رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل الثامن عشر 18 بقلم سيلا وليد
الفصل الثامن عشر القسم الأول
خطوطٍ متساوية إن إلتقتا گـ.سرَ أحدهما الآخر ..
لم تكن يوماً خارطة الطريق ملكنا ....تائهين بين فصول العمر ....
على مفترق الحدث .....
تارةً تهب رياح الشوق ..
وتارةً تذبل گ اوراق خريف للتو قد مرّْ
ذهبت معك دوون أن أحفظ طريق العودة
نسيت ان ارمي فتات العشق على جنبيّ الطريق ل أعود
أيّ غباء قد عشت فيه .... وأي ذنبٍ بحق نفسي
قد إقترفت .....
ربيع يختبئ خلف صقيع شتاءٍ بارد ينذر بالعاصفة....
أخذت مني ما ليس لك بحق ... قلبُ ضلّ الطريق ظناً منه أنه قد وصل ....
استعـ.مرت موطناً قد خا"نه أهله ..... ف جعلت منه حقك المكتسب .... قلبُ اراد الحرية بعنييك ...
لا عبودية لرووح بين جنبيّك....
ف خذلته بسجنك وإلى الأبد ......
اي قانون كان بين يديك حتى حللت معادلة الهوى
وفككت رموز قلبي المتشابكة التي تأبى أن تستلم يوماً للحب ......
هل سمعت يوماً عن ناجٍ من هلاك وعاد ...
أنا فعلت
❈-❈-❈
قبل أسبوع
خرج جواد واتجهت تجلس على الأريكة تضع رأسها بين راحتيها تبكي بصمت
-إنت متجوزني علشان الولاد فعلا ياجاسر، جمعت خصلاتها للخلف ثم رفعت عيناها
- اتجوزتني ليه يابن عمي!!
علشان الولاد، دلوقتي بتقولي هم أهم مني، انا بقيت هوا في حياتك
كور قبضته بعنف حتى ابيضت مفاصله يتنهد بعمق يملأ صدره بالهواء المختلط بدخان سجائره
-جنى أنا بحبك ..نهضت متجهة إليه
-إنت تعرف ايه عن الحب يابن عمي ..استدار يطالع عينيها الحزينة الممزوجة بدموع آلامها
-الحب إنتِ ياجنى، ليه دايما شاكة في حبي ..ابتسامة من بين دموعها
-اثباتك ايه ياترى، تعالى نحسب من الأول
-أول حاجة رُحت اتجوزت وعيشت حياتك عادي، تاني حاجة زوْرت وخلتني مغتصبة علشان تتجوزني زي ماقلبك قالك اني حبيبتك، تالت حاجة روحت رجعت طليقتك وشوفتك في حضنها، رابع حاجة كذبت عليا ورحت قابلت طليقتك بردو في بيتي اللي هو المفروض خاص بينا وجاي توقف قدامي وبتقولي بحبك ..دنت بخطوات هزيلة كحالها وامسكت ذراعيه الذي يضعه بجيب بنطاله
-أنا مكنتش عايزة غير قلبك بس ياجاسر وانت بخلت بيه، كنت عايزة انام في حضنك وانت بتحاوطني بحبك وحنانك وتحسسني اني مالكة الكون بيك ..رفعت رأسها تنظر لمقلتيه
-مكنتش عايزاك تشوف حد غيري، زي ماانا مش شايفة حد غيرك، بس طلعت بحلم يابن عمي
تراجعت تجذب حجابها وتضعه على رأسها
-أنا عايزة أبعد ياجاسر شوية وبعد كدا اقرر، مش عايزة اكرهك لو سمحت، ولو عايز ترجع لفيروز ارجعلها، بس بلاش تخليني اكره نفسي بعد مااشوف ضعفي قدامك..أشارت على نفسها
-بضعف اوي قدامك، قالتهاو تحركت للخارج بعدما اردفت حديثها ...تحرك خلفها يجذبها بعنف حتى اصطدمت بصدره ، جذبها إليه حتى اختلطت أنفاسهما وتحدث بنيران عيناه التي تطلق لهيبًا
-جنى بلاش تخليني اندم على حبك، اللي بتفكري فيه دا خيال مش اكتر
تراجعت بعدما دفعته
-تندم، طيب علشان ماتندمش، طلقني ومتخافش أنا هواجه الكل واقولهم انا اللي عايزة أطلق،
-ريحني وريح نفسك،احنا مابقاش ننفع لبعض، انا مش هفضل طول حياتي عايشة اسأل نفسي بيحبني ولا لا ..حياتك ملكك يابن عمي ، وانا كمان حياتي ملكي ، لا إنت لك حق عندي ولا انا ليا حق عندك، غير دول ...قالتها وهي تضع كفيها على احشائها
ثارت جيوش غضبه من جنانها، ضغط على ذراعيها يجذبها بقوة واقترب من شفتيها يهمس بأنفاسه الحارة، وعيناه تنغرز بعسلها المختلط بدموعها
-أنا لحد دلوقتي عاذر غضبك مني، بس كلام فاضي وأهبل، صدقيني هقلب وأكون وحش، جنى هتفضلي على اسمي لحد ماأموت ، لمس ثغرها بخاصته وعيناه مازالت على ملامحها كأنه يحفر ملامحها كنحات وهمس بصوته الأجش:
-لأخر عمري يابنت عمي، اسمك مرتبط بجاسر وبس ، لحد ماحد فينا يموت ..ارتجف جسدها وابتسمت عيناها من حديثه الذي اذاب قلبها وانصهر الجليد بداخله، فرفعت كفيها لوجنتيه
-اقنعني بكدا، حسسني بدا، رفعت عيناها تترجاه بنظراتها
-عايزة جاسر ليا لوحدي، كتير عليا ياجاسر..
آه.. خرجت من أعماقه
-انتِ روحي ومقدرش أعيش بعيد عنك، حاولت ومقدرتش يابنت عمي
ابتسامة من بين عبراتها ثم احتضنت وجهه تقترب من خاصته تقبله
-وانت حياتي ونبض قلبي، وعايزة دايما قلبي ينبض بيك يابن عمي، تعالى نرمي كل حاجة ورانا، ونبعد بعيد عن الكل، انا مش عايزة غير جاسر وبس
ضمها لأحضانه بقوة حتى شعرت بتكسير عظامها ورغم ذلك ابتسمت بحبور تحاوط خصره تتمسح بصدره
-جنى من يوم ماجيتي على الدنيا وأنتِ تخصيني ، عايزك تثقي في حبيبك، أخرجها من أحضانه وعيناه تبحر فوق ملامحها
-لو بتحبيني فعلا ، بلاش كلامك الأهبل دا، عايزك تثقي مفيش هنا غيرك..قالها وهو يضع يديها على نبض فؤاده
وضعت كفيه على وجنتيها
-أنا معرفش يعني ايه حب غير وأنا حضنك ياجاسر، ازاي بتقولي لو بتحبيني ..وضع جبينه فوق خاصتها
-وأنا بعشقك ياكل جاسر..لفت ذراعيها تحاوط خصره تضع رأسها على صدره تطبق على جفنيها
-جاسر، ابعد عن فيروز، لو بتحبني بجد ابعد عنها ، أنا بموت لما بسمع اسمها، رفعت رأسها من أحضانه
-بغير عليك منها، اه هتقولي مفيش ثقة في حبي ، هقولك أه مبثقش في نفسي ، قاطعهم رنين هاتفه ..رفع الهاتف ينظر إليه ثم إليها ..ابتعدت عنه تطبق على جفنيها بقوة، متراجعًا بعض الخطوات..
-أيوة يافيروز ..على الجانب الآخر
-جسور اتأخرت ليه، مش قولت ساعة بالكتير وهتيجي تاخدني..ابتعد عن جنى التي اخترق الحديث أذنيها فهمس بسخط :
-كلمي راكان يافيروز، بعدين اكلمك ..توقفت تتحرك بخيلاء
-لأ ياجاسر هستناك، احنا اتفقنا على ايه
تحدث من بين أسنانه:
-فيروز ، كلامك مش معايا، عندك راكان اتصلي بيه وانتي حرة
تمددت على الشازلونج وابتسامة واسعة كاتساع مابين السموات والأرض
ثم هتفت
-مش قولت سامحتني وهنبدأ صفحة جديدة..
-فيروز بعدين، دلوقتي كلمي راكان يبعتلك حد يوصلك الشركة ..قالها وأغلق الهاتف
اتجه ينظر لصوت سيارته التي غادرت المكان ..كور قبضته غاضبا ثم أغلق الهاتف متجها سريعا لسيارة والدته الموجودة بالچراچ واستقلها بسرعة حتى وصل إليها وتوقف أمام السيارة
-انزلي ياجنى..ظلت كما هي بالسيارة عبراتها تذرف الدمع فقط ولا تريد شيئا آخر سواء أن تخرج مافي قلبها من آلام
-ليه بتكدب عليا، أشارت على نفسها تبصره بعينها الذابلة
-كنت قربت اصدقك، للمرة الكام ناوي تموتني وتوجعني يابن عمي..أشارت بيديها مستائة من نفسها
-لازم نبعد لحد ماتختار، ياأنا ياهي ..لو سمحت مش عايزة اكرهك..ومش عايزة اسمع كلام تاني، لانك مهما تقول هتفضل كذاب ياجاسر في نظري، حاولت أصدقك، لكن بطلعني سابع سما وبعد كدا تنزلني سابع أرض
احتضن وجهها:
-محصلش ياجنى أنا كنت مع راكان مكنتش معاها لوحدها، حبيبتي راكان محتاجها في شغل مهم، فكان لازم اقف معاه صدقيني ..بس ماليش دخل خالص
انزلت يديه وهتفت:
-طيب مش عايزاها في حياتنا، ودلوقتي حالا تكلمها وتطلقها بلا عودة، عايزة ورقة طلاقها للأبد تكون بإيدي
-جنى ايه اللي بتقوليه دا، لدرجة دي مش واثقة فيا، متخيلة اني ممكن اكون خاين..اسمعيني وبلاش اوهامك دي
-دا شرطي ياجاسر، ياأنا يافيروز، وفي أي قرار هتاخده هحترمه
تأفف بضيق من حديثها، رفع ذقنها بأنامله
-جنى ممكن تثقي فيا شوية، بلاش تعملي كدا ..أنا وفيروز مفيش حاجة هتربطنا
هزت كتفها للأعلى قائلة:
-اثبت .. دلوقتي ياطلقها بلا رجعة، ياطلاقي أنا
وقف مكبل الأيدي، يسحب نفسًا طويلا
-جنى ..وضعت كفيها على شفتيه مقتربة تهمس له
-مش عايزة اسمع غير حاجة واحدة، الطلاق يابن عمي
دفع يديها بقوة من فوق فمه، يحاوط خصرها بقوة، يجز على أسنانه
-لو سمعت طلاق تاني اقسم بالله هعاقبك عقاب متتخيلهوش
انسابت عبراتها هامسة من بين بكائها
-جاسر عارف يعني ايه العشق..رفعت نظرها وسبحت برماديته الساحرة كغيمات المطر التي تحجب الضوء، تلمس وجنتيه
-العشق لجنى جاسر، بس للأسف جاسر بيكسرها، فأنا بعفيك، ممكن تكون حاولت توهم نفسك بحبي ، اللي بيحب يابن عمي بيتحمل علشان سعادة حبيبه، فأنا بعدت قبل كدا ودلوقتي ممكن اكرر اللي عملته زمان في كلتا الأحوال هتفضل جاسر ابن عمي ، عندي أتوجع مليون مرة ولا أني اشوفك حزين..جز على أسنانه يضغط على ساعديها
-بتزعليني من كلامك دا، شكك في حبي بيوجعني ياجنى..تراجعت ترفع نظرها إليه:
اسفة يابني عمي مش هقدر لتنازل عن كرامتي وهفضل ساكتة على تذبذبك دا، لو فعلا بتحبني زي مابتهوهمني وتوهم نفسك،حسسني بالحب فعلا، مش مجرد كلمتين وشوية أحضان، انا دلوقتي مش شايفة منك إلا انك بتوجعني وبس ..
ازال عبراتها مبتسمًا
-لأ هخليكي تحبيني أكتر، علشان مش مسمحولك تفكري في حد غير جاسر..سحبت نفسًا وهتفت:
-كان نفسي اصدقك، قلبي مصدق وعقلي لا..
❈-❈-❈
لو مش عايز تختار روح كمل حياتك مع فيروز اللي بقيت متأكدة انك مش قادر تنساها ..استقلت سيارتها
وتحركت من الجانب الآخر متجهة لمنزل جواد ...وصلت بعد قليل صعدت لغرفتها تجمع اشيائها، وعبراتها تنساب بصمت، ولجت غنى خلفها
-جنى!!..استدارت تمسح دموعها
حاولت السيطرة على عبراتها ولكنها ذادت وأصبحت كالشلال..جلست على الفراش وجسدها ينتفض من شهقاتها
وضعت كفيها على شفتيها تمنع صوت شهقاتها
ذُهلت غنى من حالتها..جلست بجوارها تجذبها لأحضانها تربت على ظهرها
-اهدي حبيبتي واحكيلي ايه اللي حصل ..نهضت تكمل جمع أشيائها
-مفيش حاجة، يمكن تعبانة من الحمل، فهروح شوية عند بابا...ولج جاسر
-..نظر للحقائب، ثم اتجه إلى غنى
-خليهم ينزلوا الشنط العربية، هنبات في بيتنا الليلة ياغنى
دنت غنى تحتضن ذراعه
-حبيبي سيب جنى هنا يومين..زفر بغضب شديد ثم اتجه بنظره لجنى
-ياله ..توقفت أمامه تترجاه بنظراتها هامسة اسمه
-جاسر..لو سمحت..استدار وهتف بصوت دون جدال
-قولت هنرجع بيتنا، ومفيش كلام تاني
تحركت دون حديث
سحب كفيها متجها للأسفل، قابلهما أوس
-واقفين كدا ليه، انتوا خارجين ولا ايه
تحرك جاسر وهو يرتدي نظارته
-راجع بيتي عرف بابا ، قوله اسبوع وهنرجع، تعمق بعيناها واستأنف
-بنت عمك اللي هي مراتي محتاجة تبعد شوية عن الزحمة ..
-حاولت تحرير كفيها من قبضته
-ايه ياجنى مش كنا عقلنا..
نظرت إليه
-لأ ..لسة مجنونة يابن عمي معلش، نصيبكوا تبقى بنت عمكم تكون مجنونة..استدارت متجهة لمنزل والدها، تحرك خلفها سريعا
-جنى..ولكنها توقفت عندما
رأت صهيب آتيا بجوار جواد وضحكاتهم مرتفعة، انتفض قلبها ألمًا ، توقف جواد يشير بكفيه على بعض المساحات الخضراء حوله وابتسامة واسعة على محياه
-شوف دي كدا ياباشمهندس، بكرة احفادي يملوها واصواتهم تجلجل المكان ..ربت صهيب على كتفه
-ربنا يخليك ياحبيبي وتشيل احفادك، انا فرحان اوي ياجواد هكون جد من الناحيتين..تعرف لو الولا جاسر مش اتجوز البنت فعلا كنت هفضل طول حياتي أنب نفسي. أومأ له جواد
توقف فجأة قائلًا :
-بس دا ميمنعش لو ابنك مااتظبطشي مع البنت هاخد حقها منك قبل الحلوف ابنك..قهقه جواد يجلس على المقعد ومازالت نظراته على المساحات الشاسعة حوله
-متخفش وقت مابني يغلط في بنتي برضو صدقني اول واحد هطرده برة حي الألفي، وكمان ابنك لو ماااتظبطش مع ربى هطرده ياصهيب، معاهم لآخر الاسبوع لازم عز يتصرف وزي مانيل الدنيا مع البنت يرجعها
اقترب برأسه واستأنف حديثه:
-صهيب مش هرتاح غير لما اشوفهم مرتاحين، خلي عز يلم الدور وياخد البنت بهدوء، أما بالنسبة لجنى، فدي بنت قلبي يا صهيب ومستحيل اشوف دمعة من عينيها واسكت ..خليها تيجي بس تقولي جاسر عمل فيا حاجة، وقتها مش هرحم ابني لو لقيته ظالمها وجاي عليها
ربت صهيب على ظهره
-جواد جاسر بيحب جنى ومستحيل يضرها، زي ماعز مغرم بربى ومستحيل يعيش بعيد عنها، سيب الزمن يداوي جروحهم
اومأ جواد متفهما ..تحركت جنى متجهة لسيارته
-يالة علشان نرجع بيتنا..قالتها وفتحت باب السيارة واستقلت بجواره..وصلوا بعد قليل إلى منزلهم
توقفت تنظر بأركانه، فلقد غير الكثير به
-ادخلي، عندي شغل وهتأخر..تحركت دون أن تعريه إهتمام..قابلتها الخادمة التي تدعى منيرة
-أهلًا مدام جنى، محضرة لحضرتك الحمام..اومأت برأسها وصعدت للأعلى حيث غرفتهما، وقفت بمنتصف الغرفة أطبقت على جفنيها وانسابت عبراتها تنظر إليها بذهول، فلقد أعادها أفضل من الأول ..جلست على الفراش الجديد تتلمسه بكفيها، تتذكر أجمل لحظاتهما ..ثم تسطحت عليه تحتضن نفسها، ظلت غافية لعدة ساعات ثم أفاقت تفتح عيناها بإرهاق على إتصال والدتها
-جنى ..ايه يابنتي رجعتوا بيتكوا ليه، مش قولتي هتقعدوا هنا، لازم البيت البعيد دا
اعتدلت تجمع خصلاتها تتثآب
-ماما هنقعد يومين هنا ويومين هناك..انا حابة بيتي أوي..استمعت لصوت خطواته، ولج يطالعها بعشقه الدفين بأعماقه، ثم اقترب منها يجلس بجوارها يجذبها لأحضانه
-عايز أنام في حضنك ياجنى ، ممكن
رفعت كفيها دون وعي تغرزها بخصلاته وهي تتحدث مع والدتها ، خلي بالك من نفسك ياجنجون متنسيش إنك حامل في توم ياقلبي، جاسر كلمني وقالي هيجبلك مرافقة على ادك، بس اتحركي بهدوء ، وبلاش شغل خالص لحد ماتقومي بالسلامة
واي حاجة نفسك فيها عرفي جاسر، أو كلميني، وأنا بكرة هعدي عليكي
-حبيبتي ياماما ربنا يخليكي ليا، مش محتاجة حاجة..ابتسمت نهى بسعادة
-ربنا يسعدك حبيبتي ، خلي بالك من جوزك، جاسر بيحبك اوي ياجنى، بشوف لهفته عليكي، وزي ماقولتلك دا جواد وهو صغير، واظن فاهمة معنى كلامي ..تمدد بجوارها يجذبها رغمًا لأحضانه، أكملت حديثها، ل والدتها
-ادعيلنا ياماما، قالتها وهي تغلق الهاتف تنظر لذاك الذي قام بنزع قميصه وتمدد يتأواه يفرك جبينه قائلاً
-عندي صداع وعايز أنام ، رفع بصره إليها
-كتير على حبيبك ينام في حضنك..تراجعت ثم استدارت تهبط من فوق الفراش راجعة ..تحركت لبعض الدقائق بيديها بعض الزيوت الطبية..طالعها بعشق يلمس وجنتيها
-لسة فاكرة..وضعت الزيوت على بعضها، ثم جذبت رأسه ليضعها فوق ركبتيها قائلة بإبتسامة عاشقة
-تفتكر فيه حاجة خاصة بيك ممكن انساها..نظر إليها من فوق رجليها
-وتفتكري حبيبك ممكن ينسى حاجة متعلقة بزهرته ..خللت أناملها الرقيقة بخصلاته وارتفعت صوت ضحكاتها
-أيوة ياحبيبي لما غرقتني بسبب الزهرة بتاعتك..اعتدل يتكأ على ذراعيه
-ومين سبب الزهرة يازهرة..جذبت رأسه ..نام ياجاسر علشان الصداع، انا هنزل تحت علشان تعرف تنام
- جذبها بقوة، حتى سقطت فوق صدره، ولف ذراعيه حول جسدها
-كنت ناوي أنام في حضنك، بس غيرت رأيي وهتنامي في حضنى..قالها وهو يعدل وضعيتها ثم دنى يضع رأسه بعنقها، هامسًا بأنفاسه الحارة التي تحرقها ناهيك عن نبضها المرتفع
-لو بعدتي عني هزعلك اوي، لو عايزاني أموت ابعدي ...
عند ربى ، خرجت من جامعتها تنظر بساعة يديها ثم رفعت هاتفها تتحدث بسائقها
-إنت فين ياعلي ..نهض من مكانه
-آسف يادكتورة كنت في مشوار خاص للباشمهندس عز
توقفت ورعش قلبها من ذكر اسمه
-ماله عز؟!
قاد السيارة متجهًا إليها وأجابها
-خمس دقايق وأكون عند حضرتك، بس هوصل الدكتورة كارمن للباشمهندس عز
قطبت مابين جبينها متسائلة :
-دكتورة كارمن مين.. استمعت لصوت كارمن تتحدث بهاتفها
-أنا وصلت قدام الشركة ياباشمهندس ، اوقف ياعلي عز مستني أهو
كانت تستمع إلى حديثها التي أصبحت كالسهم يشق صدرها، هامسة لنفسها
-ياترى مين كارمن دي، ومش كفاية فريدة ..طيب ياعز العب براحتك
دقائق واستمعت لصوت سيارتها، تحركت السيارة متجهة لمنزلها، وقلبها مازال يئن بألمًا عليه، كلما تذكرت أنه لم يعد ملكها
وصلت لحي الألفي ..ترجلت من سيارتها تضغط على آلام قلبها حتى لا تضعف وتنهار باكية، قابلها جواد حازم
-روبي مالك ؟!
وقفت بأقدام متراخية تهز رأسها إليه
-لأ الحمل بس، عمتو مليكة فوق
اتجه لسيارته يلوح لها
-عند باباكي، أنا رايح لجاسر، سلام عايزة حاجة
توقفت بعدما تحركت بعض الخطوات
-جواد استنى..توقف ينتظر حديثها، ولكنها اتجهت إليه
-خدني معاك ، عايزة اشوفه، معرفش ليه مشي فجأة ..
رفع يديه بمزاح
-تؤمري سيدتي ..التفتت إليه
-جواد متبقاش مجنون، مش نقصني جنان من عز، بلاش كلامك الاهبل دا
تعثرت الكلمات على شفتيه ولم يستطع الحديث لبعض اللحظات، نظر من نافذة السيارة وشعر بألمًا يفتك بضلوعه..استدار عندما تحدثت بخفوت
-آسفة ياجواد، بس حقيقي عز مجنون وممكن ناخد على هزارنا زي زمان، ودا يعمل مشكلة ويستنتج حاجات من عنده، يرضيك بنت خالك تكون محل شك عند جوزها
لا يعلم لماذا انزعج من حديثها ولكنه ابتسم
-روبي انتي اختي مش معقول عز يفكر حاجة تانية
اشاحت بعينيها بعيدا عنه مردفة
-بس زمان مكناش كدا يابن عمتي، ياريت نراعي حدود بعضنا، اللي للأسف معرفنهاش غير متأخر
أومأ برأسه دون حديث..وصل بعد قليل لمنزل جاسر
قابلتهما جنى سعيدة
-دا ايه النور اللي هل بيتنا دا ، معقول روبي وجواد الاتنين مع بعض، قالتها بابتسامتها الجميلة..كان يطالعها بنظراته العاشقة، فاقترب منها
-عاملة ايه، كنت هروح ازورك في المستشفى ، قالولي خرجتي..حمحمت بعدما وجدت نظراته متراجعة تشير بيديها الى غرفة الاستقبال
-تشربوا إيه؟!..تسائلت بها جنى
-هو جاسر مش هنا؟!تسائلت بها ربى
-لأ ..خرج من نص ساعة، بس مش هيتأخر
نهض متحركا للخارج
-هستناه برة، توقفت متجهة إليه
-زمانه جاي، هو قالي مشوار قريب، راكان البنداري لو تعرفه كلمه وقاله هو في مكان قريب
تحرك جواد للخارج
-خلاص هستناه في الجنينة، قاطعهم وصول جاسر، يوزع نظراته عليهما
-واقفين كدا ليه...فرك جواد جبينه قائلا
-كنت طالع استناك برة، فجنى قالت انك في مشوار قريب
التفت إليها بنظرات تحمل بين طياتها الكثير والكثير..ولكن عتابه الأقوى غيرته المجنونة ..رمقها بنظرة نارية قائلا
-خلي منيرة تعملنا قهوة وهي اللي تحبها..ظهرت ربى قائلة
-وأنا ايه هوى..تبدلت ملامحه مستفسرا
-ربى..إنت كمان هنا!!تحركت جنى وهي تجيبه بمغذى
-جت مع جواد، ولسة داخلين مكملوش دقايق..بعد قليل جلست ربى بجوارها
-أخبارك مع جاسر ايه، وفيروز ..قالتها بتقطع
دققت جنى النظر إليها
-مالها فيروز ياروبي ؟!
فركت ربى كفيها ببعضهما قائلة
-من فترة يعتتلك رسالة، قصت لها ماصار
نهضت جنى تنظر من النافذة عليهما بالخارج
-تفتكري ممكن فيروز تكون صادقة ياروبي ..نهضت ربى من مكانها وتوقفت بجوارها
-جنى، كل اللي متأكدة منه ان حياتكم مش سهلة، شايفة تعقيد بينك وبين جاسر الايام دي
تنهدت جنى تعقد ذراعيها، ثم التفت إليها
-الموضوع بسيط بس اخوكي للأسف مش عارف أو مش قادر ينهيه
ضيقت عيناها متسائلة:
-قصدك ايه ياجنى..اتجهت بأنظاره عليه وهو يجلس مع جواد تنظر إليه ثم سحبت نفسا ودفعته على مراحل ..ربتت ربى على كتفها
-جنى عارفة ان الموضوع صعب ومؤلم اوي، بس لازم تحافظي على حياتك
ابتسمت جنى متهكمة
-زي ماانتِ حافظتي على حياتك كدا ياروبي ..استندت على الجدار خلفها
-فين حبك لعز ياروبي، ليه الوجع دا، انا بتوجع اوي كل مااشوفه، معقول دا عز اللي كان مابيطلش ضحك
استدارت متجهة تجلس على المقعد وانسابت عبراتها
-وأنا فين ياجنى، فين لما كسرني وهو واقف قدام بابا وبيخيره بيني وبينك، انا فين لما راح اتجوز عليا ..كثرت دموعها بغزارة تشير على قلبها
-أنا فين لما سحب مراته ودخل بيها اوضته وكأنه بيقولي هدبحك بسكينة باردة. ياروبي علشان تتعذبي كويس..أنا فين ياجنى لما ربط اسمه بواحدة غير ربى حتى لو تمثيل ، انا فين وهي جاية تاني يوم بقميص توقف قدامي وتقوله اتأخرت عليا ليه
أنا فين وهو كل اللي بيعمله أنه يهجم عليا ويقول عايز حقي ..دنت بجسدها منها ..اخوكي كان عايز يغتصبني للمرة الكام ياجنى، عارفة كام مرة
❈-❈-❈
مسحت على وجهها الغارق بالدموع ثم توقفت تربت على كتف جنى
-عارفة ليه دا كله ياجنى..لكزتها بخفة بصدرها قائلة
-علشانك، شوفتي باع حبي وحياتنا علشانك، بجد بحسدك ياجنى، عندك اخ أتنازل عن حب حياته ، وراجل شوية كان هيتحول لمجرم بعد مااتحول لنصاب ومستعد يحرق الكون كله علشانك
ابتسمت جنى بإستخفاف
-اه ومستعد كمان يموتني بسكتة قلبية، سمعتك للأخر يادكتورة ممكن تسمعيني زي مااسمعتك
تراجعت ربى بجسدها تشير بيديها
-قولي ..نهضت من مكانها وجلست بجوارها
-عز بيحبك كفاية عند ياروبي، بلاش تخسري كل حاجة ، فكري في ابنك، على الأقل معندوش ست تانية كل شوية تلاقيها منغصة عليكي حياتك
-عز طلقني ياجنى..جحظت عيناها تنظر اليها بصدمة، اومأت برأسها وانهارت باكية
-عارفة اني غلطت، وهو كمان غلط، بس دلوقتي ابني هيجي من غير ابوه، ضمتها جنى مذهولة من حديثها
-ازاي طلقك يعني مش فاهمة
أزالت عبراتها، عندما وجدت دلوف جاسر
-يالة حبيبتي اوصلك، بلاش ترجعي مع جواد، نظر لجنى وأكمل
-لازم يكون فيه شوية احترام للشخص اللي بيحبك ياروبي، قالها وتحرك
وقفت تنظر لاثره بحزن،
-همشي ياجنى ومش عايزة تتكلمي مع عز في حاجة، احنا خلاص مبقاش يجمعنا غير اللي في بطني، انا مش هفضل ابكي على حب هو باعه، اللي يبعني مرة يبعني ألف مرة، فكدا الحياة ماينفعش تجمعنا تاني، خلي فيه بينا شوية احترام علشان ولادنا
احتضنت وجهها
-عارفة انك بتحبي جاسر، بس لو فيروز هتفضل في حياتك من غير ما جاسر يوقفها عند حدها فحبيبتي اعملي زي ، ونخلي عمك ياخدلنا شقة ونسميها شقة المطلقين..قهقهت جنى عليها بطريقتها المزاحية
القسم الثاني
بعد فترة عاد إلى منزله ، ولج وجدها تجلس بغرفة الرسم، توقف خلفها
-اللي حصل النهاردة لو اتكرر هأذيكي ياجنى، انا مبعدش كلامي، ياريت تفكري مليون مرة قبل ماتحاولي تزعليني، انحنى بجسده بعدما وقف أمامها ينظر لمقلتيها
-متلعبيش على غيرتي عليكي، وقتها ممكن ادوس على قلبي وعليكي شخصيا..ابتلعت ريقها الذي جُف بصعوبة تحاول الرد عليه ولكنها لم تستطع، همست بحروف متقطعة
-إنت مجنون، ايه اللي بتقوله دا
اعتدل واقفًا وأشار بسبباته
-لو على الجنان فأنتِ أولى بيه، بس عادي ارجع اوديكي لدكتورك تاني يعقلك، بس تدوسي على كرامتي وقلبي مش مسمحولك ..دفع اللوحة بقدمه، ثم سحبها متجهًا لغرفته
-تعالي عايزك دلوقتي
مساء اليوم التالي
خرجت من مرحاضها، تنظر للغرفة التي تقلب رأسًا على عقب على ما فعله ليلة امس، حتى غفت ولم تشعر بنفسها بنومها المتواصل، وقفت أمام المرآة تنظر لملامح وجهها الذي بهت بالمرآة ..استمعت
إشعار رسالة على هاتفها
أمسكت الهاتف ثم فتحته، اعتدلت تنظر بالفيديو مرة وأثنين ثم رفعت الهاتف وتحدثت:
-مابلاش شغل الراقصين دا، بقولك هاتي من الاخر يافيروز، عايزة مني إيه
نهضت متحركة تنظر من الشرفة
-اتصلت أباركلك على الحمل، أصل جاسر قالي انك حامل
مازالت متوقفة تنظر لنفسها بالمرآة، ومافعله بها وجنونه حزنت من ضعفها أمامه وأمام تلك الرقطاء..ورغم ما تشعر به أجابتها
-ميرسي يافيروز، كنت اتمنى أقول عقبالك بس للأسف طبعا أنتِ اتحرمتي من النعمة دي، لكن متزعليش أكيد إنت فرحانة لحبيبك مش كدا ولا إيه، ماهو هيكون عنده ولاد من حبيبته، ومش ولد واحد بس دول اتنين، شوفتي عشق اكتر من كدا
شعرت فيروز بنيران تكوي احشائها، فهمست من بين أنفاسها
-ماتضحكيش على نفسك ياجنى، جاسر ماحبكيش، وانت عارفة سبب جوازه ايه
جلست أمام طاولة الزينة تستمع إليها بقلب ينبض بعنف كاد أن يتوقف فاستأنفت فيروز
-الليلة هأكدلك ياجنى إن جاسر محبش غير فيروز..ووعد مني لو مااثبتش دا هخرج من حياتكوا من غير ماابص، وأنتِ كمان لو بتحبيه فعلا سبيه يعيش مع اللي بحبها بجد، مش مجرد إجبار له
استمعت لطرقات على باب الغرفة، ولجت الخادمة
-مدام جنى ..الدكتورة غزل تحت
اومأت برأسها ، وانهت اتصالها مع فيروز، متجهة للأسفل..قابلتها غزل بإبتسامة حنونة
-كدا تمشوا فجأة من غير ما تقولوا..ألقت نفسها بأحضان غزل تبكي
-أنا تعبانة اوي ياطنط غزل، تعبانة لدرجة بدعي من ربنا اموت وأرتاح
احتضنت غزل وجهها قائلة :
-كنت حاسة مشيكم وراه حاجة، ايه اللي حصل حبيبتي..سحبتها من كفيها متجهة للأريكة ..جلست ترفع ذقنها تنظر إليها بحزن بعدما شعرت بوجود خطب ما وخاصة بعدما وجدت أثار بعنقها
-احكي لي ياحبيبتي ، مش احنا اتفقنا نكون صحاب، وقولت هتحكيلي كل حاجة...انسابت عبراتها
-هتقولي لماما..هزت غزل رأسها بالنفي ق
-مش هقولها صدقيني ..، أطبقت على جفنيها تسحب نفس
-محدش قادر يفهمني، كلكم شايفني مجنونة، حتى امي لما رحت اشكلها كل اللي قالته جوزك بيحبك وحافظي على جوزك، بس دا وجعني اوي ..قالتها وهي تشير إلى قلبها
مسدت غزل على خصلاتها تجذب رأسها بأحضانها
-طيب ياقلبي احكي وانا هقولك ايه، ومش علشان هو ابني هدافع عنه
قصت لها ماصار منذ حرقها المنزل..انتهت تسحب نفسًا
-دا كل اللي حصل بينا..أزالت عبراتها ترفع ذقنها
-انتِ مشكلتك انك شاكة في جاسر ياجنى، ممكن يكون مابيحبكيش وبيحب فيروز واتجوزك علشان الولاد بس
تمددت على الأريكة تحتضن نفسها
-أنا بحبه أوي ياطنط غزل ، ومش هقدر اتصدم تاني، هيكون صعب عليا اوي ياطنط، قوليلي اعمل ايه
اعدلتها غزل تنظر بمقلتيها
-هقولك زي مامتك ياجنى ابني بيحبك، وفيروز بتحاول تبعدك عنه علشان عارفة أنه بيحبك
نهضت تهتف بغضب
-طب لو طلع حبه وهم هعمل ايه ، لو ابنك فعلا طلع مخادع قوليلي لسة فيا ايه يتحمل وجع تاني ، صدقيني وقتها هيكون موتني ودفني بجد
❈-❈-❈
ربتت غزل على ظهرها
-،ايوة شايفة حبه الوهم ظاهر على جسمك أهو..صمتت للحظات ثم استأنفت
-حبيبتي متخليش الشيطان يلعب بيكي، جوزك بيحبك بقول جوزك دي حطي تحتها مليون خط، شوفي فيروز هتموت وترجع له ...متخلهاش تهدم بيتك يابنتي، ولو مضايق من جواد بلاش تكلميه ياستي وانتي لوحدك الدنيا سهلة اهو، وبلاش كل شوية تجيبي سيرة فيروز
أزالت عبراتها متراجعة تجلس تضع رأسها بين راحتيها ..
-هحاول ياطنط، علشان بجد انا بحبه، بس يارب مايكسرلي قلبي
جلست بجوارها
-متخلنيش اندم ياجنى، انتي كدا بتتهمي جوزك بالخيانة يابنتي، مش أي واحد ..دا جاسر ياجنى
ارتجفت شفتيها
-ماهو محدش تعبني اد جاسر ياطنط
جلست غزل على عقبيها، ترفع ذقنها وتنظر لمقلتيها
❈-❈-❈
-جاسر بيحبك ياجنى ودي أنا واثقة فيها زي ماأنا واثق بجلوسك قدامي دلوقتي..ظلت تطالعها وهتفت بغموض
-الست اكتر واحدة بتبقى حاسة جوزها بيفكر في حد تاني ولا لأ، واكيد إنت هتحسي بكدا
هزت رأسها بالنفي
-مش عارفة، صدقيني مش عارفة..قالتها بصوت باكي ..تنهدت غزل بقلبًا متألم ثم جلست بجوارها تضمها لأحضانها تربت على ظهرها
-ازاي بس ياجنى، فيه ست ماتحسش بجوزها يابنتي..
شهقت تضع كفيها على فمها
-اوقات بحسه مش شايف غيري، وساعات بحس زي أي واحدة عادية
رفعت غزل رأسها تتعمق بمقلتيه
-لأ طبعا، الست بتحس ياجنى، طبعا فاهمة قصدي
تراجعت تضع رأسها على ظهر المقعد
-فيروز خلتني اشك في كل حاجة للأسف ..احتضنت كف غزل
-أنا مش هتكسف منك وأقولك ابنك بالنسبالي حياتي ياطنط، منكرش قبل جوازنا مكنتش عايشة، معرفتش معنى الحياة إلا وأنا في حضنه..إبتسامة لاحت على وجه غزل هاتفا
-والله وهو ياقلبي، هو انا اللي هقولك عيونه بتكون فضحاه ازاي
استمعت غزل لرنين هاتفها
-عمك أكيد بيسأل عليا، انا همشي، وانتي شغلي عقلك قبل قلبك حبيبتي ، فكري ازاي تخلي جوزك مبيشفش غيرك، مع أنه والله ماشايف غيرك، خلي عندك ثقة بحبه يابنتي، وبلاش تخلي واحدة زي فيروز دي تتحكم فيه
نهضت تقف أمامها
-متشكرة اوي ياطنط غزل، ارتحت اوي لما اتكلمت معاكي، ربنا يخليكي ليا ياطنط يارب..لكزتها بخفة
-عايزة ضحكتك تنور في وش ابني يابت، وإياكي تنكدي عليه
أشارت على نفسها وتحدثت
-أنا انكد عليه، دا مبفرحش غير لما بشوف ضحكته اللي بتنور حياتي، تلألأت أعين غزل تضمها لأحضانها
-ج علشان زي ما قولتلك مش هقدر اعيش من غيره
طبعت قبلة على جبينها
-ربنا يسعدكوا حبيبتي ، والله جاسر مابيحب غير جنى وبس، وخليها توريني ازاي تثبتلك أنه بيحبها هي
-عايزة اشوفك قوية وتعرفي تدافعي عن جوزك، مش تبعديها، انا مش هعرف عمك بحاجة وهسيبه فاهم انكوا متصالحين، لانك شاطرة وهتعرفي تتحكمي في جوزك ياجنى مش كدا ولا إيه
تركتها غزل وغادرت، ظلت لدقائق
بعد فترة ونيران الغيرة تأكل أحشائها، هبطت للأسفل حتى تلهي نفسها بأي شيئا ل تبعد حديث تلك الخبيثة، تدعي الله بسريرتها، دلفت المطبخ وطلبت من منيرة الخادمة
-عايزة اعمل ورق عنب وحمام وفراخ يامنيرة، الحاجة موجودة
توقفت تطالعها بذهول
-محشي يامدام دلوقتي، نظرت بساعة يديها ثم هزت كتفها
-ليه لأ يامنيرة، الساعة لسة خمسة وجاسر هيتأخر، ممكن يرجع على عشرة أو بعدها كمان، جهزي الحاجة بس..ثم رفعت هاتفها ، لحظات وأجابها
-ايه فيه حاجة..وضعت كفيها على صدرها لتحد من ذاك النبض المتهور فتحدثت بتقطع
-ماتكلش برة أنا بعمل أكل، أجابها بابتسامة قلبه قبل عينيه
-لو هتعملي أكل عايز اكل ورق عنب ياجنجون ..ابتسمت واجابته
-من غير ماتطلب ياجاسر..تنهد وهو يخلل أنامله بخصلاته
-بلاش جاسر دي بحسها باردة ورخمة ..بترت حديثهم الخادمة
-مدام جنى، جهزت حشو الحمام..أشارت لها جنى بيديها لتصمت ولكنه التقطها ..أطلق صفيرا
-وحمام كمان، لا كدا الموضوع عايزة استعجال ودراسة ياروحي، هحاول اخلص بدري واجيلك بطيارة عباس بن فرناس ياحبيبة جاسر ..أغلقت معه وهي تتنهد بهدوء، تحاول السيطرة على نفسهابعد فترة أنهت تجهيز المائدة ، أتمت كل شيئا بقلبًا سعيد تنتظر عودته بفارغ الصبر، نظرت بساعتها ثم صعدت لتجهيز نفسها، أنهت زينتها بعد دقائق..ارتدت فستان من الستان باللون الفيروزي، بقصة مثلث، يصل مافوق الركبة، رفعت خصلاتها للأعلى ليظهر عنقها المرمري، ثم وضعت لمسات تجميلية بسيطة أظهرت جمالها بإستفاضة، أخرجت عقدا من الألماس، هدية جلبها لها بليلتهم الأولى ،ارتدته وتمنت أن تكون ليلتهم مثل تلك الليلة
استمعت لصوت سيارته بالأسفل ..ابتسمت بحبور، وقلبها ينبض بعشقه ، تدعو الله بسريرتها أن يتم سعادتهم..استمعت لخطواته بالخارج، توقفت بمنتصف الغرفة تنتظر النظر لرماديته التي تسبح بها لترى مدى عشقه لها، توترت تبعد حديث تلك الشيطانة عن عقلها، فتح الباب ، توقف متسمرا ينظر لتلك النجمة الساقطة من السماء..اقترب بخطوات سلحفية ونظراته ترسمها كفنان ..حتى وصل إليها يجذبها من خصرها لتختلط أنفاسهما الحارة بموجة العشق ، ابحر برماديته بعسلها الصافي متسائلا
-جنجون أكيد مش بحلم صح..خللت أناملها بخصلاته بعدما رفعها من خصرها لتصبح بمستواه قائلة
-عايزة أكدلك إن جنى مش هتعرف تعيش من غير ملهمها
انحنى يقطف كرزيتها هامسا
-مهلكتي والله العظيم إنت مهلكتي ياجنجونة قلبي.. ثم همس أمام ثغرها
-بحبك ياجنجون، بحبك أوي قالها وهو يعقد علاقة منفردة لثغرها الندي، استمع لرنين هاتفه ، ورغم ذلك لم يقطع وصلة عشقه، ابتعد عنها عندما سحب الهواء من رئتيها
تحركت للخلف تضع كفها على صدرها تتنفس بصعوبة
-عايز تموتني..دنى منها بخطواته
-مين اللي هيموت مين ياجنجون بس ..تحركت للأسفل
-هروح اجهز السفرة، وانت غير وانزل ياحبيبي ..قالتها وتحركت سريعا
خرج للشرفة ، يرجع خصلاته للخلف يسحب نفسًا عميقا، مغمض العينين وابتسامة عاشقة على شفتيه ..استمع مرة أخرى لهاتفه
-أيوة ياراكان ...استمع إليه بإهتمام ثم جذب جاكتيه وخرج سريعا
-لأ خلاص عشر دقايق وهكلمك، ومين ممكن يكون عمل كدا
-معرفش ياجاسر، انا نقلتها المستشفى دلوقتي ، مش شرط تيجي، بس حبيت انك تعرف ، معنى أنهم يحاولوا يقتلوها يبقى شكوا فيها
وصل الى الاسفل وانهى مكالمته
-لأ انا عشر دقايق واكون عندك..توقفت أمام طاولة الطعام تنظر إليه متسائلة
-إنت هتخرج تاني..اقترب يطبع قبلة على جبينها
-آسف ياجنى، راكان كلمني ولازم انزل حالا..قالها متجهًا لسيارته سريعا..ظلت واقفة متصنمة تنظر لأثر خروجها، بقلبًا يئن ألما بعدما كان يتراقص منذ قليل
هوت على المقعد تنظر لطاولة الطعام وتلك الشموع التي أعدتها، ظلت لفترة حتى استمعت لشعار لرسالة، هنا هوى قلبها بين أقدامها، تفتح الرسالة وتتمنى ألا يكون هو، أعلن قلبها عصيانه وهي تراه يجلس بجوار فراشها بالمشفى يحتضن كفيها، وتلك الكلمات التي تكتب باسفل الصورة
-جوزك عندي ، شوفي الساعة كام، اظن كدا الرسالة وصلت
تراجعت بجسدها تضع رأسها على ركبتيها تنظر بشرود، مرت عدة ساعات لم تشعر بالوقت، حتى استمعت لرسالة أخرى ..هنا فاق الألم حدود الوصف وهو يغفو على تلك الأريكة وهي تجلس تمسد على خصلاته
أطبقت على جفنيها وانسابت عبراتها ثم جذبت مفرش الطاولة ليتساقط الطعام بأكمله على الأرضية ، ثم صعدت للأعلى، وتمددت على الفراش تحتضن أحشائها لتغفو بسرعة دون أي مجهود
❈-❈-❈
مرت ساعات أخرى على نومها من يراها يظن إنها بعالم الأموات..وصل بالصباح الباكر، دلف للداخل وهو يسب نفسه على ماصار، كيف له أن يغفو بسهولة ، كل ما تذكره حديثه مع الطبيب وتناول قهوته، وبعدها لم يشعر بشيئا سوى بعد ساعات..ولج للداخل ، ذهب ببصره لذاك الطعام الملقي على الأرض..صعد سريعا للأعلى ، ولج بهدوء وجدها تغفو كالطفل الوديع..ظل لدقائق بجوارها، ثم تمدد بجوارها يجذبها لأحضانه، والأغرب أنها وضعت رأسها بصدره تتمت بخفوت
-ضمني اوي..حاوط جسدها بالكامل، طابعًا قبلة متأسفًا
-آسف ياروحي، مهما اتأسف ليكي حق تزعلي..ظل لفترة يمسد على خصلاتها فتحت عيناها بعد فترة تشعر بألمًا يفتك جسدها..شعرت بثقل على جسدها، حاولت الفكاك من قبضته ، فخرجت من أحضانه مبتعدة، تجلس على الفراش، اعتدل صامتًا، يطالعها بأسفًا ..حمحم مقتربا
-جنى أنا آسف..ابتعدت بنظرها بعيدا قائلة:
-طلقني..بعيونا باردة
جذب كفيها يطبع قبلة عليهما
-حبيبي عارف مهما اقولك..سحبت كفيها منه مرددة
-قدامك خيارين لتطلقني ..ياإما سبني ابعد عنك دلوقتي لانك في نظري مش راجل ياحضرة الظابط
جز على أسنانه وتحدث بغضب:
-جنى ..نزلت من فوق الفراش
الاول قوم اخلع هدومك المقرفة اللي فيها ريحة المدام وبعدين تعالى واقف قدامي كراجل ونتحاسب
قالتها ثم اتجهت لمرحاضها
ظل لدقائق يستوعب ماصار، قرب قميصه من أنفه قائلا:
-هي تقصد إيه !!
استمع لهاتفه: أيوة ياراكان، لا روحت
بس مين اللي ممكن يعمل كظا ياراكان..تحدث راكان على الجانب الآخر
-جاسر الموضوع دا وراه حاجة تانية، لازم نصبر لحد مانحقق مع البت الشغالة، قاطعه جاسر
-البت الشغالة دي معرفة ابويا، مستحيل تكون خاينة، هشوف الكاميرات واعرفك
-بلاش إنت ياجاسر، مش عايز حساسية ..كفاية اوي اللي عملته لحد كدا، يعتبر قطعنا شوط كبير مش عايز اللي اسمها فيروز دي تستغل قربك وتبوظ حياتك
تنهد عندما تذكر ماصار فهتف
-تمام ياراكان، المهم تطلع من ورا فيروز بحاجة
قهقه راكان قائلا:
-دي حاجات يابني، الصراحة البنت شاطرة وعرفت توصل لمعلومات كتير، هبعتهملك على ايميلك، بس الموضوع دا يخوف أد مع هي بتفدنا، فعلشان كدا بقولك بلاش إنت تقرب منها خالص، أنا هتصرف، ومكنتش حابب انك تبات عندها في المستشفى
توقف يشعل سيجاره ينظر من النافذة ثم تحدث بخفوت:
-متنساش ياراكان أنها كانت في وقت على اسمي، مكنش ينفع اسبها لوحدها في المستشفى بعد حبس امها، مش عايز حد يأذيها ومش عايز ناجي يقربلها ويستضعفها، لازم يحس اني جنبها، علشان يفكر مليون مرة قبل مايحاول يقربلها، ولسة هقولك
فيروز مش وحشة ولا مجرمة علشان اعاملها بالطريقة دي
-طيب ياحنين.. والله انت اهبل، حرص منها انا مش مرتاح رغم المعلومات اللي جبتهالي بس بقولك شكلها بتخطط لحاجة اكبر ياحضرة الظابط
-تمام..أغلق الهاتف بعدما شعر بوجود جنى بالغرفة ..استدار يطالعها للحظات ثم تحدث :
-فيروز حد هجم عليها في الشقة، وفتح الغاز عليها، لولا السكان شموا ريحة الغاز كانت زمانها ميتة، هي بتساعد راكان علشان يوصل لشركاء جدو بعد ماسمموه وحاولوا يقتلوه، وكل اعمالهم المشبوه باسم والده دلوقتي، يعني ممكن أبوه يتحبس غير جده كمان، فهو طلب مني يقابلها بعد ماعرف أن عم فيروز منهم، فهي دلوقتي في بتشتغل في شركة عمها
وضعت المنشفة، وقامت بتجفيف خصلاتها دون النظر إليه ، اقترب منها يجذب منها المجفف، تراجعت بهدوء
-إياك تقرب مني ولا تلمسني ، روح للي كنت عندها..
جذب رسغها يسحبها لأحضانه
-جنى بلاش جنانك دا، بقولك كانت بتموت..اتجهت لغرفة ملابسها وخرجت بعد دقائق معدودة بخروجه من المرحاض، يحاوط جسد من الأسفل بمنشفة..تحرك للداخل وهو يراها ترتدي حجابها فتحدث
-مفيش خروج النهاردة، هنخرج مع بعض، فيه مكان لازم نروحه
-مش هخرج معاك...انا نازلة شغلي، واستدارت وتحدثت بثبات
-أنا هسافر مع عز الأسبوع الجاي، وياريت ارجع من السفر نكون انفصلنا بشكل مايوجعش حد من العيلة، ومتخافش محدش هيزعل، ماهو عز وروبي أطلقوا ، عقبالنا احنا كمان
وقف لثواني يتأملها بصمت، رفعت خصلاتها تعبث فيهم تحاول السيطرة على ضعفها أمامه..دنى بخطى سلحفية ثم وقف خلفها وجذبها فجأة ليصطدم ظهرها بصدرها يهمس لها بفحيح
-إن شاءالله في قبرك ياأم كنان، تقابلت نظراتهما بالمرآة، وارتجف جسدها بين ذراعيه
اردفت دون النظر إليه
-من اللحظة دي هعتبرك مش موجود، وانت كمان اعتبرني مش موجودة، انا هنزل شغلي عادي، لا تتدخل في حياتي ولا ادخل في حياتك..ولو عايز تجيب فيروز هنا هاتها ماهو مبقاش غير انك تعلنها صريحة يابن عمي
دفعها بقوة على الأريكة حتى سقطت ثم حاوطها بجسده
-ليه متجوزة سوسن ..
انحنى ينظر بعسلها يردف بصوته الأجش
-كلمة ومش هعيدها تاني وياجنى
-بلاش تخليني اقهرك بجد، وبلاش تختبري صبري ، وجنانك دا عند دكتورك مش عندي ..قالها وهو يمرر شفتيه على ثغرها ..ثم نظر لمقلتيها أنا اللي كنت من ساعات مش قادرة تبعدي عني، فين حبك
وضع رأسه بحنايا عنقها بعدما ازال حجابها يستنشق رائحتها ويملأ رئتيه مستمتعا يهمس :
-مفيش الهبل اللي بتقوليه دا ، انت مراتي واياكي تستهوني بالكلمة ياجنجون..قالها وهو ينقض عليها كالأسد الجائع
انسابت عبراتها
-ابعد عني ياجاسر انا مش عايزاك تقربلي من اللحظة دي احنا في حكم المطلقين
ارتفعت وتيرة أنفاسه من حديثها المحرق لروحه، فحملها متجهًا لفراشهما
-عايز اعرف هتمنعيني ازاي يابنت عمي، انزلها محاوط خصرها يجذبها بقوة ينظر لمقلتيها الزائغة من تحوله يقبلها بعنف
-امنعيني ياله يابنت عمي، عايزك تمنعي جوزك وحبيبك..رفعت رأسه تبكي بشهقات
-ابعد عني ياجاسر متخلنيش اقرف من نفسي..
أحس بقبضة تعتصر صدره سرعان ماشحب وجهه وهو يضغط على ذراعها يقبض على كنزتها بقوة عندما وجد النفور بعينيها، أصابته بالجنون، ماذا بك صغيرتي، اتظننين أنني اتهاون معكي ..دنى يحاوطها بجسده يطالعها بصمت
- وظهر جسدها أمامه..فدنى يهمس بجوار أذنها
-اسمع منك كلمة طلاق تاني صدقيني هكرهك في نفسك ياروحي، انت مراتي ..وضع كفيه على أحشائها
-وأم ولادي ماشي ياجنجونة قلبي..قالها وهو يحجز ثغرها بين خاصته..
-ذنبك ياحبيبة جاسر اني بحبك اوي، وللأسف مش عايزة تفهمي دا
أبعدته ثم
نظرت إليه بكره تهمس من بين بكائها
-كرهتني فيك يابن عمي.، واعرف اللي مصبرني على إني اتحمل كذاب مخادع زيك عمي وابويا بس، غير كدا مش عايز اشوف وشك قدامي
ران صمتا بنيران الأنفاس الملتهبة من كلاهما، هي بشهقاتها ونظراتها المشمئزة وهو صدمة جعلت جسده يتجمد ..ابتلع غصة مؤلمة تشق جوفه متأثرا بماقالته ..آلمه كلامها وكأنها غرست خنجرًا في روحه التي نزفت ببطئ تكوي جسده قائلا
-بتكرهي جاسر ياجنى، قدرتي تقوليها
كعصفور كسرت أجنحته وحبس بقفصًا من ذهب لا حول له ولا قوة
-وماكرهتش ادك ياجاسر، بكرهك ..بكرهك قالتها بشهقات مرتفعة متجهة للمرحاض تزيل ثيابها من فوق جسدها، تنظر لانعكاس صورتها بالمرآة، حركت أناملها على جروح شفتيها من قبلاته ..هوت تصرخ تمزق ثيابها وخصلاتها كالمجنونة
-بكرهك ياجاسر،، سمعتني بكرهك
هبط للأسفل بخطوات متعثرة كالذي مسه جنا..استمع الى صرخاتها وكلماتها التي مزقت قلبه لأشلاء ..
مرت الأيام بينهما باردة ، يعود من عمله إلى غرفته دون حديث بينهما
استمع إلى طرقات على باب غرفته، إذن بالدخول..ولجت الخادمة
-جاسر بيه ..مدام جنى بقالها يومين ماكلتش والنهاردة اغمى عليها وجبتلها الدكتور، وكمان طلب منها تحاليل ، قال حالتها عايزة رعاية
صعد للأعلى سريعا ، اقتحم الغرفة، وجدها تجلس بالشرفة تنظر للخارج، ماتت ضحكتها البريئة، وبهتت ملامح وجهها مع عيناها الخاوية للحياة، ورغم ذلك اقترب منها
-مبتكليش ليه، اوعي تفكري انك بتلوين دراعي علشان اطلقك، حاوطها بذراعه يضع رأسه على كتفها
-ولادي ياجنجون ..حافظي عليهم، علشان مزعلكيش، انتي ناسية انك هنا علشانهم
ظلت كما هي تنظر للخارج، صاح على العاملة
-هاتي اكل المدام ..لازم تاكل علشان ولادها قصدي ولادنا ..جذب مقعد يطالعها بنيران تكوي ضلوعه على صمتها فعل ذلك حتى تهاجمه ولكنها خلفت ظنه ..وضعت الطعام على الطاولة قائلة
-عاملت الأكل اللي بتحبه ياجاسر بيه، أشارت على جلوسها تهز رأسها بحزن عليها ...وهتفت
-خليها تشرب العصير علشان لازم تاخد علاجها
-كلي علشان علاجك ..امسك الملعقة وبدأ بإطعامها ، فتحت فمها دون حديث وبدأت تلوك الطعام ونظراتها للخارج وكأنه ليس موجودا..ظل لدقائق بجوارها بعد إطعامها..رفع كفيه يضعها على خصلاتها
-جنى أنا آسف..أزداد ألمها عندما شعرت برغبتها من الاقتراب منه ودت لو ألقت نفسها بأحضانه ليزيل آلام قلبها، همست لقلبها
-كيف لك العفو له وهو المذنب، آه على قلبُ هواه محكمُ
استدارت أخيرًا له وهمست بتقطع
-طلقني..هب من مكانه متجها للأسفل حتى لا يفقد أعصابه عليها
ظلت كما هي إلى أن قررت الأبتعاد عنه، حتى لا تؤذي أحد من عائلتها..قامت بمهاتفة غنى
-غنى عايزة منك طلب لو فعلا بتحبي اخوكي قبلي ..استمعت غنى بإهتمام
-عايزة ابعد عن جاسر فترة ، احنا بنأذي بعض أوي ياغنى، مش عايزة عمو وبابا يعرفوا حاجة دلوقتي ،
-مش فاهمة ياجنى قالتها غنى متسائلة
-عايزة ابعد ياغنى، ايه اللي مش فاهمة، عايزة اهرب من اخوكي بدل ما اموت نفسي ولا اهرب ومحدش يعرف مكاني ..وحياة ربنا هبعد ومش هخلي حد يعرف مكاني
-طيب اهدي واحكيلي علشان اعرف، هعمل ايه
القسم الثالث
بحي الألفي
وصل صهيب إلى منزل جواد بعد علمه بمغادرة ابنته منزل زوجها، توقف صهيب أمام جاسر:
-بنتي فين ياجاسر؟!..تسائل بها بعينان تطلق لهيبًا
تراجع جاسر بخطواته متجهًا للخارج
-بنتك سافرت ومعرفش راحت فين، المفروض تسألها متسألنيش، دا لو حضرتك ماتعرفش..قالها وتحرك مغادرا
اقف عندك يلا..اقترب منه بخطوات سـلحفية وجذبه من تلابيبه، يجز على أسنانه
-بنتي فين وليه مشيت من غير ماتعرفك، انت مش جوزها، ولا ايه فهمني، قالها صهيب وهو يهزه بعنف
تجمد للحظات بين ذراع عمه ونظراته ضائعة
-معرفش ، رجعت ملقتهاش، واخدت كل اوراقها، ليه تكسرني ياعمو كدا، انا حبيتها وهي داست اوي
قالها واستدار متجها للمغادرة
-بس يكون في علمك مش هسامحها، جنى كسرتني ياعمو..قالها وتحرك كالذي يهرب من عدوًا متربص له
ولكن توقف على صوت صهيب الذي زلزل الجميع
-طلعت مش أد الأمانة يابن اخويا، صرخ على جواد الذي خرج كالمخمور يتخبط بسيره..توقف بجسدٍ مترنح ينظر بعينان متسائلا:
-صوتك ياصهيب، اتجه إلى جواد وكالذي مسه جنًا
-صوتي، واللي ابنك عمله دا اسميه إيه
-عمو صهيب أهدى لو سمحت، واكيد هي حبت تبعد شوية علشان تهدى
قالها أوس لهدوء حدة الموقف الذي اشعل المكان بأنفاسهم الملتهبة...اقترب صهيب من أوس
-تعمل إيه لو عز دخل عليك وقالك مش لاقي اختك ..لكزه بقوة قائلاً:
-ماترد ، ساكت ليه!! انا عايز بنتي ياجواد، قالها صارخًا
قاطعهم صوت غزل صائحة
-مالك ياصهيب ،ليه محملنا هروب بنتك ، كفاية بقى كل حاجة على جاسر، نظرت لمقلتيه
-هي كل واحدة هتتخانق مع جوزها تهرب، ليه محمله كل اغلاط جنى
جلس جواد يضع رأسه بين راحتيه عندما اشتد الحوار بينهما، مما جعل صهيب يثور وكأنه تحول لمارد قائلا:
-اومال مين السبب ياغزل، بنتي كانت عايشة في أمان الله لحد ماابنك دخل حياتها
جلس شاردا يضع رأسه فوق ركبتيه، وحوارهما الأخير يخترق روحه، لماذا وصل بهما الحال إلى هنا
أطبق على جفنيه عندما امسكه صهيب من تلابيبه يصرخ به
-بنتي فين يلا، عملت فيها ايه، هموتك يابن جواد
تدخل عز وأوس لأبعاد جاسر الذي وقف مسالمًا لما يحدث له
صرخت غزل تدفع صهيب بعدما وجدت حالة ابنها ، تنظر لجواد الذي انكمش بجلوسه، كأنه فقد احساس ماحوله
رفعت سبباتها أمام صهيب
-انا ساكتة وبقول دي بنتي ودا ابني، بس توصل لبنتك انها تمشي ومنعرفش مكانها ..وكمان احتمال تكون برة البلد، فاعذرني ياصهيب بيه، دي مش عاميل واحدة متربية
صاعقة نزلت على الجميع من حديث غزل ، مما جعل صهيب يتراجع بخطواته للخلف، تكورت عيناه بالعبرات قائلًا بصوت مرتجف:
-بنتي مش متربية ياغزل
اه صاحت بها بصوتًا كالرعد في سماء الشتاء واستأنفت وعيناها على جواد
-فيه واحدة تعمل في أهلها كدا ، طب هي اتخانقت مع جوزها مجتش بيت عمها، بلاش عمها أصله ابو جوزها، مجتش بيت ابوها ياباشمهندس، ايه يا صهيب علشان بنتك هتسكت على الغلط
استدار لجواد يشير بيديه على غزل
-سامع مراتك بتقول ايه، مراتك بتقول بنتي مش متربية، رفع نظره لجاسر
-مراتك مش متربية
نهض جاسر متجها للخارج، أسرعت غزل خلفه بعدما وجدت حالته التي تدهورت من حديثها ..
جاسر..توقف يواليها ظهره يكور قبضته فلآن يشعر بألمًا مفرط يغزو كل خليه بجسده ، روحه تتمزق ونيران بصدره تكاد تحرق عظامه
-رايح فين ياحبيبي؟!
أطبق على جفنيه وحاول تنظيم أنفاسه
-رايح اشوف حد يساعدني ادور على مراتي ياماما، شايف بابا مش هيعمل حاجة ، بس لو عرفت أنه هو اللي ساعدها صدقيني وقتها عمري ماهسامحه ابدا
إستدار لوالدته، وانسابت عبراته تحرق وجنتيه
-مراتي هربت، انتي فاهمة معنى الكلمة ايه، زي ما حضرتك قولتي من شوية، هيقولوا عليها مش متربية
بس وحياة وجعي دلوقتي لأعلمها ازاي تعمل فينا كدا ..قالها واستدار، ولكنه توقف على صرخات ربى باسم والدها
تحرك سريعا للداخل بينما توقفت غزل بمكانها، ودقات قلبها تنبض بعنف تهز رأسها
-لأ..اكيد جواد كويس، لا انا سمعت غلط، تحركت بخطى متعثرة، وكأنها تتحرك على بلور يشحذ قدميها ، وصلت للداخل، وجدت ربى تقوم بعمل اسعافات اولية، وصلت إليها
عيناه الزائغة وشفتيه التي ارتجفت بإعوجاج
هوت ساقطة وجسدها ارتعش من حالته
-حبيبي ايه اللي حصل..احتضنت وجهه
-جود حبيبي خليك معايا، غزالتك هنا اهو، نظرت لأبنتها
-اسبرين بسرعة ياروبي، بابا داخل على جلطة..قالتها وعيناها كزخات المطر، فتحت قميصه وبدأت تضغط على صدره
-حبيبي جود سامعني، خد نفس براحة، مررت أناملها المرتعشة على شفتيه
-جواد سامعني، اغمض عيناه عندما فقد الكلام..اقترب صهيب منه وبدا على وجهه الحزن والخوف على حالة اخيه، قلبه بدأ يصفعه على ماقاله لأخيه ، وضمير ذنبه يحرق احشائه
ساعد جاسر وأوس جواد على تسطحه وكذلك عز الذي شعر بالأسف ينظر إلى عمه بقلبا ينزف ألمًا..، وقامت غزل بعلاجه الأولي انتظارًا سيارة الإسعاف
رفع كفيه ووضعها على رأسها قائلا: بصوت متقطع
-أن..ا.ا ..ك..و..ي..س ياغزل..احتضنت كفيه ثم قبلته وبكت بشهقات مرتفعة
-ألف سلامة عليك ياحبيب غزل ، كدا تخوف غزالتك عليك
وضعت رأسها على صدره تبكي
-جواد اتماسك علشان خاطر غزالتك، عارفة الحمل تقيل عليك، بس أنا ماليش غيرك ..بكت وبكت إلى أن جفت دموعها، جلس جاسر بجوارها من ناحية، والجانب الآخر ، احتضنها أوس يضمها لأحضانه
-ماما بابا كويس مش كدا..قالها أوس الذي يطالع والده ، أومأت رأسها تملس على وجهه
-أكيد كويس، لازم يكون كويس ، جوادي مستحيل يوجع غزالته، اقتربت تطبع قبلة على جبينه
-مش كدا ياجود، كان قد ذهب بنومه بعدما أعطته بعض العقاقير التي تحد من الأذمة القلبية ..وصلت نهى التي لم تكن تعلم بما صار ، وقفت توزع نظراتها على الجميع متسائلة:
-فيه إيه..ذهبت ببصرها لجاسر الذي يضع رأسه بحضن والده يبكي بصمت
❈-❈-❈
اقتربت تطالع جواد
-ماله جواد ياغزل..كانت مازالت جالسة بين أولادها، وعبراتها تنساب بصمت فتحدثت وعيناها تحاوط زوجها
-خدي جوزك وابنك وامشوا من هنا يانهى، مش مستعدة أخسر جوزي علشان طيشان بنتك واستهترها
نهضت متحاملة على نفسها تغرز عيناها بأعين صهيب
-يارب تكون ارتحت دلوقتي ياصهيب، من دقايق كنت ممكن أخسر جوزي، ودلوقتي روح دور على بنتك بعيد عني
-ماما!!صاح بها أوس غاضبا
ممكن تهدي، حضرتك شايفة حالتنا كلنا
نزعت كفيها من يد ابنها تشير بسبباتها محذرة إياه
-محدش يقولي اهدي، انزرفت عبراتها تشير على زوجها
-من دقايق بس كنت هخسر ابوك ليه
استدارت لصهيب وهتفت بنبرة مستاءة :
-علشان بنت عمك اللي زعلت مع جوزها وقال ايه سابت البلد ومشيت، ايه التهريج دا يانهى، هو كل اللي تتخانق مع جوزها تسيبله البيت وتهرب
ضيقت نهى عيناها متسائلة:
-تقصدي ايه؟!
قاطعهم وصول سيارة الإسعاف
-لازم ابوكم يروح المستشفى ، لازم اطمن قالتها بعدما سمحت للخادمة بإدخالهم .. دقائق ووصلوا للمشفى للأطمئنان على حالة جواد
مرت عدة ساعات بعد الكشف والتحاليل، تم حجز جواد بالعناية بعدما فقد الحركة والكلام
عند جنى ..وصلت إحدى المصريات التي اعتنى بها بيجاد لمرافقتها
توقفت أمام جنى
-أي حاجة حضرتك محتاجها اطلبيها
-بقالك كتير في تركيا؟!
اجابتها نورة المرافقة
-عشر سنين يامدام..اومأت برأسها وتحدثت:
-اعمليلي عصير فروالة باللبن لو سمحتي، على فكرة أنا حامل
ابتسمت إليها قائلة :
-ألف مبروك ، ان شاء الله تفرحي بيهم
فاستأنفت
-وباباهم هنا في تركيا..هنا شعرت بنبضها يدق بعنف في جنبات صدرها
فهزت رأسها بالنفي
-جوزي في مصر، يومين ولا حاجة ويرجع
رسمت ابتسامة ونهضت بخطوات هذيلة
-هدخل ارتاح شوية جوا هاتيلي العصير هناك
ابتسمت لها وتحركت للداخل..ولجت جنى إلى غرفتها ثم اتجهت إلى فراشها جلست عليه تضع كفيها على أحشائها
-إن شاءالله هنبقى كويسين، وخلي بابا يرتاح مننا، ذهبت بذاكرتها لحديثه
-أنا روحت اجيب شنطة هدومي، خفت تعمل حاجة في البيت، وكمان خفت تيجي هنا وتشوفيها وتتعبي، والله راكان كان هناك كمان
تمددت تحتضن نفسها كالجنين وانسابت عبراتها
-بحبك أوي يابن عمي، وكأن حبك تعويذة مش عارفة أخرجك من قلبي
جذبت كنزته التي جلبتها معها، تضعها على أنفها تستنشق رائحته كالمدمن
بكت بصمت عندما فقدت السيطرة على نفسها تريده بالحال ..همست اسمه وهي تحتضن كنزته كأنها تحتضنه
-ليه تعمل فينا كدا ، مش هقدر اعيش من غيرك..همست اسمه بتردد
"آسفة بس كان لازم اعمل كدا، عايزة اعرف انا إيه في حياتك"
دلفت نورة بعصيرها وجدتها تبكي بصمت
-مدام جنى مال حضرتك ، تعبانة؟!
اعتدلت تزيل عبراتها وأجابتها:
-ابدا تعبانة شوية، ممكن تجيبي فوني من تحت..اومأت نورة وتحركت للمغادرة
بالأسكندرية عاد بيجاد من رحلة تركيا مساء اليوم التالي ، ولج يبحث عنها وجدها بالأعلى تهاتف ربى..دلف يضع كفيه بخصره يهز رأسه مستاءً
أشارت إليه بالهدوء ثم أكملت حديثها
-يعني خرج ولا بتضحكي عليا، اجابتها على الجانب الآخر
تنهدت تفرك جبينها قائلة:
-للأسف ياغنى بابا محجوز من إمبارح، شعرت بتحركه خلفها، استدارت إليه ربى ولكنه تحرك متجها لغرفة العناية، استدارت واكملت حديثها:
-البيت والع بسبب اللي حصل لجنى
أنهت غنى اتصالها بعد دقائق معدودة ثم توجهت لزوجها الذي خرج للشاطئ، جذبت حجابها وخرجت ، توقفت خلفه
-بيجاد!!
زفر يعبأ رئتيه بالهواء ثم استدار إليها بهدوء كي لا يحزنها
-ايه اللي حصل لباباكي!!
خطت إلى أن وصلت أمامه مباشرة تنظر لمقلتيه
-بابا تعبان أوي يابيجاد خايفة عليه..ابتسامة ساخرة على وجهه
-خايفة!! لا لسة الخوف جاي فعلا، انتي مش مستوعبة نتيجة اللي عملناه
تنهدت تسائله:
-جنى عاملة ايه ..أولاها ظهره ينظر لموج البحر الثائر أمامه
-معرفش ازاي وافقت على المهزلة دي، تحركت واتجهت إليه
-مهزلة!!..قالتها مستنكرة ثم اردفت
-وياترى لما الراجل يحرق قلب الست اللي هي بتعشقه دي تبقى ايه يا كابتن
امسكها من أكتافها يتعمق بعيناها
-غنى إنتِ مصدقة إن جاسر ممكن يكون متجوز جنى زي ماهي قالت
مسحت على وجهها وتنهيدات متألمة
-لأ طبعا، اخويا مش واطي يابيجاد ، بس برضو لازم افوقه، لازم يبعد عن زفت الطين فيروز دي
دنت منه وتوقفت أمامه مباشرة تحتضن ذراعه:
-ايه اللي يخلي راجل يسيب مراته تعبانة ويروح لطليقته ويكذب عليها ، ايه اللي يخليه يقسى على جنى بالطريقة دي، ليه مااحتوهاش يابيجاد
تراجع ينظر للبحر يهز رأسه رافضا كلماتها:
-بردوا مكنش ينفع تعمل كدا، أنتِ غلطي أوي لما ساعدتيها، وغلطك دا هيزعل منك الكل
عقدت ذراعيها على صدرها وأجابته
-متقنعنيش يابيجاد ، لازم جنى تبعد عن جاسر علشان يقدر يفوق، ويفكر ازاي يلزم فيروز عند حدها
سحبت نفسا وزفرته على عدة مرات
-بيجاد جنى طيبة وبريئة اوي، حرام اللي بيحصل معاها دا، وبتحبه أوي، انا كنت معاها لما انهارت ، دي اتعالجت من حبه يابيجاد، عايز أكتر من كدا إيه، تكورت عيناها بالعبرات
-صعب اوي على الست لما تعشق واحد وصورته تهتز ، لا مش مجرد أنها اهتزت، دي جواها انطفى واتكسر قلبها، أزالت عبرة نزلت عبر وجنتيها
-مش علشان أخويا اقف معاه يابيجاد، لازم يعرف أنها حبته بكل كيانها وهو خذلها، ومش معنى الخذلان أنه خانها ، أنا قصدي مكنش كان صريح معاها ، اقنعني أن واحد يعمل في حبيبته كدا ..تفتكر انا لو مكان جنى كنت ممكن اعمل وخصوصا لما قالها اهم حاجة عندي الولد..فتح فمه للحديث ولكنها أوقفته مشيرة
-عارفة بيقولها كدا علشان اللي حصل منها ، بس بردوا ميردش بالطريقة البشعة دي
تعرف اللي صعبان عليا في دا كله بابا وبس، لأن عمو اتخانق معاه وطبعا حملوه المسؤلية
رفعت كفيها على صدره
-حبيبي أنا قصدي اصلح العلاقة وتكون أقوى من أي ريح، جنى هتبعد وتعرف أنها مش هتقدر تعيش بعيد عنه، وبعد كدا هتفكر مليون مرة قبل أي قرار، وثانيا جاسر بعد كدا هيكون شعورها أول حاجة عنده
جذب رأسها يطبع قبلة على جبينها -عايزة انزل القاهرة، لازم اطمن على بابا، وعايزة اعرف جاسر بيفكر في ايه، وعامل ايه دلوقتي ، رفعت رأسها -أنا هقوله على مكانها بس لما يثبت أنه بيحبها فعلا..اومأ برأسه ثم
خطى للداخل وهو يتحدث
-مش متفائل ياغنى، وربنا يستر وجواد الألفي ميقلبش عليا أنا في الآخر
عند ياسين بعد إنتهاء حفل الزفاف، حاول مهاتفة جاسر إلا أن هاتفه مغلق
استقل سيارته وهي بجواره متجهًا لشقة جاسر بالرحاب ..كان يقود السيارة بصمت مميت، أنفاسه تحرق صدره، دقائق ووصل إلى وجهته..ترجل من السيارة متجها إلى البناية، توقف بعدما وجدها مازالت بالسيارة تبكي بصمت ..تراجع إليها يفتح باب السيارة بعنف قائلا
-ايه البرنسيسة مصدقة إنها عروسة ومستنية افتحلها الباب
جذبها بعنف، يجرها خلفه بخطواته الواسعة المهرولة، وهي تتحرك خلفه بأنفاسًا متسارعة، تبكي بصمت..فتح باب الشقة ودفعها بقوة حتى سقطت على الأرضية أمامه ..نزل بجسده يتكأ على ركبتيه ينظر لزمردتها قائلا
-هتقعدي هنا لحد مااشوفلك حل، اسمع نفسك هدفنك، إنتِ هنا زي اي أثاث في الشقة ..أزالت عبراتها بعنف وتوقفت تنظر إليه باشمئزاز
-براحة على نفسك، متصدقش انك جوزي حق وحقيقي، دي مسرحية يابابا، ولو ابويا واخويا باعوني مش معنى كدا إني ضعيفة، انا اعرف اخد حقي كويس اوي
استشاط داخله من لسانها السليط..اقترب يضغط على كفيها
-أنا لو مكانك اروح أدفن نفسي بالحيا، قليلة رباية وبجحة..دنى يهمس بجوار أذنها بهسيس
-بس متخافيش انا هدفنك بالحيا، لان اللي ذيك خسارة في الحياة
قالها واستدار للخارج وهو يحاول تنظيم أنفاسه المتسارعة..وصل إلى سيارته بخطوات متعثرة، كلما يتذكر ماصار اليوم..جلس بالسيارة لبعض الدقائق حتى استعاد تنفسه والسيطرة على غضبه، رفع هاتفه الذي أعلن الرنين
-أيوة ياأوس..
-ياسين تعالى على المستشفى، بابا اتحجز هناك
❈-❈-❈
بعد شهرًا بالمشفى
فتح عيناه بإرهاق وألمًا بائن بملامحه مسدت على خصلاته التي ظهر به تلك الخصلات البيضاء مما أعطته هيبة ووقار فوق هيبته وتسائلت:
-جوادي حبيبي حاسس بإيه دلوقتي
-عايز جاسر..قالها بتقطع ..انحنت تطبع قبلة على جبينه
-حمدالله على سلامتك ياقلب غزل ، قبلت كفيه تمسد عليه
-بلاش ترهق نفسك حبيبي دلوقتي، بعدين تتكلم معاه
-ابعتي جاسر ياغزل ..احتضنت وجهه
-طب علشان خاطر غزل عندك بلاش توجع قلبي عليك
اغمض عيناه فخرجت لتحاكي ابنها بعد إصراره
بمنزل جواد وخاصة بغرفته بالأعلى
جلس على المقعد يضع رأسه بين راحتيه ، يتذكر كلماتها الأخيرة
تراجع للخلف وهو مغمض العينين
فتح عيناه عندما استمع إلى همسها بإذنه
-جسور حبيبي ، ياله علشان متتأخرش على شغلك قوم ياكسلان
دارت عيناه بالغرفة مع تعرقه الذي شعر به، نهض متجها للمرحاض بعدما شعر بالأختناق..صورتها بكل مكان، همسها بأذنه، توقف أمام المرآة ينظر لحالته ، شعر بنيران تحرق أوردته مما أفقده الثبات وقام بلكم المرآة فتناثرت بالأرجاء
هوى بمكان كيف فعلت به ذاك، من تلك الفتاه، أيعقل أنها التي عشقها بكل كيانه، أيعقل أنها تلك البريئة التي تربت داخل احضانه، تلك التي وشم بقلبه حبها
ظل لدقائق وحرب شعواء كادت أن تقضي عليه، حتى خارت قواه، وصرخ كالمجنون يصفع رأسه بالجدار يهتف بألمًا يشطر قلبه
-ليه..ليه ياجنى تموتني بالشكل دا..قام بدفع كل ماقابله، حتى استمع أوس لصراخه، فهرول سريعا يبحث عنه، دفع باب المرحاض، وقف مصدومًا مما رآه من حالة الفوضى التي انتابت المكان
رفع جاسر رأسه بعدما شعر بوجوده، فدلف لكابينة الاستحمام يستدير بجسده
-اطلع برة عايز اخد شاور، ازاي تدخل عليا كدا اتجننت
اقترب منه اوس، ينظر لحالته الرثة ، فجذب رسغه
-ممكن نتكلم، فيه حد بياخد شاور بهدومه، تعالى عايز اتكلم معاك
نفض كفيه وارتفعت أنفاسه
-قولتلك برة، عايز اخد شاور
هز رأسه يلوح بيده
-تمام اهدى، هخرج ..قالها أوس وتحرك للخارج
وصل جاسر بعد قليل إلى المشفى..طرق على غرفة والده ثم دلف للداخل..وجد والدته تساعده بالتسطح فوق فراشه..تحرك إليه كغصن مكسور يتمايل مع الريح..نظرات متألمة لوالده على ماتوصل إليه..اقترب منحنيا يطبع قبلة فوق جبينه
-باشا مصر منور الدنيا دايمًا ياحبيبي..ربت على كفيه ثم اتجه ببصره لغزل:
-غزل سبيني مع جاسر شوية ..جذبت المقعد وجلست تهز رأسها
-انسى ياجواد، مش هتحرك من مكاني حتى لو عملت ايه
-غززززل ..قالها جواد بصوت متقطع حتى شحب لونه..نهضت تنحني بجسدها امامه
-مش هتحرك من هنا ياجواد، وياريت ماتتعبش نفسك معايا، انا مش هسيبك ولا لحظة، ثم رفعت نظرها لابنها
-ومتنساش أن دا ابني يعني من حقي اعرف عايز تقوله ايه
أطبق على جفنيه متنهدا من عنادها ، أشار لجاسر بالجلوس ..ابتسم جاسر على والدته
-لأ مسيطرة يازوزو ..رمقته بنظرة غاضبة
-اسكت يالا ابوك بيتحول بسرعة ..ابتسامة تجلت على ملامح جواد ..طالعها بنظراته العاشقة مبتسمًا ثم أردف :
-تعرفي يازوزو انا خايف من الموت علشان هيحرمني منك، دا بس اللي مخوفني مش أي حاجة تانية، معرفش ازاي ممكن جواد وغزل يفترقوا..رفع كفيه المغروز بالإبر ومسح على وجهه يستغفر ربه
اما هي فكانت عيناها عليه، لحظة توقف بها الزمن مع جميع حواسها حتى عجز لسانها عن الحديث، وتحجرت عيناها بعبراتها..ارتجف جسدها عندما سحب كفيها
-حبيبتي مالك ..طالعته بعينين هالكتين من الوجع الذي تسلل لجسدها
-أكيد هتاخدني معاك ياجواد، مفيش حبيب بيسيب حبيبه يتعذب من بعده
رفعت كفيها تلمس وجهه وهنا انسابت عبراتها
-إنت مش هتسبني لوحدي ياجواد مش كدا، اشتهت الموت بكل جوارحها بتلك اللحظة قائلة:
-أنا عايشة وبتنفس علشان انت عايش وبتتتفس ياجواد، تفتكر غزالتك هتعرف يعني ايه الحياة من غير جوادها
أشار بيديه ..فألقت نفسها بأحضانه هنا خارت قواها، لما لا ..هنا قلعتها الحصينة التي تحميها وتلقي همومها، هنا عشقها وحياتها، ..مسد على رأسها
-جواد مايعرفش حياة من غير غزالته
ابتعد جاسر بنظراته بعدما فقد السيطرة على عبراته، حتى توقف متجها إلى النافذة ينظر للخارج وترك لعيناه العنان يتذكر مهلكة روحه، تمنى لو كان بينه وبينها جسرا لحطمه ليصل إليها ليعلمها كيف يكون العشق، ولكن كيف وهو الذي لا يعلم إلى اين تركته بعدما ذبحته بسكينا بارد
استمع لصوت والده..استدار برأسه ورسم ابتسامة
-محبتش اكون عزول ياحضرة اللوا مع غزالتك..شايفك شوية وهتطردني ياابو الجود..خايف على صحتك ياحج
أشار بيديه
-تعالى يالا وبطل كلام ..واللي غيران مننا يعمل زينا مش كدا يازوزو
استدار يضع كفيه بجيب بنطاله متجها إليه ..
-يعني عايزني اعمل زيك، ابتسامة ساخرة على ملامحه
-قولتلك زمان ياباشا، مفيش غير جواد الألفي واحد، وبرضو مفيش غزل جواد الألفي واحد، يمكن حاولت أقلدك، أو يمكن اتوهمت بقصة الحب الاسطوري، اويمكن فكرتها غير أي حد ..
أشار له بالجلوس وذراعه يحاوط غزل التي جلست بجواره على الفراش تضع رأسها بأحضانه
- مايمكن هي قالت زيك كدا، ايه اللي حصل بينك وبين مراتك وصلكوا لكدا ياجاسر، قبل ماتتكلم عايز أكدلك حاجة مهمة ياريت تاخد بالك منها في كل خطوة
-جنى محبتش غيرك، واول واحد قلبها دقله انت ياحمار، ويوم ماتعمل كدا اعرف انك وصلتها للجنون يابن جواد، البنت فعلا حبتك اوي يالا ..ولو منها استخسر الحب دا فيك
تراجع بجسده للخلف وظلت نظراته الصامتة على والده ، أكملت غزل
-اوعى الكلمتين اللي قولتهم لعمك ياحبيبي يأثروا عليك، مراتك مفيش احسن منها، واكيد انت مش مستني اقولك ايه عن تربية بنت عمك ..دي متربية جوا حضن ابوك ياعبيط، انا قولت لصهيب كدا علشان عارفة انك غلطان ياجاسر، لما البنت توصل لكدا اعرف انك عملت اللي يقهرها
جاسر..!!أردف بها جواد ، رفع نظره لوالده بكتفين متهدلين وعينين تنتفض من الألم والحزن
-بابا انا معملتش حاجة، من يوم ما خرجت وقابلت فيروز وهي العلاقة بينا متوترة، حاولت تقتل ولادي
شهقة خرجت من فم غزل تضع كفيها على فمها
-إنت بتقول ايه، جنى مستحيل!!
ابتلع غصته قائلا بتنهيدة عميقة مملوءة بالألم كأنها اشواك تخربش جوفه:
-أنا ليه بيحصل معايا كدا..هي مفكرة اني خاين وكذاب، بس أنا مش كدا
- بس أفعالك كدا ياجاسر..قالها جواد ونظراته متعلقًة به ..اقنعني ايه اللي خلاك تروح طليقتك وتقابلها في بيتك، جاسر انت ايه علاقتك بيها يابني، فهمني عايز ايه من فيروز يابني ، وليه مش بتبعدها من حياتك للابد، ولا يكونش حنتلها يابن جواد، وقتها صدقني انسى انك ابني ..تنهد جاسر ناظرا لوالده
-اتصلت بيا يابابا، انا معرفش نواياها ايه، راحت عندي البيت ودخلت على أساس أنها مهندسة ديكور، يعني كان ممكن تعمل اي حاجة ، خفت تيجي على بيتك وتتواجه بعمو صهيب وعز غير جنى، خفت على جنى ، قولت هشوفها عايزة ايه، هي قالتلي انها هتسافر، فقولت جنى مش هتعرف حاجة ، لكن طبعا ليس الأماني بالتمني ياحضرة اللوا،
-ليه قعدت معاها الوقت دا كله ياجاسر
هز رأسه مجيبا
-بابا أنا مكنتش مع فيروز الوقت دا، انا كنت مع راكان جه بعدي بدقايق وقعدنا شوية كان محتاج حاجة في قضية ابن الشربيني، ودرسنا القضية مع بعض ومشينا، غير أن الولد اللي حاول يهجم على جنى لقيوه مقتول، كان عايز يتأكد مني .
-وبعدين ايه اللي حصل ؟!..تسائل بها جواد، ثم استأنف
-ليه لما رحت المزرعة جنى قالت سوء تفاهم..أطبق على جفنيه يتذكر تلك الأيام
فلاش
ولج بيجاد ملقيا السلام
-السلام عليكم ..ياترى حمايا العزيز عامل ايه ، شايفه بقى كويس على المستشفى
ابتسمت غزل تحتضن كفيه وعيناها عليه
-لأ عمك عايز يعرف بنحبه اد ايه..رمق بيجاد جاسر الذي ظهرت على ملامحه الحزن فتسائل
-جاسر ممكن نتكلم شوية..رفع جواد نظره لبيجاد وطالعه بهدوء، ثم تسائل
-سر يعني يابيجاد، أبوه مايعرفوش
نهض جاسر، يجمع أشيائه
-عندي شغل..بعد اذنكم ..تحرك للخارج بعدما انحنى يطبع قبلة على جبين والده
توقف بيجاد أمامه
-عايزك في موضوع مهم
ربت على ظهره وتحرك قائلا
-بعدين يابيجاد..قالها متجها لسيارته
طالعه جواد بغموض
-شد كرسي وتعالى جنبي هنا يامنحرف
قالها جواد ونظراته متعلقة برود أفعاله
-اقعد يلا..وهات اخرك ..حمحم بيجاد
-بقولك ياحمايا، هو انت تعبان ولا بتمثل علينا، نهض من مكانه يضع الماسك على وجهه قائلا
-نام ياحمايا، علشان ترجعلنا بسرعة اصلك وحشني
بالخارج توقف جاسر أمام
راكان لزيارة والده
-ازاي حضرة اللوا يكون تعبان وماتقولش يابني ...
-معلش دماغي كانت مشغولة، ادخل جوا بيجاد ..امسكه راكان من ذراعيه
-مالك يابني..هز رأسه وتحرك
-مفيش تعب بابا مأثر علينا كلنا
قالها وتحرك من أمامه سريعا..ولج راكان للداخل بعد طرقه
-ألف سلامة على حضرتك ، لسة عارف والله من الدكتور يونس
ابتسم جواد يطالع غزل التي توقفت
-اهلا ياحضرة المستشار مفيش لزوم لتعبك دا ..قالتها وهي تتناول منه بعض الزهور
جلس راكان بعد سلامه لبيجاد
-ألف سلامة لحضرتك ، عرفت أن حضرتك هتخضع لعملية صحيح دا ولا إيه ...هز رأسه بالنفي
-مبقاش في العمر اد ماعدى ياراكان
-ايه اللي بتقوله دا ياعمو، بكرة تخف وتنخانق زي زمان متخافش،
-خلي عندك أمل في ربنا ، إن شاءالله شدة وتزول، طالع جواد بيجاد
-بيجاد محدش يعرف بموضوع العملية، حتى غزل، فهمني طبعا
استدار برأسه بعيدا عندما تجمعت الدموع بعيناه، لم يعتقد أن صحته تسوء لتلك الدرجة ..استدار راكان بنظراته لبيجاد
-عامل ايه يابيجاد، من وقت ماكلمتني ماسمعتش صوتك..ياترى الست رجعت لجوزها في تلك الأثناء كان جواد أغمض عيناه عندما شعر بألمًا بشقه الأيسر..ولكنه فتح عيناه متسائلا
-هو إيه الموضوع
بتركيا
تغفو على الأريكة بعد خروج العاملة لزيارة والدتها بإحدى المستشفيات ، استمعت لطرقات على باب منزلها، اعتدلت جالسة تهذي بكلمات
-مين هيجي دلوقتي ممكن نورة نسيت المفتاح؟!
أغمضت عيناها بوهن فقوتها اليوم ضعيف متلاشية بل أصبحت منعدمة بعد سوء حالتها
ثُقلت رأسها فوضعتها مرة أخرى على الوسادة، ولكن عاد الطرق مرة أخرى
نهضت متحاملة على نفسها تتحرك بخطوات واهنة إلى أن وصلت لدى الباب ، وضعت رأسها على الجدار تأخذ أنفاسها التي أصبحت منعدمة
فتحت الباب بوهن ..رفعت نظراتها لذاك الذي يقف لدى الباب بنظراته الشمسية لم ترى ملامحه واضحة، لكن رائحته ملئت المكان حتى وصلت لرئتيها ، فهمست بضعف
"جاسر"!! خلع نظارته
اذيك يامدام جنى..تقابلت نظراتهما للحظات حتى أصبحت الأرض تدور بها وغمامة سوداء تحيطها
دنى منها ورغم اشياقه الكامن بجنبات قلبه إلا أنه همس لها
"مرحب مدام جنى المحترمة"
هنا تلاشت الرؤية تماما وهوت بين ذراعيه فاقدة للوعي
تلاقها يضمها بقوة لأحضانه وفرت دمعة غادرة رغما عنه من حالتها وضعفها البين عليها
حملها كطفل رضيع ووضعها بهدوء على الأريكة يجثو على ركبتيه أمامها ثم انحنى يشبع روحه الضائعة منذ خروجها من حياته، شهرين بين الحياة والموت، شهرين فاقد لروحه ونبضه، الان فقط أعاد روحه الغائبة، آلان فقط نبض قلبه وعادت من غيبات الجب
وضع رأسه بصدرها وآهة عميقة من ثنايا روحه
-ليه تموتينا كدا، قوليلي أعمل ايه ، عقلي بيقولي ارميكي واعاقبك بأصفاد وقلبي بيقولي خدها في حضنك وداوي جرحها ..مسد على خصلاتها مرر أنامله على ملامحها الشاحبة
-مش قادر ، والله ماقادر اعمل فيكي حاجة رغم اللي عملتيه، مش عايز غير اضمك وبس تمدد بجوارها دون تفكير
يضع رأسه بالقرب من أنفاسها، وكفيها يتحرك بحرية على جسدها كأنه خريطة حياته يراجعها، وصل لعنقها المرمري وتلك القلادة التي بها صورتهما، ابتسم ساخرا على جنان طفلته
أخذت أنامله ترسمها كأنه نحاط أجاد فن النحت..تسابقت أنفاسه حتى وصل لتلك الجمرتين من نيران العشق لقلبه كما وصفها ، لم يفكر قليلا ، فألقى العقل ودنى يحتضن شفتيها دون وعي كالمخمور الذي به حاله من السكر، وكيف لا يشعر بشفتيها وهي التي تسكب له عشقها، ويروي بها عطش روحه ..تسارعت أنفاسه مع دقات قلبه عندما فقد سيطرته ورغبته بها، فهب من مكانه كالملسوع، اخيرا فاق العقل على القلب يصفعه ..بحث بعينيه بارجاء المنزل ، ذهبت عيناه للدرج، صعد للأعلى حتى وصل لغرفتها، قابلته رائحته التي تعبأ الغرفة وتلك الكنزة له توضع على الفراش..كور قبضته بعنف لا يعلم ماذا عليه فعله
اتجه للمرآة وجلب قنينة عطرها ثم تحرك للأسفل، دقائق يحاول إيقاظها حتى رفرفت بأهدابها ، همست باسمه وهي تراه كالحلم يرفعها ب ذراعه
ولكنها لم تفق كاملا، استمع لفتح باب المنزل ولجت الخادمة مع الطبيبة
-اتفضلي يادكتورة قالتها الخادمة..تسمرت الخادمة من وجوده، فاقتربت متسائلة
-حضرتك حضرة الظابط جاسر
ضيق عيناه متسائلاً:
-إنتِ مين..أشارت لجنى الغافية على الأريكة
-أنا جليسة مدام جنى، اتجه بنظره متسائلا عن الطبيبة
أشارت للطبيبة بالتقدم
-دي دكتورة حياة متابعة مع مدام جنى..أشار إليها بالتوقف
-عرفتها ازاي؟!
أجابته سريعا بعدما وجدت بملامحه الشك
-دي من مشفى المنشاوي بتركيا لا تقلق سيدي
اومأ لها فحمل جنى متجها للأعلى ثم تحدث
-خمس دقايق وهاتيها، وصل لغرفتها يضعها على فراشها بهدوء كأنها قطعة أثرية نادرة، ثم طبع قبلة على جبينها
-فوقي بس وشوفي هعمل فيكي ايه مهلكتي..اتجه لأسدالها وألبسها إياه بعدما وجد تلك المنامة التي تصل لركبتيها وبدأ يتحدث بغضب
-لأ وبتفتح الباب بقميص نوم، ماشي يازفتة جنى، والله ماهرحمك
أنهى عمله وألقى عليها ذاك الدثار الخفيف منتظر الطبيبة التي صعدت وقامت بالكشف عليها
-انها ضعيفة ولم تهتم بغذائها ، للأسف سيدي، سيدة جنى بتنتحر
دقات عنيفة كادت تصيبه بمرحلة جنون طاغية عندما استمع لحديث الطبيبة، فتسائل بأنفاسًا محرقة
-الحمل السبب في حالتها دي، ولا في حاجات تانية
أعطته تلك الورقة التي تدون بها بعض العقاقير واجابته بعملية
-منذ استلمت حالتها من كابتن بيجاد وانا أخبرته أنها لا تهتم بنفسها، أنها حامل بتوم، والوضع هنا يكاد يكون صعبا عن الفردي، ارجو الاهتمام بمزاجيتها، واريد متابعة الأجنة على الايكو كي نطمئن إنها بشهرها الخامس ببدايته،
إبتسامة لاحت على وجهه فاقترب يمسد على خصلاتها بحنان
-لأ إحنا هننزل مصر دلوقتي وتكمل هناك
اومأت بعملية وتحدثت قائلة:
-هي هتفوق بعد نص ساعة، المحلول دا فيه مغذي
حضرتك مصرية
هزت رأسها بإبتسامة
-نعم بالتأكيد..بعد إذنك ..نظر للخادمة
-وصلي الدكتورة..تحركت الطبيبة للخارج، بينما هو جذب مقعدًا وجلس بجوارها ..بحث بعينيه بأرجاء الغرفة، تلك الغرفة التي كانت مأمنها بعيدًا عن أحضانه ..وجد دفترًا مزينًا بجانب لوحة من رسومتها، نهض متجهًا إليها، فتح اللوحة أولا
ابتسم ثغره وهو يجدها ترسم نفسها بشكلها الجديد وبطنها المنتفخة قليلًا
حرك أنامله على صورتها إلى أن وصل لأحشائها، فاستدار ينظر إلى نومها، وتحرك متراجعا، يجلس بجوارها على الفراش، وعيناه تتفحص بطنها ولكن ليس كما رآها بتلك اللوحة
جثى أمام الفراش ، ووضع كفيه الذي ارتجف على بطنها يحركها بهدوء واضعًا رأسه بالقرب يهمس لأطفاله كأنهم يستمعوا إليه
-عاملين إيه حبايبي، شوفتوا مامي عملت ايه، لازم تتعاقب علشان بعدتكم عني ..قالها بعيون لامعة بطبقة كرستالية..نهض ممسكا ذاك الدفتر الذي بيديه وجلس يفتح وريقاته
❈-❈-❈
بسم الله على قلبي المحطم، وبسم الله على ملهمي الذي مازالت رائحته تفوح بداخلي
بعد السلام والتحيه عليكما
وبعد أن تبخرت أشواقي لتلك الأحضان التي اشتهيها، واعتدت روحي
التي تفوح بها رائحه الالم
اجل علمت انها من مهلك روحي
أ فلا أحد غيره معذبي ومهلكي
استيقظت ذات صباحًا بعد أن لافحت الشمس وجههي لتخبرني كيف لكِ أن تغفو عيناكي وخليلُ قلبك يبعد المسافاتِ،
فتحت عيناي التي انطفأ بريق العشق بها تبحث عنك بين الأركانِ،
حبيبي الذي ضاقت بي الدنيا بعده
كيف لي ان اصف لك أشواقي وعذابي
كيف لي ان اصف ذاك النبض الذي اختبأ بين اضلعي يؤلمني من فراقك
أجل مهلكي انا الذي حفرت الألم بداخلي، انا الذي ضعت بين دموعي وآهاتي
من ذا يبلّغك بأنّي مُتعبُة؟
والشوقُ في جنباتِ قلبي يلعبُ
من ذا يُبلغك بكُلِّ بساطةٍ
أنِّي بدون وجودك أتعذّبُ
جاسري وحنين أشواقي مني اليك روحي تتعذب، ألم يدلك قلبك أنني متلهفة لرؤياك
ألم يدلك قلبك عاشقي بل مهلكي أن روحي لقُربَك تتعطش
نعم في غيابك تقتلني اللهفه
حتى تأتيني بالأحلامَ متلهفا
تداعب وجهى بمعطف الدفئ
تملأ شوقي ببسمة ثغرك المترنم وبصوتك وهمسك اتنعم بقربك
فلقد أدمنتك وكفى وأحن إلى لقـائك كل صباح ومساء
وتبكي مقلتاي
إن حل الغروب
وما واللهِ دمعي بـاختياري
ولكن العيون لهـا نحيب
أكاد أجـن ممـا يعتـريني
فعيشي دون نبضك لا يطيب
ولي روح تكاد تذوب وجدا
ومن لـفراق عينك لا يذوب
فان تكون غائبـا عني زمانـا
فإنك عن خيالي لا تغيب
أحبك ثم احبك مهلكي بل جاسري وحبيب عمري ومالقلبي إخياري سوى هواك المعذب
أهلاً بداءٍ أنـتِ منه دوائـي!!!
قلب بتلك الصفحات التي تغزوها دموعها وبأنامل مرتعشة تحسس كلماتها التي سطرتها بدموع عيناها
رفع نظره إليها
وآآهة حارقة خرجت من قلب عاشق يتعذب بكلماتها، يكفي لكِ مهلكتي عذابي وعذابك، علينا تصحيح درب الحياة حتى لو رسمناها بآلام
داعب وجنتيها بأنامله وتحدث:
-ليه العذاب دا كله، ليه توجعيني وتوجعي نفسك ..هونت عليكي تبعدي كدا، لدرجادي مش واثقة في حبي
دنى يهمس بجوار كرزيتها
-وجعتيني أوي أوي فوق ماعقلك يصورلك، على أد عذابك اللي شوفته دلوقتي مايجيش نقطة في بحر من وجعي ياجنجونة، نفسي اعاقبك اوي بس قلبي مش متحمل اشوف وجعك، بس لازم ادوس عليه زي ماانتِ دوستي ووجعتيني أنتِ مش بس وجعتيني إنتِ دبحتيني
بس ملحوقة يابنت عمي، اهلا بيكي في عشق جاسر الصامت ..استعدي مابقاش فارق معايا حاجة والفضل يرجع لك يامدام جنى ..حكمت واصدرت حكمك وانتظري مني العقوبة