رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئة الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم نعمة حسن
_الفصـل التاسـع والعشريـن_
في منتصف الليل سكنَ الجو أخيرًا بعد صخب، وتعالت دقات قلوب العاشقين.. الذين إجتمعا علي عهدٍ ووعد بالبقاء إلي آخر الأنفاس!
_متأكده من كلامك ده؟! .. تسائل رياض بشك، يود أن تجزم له أو تؤكد صدق ما قالت، يود لو أخبرته ما يطمئن قلبه ويثلج صدره.
وبالفعل حدث ما تمني، لقد أكدت له ما قالته وأعطته ميثاقًا بأنها ستظل إلي جواره للأبد، مهما حدث!
=متأكده مليون في الميه، مفيش أي حاجه هتفرق بيننا إن شاء الله، إلا لو إنت اللي عايز كده!
ألقت الكُره بملعبه كي يحين دوره في أن يبثها كلماته العاشقه ، التي أصبحت بالنسبة لها بمثابة لحنٍ عجيب، حين يشدو بكلماته العذبه التي تغيّبها عن واقعها وتترك كدمات العشق في روحها ووجدانها.
_أنا؟! أنا لو بإيديا أرجع عمري من اللحظه الأولي هرجعه وأعيش معاكي إنتي كل دقيقه وكل ثانيه في عمري، كل اللي طالبه منك متبعديش عني لحظه، مهما حصل!
أطربت كلماتها قلبها وشرحت صدرها فغمغمت بعشق مماثل: رياض أنا بحبك! دي إجابة لكل حاجه.
وسكنت أحرفها وإمتنعت عن الكلام بينما تنهد هو براحه وأردف: والله يا آصال أنا اللي بحبك فوق ما أي حد ممكن يتخيل.
_عارفه. أجابته بغنج ودلال وإستطردت بحنق: وبعدين إيه مهما حصل اللي كل شويه بتقولهالي دي! إنت بتخوفنـي ليه!
خفق قلبه بقوه وهو يخبرها: لا أبداا إوعي تخافي، أنا بس محتاجك تطمنيني مش أكتر.
زفرت مطولًا وتشبعت نبرتها بالعشق تمامًا وأردفت: كل ده ولسه مش مطمن! لا يا حبيبـي إتطمن أنا معاك لحد ما ضهرك يتحني وسنانك تقع وتبقا جدو رياض.
إنطلقت ضحكتها بعدما تخيلته هكذا كما وصفته فضحك بدوره وقال: جدو رياض!! ده إنتي طموحك عاالي أوي!
_تأثيرك عليا يا فندم.. ماهو أنا بقيت شبهك في كل حاجه.. ده أنا في شهرين خطوبه بس خلتني أقول كلام عمري ما تصورت إني أنطقه في يوم! أنا بقيت نسخه مصغره منك!
إبتسم بحبٍ خالص مردفًا: إنتي مينفعش تكوني نسخه مني يا آصال، إنتي أحسن وأنضف وأنقي مني بكتير، لازم تفضلي آصال بكل حاجه فيها..
ثم لانت نبرته قليلًا وقال: لكن ده ميمنعش إنك تكوني حته مني! حته مني بكون كامل بيها ومعاها.
أصاب قلبها بسهامه فما كان منها إلا أن تعشقه بعزم ما أوتيت.
أن تذوب فيه عشقًا وتعيث بوجدانه هيامًا وغرامًا..
تنهدت مغمضة العينين وهي تستمع إليه بإنتباه وإمعان تام ليقول هو: يلا عشان تلحقي تنامي، ورانا بكره شغل كتيـــر.
_إن شاءالله، هتنام علي طول؟!
=هشوف زهره وبعدها هنام، تصبحي على خير.
_وإنت من أهل الخير، ســــلام .
أنهي المكالمه وألقي بهاتفه إلي جواره علي الفــراش ثم عقد يديه أمام صدره وشرد بعيدًا..
ماذا ينتظره؟! ماذا ينتظرهما؟! هل من الممكن أن تعرف بماضيه المظلم؟ ، أم أنه ماضٍ وإندثر ولن يعود للحياة جديدًا!
وإذا إنكشف ما خبأه عنها! هل ستظل كما أخبرته الآن إلي جواره حتي آخر العمر؟! أم أنها ستنكث بوعدها وتتخلي عنه!
كاد عقله أن يتوقف عن العمل من فرط التفكير فنهض واشعل سيجارةٍ يدخنها وهو يفكر في القادم ماذا يحمل بين طياته!
……..
_وبعديــن!! هنفضل مخللين كده؟! .. تسائل معتز حانقًا وأكمل: مش فاهـم أمك بتماطل ليه ومش عايزه تكلم بليغ! هي مش قالت إنها هتتصرف و تحل الموضوع!
أجابته رقيه بإنزعاج مماثل حيث قالت: طيب يا معتز وأنا ذنبي إيه؟ مانتا عارف إنها خلاص كانت هترجع له الشبكه بس موت عمه والظروف اللي حصلت خلتنا أجلنا كل حاجه.
أطلق تنهيدةٍ وأكمل: والمفروض بقا إني أستني لحد إيه؟! رقيه أنا زهقت وعايز أتنيل بقا وأخش دنيا.. عايز أتجوز يا جدعاان.. رياض المعقد المكلكع خطب وفرحه كمان شهر وأنا قاعد جمبك شبه الواحده البايره.
=طيب وأنا في إيدي إيه يعني يا معتز أعمله ومعملتوش!!
_ولا في إيدك ولا في رجلك بقاا! أقسم بالله إن ما كنتي تنجزي إنتي وأمك وتشوفوا لكوا حل لأكون خاطـ.فك ومتجوزك غصب عنك.. أنا رايحه مني وممكن أعملها.
=والله تبقا عملت فيا معروف.
فاجئه ردها وعدم مبالاتها فأردف متسائلاً: بتحبي الخط. ـف إنتي!!
_جدًا.
=بتعشقي المعاناه..
_فوق ما تتخيل!
هز رأسه بيأس وهو يبتسم ثم قال: والله أنا ليا الجنه إن من بين كل بنات العاااالم قلبي ميقعش غير فيكي إنتي!
تسائلت بمرح مقصود: بتمـ ـوت فيا إنت!!
_اوممماال.. ده أنا من كتر الحب اللي في قلبي لو شوفتك دلوقتي هولـ ـع فيكي.
وصاح بحنقٍ بيّن: روحي نامي يا رقيه.. ومن سبعه الصبح تكوني قدامي علي مكتبي.. إنتي فاهمه!
أنهي المكالمه وعلي الفور إتجه إلي سريره ثم تهالك إليه و غط في سبات عميق.
…….
في الصـباح.. كانت آصال تقف بمكتب رياض حيث تقوم بتسليمه ما أنجزت من أعمال..
تجلس مقابل مقعده وهي تشير إلي ما بيدها بتركيز وتقول: كده خلاص كل التصاميم أهي خلصت أخيرًا، باقي حاجه واحده بس..
ورَفَعت ناظريها إليه لتري ما إذا كان ينصت إليها أن لا وخاصةً عندما لم تستمع إلي صوته لتجده يثبت عيناه عليه، يرمقها بحب يشوبه الخوف، يطالعها بنظرات عاشقه تمتزج بالقلق والترقب..
إبتسمت وهزت رأسها بيأس وقالت: وبعدين! ممكن تركز معايا يا بشمهندس!!
_آصال أنا عايز أتكلم معاكي في موضوع.
قالها وقد إنتوي أن يصارحها بكل ما أخفاه عنها سلفًا وأن يترك لها حرية الإختيار.. إما أن تعترض وتتركه أو تتجاوز ماضيه وتبقي معه.
ولكنها لن تتجاوز!!
هو يعلم ذلك جيدًا ؛ فإن غفرت له كذبه وتضليله عن ماضيه المعتـ ـم هل ستتقبله بما يحمله من وَصَمات!
إن القلق والخـ ـوف يأكلان رأسه ولا يستطيع الوصول لحل قاطع.
=قـول يا رياض، إنت سرحت في إيه!
كانت تحثه علي التحدث عندما رأت التردد باديًا علي صفحة وجهه يرافقه الخـ.ـوف والترقب فلمّا لم ينطق مدت يداها إلي الأمام وتشبثت بيديه وهي تنظر له بتشجيع وتطمئنه حيث قالت: قول يا رياض أنا سامعاك! عايز تقول إيه؟
شدّ علي يديها بيديه يكتسب قوته منهما وهو ينظر إليها ثم قال: إنتي ممكن تسيبيني؟! أقصد يعنـي لو إكتشفتي مثلا إن في حاجه كنت مخبيها عنك.. أي حاجه يعني، ممكن وقتها تسيبيني؟!
إنتابها القلق حيال ذلك فقالت وهي تجاهد ألا يكون ذلك باديًا علي ملامحها: حاجه زي إيه يعني؟!
_أي حاجه يا آصال، هي هتفرق يعني!
أومأت مردفه بتأكيد: أكيد هتفرق! في حاجات ممكن تعدي ونتجاوز عنها وحاجات للأسف لأ.
هوي قلبه أرضًا وتلبد وجهه وقال: زي إيه الحاجات اللي مينفعش تتجاوزي عنها؟
هنا إنتزعت يديها من بين قبضتيه اليسرتين بلطف وهدوء ثم تنهدت طويلًا وأردفت: حاجات كتير لازم نقف عندها، زي الخيـ ! نه مثلا.
نظرت إليه تستشف رد فعله بعد ما قالته لتجده يقول بلا إهتمام: غير الخـ ـيانـ ـه!!
رفعت كتفيها بحيره وتفكير وهي تنظر له وقالت: مفيش حاجه معينه يا رياض، بس أكيد إنت مينفعش تخبي عني أي حاجه حتي لو صغيره.. لإن التفاصيل الصغيرة أحيانًا بتكون فارقه ومهمه فوق ما تتخيل.
أومأ بتردد وشرود فقالت: هاا، مش هتقول بقا كنت عايز تتكلم معايا في إيه؟
تصنّع الإبتسامه وقال: موضوع مش مهم ياا روحي.. خلينا نأجله لوقت تاني!
نظرت إليه بشك ولم تُطِل ؛ فأردفت بإبتسامه لم تصل إلي عينيها وقالت: ماشي زي ما تحب..
قاطع حديثهما رنين هاتفه فأجاب سريعًا: ألو، صباح الخير يا باشمهندس وليد..
_صباح الخير يا رياض بيه، حبيت أبلغ حضرتك إن القاعه جهزت والتعديلات اللي حضرتك طلبتها كلها إتنفذت، فلو تحب تيجي تشوف بنفسك ولو في ملاحظات تانيه حضرتك تبلغنا بيها..
=أكيد هنيجي إن شاء الله، النهارده ممكن.
_ حضرتك تشرف في أي وقت يا فندم، مع السلامه.
وضع الهاتف علي المكتب وهو يفرك عينيه بتعب ويقول: مدير القاعـه، عايزنا نشوف الحاجات اللي إتغيرت زي ما طلبنا.
أومأت بموافقه وقد إلتمعت عينيها بحماس ليقول: خلينا نخلص شغلنا ونخرج نتغدا سوا وبعدين نشوف القاعه آخر حاجه وأوصلك.
_بس..
قاطعها قبل أن تستطرد وقال: متقلقيش أنا هكلمه.
إبتسمت بإتساع ليبتسم بدوره ثم نهضت وغادرت نحو مكتبها بينما بقي هو بمكانه، أغمض عينيه يعتصرهما بأرق وأراح ظهره إلي الوراء شاردًا بحديثهما والذي أزاد قلقه من القادم وجعله علي وشك الإختناق من شدة الخوف.
…….
تقف والدة رقيه أمام باب منزل بليغ وهي ترتب ما ستقوله بتردد وحرج بالغ..
ثوانٍ وطرقت الباب بعدها وما هي إلا ثوان أخري وإنفرج الباب وظهرت والدة بليغ التي رحبت بها علي الفور أيّما ترحيب..
_إتفضلي يا ام رقيه، اتفضلي يا حبيبتي.
دلفت الأخري وهي تحمل بيديها أكياسًا عديده ثم جلست وهي تضع رأسها أرضًا بخجل وحرج بالغ..
_ازيك يا حبيبتي وإزي رقيه عامله إيه؟! من زمان والله نفسي آجي أشوفكوا وأقعد معاكوا شويه بس لخبطة شغل بليغ ومواعيده اتغيرت مبقيتش بعرف أخرج.
أومأت الأخري وقالت: ربنا يعينك يا ام بليغ ويصلح حال بليغ ويقدره.
ألقت كلماتها المقتضبه ثم وضعت ما بيدها علي المقعد المقابل لها وقالت وهي تتمني أن تنشق الأرض وتبتلعها بجوفها الآن..
_معلش يا أم بليغ، كل شئ قسمه ونصيب.. انا والله مش عارفه أرفع عيني في عينك بس هنعمل إيه.. أدي الله و ادي حكمته.. ربنا يخلف عليه باللي احسن من بنتي ألف مره.
كانت الأخري تنظر إلي الاغراض الملقاه جانبًا بصدمه ما لبثت أن أفاقت منها وهي تقول: ليه كده يا ست فاطمه هو إنتوا شفتوا مننا حاجه ضايقتكوا؟ بنتك حد ضايقها ولا زعلها..
قاطعتها فاطمه وأردفت بخزي: والنبي يا أم بليغ متصعبيش الأمور عليا، ياريت الناس كلها زيك إنتي وبليغ.. بس هعمل إيه مافيش باليد حيله.
أومأت الأخري بتفهم وأدركت المغزي من حديثها المقتضب التي لم تُرد الأسهاب أو الإطاله به..
من المؤكد أن إبنها لم يَكُن صاحب الحظ السعيد الذي يؤهله للفوز بقلب تلك المتمرده صاحبة الشعر البرتقالي!
يبدُ من حديث والدتها أن الأمر خارج عن سيطرتها كليًا ولم يسعها سوي أن تفعل ذلك.
علي كُلٍ، لن يتوقف إبنها هنا! من بُكرةِ نهار جديد ستبحث لإبنها عن فتاه أخري يستطيع أن يطوّعها حقًا، عِوضًا عن تلك المتمرده التي لا خير فيها!
أومأت بتفهم وقالت وهي تقطع دابر الحديث: اللي تشوفوه يا أم رقيه، عموما الدنيا مبتقفش علي حد وربنا يصلح حالها رقيه.. جايز هي شايفالها شوفه أحسن مننا ولا حاجه.
تجهم وجهها وتلون بألوانٍ عديده ولم تعرف بما تنطق، لم يكن الحظ حليفها اليوم وغابت كل الأحرف والكلمات عن شفاهها.
فقالت وهي تهبّ واقفه: ربنا يصلح حالهم جميعًا ياارب، بالإذن أنا يا حبيبتي.
_إذنك معاكي يا أم رقيه، آنستي يا حبيبتي.
إنصرفت والدة رقيه علي الفور، ولّت مدبره وعادت أدراجها حيث أتت بينما كانت الأخري تجلس في إنتظار عودة بليغ حتي تقوم بإبلاغه بمستجدات الأمور.
كانت تتحدث إلي نفسها والغيظ والغضب يفعلان بها الأفاعيل..
_بقا بليغ يتساب! هه، هو أصلا كان خساره فيها النمروده دي.. تروح تتجوز بقاا مدير الشركه اللي واقعه في دباديبه وهو ولا معبرها.
تعض أناملها من الغيظ ثم تعود وتستطرد ما بدأته فتقول: مانا قولتله، ياما لساني نشف وقلبي وجعني من الكلام وأقول له دي لأ، يقوللي بت خام ياما.. خام!! والنبي إنت اللي خام و جحـ.ـش
إستمعت إلي صوت باب الشقه فعلمت بحضوره، رسمت إبتسامه بشوشه علي وجهها تستقبله بهاا ونهضت ثم قالت: حمدالله علي السلامه يا ضنايا.
إبتسم هو قائلًا: الله يسلمك ياما.
وتسائل فورًا عندما رأي الأكياس الموضوعه علي المقعد فقال بشك: اومال إيه ده ياما؟
حاولت أن تتحدث ببساطه و ألا تضخّم الأمر كي يتلقاه هو ببساطه شبيهه فقالت: أبدًا، ده أنا لقيت الست دي اللي اسمها فاطمه جايه وجيبالي حاجتنا وبتقوللي قال إيه كل شئ نصيب.. قولتلها اومممااال.. ومن بكره يا حبيبتي عندي بدل العروسه عشرين.. بس عرايس علي الفرازه، إشي عنين زرقا و اسنان فارقه وبياض وحلاوه رباني.. هو إحنا هنغلب!
طالعها بحزنٍ دفين ولكنه تصنع عدم الإكتراث وأردف وهو يمضي نحو غرفته: أحسن! كويس إن هي اللي حلتني منها، أنا أساسًا كنت اتقفلت منها بعد اللي حصل.
لحقت به وهي تواسيه بطريقتها الخاصه حيث قالت: طبعاا أحسن إنها جت منهم، علي الأقل أهو جه بفايده وحاجتنا رجعتلنا زي ما هي.. ومن بكره أخطبلك البت دعاء بنت خالتك، أهي دي اللي خام بصحيح.. لا ليها في حب ولا كلام فاضي من ده، يعني عجينه وهتشكلها علي إيديك زي مانتا عايز.
أومأ دون أن يعقّب ومن ثم قال: طيب ياما يلا هاتيلي الغدا عشان راجع الشغل تاني.
أومأت وإنصرفت وهي تحمد الله في داخلها أنه مرّ يسيرًا كما لم تتوقع وذهبت لتعد له طعام الغذاء.
……
كانت رقيه تجلس بمكتبها شارده، تعلم أن والدتها من المفترض أنها ستذهب لإنهاء كل شئ اليوم! تري ماذا فعلت وإلي أين آلت الأمور؟!
أمسكت بهاتفها وقامت بالإتصال بوالدتها التي أجابتها سريعًا وقد أحست بالدم يتدفق في عروقها بغضبٍ قاتـ.ل وقالت: أهلا يا زينة البنات، بتتصلي طبعا عشان تعرفي ماما عملت إيه، مش كده ؟
علمت رقيه بأنه ثمة أمرًا ما قد حدث فإمتنعت عن الحديث لتردف والدتها وتقول: خلاص يا رقيه، رُحت ورجعتلهم الحاجه بمنتهي البساطه وجيت.. بس طبعًا مسلِمتش من كلام أم بليغ ولا تلميحاتها اللي زي السـ م، بليغ طلع حاكيلها كل حاجه، الموقف اللي حصل بينكوا في الكافيه قالها عليه.. و إلا عرفت منين إنك بتحبي حد تاني وبتتكلم بثقه أوي وبتقوللي بنتك جايز شيفالها شوفه تانيه!!
كانت رقيه تستمع إليها ولا ترد فإذ بوالدتها تصرخ بها في غضب وقالت: إنتي مش بتردي ليه!!
أجابتها الأخري في سكون وشجون: هقول إيه بس يا ماما، المهم عملتي إيه لما قالتلك كده!
_هكون عملت إيه يا روح ماما، سمعت وعملت نفسي مش سامعه، ماهي العله من عندي أنا هيجيلي عين أتكلم إزاي!
صمتت الأخري وهي تستشعر ضيق والدتها الذي ما إنفك يزداد ويزداد وأردفت : يلا اقفلي دلوقتي،لما تيجي البيت نتكلم، وفوقي لشغلك خليكي تخلصي وترجعي في ميعادك.
أنهت المكالمه وزفرت بضيق، شعور والدتها بالضيق وذلك الموقف الذي لا تُحسد عليه أثار إستياءها من نفسها!
ظلت تتذكر كيف بدأ الأمر إلي أن وصلت إلي آخره فأيقنت أنها حقًا تصرفت بأنانيه شديده لم تأبه وقتها لتوابعها ولا آثارها.
إستمعت إلي طرقات علي باب مكتبها فأذنت وهي تعلم من الطارق..
دلف معتز مبتسمًا وقال: جايبلك أكل معايا.
طالعته بضيق وأردفت بإقتضاب وهي تصب تركيزها بالحاسوب أمامها: مش جعانه.
تقدم ولم يعيرها إهتمام وقال: مش جعانه ولا متنكده؟! أصل مش جعانه دي أول مرة أسمعها منك.
نظرت إليه بعينان ملأتهما الكآبه وقالت: مش فارقه يا معتز.
زم شفتيه بإستياء وقال: لا ماهو أنا هعرف يعني هعرف؟! قوليلي مين مزعلك وأنا أنسفه نسف كده عشان خاطر عيونك الحلوه دي وشعرك الاورانچ اللي مفيش منه ده.
إبتسمت مع ضحكات هادئه أطلقتها ليقول مبتسمًا: أيوة كده، إضحكي كده خلي الشمس تطلع ، قوليلي بقا زعلانه ليه؟
تنهدت وأخبرته: ماما رجعت الشبكه لبليغ.
هب واقفًا وقال بفرحه: وحياة أمك!!
أومأت أن نعم فقال حانقًا متسائلاً بإستغراب: ومالك زعلانه كده!!!
تنهدت مجددًا وقالت: زعلانه عشان ماما يا معتز! أم بليغ كلمتها بأسلوب مش اللي هو وفضلت تقولها كلام يحـ.ـرق الدم! أنا حطيتها في موقف زي الزفت يا معتز!! كل ده بسبب انانيتي وعبطي.. وعلقت إنسان بيا وسيبته بسبب أنانيتي وعبطي..
جلس مجددًا وقد تضاءل حماسه أمام ما أخبرته به، يعلم أنها محقه فيما تشعر به من ضيق من نفسها ولكنه لا يعرف بما سيواسيها أو يخفف من وطأة ذلك الشعور بالندم الذي يتملك منها.
كانت قد أخبأت عيناها خلف كفيها، تبكي بصمت وهدوء وهي تحاول ألا تلفت إليها نظره وألا يشعر بكمّ الضيق الذي يتخللها، ناداها هو بصوتٍ حنون وقال: رقيه، بصيلي.
نظرت إليه والدمع يترقرق بعيناها ليقول بأسي: إنتي بتعيطي؟!
إستدار ليقف إلي جوارها وأمسك بيديها ثم أجبرها على الوقوف إلي جانبه ففعلت، بإبهاميه أزال دمعاتها بلطف وهو ينظر إليها مبتسمًا بحب وقال: متعيطيش عشان خاطري، إنتي كده هتصعبي عليا وهضطر أحضنك عشان أراضيكي.
عادت الشراسه إلي عينيها مجددًا وضيّقتهما بمكر ليقول مشاكسًا: أيوة كده، هي دي رقيه اللي بحبها..
_اتفضل مكانك.
أشارت إلي مقعده بعينيها ليقول: لسه هتعيطي؟!
أومأت أن لا ليقول: فكري وخدي قرار قبل ما أرجع مكاني..
_فكرت وقررت..
=هتبطلي عياط ولا تتحضني من سكات..
_مكانك يا معتز!
أشار إلي الطعام الذي أحضره وقال بنبره جديه: طيب يلا كلي معايا، وإحنا بناكل هقوللك كلمتين..
بدأا بتناول الطعام ليبادر بالحديث قائلًا: بصي يا رقيه، أنا عارف إنك حاسه بالذنب ومضايقه عشان الموقف اللي اتحطت فيه مامتك، والأسلوب اللي ام بليغ كلمتها بيه.. وأكيد مامتك بردو مضايقه من اللي حصل.. لكن صدقيني أول ما تشوفك فرحانه وسعيده وإنتي مع الإنسان اللي بتحبيه هتنسا كل ده ومش هتفتكر غير فرحتك وسعادتك بس! الأم يا رقيه بتتحمل كتيــر جدا عشان ولادها! وبتضحي عشانهم كتير وعندها إستعداد لآخر يوم في عمرها تضحي في سبيل سعادتهم.. فـ إنتي متشيليش نفسك الهم هو موقف و عدي وهيتنسي وأول ما تشوفك وإنتي معايا والفرحه باينه في عنينا هتنسا كل حاجه عدت.
نظرت إليه بعدم إقتناع فأردف: إيه يعني سِبتي بليغ! إنتي مش أول ولا آخر واحده تسيب خطيبها! إنتي مغلطتيش إنك سيبتيه، إنتي غلطتي من الاول لما ارتبطي بيه وإنتي عارفه إن هييجي اليوم وهتسيبيه.. لكن هل ده معناه إنك تفضلي معاه كنوع من أنواع تحمل المسؤولية أو جلد الذات!! لأ طبعا.
وإستطرد حيث قال: وبعدين معني إن والدته تقول الكلام ده لمامتك إذن هي عندها خلفيه عن اللي حاصل، وده بناءً على كلام إبنها قاله ليها!! هل إنتي شايفه إن ده كان إنسان أمين أصلاً!! متندميش علي أي حاجه فاتت يا رقيه، كل حاجه بتحصل من تدبير ربنـا.
أومأت بموافقه وتفهم ليقول: يلا بقا كملي أكلك ومتفكريش في اللي راح، اللي راح إرميه ورا ضهرك، فكري في الجاي بس.. الجاي بتاعنا.. كله لينا إن شاء الله.
تمتمت وقد عادت إبتسامتها تستولي عليها من جديد بينما نهض هو قائلاً: أنا هرجع بقا أكمل شغلي وإنتي روحي مش لازم تكملي النهارده ، بكره إبقي كمليهم.
غادر مكتبها وإتجه إلي مكتب رياض، طرق الباب ودلف ليجده يدخن السيجاره التي لا يعلم عددها حتي الآن.
تقدم منه وهو ينظر إليه بشفقه، يعلم ما يعتمل به صدره وما يؤرقه ويدور بخلده..
جلس أمامه وأراح ظهره إلي المقعد من خلفه كما يفعل الآخر وإلتزم الصمت لكنه بقي يتطلع نحوه بإهتمام
_ خايف يا معتز!
هكذا تحدث رياض وهو يحاول أن يخرج بعضٍ من مكنونات قلبه علّه يهدأ قليلًا وأكمل: كل ما أقول هصارحها وأرتب الكلام اللي هقوله في دماغي.. أول ما بشوفها بتراجع.
مسح معتز وجهه بتعب وطالعه بحزن وقال: ولحد إمتا يا رياض؟! فرحكوا كمان شهر!! هتتجوزها وإنت بتخدعها…
قاطعه رياض بغضب وقال: متقولش إني بخدعها يا معتز، لإن إنت عارف كويس إني مش عايز أعمل كده.. أنا نفسي أصارحها بكل حاجه بس مش قادر..
_طيب وبعدين!! هتاخد خطوه وتتكلم معاها إمتا؟!
رفع كتفيه جهلًا وضيقًا في الصدر وقال: خلاص مفيش وقت ، بعد الفرح إن شاء الله أتكلم معاها في كل حاجه وهي أكيد هتفهمني.. أكيد إن شاء الله.
أردف بالأخيره مؤكدًا وهو بداخله يتمني ذلك و يحاول طمئنة ذاته بأن ذلك حتمًا ما سيحدث..
زمّ معتز شفتيه للأمام إحتجاجًا وقال بنظرات مستنكره: ممكن أعرف إنت جايب الثقه دي منين؟! إنت مين صورلك إن آصال ممكن تسامح حاجه زي دي؟!
….
كانت قد آصال قد وصلت أمام مكتب رياض و همّت بطرقه لتستوقفها رقيه عندما أشارت لها بالإقتراب منها ففعلت
_إيه يا رقيه محتاجه حاجه؟!
تسائلت بإهتمام فأجابتها رقيه قاطبة الجبين وقالت: أنا خلصت من بليغ أخيرا..
نظرت إليها آصال بفرحه وقالت: طب الحمد لله، عقبال خطوبتك إنتي ومعتز إن شاء الله.
أومأت رقيه وقالت: إن شاء الله، إنتي كنتي داخله عند مستر رياض؟!
أومأت آصال بإبتسامه وقالت: كنت بخلص الداتا اللي طلبها مني وقولت أفكره إننا عندنا ميعاد مع مدير القاعه لأن تقريبا نسي.
إبتسمت رقيه بسرور وسألتها: فرحانه؟!
تنهدت وهي تهز رأسها بتأكيد شديد وأردفت: جداا.. أول مره أحس إني مبسوطه وفرحانه من قلبي..
ثم مسحت علي ذراعها بأخوه صادقه وقالت: عقبالك يا رقيه.
_يـــا رب. تمتمت رقيه داعيه من قلبها ثم قالت: يلا روحي إنتي بدل ما تتأخروا علي ميعادكوا، أنا كمان خلصت كذا حاجه وكنت هوديهاله عشان لو محتاجه تعديل..
=طيب معلش يا رقيه خدي إنتي الداتا اديهاله مع الورق بتاعك وأنا هكلم بابا أقولله إني هتغدي مع رياض بدل ما يستناني..
أومأت رقيه بكل ترحيب وأخذت منها الملفات فغادرت هي إلي مكتبها بينما إتجهت رقيه إلي مكتب رياض، همّت بطرق الباب ولكن صوتهما الحاد إستوقفها لتتسع عيناها عندما إستمعت إلي حديث رياض وهو يقول..
_ طيب قوللي إنت أعمل إيه؟! عايزني بعد ما أخيرا لقيتها وحبتني وخطبتها أروح أقوللها آصال أنا قتـ ـلت مراتي و إتسجـ نت سنتين! فكرك إنها هتقوللي ولا يهمك يا حبيبي ده ماضي وفات!! هتقوللي معاك حق لإنك إنتقمـ.ت لشرفك!! أبوها هيقوللي اللي فات مـ ـات وإحنا ولاد النهارده!!
ثم إستطرد بإستهجان وأعين مستنكره: إنت فاكر إني لو كنت قولتلهم أول ما إتقدمتلها كانت وافقت هي ولا أبوها!! إستحاله طبعا.
إزداد تقطيب وجهه وبدأ غضبه يتحول إلي يأس وقال بتهكم: وإنت فاكر إنك لما تقوللها بعد ما تتجوزوا هتسامحك أو هتفضل معاك؟!
قال وهو يحاول إقناعه بما لا يقتنع به: لما نتجوز الأمر هيختلف، وقتها هنكون خلاص بقينا واحد، أنا متأكد إنها هتسمعني وهتحس بيا وهتفهم موقفي.
_ولو مفهمتش؟! لو أصرت إنك خدعتها و غشتها وطلبت الطلاق وقتها!!
=همنعها!
_هتمنعها بالقوه!!
=بالحب! همنعها بالحب! هعمل كل حاجه عشان متبعدش عني، هي وقتها هتكون فاهمه وحاسه أنا قد إيه بحبها وداريت الحقيقه عنها عشان خُفت تسيبني! أنا متأكد إنها هتفهمني.
تنهد معتز بتعب وقال: اللي تشوفه يا رياض، دي حياتك وإنت حر فيها.. أنا بس مش هاين عليا أشوفك تعبان وقلقان كده! إنت حتي من كتر التفكير في الجاي مش عارف تفرح باللي بين إيديك.
هز رأسه بالسلب وقال: لا أنا تمام، هو بس الإرهاق وقلة النوم، متشغلش بالك بيا إنت.. المهم إني ممكن أسافر كندا خلال الـ ٢٤ ساعه الجايين.. الدكتور بتاع مراد قال إنهم وصلوا لطرق يقدروا بيها يخرجوا المريض من الغيبوبه وجاري تجربتها، والمفروض إني أكون موجود وقتها لعل وعسي يستجيب ليها.
أومأ معتز موافقًا وقال: تمام، ربنا معاك، ولو في أي جديد بلغني.
_ok
….
هرولت رقيه نحو غرفة مكتبها سريعًا وهي تكاد تشعر أن قلبها قد إنفطر وتحول إلي شظايا من هول ما سمعت.
خرج معتز من مكتب رياض وإتجه إلي مكتبه ليستأنف عمله بينما ظل رياض محدقًا باللاشئ.
دقائق وطُرق باب المكتب ودلفت آصال بعد أن أذن لها بالدخول.
إبتسم فور رؤيته لها وأشار لها أن تتقدم ففعلت وهي تتسائل: راجعت الداتا؟
إنزوي ما بين حاجبيه بتعجب وقال: وهي فين الداتا؟
تعجبت بدورها وقالت: بعتلك الوقت مع رقيه من شويه!
زم شفتيه مردفًا: مشوفتش رقيه!
إرتفع حاجبيها بغرابه ثم قالت: أكيد حصل حاجه عطلتها، علي العموم أنا هروح حالا وأخدهم منها وأجيبهملك..
_لا لا، مش ضروري النهارده أنا خلاص هنجت.. خليهم بكرا.
=زي ما تحب.
نهض معتدلًا والتقط سترته من علي ظهر المقعد وأخذ أغراضه مستعدًا للمغادرة وقال: جاهزه؟
اومأت بموافقه وقالت: هجيب شنطتي بس!
إتجهت علي الفور لتحضر حقيبتها ومن ثم غادرت برفقته..
…….
أنهي معتز أعماله وكعادته إتجه إلي مكتب رقيه ثبل مغادرته ليتفاجأ بوجودها..
قطب جبينه متعجبًا ودلف ليجدها تحدق به تحديق الخائف المذعور، إقترب منها فكانت كلوح الثلج وقد تجمدت بمكانها..
أشار بيده ملوحًا أمام عيناها وقال: رقيـــه، مالك يا بابا متنحه كده ليه؟
نظرت إليه ولم تعقّب فكرر نداؤه قائلاً: رقيه.. ماالك!!
_ليه يا معتـز!!
ضيق ما بين عينيه متسائلاً: إيه هو اللي ليه؟!
_ليه تخدعوا آصال؟! ليه توافق إنت الجوازه دي تتبني علي الغش!!.. إزاي ترضي إنها تتجوز واحد قاتـ….
قاطعها حيث أشار إليها بالصمت سريعًا ثم ذهب وأغلق باب المكتب بإحكام وإقترب منها وهو يقول بنهي: الكلام اللي سمعتيه ده تنسيه تمامًا، إياكي يا رقيه ثم إياكي كلمه واحده من اللي سمعتيه تطلع لحد، إنتي فاهمه!!
نهضت قائله بغضب: إزاي يعني؟! عايزني أساهم في الكدب عليها؟! أنا مش مصدقاك يا معتز!!
إفترسه غضب شديد و جن حنونه حتي كادت تجزم هي أن تلك أول مرة تراه علي تلك الحال، هدر بها بتحير عنـ.ـيف وقال: رقيه أنا قُلت اللي عندي، رياض مش صغير وعارف مصلحته فين كويس، لا أنا ولا إنتي لينا دخل في اللي بيعمله، أول وآخر مره هحذرك، لو كلمه واحده من اللي إتقالت خرجت لمخلوق كان إعتبري إن أنا من طريق وإنتي من طريق!
توسعت حدقتيها بغضب وهتفت بغير تصديق: بتهددني بيك يا معتز!
_إحسبيها زي ما تحسبيها، سلام.
خرج من مكتبها و ولي مدبرًا نحو الأسفل ثم إستقل سيارته وإنطلق عائدًا إلي بيته.
كانت رقيه لا تزال بمكتبها تستشيط غضبًا مما دار بينهما وبعد تفكير طويل توصلت إلي أن تؤثر الصمت لحين إشعار آخر.
إلتقطت حقيبتها وأغراض عملها ثم غادرت المكتب ومنه إلي خارج الشركه عائده إلي بيتها.
……..
توقف رياض بسيارته أمام مطعم فخم كان مطلّه علي البحر مباشرةً كما تفضل آصال.
لأول مره يكون هو من يشرد بالمكان من حوله، عقله لا يتوقف عن التفكير وهذا ما يجعله يشعر بأنه سيفقد صوابه عما قريب.
إمتدت يداها وأمسكت بيديه لينتبه هو علي إثرها فأحكم قبضتيه حول يديها وكأنه يريد أن يطمئنّ بهما..
_مالك؟! إيه اللي شاغل بالك؟
تنهد بثقل وأجاب: حاجات كتير.. عايز أخلص المشروع، عايز أسافر، عايز أتجوزك..
قاطع حديثه ضحكتها ليقول بمشاكسه: والله! ضحكتك أوي!
أومأت أن نعم ليقول: بمناسبة جوازنا.. عايزه تقضي الـ honeymoon فين؟!
قطبت جبينها وقالت: مفكرتش خاالص في الموضوع ده!!
_ أحسن إنك مفكرتيش، عشان نفكر سوا.. إيه رأيك نروح سيشل؟! و نلفها جزيره جزيره..
ضحكت بتهكم وقالت: جزيره جزيره؟! يعني هنقعد هناك سنه ولا حاجه عشان نعرف نزور الجزر كلها..
رفع كتفه بعدم إكتراث وقال: وإيه يعني؟! أنا معاكي وإنتي معايا ومش مهم أي حاجه تاني.. ياريت الزمن يقف بينا ونفضل هناك طول العمر.
_بجد؟! طيب والشغل والشركات…
قاطعها قائلًا: كله يهون قصاد إنك تكوني معايا وفي حضني..
إضطربت ملامحها، سحبت يديها من بين يديه بخجل ليقول ضاحكًا: مش عارف أنا قُلت إيه يكسف!
ثم إنحني بجزعه مائلًا تجاهها أكثر وهو يقول: لو مش واخده بالك إحنا فرحنا كمان شهر..
أومأت دون أن تنظرإليه وقالت: لما نيجي لوقتها إبقي قول اللي عايز تقوله؟!
إنطلقت ضحكاته عاليًا وهز رأسه وهو يقول: هقول ماشي.
أشاحت بوجهها بعيدًا وهي تحاول نزح الخجل والتوتر عن صفحة وجهها ليقول: خلاص بصيلي هنا، متقلقيش أنا لحد آخر الشهر اللي فاضل هكون رياض الجد اللي إنتي بتحبيه.. إنما ساعه زياده فوق الشهر ده موعدكيش..
أشهرت سبابتها بوجهه وهمّت بالحديث ليقاطعها قائلًا: من غير ما تتعصبي..
أخرج هاتفه الذي أصدر صوتًا مسفرًا عن وصول إتصال لينظر إليها وقال: دي أمي!
أجاب الإتصال مبتسمًا وقال: ايوة يا أمي إزي حالك؟
أجابته والدته بنبرةٍ حنونه وقالت: الحمدلله يا حبيبي إنت عامل إيه؟! زهره وآصال عاملين إيه؟!
_كله تمام الحمد لله، زهره كويسه الحمدلله، إحتمال كبير تيجي معايا لإنها هتموت وتشوفك.. أما آصال معايا أهي وبنتغدي.
=سلملي عليها كتير، بنت حلال حبيبتي كانت مكلماني إمبارح..
_الله يسلمك يا أمي وهي كمان بتسلم عليكي،طمتيني عليكي بتاخدي علاجك..
=أيوة يا حبيبي متشغلش بالك.. الدكتور بتاع مراد كلمك؟!
_أيوة كلمني إمبارح وبلغني، وإن شاء الله طيارتي الساعه ٦.
=تيجي بالسلامه يا حبيبي، إن شاء الله في إنتظارك.
_بإذن الله يا أمي، مع السلامه.
أنهي الإتصال، أطلق بعدها تنهيدةٍ محمله بالهموم والآلام، يشعر أنه لا ينفك يحمل فوق ظهره أحمالًا تفتك به و تنهك قواه، يسير الطرق الطويله إلي آخرها، يشق الصعاب ويتحدي المتاعب وفي النهاية لا يصل!
نفض عن رأسه تلك الفوضي ونظر إليها مبتسمًا وقال: قومي بيناا يلا نشوف القاعه عشان أروحك بدل ما تتأخري.
أومأت بموافقه ونهضت ليصطحبها ويتجها سويًا إلي وجهتهما المنشوده.