعد لها من بعيد و هو يُغادر برفقته تاركين «هارون» الذي وزع نظراته بينهم قبل أن يقول بنبرة هادئة 

_ ماتيجوا ننزل نشرب حاجه تحت ؟


التمع الخوف بعيني «سما» و ارتجفت شفتيها و ارتفعت انظارها تلقائيًا إلى« شيرين» التي كانت حالتها لا تقل عنها خوفًا ولكنا حاولت الثبات قدر الإمكان وهي تقول 

_ و ننزل تحت ليه ؟ ما نتكلم هنا أحسن . 


شعر بخوفهم و قد أغضبه ذلك فما فعله ذلك الشيطان جعل شخصية كلا منهما مهزوزة يفتقران إلى الثقة ، ولهذا رسم ابتسامة مُطمأنة على ملامحه حين قال

_ متخافوش اوي كدا . أكيد مش هخطفكوا يعني . أنا هنا مخطوف أساسًا ، و أنا اللي مفروض اخاف على فكرة . 


قال جملته الأخيرة مازحًا فابتسمت «سما» على حديثه بينما «شيرين» لازالت تتخبط لذا تابع بلهجة جادة 

_ هنقعد في الكافتيريا تحت . احنا هنا في جناح العمليات ، و اكيد مش هنحكي هنا ! 


تطلعت الفتيات إلى بعضهم البعض قبل أن تطاوعانه ليتوجها ثلاثتهم إلى الأسفل و بعد وقت قصير شرع «هارون» في الحديث قائلًا بجدية

_ طبعًا انتوا أكيد مش واثقين فيا . يعني متعرفونيش ، و لسه عارفين من شهر أن ليكوا أخ ، و خصوصًا أن عندنا أب زي ناجي . 


هتفت «سما» باندفاع

_ الراجل دا مش أبويا . مفيش أي صلة تربطني بيه . 


«هارون» بحزن

_ ياريت . ياريت ميكونش في اي صلة بتربطنا بيه . بس كل انسان في الدنيا مُبتلى في حاجه في حياته و احنا ابتلائنا جاي فيه ، و على قد ما هو ابتلاء صعب بس مش هنقول غير الحمد لله على كل شيء . 


تحدثت «شيرين» بجفاء

_ يعني عرفت حقيقته ! و اتأكدت أن ماما مظلومة ؟ 


«هارون» بنبرة مُشجبة

_ عرفت ، و هتصدقيني لو قولتلك اني كنت حاسس بكدا ، و عشان كدا جيت على هنا . انا كنت عارف انهم بيراقبوا القصر .

«شيرين» باستفهام

_ وانت تعرفهم منين ؟ 


«هارون» بسخرية

_ البركة في ناجي بيه . كان عايزني اعرف أعدائي كويس . 


«سما» بلهفة لم تستطِع أن تُخفيها

_ يعني انت كنت عايز تيجي عشان تشوفنا!


اهتز قلبه رغمًا عنه من كلماتها و قال بلهجة حانية

_ هتصدقيني لو قولتلك اه ؟ 


اومأت «سما» بنعم رغمًا عنها و بدأت جفونها بالإهتزاز من فرط ما تحمله من عبرات لتقول بنبرة ترتجف ألمًا 

_ هصدقك . قلبي بيقولي انك مبتكذبش ، و كمان ربنا عارف أننا مش وحشين عشان يبقى أبونا وحش و أخونا كمان وحش . 


بكل طاقته يُحاوِل أن لا يتجاهل تلك الضغينة التي تزداد بقلبه تجاه ذلك الرجل يومًا بعد يوم ، ولكن الآن لم يستطِع تجاوزها فهذا المسخ قام بإيذاء الجميع حتى أقرب الأقربين إليه. 

 _ سما بطلي شغل عيال ، و امسحي دموعك دي . 


التفت «هارون» يُناظرها و قد اعجب ببقايا القوة التي لازالت تتحلى بها لذا قال بلهجة هادئة

_ سبيها . يا بختها أنها قادرة تعيط . 


باغتتها إجابته فبرقت عينيها من الصدمة فتابع بسخرية مريرة

_ العياط بيريح الدموع دي بتمسح على القلب و بتغسله من الحزن اللي ممكن يقضي عليه في لحظة.  


تأثرت كثيرًا من حديثه فقالت باندفاع

_ انت نفسك تعيط ؟ 


ابتسم «هارون» على كلماتها قبل أن يقول بمُزاح 

_ تخيلي واحد زي الهلف زيي كدا يعيط ! 


ذكره هذا اللقب بتلك الفتاة الصغيرة صاحبة العينين البنيتين الكبيرتين و ذلك الجسد الأنثوي الصغير و تلك الخصلات البُندقية التي تعقصها كذيل حصان يتدلى بحيوية خلف ظهرها كل تلك الصفات تجعلها جميلة بطريقة مختلفة و لكنه لا يعلم ما هي صلة قرابتها بمن في القصر فحين أخبره والده عن الجميع لم يأتي على ذكرها أبدًا 


_ مش احسن ما الحزن يقضي عليك ! 


أخرجه من شروده صوت «شيرين» المليء بالأسى فقال بنبرة جافة حزينة

_ هضيع من عمري قد ايه وانا ببكي ، و في الآخر مفيش حاجه هتتغير . 


«سما» باستفهام

_ وانت عايز تغير ايه ؟ 


«هارون» بصدق

_ كل حاجه . عايز اغير كل حاجة . عايز أعيش لأول مرة حياة طبيعية وسط عيلة و أهل يخافوا عليا و أخاف عليهم . أنا كانت أمنية حياتي من و أنا صغير أن يكون عندي أم اترمي في حضنها . كنت طفل مش فاهم حاجه 

و لما كبرت وفهمت طلبت من أبويا . اقصد الراجل اللي رباني أنه يتجوز و يجبلي أم . بس هو كان رافض . لحد ما بدأت أتأقلم على حياتي كدا . بس كانت دي أعظم أمنية اتمنتها في حياتي.


اخفض رأسه يحاول إخفاء تلك الدمعة الهاربة من عينيه ليقول بنبرة جريحة كحال قلبه

_ عشان كدا مش هسامحه.  


رغمًا عنها امتد كفها بربت على خاصته فوق الطاولة ليرفع رأسه يُطالِع «سما» التي قالت من بين عبراتها الخرساء

_عشان شوه صورتها في عينك ! 


«هارون» بقهر لم يفلح في أخفاءه

_ عشان بعد ما رفعني لسابع سما و قالي أنها عايشة وموجودة دفني في سابع أرض لما قالي أنها رمتني و اتخلت عني ، و دي كانت أول مرة ابكي فيها وانا كبير كدا . لكن مصعبتش عليه . 


أخذ نفسًا قويًا قبل أن يُتابع بأسى

_ يومها قالي مش عايزك تبقى ضعيف . عايزك قوي ، جبار .عشان يخافوا منك ، و يعملولك ألف حساب ، و عشان تاخد تارك و تاري منهم . 


شهقة قوية شقت جوف «شيرين» التي قالت من بين انهيارها العظيم

_ دا نفس اللي قالهولي . اوعي تبكي . عايزك جامدة. محدش يقدر يكسرك . عشان تاخدي تارنا منهم. 


دقيقة صمت أحاطت بهم كان يتخللها بعض الشهقات من جانب الفتيات بينما هو كان يقمع حزنه و انهياره بشق الأنفُس إلى أن استطاع تجاوز تلك الغصة القوية في منتصف حلقة ليمد يديه واحدة تحتضن كف «سما» و الأخرى تحتضن كف« شيرين» وهو يقول بنبرة مُتحشرجة

_ من النهاردة انا موجود وهحميكوا منه ، و من اي حد يفكر يأذيكوا. ربنا له حكمة في كل حاجه حصلتلنا ، و لو كل العذاب اللي شوفناه في حياتنا نهايته أننا نتجمع سوى و يتلم شملنا فأنا راضي . 


اهتز قلب «سما» التي قالت من بين شهقاتها

_ طول عمري كان نفسي يكون ليا أخ اتسند عليه ، و اجري عليه لو حد زعلني . احساس انك ملكش ضهر دا صعب أوي . بس النهاردة و دلوقتي بالذات حسيت أن بقى عندي سند ، و دا احلى احساس في الدنيا.  


شددت يديه فوق خاصتها بينما ارتسمت ابتسامة رائعة على شفتيه ليجذبه صوت «شيرين» المُهتز

_ هتقدر تقف قدامه ؟ دا وحش اوي . لو اعتبرك عدوه مش هيسمي عليك . دا حاول يقتلني قبل كدا ، و مفرقتش معاه ، و لا اتهز فيه شعرة واحدة . 


شدد من احتضانه لكفها وهو يقول بجفاء

_ متخافيش عليا . مش هيقدر يأذيني ، و مش هسمحله يأذي حد فيكوا . من النهاردة انتوا في حمايتي . 


ابتسمت «شيرين» من بين عبراتها لتقول بـ شفاة مُرتعِشة 

_ ياريتك ظهرت من زمان . مكناش اتبهدلنا كدا. 


عجز اللسان عن وصف ذلك الشعور الرائع الذي يتخلله أمان و احتواء و دموع فاضت بها القلوب و دعوة صامتة من «هارون» الذي فتح ذراعيه إليهما لتندفع الفتاتين إلى أحضانه تعانقانه بقوة وسط انهيارهم و مرارة ما يشعرن به و التي انمحت إثر ذلك العِناق الحنون الذي يتلخص به معنى العوض.


_ ماشي يا سما الكلب أما علقتك من ودانك اللي شبه ودان الفيل دي ؟ 


هكذا تحدث« مروان» الغاضب و بجانبه «طارق» الذي لا يقل غضبًا عنه و الذي سُرعان ما تجمدت الدماء في أوردته حين شاهد ذلك العناق الثلاثي بينهم ليندفع «مروان» قائلًا بصدمة 

_ نهار اسود . اللي انا شايفه دا حقيقي ! دا بيحضنهم . قعد معاهم خمس دقائق و خد حضن المطارات دا ! وانا اللي كاتب كتابي بقالي سنة متشحتف على مسكة ايد ! يا ابن الصايعة . 


على الرغم من غيرته الهوجاء الا أنه تفهم حالتها و ما تمر به الآن لذا سيطر على حالته وقال بجفاء

_. بطل سخافة و احترم مشاعر الناس ! 


«مروان» بحنق

_ احترم ايه و انيل ايه ؟ معاك طبنجة ! انا هخلص عليهم و انت تخلص على ناجي و مرات عمي تسم همت و نبقى ارتحنا خالص . مانا مرارتي مبقاش فيها مكان لحصاوي تانيه . في خطر على حياتي . هتجلط يا عالم هتجلط . 


«طارق» بسخط

_ ياريت عشان نرتاح . 


«مروان» بصدمة

_ انت جبلة ياله ! ما تيجي اغزك كدا اشوف اللي بيجري جوا دا دم ولا بنزين ؟ 


_ لا ياد ظريف اوي . 


«مروان» بسخط

_ ظريف ايه يا ابني ؟ الحضن دا مش بيحرك اي حاجه جواك ؟ رغبة في القتل مثلًا ! رغبة في اللطم على وشك من حظنا الفقر يعني ! 


«طارق» بسخرية

_ قصدك حظك انت الفقر ! انا حظي حلو ، و راضي بيه . الدور و الباقي عليك يا بائس . 


قال «طارق» جملته و عاد أدراجه للأعلى ليتنبه «مروان» لكلماته فهتف مُفكرًا

_ راضي بيه ، و حظه حلو ؟ 


فجأة صاح ساخطًا

ـ اه طبعًا ما انت تلاقيك خاربها ، وأنا الغلبان الحزين اللي وقعت في ام أربعة و أربعين و امها . 


نفخ ثاني أكسيد الكربون من أنفه بغضب وهو يقول باستنكار 

_ شوف البت ماسكة فيه ازاي ؟ الهي يمسكك سلك عريان يا سما يا بنت همت .


اللهم افتح علينا فتوح العارفين بك، وأنزل علينا يا ربنا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به أفئدة المسلمين. اللهم انقلنا إلى أحسن حال، انقلنا من الضيق إلى السعة، ومن الغضب إلى الرضا ♥️


★★★★★★★★★


هل يُمكن أن يصل بنا العشق للحد الذي يجعل ملامح شخص ما تنطبع بداخلنا ؟ أن تُصبِح أنفاسه هي أكسجيننا النقي ؟ أن ينتشي القلب حين يُلامسه و ترتوي الروح حين تراه ؟ تلك المرحلة من العشق تُدعى الهيام وهي حالة فريدة من نوعها لا يصل إليها الإنسان بسهولة ولا يستطِع التراجع عنها أبدًا 


_ لو تعرف بحب ملامحك دي قد ايه ؟ ولا مرة وقفت قدامك و كنت قادرة أشيل عيني من عليك . كنت بحس اني عايزة اغرق في تفاصيلك أكتر . 


صمتت لثوان قبل أن تقول بخفوت

_ انا كتير أوي كنت بستكترك عليا و اقول معقول الراجل دا بيحبني انا ؟ الراجل اللي مفيش زيه في الدنيا اختارني انا من وسط كل البنات دي ؟ 


استنشقت عبير أنفاسه قبل أن تقول بهمس

_ ياريت ينفع أرجع الماضي من تاني ، وانا مكنتش اضيع لحظة واحدة بعيد عنك . مكنتش هفارق حضنك أبدًا . 

أخذت أناملها الرقيقة ترسم ملامحه الرائعة بخفة الفراشة التي تتنقل بين الزهور بينما هي تضع رأسها فوق على مقربة كبيرة منه حتى تعانقت أنفاسهم و قد كان هذا السبيل الوحيد لجعلها تشعُر بالهدوء و السكينة التي جعلتها تغفو دون أن تدري فلم تشعُر بتململه بجانبها ليقوم بفتح عينيه أخيرًا و كان أول ما وقعت عليه أنظاره صفحة وجهها الرائع الذي كان مُقابلًا لوجهه مما جعل ابتسامة بسيطة على شفتيه فقد كان هذا اقصى أمانيه أن يجدها أمامه بتلك الصورة التي تُمكنه من نثر عشقه فوق ملامحها بخفة مُتجاهلًا ذلك الألم الذي يجتاح جانبه الأيسر ولكن فكرة مجنونة انتابته ليحاول أن يعتدل من نومته وهو يئن من الوجع و بكل ما يمتلك من قوة قام بإحاطة خصرها بيده السليمة لجعلها تشاركه السرير فإذا بها تشعر بما يحدُث ففتحت عينيها بصعوبة لتقول وهي في حالة من التوهان 

_ سليم انت صحيت بجد ولا انا بحلم ؟ 


ابتسم على حديثها وعلى تعبها الجلي على ملامحها والذي يجعلها في تلك الحالة فقال بخفوت 

_ بتحلمي . قربي مني نحلم سوى . 


اطاعته وهي بين اليقظة و النوم و رفعت جسدها و بمساعدتها جعلها تستلقي بجانبه على السرير فأخذ يحاول استرداد أنفاسه فقد كان مجهودًا شاقًا عليه ولكن قلبه يشعُر بالراحة لكونها بجانبه فقام بالتشديد من احتوائها وهو ينثر عشقه فوق جبهتها لتقوم بإحاطة خصره بحركة عفوية مثلما كانت معتادة أن تفعل فابتسم بخفوت قبل أن يُغمِض عينيه طالبًا بعض الراحة 


اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه ♥️


★★★★★★★★★


_ يعني عمتي أدتها العلقة التمام ؟ جدعه والله بردت ناري شويه . 


هكذا تحدث «سالم» بتهكم بعد أن قص عليه «صفوت» ما حدث ليُجيبه الأخير قائلًا 

_ اه والله هي بردت نار الكل . بس الحمد لله اننا وصلنا في الوقت المُناسب ، و كمان لولا ستر ربنا و تدخل لُبنى مكنش حد عارف كانت ممكن تعمل في همت ايه ؟ 


«سالم» بخشونة

ـ ربنا مبيعملش حاجه وحشة . يمكن الموقف دا كمان يكون سبب أن قلبه يلين من ناحيتها . 


ارتسمت ابتسامة هادئة فوق ملامح «صفوت» الذي قال باعتزاز

_ الولد دا مش شبه ناجي خالص يا سالم . تحس أنه شبهنا و شبه ابويا الله يرحمه . انا كنت حاطط ايدي على قلبي ليبقى عندنا ناجي جديد . 


«سالم» بسُخرية

_ ناجي جديد ايه يا صفوت احنا كدا على رأي مروان نروح ندفن نفسنا أحسن . 


تبسم «صفوت» قبل أن يقول بجدية

_ طب انا متابع التحقيق مع اللوا نجدت ، و اتواصلت مع النائب العام ، و حوار رفع الحصانة دا متقلقش منه . كل دا غرضه الشوشرة مع محاولة القتل الفاشلة بتاعته دي كان عايز يضربك من جميع الجهات . لكن الحمد لله ربنا كبير ، و انت متقلقش . 


«سالم» بجمود 

_ مش قلقان . بس لازم نفكر صح عشان نخلص منه المرة دي . كفاية اوي كدا . 


«صفوت» بغموض

ـ طب احنا كدا المفروض نخرج من المستشفى عشان نقدر نكمل اللي بدأناه . 


«سالم» بخشونة

ـ نطمن على سليم الأول و بعدين نخرج ، و اول ما هو يبتدئ يتحرك هناخد احنا الخطوة الجاية . 


«صفوت» باستفهام

_ سليم لسه مطلعش من العناية المُركزة بردو؟ 


_ لا . الحمد لله حالته مُستقرة بس هو في أمان هناك اكتر . الدكتور طمني بس في حاجه قلقاني أوي . 


«صفوت» باستفهام

_ حاجة أيه ؟ 


ما أن أوشك أن يُجيبه حتى سمع نداء المُمرضة من خلفه 

_ سالم بيه . 


التفت «سالم» يُناظرها قائلًا 

_ نعم . 

المُمرضة بحرج 

_ اخو حضرتك فاق . بس …. 


«سالم» باستفهام خشن

_ بس ايه ؟ حصل حاجه ؟ 


تدخلت «فرح» الآتيه من الخلف قائلة بمرح

_ بس مش عايز يقابل حد دلوقتي.

اقترب منها «سالم» وهو يحمل طفله من بين يديها ليحتضنه بحب قبل أن يقول باستفهام

_ يعني ايه مش فاضي يقابل حد ؟ هو قالك كده ؟


تجاهلت استفهامه وقالت بحبور

_ اذيك يا عمو عامل اي؟ 


«صفوت» بود 

_ اذيك يا فرح . حمد لله على سلامتك. 


«فرح» ببشاشة

_ الله يسلمك . 


التفتت الى« سالم» الذي قال باستفهام

_ في ايه يا فرح ؟ 


اقتربت منه قائلة بخفوت

_ مش فاضي يا سالم . مش لازم تستفسر يعني.  


قطب جبينه بعدم فهم فصاح «صفوت» ساخرًا

_ هتلاقي أخوك خاربها في العناية المُركزة يا عم مش فاضي يشوف حد . 


أخفضت «فرح» رأسها خجلًا وهي تحاول قمع ضحكاتها بينما «سالم» ابتسم بهدوء و قال بتهكم

_ ربنا يستر عليه و مروان ميشوفهوش ، و إلا هيخلي فضيحته بجلاجل.  


«صفوت» بسخرية 

ـ دا مروان اللي هيزعل اوي لما يعرف اللي حصل لجوهرة . 


تنبهت «فرح» وقالت باستفهام

_ ليه هو ايه اللي حصلها؟ 


«صفوت» بمزاح

_ همت رنتها علقة محترمة . 


ابتهجت ملامحها و ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتيها بينما اندفعت الكلمات من بين شفاهها 

_ بجد يا عمو ! 


التفت «سالم» يُناظِرها بخُبث تجلى في نبرته حين قال

_ ومالك فرحانه اوي كدا ؟ 


سُرعان ما تداركت الأمر و محت تلك البسمة العريضة من فوق شفتيها ليمنعها رنين هاتف «صفوت» من إجابته فتراجع الأخير ليُجيب على هاتفه فالتفتت قائلة بكبرياء و تعالي

_ لا وانا هفرح ليه ؟ انا بس استغربت . 


اقترب منها قليلًا وهو يحين رأسه بجانب رأسها قائلّا بعبث

_ طب عيني في عينك كدا يا أم سليم . 


ارتسمت بسمة تشفي على شفتيها و هي تقِر مُعترِفة

_ بصراحة فرحانه لدرجة أن عايزة ابوس عمتو همت من بقها . اينعم كان نفسي انا اللي اديها العلقة دي بس يالا المهم انها خدتها . 


عض على شفتيه من تلك المرأة التي يعشقها فها هي تُظهِر أنيابها بشراسة تروق له كثيرًا لذا قال بعبث

_ طب ما تديني انا البوسة دي وانا وعد مني هخليكِ تديها بدل العلقة عشرة. 


زحف الخجل إلى وجنتيها ليضفي عليها حمرة رائعة مع تلك الابتسامة الجميلة التي زينت محياها وحين أوشكت أن تجيبه صدحت صرخات الطفل لتقوم بأخذه من بين ذراعي «سالم» وهي تقول بمُزاح

_ بتغيري على مامي ياروحي . لا متزعليش مش هبوس حد غيرك .


«سالم» باستنكار

_ ازاي دا ؟ اعملي حسابك انا عايز اخ لسليم في اقرب وقت .


«فرح» باندفاع

ـ يبقى اكيد مش مني .


«سالم» بمكر


_ ماشي براحتك هشوف جوهرة كدا رأيها ايه في الموضوع دا .


«فرح» بشراسة

_ والله ! طب جرب كدا وانا مش هخليك تشوف تاني أصلًا


ابتسم بمرح قبل أن يقول بوقاحة

_ احبك وانت شرس كدا .


أخذت تتلفت حولها و قد غمرها الخجل من كلماته العابثة لتنهره قائلة

_ سالم بطل احنا في المستشفى. 


أجابها بنبرة مُشتاقة

_ وحشتيني . 


«فرح» بخجل

_ مانا معاك اهو . 


_ الحمد لله انك معايا.  


أجابته بمرح

_ على قلبك العمر كله يا..


قاطعها بصرامة

_ اياكِ تكمليها 


استفهمت باندهاش

_ ليه كدا ؟


«سالم» بخشونة 

_ عشان مش ضامن نفسي واحنا قدام الناس كلها . اه صحيح قوليلي سليم مش فاضي بيعمل ايه ؟ 


أجابته بخفوت

_ عيب على فكرة ! 


برقت عينيه وقال باستنكار

_ عيب ! هي وصلت للعيب ؟ دا يومه مش معدي دانا هطربق المستشفى على دماغه.


«فرح» بلهفة

_ لا انت فهمت ايه ؟ هو بس نايم و جنة جنبه . 


«سالم» باستنكار 

_ لا والله ! بس كدا ؟ احنا نروح احسن بلاش فضايح . 


تقدم الطبيب من كليهما ليقول موجهًا حديثه إلى« سالم»

_ سالم بيه . لو سمحت عايزك 


تقدم «سالم» من الطبيب قائلًا باستفهام 

_ في ايه يا دكتور؟ 


_ الست اللي اسمها نجيبة دي عماله تهلوس بكلام مش مفهوم ، مفهمتش منه غير اسم سالم ، و كلام كتير تاني مش قادر افسره .


تحفزت جميع حواسه وقال بخشونة

_ طب انا ممكن اشوفها ؟ 


الطبيب بأسف

_ مش هينفع خصوصًا أن في ناس متهمينك بقتلها . 


_ طب و الحل ؟ واضح انها عايزة تقولي حاجه ، و انت شوفت منظرها جاير متتحملش لحد ما هما يستجوبوها . 


صمت الطبيب لثوان قبل أن يقول 

_ طب تعالى معايا . 


تبعه «سالم» ليتوجه اليها بعد أن ارتدى ثياب أحد الأطباء حتى لا يتعرف أحد إلى هويته ليدلف أخيرًا إلى غرفتها فقال بنبرة خشنة

_ نجيبة . 


بشق الأنفس التفتت تناظره فهاله مظهرها المُريع فقد كانت ملامحها مشوهه بالكامل ولكنه حاول إبقاء عينيه عليها وهو يقول بلهجة جافة

_ ليه عملتي كدا في فرح ؟ 


حاولت اخراج صوتها بصعوبة حين قالت 

_ سـ . سـها..م !


توقفت الدماء بعروقه حين سمع حروفها التي تحمل إسمًا واحدًا لم يُخطيء في فهمه 

_ سهام !


اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي، أَنْتَ الحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ♥️


★★★★★★★★★


_ ما لسه بدري ! 


التفت «عُدي» إلى مصدر الصوت القادم من هذا الرُكن المُظلِم ليجد «ساندي» التي كانت تنتظره و على وجهها إمارات الغضب فاقترب منها بعينين يرتسم بهم العبث الذي تجلى في نبرته حين قال

_ ايه احنا هنبتدي في نكد الستات دا من اولها ولا ايه ؟ لا يا عم متفقناش على كدا . 


لا تبتسم ولم تروق لها مزحته فقد كانت تعيش الجحيم طوال الأيام المُنصرِمة وهي تراه يبتعد عنها فلم تعُد تراه كثيرًا يخرج في الصباح ولا يعود إلى في منتصف الليل . لم يعُد يُمازِحها و توقف عن السؤال عن أحوال والدها فبدأ القلق ينهش في داخلها و لم يعُد قلبها يتحمل ذلك الألم الدامي و هذا الرُعب الذي سيطر عليها من فاجعة فراقه أو أنه سأم منها و وجد أخرى تُعطيه ما تمنعه عنه. 

أجابته بلهجة جافة 

_ انا مبهزرش . ممكن اعرف بتروح فين و بتتأخر بره ليه كدا ؟ 


اقترب منها «عُدي» حد الخطر وهو يقول بهسيس جعل دقاتها تتقاذف بين ضلوعها 

_ وحشتك ؟


تراجعت خطوتين لتبقى في منطقة الأمان لـ تقول بتلعثُم 

ـ جاوبني لو سمحت .


كان يأكل الخطوات التي تُبعِدها عنه وهو يقول بصوتًا اجش

ـ لو مجاوبتنيش أنتِ مش هجاوبك .


ضاقت ذرعًا بما يُمارسه من سحر على جميع حواسها لذا قالت بانفعال 

_ عُدي .


كان انفعالها دليلًا على بداية انهيارها لذا تابع بإلحاح وهو يُثبت عينيه على خاصتها

ـ وحشتك ؟


كانت أضعف من أن تُقاوم شُعاع السِحر المُطل من عينيه و قد تجمع كل شيء ضدها بداية من ذلك الشوق الضاري الذي يجيش بصدرها إلى قربه منها بهذا الشكل إلى خوفها لتقول بخفوت 

_ وحشتني .


هسهس قائلًا 

_ قد ايه ؟ 


عاتبته عينيها أولًا حين قالت بنبرة مُشجبة 

ـ كتير اوي لدرجة أن قلبي بقى يوجعني من طول غيابك .


اختلطت أنفاسهم حين اقترب يحتضن ذراعيه بيديها قبل أن يقول بحنو 

_ سلامه قلبك من أي وجع. ينفع قلبك يوجعك وانا موجود. طب الناس تقول عليا ايه ؟ 


قال جملته الأخيرة بمُزاح ليُقلل من انفعالها الذي كان يتجلى بوضوح على ملامحها لتُعاتبه قائلة 

ـ بطل هزار . 


_ طب اضحكي وانا ابطل. 


عاندته قائلة بغنج

_ مش هضحك . 


لون الخبث نظراته و لهجته حين قال 

_ هزغزغك . 


ارتعدت و حاولت الإفلات من بين براثنه وهي تقول بتحذير

_ اياك.


لم تكد تُكمِل الكلمة حتى اندفع ينفذ تهديده وهي تتلوى بين يديه و صوت ضحكاتها بملء المكان لتحاول الفِرار منه وهي تصيح قائلة 

_ خلاص يا عدي مش قادرة.  


سقطت فوق الأريكه وهو بجانبها يتخبطان بضحكاتهم الرائعة لتحاول أن تعتدل فتجد نفسها قريبة منه حد الخطر إلى أن تلامست أنوفهم و أضحت عينيها في مواجهة مُباشرة مع خاصته التي دكن لونها و ضاقت حدقتاها مما يُنزِر بأن الخطر قادم و قد تجلى بلهجته حين قال

_ ساندي . انا مبقتش قادر ابعد عنك اكتر من كدا . 


كانت لحظة خاطفة تتوسل عينيها بأن تُعطيه الإذن بالولوج إلى جنتها التي يشتهيها بكُل جوارحه و لدهشتها قد كانت تتمناها هي الأخرى . غيبتها نظراته عن الواقع و حجب شوقها اليه صوت العقل لتقول بنبرة خافتة 

_ ولا انا قادرة تبعد عني أكتر من كدا .


برقت عينيه للحظة قبل أن يقول باستفهام

_ كلامك دا معناه خطير اوي.


باغتته حين قالت بهمس

_ عارفه ، و موافقه . 


فُتِحت ابواب الجنه على مصرعيها فلم يستطِع سوى أن ينغمس في نعيمها بلا هوادة فقام بحملها كالعروس وعينيه تُعانِق خاصتها و تُحيطها بسحر الهوى الذي يجيش بصدره تجاهها فتوجه إلى غرفتها ليضعها فوق مخدعها وهو يقول بصوتًا أجش

_ انا عشت طول عمري اتمنى اليوم اللي تبقي فيه مراتي و في حضني . اوعي تبعديني عنك تاني . 


لم ينتظر حتى يستمع إلى إجابتها بل اندفع يرتشف من شهد عشقها و يرتوي بريقها العذب و قلبه يترنح فرحًا بعد أن أتم اكتمالهم روحًا وجسدًا ليقضي بحنانه على جميع هواجسها و يقتلع جذور الخوف من قلبها و يزرع بتلات العشق بصدرها لتنتهي ليلة بألف ليلة و ليلة عاشت بها أروع اللحظات برفقته بعد أن خلعت عنها ثوب الضعف و أسلمت نفسها و روحها له لـ يجعلها تحيا معه من جديد بعد أن ظنت بأن الحياة بداخلها ماتت و أنها مجرد جسد مشوة لا يحق له سوى العذاب فإذا بها يُلثٌم كل ندوبها و خدوشها و كأنه يُخبرها بأن كل تلك الندبات لا تُزيده إلا ولعًا بها فتضاعف عشقه بقلبها للحد الذي جعلها تفتقد وجوده صباحاً و تشعُر بالوحشة حين وجدت السرير خاليًا من دفء حضوره لـ تجتاحها موجه من خيبة الأمل كونه تركها في الصباح بعدما حدث بينهم البارحة و إذا بها تسمع صوت هاتفه يصدح في الخارج فابتهج قلبها كثيرًا و تحاملت على آلام جسدها لتقوم و ترتدي قميصه المُلقى فوق أرضية الغرفة حاله كحال كل محتوياتها لتندفع إلى الخارج و منه إلى المطبخ بعد أن اشتمت رائحة شهية و ما أن كادت لتخطوا خطوة واحدة إلى الداخل حتى أصابها طلق ناري في منتصف قلبها حين سمعت كلماته الهامسة

_ متقلقيش يا روحي مقدرش أتأخر عنك أبدًا .




بسم الله الرحمن الرحيم 


الأنشودة السادسة و الثلاثون ج٢ 🎼 💗 


طوال سنوات عمري الماضية و أنا أظُن بأن تِلك الجُدران التي تُحاوطني هي بيتي . إلى أن أتت عيناكِ فإذا بي أستكين إلى جوارها و أحيا آمنًا بين دفء سلامها لـ أُدرك حينها ان عيناكِ هي البيت ، و الموطن ، و الحياة بأكملها ..


نورهان العشري ✍️ 


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


بكل ما أوتيت من عشق أتمنى لو أنني لم ألتقِ بك أبدًا . 

المؤلم في الأمر أنني قد اعتدت على الخوف طوال حياتي حتى بات صديقًا لا يُبارحني و رفيقًا لا يخذلني . إلى أن جئت أنت لـ تجعلني أتذوق معنى الطُمأنينة التي لم أجرؤ على تمنيها يومًا ، و لكن الآن عادت سفينتي مرة أخرى تتأرجح في مياة الخوف و الحيرة المُرفقة بآلام يصعُب وصفها ، وأصبحتُ أنا في مأزق كوني لا أستطيع تجاوز ذلك الشعور الرائع الذي اختبرته معك ، ولا أستطيع التأقلم على خوفي مرة أخرى ، فياليتك ظللت بعيدًا ، وياليت قلبي لم يتمرد علي لأجلك ، و ياليت الزمن يعود للوراء فـ سأتجاوز كل طريق قد يجمعني بك لـ أنجو . 


نورهان العشري ✍️ 


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


استقرت جملته في منتصف قلبها لـ تجعلها تستند على الحائط فقد اجتاح جسدها موجة وهن قوية بينما عقلها يتردد بداخله استفهام مؤلم لم تستطِع الإجابة عليه كيف و تلك الإجابة تعني هلاكها . 

_ لماذا انتشلتني من الجحيم إن كنت تنوي أن تُعيدني إليه مرة أخرى ؟ 


لم تحتمل أن تسمع كلمة واحدة لـ تتسند على الحائط كي تعود إلى غرفتها بأقدام مُرتعِشة و خطوات مُتعثرة لـ يتكالب عليها كل شيء و يتعاظم الألم بصدرها حين شاهدت آثر برائتها التي جاهدت و حاربت للحفاظ عليها وقد كلفها ذلك الكثير من الويلات لتُهديها على طبق من ذهب إلى هذا الخائن ! 


تسطحت على مخدعها بهدوء يُخفي الكثير خلفه لـ تتدثر بالأغطية حتى تحجب عنها رؤية آثار ليلة قضتها بالجنة التي كانت بوابة عبورها للجحيم مرة أخرى .

انتفضت كل خلية بها حين سمعت صوت خطواته تقترب فإذا به يتوقف أمامها لتشعُر بأنفاسه الساخنة تقترب منها ليُلثِم جبينها بتمهُل أكثر من مُرهِق على قلبها الذي كممت صرخاته بشق الأنفُس و قد مرت الثواني ثقيله إلى أن اعتدل ليتوجه إلى خزانة الملابس وهو يُدندن لحنًا عاطفيًا فما زادها ذلك إلا ألمًا لم تستطِع تجاوزه فبكت بصمت كعادتها منذ أن كانت طفلة ، و لكنها سُرعان ما محت عبراتها حين سمعت كلماته العابثة

_ سوستي . بطلي استعباط انا عارف انك صاحية . 


حاولت أن تكُن طبيعية فاعتدلت في نومتها لتجلس نصف جلسة وهي تقول بنبرة مُتحشرجة

ـ صباح الخير.  


اقترب منها و عينيه تُحيطها بشُعاع من الحُب جعل قلبها ينتفض مُتلهفًا لأي شيء قد يمحي ذلك الوجع اللعين من صدرها الى أن وصل أمامها قائلاً بلهجة شغوفة 

_ قولي صباح الورد . صباح الحب . صباح كل حاجه حلوة على أحلى حاجه في حياتي . 


_ أيُعقل أن يكُن كاذب ؟ 


هكذا ردد عقلها و هي صامته تناظره بعيني بهما توسل خافت لم يفهمه و خاصةوانه كان مشغول بنثر عشقه فوق كتفها العاري ليرفع رأسه أخيرًا وهو يقول بصوتًا أجش

_ حاسة بأيه ؟ 


لم تعرف بماذا تُجيبه ولم تفلح في إخماد الحرائق بقلبها لذا جاءت لهجتها جافة حين قالت 

_ مصدعة شوية . 


توسعت عينيه من فرط الصدمة التي تحولت إلى حزن تجلى في نبرته حين قال

_ أنتِ ندمانه عاللي حصل بينا ؟ 


تود إطلاق العِنان لـ صرخاتها لإستفهاماتها لوجهها ولكنها قررت أن تصُم أذنها عن لوعة قلبها حتى تصل إلى الحقيقة فقالت باستهلال

_ يمكن نكون اتسرعنا شويه . 


اظلم عالمه الوردي لحظة نطقت بتلك الجملة فاقترب يضع قبلة سطحية فوق جبتها ثم تراجع ليقول بنبرة جامدة 

_ اتسرعنا أو لا اللي حصل خلاص حصل.


وثب قائمًا ليُتابع ارتدائه لملابسه فلم تستطِع منع تدفق الحروف من بين شفتيها

_ أنت رايح فين ؟ 


«عُدي» بجمود

_ مشوار مُهم . مش هتأخر . 

التفت اليها بنبرة يشوبها العتب

_ بس لو عايزاني اتأخر مفيش مشكلة . 


اشتبكا معًا في مُحادثه صامتة فق كانت العيون في حديث شائك لم تفلح الكلمات في وصفه و لكن قطعه «عُدي» وهو يتوجه للخارج قائلًا 

_ لو احتاجتي حاجه كلميني . 


مر بعض الوقت قبل أن يُغادر المنزل و فجأة انتابها شعور قوي بنفض كل ذلك الألم وقطع الشك باليقين فهذا الألم أن انصاعت له سيُجهِز عليها . لذا بسرعة البرق بدلت ملابسها و هرولت للخارج لا تعرف إن كانت ستلحق به أم لا ؟ و لكنها لم تستطِع البقاء أكثر ، و من حسن حظها كان ينتظر أحد السيارات التي طلبها عن طريق أحد تطبيقات الهاتف لتندفع هي الأخرى و تستقل أحد سيارات الأجرة بعد أن أخبرت السائق أن يسير خلف سيارته . 


مر وقت ليس بكثير إلى أن وصل إلى المكان المنشود لتتوجه خلفه ولكن على بعد كافي لكي لا يراها و هنا جاءت الصدمة قاسية حد الفاجعة التي ضربتها حين شاهدت تلك الفتاة الرائعة الجمال التي ما أن رأته حتى تعلقت بعنقه بطريقة توحي بأنها حبيبته . 

كانت كلمة قاسية بل مُريعة على قلب عاشق حد الألم غاضب حد الوجع الذي تسرب إلى سائر جسدها فلم تعُد قادرة على الصمود أكثر لذا جرت أقدامها و توجهت لسيارة الأجر التي لازالت بانتظارها فتجاهلت كلمات السائق الممتعضة

_ اي يا ست ؟ ما تديني حسابي عايز اروح اشوف شغلي . 


اكتفت بجملة بسيطة جاءت بنبرة جافة مُتحشرجة

_ روحني بيتي و هديك اللي انت عايزه . 


السائق باستفهام

_ اوديكِ المكان اللي جبتك منه ؟ 


صرخت بلهفة 

_ لا . دا مش بيتي . 


تساقطت عبراتها وهي تُملي عليه عنوان بيت والدها فقد ضاقت بها الأرض و لم تعُد تعرف إلى أين تذهب ؟ فوجدت نفسها في طريقها إليهم بأقدام مُثقلة بالخيبة و أكتاف مُتهدلة من فرط الوجع فقد عادت مرة أخرى بحال أصعب بكثير من ذلك الذي غادرت به و كأن الألم كُتِب على جبينها ابد الدهر .


دقت جرس الباب بايدًا مُرتعِشة لتمضي عدة ثوان قبل أن تفتح «منال» الباب لتتفاجأ بها تقف بتلك الهيئة المُزرية تنتفض كطفل صغير ضائع يبحث عن مأوى

_ لو قولتلك اني معنديش اي مكان اروحلة غير هنا هتشمتي فيا و تقوليلي أنتِ اللي مشيتي ؟ 


اخترقت كلماتها قلب «منال» التي انتفضت حتى تدفق الدمع من مآقيها و هتفت بلهفة

_ يا نور عيني يا بنتي . مين دي اللي تشمت فيكِ ؟ دا أنتِ حتة من قلبي يا ساندي .


كانت جملتها القشة التي قصمت ظهر البعير فأطلقت العنان لـ عبرات غزيرة فاضت بها عينيها فصرخت بقهر قبل أن ترتمي بين ذراعيها 

_ انا بموت يا ماما . احضنيني .


★★★★★★★★★


مرت ليلة طويلة كسابقتها رفيقها القلق و الحيرة و لكن تلك المرة كان الأمر مُختلف فقد قضى الليل يُفكِر كلمات تلك المرأة التي حتمًا لن تكذِب وهي على فراش الموت 


عودة لليلة السابقة 


_ أنتِ بتقولي ايه ؟ سهام مالها؟ 


أخذت الحروف على شفتيها اللتان كانت حروفهم مُريعة 

_ هـ . هي . س. سهام . مـو . موتها..


«سالم» باستفهام

_ سهام هي اللي حاولت تموت فرح ؟ 


أغمضت عينيها بألم و هزت رأسها هزة بسيطة فتابع« سالم» يحاول استخراج الحقيقة منها بأي طريقة 

_ طب بلاش تتعبي نفسك انا هسأل وأنتِ بس حركي ايدك حركي راسك اللي يريحك بـ أه أو لا.


إيماءة بسيطة من رأسها جعلته يندفِع قائلًا 

_ سهام في خطر ؟ 


نجيبة بخفوت 

_ كـ . كا . كانت . 


«سالم» بجفاء

_ يعني ايه كانت ؟ ناجي عايز يقتلها ؟ 


اومأت برأسها بمعنى لا و حين أوشك على الحديث سمع صوت صفير الإنذار الذي يوحي بأن القلب توقف عن العمل وهنا تدخل الطبيب والممرضات لمحاولة إنعاشها بينما خرج« سالم» وهو يُطلِق زفير قوي يُعبِر عن مدى غضبه لعدم استطاعته معرفة الكثير منها ليخرُج الطبيب بعد وقت قصير ليقول بوجه جامد 

_ للأسف توفت . 


زفر «سالم» قبل أن يقول بخشونة 

_ انا لله و انا اليه راجعون. 


عودة للوقت الحالي 


_ حبيبي صباح الورد . 


اخترقت نبرتها الحانية ضجيج افكاره لـ يشعر بشيء من السكينة تجتاح عالمه فالتفت ليتطلع إلى هيئتها الجميلة و ضحكتها الرائعة فمد يده لـ يجذبها حتى تجلس بجانبه قائلًا بنبرة خشنة

_ صباح الفرح . 


مازحته قائلة

_ بالوش الخشب دا معتقدش . 


ابتسم على مُزاحها فهتفت بمرح 

_ ايوه اهو كدا ممكن . اضحك للدنيا تضحكلك يا باشا. 


كلماتها و مُزاحها كالمِصباح الذي أنار عالمه و أعطاه دفعة قوية من الأمل ليقول بنبرة خشنة


_ الباشا حياته بتنور بوجودك . 


«فرح» بحنو

_ ما قولنا على قلبك العمر كله ، ولا انت بقيت تنسى اليومين دول ؟ شكلك بتحب جديد ولا ايه ؟ 


قالت جملتها الأخير بمُزاح فأجابها بتهكُم

_ لا يا حبيبتي دا مش من الحُب دا من الكوارث اللي عماله تهل علينا.  


شددت من احتواء كفوفه بين يديها وهي تقول بمؤازرة

_ أنت قدها ، و أن شاء الله كل حاجه هتتحل . ربنا مش هينسانا أبدًا . 


أومأ برأسه قائلًا بخشونة

_ أن شاء الله . إلا قوليلي يا فرح . هو حصل ايه في اليوم دا ؟ 


لم يذكُر ذلك اليوم السيء من فرط ما يحمله من أذى لقلبه وقد تفهمت هذا ذلك فقالت بنبرة هادئة 

_ أبدًا والله كان يوم جميل من أوله و مكنش في أي حاجه . انا بس كنت حاسة بشوية تعب كدا ، و مكنتش باكل حلو بقالي يومين ، فـ ماما أمينة و سهام أصروا اني اعوض قلة أكلي باللبن و العصاير ، و اليوم دا تحديدًا مفيش حاجه كانت ثابتة في بطني لحد ما ماما جابتلي كوباية لبن .


صمتت لثوان قبل أن تهتف قائلة 

_ و على فكرة عملنا زي ما انت قولت . سهام راحت المطبخ طلبت منهم كوباية لبن ليها هي مقالتش لفرح خالص و حد من الخدامين جابها لماما أمينة و أصرت اني اشربها و شربتها و طلعت فوق اوضتي ، و بعدها جت دادا نعمة و جابتلي عصير شربت منه بق واحد و نمت صحيت على وجع صعب اوي ، و مش فاكرة حصل ايه بعدها . 


إذن ف«سهام» من طلبت الحليب من أجلها وهذا يزيد من احتمالية إدانتها لذا زفر «سالم» بقوة قبل أن يقول باستفهام

_ فرح أنتِ عارفه اني بثق في رأيك و في حكمك على الناس . ممكن اعرف ايه انطباعك عن شخصية سهام ؟ 


نبش القلق دواخلها فقالت باستفهام

_ عنيك بتقول كلام كتير يا سالم و سؤالك دا وراه كتير ممكن افهم في ايه ؟ 


قص عليها ما حدث مع «نجيبة» ثم اختتم حديثه قائلًا بجفاء

_ الموضوع حساس بسبب صفوت . بس ميمنعش اني لازم هعرفه احنا في وقت خطير. الغلطة فيه هتكلفنا كتير . 


«فرح» باستفهام

ـ سالم انت بجد مصدق أن سهام ممكن تكون بتساعد ناجي لا و تحاول تسممني ؟ 


«سالم» بفظاظة

ـ الموضوع مالوش علاقة بالمشاعر يا فرح . على الرغم اني من جوايا مستبعد الفكرة اصلًا بس لازم نحط كل الاحتمالات ، و بعدين الست دي مش هتكذب وهي بتموت . 


«فرح» في محاولة للتخفيف عنه 

_ طيب تعالى نحسبها واحدة واحدة . انت ليه مستبعد أن سهام ممكن تساعد ناجي ؟ بدل الموضوع مش موضوع مشاعر يبقى اكيد عندك أسباب قوية 


أجابها باختصار

_ ساعدته قبل كدا ، و شافت عواقب غلطها ، فاستحالة تكرره .


«فرح» بلهفة

_ ضيف عليهم أن سهام حامل.  


«سالم» باندهاش

_ ايه ؟ حامل ! 

«فرح» بتأكيد 

_ حامل ، و محدش يعرف لسه حتى صفوت . قالتلي الموضوع دا في اليوم اللي ولدت فيه . 


«سالم» بتفكير

_ و دا سبب تاني يخليني استبعدها . بس هيحط احتمال تاني قدامي . أن ممكن تكون هي المقصودة بالقتل مش أنتِ . 

_ تصدق ممكن ، و خصوصًا أنها قالت إن اللبن ليها . يعني اللي حط السم كان قاصد يأذيها هي.  


«سالم» بفظاظة

ـ انا كدا لازم اتكلم مع صفوت ، و نشوف هنعمل ايه ؟ 


_ و صفوت جالك اهو بنفسه. 


هكذا أتاهم صوت «صفوت» من الخلف فالتفت الثنائي لرؤيته فألقى عليهم تحية الصباح قبل أن يقول بمُزاح

_ شكل في مصايب عالصبح اشجيني . 


ابتسامة سخرية ارتسمت على ملامح «سالم» قبل أن يقول بتهكم

_ و مالك بتقولها و انت مُبتسم كدا ؟ 


«صفوت» بسخرية 

_ خلاص خدت مناعة من المصايب . ماهي مرفقاني من اول حياتي . اللي عنده أخ بالشكل دا لازم المصايب تبقى جزء من يومه ! 


استأذنت «فرح» بحرج لتتوجه إلى الداخل فقال «سالم» بخشونة

_ طب بمناسبة المصايب فاحتمال كبير اوي أن نجيبة كانت قاصدة تقتل سهام بالسم دا مش فرح . 


«صفوت» بصدمة 

_ ايه ؟ 


قص عليه «سالم» ماحدث مؤخرًا من أحداث ليثور «صفوت» غاضبًا

_ الحقيرة بنت ال…


قاطعه «سالم» بفظاظة 

_ بقولك ماتت يا صفوت . خلاص . ربنا اللي هيحاسبها. خلينا في موضوعنا . 


«صفوت» بحنق

_ انت متعرفش الكلبة دي عملت ايه؟ 


«سالم» باستفهام 

_ عملت ايه ؟ 


«صفوت» باشمئزاز

_ دي عرضت نفسها عليا . 


_ نعم ! 


«صفوت» بحنق

_ ايوا . أول يوم جينا فيه اسماعيليه سهام قالتلها أنهم هينزلوا و أن مفيش في القصر غيري . على أساس تتحرج و تخرج معاهم عشان نعرف نركب الكاميرات في اوضتها لكن الهانم رفضت و بعد ما نزلوا اتفاجئت بيها جيالي وانا في المكتب ، و قعدت ترغي بكلام معجبنيش و طريقتها كلها كانت مكشوفة بس انا عملت عبيط عشان نقدر نكمل خطتنا . لكن متوقعتش أنها توصل بيها الحقارة لدرجة أنها تقتل سهام . 


«سالم» بسخط 

_ دي مجرد تخمينات . الإجابة الأكيدة عند جوهرة ، و عشان كدا هنروح النهاردة لازم نبدأ نتحرك .


★★★★★★★★★


كانت نائمة فوق غيمة وردية تحملها و تطوف بها في سماء الحب الذي أخذ ينثره فوق قسمات وجهها الصبوح وهو لا يُصدِق أنها بجانبه بل بين يديه . 

اشتاق لـ سماءها اللامعة و لنجومها الامعة فأخذ ينفخ بتؤدة على وجهها يُشاكسها لتستفيق فأخذت تتململ في نومتها وهي تشعُر بهواء ساخن يُداعب ملامحها إلى أن فتحت عينيها بتثاقُل لتصطدم بعينيه التان يعكسان مدى العشق الذي يجيش بصدره تجاهها 

_ أخيرًا فتحتي عنيكِ . 


ايقظها صوته من غفلتها و شهقت بصدمة

_ سليم انت صحيت ؟ انت كويس ؟ طمني عليك ..


قاطعها حين بتر حديثها ليستمتع بمذاق الحروف من بين شفاهها فدام التحامهم لوقت قصير ليفصله وهو يُناظرها بعشق تجلى في نبرته حين قال

_ اتأكدتي أن انا صحيت ؟ 


أضرمت فعلته نيران الخجل في وجنتيها لـ تتلون بحمرة قانية ضاعفت فتنتها ليتضخم صدره من فرط التأثُر والإعجاب الذي تبلور في عينيه لتدفن رأسها بصدره وهي تقول بخفوت

_ سليم . ايه اللي بتعمله دا ؟ 


تهكم قائلًا

_ سليم مش فيه نفس يعمل حاجه يا جنة ارفعي راسك يا حبيبتي أنتِ في امان . 


ضحكة رائعة خرجت من بين شفاهها قبل أن تقول بمُزاح

_ قليل الأدب حتى وانت تعبان . 


«سليم» بنبرة موقدة

_ طب اعمل ايه في قلبي اللي مش بيرتوي غير و أنتِ في حضني . بتوحشيني اوي يا جنتي. 


لم تكد تُجيبه حتى سمعوا صوت طرق على باب الغرفة فـ اعتدلت «جنة» لتصبح جالسة فجاءهم صوت «مروان» الذي قال بمُزاح 

_سلومنتي الغالي …


صُدِم حين وجد «جنة» تجلس بجانبه فقال باندهاش

_ أنتِ يا بنتي ايه اللي جايبك هنا من النجمة كدا ؟ دا عم بلال بتاع اللبن لسه نايم . يخربيتك هلاقيها منك ولا من اختك مش عارف اتلم على ولاد عمي منكوا ؟ 


ناظرته «جنة» باستخفاف تجلى في نبرتها حين قالت

_ والله يا مارو مش عايزة احرجك و اقولك أن ولاد عمك لو طايلين يتبروا منك هيعملوها . 


ابتسم «سليم» على حديثها فاقترب «مروان» قائلًا بمكر

_ بتضحكي يا بيضا ؟ عاجبك الزرافة اللي بتدلدق منها . عقلة الأصبع طلعلها لسان و بقت تتكلم. 


«جنة» بانفعال 

_ عقلة أصبع في عينك . على أساس انك طويل اوي! 


«مروان» بسخرية

_ أكيد . اي حد بالنسبالك طويل يا جنة . أنتِ ازاي مش واخدة بالك .

لم يستطع «سليم» أن يقمع ضحكة اكثر فصاح «مروان» قائلًا بامتعاض

_ مانت زي القرد و بتضحك اهو . اومال مشحططنا معاك ليه و مقعدنا في المستشفى ياراجل دا احنا عفننا هنا . 


تعالت ضحكات كُلًا من «جنة» و «سليم» الذي قال بمُزاح

_ واد انت عينك مدورة و هي اللي جابتني الأرض . ارحمني مش ناقصك. 


«مروان» بتهكم

ـ ياخويا اتنيل انت هتتحسد على ايه يا حزين ! دا كفاية انك متجوز جنة . دا في حد ذاته يخلي أمة لا اله الا الله تشفق عليك . 


_ مالها جنة أن شاء الله يا سي مُرة ؟ 


هكذا صاحت «جنة» بانفعال قابلة «مروان» بالبرود حين قال

_ خلقة ربنا كلها كريمة يا جنة هنعترض.  


تدخل «سليم» لينهره

_ بس ياد انت. هو في زي جنتي ؟ 


«مروان» بتهكم

_ يا شيخ قول الحمد لله هي البشرية ناقصة كوارث .


اخذوا يتجاذبون أطراف الحديث إلى أن خرجت «جنة» لترى شقيقتها فاستغل «سليم» الأمر و تحدث إلى «مروان» قائلًا بقلق

ـ بقولك ايه يا مروان . انا عايز اشوف الدكتور. دراعي تاعبني اوي ، و في زي تنميل كدا 


حاول «مروان» تخفيف الأمر قائلًا 

ـ متقلقش دي شويه ذنوب و بتكفر عنها و هتبقى زي القرد . 


«سليم» باستفهام

_ تقصد ايه ؟ هو الدكتور قالكوا ايه ؟ 


اقترب «مروان» يحتضن كتفه قائلًا بحزن كبير

ـ سليم انت راجل مؤمن و عارف ان المؤمن مُبتلى . عايزك تكون جامد و متعترضش على قضاء ربنا.


هوى قلب «سليم» بين ضلوعه فقال بأنفاس متقطعة

_ في ايه يا مروان ؟ قولي متكذبش عليا .


«مروان» بأسف

_ للأسف يا سليم انت مش هتقدر تمشي على دراعك تاني !


صُدِم «سليم» من حديثه و قال بشفاة مُرتجفة

ـ بتقول ايه يا مروان ؟ يعني أنا اتشليت ! لحظة واحدة بتقول ايه ؟ 


لحظة توقف عن الحديث و قد وصل الى رأسه مُزاح ذلك الوغد فبرقت عينيه و صاح بغضب

_ امشي على رجلي ايه يا حيوان ! شايفني ايه قدامك ؟ 


«مروان» ساخرًا 

_ فصيلة نادرة و قبيحة من القرود . 


زفر «سليم» حانقًا فاقترب منه «مروان» يحاول تخفيف الأمر قائلًا بنبرة مُتزنة

_ خلاص هكلمك بجد . متقلقش الدكتور قال حصل قطع جزئي في العصب و دا له علاج و أن شاء الله بعد العلاج تبقى أحسن من الأول . احمد ربنا انت اتكتبلك عمر جديد 


«سليم» بعد أن اطمئن قليلًا 

ـ الحمد لله على كل حاجه . طمني كلكوا بخير. 


«مروان» بأسى 

ـ الكل بخير يا حبيبي زي القرود انا اللي مش بخير يا ابن عمي . 


«سليم» بامتعاض

_ أحسن. يارب تولع . 


_ هتغاضى عن كلامك دا عشان انت حاليًا مش قدي ممكن اديلك بوكس اغيرلك ديكورات وشك وانت مش ناقص تشويه في منظرك . 


«سليم» بحنق

_ اطلع ياد بره . 


تجاهل «مروان» حديثه قائلًا بحماس

ـ طب حيث كدا فسح بقى أما اقعد جنبك واحكيلك على معاناتي مع عمتك و عيالها اللي يجيبوا المرض.


★★★★★★★★★


_ صباح الخير .


هكذا تحدث «ياسين» الى« حلا» التي كانت تخرج من المرحاض بوجه شاحب قليلاً فأجابته بفتور

_ صباح النور . 


_ عاملة ايه دلوقتي ؟

تحدث بلهفة كي يحثها على الحديث فهي تتعامل معاه بفتور يُزعِجه خاصةً منذ أن أصر ذلك اليوم أن تأتي معه إلى مزرعتهم لكي ترتاح و تطمئن عليهم عن طريق الهاتف و قد كان صادقًا فهو بالفعل يخشى عليها من كل تلك العراقيل و الأزمات التي تمُر بها عائلتها و ياليتها تفهم ذلك . 

_ الحمد لله بخير . ياريت تقول للسواق يستناني على ما اجهز عشان اروح ازور ماما .


برودها معه و لهجتها الفاترة و طريقتها في التعامل طوال الأسبوع المُنصرِم كل تلك الأشياء جعلت أبخرة الغضب تتصاعد إلى رأسه فزمجر غاضبًا

_ و بالنسبة لكلام الدكتور و تحذيراته ! مش فارقين مع سيادتك في حاجه ؟ 


«حلا» في محاولة منها لإخماد الحريق قبل اشتعاله

_ أظن انا بقالي اسبوع نايمة في البيت و بسمع كلام الدكتور و الحمد لله حاسة اني بقيت أحسن ، و عايزة اطمن على أهلي و اقف جنبهم في الظروف اللي هما فيها ، و اظن انا مش بروح هناك اتبهدل ولا حاجه عشان تخاف عليا. انا بتشال عالراس وانت اكتر واحد عارف كدا .


اغتاظ من حديثها ليقطع الخطوات الفاصلة بينهم وهو يُمسِك بذراعيها يُشدِد عليهما وقد أظلمت عينيه و احتدت لهجته حين قال

_ هناك بتتشالي عالراس وانا هنا بقى ببهدلك ؟!


حاولت تجاهل غضبه و غضبها قدر الإمكان لتقول بلهجة هادئة

_ مقولتش كدا . قولت اني هناك الناس بتشيلني على راسها لا حد بيضايقني ولا بيزعلني


قاطعها حانقًا 

_ و احنا هنا اللي بنضايقك ! 


ضاقت ذرعًا من طريقته فقالت بنفاذ صبر 


_ بحاول اطمنك يا ياسين ، و مقولتش لا بتضايقني ولا بتبهدلني ولا انك بتعمل الاتنين بس انا صابرة و ساكته لحد ما اشوف آخرتها !


تركها بغتة بعد أن صدمه حديثها فهتف باستنكار

_ انا بضايقك و ببهدلك يا حلا ! 


وصل الأمر إلى ذروته فهتفت غاضبة مُتألمة

_ هو لما تطلع عيني عشان اروح اشوف اهلي ولا اكنك اشترتني دي مش بهدله ! لما كل مرة اجيبلك سيرتهم نتخانق و تحسسني انك هترميني في النار دا مش هيضايقني ! لما أول مرة اروح بيت اهلي بعد جوازي اروح لوحدي من غير جوزي دي مش قلة قيمة !


صمتت لثوان قبل أن تُتابِع بنبرة محرورة

_ لما أمي تبقى بين الحيا والموت و اخويا يقولك عايزين حلا تيجي تشوف والدتها و ترفض وانا اكبرك قدامه و احط كلمتك فوق كلمته واقوله مش هينفع اجي دلوقتي و تيجي بعد دا كله تذلني عشان اشوف أهلي يبقى دي مش بهدله و حرقة دم و أعصاب ! 


بهتت ملامحه من حديثها و تلك النبرة المُتألمة التي تشق قلبه إلى نصفين فلم يكد يتحدث حتى باغتته حين محت تلك الدمعة الهاربة من عينيها وهي تقول بلهجة جافة جديدة كُليًا عليها 

_ في كل خلاف بينا كنت بحاول على قد ما اقدر احتويك و افهمك و اتجنب اي مشكلة بينا عشان زعلك غالي اوي عليا بس انت في المقابل زعلي و خاطري تحت رجليك .


ـ حلا ..


لم تُفسِح له المجال للحديث حين أردفت بجفاء

_ أنا أشتريتك كتير اوي يا ابن الناس بس انا زي ما بدي لازم هاخد . زي ما عليا واجبات بحاول على قد ما اقدر ماقصرش فيها أنا ليا حقوق و مش متنازله عنها ، و اول الحقوق دي اني اروح اشوف اهلي في أي وقت . لو كان كلامي عاجبك يبقى تمام لو كلامي مش عاجبك يبقى تشوف أخواتي و كل واحد مننا يروح لحاله . 


حتى بأحلامه لم يتخيل أن حبيبته الرقيقة الجميلة ذات العينين الزمُرُدية أن تتحول لإمرأة قوية شرسة تتحدث و تُدافع عن حقوقها بل و تُخيره أما أن يقبل أو تُفارقه و قد جعله هذا الأمر يستشيط غضبًا فهتف بنبرة جافة حانقة 

_ بقى بتملي شروطك عليا يا حلا و بتخيريني كمان يا اقبل بيها يا كل واحد فينا يروح لحاله ! 


«حلا» بجمود 

_ انا مش بملي شروطي. انا بتكلم في حقوقي يا ياسين ، و أظن أن كل إنسان في الدنيا له حقوق على شريك حياته .


«ياسين» بجفاء

_ و لو الحقوق دي متناسبنيش ؟ و مش عجباني ؟ 


هاله ثباتها حين قالت بلهجة جافة

_ فكر كويس يا ياسين عشان الخطوة اللي هتاخدها مفهاش رجوع . انا هروح عند أهلي ، ولو موافق على كلامي هستناك تيجي تاخدني . اما لو لسه على رأيك فـ أنت عارف هتتصرف ازاي ؟ 


تجاوز الأمر حدود المسموح به بالنسبة إليه فما أوشكت على الإلتفات حتى أحكم قبضته الغير رحيمة على رسغها ليُديرها إليه وهو يُزمجِر بشراسة

_ هو انا تقريبًا اللي دلعتك زياده عشان لسانك يطول كدا ! بس لا يا حلا هانم احنا لسه فيها ، و زي ما عوجتك هعدلك . عايزة تروحي عند أهلك ؟ روحي ،و اقعديلك هناك سنة أو حتى عشرين بس ابقى شوفي مين هيسأل عنك ! 


لامس حديثه كبريائها حتى تأذى و خاصةً حين تركها بغتة وهو يفتح باب الغرفة ويصرُخ على أحد الخدم لـ تهرول إليه فقال بنبرة جافة

_ خلي شعبان السواق يجهز العربية و يطلع ياخد شنط الهانم . اصلها مطولة بره . 


لم تكُن تُريد ان يصِل الأمر إلى هذه الدرجة معه ولكنه تجاوز كل خطوطها الحمراء و نال من كبريائها بطريقة مؤلمه لذا تنحى كل شيء جانباً حتى ذلك العشق الضاري الذي تحمله بقلبها له لا تعلم بأن مقبرة دفنته لتصرخ بالخادمة بنبرة جافة قوية ثابتة

_ عبير . استني . 


رقص قلبه فرحًا حين سمع ندائها إلى الخادمة و قد ظن بأنها تراجعت عن قرارها بالرحيل ولكن أبى أن يُظهِر ذلك لتُفجِر لغمًا قاسيًا بقلبه مرورًا بكبريائه حين قالت

_ متتعبيش عم شعبان . بنت الوزان هتيجي بدل العربية ألف توديها عند أهلها . 


برقت عينيه حين سمع حديثها فتابعت بقوة

_ انا بقول متتعبش نفسك . أهلي هييجوا ياخدوني . احنا بردو بنعرف نعزز بناتنا يا دكتور ياسين . 


أنهت جملتها و تركته يتخبط ما بين الغضب والندم يناطحهم كبرياء أهوج أجبره على مغادرة المكان بأكمله و كأن مسٍ من الجنون طاله .


★★★★★★★★★★★


_ عاملة ايه دلوقتي ؟ 


هكذا تحدث «هارون» إلى «همت» التي ما أن رأته حتى تورد وجهها و شعرت بالحياة تعود لقلبها من جديد فقالت بلهفة 

_ بقيت كويسة بعد ما شوفتك.  


اقترب منها ليتربع بجانبها على السرير و يقوم بإمساك كفها ليقبلها باحترام وحب تجلى في نبرته حين قال

_ أن شاء الله تخفي و تقومي بالسلامة. 


«همت» بحب

_ بعد ما ربنا ردك ليا خلاص انا مبقتش عايزة حاجه من الدنيا يا حبيبي.  

اندفعت الكلمات من فمه بتوسل و لهفة

ـ بس انا عايز. عايز اعوض كل لحظة احتجتك فيها و مكنتيش موجودة. عايز أحس ان عندي أم بتحبني و تخاف عليا و تاخدني في حضنها . انا اتحرمت من كل حاجه حلوة وأنتِ مش جنبي . 


رغمًا عنه تساقطت عبراته فوق خديه وقد خلع عباءة الكبرياء جانبًا و عرى روحه أمام والدته و من غيرها يستطيع الإنسان أن يأمن بوجوده 

_ و هو كان عايز يحرمني منك الباقي من عمري . أصعب لحظة مرت عليا في حياتي لما قالي انك رمتيني . 


امتدت يديها تعانقه ليرسو بثقله فوق مرفآ صدرها الآمن وهي تقول بلهفة

_ محصلش . والله ما حصل . دانا افديك بروحي يا هارون . 


بكى قلبه قبل عينيه ليقول باحتياج و توسل

_ احضنيني اوي . انا ياما حلمت بالحضن دا ، و ياما اتمنيته . 


شددت من احتضانه بقوة وقد اختلطت مياة عينيها بمياة عينيه في نوبة انهيار قوية ذرف فيها الإثنان كل تلك المشاعر التي ظلت حبيسة في قلوبهم لسنوات إلى أن جاء ذلك الطرق على الباب ليجعل «هارون» يتراجع للخلف وهو يُكفكِف عبراته لتدخل« سما» وهي تقول بحبور

_ ايوا بقى مستفردين ببعض و مطنشينا خالص. 


_ بلاش اشبع من ابني حبيبي شويه . 


هكذا تحدثت« همت» ثم «هارون» الذي قال بمُزاح

_ و فين خطيبك المجنون ؟ 


ـ في المستشفى . كنتوا بتقولوا ايه بقى ؟ 


«هارون» بمُزاح

_ أسرار . 


«سما» بلهفة

_ أسرار بجد . بتخبي عليا يا همت ! لا انا زعلانه بجد . 


هنا دخلت «شيرين» التي كانت ملامحها شاحبة و عينيها و كأنها كانت تبكي بينما يديها تحتضن هاتفها و تضمه إلى صدرها فناظرها «هارون» بريبة لتقول بنبرة مهتزة 

_ ها . هارون . ينفع تيجي ثواني ؟ 


ابتسم «هارون» بهدوء قبل أن يستأذن من «همت» و «سما» ليخرج معها و يوصد الباب خلفه وحين أوشكت على الحديث أشار لها بالصمت ليقودها إلى غرفته ثم أغلق الباب خلفه ليقول آمرًا 

ـ هاتي تليفونك .


«شيرين» بصدمة 

_ هارون . 


«هارون» بلهجة آمرة

_ هاتي تليفونك ؟ 

اعطته الهاتف ليأتي إتصالًا هاتفيًا تولى هو إجابته 

_ معاك يا ناجي يا وزان !


★★★★★★★★★★


_ أخيرًا لقيتك لوحدك ؟ 


هكذا تحدث «سالم» الى« سليم» المُستلقي على السرير يحاول أن يستريح قليلًا فقد جعله ذلك المجنون يشعُر و كأن رأسه سينفجر من كثرة ثرثرته 

_ تعالى يا عم . فينك من زمان ؟ كنت تعالى انجدني .


دلف إلى الداخل وهو يقول ساخرًا 

ـ كدا يبقى مروان قام بالواجب . 


«سليم» بتهكم

_ قام بالواجب و زيادة . جابلي صداع نصفي ، و شويه و كان هيشلني . 


_ بعد الشر عنك . 

هكذا تحدث« سالم» بنبرة بها لمحة حنان إضافة إلى نظراته المُمتنة و التي تحمل مشاعر عميقة تجاة شقيقة الذي اعتدل في جلسته وقال بهدوء

ـ سليم الصغير عامل ايه ؟ 


«سالم» بأمتنان 

_ سليم الصغير و أبوه و أمة بخير بسببك . 


كلماته العذبة كان لها وقعًا خاص على صدر« سليم» الذي قال بحب

_ يارب دايمًا تكونوا بخير .


_ مش عارف اقولك ايه ؟ أو اشكرك ازاي ؟ احنا عمرنا ما كان بينا كدا . بس اللي عملته عشان ابني …


قاطعه« سليم» بنبرة قوية

ـ سليم دا ابني . اوعى تفكر أنه ابنك لوحدك ! وانا معملتش حاجة ، و بعدين ما احنا طول عمرنا عايشين على حسك و تحت جناحك و عمر ما حد فينا شكرك ولا حاجه . 


«سالم» بنبرة يملؤها الحنان 

_ انتوا كلكوا ولادي يا سليم . 


«سليم» بصدق 

_ و انت طول عمرك ونعم الأب يا سالم. 


اقترب «سالم» يعانقه بقوة بادله «سليم» إياها ليقول «سالم» بحبور

_ حمد لله على سلامتك . 


_ الله يسلمك . 


قاطع عناقهم صوت رنين هاتف «سالم» تزامناً مع دخول «جنة» فتراجع «سالم» إلى الخارج وهو يقول بلهجة ودودة

_ سليم في أمانتك .


«جنة» بمُزاح

_ في إيد أمينة . 


ما أن خرج حتى أجاب على هاتفه بحبور

_ الحلوة اللي راحت و قالت عدولي .


ما أن سمعت صوت شقيقها حتى انتابتها رغبة قوية في البكاء فجاءت نبرتها مُتحشرجة حين قالت

_ وحشتني اوي يا سالم . 


شعر بأن هناك خطب ما لذا قال باستفهام

_ حلا أنتِ كويسة؟ 


حاولت أن تبدو طبيعية لذا قالت بمُزاح

_ كويسة والله انا داخله عالخامس يعني في شهور الدلع خفوا قلق شويه. 


لا يعلم لما هذا الشعور بالقلق عليها ولكنه تجاهله وقال بخشونة

ـ عندنا اغلى منك عشان نقلق عليه ؟ 


تحاول جاهدًه ألا تبكي فقالت بنبرة خافتة ممتنه 

_ ربنا ما يحرمني منكوا . طمني عليكوا ؟ 


ـ كلنا بخير . أنتِ عامله ايه ؟ 


«حلا» بنبرة مُهتزة

_ بخير يا أبيه. 

صمتت لثوان قبل أن تقول بحرج

ـ ابيه انا عارفه انك مشغول بس ينفع تبعت حد ييجي ياخدني ؟ حتى لو كان السواق..


صدق ظنه هناك خطب ما يحدُث معها لذا قال بحزم 

_ أنا بنفسي هاجي اخدك . جهزي نفسك نص ساعه وهكون عندك . 


شعرت بقلبها يتضخم حين أخبرها بأنه سيأتي لأخذها فقد كانت تحتاج لعناقه و لحنانه و لتفهمه تُريد البُكاء بقوة بين أحضان شقيقها و أبيها الغالي وقد كانت تؤجل انهيارها لحين تغادر هذا المنزل فستخرج مرفوعة الرأس حتى يعلم مع من قد عبث ! 


توجه «سالم» إلى داخل غرفة «سليم» وقال على عُجالة

_ سليم جهز نفسك هروح مشوار صغير وهرجع نمشي على طول .


_ مشوار ايه ؟ 


هكذا تحدثت «فرح» فتابع موجهًا حديثه لكُلًا من« سليم» و «جنة»

_ ساعديه و متخليهوش يجهد نفسه ولا يحمل على دراعه . 


أنهى جملته و توجه جاذبًا «فرح» من ذراعها وهو يقول بخشونة

_ على ما تجهزي حاجتك أنتِ و سليم هروح أجيب حلا . 


على وجيب قلبها حين ذكر اسم «حلا» فقالت بلهفة

_ هو في حاجه ولا ايه ؟ 


«سالم» بجفاء

_ لسه معرفتش بس يا ويله ابن عمك لو كان مزعلها . 


«فرح» بتهكم

_ واحد و مراته حرين مع بعض نتدخل بينهم ليه ؟ 


«سالم» بفظاظة

_ عشان من سوء حظه أن مراته تبقى اختي . يعني ممنوع يفكر بس يضايقها. 


_ طب ماهو ممكن يعمل معاك كدا بردو لما تزعلني !


هكذا تحدثت لتستفزه فباغتها قائلًا

_ هو فاضل قد ايه و تتمي الأربعين يوم ؟ 


فرح بغباء

_ تقريبًا شهر . ليه؟


أجابها بعبث

_ عشان اعلمك الأدب من أول و جديد . 


لم تستطع قمع ضحكتها و لا منع ذلك الخجل الذي تفشى في سائر جسدها حتى انطبعت آثاره فوق وجنتيها فبدت شهية حد الالتهام فعانقتها نظراته العاشقة قبل أن يقول بخشونة 

_ متجهديش نفسك الممرضات هيساعدوكي ، و الحرس بره لو احتاجتي حاجه . انا مش هتأخر .


هبت باندفاع

_ طب ينفع اجي معاك ؟ 


كان يتوجه بها إلى غرفتها قبل أن يقول بحزم

_ لا ، و مش عايز جدال هو أنا هعمل زفة ! 


«فرح» بحنق 

_ سخيف . طيب ياريت متتأخرش . 


اومأ بصمت قبل أن يذهب إلى وجهته فما هي إلا دقائق حتى وجدت باب الغرفة يُدق فظنت بأنه قد عاد لأمرًا ما فتوجهت لتفتح باب الغرفة فإذا بها تتجمد حين رأت ….



الفصل السابع والثلاثون من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-