رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 (انشودة الاقدار) الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم نورهان ال عشري




 رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 انشودة الاقدار الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم نورهان ال عشري 



 بسم الله الرحمن الرحيم 


الأنشودة الثالثة و الثلاثون 🎼 💗 


هل تسرِقك مني الحياة بعد أن كافأتني بعذبِ هواكِ ؟

و هل يُمكن للقدر ألا يُشفِق على رجُلًا لا يملك من الحياة سواكِ ؟ 

شابت الروح ، و وهن الجسد ، و تهدلت أوتار القلب و صرخت دقاته مُلتاعه تبغي لُقياكِ . 

يا خليلة الفؤاد ، و أنيسة الروح ، و سيدة نساء العالم بالله عليكِ لا تضني على كوني بنور عيناكِ .

و اعلمي أن لا طاقة لي بفقدك غاليتي ، وهل يحيا القلب أن فقد وتينه ؟ فالحياة تعني أنتِ و غيابك يعني هلاكِ .


نورهان العشري ✍️ 


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


كان «هارون» يرقد في الظلام فوق مخدعه بعد أن جرفته غفوة قصيرة ليستيقظ بعدها على أصوات رجال كثيرة بالخارج و ما هي لحظات حتى سمع صوت باب المخزن يُفتح و إذا به يجد ملثمون يقتحمون المكان فهتف باندفاع

_ انتوا مين ؟ 


لم يكد يُنهي جملته حتى قام أحدهم بالكشف عن وجهه ليتوقف العالم عن الدوران من حوله للحظة لم تدُم طويلًا إذ تفاجيء بجميع الأنوار تُضاء لتغمر المكان بأكمله و صوت «صفوت» الوزان يقول بتهكم

_ والله زمان يا جنيدي ! عاش مين شافك يا راجل ! 


توقف الزمن لثوان بينما احتقنت عيني «جنيدي» بالدماء وهو يُطالع «هارون » الذي كانت صدمته عظيمة لا يدري ماذا يحدُث ؟ و من اين يعرفون والده؟ 

التفت «جنيدي» يُطالع صفوت بجمود يُنافي غضبه الداخلي من انكشاف مخططه فإذا بالأخير يُتابع بتهكُم 

_ هو دا بقى وعد الرجالة ؟ ياخي دانا عملت فيك جميلة تخليك تعيش عمرك كله شايلني على راسك . أخرتها تغدر بيا ! و شوف ربنا و لو بعد حين تقع في أيدي بردو ! 


«جنيدي» بـ جهامة

_ الغدر جاي من جواكوا يا صفوت بيه . ما قولتلك زمان وانت مفهمتش . حاميها حراميها .


تدخل «سالم» بجفاء فقد فطن إلى ما يرمي إليه بحديثه

_ كون انك مفهمتش طول السنين اللي فاتت دي أن الحرامي دا مش مننا يثبت انك غبي . 


تدخل «هارون» قائلًا بعدم فهم

_ انتوا تعرفوا بعض منين ؟


تولى «صفوت» الإجابة حين قال بغموض

_ السؤال دا هـ يجاوبك عليه جنيدي بنفسه . 


اغتاظ «جنيدي» من حديث« سالم» فقال بغلظة

_ هارون مالوش ذنب في مصايب ناجي ، و مش هسمح لحد أنه ياخده بذنبه.  


«سالم» بجفاء

_ لو عـ الذنب فكل اللي يقرب للكلب دا شال نصيبه و أكتر كمان ، و لو كنت خايف عليه يبقى تفهمه الحقيقة كلها. 


تقدم «هارون» ليقف في المنتصف بين «جنيدي» التي كانت عينيه تقطر غضبًا و« سالم» الذي كانت ملامحه حاده كـ نظراته يشبهه «صفوت» إلى حد كبير فتحدث «هارون» يُناظر «جنيدي» بنبرة يملؤها الاحترام

_ انت تعرف حاجه غير اللي قولتهالي ؟ 


التفت «جنيدي» إلى ذلك الطفل الذي ألقي في طريقه ذات يوم كمنارة أضاءت حياته التي أظلمت ما أن علِم بموت صغيره فعاد بالزمن لما قبل تسعة عشر عامًا 


عودة لوقتٍ سابق 


كان يستلقي على ظهره يذرف وجعه بصمت وهو يتذكر ملامح صغيره الشاحبة والتي توحي بأن النهاية السوداء قد اقتربت ، فتعاظم الألم بصدره و تفشت علة الحزن بداخله وهو ينتظر ذلك الخبر المُريع لأي أب في هذه الحياة التي قرر أن ينهيها باعتراف مُفصل عن جميع جرائمه و من شاركه بها لعل ذلك يُخفف من ذنوبه التي دفع ثمنها طفله الصغير و لكنه تفاجأ حين دخل عليه أحد العساكر خِلسة وهو يقول بخفوت

_ تليفون عشانك .


أعطاه الهاتف و خرج مهرولًا ولكنه قد علم هوية المُتصل لذا أجاب بنفاذ صبر

ـ عايز ايه؟ 


«ناجي» بهسيس مُرعِب

_ اهدى كدا و اسمع . ابنك هسفره يتعالج بره ، و انت هيتمحي اسمك من سجلات الحكومة و هتبقى بني آدم تاني خالص تقدر تعيش و تستمتع بفلوسك من غير أي خوف . قدامك خمس ثواني تفكر عشان التنفيذ هيكون في خلال نص ساعة 


«جنيدي» بترقُب

_ و لو موافقتش ؟


«ناجي» بقسوة 

_ يبقى قول على ابنك وأمه يا رحمن يا رحيم . دا غير اللي هعمله فيك ، و بردو محدش هيقدر يقرب مني ، و لا حتى حضرة الظابط اللي شايف نفسه دا هيقدر يعملك حاجه .


أطلق سُبة نابية من فمه فقد كان يعلم أنه لا يتحدث فقط لذا استجمع جأشة قبل أن يقول بغلظة

_ موافق .


_ تعجبني . في خلال نص ساعة السجن هيولع باللي فيه ، و حبايبي هيخرجوك هما عارفين ازاي . 


«جنيدي» باستفهام

_ و ابني و مراتي !


«ناجي» بسخرية أتقن اخفائها 

_ هتطلع من عندك تسلم عليهم قبل ما يسافروا بره عشان ابنك يتعالج .


لم يتجاوز الأمر الدقائق التي ذكرها فقد ضرب حريق هائل المكان بأكمله و لم يكد يفهم ماذا عليه فعله حتى وجد من يُكمم فاهه من الخلف و يجره بعد أن سقط مُغشيًا عليه ليستيقظ بعدها في فراش غريب و مكان لا يعرفه فبدأ باستعادة الأحداث السابقة لينتفض من فوق مخدعه وهو يهرول إلى باب الغرفة فقام بفتحه ليجد نفسه في بيت كبير مكون من طابقين ذو أساس مُريح يبدو كـ بيت ريفي ، و لكنه لم يكُن في حال تسمح له بتفقد المنزل فقد صار يهرول كالمجنون يبحث عن أي شخص ليفهم ماذا حدث و ليطمئن على طفله وزوجته فلم يجد أحد و فجأة علا صوت بكاء طفل في أحد الغُرف . في بداية الأمر ظن بأنه يتوهم ولكن عاد الصوت بقوة فتوجه إلى تلك الغرفة وقام بفتح بابها ليتفاجأ بطفل صغير في عمر الرابعة يتوسط فراش ضخم و يبدو بأنه خائف . اقترب منه بخطوات سُلحفية فقد رق قلبه لذلك الطفل الباكي فقد كان تقريبًا في عمر ولده الذي لا يعرف ماذا حدث له ؟ 


تربع على السرير أمام الطفل وأخذ الإثنان يتطلعان إلى بعضهم البعض و كأن كُلًا منهما يحاول النفاذ إلى أعماق الآخر عله يجد الأمان فكان لقاءً صامتًا دام لدقائق لم يقطعه سوى رنين هاتف بجانب السرير جعل الإثنان ينتفضان خوفًا فتدارك جنيدي الأمر و قام بالربت على كتف الصغير كتصرُف عفوي قبل أن يقول بهدوء

_ ماتخافش . دا التليفون بيرن .


ناظره الطفل بهدوء و قد شعر ببعض من السكينة تجاه ذلك الغريب الذي رفع سماعة الهاتف دون أن يتفوه بحرف فقط ينتظر بترقُب فإذا به يستمع الى صوت «ناجي» الذي كان حزينًا جامدًا

_ أخيرًا صحيت . 


«جنيدي» بجفاء

_ أنا نايم بقالي قد ايه ؟ 


_ اسبوع . 


«جنيدي» بصدمة

_ ايه ؟ أسبوع ؟ 


«ناجي» بجمود

_ ايوا . 


«جنيدي» بلهفة

_ ابني و مراتي سافروا ؟ 


«ناجي» بترقُب

_ سافروا و رجعوا . 


«جنيدي» بذُعر

_ تقصد ايه ؟ 


«ناجي» بحزن زائف

_ ابنك تعيش انت . للأسف حالته كانت حرجة ، و الدكاترة مقدروش يعملوا حاجه . صدقني عملنا المستحيل بس دا عمره .


سقطت السماعة من يده ولم يستطِع سماع أكثر فقد تزاحمت العبرات في مُقلتيه و اهتاج قلبه بألم عظيم شعر به يكاد يفتك بعظام صدره فقد حدثت أسوء مخاوفه . توفي صغيره دون حتى أن يودعه أن يحتضنه أن يُقبله . 

بكى حتى أوشك أن يذرف روحه مع تلك العبرات التي تتساقط كالمطر من بين مآقيه و لكنه تفاجأ بتلك اليد الصغيرة تقوم بمسح عبراته ليلتفت فيجد ذلك الطفل ملامحه حزينه و شفتاه ترتجف فيبدو أنه يُجاهد ألا يبكي فتعلقت عيني «جنيدي» بملامحه الجميلة و لكنه صُدٌم حين وجد الطفل يقترب منه ليُعانقه بقوة و كأنه يشاطره حزنه . 


مرت يومان وهو بجانب ذلك الطفل لا يتحدثان فقط يُطعمه بصمت و ينام بجانبه و هو يحتضنه باكيًا على ولده الراحل و ذلك الملاك لا يفعل شيء سوى أن يحتضنه و كأنه يحاول التخفيف عنه عن طريق العناق الذي كان أكثر ما يحتاجه ليُرمم ذلك الشق في روحه ، ولكن في اليوم الثالث زارهم الشيطان الذي كان يُتقن دوره ببراعة وهو يُمثِل الحُزن الذي تجلى في نبرته حين قال

_ قلبي عندك يا جنيدي . الضنا فراقه صعب بس انت راجل ، و قدها.


تجاهل كلماته الخاوية و قال بجفاء

ـ ضُحى مراتي فين ؟ 


تحمحم «ناجي» قبل أن يقول بجمود 

_ ضُحى للأسف بعد موت ابنك أصرت انها ترجع لـ أهلها و اترجتني اني ابلغك أنها طالبة الطلاق. 


طلقة ثانية اخترقت قلبه المكلوم فقد تخلت عنه حبيبته وهو في تلك الحالة ضائع ، شريد ، مجروح يُعاني من أصعب ما قد يواجه المرء في حياته و هو فقدان شخص عزيز.  


_ هي قالتلك كدا ؟ 


«ناجي» بجمود

_ ايوا قالت . دي كمان مردتش تيجي تقابلك . بص من الآخر قالت كلام يضايق ، و انت مش حمل وجع قلب. سيبها تروح لحال سبيلها و شوف انت نفسك و حياتك.


«جنيدي» باستنكار

ـ حياتي ! هي فين حياتي دي ؟ ما كل حاجه خلصت خلاص ، و مبقاش في حياة


اخرج «ناجي» حزمة من الأوراق من حقيبته و ناولها له وهو يقول بهدوء

_ شعبان مرزوق . دا اسمك الجديد ، و دي شهادة ميلادك و بطاقتك ، و البيت دا متسجل بأسمك هو و الأرض اللي حواليه . دي مزرعة موالح محتاجة حد يعمرها . انا عارف انك بعد اللي مريت بيه مش هتقدر تكمل في شغلنا تاني ، و انا مش هضغط عليك. بالعكس انا هساعدك .


ناظره «جنيدي» بريبة فتابع ناجي بنبرة جادة لا تقبل الشك

_ كل العرب اللي هنا تحت طوعي ، و كلهم حبايبي ، و من النهاردة بقوا رجالتك. كل اللي عايزة منك حاجتين . اول حاجه تربيلي هارون ابني. 


برقت عيني «جنيدي» فقال باندهاش

_ تقصد الطفل اللي هنا دا ؟ 


«ناجي» بحزن زائف 

_ ايوا هو . امه رمته وهو حتة لحمة حمرا عشان ترضي أبوها و عيلتها و تحرق قلبي ، وانا مش عايزه يطلع زيي ولا يتبهدل معايا . عايزه يطلع أحسن واحد في الدنيا ، وانت عارف انا معنديش حد اقدر ائتمنه عليه . غيرك ! 


«جنيدي» باندهاش

ـ و اشمعنى انا ؟ 


«ناجي» بنبرة مُشجبة

_ عشان انت اب ، و عارف يعني إيه ضنا ، وانا عارف انك محتاج حد يعوضك عن ابنك اللي راح ، و هارون هو الوحيد اللي هيقدر يعمل كدا . انت محتاجه و هو محتاجك ، عايزك تربيه صح ، و تطلعه راجل يملى العين . هسيبه أمانة عندك لحد ما أحس أني استاهل أنه يكون معايا. 


كان بارعًا في التسديد على نقاط ضعف الشخص الذي أمامه فقد كان يعلم و يُراقب حالته منذ أن استيقظ و شاهد تلك العلاقة الصامتة التي نشأت بينه وبين الصغير عن طريق كاميرات خفية في المكان ، و على الرغم من غضبه الداخلي كون طفله ارتاح لذلك الرجل ولكنه مُجبر أن يتحمل لأجل الوصول إلى هدفه والذي بدأ بالتحقُق حين قال «جنيدي» بجفاء

_ و ايه هو الطلب التاني ؟ 


_ كل فترة هبعتلك مجموعة شباب تعملهم فترة تدريب زي اللي بعتك خدتها في أمريكا . عايزهم يطلعوا من تحت ايدك ولا اكنهم كانوا في الصاعقة . مش عايز اكتر من كدا. 


لاح شبح ابتسامة ساخرة على شفتيه قبل أن يقول بسخط

_ دلوقتي بس عرفت انت بعتني هناك ليه ؟ بس اشمعنى انا ؟ 


«ناجي» بجدية

_ عشان انت راجل ، و كنت عارف انك هتتحمل ، وهترفع راسي ، و هقدر اعتمد عليك ، و ده فعلًا اللي حصل ، و أنا عايز هارون يطلع زيك كدا . 


و بالفعل قام بتربيته و كأنه ولده حتى أنه صار يُعلمه كل ماهو جيد إلى جانب تلك التدريبات التي اجتازها «هارون» فصار يُغدِق عليه من كل شيء حتى حنانه لم يبخَل عليه به فقد كان يعتبره ولده الحقيقي الى أن جاء ذلك اليوم و طلب منه هذا الحقير أن يُعيد الأمانة ، و حينها سقط قلبه بين ضلوعه وهو يتخيل أن يُفارقه ولده الحبيب . فقد كان« هارون» يعلم من البداية أنه ليس والده الحقيقي ، ولكنه كان يتجاهل تلك الحقيقة ، وأن هذا الرجل هو من رباه و بات يعتبره والده إلى أن قابل «ناجي» الذي لم يتوانى عن بث سمومه بعقله ، و ذلك لم يُعجِب «جنيدي» الذي عارضه بقوة

_ مش هسمحلك تدخل هارون في لعبتك . هارون بره الليلة دي كلها. 


«ناجي» بمهادنة

ـ هارون دا ابني يا جنيدي متنساش دا ، و أنا عمري ما هأذيه . بس لازم يعرف الحقيقة ، و أن أمه اتخلت عنه ليه ، و هي مين ؟ دا حقه عليا .


«جنيدي» بسخط

_ طب و ليه مش عايز تقوله انك انت اللي ادتهولي اربيه ؟ 


«ناجي» بألم زائف

ـ عشان مش عايزه يعرف تاريخي الأسود ، وانا ليه مقدرتش احتفظ بيه . يكفيه صدمته في أمه . لو بتحب هارون اسكت ، و اوعى تقوله حاجه غير اللي انا قولتهوله . من غير حاجه هو متدمر بسبب أمه ء و أنه يعرف انها رمته بالطريقة دي . عايزه يتصدم فيا انا كمان ؟ 


وضعه بين شقي الرُحى في مواجهة قلبه الذي ينفطر ألمًا على ولده الروحي و هو يبكي حين علِم كيف تخلت عنه والدته فلم يُرِد أن يُزيد من آلامه أكثر و انصاع لأفكار ذلك الشيطان


عودة للوقت الحالي 


_ مجاوبتش على سؤال هارون ليه يا جنيدي ؟ 


لا يعرِف بماذا يُجيب فقد علِم مؤخرًا بأنه سقط في فخ ذلك الحقير حين تقابل مع زوجته السابقة «ضُحى» والتي تفاجأ بحديثها بأن من أجبرها على تغيير اسمها و الابتعاد عنه هو «ناجي» الذي هددها بقتله و يشاء الله بأن تذهب لرؤية والدته وهي تحتضر لتتفاجيء به هُناك ويبدأ الاثنان بتبادل العتب لـ ينفرط عقد الأسرار و يعلم بأنهما كانا ضحية لهذا الشيطان . 


تدخل «سالم» قائلًا بتحريض

ـ تفتكر واحد زي ناجي دا قتل ابنك و فرقك عن مراتك و نفاك الفترة دي كلها يستاهل تكون عندك ولاء ليه ؟ 


توحد العقل و القلب عند نقطة هامة وهي تلك الجملة التي كانت كالسيف الباتر على عنقه 

_ قتل ابنك ! 


صاح مستنكرًا 

ـ انت قولت ايه ؟ قتل مين ؟ 


تدخل «صفوت» بلهجة مُتعاطفة

_ ناجي منع الدكاترة أنها تعمله العملية عشان يموت ، و للأسف فصلوا عنه الأجهزة بأمر منه ، و لو مش مصدق انا ممكن اسمعك دا من الدكتور نفسه . 


و كان الكلمات كانت كمطارق قويه سقطت فوق قلبه الذي كانت آلامه حادة للحد الذي يجعله يشعُر بأن الأرض تميد به فبدأ جسده يترنح فإذا ب«هارون» يندفع بلهفة لـ إسناده وهو يقول بذُعر

ـ أبويا . 


أمر «سالم» أحد الحرس قائلًا 

_ اطلب دكتور مُحي الدين بسرعة .


اطاعه الحارس بينما حاول «جنيدي» التغلب على ألمه وهو يلتفت إلى «هارون» قائلًا بلهجة تتضور وجعًا 

_ اطمن عليا أبوك قوي . انا خدت نصيبي الحلو من الدنيا فيك . لكن حقك عليا تعرف الحقيقة كلها . ناجي هو اللي جابك لعندي عشان اربيك . انا كذبت عشان خفت عليك لما لقيتك منهار بعد ما عرفت حقيقة أن أمك رمتك ، و دا انا اتأكدت أنه مش صحيح .


«هارون» بصدمة

_ بتقول ايه ؟ 

حاول« جنيدي» التغلب على ألمه قائلًا بخشونة

_ بقولك الحقيقة . ضُحى هي اللي قالتلي بنفسها .


هنا تنبه «سالم» إلى أمرًا ما أن تلك المرأة في تواصل مُباشر مع ذلك الشيطان . إذن هُناك خطر مُحدق على حياة أحباءه فصاح مُستفهمًا 

_ لحظة واحدة . ضُحى دي اللي هي نجيبة مراتك ؟ وهي عرفت الكلام دا منين ؟ 


«جنيدي» بتأكيد

_ معرفش . ناجي بعد ما طلقتها أجبرها تتجوز الراعي عشان تربي بنت الباشا . 


كان يُشير إلى «صفوت» بحديثه ليُكمل حديثه بأسى 

_ و كان بيسكتهم بالفلوس . الراعي مكنش يعرف حاجه كان بيربي بنت يتيمة لقاها . لكن نجيبة فضلت على تواصل مع ناجي و كانت بتاخد منه فلوس و تعينها عند أهلها ، ولما انا عرفت حرمت عليها تدخل عندنا تاني ، و هي عشان تراضيني عرفتني بنيتكوا ناحية هارون ، و أن الست أمه مرمتهوش زي ما كنت فاكر . 


أخذ عقله يعمل في جميع الاتجاهات ف«ناجي» لن يُخبر تلك المرأة بأسراره إذن لابد و قد علمت من أحد آخر ولكن من ؟ هناك اثنان من الخونة لا ثالث لهم« رامي» و قد تخلص منه منذ عدة أيام 


عودة لوقتٍ سابق


_ خير يا كبير . 


هكذا تحدث «مروان» بمرح قابله «سالم» بنبرة جافة 

_ اقعد . في موضوع مهم لازم نتصرف فيه . 


«مروان» بترقُب

_ حصل ايه ؟


« سالم» بجفاء

_ الكلب اللي اسمه رامي شاكك في فرح و عايز يتخلص منها . 


«مروان» بصدمة

_ بتقول ايه ؟ الله يحرقه ، و شك فيها ازاي ؟ 


_ فرح شافته وهو بيتكلم مع دادا نعمة في الجنينة ، و فردة الحلق بتاعتها وقعت وهو لقاها و خدها و طلب من دادا نعمة أنها تسمها . 


هتف «مروان» بحنق

_ اه يا كلب . صدق مين قال رامي رامي كلب حرامي ! 


توقف« سالم» عند تلك الجملة لثوان قبل أن يقول بحماس 

_ بس. لقتها . هو كلب وحرامي فعلًا . بقولك ايه ؟ الواد دا لازم نتخلص منه ، و بطريقة متبينش أننا كاشفينه . نلبسه قضية سرقة الحلق بس من غير ما نكون احنا اللي مبلغين عنه . 


هكذا تحدث «سالم» فصاح «مروان» بحماس

_ باس الكمالة عندي انا يا كبير . 


«سالم» بسخرية 

_ اشجيني . 


_ بص يا سيدي . الواد دا جشع و إلا مكنش هيعض الأيد اللي اتمدتله و يخون اللي مشغلينه و الست اللي جابتله الشغل . يبقى احنا ايه ؟ نعرفه قيمة الحلق اللي لقاه وان هو بثروة كبيرة. 


أضاف «سالم» مُكملًا فكرة «مروان» 

_ يقوم يروح يبيعه. 


«مروان» بصياح 

_ اللهم صل عالنبي . يكون قبلها العبد لله مبلغ الجواهرجية كلهم بأن في حلق مسروق مننا و اوريهم صورة الحلق عشان لو جه حد يبيعه يتعرف انه حرامي ، و بكدا نخلص منه و نزيحه من طريقنا بطريقة غير مُباشرة ، و نوصي عليه حبايبنا في الحجز ، و نبقى مطمنين على منصور و أمه . 


«سالم» بتهكم

ـ أول مرة تقول حاجه صح في حياتك. 


«مروان» بفخر

ـ يا باشا انا عندي دُرر و جواهر في دماغي والله بس عايزة اللي يستلقطها.  


«سالم» بفظاظة

ـ بمناسبة الجواهر البت دي عايزك تكون زي ضلها ، و تبعدها عني بأي طريقة فرح تعبانه و بتحاول تداري على قد ما تقدر ، وانا مش عايز اضغطها اكتر من كدا .


«مروان» بلهفة

_ عيني . انت تؤمر . لو عايزني ابات كل ليلة تحت سريرها انا موافق. احنا عندنا كام ام منصور يعني؟ 


«سالم» بجفاء

_ خف شويه احسنلك . 


«مروان» بمرح


_ لا بقولك ايه انا عايز شغلي يبقى على نضيف ، و بعدين انت مش واثق في قدراتي ؟ طب ايه رأيك بقى أن من خلال تركيزي الشديد معاها اتأكدت انها بتفهم عربي . 


«سالم» باستفهام

_ نعم ! وأيه اللي خلاك متأكد كدا ؟ 


«مروان» بغرور

ـ مش بقولك شغلي على نضيف . يا باشا دي بتركز في كل حرف بيتقال ، و بيبان على وشها ، و الدليل لما شافتك بتتغزل في ام منصور وشها جاب الوان . انا عارف الشغل دا اسمع مني . 


«سالم» بتفكير 

_ لو كدا . يبقى الموضوع له تخطيط تاني خالص . المهم اعمل اللي قولتلك عليه و خلصني من الكلب دا عشان اقطع اي تواصل مع ناجي جوا القصر ، وبعدين كله بحسابه .


عودة للوقت الحالي 


تبقى «جوهرة» ! تلك الحية الرقطاء لقد صدق ظن «مروان» فهي تتحدث العربية بطلاقة فقد علِم ذلك حين استمع الى حديثها مع ذلك الحقير في الهاتف و قرائتها لمذكرات عمته التي أمر «سما» بإعطائها لها ليتأكد من حديث« مروان» و قد صدق ظنها فهي لا تعلم بأنه يُراقب الهاتف الذي تتحدث به بعدما أمر مروان بإضافة برنامج تجسُس على الرقم الذي في هذا الهاتف الذي أعطاه رامي لنعمة و التي بدورها وضعته أسفل وسادة جوهرة ، فقد كان يُدير خيوط اللعبة بين أنامله ، و قد ساعده في ذلك غباء خصمه فقد توقع أنه من المُفترض أن يُحاول التواصل مع تلك المرأة ليُكمِل مخططاته من الداخل 


عودة لوقتٍ سابق 


_ سالم بيه حضرتك بعتلي ؟ 


«سالم» باحترام 

_ تعالي يا حاجه نعمة . اتفضلي اقعدي .


اقتربت «نعمة» لتجلس على المقعد أمامه تنتظره أن يبدأ بالحديث فقال بنبرة هادئة

_ أنتِ شوفتي اللي حصل طبعًا ، و عرفتي أن عمتي طلع ليها ابن من الحقير دا .


«نعمة» بقهر دفين

_ شوفت يا ابني و عرفت . انا معرفش دا جنسه ايه ؟ ازاي يكون دمه نفس دمكوا ؟ 


«سالم» بمرارة

_ للأسف دا ابتلائنا من زمان ، و احنا على قد ما نقدر بنحاول ننقذ نفسنا و ننقذ اسم العيلة من شره . 


«نعمة» بتأثر 

_ ربنا يعينكوا يا ابني ، و يعينك انت بالأخص حملك تقيل . 


_ الحمد لله على كل حاجه . المهم عايز اتكلم معاكِ في موضوع ، و اتمنى متتخضيش ، و تركزي معايا و تفهمي اللي هقوله . عشان الغلطة عندنا بفورة .


«نعمة» بترقب و قد اقلقتها كلمات «سالم»

ـ قول يا ابني سمعاك .


«سالم» بخشونة

_ ناجي مش هيسكت على اللي حصل ، و في الأغلب هيحاول يستغل اللي حصل دا في مصلحته ، و اكيد هيحاول يتواصل مع البنت اللي فوق دي ، و عشان يعمل كدا عايز حد يكون من البيت ، و يكون موثوق فيه من جهتنا .


تنبهت «نعمة» لحديثه وقالت بريبة

_ تقصد ايه ؟ 


«سالم» بجمود 

_ وارد أنه يحاول يتواصل معاكِ ، و يضغط عليكِ عشان تساعديه .


هبت« نعمة» من مجلسها وهي تقول بقهر دفين 

_ أساعده ! بعد ما قتل جوزي و حرق قلبي عليه أساعده ! دانا لو طايله اكله بسناني هعملها. 


اومأ برأسه قبل أن يقول بهدوء

_ طب اقعدي يا حاجه . خلينا نكمل كلامنا.  


جلست« نعمة» بوهن بعد أن هاجمتها ذكريات الماضي الأليم و نبشت كلمات« سالم» جرحها الدفين فتابع الأخير بهدوء

_ اللي جاي صعب ، و أنا عارف قد ايه أنتِ بتحبي البيت دا و اللي فيه ، و عشان كدا هطلب منك تساعديه .


«نعمة» بصدمة

_ ايه ؟ 


«سالم» موضحًا مقصده

_ انا عايزه يوصلها . عايز اعرف بيفكر في ايه ؟ و عايزه يفتكر اني مصدق تمثيليته . لازم اكون على علم بكل خطوه بيخطيها . عشان ميفاجئنيش ، و أنا واثق أنه هيحاول يتواصل معاكِ . ممكن يبتزك . ممكن يهددك ، و عشان كدا انا حطيت حراسة مُشددة على بنتك و جوزها و بنتها.  


شهقت «نعمة» بذُعر فاندفع« سالم» يُهدئ من روعها

_ متخافيش عليهم . الحارس بتاع العمارة بتاعتهم من رجالتي ، و الناس اللي ساكنين في الشقة اللي قصادهم بردو من رجالتي ، حتى السواق بتاع مدرسة بنتهم و المشرفة بتاعتهم من رجالتي . يعني متقلقيش . انا بقولك عشان متتخضيش . دا الكارت الوحيد اللي في ايده يضغط عليكِ بيه. 


طمأنتها كلماته ولكنها لم تمحي آثار الخوف من قلبها فـ التفتت إليه قائلة بقلة حيلة

_ طب العمل يا ابني ؟ انا مقدرش اخونكوا ، ولا اغدر بعشرة السنين .


«سالم» بلهجة ودودة

ـ انا عارف ، و عشان كدا بقولك لو ضغط عليكِ وافقي ، و كله هيبقى تحت عيني . في خاين هنا حوالينا ، و لازم اعرفه ، و دا اللي هيظهره . كمان زي ما قولتلك لازم اعرف بيخطط لأيه و ناوي على ايه ؟ فهمتيني ؟ 


اومأت« نعمة» برأسها قبل أن تقول بحزن

_ فهمتك . ربنا يا ابني يعينا ، و يسترها من اللي جاي .

«سالم» بهدوء

ـ ربنا كبير و عادل اوي ، و عمر الظلم ما بينتصر أبدًا . اطمني و قولي يارب . 


لم يمضي يومان على هذا الحديث حتى جاءته «نعمة» مُهرولة لتقول بذُعر 

_سالم بيه.  


«سالم» بجفاء 

ـ ولا كلمة . روحي أوضة الحاجة هتلاقيها فاضية تحت المخدة في تليفون خديه و ابعتيلي كل اللي حصل في رسالة صوتية ، وانا هقولك تعملي ايه ؟ 


قامت بما أمرها به لتجد الهاتف و تقول بتسجيل رسالة صوتيه فحواها

_ فاكر رامي الواد اللي من الحتة بتاعتنا اللي جبتهولك عشان تشغله هنا . لقيته جايلي امبارح و بيقولي أن في حد عايز يكلمني ، و لما رديت لقيته الحيوان ناجي و زي ما قولت بيهددني ببنتي و حفيدتي مُقابل اني اساعده . انا بالرغم من أنك قايلي بس كنت هموت من الرعب احنا مش قد الراجل دا يا ابني ، وانا مش عارفه اعمل ايه؟


يعلم كم هو حقير و كم الضغط النفسي الذي مارسه على تلك المسكينة لذا أجابها في رسالة صوتية بلهجة هادئة ودودة 

_ اهدي يا حاجه نعمة ، و اعرفي انك واحدة مننا مش هسمح لـ لكلب دا يقرب منك ولا من اللي يخصك . متخافيش . عايزك تطاوعيه ، محتاجين نعرف ناوي على ايه و بيخطط لأيه ، و متقلقيش ربنا معانا و أن شاء الله هتعدي على خير . بس أنتِ اجمدي شويه .


طمأنتها لهجته فأخذت تُنظم أنفاسها قبل أن تُعيد إرسال رسالة صوتيه فحواها

_ ربنا يستر . انا المفروض هبلغه النهاردة بقراري مع الكلب اللي اسمه رامي دا . معرفش ازاي مكشفتش حقيقته القذرة دي قبل ما اجيبه بأيدي يشتغل عندكم . 


جاءها الرد من «سالم» ليُطمأنها أكثر

_ يمكن خير ، و يمكن ربنا أراد أننا نعرف عن طريقة الحيوان دا بيفكر ازاي . المهم عايزك تكوني حذرة في التعامل معاه ، و الفون دا هيفضل في أوضة الحاجة كل ما يحصل حاجه تبعتيلي منه . مش عايز اي كلمة تتنطور هنا او هنا. عايزك هادية و طبيعية خالص . عشان نكون ماشيين صح . 


عودة للوقت الحالي .


_ انت بتقول ايه ؟ يعني كل الكلام اللي قالهولي كذب ؟ 


هكذا تحدث «هارون» بأسى فتحامل «جنيدي» على نفسه ليقوم باحتواء وجهه بين يديه وهو يقول بأسف

_ للأسف اه . ناجي دا شيطان وقدر يلعب بينا كلنا . بس انا اوعدك هاخد تاري و تارك من عينيه . 


أي ثأر سيُطفيء تلك النيران المُندلعة بقلبه حين سمع أحاديثه المُلفقة عن والدته التي ألقت به ذات يوم في أحد الطِرقات المهجورة فقط لتفجع قلبه ؟ أي شيء في هذا العالم سيجعله يتجاوز ذلك الشعور المرير بكونه منبوذ من أحب الناس إليه ؟ 

لقد عاش سنوات عمره يخشى أن يتطرق إلى هذا الأمر مع ذلك الرجل الحنون الذي رباه ، و قد تقبل حقيقة بأنه عائلته الوحيدة ليأتي ذلك الشيطان و يبثه سمومه التي لوثت عقله فأخذ يشحن الكره و البغض داخل قلبه لهذه المرأة و تلك العائلة و قد كان ينوي تنفيذ مخططه ذلك اليوم حتى يجعلها تتحسر على ما فعلته به 


عودة لما قبل حادث «همت» بيوم 


تخلص من ذلك السلسال الذي ظن أولئك الحمقى بأنهم قيدوه به و قام بالقفز من أعلى سور حظائر الخيول و توجه رأسًا إلى نافذة غرفة والدته لـ يقوم بتسلق الشجرة الكبيرة التي أمامها و ما أن وصل إلى أعلاها حتى قام بالقفز برشاقة إلى داخل الشرفة ليتوجه بخطٍ سُلحفية و أعين صقرية تتجول في المكان برمته قبل أن يقوم بفتح باب الشرفة الذي كان مواربًا فإذا به يقف لثوان مُحدقًا بذلك الجسد النائم على السرير و قلبه يُخبره بأن ما سيفعله خطأ و لكنه تجاهل وجيب قلبه و هو يتذكر تلك الليلة المشؤومة حين ذهب لخطبة أحد الفتيات في قريتهم و لكنه تفاجأ برفض والدها المُهين له حين أخبر «جنيدي» بأنه غير معلوم الأصل ، و قد كانت ذلك أول سهم ينغرز بقلبه جراء فعلتها و التي على إثرها أخبره «جنيدي» الحقيقة بأنه ليس والده إنما وجده ذات يوم مُلقى أمام مزرعتهم و قد قرر تربيته .


حين أوشك من الاقتراب من السرير تفاجيء بصوت جاف أصابه بالذُعر و خاصةً بأنه علم هوية صاحبه على الفور 

_ مُتحمس أعرف ناوي تعمل ايه في والدتك ؟ 


لعن «هارون» بداخله قبل أن يلتفت ليجد ذلك الظل الضخم أمام باب الغرفة فزفر حانقًا قبل أن يقول بسخرية

_ سالم باشا الوزان . ملك اللعبة . 


أطلق ضحكة ساخرة من فمه قبل أن يُتابع بتهكم

_ ياراجل هو انت مفيش حاجه بتفلت منك كدا . دا انت رخم زي ما سمعت عنك ! 


أضاء «سالم» النور وهو يُجيبه بفظاظة

_ لا معلش أنا ارخم بكتير من اللي اتقالك . بس هعمل ايه بقى . معنديش اغلى من عيلتي ، و أهلي.  


لاح شبح ابتسامة ساخرة على شفاه «هارون» الذي قال بتهكم يخفي بين طياته مرارة قاسية 

_ اه طبعًا ، و خصوصاً أن العيلة دي كلها في ايدك بيتمنولك الرضا ترضى . مش رموك وانت لسه طفل صغير ، و اتخلصوا منك كأنك زبالة . شيء مالهوش تمن . 


«سالم» بفظاظة

_ الكلام اللي بتقوله دا يزعل اوي . لو كان حقيقة . أنا عارف انك مكنتش هتأذيها. على الأقل جسديًا . بس كنت هتسمعها اللي يموتها ، وعشان كدا انا قولت الحقك .


«هارون» باستنكار 

_ تلحقني! 

«سالم» بتأكيد

ـ ايوا الحقك . انا عارف انك ذكي ، و اللي صدمني اكتر انك طلعت عارف ربنا . انا شوفتك وانت بتصلي ، و يمكن دا اللي شفعلك عندي و خلاني اشوفك بنظرة تانية خالص . 


زمجر «هارون» ساخطًا

_ بلاش الكلام دا عشان مش هياكل معايا.


تابع «سالم» مُتجاهلًا حديثه 

_ شيلت اسم ناجي من جنبك ، و قلت اديله فرصة . بس خلي بالك انا مبديش الفرصة مرتين.  


«هارون» بجفاء

_ تقصد ايه ؟ 


«سالم» بفظاظة

ـ هعقد معاك اتفاق . هثبتلك بالدليل أن عمتي مش رمتك ، و لا كانت تعرف بوجودك أصلًا ، و انت بالمقابل تمحي اسم ناجي من ذاكرتك . 


صمت لثوان قبل أن يقول بتعجرف

ـ و انت كسبان ايه لما امحي اسم ناجي من ذاكرتي ؟ متقوليش دا جزء من انتقامك منه عشان اخوك .


«سالم» بجفاء

_ سكة الانتقام دي مش سكتي ، ولا أخلاقي . انا بس بحافظ على العيلة اللي انا كبيرها ، و اللي كل فرد فيها مسئول مني ، و انت كمان من ضمنهم. 


أوشك على الاعتراض فجاءت نبرة «سالم» قوية و كذلك ملامحه حادة حين قال

_ مش هنهري كتير . اللي ليك عندي اثبتلك براءة امك ، و بعد كدا انت اللي هتختار تعمل ايه ؟ و لحد اليوم دا مش عايز منك غير تسكت و تتفرج وانا بكشفلك حقيقته . 


خربشت كلماته الفضول بقلبه لذا استفهم بفظاظة

_ ازاي؟ 


«سالم» بجفاء

_ هتعرف كل حاجه في وقتها. اهم حاجه اللي اسمها جوهرة دي تسايرها ، و اوعى تثق فيها. خلي بالك هي وسيلته في التأثير عليك ، و انت مش غبي .


«هارون» بسخرية

ـ هو عارف اني مبطيقهاش اصلًا . 


«سالم» بخشونة

_ الوضع اختلف ، و هو عايز يستغله لصالحه ، و احنا كمان بس الفرق أننا هننتصر في النهاية ، و دا هتشوفه بعينك ، و لو انت ذكي كنت هـ تسأل نفسك هو فين من وقت ما احنا جبناك على هنا ؟ 


كان استفهامًا مُلحًا لا يزال يُردده عقله ولكنه لم يجد أية إجابة تُرضي فضوله لذلك تولى «سالم» ذلك الأمر حين قال

_ ناجي هيحاول يلعب من تحت لتحت . يعني مفروض انه حاليًا في غيبوبة بسبب أن طارق ضربه على دماغه ، و دا اللي هتعرفهولك جوهرة . دا بعد ما أنا أطلب منها تقنعك ببراءة عمتي ، و بكدا هفتحلها المجال إنها تقابلك و تتكلم معاك .


تجاهل ذلك الصدق في حديثه وقال بتذمُر

_ كلامك مش منطقي ، وانا واثق أنه هيقلب الدنيا فوق دماغكوا. هو بس بيخطط . 


ـ وانا مستني ، و لو محصلش اللي قولتلك عليه يبقى انت صح ، و وقتها اعمل اللي تعمله .


كان مُقنعًا بطريقة أثارت غضبه ولكنه اقنع نفسه بضرورة الهدوء فهو في كل الأحوال لا يُريد سوى الحقيقة لذا أخذ قراره النهائي قائلّا باختصار

ـ موافق .


تفاجئ حين مد «سالم» كفه الخشن ليُصافحه وهو يقول بنبرة جادة

_ اتفاق راجل لراجل ، وانا عارف انك راجل ، و هثق فيك انك هتبقى قد كلمتك معايا وهتصبر لحد ما اثبتلك الحقيقة . 


كان الأمر في قرارته عظيمًا فذلك الرجُل حقًا غير متوقع و بالرغم من كل شيء فقد تشكل بداخله شعور كبير من الاحترام له لذا مد يده ليُصافحه وهو يقول بنبرة جادة

_ تقدر تثق فيا . انا كل اللي يهمني الحقيقة .


عودة للوقت الحالي 


ـ دلوقتي انا نفذت اتفاقي معاك و عرفت الحقيقة فين . الجاي هسيبهولك تقرر هتعمل فيه ايه ؟ 


هكذا تحدث «سالم» بخشونة فقد بلغ الخوف مبلغه منه و قد شعر بضيق كبير في صدره وكأن القلب يشعُر بساكنه فقد تعاظم داخله إحساس قوي بأن حبيبته ليست بخير لذا غادر دون أن ينتظر رد «هارون» و قام بإلتقاط هاتفه ليتحدث إلى «مروان» قائلًا بقلق

_ فرح فين يا مروان ؟ 


_ فرح جوا مع البنات . طمني عملتوا ايه ؟


«سالم» بحدة 

ـ مش وقته دلوقتي. المهم اطلع طمني عليها. تليفونها مقفول . 


«مروان» بقلق

ـ هو في حاجه يا كبير ؟ 


زمجر «سالم» غاضبًا 

_ اسمع اللي بقولك عليه. عايز اسمع صوتها دلوقتي حالًا و شوفلي اللي اسمها نجيبه دي بتعمل ايه ، و الزفتة جوهرة دي .


تحرك «مروان» من مكانه وهو يحاول تهدئته

ـ جوهرة طول النهار قدام عيني معملتش اي حاجه تثير الشك غير أنها بتحاول تتواصل مع رامي و مش عارفة ، و اللي اسمها نجيبة دي راحة جاية مع الشغالين طول النهار . مفيش حاجة تقلق يعني .


لا يعرف لما هذا الألم الدامي الذي ينخر بصدره و يُخبره قلبه بأنها تحتاجه لذا هتف آمرًا 

ـ طب اطلع اديها التليفون. 


توجه« مروان» إلى الداخل فوجد الجميع ماعدا «فرح» فبدأ القلق يتسرب إلى داخله فتقدم إلى« امينة» يهمس بجانب أذنها 

ـ هي فرح فين ؟ 


أجابته بسلاسة

_ طلعت ترتاح شويه . في حاجه ؟ 


لم يُريد أن يُقلقها فقال بنفي

_ لا كنت عايز أسألها على حاجه .


رفع رأسه يُطالع «جوهرة» التي بدا على ملامحها الراحة و الهدوء و قد أثار هذا ريبته لذا اقترب من« جنة» قائلًا بخفوت

_ تعالي عايزك . 


أطاعته «جنة» و سارت خلفه الى أن وصلا إلى بداية الدرج فقال «مروان» بقلق

ـ بقولك ايه اطلعي لفرح الاوضة و اديها التليفون قولي لها أن الكبير عايز يكلمها ضروري . 


اطاعته «جنة» قائلة بمُزاح

_ حاضر . أول مرة اشوفك بتتكلم جد . هبتدي اقلق .


«مروان» بسخط 

_ لازم تقلقي كونك بني آدمه يعني عايشة معانا وقرفانا في عيشتنا فلازم تقلقي شويه . اتنيلي اطلعي لها وانا وراكِ لو في حاجه ناديني .


أخذت منه الهاتف وصعدت إلى الأعلى وقامت بالطرق على باب الغرفة قبل أن تقوم بفتحه و دلفت إلى الداخل لتتفاجئ من تلك المُلقاة على الأرض وأسفلها بقعة من الدماء فصرخت بملء صوتها 

_ فرررح .


انخلع قلب ذلك الذي كان ينتظر على الهاتف و قد صح ظنه فقد حدث شيء سيء لحبيبته و كأن أحدهم طرق فوق قلبه بمطرقة حديدية حين سمع كلمات جنة المذعورة 


_ الحقوني . اختي بتموووت ..


هرع« مروان» إلى الداخل و كذلك الجميع ممن استمع لصُراخ «جنة» فتفاجئوا بفرح التي كانت غارقة بدمائها فـ تعالت الصرخات ليندفع «مروان» و يتحسس عرقها النابض فوجدها لازالت على قيد الحياة رغم بركة الدماء التي تسبح بها فصرخ بالجميع 

_ بطلوا صويت . فرح لسه عايشة و هننقلها المستشفى . 


صمت الجميع فقام «مروان» بحملها و هرول إلى الأسفل لينظر الى «حلا» آمرًا

ـ كلمي ياسين وعمار يقابلونا عالمستشفى بسرعة .


«حلا» بذُعر 

_ حاضر .


كان يقف في شرفته بملامح واجمة و قلب يعتصره الألم والشوق لتلك التي برحيلها سرقت معها راحته التي تبين أنها تكمُن في وجودها بجانبه ، فقد كان يشعُر بالسعادة وهو يحبسها في قفصه الذهبي ، ولكنه لم يكُن يتخيل أن يطير عصفوره الرائع و يغادره بتلك الطريقة. يعلم بأنها غاضبه منه ، ولكنها بارعة في إخفاء غضبها و قد كان هذا يُثيره بشدة ، و لـ غبائه أعلن راية التحدي أمام أنثى تخطت في حبها حدود العشق فصارت تحفظ حتى أنفاسه و صار هو أمامها كالكتاب المفتوح تتلاعب به كيفما تشاء و قد تيقن من ذلك البارحة حين هاتف «فرح» بحجة الإطمئنان عليها و على «جنة» 


_ عاملة ايه يا فرح . طمنيني عليكِ .


«فرح» بـ حبور

ـ حلوة الحمد لله انت عامل ايه ؟ و طنط تهاني ؟ ارتحتوا من المشوار ولا لسه ؟ 


«ياسين» بهدوء

_ الحمد لله. كلنا بخير ، و ماما نايمة شوية . أول ما دخلت البيت افتكرت بابا الله يرحمه ، و قعدت تعيط فدخلتها تنام . 


«فرح» بتعاطُف

_ ربنا يرحمه ، و يصبركوا . مش هتيجوا بقى عايزين نشوفكوا ؟ 


«ياسين» بسخرية

_ اه طبعًا هنيجي . مش فرحكوا بعد بكرة ؟ 


ـ وهو انتوا لازم تيجوا عالفرح يعني ! و بعدين هي حلا مش وحشتك ولا ايه؟ 


ارتج قلبه حين سمع اسمها ولكنه تجاهل ضجيج دقاته و قال بلهجة مُتحشرجة

_ اكيد وحشتني. بس قولت اسيبها مع حبايبها شويه . 


«فرح» بتخابُث

_ ياعم لا . تسيب مين ؟ دي من وقت ما جت مش عارفة اتلم على جوزي ، و نفس النظام جنة . الهانم من رقبة دا لرقبة دا ، و هما الصراحة مش مصدقين أنها في وسطهم ناقص يجيبولها حتة من السما . دا حتى سالم مش مخليها تنزل السلم ، و لا أكنها أول واحدة تحمل . لو سبتها أكتر من كدا احتمال اجيلك غضبانة .


أنهت جملتها وهي تضحك بصخب قاصدة إضرام تلك النيران التي اندلعت بقلبه فهي سعيدة بين أشقائها و عائلتها وهو كالغبي يتلظى بنيران الشوق هنا لذا هتف بحدة

_ والله . طب خليها بقى لحد ما تولد بدل الهانم مبسوطة اوي كدا . 


التمعت أعين «فرح» بالخُبث وهي تغمز ل«حلا» التي تجلس بجانبها تستمع لما يقوله فأجابته« فرح» بجدية 

ـ بصراحة يا ياسين محدش يلاقي الدلع و ميتدلعش ، و حلا من زمان دلوعتهم كلهم . كلهم روحهم فيها . انت عشان معندكش اخوات بنات مش فاهم الموضوع دا . دا حتى مروان اللي قارف الناس كلها لو حلا طلبت منه لبن العصفور بيجري يجيبهولها. مش مصدق امتى تولد و يبقى خالو . 


اهتاجت غيرته إضافة إلى غضبه المُروع و هتف حانقًا 

_ و طبعًا الهانم مقضياها هيء و الميء مع الحيوان دا ؟ ولا عاملة احترام لحد !


عاتبته «فرح» بلُطف زائف

_ ايه ياسين اللي بتقوله دا ! خلي بالك كلامك دا غلط و مينفعش يخرج منك . مش واثق في مراتك ولا ايه ؟ و بعدين مروان و حلا اخوات و بالرغم من هزارهم و ضحكهم إلا أن في حدود بينهم طبعًا . 


لعن نفسه و غيرته وغضبه الذان اوصلاه لتلك الحالة وقال بعُجالة لكي يُنهي تلك المُحادثة اللعينة

_ معلش يا فرح انا اعصابي مشدودة شويه. المهم اني اطمنت عليكوا . هبقى اكلمك تاني سلام دلوقتي. 


أنهى المكالمة ولا يدري شيء عن تلك القهقهات التي اندلعت من جوف كُلًا من «فرح» و« حلا» التي قالت بتشفي

_ وحياة أمي لهخليه يقول حقي برقبتي ابن العمارنة.


إجابتها «فرح» بتشجيع

_ يستاهل . اوعي تفرطي في حقك . لازم يفهم ان اهلك ليهم احترامهم و أن علاقتك بيهم دا شيء مفروغ منه . ياسين مش وحش بس كل راجل وله طبع ، و أنتِ شطارتك انك تحطي النقط على الحروف و تفهميه حقوقك كويس وانك مش هتتنازلي عنها ولو حصل ايه . 


ـ فعلا دا اللي ناوية اعمله . 


عودة للوقت الحالي 


دوي رنين هاتفه ينتزعه من ذكرياته السيئه فتقدم ليلتقطه فضرب قلبه تيار الهوى لـ تتزايد دقاته بجنون حين وجد اسمها يُضيء هاتفه فحاول السيطرة على ما يعتريه و أجابها بجفاء

ـ ألوو. 


_ الحقنا يا ياسين . فرح بتنزف و واخدينها عالمستشفى. 


دب الذُعر في قلبه فهتف بعُجالة

_ اهدي يا حلا ، و قوليلي مستشفى ايه ؟ 


أخبرته باسم المشفى فقال بحنو

ـ طب اهدي يا حبيبتي وانا هقابلكوا على هناك حالًا ..


اغلق الهاتف و هرول إلى الأسفل ليتقابل ب«عمار» الذي قال بمُزاح

_ ايه السنيورة وحشتك وناوي تحن و تروح تشوفها ولا اي ؟ لو أكده تعالى معاي انا رايح هناك .


باغتته كلمات «ياسين» المُرتعبة حين قال

_ فرح تعبانه و نقلوها للمستشفى وانا رايح لهم دلوقتي. 


انتفض «عمار» قلقًا و هتف بلهفة

_ بتجول ايه ؟ فرح مالها ؟ 


_ معرفش . اللي عرفته أنها نزفت جامد وهما طالعين بيها عالمستشفى دلوقتي. 


«عمار» بلهفة

_ طب يالا بينا نحصلوهم.


لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين ♥️


★★★★★★★★★


كان الألم غائرًا و الذُعر يجتاح قلبه دون رحمة يؤازره شعور قوي بالذنب كونه أغفل عن حمايتها. لا يعلم ماذا حدث ولكنه يشعُر أن يد الغدر طالتها فتغيب عقله وهو يُهرول إلى سيارته دون النظر إلى ما يحدُث خلفه فأوقفه صوت« صفوت» حين ناداه صارخًا

ـ رايح فين يا سالم ؟ لسه مخلصناش شغلنا ، و سليم وطارق مستنينا في المينة . فرغوا شحنة المخدرات في البحر ووو


قاطعه «سالم» بحرقة لم تظهر يومًا عليه

_ فرح . 


«صفوت» بصدمة

_ مالها فرح ؟ 


اكتفى بجملة واحدة ولكنها خرجت كشجرة شوك تُمزِق لفائف الصوف دون رحمة

ـ بتضيع مني . 


كان مظهره كرجل في السبعين من عمره فقد شابت ملامحه و ارتسم الوهن بنظراته و شفاهه التي ترتجف ألمًا الذي انتقل ل«صفوت» فقال الأخير بنبرة قوية

_ اهدى يا سالم . أن شاء الله فرح هتبقى بخير . روح أنت و أنا هكمل هنا ، و هخلي طارق وسليم يحصلوك . خلي ايمانك بربنا كبير. 


خرجت كلماته مُعذبة مُتوسلة حين قال

_ ونعم بالله ..


لا يعلم كيف كان يقود سيارته ؟ لا يرى شيء سوى ضحكاتها بين يديه و مقتطفات من حديثها الرائع 


_هو انا ينفع أخطفك !


_ يا ترى سيادة النائب فاضيلي ؟ 


_سيب الناس تاكل عيش جنبك يا باشا . 


_ انت مقولتليش بحبك غير اربع خمس مرات بس ! 


_ أنا محدش يمشيني على مزاجه يا سالم يا وزان . 


هتف قلبه بنبرة مُحترقة

_ سالم الوزان هيضيع من غيرك يا فرح . 


أخذ يحاول تجاهل ذلك الألم الدامي في كتفه الأيسر و أطلق جأشة مكبوته بصدره قبل أن يقول بنبرة مُوقدة

_ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . 


لأول مرة يُطلِق العنان لـ عبراته لـ تنهمر فوق خديه بتلك الطريقة . حتى أنه لم يمنع شهقاته التي اخترقت سكون السيارة التي كانت كوحش ينهب الطريق كذلك الوحش الذي ينهب بقلبه فيجعل آلامه مُروعة و خاصةً حين أخذ يدق على الهاتف عل أحدهم يُجيبه و يُطمئن ذلك القلب الذي سيتوقف من فرط الخوف على محبوبته التي كانت ترقد في عالمْ آخر غير واعية لتلك الشهقات من حولها فقد ادخلوها إلى غرفة العمليات فور وصولها و كان الجميع في الخارج على صفيح ساخن العبرات غزيرة و الشهقات تصُم الآذان والقلوب تتفتت ألمًا بينما الأجساد واهنة من فرط الخوف الذي حاول« مروان» التغلُب عليه فـ هدر بعنف

_ في ايه ؟ انتوا بتولولوا عليها كده ليه؟ فرح كويسه و

وبخير ، و داخله تولد. مالكوا في ايه ؟ ادعولها ربنا يقومها بالسلامة . 


أنهى كلماته تزامنًا مع قدوم كُلًا من «ياسين» و« عمار» فتوجه إليهم «مروان» قبل أن يصلوا إلى تواجد النساء

_ بقولكوا ايه ؟ فرح حالتها خطر . الموضوع مش ولادة عادية ، وانا مش عايز حد منهم يعرف . 


اهتاج «ياسين» غاضبًا 

_ بتقول ايه ؟ يعني ايه مش ولادة عادية ؟


«مروان» بحدة

_ وطي صوتك . سالم جاي في الطريق ، و كمان طارق و سليم . انا هرجع المزرعه دلوقتي عشان اشوف حصل ايه ؟ انا شاكك في حاجة وربنا يستر . 


« عمار» بحدة

_ واحدة من الكلاب اللي هناك دول ليها يد في اللي حوصول لفرح صوح ؟ 


اومأ« مروان» بصمت فتابع «عمار» بحنق

_ خليك يا ياسين اهنه مع الحريم لحد لما الرچالة يوصلوا واني هروح مع مروان. 


اومأ «ياسين» بصمت فتوجه كُلًا من« عمار» و «مروان» إلى المزرعة و ما أن وصلوا حتى اخرج «عمار» سلاحه ينوي الفتك بتلك الساقطة فنهره «مروان» قائلًا 

_ لا. المواضيع دي مش هتتحل كدا ، و الرصاصة اللي هتطلع دي غالية لحد رخيص ميستاهلش . هتريحه من مصير أسوأ من الموت.


تجاهل «عمار» حقده و غضبه و ادخل سلاحه في جيبه فقال «مروان» بخفوت

_ لما ندخل عايزك تركز اوي في ردود الأفعال اللي هتشوفها انا لازم اعرف حصل ايه بالظبط ؟


«عمار» بسخط 

_ ما نحبسوهم اللتنين و ندوروا فيهم الضرب لحد ما يعترفوا باللي حوصول . 


«مروان» بحزم

_ غلط . نبقى كدا كشفنا نفسنا في الوقت الغلط . اسمع بس كلامي . 


دلف الإثنان إلى المنزل فصاح« مروان» مُهتاجًا 

_ دادا نعمة . شكرية . رمضان . انتوا فين ؟ 


هرول جميع الخدم و أطلت عليهم «جوهرة» من الأعلى لترى ماذا يحدُث و كل خلية بداخلها مُتحفزة لما هو قادم 

_ ايوا يا مروان بيه ؟


«مروان» بصراخ

_ مين كان في المطبخ النهاردة غيركوا ؟ 

«نعمة» بلهفة

ـ احنا بس يا مروان ، و كانت معانا الست اللي اسمها نجيبة دي . 


_ هي فين ؟ 


اجابه «شعبان» وهو يقول بلهفة

_ متعرفش من وقت اللي حصل لست فرح وهي مش موجوده. 


صرخ «مروان» بصوت كـ الزئير

ـ مجاهد . يا مجاهد. 


هرول «مجاهد» هو الآخر ليُجيبه بلهفة

_ ايوا ياسي مروان . 


_ تقلبلي الدنيا على بنت الكلب دي . الست فرح بين الحيا و الموت ، و اللي حصلها ده مش طبيعي عايز اعرف حصل ايه بالظبط . كلت ايه ؟ شربت ايه ؟ مين طلع اوضتها فوق ؟ 


كانت عينا «عمار» على تلك التي تقف في منتصف الدرج تحبس أنفاسها وقد لمعت عينيها لوهلة حين سمعت تلك الأخبار السعيدة ، و التي أثلجت صدرها و خاصةً أنها تخلصت من تلك المرأة الأخرى بعد أن نفذت ما طُلِب منها  


_ مروان بيه ؟ 


التفت مروان إلى أحد الحرس فوجده يقول بلهفة

_ في حاجه مهمة لازم تشوفها .


تبِع« مروان» الحارس إلى حيث الحديقة الخلفية للبيت فتفاجئ بتلك القطة التي من الواضح أنها ماتت مسمومة فقد كان هُناك سائل ابيض يسيل من بين شفتيها و بجانبها طبق من اللبن . 

صاحت «نعمة» بصدمة

_ دانا اللي حطتلها اللبن دا تشربه .


ثم شهقت بذُعر

_ و نفس العلبة دي شربت منها ست فرح .


هبط قلب« مروان» بين ضلوعه وهو يتخيل نفس المصير لزوجة ابن عمه فهمس بلوعة

_ يعني فرح اتسممت ! 

الفصل الرابع والثلاثون من هنا


بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-