رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم سيلا وليد




 رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم سيلا وليد 

 

الفصل الواحد والعشرون


1


مبارك يانفسي عليكِ وجعي ..مبارك الحزن والألم والفراق .. كنت سأحاربُ بها الحياة .ولكنها أعلنت الكبرياء ..وأنا لم أصمت بل أعلنت القسوة الجفاء ...فهل يُكتب لنا الفراق أم يكتب لنا اللقاء ...؟!


جاسر الألفي 


❈-❈-❈


نهضت من مكانها متجهة إليه سريعًا


-هو إنت ليه بتعمل معايا كدا، انا معرفكش، ولا عمرنا اتقابلنا ..اللي يشوف أفعالك معايا يقول انك تعرفني وكاني غدرت بيك..انا معرفكش، ولا عملت فيك حاجة علشان تأذيني بالشكل دا 


انسابت عبراتها رغمًا عنها، هي ليست بالضعيفة ولكن ظلمها وقهرها أضعفها فأصبحت خائرة القوى 


أمسكت ذراعيه لأول مرة واقتربت منه 


-ياسين لو سمحت احنا غير بعض، حياتك غير حياتي 


تراجعت بعد أخرجت كل مايؤلم قلبها


ونظرات معاتبة على ما فعله بها ، حاولت تهدئة نفسها فهمست بتقطع 


-أنا مابلومش عليك، انت غريب عني مهما كان ، فعذراك، إنما أهلي اللي رموني وكأنهم مايعرفونيش


جذبها من ذراعها وأجلسها :


-بصي يابنت الناس انتِ متهمنيش، وزي ماقولتلك قبل كدا..جوازنا صوري لمدة، علشان اهلك ، ماهو إنتِ لو يهمك اهلك مكنتيش عملتي كدا ..


رفعت نظرها إليه 


-اللي اعرفه حضراتكم ظباط، ازاي بتلقوا تُهم من غير دليل 


للحظة عجز عن الرد، تراجع ناصبًا عوده وتحدث بخشونة


-ميهمنيش زي ماقولتلك، سواء بريئة ولا لأ..أنا كل اللي يهمني نتحمل بعض الفترة دي، انا مش هكون موجود طول الأسبوع، وممكن يعدي شهر كمان، مش عايزك تخرجي من البيت دا دون إذني، هكلمك كل فترة


استدار مشيرا إليها وبنبرة تحذيرية


-غلطك مش مقبول، معايا..إنتِ شايلة اسمي 


تنهدت عندما علمت أن الحوار لايبدي جدية معه..فجلست مرة أخرى تبعد بنظراتها عنه قائلة:


-ازاي هقعد هنا وأنا معرفش حد فيهم، ازاي اتعامل معهم وأنا معرفش أسمائهم اصلا


رمقها بهدوء وأجابها:


-مينفعش أسيبك لوحدك في الشقة، غير إن الشقة مش بتاعتي، دي بتاعة جاسر..


توقفت تفرك كفيها واقتربت منه بعدما ألتمست هدوئه


-عادي لما أقعد لنفسي، جاسر دا اخوك مش كدا..ابتسمت ساخرة واسأنفت


-أنا بسأل في ايه، دا انا معرفتش اسمك غير قريب 


كانت نظراته تتابع ملامح وجهها وردود أفعالها فتسائل:


-ايه اللي بينك وبين ابن عمك، فعلا زي ما قال ..هو ممكن واحدة تتخلى عن نفسها وتنزل بأهلها علشان حب مزيف


جحظت عيناها مدهوشة لما تسمعه، حتى تلجم لسانها، ولم يعد لديها القدرة على إيجابه


استدارت للشرفة ولم تعيره إهتمام وكأنه لم يكن موجود


تحرك حتى وصل خلفها وبملامح جامدة وألمًا حاد اخترق جدار قلبه 


-كلكم زي بعض، اللي يفرق الأسماء مش اكتر، كل واحدة فيكم بتجري علشان حياتها مبتفكرش غير بنفسها..كان عندي امل بسيط تكوني مظلومة من التهم، مش علشان انت تهميني ..سألت علشان أكد لنفسي إني على حق


قالها واستدار متحركًا حتى وصل لدى الباب 


-جهزي نفسك وانزلي، هنروح مشوار 


استدارت متسائلة:


-مشوار ايه؟!..زفرت مختنقة وهتفت بغلظة 


-أنا مش الجارية بتاعة حضرتك، وزي ماقولت لازم نتعاون الفترة دي علشان نعديها مع بعض 


نظر بساعة يديه ورفع بصره 


-نازل ..5دقايق وتنزلي، وعلشان متقوليش جارية، هنروح عند جاسر ودا اخويا الكبير، لازم أقابله قبل مااسافر، هو متجوز بنت عمي ..


-بس أنا مش عايزة اروح ..قاطعها بإستنكار، وتابع مزمجرًا بنفاذ صبر


-مش باخد رأيك..اجهزي، قالها وتحرك للخارج 


جلست على الفراش تتنهد بصوت مسموع مختنقًا، عجزت عن التفكير لا تعلم ماذا عليه فعله حتى تخرج من تلك الحياة البائسة 


احتوت رأسها بين راحتيها تتذكر ماصار من خالد 


فلاش باك


❈-❈-❈


خرجت من جامعتها، وجدته ينتظر بخارج الجامعة


-خالد!! بتعمل إيه هنا..اقترب منها يطالعها بنظرات خبيثة


-وحشتيني يالولو، ايه بلاش اجيلك 


ابتسمت بحب قائلة: 


-لأ ياسيدي تعالى، بس طبعا دا قدام ماما وبابا، بلاش تقابلني برة، مينفعش احنا مش مكتوب كتابنا، وانت عارف عمك 


جذب كفيها وتحرك لسيارته


-تعالي هنتغدى مع بعض ونكلم عمو مش هيقول حاجة


توقفت تنظر حولها وهزت رأسها بالرفض 


-لأ طبعا، لازم اقول لبابا الاول..امسك هاتفه 


-عمو ازي حضرتك ، انا بستأذن منك هخرج مع عاليا علشان نشتري شوية حاجات للفرح، وكمان هنتغدى مع بعض 


أجابه والدها:


-متتأخروش يابني..سحبها وفتح باب السيارة 


-اظن كدا في السليم..ابتسمت له وتحركت تستقل السيارة بجواره، وصلا بعد قليل إلى إحد المطاعم 


-ايه اللي جابنا هنا، انا مبحبش المطعم دا وانت عارف 


ترجل مستديرًا إليها 


-انزلي حبيبتي ، عاملك مفاجأة..تنهدت ساحبة نفسًا طويلا ثم تحدثت:


-مبحبش اكلهم من اولها..تشابك بكفها وتحرك بجوارها حتى وصل للداخل 


وجدت المكان خالي، اتجهت إليه 


-المطعم فاضي ياخالد، لحظات واستمعت للموسيقى واقتراب أحدهما يعزف على الجيتار ..ابتسمت له 


-إنت حجزت المطعم ليا، رفع كفيها يقبلها ونظر لعيناها الخلابة التي تشبه القهوة 


-كل سنة وأنتِ طيبة ياحبيبتي 


ذهلت عندما تذكرت أن اليوم عيد ميلادها ..


-مش معقول انا نسيت ..خرجت من ذكرياتها عندما استمعت لهاتفها، وجدت ياسين 


نهضت من مكانها متجهة لغرفة ملابسها وهبطت للأسفل ، قابلتها ربى وهي تحمل قهوتها صاعدة لغرفتها 


توقفت ربى تنظر إليها متسائلة:


-خارجة ولا إيه، انا كنت هطلعلك نقعد نشرب قهوة مع بعض


ابتسمت مرحبة 


-أكيد بس لما نرجع، رايحين عند اخوكي


ضيقت ربى عيناها متسائلة :


-اخويا مين ..تقصدي جاسر؟!


اومأت لها واجابتها 


-أيوة اسمه جاسر..


-اسمه جاسر، رددتها ربى خلفها مستنكرة 


ابتلعت ريقها بصعوبة، حينما علمت بخطأها 


-أصل..قصدي يعني ماتقبلناش فمعرفوش 


هزت ربى رأسها وتحركت للأعلى 


-خلاص ولايهمك، انزلي علشان متتأخريش على ياسين


الصفحة التالية


الفصل الواحد والعشرون


2


بمنزل جاسر 


خرج من الغرفة وروحه تنازعه بالغضب من حديثه إليها..توقف عندما استمع لرنين هاتفه، رفع الهاتف ينظر مستغربًا ذاك الرقم الدولي ..قام بالرد 


-أيوة..أجابته فيروز 


جاسر...


-فيروز..قالها وهو يتحرك للخارج ،خرجت سريعًا خلفه، ولكنها توقفت عندما استمعت لحديثه، 


دلفت للداخل وأغلقت الباب خلفها، 


اتجه لسيارته، وهو يتحدث بهاتفه


-بتتصلي بيا ليه ..أجابته على الجانب الآخر 


-جاسر مش عارفة اتأقلم هنا لو سمحت بلاش تنفيني بالطريقة دي 


توقف يستند على باب سيارته 


-خليكي عندك احسن، كدا انت بتحمي نفسك مني يافيروز، صدقيني كدا أفضلك وامسحي رقمي وإياكي تتصلي تاني وبلاش شغل الرخص دا، ونصيحة مني لو حاولتي تقربي من روحي برخصك يافيروز هنسى انك كنتي مراتي في يوم من الأيام ..قالها. أغلق الهاتف يتنفس بصعوبة، ضرب فوق السيارة غاضبا ثم استقلها وجلس بقلبًا يأن ألمًا كوتر آلة موسيقية مقطوع ، وضع رأسه على القيادة وأغمض عيناه لدقائق ثم رفع نظره ينظر لشرفة غرفتها، شعر بألمًا يسري بجسده بالكامل، تتصارع مشاعره بداخله، وانفاسه تتسارع كمتسابق يقطع العشرات من الكيلو مترات كلما تخيلها بين ذراعيه، رغبة جامحة اخترقت قلبه لإستنشاق عبيرها، والتمتع بجنة عشقها، يعلم أنه أهانها بأبشع الطرق ، تخيل حالتها بذاك الوقت فهز رأسه وترجل من سيارته سريعا ..يتنهد بحرارة ينصهر داخله لحزنها، ردد متحركا إليها:


-لأ..مش قادر ، لازم اقولها الحقيقة، قالها ثم اتجه مهرولًا إليها ..دفع الباب وهو يهتف:


-جنى.. ولكنه توقف ينظر بصدمة إليها هنا شعر بإرتجافة جسده بالكامل، وشحب وجهه ، وبأعين مزعورة حاوطها ،فتحرك بأقدام مرتعشة، حتى وصل إليها هاويًا بجوارها 


بسط كفيه يزيح خصلاتها من فوق وجهها، وانسابت عبراته رغمًا عنه 


-جنى حبيبتي..قالها وهو يرفع رأسها يضعها على ركبتيها، نيران سارت بجسده وهو يرى تورم وجهها من سقوطها، والدماء التي أسفلها ..هز رأسه بعنف رافضا ماسيصير ..، احس بألم العالم كله ينخر جسده، وشعر بغصة تمنع تنفسه، حاول ابتلاع ريقه الذي جف رهبة مما صار، جذبها بين ذراعيه يحملها و يضمها لصدره ويبكي كالطفل الذي أضاع والديه،


-جنى افتحي عيونك حبيبتي ، حاول قدر المستطاع السيطرة على نفسه 


هبط للأسفل سريعا متجهًا لسيارته، الحزن والألم حفر ثقوبا بقلبه خوفًا عليها ..تحرك سريعا للخارج، شعر بخفة وزنها رغم حملها، سبّ نفسه 


-غبي ومتخلف، ايه اللي عملته دا، قالها يؤنب نفسه ..وصل إلى جراج سيارته 


بدخول ياسين تجواره عاليا إلى منزله ..توقف ياسين فجأة حتى اصطدمت عاليا للأمام 


ترجل مهرولا لأخيه، توقف أمامه 


-جاسر مالها جنى، ابتعد عنه متجها لسيارته كالضائع الذي لايعلم بأي اتجاه يسير ، خطوات مبعثرة مثل خفقانه هشعر بزهق روحه 


اقترب ياسين بعدما وجد حالته 


-هاتها ياجاسر، وانت سوق، هقعدها جنب عاليا ..تراجع بجسده ينظر بكافة الاتجاهات كالذي ضل طريقه، وبدأ يتمتم بحروف كمن ضيع عقله ، 


-أنا السبب..هذا حال لسانه وهو يتجه لسيارته، هرولت عاليا خلفه، تجذب كف ياسين


-واقف كدا ليه مش شايف حالته، شكل مراته بتنزف، عرفت انها حامل وشوف هدومه عليها دم..هنا فاق ياسين من صدمته يهز رأسه فهرول إليه ..وصل بتخبط لسيارته ..امسك كتفه ياسين محاولا السيطرة عليه


-جاسر هوصلك ممكن تهدى..


-جنى بتموت ياياسين، أنا قتلتها،أنا قتلتها، .قالها صارخا يضمها بقوة لأحضانه 


فتح ياسين الباب الخلفي، ليضعها بهدوء اولًا ثم يصعد بجوارها، قائلاً :


-سوق بسرعة على المستشفى 


اومأ متفهما يشير لعاليا التي ، تطالع جاسر بحزنًا على حالته التي ابكت قلبها، كان لا يشعر بأحدا، سوى التي بين ذراعيه..انحنى يطبع قبلة على جبينها ويضمها لصدره بقوة


-جنجون قدامنا شوية ونوصل المستشفى ياقلبي، رفع رأسها يضع جبينه فوق جبينها هامسا لها 


-جنى ..خرج اسمها من بين شفتيه محترقًا، بألم الفقدان، وعقله يصور له الكثير من السنيورهات ..وآه موجوعة بآلام روحه ..مردفا يئن بكلماته 


-اوعي تموتيني ..كفاية عذاب فيا بقى، لسة ناقص تعملي ايه اكتر من كدا ..آسف ياروحي 


قالها بشهقة بكاء مختنقة بدموع الوجع .


توقف ياسين أمام المشفى، ترجلت عاليا سريعًا تفتح باب السيارة ..تطالعه بصمت..نظر إلى مدخل المشفى، ثم إلى التي بين ذراعه كالجثة ..ضمها يهز رأسه رافضا الدخول 


-جاسر لو خايف على مراتك لازم ندخلها هنا، ياله مراتك ممكن تموت..بسط كفوفه 


-هاتها اخدها..نظر إليه كالضائع الذي لا يفهم ماذا يقول ...انحنى ياسين يجذبها بقوة من ذراعيه 


-جاسر فوق ، جنى كدا هتموت، قالها وهو يحملها بين ذراعيه متجها للداخل يصرخ بالمسعفين 


-دكتورة نسا لو سمحتم ..قالها وهو يتحرك بها اتجاه غرفة الاستقبال. ..أما الآخر الذي مازال جالسًا بالسيارة ينظر لكفوفه الممتلئين بالدماء ودموعه تنساب بصمت، ينظر بزعر كالذي فقد عقله ..لا يستطيع التحرك وكأن جسده أصيب بشلل في خلايا جسده بالكامل من صدمته، وشحبت ملامحه


-استاذ جاسر..قالتها عاليا بهدوء، تبسط كفيها إليه 


-انزل ياله علشان نلحق ياسين..نظر إليها بصمت كأنه لايعلم الحروف ولا الكلام..اتجهت ببصرها للداخل تنتظر ياسين، لا تعلم ماذا عليها فعله، أصابتها حالة من الحزن عليه، كيف تتركه بذاك الشكل..وقع بصرها على هاتف ياسين الذي يوجد بالسيارة..هرولت إليه تدعو الله بسريرتها يكون بلا باسورد 


أمسكت الهاتف بكف مرتعش، حمدت ربها عندما فتح الهاتف..ابتسمت كالغريق الذي وحد ضالته وهي تبحث بين الارقام حيث وقع عيناها على اسم والده..قامت بمهاتفته دون تفكير


بحي الألفي 


يجلس عز بجوار عمه 


-بابا تعبان ياعمو، سيبه يرتاح شوية، صدقني هو شوية وهيرجع، حضرتك تايه عن صهيب الألفي ولا ايه 


هز جواد رأسه مستنكرًا أفعال صهيب


-مزعلني اوي ياعز، متقعوتش منه كدا، داخلين على شهر وهو بعيد عن بيته، حاولت معاه معرفش ليه مُصر أنه يبعد..كلمه ياعز وبلغه زي ماهقولك كدا 


قوله عمو بيقولك لو مرجعتش نهاية الأسبوع يبقى ينسى أنه له اخ اسمه جواد، مش كفاية سيف، يعني نبقى موجودين على وش الدنيا ومنعرفش عن بعض حاجة..أنا كلمت سيف وقولتله يصفي شغل تركيا، كفاية غربة كدا، خليه يعمل زي حازم، انتو مش صغار علشان ألم فيكم 


بتر حديثهم رنين هاتفه..زفر مختنق يشير للهاتف 


-كفاية عليا المتهور دا، لا وجاي مفكر أبوه أهبل وهيصدق العبط اللي بيقوله 


ابتسم عز عندما تذكر ياسين..فغمز لعمه 


-مايمكن بيحبها فعلا ياابو الجود ، انت كنت دخلت قلبه


أغلق جواد الهاتف بوجهه


-بيتصل ليه المتخلف دا..قهقه عز يلطم كفوفه 


❈-❈-❈


-ماترد عليه مايمكن عنده مشكله، قالها وهو يغمز بطرف عينه..دلف بيجاد يدخل رأسه من الباب


-حمايا طالب ايدي وأنا مش موافق..رمقه جواد بنظرة مشمئزة يشير إليه


-تعالى هنا ياجوز غنى ..تسمر بيجاد. بوقوفه يهتف بنبرة غاضبة :


-ليه شامم ريحة تريقة، اه جوز غنى محدش له حاجة عندي ..جذب المقعد وجلس يضع ساقًا فوق الأخرى يضرب على ساقيه


-سامعك حمايا الغيور..قاطعهم رنين هاتف جواد مرة أخرى 


مسح على وجهه يشير للهاتف:


-كفاية عليا ياسين الأيام دي، خليك خفيف يابيجاد مش ناقص غباوة منك، انا محسبتكش على موضوع جنى، اوعى تفكرني هعديها كدا، الظروف بس مش مساعداني


زفر بعدما تكرر رنين هاتفه مرة أخرى..رفعه قائلا:


-والحلوف دا كمان عايز ايه، قالي واخد مراته مشوار


غمر بيجاد قائلا:


-يمكن هيبشرك ياجدو ويقولك مبروك جايلك حفيد...توسعت أعين جواد بذهول حتى ارتاب شكًا 


-بس ياحلوف ، مستحيل ياسين يعمل كدا..ربت بيجاد على كتف عز بقوة 


-زيزو هو عمك مكنش موجود معانا موجود وابنك بيقول مراتي ، لأ ومفتخر، بيحسسني أنه اتجوز الأميرة ديانا، مش كدا ولا إيه، ولا يمكن فقدت الذاكرة..، أمسك جواد الهاتف للرد، دنى بيجاد بجسده يخطف الهاتف منه ويلقيه على المقعد بجواره


-اسكت يالا شوية، عرفنا مراتك حامل، بس تقول ايه ابوك مش مصدق، تعالى واقوله في وشه، يمكن المرادي نعمله قلب مفتوح


ركله عز بقدمه :


-بتقول ايه ماتتلم شايف وقت هزار ..رفع حاجبه الأيسر ساخرا


-ياسلام ..قالها ثم اتجه لجواد 


-هو شهر ٢ السنادي٢٩يوم ، قولي ليه ..هقولك علشان سنة كبيسة عليك ياعمو جواد، مفيش حد من ولادك إلا ماشاء الله ، الله اكبر عليهم مفيش مصيبة الا وعملوها، حتى القط الصغير كمان دا ضرب صاروخ يهز أفغانستان كلها، دا الراجل دا بكل بجاحة وبيقول مراتي، والتاني جاي واقف قدام الكل وبكل وقاحة ..هرجع مراتي، والله لولا احترامك كنت طيرته، ولا الأهبل اللي جنبك طلق مراته قال ايه كسرت كلمته، ياخي والله مالاقي كلام اعبر بيه عن انجازتكم العظيمة، ابتسم بسخرية متجهًا لعز 


-احمد ربنا أنه لسة قاعد قدامكم وفيه عقل...


كان يطالعه بصمت، ثم تحدث:


-طيب ياعاقل، قولي ورا الدخلة دي كلها ايه يابن المنشاوي 


ارتفعت ضحكاته وهو يضرب كفيه ببعضهما 


-ياربي عليك ياعمو جواد، يعني عملت حوار طويل عريض وبتسألني برضو 


جذبه جواد من ياقته وامال بجسده، يمسكه من عنقه 


-ولا..قولي اخرك ايه، ولو جاي بتلف وتدور علشان تسافر بغنى انسى، مش موافق 


نهض يضع كفيه بجيب بنطاله وتحرك للنافذة ينظر للخارج 


-أنا مبخدش رأيك على فكرة ياعمو، دي حياتي وأنا حر فيها، بس من حقك عليا، علشان العشرة اللي بينا، وعلشان كمان بعتبرك زي والدي، هو الصراحة مش زي والدي كمان، لأ ..انت فعلا ابويا، وحضرتك عارف حبي ليك اد ايه، بس عند حياتي الخاصة مبحبش حد يدخل فيها، حتى لو ريان المنشاوي نفسه


نهض جواد من مكانه متجهًا إلى وقوفه ، ووقف بمقابله 


-يعني افهم انك واخد قرار مش كدا، ومهما أقول رأيي مش مهم 


اتجه بنظراته للخارج مرة أخرى، يهرب من نظرات جواد وأومأ برأسه


-مراتي لازم تبعد شوية، وانا مش هفضل أضغط عليها ..متنساش غنى كانت مريضة، وانا مش عايزها تتنكس وتتعب تاني، وحقي احافظ عليها ..عارف حضرتك هتزعل مني، بس اعذرني مراتي وابني اهم عندي من أي حد، يعني لو تعبت محدش هينفعني لا حضرتك ولا جاسر، اتمنى تكون متفهم ياعمو


الصفحة التالية


الفصل الواحد والعشرون


3


اسمعني يابيجاد كويس مش هكرر كلامي..توقف عندما استمع لرنين هاتفه مرة أخرى، فتحرك 


-لأ ..كدا اكيد فيه حاجة مهمة لازم اشوف فيه


-ماقولتلك ياحمايا، هيقولك مبروك


جلس على مقعده وأجابه 


-أيوة ياياسين..قالها جواد ، على الجانب الآخر ابتعدت بعض الخطوات عن السيارة 


-الاستاذ جاسر ..لا مراته..هب جواد من مكانه، ودقات قلبه تكاد تخرج من صدره، فتسائل بشفتين مرتجفتين بعدما ابتلع لعابه الذي جف


-ماله جاسر، وفين ياسين..أرجعت خصلاتها للخلف تنظر إلى خروجه من السيارة، يتخبط كالذي يتعلم المشي..فأجابته بتقطع :


-إحنا في المستشفى..اتجه للخارج سريعًا دون الحديث مع أحد


-انهي مستشفى يابنتي، انتي ليه بتنقطيني بالكلام 


هرول عز وبيجاد خلفه، 


-عمو جواد ايه اللي..وضع اصبعه على شفتيه وهو ينظر حوله، حتى لا يسمعهم أحدًا..نظرت عاليا على يافتة المشفى واجابته :


-مستشفى جاسر الخيري..


تمام..قالها وأغلق الهاتف، متجهًا لسيارته سريعا..توقف عز أمامه


-جاسر ماله ياعمو، ومستشفى ليه، جاسر حصله حاجة


بحث بجيبه عن مفتاح سيارته ، نظر لعز 


-نسيت المفتاح ، شغل عربيتك ياله، معرفش ،...


أمسك عز كفه:


-مين كلمك ياعمو، 


اتجه جواد جهة السيارة قائلا:


- دي مرات ياسين مفهمتش حاجة، تخبط بالحديث 


-لأ اكيد مفيش حاجة ..تغضن جبينه بعبوس متسائلا :


-مرات ياسين بتعمل ايه عند جاسر، وليه ياسين متصلش، فيه حاجة مش تمام


دفعه بيجاد للسيارة: 


-عز اركب دلوقتي..ولما نوصل هنعرف، قالها بيجاد متجها لسيارته، بينما عز اسرع خلف عمه 


وصلوا بعد دقائق..ولج جواد للداخل ..توقف الجميع احتراما وتقديرا له لمعرفتهم السابقة به 


اتجه للداخل يبحث عن ابنه، بينما عز الذي هرول إلى الرسبيشن 


-الظابط جاسر الألفي فين 


أشارت له المسؤولة 


-الدور التاني يافندم ، عند دكتورة النساء..هزة عنيفة أصابت جسده فاستدار لعمه الذي تحرك بجوار بيجاد دون حديث ..وصل للمكان المنشود


كان ياسين يجلس بجوار عاليا بالخارج، توقف حينما وجد والده 


-بابا..مين قالك


طأطأت عاليا رأسها مجيبة 


-أنا اللي كلمت حضرته، الاستاذ جاسر كان حالته سيئة فكان لازم يعرف


استدار يرمقها بصدمة ، ثم اتجه لوالده ببصره عندما تسائل


-ايه اللي حصل ، مالها جنى ..


تسائل بها بخروج جاسر من غرفة الطبيبة خلف فراش جنى المتحرك ..هرول عز جاحظا عيناه حينما وجد أخته لا حول لها ولاقوة 


أما جواد الذي راقب حالة ابنه بألم شق صدره، كان يقف كالغائب عما يدور حوله، توقف أمام غرفة العمليات، يضع رأسه على الجدار مغمض العينين، يعقد ذراعيه على صدره.أشار بعينيه لياسين وبيجاد اللذان اتجها إليه 


-جاسر مالها جنى؟!


هوى على المقعد يضع رأسه بين راحتيه..دون حديث


جلس عز بجواره يجذبه من ذراعه ، وبغضب محموم يندلع من حدقتاه


-اختي مالها ، وليه دخلت عمليات ، اوعي يكون حملها 


أطبق على جفنيه متألمًا يهز رأسه بحزن يخرج من مقلتيه:


-مالناش نصيب..قالها بقلبًا مفطور 


هنا شعر عز بوجع يغزو أضلعه وكأن أحدهم اصابه برمحًا مشتعل، فنهض من مكانه يتحرك بخطى متعثرة واشتعل جسده بنيران جحيمية 


-أكيد من الزعل، رددها وهو يتحرك يقف أمام الغرفة ينتظر خروجها 


❈-❈-❈


بعد فترة خرجت الطبية من غرفة العمليات، توقف جواد متجهًا إليها فيما أسرع عز يتوقف أمامها


-ايه يادكتورة، جنى عاملة إيه 


رفعت نظرها بعملية وهتفت: 


-للأسف زي ماخبرت حضرة الظابط، فيه طفل كان نبضه متوقف من فترة، وربنا رحيم أنه نزل طبيعي، ودا من خلال النزيف، أما الطفل التاني كان لازم ينزل ، حياة الأم كانت في خطر، كان لازم ننقذ حد فيهم ، وحضرة الظابط اختار مراته 


شحبت ملامح جواد فتسائل


-بتقولي طفل كان ميت من فترة، اومأت له الطبيبة 


-للأسف يافندم، الطفل مكنش لازم يعيش لأنه مشوه، والتاني نبضه ضعيفه 


-الأم حالتها إيه ؟! تسائل بها عز بقلبًا ينتفض خوفًا 


-الأم كويسة، هتتنقل اوضتها بعد شوية، بس لازم ترتاح معانا فترة 


اومأ برأسه متفهمًا ثم تحركت ..اتجه عز خلف أخته الذي خرجت متجهة لغرفة أخرى..دلف خلفها، انحنى يطبع قبلة حنونة فوق جبينها هامسًا لها


-حمد الله على السلامة حبيبة اخوكي..مسد على خصلاتها ينظر للممرضة 


-فين حجابها ..اعدلت الممرضة من وضع فراشها حتى ترتاح بنومها مردفة 


-جاتلنا من غير حجاب يافندم ..دلفت عاليا إليها ، وصلت أمام الفراش وتسائلت


-هي هتفوق إمتى لو سمحتي 


-نص ساعة بالكتير..ولو احتجتم حاجة دوسو على الجرس دا 


اقتربت منها تطالعها بهدوء بدخول جواد، تطلع جواد إلى عز قائلا:


-سبوها ترتاح ياعز، ووقت ماتفوق لازم تكون جنبها، علشان تتجاوز الفترة دي ،رفع نظره لعمه وتحجرت دموعه 


-تفتكر هتسامحني ياعمو..ربت على كتفه 


-بلاش كلام دلوقتي في الموضوع دا، تعالى نسيبها ترتاح، ثم اتجه لعاليا 


-خليكي جنبها لو فاقت عرفينا ..أومأت برأسها بالموافقة


تحرك عز بجوار جواد متجهين للخارج 


ذهب ببصره لجاسر الذي مازال جالسًا بمكانه، كأنه لم يشعر بهم حوله..


تنهيدة عميقة غادرت ضلوعه، متجهًا إليه:


-مش هلومك ولا أقولك ايه اللي حصل ، بس هقولك اللي حصل من عمايل ايدك يابن عمي ..قالها وتحرك متجها للخارج 


..هرول خلفه بيجاد 


-عز !! استنى رايح فين 


تحجرت دموعه تحت اهدابه قائلا


-رايح اجيب امي لبنتها، كفاية عليها كدا، جنى ممكن تموت فيها، لازم ماما تكون موجودة


امسكه بيجاد من أكتافه 


-طيب أهدى دلوقتي واستنى نشوف الدكتورة هتقول ايه، بص حواليك كدا..شوفت جاسر عامل ازاي


انزل عز كفيه قائلاً دول جدال:


-وياترى مين السبب من رأيك، ماهو جاسر السبب ، قالها عز وهو يرمق جاسر 


-لأ دا إنت مجنون، الدكتورة قالت إن الطفل كان مشوه، وكدا كدا كان ميت


بيجاد لو سمحت مش عايز اتكلم مع حد 


قالها وتحرك للخارج أوقفه جواد


-عز...توقف بمكانه يكور قبضته حتى ابيضت ونفرت عروقه ، تحرك جواد إليه 


-اطمن على اختك الأول وبعد كدا روح لباباك..


استدار برأسه :


-لازم قبل ماتفوق ماما تكون جنبها، ..قالها وتحرك 


أشار لياسين 


-روح ورا ابن عمك، اومأ له وتحرك خلفه..


جلس جواد بجوار جاسر ..صمت للبعض الدقائق ثم تسائل:


-ايه اللي حصل خلاها تفقد الحمل 


كان متكأ على الجدار، مغمض العينين ، ودقات قلبه تتقارع بعنف خوفًا عليها


رفع والده كفه يربت فوق كتفه 


فتح عيناه التي تحولت شعيراتها للون القاني من يراه يشعر بما عاني من آلامه ..طالع والده بنظرات متألمة ، ينتحب بأنين صامت وكأن أنفاسه تسحب منه ود لو عاد طفلا، و ألقى نفسه بأحضانه، يبكي حتى يشفى من جراحه..ابتلع لعابه الذي جف، وحرك شفتيه للحديث ولكن لم يقو كأن الحروف هربت ولم يعد لديه قدرة 


فأغمض عيناه مرة أخرى وانسابت عبراته رغمًا عنه 


جذبه جواد لأحضانه يربت على ظهره، بكى بصوت مرتفع وهتف من بين بكائه


-ربنا عاقبني للمرة التالتة يابابا، بس المرة دي موجوع أوي اوي، مش قادر اتحمل الوجع 


أخرجه جواد من أحضانه يهزه معنفًا إياه 


-اتجننت ياجاسر، انت راجل فيه راجل يبكي ويكون ضعيف كدا، وبعدين من إمتى بنعترض على ربنا ..


هزه مرة أخرى وأردف بحكمة:


الطفل كان مشوه ياحبيبي وكويس أنه نزل والتاني عوض ربنا فيه،  


-كنت تعرف ايه اللي ورا ه دا لو كمل، مايمكن كان هيجيلك بالعذاب يابني، هو انا اللي هقولك 


-أنا السبب يابابا، انا اللي فضلت أضغط عليها، لو مضغتطش مكنش حصل دا 


تنهد جواد متألمًا وشعوره بالذنب يحرق احشائه فتحدث 


-حبيبي مفيش حد سبب في حاجة، ربنا مسبب الأسباب، اجمد كدا وبكرة ربنا هيعوضك إن شاءالله، وبعدين الدكتورة قالت كويس أنه نزل، وكمان كان لازم تعملوا احتياطات ، معرفش ازاي الموضوع دا عداني، متعرفش ساعات جواز القرايب بيكون فيه نسبة تشوة للأجنة، ربنا يستر كمان على ربى


بس برجع واقولك كله مقدر ومكتوب، ولازم تحمد ربنا أنه نزل، والتاني عوض ربنا ياحبيبي 


هز رأسه رافضا حديثه 


-جنى مش هتسامحني يابابا، مش هتسامحني ابدا 


-إنت عملت ايه؟!..قالها جواد مستفهمًا


استدار بجسده يتعمق بنظراته


-إنت عملت ايه، اوعى تكون نفذت الهبل اللي كنت بتقوله، 


تراجع بجسده ومازالت نظراته التفحصية 


-لأ .. مستحيل ، وقتها اقسم بالله ، وقف جاسر ونظر لوالده:


-من غير ماتحلف يابابا، كنت بقول كلام وخلاص..قالها واتجه بالداخل إليها ..ولج وجدها مازالت تحت المخدر، نهضت عاليا من مكانها عندما اتجه يخطو بخطوات هزيلة متجهًا إليها ..تحركت إليه متسائلة 


-حضرتك كويس، رفع نظره إليها 


-إنتِ مين؟!


حمحمت متراجعة خطوة للخلف قائلة


-أنا عاليا..صمتت ثم تحدثت


-مرات ياسين..ضيق عيناه 


-ياسين مين؟! ابتلعت ريقها وتوقفت لا تعلم بما تخبره فهمست:


-اخوك..كأن حديثها لم يعريه إهتمام او ربما تخبط ولم يستوعب كلامها، فاتجه بصمت لفراش زوجته، تحركت للخارج وتركته 


جذب المقعد وجلس بجوارها ، رفع كفيها المغروز بالأبر، ثم لثمه وعبرة نارية كوت وجنتيه فانحنى يضع جبينه فوق جبينها 


-جوايا نار ياجنى، جوايا نار وخايف تولع فينا، معرفش مين فينا الغلط، أنا واللي إنتِ، بس اللي متأكد منه اني مقدرش اتنفس وانتِ بعيدة عن حضني 


ارتسم الألم داخل مقلتيه، ثم رفع كفيه يمسد على خصلاتها ، وتحدث بقلبًا ينزف داخليًا


-للأسف بنتعاقب على غضبنا من بعض


دنى منها يهمس لها


أي عقاب بينا أنا قابله ياجنجون إلا إنك تبعدي عني، ولسة حسابنا مخلصش ياحبيبة جاسر ، استمع لطرقات على باب الغرفة، ولجت الطبيبة 


-حمد الله على سلامتها، نهض من مكانه ..وأشار بعينيه


-هي ليه مفقتش؟!


-دقايق وهتفوق، قامت بمعاينتها الطبية 


-هي كويسة بس لازم بعد ماتخف نعمل شوية تحاليل، وفيه علاج هتمشي عليه شوية قبل اي حمل جديد 


-ليه!! هو فيه حاجة؟!


وضعت كفوفها بجيب بالطوها الطبي 


-حضرتك النهاردة اخترت الأم، انا متكلمتش مع والد حضرتك، بس حالة المدام كانت خطرة، ولولا التدخل السريع كنا ممكن نفقدها، ومتنساش انت اخترت الأم ..مش عايزين نوصل للأختيار دا مرة تانية، الام لازم تعمل فحوصات كاملة، قبل أي خطوة جديدة، نسبة السكر عندها عالية جدا، ضربات القلب مش منتظمة للأسف، ومش هخبي عليك، العناية الألهية كانت في صالحكم 


اتجه ببصره إليها وتسائل بتلعثم 


-لسة فيه خطورة على حياتها؟!


هزت رأسها وأجابته:


-لأ..بس لازم تكون تحت الرعاية علشان السكر والضغط، ولازم فصحوات زي ماقولت، علشان مايحصلش مضاعفات بعد النزيف وكمان نطمن عليها


دلفت الممرضة 


-دكتورة حالة ولادة ..اومأت لها ثم تحدثت بخروجها:


-متخرجش غير لما اشوفها تاني لو سمحت، لازم كشف نهائي قبل الخروج٠


الصفحة التالية


الفصل الواحد والعشرون


4


دلفت غزل بجوار نهى


-جاسر..استدار إليهما ، هرولت نهى لأبنتها تبكي بشهقات 


-ياحبيتي .. سامحيني ياقلب أمك ، نظر إليها ثم اتجه لوالدته التي توقفت أمامه تحتضن وجهه


-حبيبي ايه اللي حصل ؟!


ابتلع غصته وأجبها


-مالناش نصيب ياماما، الحمد لله..اقتربت نهى تلكمه بصدره وتبكي بإنهيار أم مكلوم على فلذة كبدها


-عملت فيها ايه، اومال لو مش كلمتك ووصيتك عليها، ليه تعمل كدا


احتضنتها غزل محاولة السيطرة عليها


-نهى اهدي حبيبتي ، يعني هو هيعمل ايه، إنتِ متعرفيش جنى ايه لجاسر ولا إيه


نفضت ذراعيها مبتعدة وعيناها تدفع الدمع بالدمع قائلة بغضب سيطر عليها


-ابنك السبب في كل اللي احنا فيه ياغزل، يارب يكون كدا ارتاح وخد حقه من بنتي..رمقته بنظرة مميتة وأشارت بكفيها


-حذرته وقولتله مراتك حامل ، قالي إيه وقتها متخافيش عليها، يومين بس ياغزل وبنتي سقطت 


مسح على وجهه بعنف، وتحولت ملامحه إلى الغضب :


-طنط نهى شوفي بنتك علشان هاخدها وامشي، انا مش ناقص كلمة من حد


توقفت غزل أمامه 


-جاسر أهدى يابني، دي مهما كان امها، أشار على نفسه وهتف بصوتًا كاد أن يخرجه متزنا 


-وأنا مش ابنكم، أنا ايه، اللي ماتوا دول مش ولادي، اللي كانت بين الحيا والموت دي مش مراتي، ولا أنا اللي دايما محكوم عليا ، نفسي مرة واحدة بس تطلعوني مظلوم..اقترب من نهى وانحنى لمستواه


-كان فيه ولد مشوه ، والتاني خيروني بينه وبين جنى ، لأن السكر والضغط رفعوا عندها ، مطلوب مني ايه ، تقدري تقولي حضرتك ..أعتدل متحركًا للخارج 


❈-❈-❈


بعد فترة 


بالخارج توقف عز بجوار عمه 


-مقولتش لبابا حاجة، محبتش ازعله 


اومأ متفهما ..وربت على كتفه 


-أنا همشي انا وغزل وانت خليك معاهم لحد مايرجعوا البيت..نظر بساعة يده 


-ادخل لمامتك وغزل قولهم هنمشي علشان باباك مايشكش في حاجة 


بالداخل استفاقت جنى تهمس باسمه 


تحركت نهى تمسد على شعرها 


-حبيبتي ، عاملة ايه..فتحت عيناها تبحث عنه فهمست 


-جاسر..انحنت تطبع قبلة على جبينها 


ولمست وجهها 


-كان هنا ولسة خارج تلاقيه راح يجيب حاجة..أغمضت عيناها وهتفت اسمه مرة أخرى 


-عايزة جاسر ياماما..استمع لحديثها على باب الغرفة، فخطى إليها ، ربتت غزل على ظهره تنظر لنهى 


-يالة يانهى علشان صهيب، متخافيش عليها جوزها وأخوها معاها، وكمان ياسين ومراته 


طبعت قبلة على جبينها 


-هجيلك الصبح حبيبتي ، جاسر جه هنااهو، حبيبتي هسافر مع بابا بكرة، همست بجوار أذنها 


-هو بيسلم عليكي، وهيعمل عمرة وحج ويدعيلك حبيبتي ، مفيش اب بيزعل من ولاده، وانا هدعيلك ربنا يسعدك مع حبيبك ، طبعت قبلة على جبينها واستدارت متحركة وعيناها على ابنتها حتى خرجت من الغرفة تبكي بصوت مرتفع 


ضمتها غزل تربت على ظهرها 


-وبعدهالك يانهى..خرجت من أحضان غزل 


-لسة صغيرة على الوجع دا ياغزل، جنى لسة صغيرة اوي، اتحرمت من ولادها من قبل ماتلمسهم 


أزالت غزل عبراتها تحتضن وجهها 


-وانهي أخف يانهى، لم يكونوا بحضنها، وتشبع منهم وبلحظة يروحو، ولا لما يكونوا كدا لسة متعلقتش بيهم 


استغفري ربنا يانهى 


طأطأت رأسها وحزن عميق يأكل احشائها 


-صعبانة عليا اسبها كدا وأمشي


سحبتها غزل وتحركت متجهة لسيارة جواد 


-والله شكلك دا هيخلي صهيب يوقع من طوله 


عند ياسين وعاليا 


تجلس على المقعد تعقد ذراعيها على صدرها ثم التفتت إليه :


-هي مامت جنى اللي كانت هنا من شوية، أومأ دون حديث ينظر بساعة يديه، ثم استمع الى صوت خلفه 


-بقالي ساعة بدور عليك المستشفى كبيرة يابني 


شُحب وجهها مستديرة لصوت أخياها، توقفت أمامه بجسد منتفض، وقلبً حزين، ناهيك عن روحها التي نزفت حينما وجدته متجهًا إلى ياسين يضمه وكأنه لم يراها 


-عامل ايه..ياله بينا علشان العربية متسبناش من اول سفرية 


رمقها بنظرة جانبية، كانت نظراتها على أخيها تود لو تلقي نفسها بأحضانه،


تحرك يجيب على هاتفه ، فاتجهت بنظرها إلى ياسين 


-انتوا مسافرين دلوقتي..نظر بساعته وأجابها :


-أيوة الساعة 2يادوب نتحرك، العريش بعيدة واحنا مسافرين عربية مش طيارة قالها بسخرية


هزت راسها وعيناها على أخيها ، ثم استدارت له مرة أخرى 


-طيب ..هدخل أشوف مرات اخوك ونمشي


-لأ..قالها ياسين، ثم دنى منها مردفًا 


-اتكلمت مع بابا، هتقعدي مع جنى مرات جاسر، هي تعبانة ومحتاجة حد جنبها الأيام دي، وطبعا غنى هتسافر الصبح، وربى حامل مش قدامي غيرك، أشار بسبباته 


-طبعا مش هعيد كلامي صح


دفعت يديه 


-خلاص هو انت متعرفش تتكلم كلمتين من غير تهديد، والله المفروض تكون المتحدث العسكري، علشان الكل يخاف منك..قالتها وتحركت ثم توقفت متسائلة :


-اخوك الحزين اللي جوا دا عارف ، ولا ايه ظروفه، أنا مبقتش فاهمة العيلة الكريمة، معرفش قلبي بيقول فيه حاجة ..اقترب منه يضغط على ذراعها


-لأ اضربي قلبك دا، علشان مش محتاجينه، وجاسر عارف، بس يارب تكوني ضيفة خفيفة الظل ، نزعت ذراعيها بقوة


-خلاص فهمت ، أشارت بعينيها على أخيها 


-خلي بالك منه، طالعته بصمت للحظات ثم هتفت 


-يبقى طمني عليكم ، ربنا يرجعكم بالسلامة..قالتها وولجت للداخل 


توقف ينظر لآثرها، وصل كريم إليه 


-زعلانة مني مش كدا..تحرك ولم يجيبه، وهناك صراع داخلي لايعلم ماهيته ..امسكه من كتفه


-ياسين بكلمك..توقف وأجابه 


-مبنتكلمش كتير زي ما قولتلك ..تعرف ابوك جالنا من كام يوم 


ضيق عيناه متسائلا :


-واحنا مسافرين


أومأ له ونظر لبيجاد الذي ولج بجوار عز 


-وكان معاه الاتنين دول، ابوك مصدقش المسرحية، وعارف كل حاجة من طقطق لسلامو عليكوا 


تذكر حديث جاسر له 


-انت عبيط يالا، بدل سأل على اسمها ، اعتبر تاريخها كله هيكون عند ابوك بعد ساعة..خرج من شروده على صوت كريم


-ياله علشان منتأخرش
















الفصل الواحد والعشرون



بالداخل جلس بجوارها على الفراش، احتضن كفيها يضمه ثم امال يطبع قبل بباطن كفيها، رفع عيناه ينظر لنومها فهمس 


-ياترى هتعملي ايه لما تفوقي ياجنى، ربنا يهديكي ومطلعيش جنانك علينا 


فتحت عيناها متأوة تضعها كفيها على بطنها تهتف بخفوت 


-آه بطني، استعادت وعياها كاملا تنظر حولها، وجدته يحتضن كفيها، نظرت للمحلول الذي يعلق بوريدها، ثم ذهبت ببصرها لعز الجالس يطالعها بصمت، وشعرت بآلام تغزو جسدها، وألم ببطنها، حاولت أن تحرك ساقيها ولكنها لم تقو، انسابت عبراتها بغزراة، تدفع الغطاء، تملس على جرحها ، ايه اللي حصل..توقف عز متجها إليها، بينما جاسر الذي انحنى يقبل كفيها


-حاسة بإيه دلوقتي..جلس عز بجوارها على الفراش يمسد على شعرها 


-عاملة إيه ياقلب أخوكي..وزعت نظراتها بينهما، ثم حاولت الأعتدال ولكنها صرخت من الألم ..جحظت عيناها وأحست بقبضة تعتصر قلبها بعدما تداركت ما صار بها، طالعته بعيونًا مترقرقة بالدمع 


-ولادنا..واحد ولا اتنين ..انحنى يجلس أمامها على عقبيه 


-جنجون حبيبتي ، ربنا ماأردش..رفعت نظرها وتقابلت بعيناه التي تورمت فتحدثت: 


-الأتنين!!..دنى يضم كفيها وأطبق على جفنيه، ذهبت ببصرها لعز 


-الأتنين..يعني بطني دلوقتي مفهاش بيبي، مابقاش عندي بيبي، ولادي الأتنين ياعز، هزت رأسها عدة مرات تسحب كفيها 


- مش عايزة أشوف حد، اطلعوا برة انتوا الأتنين..احتضن عز وجهها 


-جنى ممكن تهدي..دفعت كفيه بعيدا عنها وصرخت من الألم 


-قولت برة مش عايزة أشوف حد، رمقته بنظرات معاتبة 


-ليه حاسة إنك بتضحك عليا ياجاسر


رفع عيناه المبللة بالدموع وهز رأسه قائلاً:


-ياريت بضحك عليكي ياجنى، ياريت 


بسطت كفيها إليه


-قولي والله ، انت مابتضحكش عليا، قول ولادنا لسة بخير، أشارت بأصبعها 


-طب حتى واحد بس ، أنا راضية والله راضية، قول حاجة ياجاسر، 


جنى ..همس بها عز..استدارت برأسها وجهها بحر من الدموع 


-جاسر بيضحك عليا ياعز، بيقول كدا علشان لسة زعلان مني، لا دا وجع كبير ، لا مش اده ، أنا مش اد الو جع دا


هزت رأسها وبكت بشهقات تصم الآذان تضع كفيها على فمها، وصاحت


-ياااااارب..قالتها بقلبًا ينزف يريد أن يتوقف عن النبض من كثرة آلامه 


رفع رأسها واعدل من نومها يجذبها لأحضانه وعبراته تجري فوق وجنتيه


ورغبة جامحة لديه بإحراق كل مايجاوره فتحدثت بصوت جعلته متزنا:


-جنى دا قضى ربنا، ينفع نقول ليه، إن شاءالله ربنا يعوضنا 


دقائق مرت عليه كالدهر وهي بأحضانه تبكي مرددة 


-أنا عملت ايه علشان حياتي تبقى كدا، ليه دايما الوجع من حقي، انا مظلمتش حد، والله ماظلمت حد، راضية بكل حاجة 


أخرج رأسها يحتويها بين راحتيه


-انتِ عمرك ماكنتي ظالمة ياحبيبتي ، دي أقدار وربنا بيختبرنا بيها ، ايه ياجنى هنقول لربنا ليه 


رفعت أناملها على وجهه تزيل عبراته


  تضحك بوجع ، وكأنها لم تستمع لحديثه، وعبراتها تنسدل على خديها قائلة 


-الاتنين..خسرت الأتنين ياجاسر، ولادي الأتنين ..انسابت عبراتها تغزو وجنتيها، أكثر وأكثر وتحتضن بطنها مرددة 


-الأتنين..ولادي الأتنين، ، طيب حق وجعي حتى، حق فراقنا ياجاسر، حق قلبي المكسور، مددت أناملها لجرحها


-حق الجرح دا اللي كل مااشوفه افتكر ، اني مفرحتش حتى، حقي حتى لو في نظرة بوش واحد فيهم، حق حبي ووجعي منك، وضعت رأسها بصدره وضربت على صدره 


-حقي منك يابن عمي، رفع يديه بإرتجاف يضعها على رأسها 


-جنى حبيبتي ، بصيلي ياقلب جاسر


-مش يمكن ندخل الجنة بيهم، مش يمكن لو جم يحصلنا حاجة، أو يحصلهم حاجة، ربنا شايفلنا خير احنا مانعرفش عنه حاجة 


-جاسر..قالتها ونظراتها تتعمق بعينيه فتحدثت:


-ولادك اللي كل شوية تقول ، ولادي ، اهم حاجة عندي..ولادك ياحضرة الظابط ربنا حرمني منهم حتى قبل مااشوفهم، تفتكر ليه 


دنى برأسه يلتقط كريزيتها يمنعها من تفوه شيئا آخر ..ابتعد عز متجها للنافذة والحزن يأكل بصدره على حالة أخته 


ضم وجهها يضع جبينه فوق جبينها 


-عرفت ليه ربنا عمل كدا ياجنى، علشان قدرك مكتوب بقدري يابنت عمي


هزت رأسها رافضة حديثه 


...آه خرجت من عمق آلامها تبكي بشهقات مرتفعة قائلة 


-مبقاش فيه قدر يابن عمي، مابقاش فيه حتى اللي يربطنا 


ضم رأسها لأحضانه يهمس لها 


-جنى ارجوكي بلاش تعملي فيا كدا، علشان خاطري..شعرت بألمًا شديد، فصرخت متألمة، تصرخ 


وآآه زلزلت بها جدران المشفى.. ضمها يسأل بلهفة 


-فيه إيه..ضمت بطنها تبكي ..وآه هزت بها جدران المشفى، حتى هب من مكانه فزعًا 


-شوف الدكتورة ياعز لو سمحت، تشبست بقميصه تبكي وتبكي إلى أن جفت دموعها، ولجت عاليا بعدما استمعت لصوت بكائها، بدخول الطبيبة التي قامت بالكشف عليها


-لازم أخدها على جهاز السونار، بعد إذنكم..توقف أمامها 


-ايه اللي حصل، وايه الدم دا كله


-لو سمحت عايزة اشوف شغلي..قالتها تستدعي المسعفين لنقلها، حملها بين ذراعيه بعدما وجد شحوب وجهها وهدوئها المفاجئ..وضعت رأسها بعنقه هامسة له 


-هموت قالتها وهي تغلق عيناها كالذي فارق الحياة..توقف عن الحركة وكأن جسده شل ولم يعد لديه القدرة على الحركة من كلماتها، فضمها بقوة لأحضانه عندما شعر ببرود جسدها 


-جنى..بلاش تموتيني حبيبتي ، سمعاني ياقلب جاسر، افتحي عيونك حبيبي..حالتها شقت أضلعه شقًا، حاول تمالك نفسه فتحرك متجها إلى غرفة الكشف 


توقف أمام الطبيبة التي كانت تفحصها من خلال شاشة السونار ..فتحدثت بهدوء رغم قلبها المضطرب 


-هندخلها عمليات تاني، نشوف ايه اللي حصل..امال بجسده على مكتبها 


-ايه اللي حصل مبحبش اللف والدوران، سبب النزيف ايه 


ابتلعت ريقها وتوقف متجهة للخارج 


-ماقولت لحضرتك ياحضرة الظابط 


أشار لها بالتوقف 


-متقربيش من مراتي، صرخ بها بدخول عز وعاليا..


❈-❈-❈


نهض من مكانه وتحرك للخارج سريعا، لم يعد لديه قوة لمجابهة كل هذا، اصطدمت به غنى ، توقف أمامها للحظات، وتقابلت نظرات محملة بالعتاب من كلاهما، فاقتربت منه ودموعها تسبق نظراتها، ولم تفكر في شيئا فألقت نفسها بأحضانه تبكي بنشيج مرير


-أنا اختك غصب عنك، وبنت جواد الألفي وانت حبيبي وروحي ودا غصب عنك، سواء رضيت ولا لأ..تراجع بيجاد للخلف يترك لهما مساحتهما الخاصة 


-غنى ، جنى تعبانة ..خرجت من أحضانه 


-يعني ايه، ماما قالت إنها كويسة، وفاقت 


تراجع بعيدا يحمل هاتفه ..لحظات يقوم الأتصال بأحدهم 


-دكتور يونس.


بمنزل يوسف البنداري


.اعتدل يونس بنومه، فأجابه بصوت متحشرج من النوم 


-أيوة ياجاسر، أنا 


نظر بكافة الإتجاهات وتحدث بقلبًا مفطور 


-محتاجك بمستشفى الألفي لو سمحت، مراتي سقطت حملها، والنزيف مابيوقفش والدكتورة عايزة تدخلها عمليات تاني 


اعتدل يستمع إليه بإهتمام، نظر بساعته أنها بتمام الثانية ليلًا، فأجابها 


-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي..نص ساعة بالكتير وأكون عندك إن شاءالله 


اعتدلت سيلين من نومها 


-في إيه يايونس..هبط من فراشه 


-مرات جاسر الألفي سقطت حملها، وعندها نزيف، ضغطها كان عالي وسكرها مش مظبوط، ربنا يستر ...قالها واتجه للمرحاض


جلست سيلين على الفراش تجمع خصلاتها، ثم تنهدت قائلة 


-اللي بتفهم ماتتجوزش دكتور نسا ابدا، خرج على حديثها متجها لغرفة الملابس 


-نامي ياسيلي، وبلاش كلامك العبيط ، بقولك الست سقطت ، كانت حامل في توأم 


نهضت من فوق الفراش متجهة له 


-حالتها صعبة اوي ..هز كتفه بعدم معرفة


-هروح وأشوف، طبع قبلة على جبينها 


-آسف حبيبتي نسيت اعمل الفون سايلنت، ومقدرش أقول لحد لا 


اومأت متفهمة، ثم تحركت بجواره للخارج 


-لأ أنا كنت هقوم علشان اصحي الولاد، عندهم كويز النهاردة 


-لسة بدري حبيبتي ، خليها بعد الفجر


طبع قبلة وتحرك 


ولج للداخل ينظر لغنى 


-هاتيلها لبس وحجاب ياغنى، فيه دكتور كلمته هيجي يشوفها 


ربتت على كتفه 


-متخفش إن شاءالله هتلاقيه حاجة بسيطة، دلفت الطبيبة 


-عايزن نعمل فحصوات


هز رأسه رافضًا:


-لأ طبعًا ..متشكر لحضرتك..أشارت عليها


-لو سمحت لازم نعرف سبب النزيف إيه 


-بيجاد قول للدكتورة متشكرين، قالها وهو يحمل جنى متجهًا لغرفة أخرى


وصل يونس بعد فترة وقام بفحصها 


-كالعادة جزء من الجنين مع الانيميا الحادة ياجاسر، ازاي مراتك وصلت للحالة دي ..فيه ست حامل يبقى الهيموجلوبين عندها 7 


-الدكتورة هتعملها اللازم متخافش ، والعلاج دا علشان يظبط السكر والضغط ..ممنوع الضغط النفسي والعصبي نهائيا، وياريت متبقاش لوحدها، كتير ممكن يحصلهم انتكاسة، 


اومأ متفهما ..تحرك يونس مغادر..أما جاسر الذي اتجه لربى وغنى 


-مش عايزكم تسبوها لوحدها ولا دقيقة..ابتلعت عاليا ريقها مردفة


-أنا مش هسبها متخفش، خلي الدكتور ترتاح علشان الحمل 


-شكرا..قالها وتحرك إليها 


بعد أسبوع 


ولج إليها بمقلتين تغشاها الدموع وقلبًا يتهشم من الوجع والحزن بآن واحد، دنى من فراشها وروحه تأن بأنين نازف وينخر الألم عظامه نخرًا عميقًا..توقف عز عند دخوله يطالعه بوجه كأنه لوحة من الألم، وتحرك للخارج..وصل لفراشها وتمدد بجوارها يجذبها لأحضانه يدفث وجهه بخصلاتها ..وآه حارقة خرجت من جوف حسرته يهمس أسمها..كانت كطائر مكسور الجناح لا حول لها ولا قوة عيناها خاوية من الحياة ..نظرات ضائعة وحياة بائسة كتبت عليهما ..هل بالفعل عشقهم عشق لاذع أم ظُلم الوصف بحضرتهم


رفع كفيه يمسد على خصلاتها بحنان يجذبها إليه بقوة يذيب ضلوعها كأنها ستهرب منهم 


اعتدلت تبتعد عنه وقامت بنزع محلولها وهمست 


-خلينا نرجع على البيت، مبقتش عايزة أفضل هنا أكتر من كدا 


رفع كفيه يمسد على شعرها فابتعدت تنزل من فوق الفراش 


-هترجعني على البيت ولا أمشي أنا


-جنى..همس بها ..ابتسمت بوجع 


-روحني يابن عمي، ولا أقول ياحضرة الظابط، اختار انت علشان نعرف نتعامل مع بعض الفترة دي ..


ابتسم لها ثم رفع كفيها 


-ينزع محلولها، ثم احتوى وجهها يلثم جبينها 


-هنرجع بيتنا وننسى اللي فات، ونبدأ صفحة جديدة


ابتعدت للخلف 


-مبقاش ينفع ياجاسر، أنا لازم ابعد وانت تنسى وتعيش حياتك مع مراتك زي ماقولت، انا دايما تعباك، وانت اتاكدت اهو ربنا مريدش نكون مع بعض 


-اجهزي ياجنى مش عايز اتكلم في حاجة دلوقتي ، خفي الأول وبعد كدا نتكلم 


بعد شهرا


بمكتبه ولج إليه العسكرى 


-سيادة العقيد طالب حضرتك ياباشا في مكتبه


أومأ برأسه وأشار بكفيه لخروج العسكري..مسح على وجهه وأمسك هاتفه يعيد الأتصال بها 


كانت تقف أمام المرآة تنهي زينتها، التفتت ببصرها لهاتفها، ثم التقطته متنهدة وقامت بفتح الخط 


-نعم ..


صرخ بها بجنون 


-اتصلت بيكي كام مرة مابترديش ليه 


وضعت الهاتف أمامها وجلست على أمام المرآة 


-مكنتش موجودة ، كنت باخد شاور


نهض من مكانه..افتحي الكاميرا، وبقولك 


-اسلوب البرود دا بلاش منه علشان منتعبش ..ضغطت على الكاميرا تطالعه بغضب 


-على مااظن أننا اتفقنا على كل حاجة ، جاي دلوقتي تغير كلامك ليه 


-جنننننننى ..أردف بها من بين أسنانه 


اشتعلت حدقتيها بجنون وهتفت غاضبة


-لو سمحت يابن عمي نتكلم في حدود المنطق، 


-عارفة ولو خرجتي هعمل فيكي ايه 


انحنت تقترب من الهاتف تنظر إليه بابتسامة ساخرة 


-هات اخرك ياحضرة الظابط ، ويالة عايزة اكمل لبس عندي اجتماع 


باي..قالتها وأغلقت الهاتف ثم نهضت متحركة إلى غرفة الملابس تكاد تتحرك بثبات ، فتحت الخزانة، قابلتها رائحة ثيابه، رفعت كفيها تتلمسها، وجذبت أحدى قمصانه لأنفها تستنشقه بإشتياق، ..ثم تراجعت تجلس على المقعد تحتضنه هامسة لنفسها 


-وحشتني أوي، معرفش ايه الذنب اللي عملاناه علشان نتعاقب كدا


أغمضت عيناه، وتراجعت بجسدها تتمدد على الأريكة ومازال قميصه بأحضانها..استمعت لرنين هاتفها علمت أنه هو ، ولكنها لم تعريه إهتمام ، غفت بمكانها بثياب الحمام الخاصة لفترة من الوقت 


نهض متجها إلى باسم..ولج للداخل فأشار إليه ، وهو يشير لبعض زملائه 


-خلاص وصلنا لوكر المجرمين، وعرفنا مين الممول الرئيسي 


استند على حافة المكتب 


-فيه جديد غير اللي وصلنا ..اومأ باسم وأشار على خريطة أمامه 


-فاكر المكان اللي اقتحمته من فترة ومكنش فيه حد 


اومأ له جاسر ، فأكمل باسم 


-هو نفس المكان، هم خلوه وقتها علشان عرفوا أن فيه اقتحام، وزي مااتوقعت ياجاسر ، كان فيه خاين وصلهم المعلومة 


تسائل أحد الظباط


-عرفتوه يافندم..اتجه ببصره لجاسر واجابه


-جاسر عارفه، وهو عارف هيعمل ايه 


دلوقتي الورق دا فيه كل حاجة عن القضية انتوا الاتنين هتشفوا هتعملوا ايه، بس مش عايز اي حركة بدون علمي 


نهض حسن الظابط الآخر 


-تمام يافندم ..أي أوامر تانية


أشار بكفيه بالانصراف، بينما توقف جاسر امامه 


-ليه وقتها مخلتنيش اقبض عليه 


اشعل باسم سيجاره وطالعه بتدقيق 


-علشان اللي وراه ابن عم فيروز 


كور قبضته يسبه ثم هتف 


-هو ميعرفش أنه اكتشف


نهض من مكانه واتجه يقف أمامه 


-جاسر، بلاش تهور، متعملش حاجة من غير ماترجعلي، القضية تقيلة، وابوك لو عرف انك اللي مسكتها معرفش هيعمل ايه، القواضي اللي زي دي بنختارلها اشطر الظباط، بس انا عندي ثقة فيك وشايف انك هتشتغل عليها كويس اوي، لازم تثبت لنفسك قبل أي حد انك تستاهل الوظيفة دي مش علشان انت ابن جواد الألفي..وبلاش شغلك اللي بتحاول تستظرف بيه وكانك غبي 


قهقه جاسر وجمع أشيائه 


-بسوم انا مراتي وحشاني وماليش حيل اقنعك بغبائي 


-صحيح جنى عاملة ايه، ولسة العلاقة بينك وبين جواد زي ماهي 


وضع سلاحه بخصره واجابه بنبرة باردة 


-الأتنين زفت ، ابويا غضبان عليا، تقولش حجرت عليه، والتانية قافلة على نفسها بتحسسني هموت عليها


والتالت ..قالها باسم ساخر 


-والله انت كمان الحكاية على اخرها، تحرك للخارج فتوقف على ضحكات باسم ..استدار إليه متسائلا


-ايه يابسوم افتكرت حياة ولا إيه..ألقاه باسم بالقلم 


-اتلم يا حمار..غمز له متسائلا 


-اومال ايه القهقه دي، احنا هنا مش بوليس الاداب يابسوم 


نصب عوده وطالعه بتدقيق 


-بضحك على كلمتك ، حجرت على ابويا..حك ذقنه وغمز له 


-ماتيجي نحجر على جواد الألفي يالا


قهقه جاسر عليه 


-هفكر في الموضوع فعلا، والله شكله عايز كدا..أخص على الصحوبية..قالها وتحرك مغادرا ومازالت ضحكاته صاخبة 


تراجع باسم لهاتفه ثم امسكه وقام بمهاتفته


-عامل ايه يابوص


-نعم يااخويا، وحشتك ولا ايه 


قهقه باسم عليه قائلا


-عازمك عندي في المزرعة يابو الجود، ايه رأيك ارجعلك شبابك، عرفت أن قلبك هيفلسع قريب


ابتسم جواد بسخرية


-البركة في قلبك البومب يااخويا، جاسر عامل معاك ايه، عرفت انك ورطته في قضية مخدرات ياحضرة العقيد


نقر بقلمه على المكتب وارتفعت ضحكاته


-فعلا جواد الالفي، اومال بيقولوا كنت بتموت ليه ياعم


-عقبالك ياخويا لما تموت زي


تنهد باسم وتحدث


-عارف انك زعلان مني، بس اسمعني الاول..هستناك النهاردة على الغدا 


-تمام ياباسم ، هقابلك واجيب غزل معايا 


أغلق الهاتف ونظر بشرود، دلفت غزل بكوب عصير


-جواد عملتلك عصير فريش 


أمسك كفيها بعدما وضعت العصير 


-عايزك تروحي بيت جاسر دلوقتي ، هو في الشغل


قطبت جبينها متسائلة 


-فيه حاجة ولا إيه


أخرج جهازين ووضعهما أمامها


-عايزك تحطي الجهاز دا في بيته، ومحدش هيعرف يعمله غيرك، جاسر واخد باله من كل الشغالين، فطبعا مش هيشك في أمه 


-ليه في ايه ..نهض يسحب كفيها وتحرك 


-اعملي اللي بقولك عليه وبعد ماتيجي هقولك، بس محدش يعرف، اعملي حجة انك رايحة تطمني على جنى 


توقفت قائلة


-أنا كنت فعلا رايحة اشوفها، كنت بكلمها الصبح وصوتها مش عجبني 


قبل كفيها وتحدث 


-رغم قولت ممنوع نتواصل يازيزو


-جوااااد ..ابتسم يضمها لأحضانه 


-مقدرش على زعلك يازيزو..ياله اجهزي وخلي السواق يوصلك، وأنا هروح اشوف صهيب


فركت كفيها وتحدثت


-صهيب ابتعدت للخلف 


-مبقاش ينفع ياجاسر، أنا لازم ابعد وانت تنسى وتعيش حياتك مع مراتك زي ماقولت، انا دايما تعباك، وانت اتاكدت اهو ربنا مريدش نكون مع بعض 


-اجهزي ياجنى مش عايز اتكلم في حاجة دلوقتي ، خفي الأول وبعد كدا نتكلم 


بعد شهرا


بمكتبه ولج إليه العسكرى 


-سيادة العقيد طالب حضرتك ياباشا في مكتبه


أومأ برأسه وأشار بكفيه لخروج العسكري..مسح على وجهه وأمسك هاتفه يعيد الأتصال بها 


كانت تقف أمام المرآة تنهي زينتها، التفتت ببصرها لهاتفها، ثم التقطته متنهدة وقامت بفتح الخط 


-نعم ..


صرخ بها بجنون 


-اتصلت بيكي كام مرة مابترديش ليه 


وضعت الهاتف أمامها وجلست على أمام المرآة 


-مكنتش موجودة ، كنت باخد شاور


نهض من مكانه..افتحي الكاميرا، وبقولك 


-اسلوب البرود دا بلاش منه علشان منتعبش ..ضغطت على الكاميرا تطالعه بغضب 


-على مااظن أننا اتفقنا على كل حاجة ، جاي دلوقتي تغير كلامك ليه 


-جنننننننى ..أردف بها من بين أسنانه 


اشتعلت حدقتيها بجنون وهتفت غاضبة


-لو سمحت يابن عمي نتكلم في حدود المنطق، 


-عارفة ولو خرجتي هعمل فيكي ايه 


انحنت تقترب من الهاتف تنظر إليه بابتسامة ساخرة 


-هات اخرك ياحضرة الظابط ، ويالة عايزة اكمل لبس عندي اجتماع 


باي..قالتها وأغلقت الهاتف ثم نهضت متحركة إلى غرفة الملابس تكاد تتحرك بثبات ، فتحت الخزانة، قابلتها رائحة ثيابه، رفعت كفيها تتلمسها، وجذبت أحدى قمصانه لأنفها تستنشقه بإشتياق، ..ثم تراجعت تجلس على المقعد تحتضنه هامسة لنفسها 


-وحشتني أوي، معرفش ايه الذنب اللي عملاناه علشان نتعاقب كدا


أغمضت عيناه، وتراجعت بجسدها تتمدد على الأريكة ومازال قميصه بأحضانها..استمعت لرنين هاتفها علمت أنه هو ، ولكنها لم تعريه إهتمام ، غفت بمكانها بثياب الحمام الخاصة لفترة من الوقت 


نهض متجها إلى باسم..ولج للداخل فأشار إليه ، وهو يشير لبعض زملائه 


-خلاص وصلنا لوكر المجرمين، وعرفنا مين الممول الرئيسي 


استند على حافة المكتب 


-فيه جديد غير اللي وصلنا ..اومأ باسم وأشار على خريطة أمامه 


-فاكر المكان اللي اقتحمته من فترة ومكنش فيه حد 


اومأ له جاسر ، فأكمل باسم 


-هو نفس المكان، هم خلوه وقتها علشان عرفوا أن فيه اقتحام، وزي مااتوقعت ياجاسر ، كان فيه خاين وصلهم المعلومة 


تسائل أحد الظباط


-عرفتوه يافندم..اتجه ببصره لجاسر واجابه


-جاسر عارفه، وهو عارف هيعمل ايه 


دلوقتي الورق دا فيه كل حاجة عن القضية انتوا الاتنين هتشفوا هتعملوا ايه، بس مش عايز اي حركة بدون علمي 


نهض حسن الظابط الآخر 


-تمام يافندم ..أي أوامر تانية


أشار بكفيه بالانصراف، بينما توقف جاسر امامه 


-ليه وقتها مخلتنيش اقبض عليه 


اشعل باسم سيجاره وطالعه بتدقيق 


-علشان اللي وراه ابن عم فيروز 


كور قبضته يسبه ثم هتف 


-هو ميعرفش أنه اكتشف


نهض من مكانه واتجه يقف أمامه 


-جاسر، بلاش تهور، متعملش حاجة من غير ماترجعلي، القضية تقيلة، وابوك لو عرف انك اللي مسكتها معرفش هيعمل ايه، القواضي اللي زي دي بنختارلها اشطر الظباط، بس انا عندي ثقة فيك وشايف انك هتشتغل عليها كويس اوي، لازم تثبت لنفسك قبل أي حد انك تستاهل الوظيفة دي مش علشان انت ابن جواد الألفي..وبلاش شغلك اللي بتحاول تستظرف بيه وكانك غبي 


قهقه جاسر وجمع أشيائه 


-بسوم انا مراتي وحشاني وماليش حيل اقنعك بغبائي 


-صحيح جنى عاملة ايه، ولسة العلاقة بينك وبين جواد زي ماهي 


وضع سلاحه بخصره واجابه بنبرة باردة 


-الأتنين زفت ، ابويا غضبان عليا، تقولش حجرت عليه، والتانية قافلة على نفسها بتحسسني هموت عليها


والتالت ..قالها باسم ساخر 


-والله انت كمان الحكاية على اخرها، تحرك للخارج فتوقف على ضحكات باسم ..استدار إليه متسائلا


-ايه يابسوم افتكرت حياة ولا إيه..ألقاه باسم بالقلم 


-اتلم يا حمار..غمز له متسائلا 


-اومال ايه القهقه دي، احنا هنا مش بوليس الاداب يابسوم 


نصب عوده وطالعه بتدقيق 


-بضحك على كلمتك ، حجرت على ابويا..حك ذقنه وغمز له 


-ماتيجي نحجر على جواد الألفي يالا


قهقه جاسر عليه 


-هفكر في الموضوع فعلا، والله شكله عايز كدا..أخص على الصحوبية..قالها وتحرك مغادرا ومازالت ضحكاته صاخبة 


تراجع باسم لهاتفه ثم امسكه وقام بمهاتفته


-عامل ايه يابوص


-نعم يااخويا، وحشتك ولا ايه 


قهقه باسم عليه قائلا


-عازمك عندي في المزرعة يابو الجود، ايه رأيك ارجعلك شبابك، عرفت أن قلبك هيفلسع قريب


ابتسم جواد بسخرية


-البركة في قلبك البومب يااخويا، جاسر عامل معاك ايه، عرفت انك ورطته في قضية مخدرات ياحضرة العقيد


نقر بقلمه على المكتب وارتفعت ضحكاته


-فعلا جواد الالفي، اومال بيقولوا كنت بتموت ليه ياعم


-عقبالك ياخويا لما تموت زي


تنهد باسم وتحدث


-عارف انك زعلان مني، بس اسمعني الاول..هستناك النهاردة على الغدا 


-تمام ياباسم ، هقابلك واجيب غزل معايا 


أغلق الهاتف ونظر بشرود، دلفت غزل بكوب عصير


-جواد عملتلك عصير فريش 


أمسك كفيها بعدما وضعت العصير 


-عايزك تروحي بيت جاسر دلوقتي ، هو في الشغل


قطبت جبينها متسائلة 


-فيه حاجة ولا إيه


أخرج جهازين ووضعهما أمامها


-عايزك تحطي الجهاز دا في بيته، ومحدش هيعرف يعمله غيرك، جاسر واخد باله من كل الشغالين، فطبعا مش هيشك في أمه 


-ليه في ايه ..نهض يسحب كفيها وتحرك 


-اعملي اللي بقولك عليه وبعد ماتيجي هقولك، بس محدش يعرف، اعملي حجة انك رايحة تطمني على جنى 


توقفت قائلة


-أنا كنت فعلا رايحة اشوفها، كنت بكلمها الصبح وصوتها مش عجبني 


قبل كفيها وتحدث 


-رغم قولت ممنوع نتواصل يازيزو


-جوااااد ..ابتسم يضمها لأحضانه 


-مقدرش على زعلك يازيزو..ياله اجهزي وخلي السواق يوصلك، وأنا هروح اشوف صهيب


فركت كفيها وتحدثت


-صهيب سافر ياجواد 


توسعت عيناه بذهول 


-سافر فين ؟!.


-ألمانياسافر ياجواد 


توسعت عيناه بذهول 


-سافر فين ؟!.


-ألمانيا



بغرفة ربى أمسكت هاتفها الذي أعلن رنينه 


-أيوة ياعز..


-عاملة إيه ياروبي..تمددت على الأريكة تضع كفيها على بطنها 


-ابنك تعبني اوي ياسيدي، ومخليني مفجوعة


ابتسم حتى لمعت عيناه فهمس 


-بيضربك اوي..أطلقت ضحكة خافتة 


-اوي يازيزو، بيفكرني بيك 


سحب نفسًا وزفره على عدة مرات 


-لسة فاكرة أبوه ياروبي..ارتسم الألم داخل عيناها، وابتلعت غصتها قائلة


-هو أنا ليا غير باباه ياعز، شايف ممكن افكر في حد تاني 


ارجع خصلاته وتراجع بجسده على المقعد 


-ماتيجي نخرج نروح لجاسر وجنى، نحاول نقنعه يخلي جنى تيجي تقعد معايا يومين 


شهقت بصوت مسموع وتسائلت باستهجان


-ازاي عايز تعمل كدا، ناسي بابا ، اكيد هيرفض، متنساش أنه معاقبها ، استأنفت حديثها 


-متزعل منه ياعز، لازم يعمل كدا، جنى غلطت اوي، وكمان بعد معرفته باللي حصلها هناك 


مسح على وجهه واجابها 


-خلاص ياروبي هتصرف..قطعت حديثه مشاكسة إياه بعد شعورها بحزنه


-ماتيجي نخرج نتعشى وناكل ايس كريم برة ايه رأيك


نهض من مكانه والسعادة تجلت على ملامحه 


-اديني خمس دقايق بس ..قالها وأغلق الهاتف 


بمنزل جاسر 


عاد مساءٍ من عمله 


قابلته الخادمة : مدام جنى فوق ياباشا


تحرك للأعلى دون حديث ، دلف لغرفتها يبحث عنها ، قطب جبينه 


-راحت فين!! نظر جانبية منه بغرفة الملابس، رأى سيقانها، ابتسم بخبث وولج بهدوء ظنا إنها مستيقظة ولكنه توقف متسمرًا، عندما وجدها تغفو بملابس الحمام، وخصلاتها تغطي وجهها بالكامل، خطى إلى أن وصل إليها ، جلس على عقبيه يزيح خصلاتها بحب، دنى منها مغمض العينين يستنشق رائحتها بوله، مر قرابة أكثر من شهر لم يراها بتلك الهيئة، مرر نظراته على جسدها بالكامل كفنان يتفنن بلوحته


ثم رفع أنامله يتحسس وجنتيها، فتحت عيناها تهمس بين النوم واليقظة 


-جاسر..اقترب بوجهه 


-روحه مهلكتي..اعتدلت سريعًا حتى اصطدم وجهها بوجهه، فصرخت به 


-إنت إزاي تدخل كدا، نسيت نفسك ولا إيه 


نصب عوده وتوقف وهو يجذب قميصه من يديها 


-جاي أخد قميصي، بقالي ساعة بدور عليه، معرفش انك مستغطية بيه


نهضت تلملم البورنس عليها وهتفت ساخطة


-لأ والله ، قلة قمصان، وبعدين كان مرمي على الأرض وحطيته على الكنبة ونعست عادي يعني 


دنى منها أكثر يشتم عبيرها الآخاذ، يدغدغ أوصالها بأنفاسه الحارقة التي ضربت عنقها فهمس لها


-طيب يبقى ألبسي قبل ماتنامي، فيه ناس معاكي في البيت


تحركت للخزانة والتوت زاوية فمها قائلة:


-قصدك ناس قليلة ادب معندهمش احترام بيقتحموا أوض الناس 


اقترب منها بخطوات متمهلة كانت تواليه ظهرها ، ارتجف جسدها من اقترابه، وتصارعت مشاعرها بصدرها، ورغم ذلك هتفت بصوت جعلته متزنا بعض الشئ


-اطلع برة عايزة أغير، وياريت تاخد كل هدومك علشان ميبقاش عندك حجة تدخل اوضتي


دنى منها أكثر وحاوطها بذراعيه بينه وبين الخزانة، ليكمل زعزعة ثباتها المزيف ثم أمال بجسده


-سايبك بقالك أكتر من شهر تلعبي براحتك ، قولت تاخد وقتها وتتعافى ، بس الوقت دا مش علشان إنت عايزة كدا، الوقت دا علشان ارجع أشوف ضحكة جنجونة بنت عمي 


رفرفرت أهدابها تحاول الخروج من تحت قبضته وانفاسه القريبة التي تهلكها، فتحدثت بتقطع 


-طيب انا بقيت كويسة ، ابعد عني ..قرصها بوجنتيها 


-لأ..لما اشوف ضحكتك الأول


استند برأسه على جبهتها يقرب رأسها إليه 


-عايز نرجع زي الأول..ابتعدت عنه 


-جاسر ابعد، مبقاش حاجة بتجمعنا، وانت اللي اخترت مش أنا


طوق خصرها يضغط عليه وتحدث من بين أسنانه:


- جنان تاني هعملك عفريت، سمعتيني، انتِ مراتي فاهمة يعني ايه ، يعني الكلمة دي خليها جوا قلبك قبل ماتوصل ودانك 


رفعت رأسها وطالعته بألم طل بنظراتها 


-كنت مراتك، نسيت قولت إيه، يوم ماتولدي هحررك مني، يعني انت مطلقني من يوم ماقولت الكلمة دي..


ابتعدت عنه بعدما تلاشت يديه من فوقها، وتحدثت :


-موتني بحبك، لا مش حب دا جنون، زي ماقولتلي، استدارت مرة أخرى ترمقه بنظراتها الحزينة


-أيوة أنا كنت مجنونة بحبك، كنت بعشقك وكأن مفيش غيرك في الكون، حياتي كلها كانت فيك بس، دفعته بكلتا يديها وصرخت تبكي 


-بس عملت ايه، رحت اتجوزت وسبتني اموت، قلبك دق لغيري، اخدت واحدة في حضنك غيري، اقتربت منه ونيران قلبها تريد إحراقه


-وقفت فرحان بحملها، محستش بوجعي ونار قلبي، محستش بيا، وقفت تتفرج عليا وأنا بدبل، ورغم دا كله سامحتك وحمدت ربنا أنه رجعك ليا، رضيت بنصيبي وقولت كفاية عليا عوض ربنا، وعدتني انك هتكون دوا لجروحي، لكن كله كان هوى، رجعت توجع فيا وتعمل مبررات ، كنت مستني مني ايه وأنا شايفة حب حياتي في حضن طليقته 


تراجعت تشير على نفسها تتنفس ببطئ بعدما شعرت بإنطباق المكان على صدرها فاستانفت بتقطع 


-غلطت ..عارفة اتنيلت غلطت، بس والله ماكنت أقصد أي حاجة ، كنت عايزة ابعد وأتأكد من الراجل اللي حياتي كلها بقت له بس، عايزة اشوف أهمك أد ايه، عايزة احس إني لما ابعد عنك حياتك هتكون ازاي ..


تطلعت لعيناه وصمته وهزت رأسها بالنفي وانسالت دموعها 


-رغم اني كنت بموت بس كان لازم اتحمل، علشان محسش انك واخدني مجرد جبر خاطر، عايزة احس بحبك الحقيقي مش علشان بابا طلب منك تتجوزني 


جحظت عيناه يطالعها بصدمة، اومأت برأسها وشهقة خرجت من جوفها


-ايه هتنكر، هتنكر أن بابا طلب منك تتجوزني، بعد ماعرف من تقريرك المزور اني اغتصبت، بس اللي مش قادرة فهمه 


-دا ايه يابن عمي، حب ، ولا إنتقام ، ولا غيرة ولا إيه بالظبط، تعالى نحسبهم من الأول كدا 


-لو حب، ازاي تحب واحدة وتقنع الكل بحب تانية، طيب لو إنتقام 


انا معملتش فيك حاجة علشان تنتقم مني، مستحيل تكون بتنتقم مني وانا بشوفك أحن راجل في الدنيا..مبقاش غير الغيرة ..طبعا بعد خطوبتي من يعقوب محبتش أخرج عن جاسر الألفي فحبيت تعمل أي حاجة تبعدني عنه، بس ازاي جالك قلب تعمل فيا كدا 


سحبت نفسًا وزفرته من أعماقها ثم رفعت رأسها وتحدثت مسترسلة


-مبقاش بينا حاجة علشان نفضل مع بعض، واكبر دليل على كدا حتى الحمل نزل، فاعمل زي ماقولت، أنا مبقتش عايزاك يابن عمي ..ولا بقى ليك اي حب في قلبي 


دنى منها مقتربا، وسهام نارية ترمقها ثم ضغط على نواجزه


-كلمة كمان هخدك ادفنك وارتاح من غباءك، مبقتش متحمل غباءك ، صبري نفد منك، انا لسة محاسبتكيش على اللي فات، ورغم كدا قولتلك نبدأ صفحة جديدة، وفي الاخر جاية تقولي كنت ..جذبها من خصرها ووضع رأسه بعنقها


-جنى مفيش حاجة اسمها كنت علشان معذبكيش بجد، كلك على بعضك ملكي انا 


تطلعت إليه بخيبة وتجمدت ملامحها 


-عايزني افضل على ذمتك غصب عني 


اعتدل متراجعا ثم 


أطلق زفرة قوية من جوفه المحترق بغبائها فأشار بسبباته محذرا وتحدث بغلظة:


-اه هسيبك على ذمتي غصب عني ،وراضي بكدا مهما تقولي، شوية الهبل دول سبيهم جوا بوقك أحسنلك 


اندلعت نيران بحدقتيها وهتفت باستنكار ممزوج بالغضب


-وتقبلها على نفسك، اومال فين الرجولة يابن عمي 


اقترب منها بعدما أثارت غضبه وتلاشت مقاومته ضدها ، وبحركة قاسية حملها 


-هعرفك الرجولة دلوقتي يابنت عمي 


مساء اليوم جلست بغرفة رسمها، تنظر لجميع لوحاتها بوجعًا لديها قدرة بإحراق جميع لوحاتها التي تحمل صوره، وضعت كفيها على قلبها هامسة


-لسه مش قادرة اكرهه، رغم كل وجعي منه، ايه الحب اللي كله عذاب وألم دا


جذبت أحد دفاترها وخطت بعض كلماته..ابتسمت اولا عندما وجدت أناملها تكتب اسمه دون وعي منها، لمست صورته بأناملها 


-شكلنا مش 


الفصل الثاني والعشرون من هنا

تعليقات



×