رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئة الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم نعمة حسن




 رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئة الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم نعمة حسن 


 _الفصـل الواحد والعشرين_


يا سلام عالقلب وتنهيده في وصال وفراق

ودموع الشوق لما يقيدوا ليل المشتــاق

يا سلام ع الدنيا وحلاوتها في عين العشاق

يا سلام ، يا سلام على حلاوتها يا سلام، يا سلاااام.


توقفت آصـال عن الغناء عندما إستمعت إلي طرق والدها للباب وفتحت ليبتسم هو قائلًا: عظمه على عظمه يا ست.


بادلتهُ الإبتسامه وقالت: علي فين دلوقتي يا سي بابا؟


_رايح عند عمك متولي، واحد قريبه في المستشفى وقاللي تيجي معايا نزوره؟ قولتله آجي ومالو أهو كله بثوابه.


أومأت ليكمل: خلي بالك من نفسك واقفلي الباب كويس…


_ولو حد خبط هبص من العين السحريه قبل ماافتح.. حفظت يا بابا والله.


=ماشي يا ستي، برافو عليكي.. يلا سلام عليكم.


_وعليكم السلام ورحمه الله.. مع السلامه.


غادر والدها وفعلت كما أمرها حيث أوصدت الباب من الداخل بإحكام ثم دلفت إلي غرفتها، أحضرت تلك الرسومات التي لم تتمكن من إنهائها و همّت بالبدء إلّا أن هاتفها قد أعلن عن إستقبال مكالمة مرئيه.


علي الفور إستقبلت المكالمه ورفعت يداها مشيره بترحيب وقد برز صوتها مرتجفًا..


_أخيرًا.. فينك يا ندل!


إبتسم أحمد لرؤية إبتسامتها المتسعه وقال بإبتسامه مماثله: أنا أهو، أول ما جبت تليفون بدل اللي باظ كلمتك.. مسحوووول!


_بتهزر!


أومأ بنفي وقال: مش باين علي خلقتي؟؟


تفحصته جيدًا وقالت: بصراحه أه، ده إنت شكلك متمرمط.


ضحك عاليًا وقال: إلا مترمط.. ده هنا بيعاملوا المصريين أحلي معامله.. مش قادر أوصفلك كمية الحب اللي بيحبوهالنا شكلها إيه..


أدركت تهكمه فعبست ملامحها لاإراديًا وقالت: طيب وبعدين؟


ليجيبها بنبرتهُ المستسلمه: ولا قبلين بقا، الله غالـب.. المهم فكك مني، إنتي عامله إيه؟


تنهدت بإحباط وأجابتهُ: الحمد لله تمـام، ماشي الحا_والشغل؟؟


=كويس، بتكلمني وأنا كنت لسه هبدأ أهو.


تثائب وهو يقول: طيب مش هعطلك، روحي يلا شوفي اللي وراكي وأنا هطير علي اوضتي.. هموت وأنام..


زمّت شفتيها وقد أحست بالشفقه تجاهه وقالت: ربنا معاك، لما تفتح إبعتلي هاا؟


أومأ موافقًا وقال: تمام، إبقي سلّمي علي عمي.. يلا سلام.


أنهت المكالمه وألقت بهاتفها إلي الفراش بضيقٍ تخللها..


تشعُر بأنها كانت سببًا رئيسيًا في جميع ما مرّ به.


خوفه من أن يصبح مصيره كمصير تميم وأن ينتهي به الحال كما إنتهي حاله كان ذلك الدافع وراء مغادرته..


أراد أن ينتشل نفسه من الهلاك الذي كان ينتظرهُ ما إن لم يتراجع عن ذلك العشق الأسود الذي لم يُصِب أحدً إلا وأهلكهُ.


نهضت وفتحت خزانتها ثم أمسكت بدفترها وفتحتهُ ثم بدأت تقرأ تلك الرسائل القديمه..


تستعيد تلك اللحظات البائسه التي عاشتها وكلما تذكرت إزداد إنقباض قلبها وإزدادت رجفتها..


جالت عيناها بين السطور سريعًا وهي تخشي أن تتوقف خوفًا من تلك الكآبةِ التي تصيبها عندما إستعادة تلك اللحظات ثم طوت تلك الصفحات و فتحت صفحةً جديدة، بيضاء، خاليه من الأحرف والعَبَرات..


" لقد كانت تلك أسوء لحظات مررتُ بها علي الإطلاق، ما زلت أتعافي وأحاول جاهدةً أن أعود كما كُنت ولكن دائمًا يبقي لكل جُرحٍ ندبةٍ لا تُمحيها السنين.


أشعر بمرارةٍ وأنا أتفقد تلك المقاعد الشاغره، لقد كانوا الرفاق هُنا ذات يومًا..


في لمح البصر، فقط أيام.. و ربما ساعات عديده، فقدتُ روحي، خسرتُ سندي والمتكأ..


أريد أن أمضي قُدمًا.. لا أعود أدارجي فأُسلَب جديد ما جنيتُ، ولا أحمل الماضي فتتعثر خُطاي.. ولا أتعارك مع ذكرياتي فأُهزَم!


أُريد أن ينبض القلب فرحًا و عشقًا عِوَضًا عن نبضهِ ألمًا و كَمَدًا..


أُريد العيش بسلام!.. هذا يكفي!"


….


وضعت القلم من بين يديها وزفرت طويلًا ثم أغلقت الدفتر وأعادتهُ إلي خزانتها ثم خرجت من غرفتها وتوجهت إلي المطبخ كي تعُدّ فنجالًا من القهوه علّه يساعدها في إنهاء عملها..


بدأت بتحضير القهوه لتتوقف فورًا عندما إنقطعت الكهرباء فجأةً وسقط الفنجال من بين يديها وراحت تتمتم بسم الله.


أن تكون محاطًا بالسواد الحالك من حولك، بمفردك، بالإضافةِ إلي كونك شخصًا بائسًا سُرعان ما يبدأ عقلك في إيهامك بأن الأسوأ سيحدث حتمًا.. فهذا هو أبشع شعور من الممكن أن تشعر به.


بسطت يداها أمامها تحاول الإستدلال عن طريق غرفتها ولكنها تعثرت وإصطدمت بشئٍ ما مما أزاد إرتباكها وجعلها تغمض عيناها في محاوله منها لإستدعاء أي مشهد غير الذي تعيشهُ الآن.


عادت إلي غرفتها وهي لا تزال مغمضة العينين وبمجرد ما إن إستدلت علي هاتفها فقامت بالإتصال بوالدها علي الفور ولكن هاتفهُ كان مغلقًا..


حاولت الإتصال بـصديق والدها متولي ولكن هاتفهُ كان مغلقًا بدورِه.


كانت علي حافة البكاء، تحاول التحكم بإنفعالاتها بكُل ما أوتيت من قوه..


أعادت الإتصال بوالدها ورفيقهِ ولكن الجواب كان واحدًا..


أنارت كشّاف هاتفها ووضعتهُ أمامها كيّ يُنير أكبر بقعةً ممكنه وحاولت تشتيت عقلها بالتفكير في أي شئ لتجدهُ يقفز إلي عقلها بغتةً فإبتسمت بإتساع وهي تتذكر إبتسامتهُ، حديثهُ، ملامحهُ العابسه أحيانً كثيره والتي إعتادتها بل أنها باتت تشعر بأن عبوسه هو سر وسامته!


فزعت للمرةِ الثانيه عندما رنّ هاتفها وأجفلت عندما رأت الشاشه تضئ يإسمه..


نظرت إلي إسمهِ ثوانٍ معدوده بتفكير محسوم النتيجه ثم أجابتهُ بتلعثم..


_ألو؟


= أيوة يا آصال، مساء الخير.


_مساء النور يا مستر رياض..


=معلش لو بتصل في وقت مش مناسب بس أنا كنت عايز أسألك علي الداتا شيت بتاعة مشروع زايد.. لو معاكي وتقدري تبعتيها في ميل دلوقتي تبقي مشكوره..


_حاضر هبعتها لحضرتك حالا..


=تمام.


ساد الصمت بينهما للحظات ثم عاد يقول: طيب خلصتي النسخه الاصليه من الجرافيكس اللي هتسلميهالي بكره؟


_الحقيقه أنا كنت هكملهم عشان يكونوا جاهزين بكره الصبح لكن الكهربا قطعت واتعطلت..


=اممم.. علي العموم مش مشكله، قدامنا وقت إن شاء الله، حتي لو ملحقتيش تخلصي الليله قدامك بكره طول اليوم وأستلمهم منك بعد بكره.. لكن مش أكتر من كده.. 


_بجد متشكره جدًا، إن شاء الله اقدر اخلصهم الليله ومضطرش أستني لبكره وأعطل حضرتك..


لان صوتهُ قليلًا وهو يقول: ولا يهمك يا آصال، متضغطيش نفسك، قولتلك قبل كده إنتي إستثناء.


إهتز قلبها وهي تستمع إلى كلماتهِ اللطيفه ، ودّت أن تتسائل عما يقصده كلمتهُ الأخيره ولكنه قال متسائلًا: آآ.. أستاذ مهدي كان بلّغ معتز بقراره؟


توترت بعض الشئ وأجابتهُ: لأ، لسه مش محدد موقفه أصلا..ه


لمح الضيق باديًا في صوتها ليقول: إنتي إيه رأيك؟! موافقه؟


_أكيد لأ؟


نفت بقوه ليتسائل بمكر: ليه؟! إيه وجه إعتراضك بالتحديد علي معتز؟


زفرت بإنزعاج وقالت: هو حضرتك مضايق إني رافضه؟


إبتسم بتسليه وقد راقهُ إنزعاجها وتذمرها الواضحيْن وقال: لا أبدًا مش قصة مضايق.. بس يهمني أعرف ملاحظاتك إيه علي شخصية معتز.. أو علي معتز ككل، مش بس الشخصيه..


_باشمهندس معتز أكيد أي واحده تتمناه، بس أنا لأ.. أنا وهو إستحاله يكون بيننا رابط.. أنا إنطوائيه شويه هو إجتماعي جدااا، أنا منغلقه شويه هو extrovert زياده عن اللزوم، أنا ليا دماغ لوحدي معتقدش أصلا حد هيقدر يتقبلها.. 


تحدث بإندفاع وقال: اللي بيحبك بس هو اللي هيقدر يتقبلك في جميع حالاتك يا آصال..


أومأت بموافقه وإبتسمت بلطف بينما إستطرد قائلّا: محدش مننا ليه إيد في الجانب السئ من شخصياتنا، الظروف هي اللي بتجبرنا عليه، محدش يتمني أو يحب إنه يكون سئ، لكن أحيانًا بتحصل ظروف خارجه عن سيطرتك وعن توقعاتك وبتفرض عليك حاجات مكنتش تتوقع في يوم تكون موجوده في شخصيتك..


نالت كلماتهُ حيزًا كبيرًا من إهتمامها و شعرت بقلبها يخفق بسعاده كوْنهُ يتحدث معها خارج إطار الرسميات.


_أكيد.. الظاهر إن حضرتك مريت بتجارب كتير، والظاهر بردو إنك بتتلاشي الفتره دي من حياتك ومبتحبش تفتكرها..


أكمل حديثها وقال ضاحكًا: والظاهر كده إنك فضوليه وعايزه تجرجريني في الكلام، بس علي مين.. مش أنا.


ضحكت ملء فمها وقالت: أكيد لأ، أنا بدردش مع حضرتك يعني مش أكتر..


_إيييه كمية حضرتك دي اللي بتقوليها، ما قولتلك يا آصال إنتي إستثناء.. يعني بلاش رسميات وبلاش حضرتك.. أنا أهو بقولك آصال بس من غير آنسه، إنتي كمان تقوليلي رياض من غير حضرتك.. 


أبعدت الهاتف من جوار أذنها ونظرت بهِ بغير تصديق ثم تحدثت إليه مرةً أخري وقال ضاحكه: مين معايا!!


قهقه عاليًا وقال: حقك تستغربي، أنا كده ساعات عصبي وساعات رايق.. عشان كده تلاقي اللي حواليا معدودين علي الصوابع، محدش بيتحمل تقلباتي أبدا، غير معتز.. الحقيقه هو الوحيد اللي عمره ما اتضايق مني ولا من مزاجيتي.. تقدري تقولي كده جسمه نحّس..


أضاف جُملتهُ الأخيره متعمكمًا لتقول: بصراحه أنا شايفه إن مزاجيتك وتقلباتك الكتير دي عاديه، مش شئ غريب يعني.. حضرتك مثال للرجل الشرقي الازدواجي..


تعالت ضحكاته فضحكت بدورها ليقول بصوتٍ خافت: تعرفي إن دي أول مره أسمعك بتضحكي فيها من قلبك!


سكنَ صوتُها ولكن إبتسامتها لم تتراجع فإستطرد يقول: دايما كنت بشوفك بتضحكي ضحكه عاديه، ولا مره لمحت الضحكه اللي من القلب دي غير دلوقتي.. وأتمني تفضلي كده دايما..


_إن شاء الله.. تمام يا مستـ…


إنقطع صوتُها فجأه ليناديها قائلًا: آصــال، إنتي معايا؟


=في حد بيحاول يفتح باب الشقه!


همست إليه بصوتها المذعور ليعتدل فجأه بقلق وقال: طيب بسرعه قولي لباباكي..


أجابته وهي لا تزال تهمس إليه: بابا مش هنا..


إزداد قلقهُ وقال وهو يستعد لمغادرة منزلهِ: طيب إتصلي بيه وأنا جايلك حالا متقلقيش..


إستمع إلي نحيبها ليقول: إقفلي باب اوضتك عليكي واستخبي في أي مكان، في الدولاب.. تحت السرير.. وخلي التليفون معاكي اوعي تقفلي..


جاء صوتها هامسًا بهلع: أنا مرعوبه.


كان قد إستقل سيارته فعليًا وأدار محرك السياره لتوه فقال محاولًا طمأنتها :متقلقيش أنا في أقل من ربع ساعة هكون عندك.. أهم حاجه تتداري منه..


إستمعت إلي صوت الباب وقد إنفرج كاملًا، خطواتُ أقدامٍ تقترب بوتيره واحده..


صوتٌ أثار في نفسها الرعب فحبست أنفاسها المتلاحقه خشية أن يستمع إليها..


علي الفور نزلت بجسدها إلي أسفل سريرها وهي لا تزال ممسكةً بهاتفها، أطفأت كشّاف الهاتف ووضعتهُ علي أذنها وهي تبكي..


_آصــال، سمعاني؟


إستمعت إليه وأومأت أن نعم وكأنهُ يراها ودمعاتها لا تتوقف عن الإنهمار بغزاره..


_آصال.. في حاجه حصلت؟! حد دخل الشقه!!


لم يتمكن من سماع شئ سوي نهنهاتها التي شتتت تركيزهُ و زعزعت ثباته فضرب المقود بيديهِ عدة مرات وراح يقود سيارته بأقصي سرعه كالمجنون وهو يقول: إهدي خاالص، ماشي؟.. متقلقيش من حاجه أنا خلاص قربت أوصل.. خدي نَفَس بالراحه وحاولي تـ….


إنقطعت المكالمه فجأه فنظر بالهاتف ليجده وقد نفذ شحن بطاريتهُ..


صرّ علي أسنانهُ بغيظٍ بالغ وتابع قيادة السيارة وهو يبحث بعينيه عن شاحن هاتفهُ الموجود بالسياره حتي وجده وعلي الفور قام بتوصيله بالهاتف وعاد يحاول فتحه مرةً أخري.



ما إن غاب صوتهُ عنها حتي شعرت باليأس يحيطها وبدأت تشعر بأنها هالكةً لا محاله.


إعتصرت عيناها وهي تحاول التوقف عن البكاء حتي لا يستمع إليها صاحب الخطوات المخيفه ولكنها لم تستطع ؛ فلقد رأت نعليه وقد توقفا أمام عيناها مباشرةً فشهقت بهلع لتكمم فمها بيداها خوفًا من أن ينصت إليها..


دار بالغرفه عدة دورات، عبث بأغراضها، فتح خزانتها وألقي بثيابها أرضًا ثم سحب أدراج مكتبها وهو يبحث بها بفوضي..


رنّ هاتفهُ فأجابهُ: أيوة يا جلال الكلب.. يعني من العماره كلها ميجيش حظي غير في الشقه الناشفه دي! مش لاقي يا عم أي حاجه..


صمت لثوانٍ مرت عليها أعوامًا طوال ثم إستكمل حديثه وهو يقول: مش عارف، تقريبا دي اوضة البت،لا مفيش حد هنا،استني أشوف بقية الشقه يمكن نطلع بمصلحه.. وانت متتحركش من مكانك ولو حسيت بأي عوأ لاغيني أوام.


ألقي ما بيده من أغراض علي الأرض ثم صوّب ذلك الكشاف بيده علي فراشها ليتمتم بإنبهار: أيوة بقا، أهو اللاب ده يعمله بتاع عشر تلاف جنيه.. 


خرج من غرفتها لتطلق سراح أنفاسها التي حبستها طويلًا وهي ترجو من الله أن ينقشع ذلك الكابوس ويرحل أو أن يصل منقذها الهُمام ويتمكن من إنقاذها ككل مره.


راقبتهُ وهو يجول بالمنزل قبل أن يتوقف أمام الباب ويسحبهُ ثم خطا خطوات للخارج قبل أن يرنّ هاتفها مُصدرًا رنينًا عاليًا جعلهُ يتراجع إلي الخلف وأغلق الباب مجددًا..


راقبت تلك التفاصيل السريعه بحدقتين متسعـتين إلي آخرهما من فرط الخوف..


نظرت إلي هاتفها الذي لم تعرف كيف تخرس صوتهُ ذلك الآن لتجد والدها هو من يقوم بالإتصال بها، أجابت المكالمه سريعًا لتستمع إلي صوت والدها يقول: أيوة يا آصال، أنا مع عمك متولي في المستشفى.. الراجل اللي كنا بنزوره تعب و………


لم تستمع إلي باقي ما تفوه به وسقط الهاتف من بين يديها عندما إصطدمت برؤية وجه ذلك اللعين الذي إنحني بكامل جسدهِ و جثا علي ركبتيه ينظر أسفل السرير حيث كان مصدر الصوت لتصرخ هي عاليًا بفزع صرخةً شقت سكون الليل..



كان رياض قد توقف لتوّه بسيارته أمام بيتها، سحب مسدسه الخاص ووضعه بأسفل قميصه و ترجّل من السياره سريعًا راكضًا نحو الأعلي..


إستمع إلي صرختها التي دوّت معلنةً عن مدي فزعها فركض بكل ما أوتي من قوة حتي توقف أمام باب شقتها، دفعهُ بكتفهِ مراتٍ عديده ولكنه لم يستجب لهُ


..


سحبها عُنوةً من أسفل فراشها وهي لا تزال تركله بقدميها ركلاتٍ عشوائيه لتصيبه إحدي تلك الركلات في وجهه مباشرةً مما جعله يفقد آخر ذرات سيطرته على نفسه وراح يسدد لها اللكمات بعشوائيه مماثله..


إنفرج باب الشقه بغتةً محدثًا فوضي عارمه وظهر من خلفه رياض الذي لم يظهر منهُ سوي لون ملابسه ويده التي تمسك بكشاف ضوئي نظرًا لذلك الظلام الدامس الذي يحيط بهم.


ركض رياض سريعًا بإتجاه مصدر صوتها وما إن رآها بين يدي ذلك الوغد يبرحها ضربًا حتي أظلمت عيناه بـ شـر وهرول إليه ممسكًا بهِ من الخلف وقام بضربهِ بقاعدة مسدسه علي مؤخرة رأسه ليسقط أرضًا فاقدًا للوعي.



كانت تقف بزاويةٍ بآخر الغرفه، جسدها بالكامل يرتجف و دمعاتها تتسابق فوق خديها..


بحث عنها بعيناه سريعًا حتي إهتدي إلي طريقها ليهرول بإتجاهها سريعًا ثم إحتضنها بقوه، دون أي مقدمات!


أطبق كلتا يديه حولها دون وعيٍ منهُ ثم إبتعد عنها للحظات وهو يتفحصها بقلق ويقول: انتي كويسه؟ حصلك حاجه؟


أومأت بنفي من بين بكاؤها فمسح بإبهاميه أسفل محجريها وهو لا يزال ممسكًا برأسها ويتمتم: الحمدلله..


ضمّها إليه من جديد وهو يقول بتيه: الحمد لله إني لحقتك قبل ما يأذيكي..


وعاد ينظر إلي عيناها المذعورتين من جديد ويقول: أنا مش عارف لو كان جرالك حاجه كنت هعمل إيه.. إنتي مبتتكلميش ليه؟ إنتي كويسه؟


إرتجف جسدها وهي تقاوم ألّا تسقط بين يديه مرةٍ أخري وأخبرتهُ بصوتٍ متقطع: بابا.. كان بيكلمني…


هز رأسه وهو يقول: متقلقيش أنا هكلمه أطمنه حالا، تعالي اقعدي..


جلست علي طرف فراشها بينما أحضر لها كوبًا من الماء سريعًا فأمسكت بهِ ليهتز بين يديها..


_إشربي..


قالها بحنوٍ فائق وهو يثبت كوب الماء أمام فمها لتتجرعه كاملًا ثم وضعهُ إلي جوار السرير وقام أولًا بالإتصال بالشرطه و الإبلاغ عمّا حدث..


همّ ثانيًا بالإتصال بوالدها ولكنهُ دلف من باب الشقه و برفقته متولي، هرع مهدي للداخل مناديًا بإسمها: آصاال..


وتوقف عندما رأي ذلك الشخص الذي لم يتبين هويته نظرًا لقلة الضوء المحيط به و هدر بهِ باندفاع: إنت ميـــن؟

الفصل الثاني والعشرون من هنا

تعليقات



×