رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئة الفصل السادس والعشرون 26 بقلم نعمة حسن
_الفصـل السادس والعشرين_
دلف رياض إلي الغرفه الخاصه بـ مـراد حيث كان ينتظره الطبيب الخاص الذي يباشر حالته منذ زمن طويل.
_Dr. Tell me is there any hope that Murad's condition will improve?
(دكتور. أخبرني هل هناك أمل في تحسن حالة مراد؟)
= Dear Riyad. Coma cases can last for more years, all that matters is that Murad has recently begun to respond somewhat to treatment and move his limbs, and this means a lot.
(عزيزي رياض. حالات الغيبوبه من الممكن أن تستمر لأعوام أكثر من ذلك، كل ما يهم أن مراد بدأ مؤخرا يستجيب بعض الشيء للعلاج ويحرك أطرافه وهذا يعني الكثير.)
=Don't forget Syed Riyad that he suffers from Severe brain damage and this takes many years to treat.
(لا تنسي سيد رياض أنه تعرض إلي تلـ.ـف شديد في الدماغ وهذا يستغرق سنين طويلة للعلاج.)
أومأ رياض متفهمًا وقال: Shouldn't we show it to some doctor in Britain?
( هل لا يتوجب علىنا ان نقوم بعرضه علي دكتور ما في بريطانيا؟)
=It won't work anyway, you're giving All he needs.. it's time no more
أومأ رياض بموافقه وصافح الطبيب ثم رافقه حتي وصلت إلي باب المنزل ومن ثم غادر.
…..
كان رياض يستعد للخروج ليبحث وضع إحدي الشركات التي يريد مالكها دمجها مع مجموعة شركات المسلماني في كندا.
همّ رياض بالتوجه إلي غرفة والدته قبل أن يغادر المنزل حتي يقوم بإبلاغها قبل أن يستوقفه إتصال معتز فأجابه بهدوء: أيوة يا معتز،إيه الأخبار؟!
_رياض، أنا قدام مدرسة زهره، جيت عشان أوصلها قالولي إن جدها كان هنا ومشيت معاه!
هكذا تحدث معتز وهو يحاول تهدأة نسقُ تنفسه لينفجر رياض صارخًا به بغضبٍ عاتٍ: إيه الكلام اللي إنت بتقوله ده! إزاي يعني مشيت مع جدها!! إزاي زهره تعمل كده!! وفين الزفـ.ت السواق ليه مراحش خدها من المدرسه!
_صالح واخد أجازه من إمبارح عشان كده انا اللي جيت أخدها.
أحس بأن قلبه يكاد يغـ.ـرق في جوفه من شدة الهـ.ـلع وصاح به منفعلًا وقال: طيب يا معتز إتصرف، حاول تعمل أي حاجه علي ما أجي، أنا هحجز في أول طياره نازله مصر وإنت تروح لإسماعيل عوده قلب بيته وتاخد زهره وتمشي.
_ماشي متقلقش أنا هتصرف.
=شوف هتوصل لإيه وبلغني فورا.. سلام.
علي الفور قام رياض بالإتصال بشركة الطيران الكنديه وقام بحجز تذكره في طائرة الثانية عشر مساءً.
…..
إستقل معتز سيارته علي الفور وإنطلق بها متجهًا إلي ڤيلا إسماعيل عوده.
فور أن وصل أمام باب الڤيلا نقر جرس الباب وهو يتمتم بداخله ويقول: ياارب استر أنا لسه في عز شبابي ومش عايز أمو.ت دلوقتي، لسه في حاجات كتير أوي معملتهاش.. يارب أدخل ألاقيك مت يا إسماعيل الزفـ.ـت!
إنفرج الباب ونظرت إليه المدبره التي تذكرته علي الفور وقالت: معتز بيه، إتفضل ادخل.
أومأ معتز ودلف بعد أن نطق الشهادتين ثم توقف بالبهو ينظر حوله ونظر إلي مدبرة المنزل وقال: إسماعيل باشا عايش؟ قصدي موجود؟
_موجود يا فندم، إتفضل في الصالون.
أومأ فإستدارت لتمضي فإذ به يستوقفها قائلًا: بقوللك وحياتك..
نظرت إليه السيده بإستغراب من أسلوبه المنافي كليًا لهيئته وهزت رأسها بتساؤل فقال: مينفعش تجيبي زهره وأخدها وأمشي من سكات.. بدل ما نقلق الباشا في تربته.. قصدي في قعدته!
تحدثت إليه بعمليه وجديه خالصه وقالت: زهره في التراس مع جدها، حالا هبلغه.
أومأ متنهدًا بتوتر وظل يتفحص المكان من حوله وهو يتحدث إلي نفسه ويقول: أنا كان مالي ومال الليله الغبرا دي! كان لازم أعمل فيها طارق علّام يعني وأقوله إن جدها أخدها.. وأهو دلوقتي ييجي جدها ويقوللي أهلًا أهلًا بـ ديل الأفعي..
ونفض بدنه بإشمئزاز وهو يقول: ييييه.. كنت نسيت أخيرًا.
إستمع إلي وقع أقدام عن بُعد فإستدار ليري ذلك الكهل الوسيم، ذو الشعر الثلجي والعينان الزرقاوتان، يدنو منه بوقار و هيبه يلائمانه كثيرًا.
توقف أمامه وهو لا يزال واضعًا يداه بجيب بنطاله حتي لا يضطر لمصافحته وقال بصوته الأجش: أهلا أهلا معتز بيه، أهلا بـ ديـل الأفعي!
أغمض معتز عيناه وفتحهما سريعًا محاولًا بث الثبات في نفسه وقال: أهلا بيك يا إسماعيل باشا.
تجاهله إسماعيل وتقدم نحو مقعده الخاص وجلس عليه ثم قال: الحقيقه أنا عمري فوق السبعين سنه ومن اللي شوفته في حياتي أقدر أقوللك إن مفيش صحاب بجد.. بس معرفش ليه يا أخي كل ما أشوفك بغير فكرتي دي.. صحيح كل قاعده ليها شوا.ذ
_والله يا فندم أنا مش قادر أحدد بصراحه ده مدح ولا ذم بس ما علينا.. أنا كنت جاي يعني آخد زهره وأمشي.
تصنع إسماعيل التفهم وأومأ بهدوء وقال: زهره! حاضر ومالو.. في النهاية البنت بنتكم وإنتوا أبقي ليها من الكل.
نظر إليه معتز بسرور وقال: معقول! بالبساطه دي!
وتحدث في نفسه قائلًا: اومال أنا كنت مصعبها علي نفسي ليه!
عاد إسماعيل ينظر إليه وقال بصوت أسري الرهبة في نفسه: عايز تاخد زهره وتمشي؟ ومالو.. لو فارق معاك زهره أوي كده أنا أخلي حد يوصلها لحد بيتها معززه مكرمه وإنت تشرفنا هنا لحد ما صاحبك يرجع من السفر وييجي لحد هنا وتمشي معاه.
كان معتز ينظر إليه بتشتت وهو يرفرف أهدابه بتيه ثم ما لبث أن أفاق من شروده سريعًا وقال: لا اصل أنا عندي ظرف طارئ، عمتي الله يرحمها بتولد ولازم أكون معاها دلوقتي.. عن إذنك.
إستدار لينصرف قبل أن يستوقفه نداء إسماعيل مجددًا وقال: بلغ صاحبك إني مستنيه.. لازم ييجي بنفسه ياخد بنته، و هييجي!
أومأ معتز موافقًا وولي مدبرًا نحو الخارج وما إن إنفرج الباب حتي ركض نحو سيارته وإستقلها وإنطلق سريعًا خارج الڤيـلا متمتمًا بفرح وغير تصديق: أنا حي! لتنطلق ضحكاته السعيده وهو يحمد الله علي نجاته.
…….
مع حلول منتصف الليل كان رياض قد غادر الطياره لتوه وإستقل سيارته حيث كان معتز ينتظره أمام ساحة المطار..
_حمدالله علي سلامتك يا رياض.
تمتم رياض بتوتر وإرهاق: الله يسلمك، عملت إيه روحتله؟!
أومأ معتز أن نعم وقال وهو ينظر أمامه ويتلاشي النظر إلي رياض: أيوة روحت طبعًا وهديت الدنيا علي دماغهم، لحد ما طلع لي ديل الأفعي ده اللي إسمه إسماعيل وقعد يهلل شويه هو كمان قصادي.. بس طبعا الخوف كان بينط من عينيه.. وقال لي كفايه شوشره با معتز بيه.. لازم رياض ييجي لحد هنا بنفسه.. و لوحده.. عشان في كلام مهم هنتكلم فيه ومش هينفع إنت تكون موجود.
إلتوي ثغر رياض متهكمًا ورمقه بطرف عينه وقال: بقا إسماعيل عوده قاللك يا معتز بيه؟!
أومأ معتز مؤكدًا وقال: أومال هيقوللي إيه مثلا!
زم الآخر شفتيه بإستهجان وقال: معتز لخص ومتخليهاش توسع منك، قاللك إيه يالظبط!
تنهد معتز بإستياء وقال: قاللي بلغ صاحبك إني مستنيه و لازم ييجي بنفسه ياخد بنته.. بس ده اللي قاله
أومأ رياض موافقًا وقال: طيب ٱطلع علي الڤيلا بتاعته مباشرةً.
_دلوقتي؟! .. تسائل معتز بإنزعاج ليجيبه رياض بإنفعال وعصبيه وقال: اومال عايزني أسيب بنتي عنده!
أومأ معتز ولم يُعقّب وإنطلق متجهًا نحو الڤيلا..
توقف معتز بسيارته أمام البـوابه الخارجيه للڤيـلا لينفرج الباب أوتوماتيكيًا فتقدم نحو الداخل و صفّ سيارتهُ ليترجل رياض منها مُسرعًا ثم إنطلق بسرعة الفهد يقرع جرس الباب بإلحاح ؛ فتحت المُدبره الباب لتنصدم فور رؤيتها له وقالت: ريـاض بيه!
_هو فيــن!! هدر بها بحده بالغه لتقول بتوتر: مين؟!
تخطاها ودلف إلي الداخل وهو يصيح بعصبيه مفرطه: إسماعيل عوده، فيــن؟!
ما لبث أن أطلق تساؤله ليستمع علي الفور إلي صوت خطوات وقوره تسير علي وتيره واحده ثم توقفت وبرز صوت صاحبها ذو الهيبه والغموض حيث قال: أهلًا، حمدالله علي السلامه، كنت مستنيك وعارف إنك هترجع من السفر أول ما يوصلك الخبر.
سحب رياض شهيقًا طويلًا ملأ بهِ رئتيه ثم إستدار ليواجهه وقال بثبات: وأديني جيت.
وتسائل بحده وصرامه: بنتي فين يا إسماعيل يا عوده!
قهقه الآخر عاليًا ثم نظر إليه بعيناه الزرقاوتان وشخّص بصره نحوه وقال: بنتك في الحفظ والصون يا رياض يا مسلماني، في بيت جدها، بيت أمها الله يرحمها.
ثم تقدم نحو الأريكه الوثيره إلي جواره وجلس عليها وأشعل غليونه وبدأ بتدخينه ومن ثَمّ نظر مجددًا إلي رياض وسألهُ: فاكر أمها يا رياض!
إبتسم ساخرًا بإقتضاب إبتسامةً لم تصل إلي عينيه وقال بتهكم صريح: و دي تتنسي!
زفر الآخر دخان الغليون أمامه صانعًا غيامةً واسـعه وأومأ قائلًا: جاي نص الليل يعني!
_جاي آخد بنتي اللي إنت خط.فتها من قدام المدرسه! ولآخر مره هحذرك يا إسماعيل يا عوده .. زهره خارج أي حسابات بيني وبينك!
نظر إليه إسماعيل مجددًا وهو يتفرّسه بحقدٍ بيّن وقال: بقاا يا راجل مش عيب تقول إني خط.ـفت بنتك! في واحد يخـ طف حفيدته ! زهره جت معايا وهي فرحانه ومبسوطه وطايره من السعاده كمان!
وتابع: وبعدين بأي حق جاي تحاسبني؟! أنا لو عايز آخد زهره هاخدها منك وبالقانون! مش محتاج أخطـ.ـفها ولا أتصرف شبه المجـ.ـرمين رد السجـ.ـون أمثالك! لكن أنا مش هعمل كده.. عارف ليه؟! لأن أنا عندي ضمير، مقدرش أحرم أب وبنته من بعض! مقدرش أكون زيك!
حاول رياض جاهدًا ألا يفقد سيطرته على ذاته وأن يتمسك بثباته ويتحكم بإنفعالاته قدر إستطاعته حتي يغادر ذلك المكان، تملّص من ذلك الحوار الذي لن يُجدِ نفعًا ونادي بصوتٍ جهور: زهــره!
_هتعيش وتمو.ت وإنت خايـ.ـف و مرعـ.ـوب يا رياض، و ده أكبر إنتقـ ـام ممكن أنتقـ ـمه منك ؛ إني أكون قادر أأذ.يك بس مبعملش كده، كفايه إنك تفضل خايـ.ـف ومش عارف الضربه هتجيلك منين.
تجاهل رياض حديثه تمامًا وتصنّع اللامبالاه، بالرغم من أنه إستمع إلي كل حرف تفوه بهِ الآخر وكان علي شفا الإندفـ.ـاع إلا أنه صمد وراح ينادي بأعلي صوته: زهـــره!
أطلّت الصغيره برأسها من أعلي وتهلل محياها بالفرح فور رؤيتها لوالدها فركضت سريعًا إلي الأسفل ليقطع المسافه بينهما ودنا منها ثم إحتضنها بقوه وتنهد بإرتياح ثم أبعدها عنه قليلًا وسألها وهو يتفحص وجهها: إنتي كويسه!
أومأت بالإيجاب وهي تبتسم وقالت: جدو عزمني علي العشا في sessar park وقاللي إن مامي الله يرحمها كانت بتحب تروح هناك جداا.
_هايل يا حبيبتي، يلا بينا نمشي من هنا.
نظرت إليه زهره بتوسل مبطن وقالت برجاء: عايزه أبقا مع جدو هنا كمان شويه.
توسعت حدقتيه بصدمه وحزن لتقول: بليز يا بابا متقولش لأ.
توجه رياض ببصره إلي إسماعيل فوجده ينظر إليه بإبتسامه شامته ونظره ذات مغزي ثم نهض وإتجه إلي حيث تقف زهره وإنحني قليلًا ثم قبّل أعلي راسها وقال بحنانٍ صادق : إرجعي مع بابا ي حبيبتي، أنا مسافر يومين ولما أرجع هاجي أخدك وتقعدي معايا زي ما تحبي، لحد ما تقوليلي يا جدو أنا زهقت منك خلاص.
إحتضنته الصغيره حيث تشبثت بخصره وقالت: بس أنا لا يمكن أزهق منك يا جدو.. أنا بحبك خالص.
ربت فوق رأسها وقال: طالما بتحبي جدو يبقا تسمعي كلامه، صحيح؟
أومأت أن نعم ثم نظرت إلي أبيها الذي كان يطالعهما بشرود و وجوم وقالت: هجيب شنطتي وجايه.
صعدت زهره إلي الطابق العلوي لتحضر حقيبتها و تركت خلفها كلًا من والدها وجدها اللذان كانا يتبادلان النظرات المليئه بالتحدي ليبادر رياض بالحديث قائلًا: إبعد عن زهره أحسنلك، اللي إنت بتحاول تعمله ده مش ممكن يحصل ولا هسمح بيه أبدًا.
طالعهُ الآخر بثبات وقال: أنا مش بحاول أعمل أي حاجه، أنا بس حبيت أعرفك إني لو حطيتك في دماغي هتخسر، حبيت أثبتلك إني لو عايز آخد زهره زي ما بتقول هاخدها بمنتهي السهوله، ومش هلجأ للقانون حتي.. واديك شوفت بنفسك!
_ده أبعد من نجوم السما، زهره مكانها معايا أنا وبس!
إبتسم إسماعيل مضيقًا عيناه بخبث وقال: هنشوف!
نزلت زهره فبتر حديثه ثم ودعها وإنصرفت هي برفقة أبيها بينما ظل ينظر في أثرهما ليتجرد وجهه من جميع التعبيرات وعاد إلي صفحتهُ البارده الخاويه من أي حياه.
……..
عاد رياض وبصحبته زهره إلي المنـزل، كان كلًا منهما يلتزم الصمت ..
تقدمت زهره نحو غرفتها غافله عن والدها الذي كان ينظر في أثرها وقد سيطر عليه الحزن وتملك منه اليأس، كان يشعر لأول مره بأنهُ عاد مهزومًا كما السابق ولكن ماذا سيفعل!
بماذا سيخبرها! .. وهل يتتفهم أو تدرك ما يعنيه حينها!
هل سيمحو من حياتها كل أحبائها ويجردها من جذورها!
بلي، عليه أن يحافظ علي صورة جدها كما رسمتها هي بمخيلتها!
علي الأقل إنه لا يشكل أية خطوره علي حياتها، يعلم أنه يحبها بصدق!
علي كل حال، جدها هو ملاذها الوحيد ما إذا حدث مكروه له وعليه ألا ينكر ذلك.
صعد إلي غرفته ودخل علي الفور إلي المغسل ثم أخذ حمامًا باردًا أزال به كل الشحنات المتراكمه بجوفه، أو هكذا ظن!
ألقي بجسده إلي الفراش بتهالك وتعب شديدين ثم أسدل جفنيه وغط في النوم سريعًا دون تفكير.
….
في الصباح، نهض بأرق وتكاسل، وقعت عيناه علي الساعه المعلقه علي جدار الحائط لتتسع حدقتيه عندما وجدها تشير إلي الثانية عشر ظهرا!
_معقول! أنا نمت لحد دلوقتي!
تحامل علي آلامه ونهض سريعًا وإستعد وذهب إلي الشركه..
كان يجلس بمكتبه يتابع ما ينتظره من أعمال ، لقد تراكمت المهام وإشتعل رأسه من شدة الإنزعاج وهو يحاول إنجاز أيًا منهم.
STORY CONTINUES BELOW
أخرج سيجارةٍ من علبة سجائرهُ وبدأ بالتدخين مغمضًا عينيه يحاول نفض كل تلك الفوضي عن رأسه ولكنها كانت تتكالب عليه أكثر كوحشٍ مفترس يوقع أشد الآلام بفريسته.
إلي أن قفزت صورتها بمخيلته، أغمض عينيه وكأنه يريد إحتجازها خلف جفنيه، يريد ان تبقي صورتها هكذا بذلك القُرب ولكنه تذكر ما أخبرته به ففتح عينيه وأمسك بهاتفه سريعًا وقام بالإتصال بها..
ثوانِ وبرز صوتها ناعسًا خافتًا وهي تقول: ألو.
_معقول يا آصال لسه نايمه! الساعه قربت علي ١ الضهر!!
=بجد! إزاي نمت كل الوقت ده!!
إبتسم قائلًا: ولا يهمك، نوم الهنا.
إبتسمت هي ورددت: ربنا يهنيك.
صمت يحاول موازنة حديثه قبل أن يسألها عمّا أراد أن يعرف بينما صمتت هي تتشاور في نفسها بأي صيغةٍ ستتحدث إليه! هل سترفع اي تكليف بينهما كما أمرها سابقًا أم ستتمسك بالرسميه في حوارها معه! لتصل بعد تفكير عميق إلي أن تتحدث بأريحيه وتتخلي عن تلك الرسميه قليلًا.
_إنت في الشركه!
=آصال كنت عايز أسألك عن حاجه!
تحدثا في نفس اللحظه فإبتسم كلًا منهما وقال هو: أيوة في الشركه، بحاول أركز مش عارف نهائي، حاسس إني مشتت، وطبعًا صداع مقرف من لخبطة النوم والإرهاق وكل حاجه بايظه!
كانت تستمع إليه بفرحه، سَعدت كثيرًا كونه يشاركها أدق تفاصيل يومه، يحكي لها عما يؤرقه او يزعجه، لا يضع بينهما حدًا فاصلًا أو أية حواجز! .
إنتبهت إلي توقفه عن الحديث لتقول بنبره هادئه بعثت في نفسه السكينه: إن شاء الله كل حاجه هتبقا تمام، ممكن تريح النهارده وترجع البيت تنام وهتلاقي كل حاجه بقت كويسه.. الصداع هيروح وهتقدر تركز وهتبقا احسن إن شاء الله.
_ الظاهر هعمل كده فعلا.. المهم.
همهمت بتساؤل فأجابها: وحشتيني.
إزدادت إبتسامتها إتساعًا وإنعقد لسانها كعادتها فقال: أكـيد هتسكتي زي كل مره، طيب بلاش تردي خليني أنا أكمل..
لم تُعقب ليردف مستكملًا ما بدأ: وحشتيني ونفسي أشوفك جداا جدا جدااا..
وتنهد وأضاف: مكنتش أعرف إني هتعلق بيكي كده! إنتي بقيتي أول حاجه بتيجي في بالي أول ما بحس إني مضايق أو تعبان! ومجرد ما بسمع صوتك بحس إن كل حاجه إتحلت.. آصال إنتي عملتي فيا إيه؟!
مَلَك بالحب كيانها وبحديثه الحاني إستطاع أن يختم علي قلبها فلا يدنو منه إلّا هو ولا يستطيع غزوه سواه.
إستمع إلي صوت نحيبها التي تحاول أن تُخفيه فقال بضيقٍ بالغ: هو أنا بقوللك كده عشان تعيطي! أنا بقوللك كده عشان تعرفي إني بحبك، عشان تعرفي إنتي إيه بالنسبه ليا! ، بقوللك كده عشان تتمسكي بيا زي مانا متمسك بيكي لحد آخر نفس فيا.
STORY CONTINUES BELOW
لم يصلهُ صوتها فقال: آصال، معايا؟!
_معـاك! برز صوتها خافتًا ليقول هو بوله: أكيد معايا، معايا العمر كله إن شاء الله، لحد ما ضهري يتحني وسناني تقع.
إنفلتت ضحكتها التي بات يعشقها، أصبح يتعمد إضحاكها حتي يستمع إليها وضحك بدوره وقال: والله أنا في حياتي ما قُلت الكلام ده، بس معاكي إنتي مش عارف ببقا مراهق أوي كده ليه. 1
تعالت ضحكاتها ليقول: أيوة إضحكي إنتي وسيبيني هنا لايص!
وتسائل فور أن تذكر: آصال صح.. كنتي قُلتي إنك كتبتيلي رساله! هي فين؟!
_الرساله مع رقيه، هي أكيد هتوصلها لك.
=وأنا لسه هستني رقيه توصلها لي؟! أنا حالا هروح أخدها منها.
شعرت بالخجل والإرتباك لمجرد أنه سيقرأ إعترافها المنشود، لن تستطيع بعدها النظر إليه أبدًا وكإنما إرتكبت أمرٌ فادح فقالت بلهفه: لا.. ليه مستعجل يعني، أكيد رقيه هتجيبهالك النهارده.
_تمام ماشي.. هقفل أنا بقا دلوقتي عشان اظبط كام حاجه وأرجع البيت أرتاح.
=تمام ماشي، ربنا معاك.
_ياارب. مع السلامه.
أنهي الإتصال وعلي الفور قام بالإتصال بمكتب رقيه التي أجابت مسرعه: إتفضل يا مستر رياض.
_رقيه هاتيلي الملفات بتاعة مشروع التجمع..
=بس مستر معتز راجعهم إمبارح يا فندم!
_ though?
=حاضر يا مستر رياض، ثواني والملفات تكون عندك.
أنهت المكالمه وهي تتحدث إلي نفسها وتقول: هه، بتحور عليا يا هندسه، عامل فيها تقيل و مكسوف تقوللي هاتي الجواب اللي معاكي وعامل حجة الملفات.. صدق اللي قال الحب بهدله.. آه والله بهدله فعلا.
ذهبت إلي مكتب رياض، طرقت ولما أذن لها بالدخول دخلت ووضعت علي المكتب أمامه الملفات التي أمرها بإحضارها ثم وضعت إلي جوارهم مغلفًا أبيض عرف ماهيته علي الفور فتمتم بإقتضاب: شكرا يا رقيه، إتفضلي إنتي.
_أعمل لحضرتك قهوه؟
أومأ بالنفي وقال: لأ متشكر.
_كان في مواعيد….
=بعدين يا رقيه، إتفضلي إنتي كملي شغلك.
خرجت من المكتب وما إن أغلقت الباب حتي إنفجرت ضاحكه وقالت في نفسها: عشت وشفتك بتحب يا دراكولا المعمار.. هنقول إيه بقا، الحب كعبله.
أنهت حوارها العابث وعادت إلي مكتبها من جديد تباشر عملها مرةً أخري.
…..
" " أنا معَك، ولكن كلماتي حبيسه في داخلي تأبي الخروج أمامك!
أعلم بأن عيناي قد فاض منهما الحب وبِتُّ تعلم أني عاشقه ؛
ولكن هل تعلم أنت أني أحببتُ فيك شيئًا خالصًا غير الذي مدحهُ الناس! ..
أحببتُ جزءًا منك قد تواري عن أعين الناس ولا تراهُ إلا عيني!..
أحببتك رغم البعد وقلة الحديث وإزدحام الأمور السيئه وملأتُ روحي منك حتي لم يعُد مني لروحي مكان.
أحببتك حتي إني جعلتك شيئًا أستمد منه طاقتي وفرحتي وشغفي اللذين إندثروا تحت أنقاض الحزن والخيبات.
أحببتك بقدر أضعاف كل ذرة من دمائك التي تسير بعروقِي..
وأخيرًا ؛ أُحبك يا حظي الوحيد الذي حالفني في هذه الحياه."
كان قد إنتهي من قراءة رسالتها، لقد غمرتهُ فرحه لا يستطيع الخيـال أن يتصورها، إعترت نفسه نشوةً بالغه وحلقت روحه في سماء السعاده والسرور..
لقد تملكته راحه لم يشعر بها منذ زمنٍ بعيد! تهللت أساريره وإهتز قلبهُ طربًا ونهض من مقعده دون تردد أو تفكير ؛ إرتدي سترته وغادر المكتب ثم نزل إلي الأسفل وإستقل سيارته منطلقًا بها مشرق الوجه باسم الثُغر.
……..
_آصـال، إفتحي الباب بعد إذنك!
تحدث مهدي إلي إبنته وهو يقوم بإصلاح أحد أجهزة الراديو القديمه كما يفضل دائمًا فإتجهت هي تجاه الباب وفتحته..
_مين يا آصال؟!
دلفت إلي الشرفه حيث يجلس وقالت: دي المكواه!
وأضافت وهي تجلس إلي جواره تتابع ما يفعل وقالت: مش عارفه يا بابا ليه غاوي تتعب نفسك.. ما تشتري راديو جديد وخلاص!
نظر إليها مستهجنًا وقال: أشتري راديو جديد! إسكتي إنتي مش فاهمه حاجه.. ده الراديو ده أثري.. بتاع جدك الله يرحمه.. عايزاني أركنه ولا أرميه!! ده الحاجات ظي هي اللي بنشم فيها ريحة زمان وبنفتكر بيها ناس زمان.. الله يرحم أمواتنا وأموات المسلمين.
هزت رأسها بتفهم وتأييد وقالت: طيب هنتغدا إمتا، أنا جعانه.
_خلاص قربت أخلص أهو، حضري إنتي يلا.
نهضت لتتوجه إلي حجرة المطبخ قبل أن يستوقفها رنين جرس الباب مجددًا فقالت موجهه حديثها إلي والدها: ده أكيد بتاع المكواه نسيوا هدوم لينا وجايين يجيبوها..
فتحت الباب بكل بساطه لتتسع عيناها من هول الصدمه ووقفت تنظر إليه بثبات لا تحيد ببصرها عنهُ..
_واقفه ليه كده يا آصال، مين اللي جاي!؟
نظرت إلي والدها بتيه ثم عادت تنظر إليه وقالت: ريـاض!