رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئة الفصل التاسع عشر 19 بقلم نعمة حسن
_الفصل التاسـع عشـر_
لا يعلم هل تلك الخطوةِ التي أقدم عليها ستحمل صوابًا أم لا..
لقد قضي ليلتهُ يفكر مليًّا في ذلك الموضوع من كل الجوانب ولكنه أخيرًا إهتدي إلي ذلك التصرف.
إرتدي ثيابهُ وخرج من المنزل ليستوقف سيارة أجره قصدها إلي ذلك العنوان الذي إتفق مع رياض علي الذهاب إليه ليلقاه.
بعد وصوله قام بالإتصال بـ رياض الذي أجابه علي الفور..
_أيوة يا بشمهندس، أنا وصلت أهو وفي إنتظارك.
=وأنا قدام الكافيه أهو وثواني وأكون عند حضرتك.
ترجل رياض من سيارته ودلف للداخل باحثًا بعيناه عنهُ ليرفع الآخر يمناه مشيرًا لهُ فتقدم منهُ بخطواتٍ واسعه ثم أقبل عليه مبتسمًا يصافحهُ بحراره بالغه.
_ازي حضرتك يا أستاذ مهدي؟
بادلهُ مهدي الإبتسام وهو يقول بوجهٍ بشوش: الحمد لله أنا في نعمه، إزيك إنت يا بشمهندس؟
جلس كلًا منهما وبرز صوت رياض قائلًا: الحمدلله كله تمام.
حمحم مهدي وهو يحاول الإمساك بالطرف المناسب من الحديث كي يستطع بدء كلامه فقال: الحقيقه أنا اترددت كتير إني أخد الخطوه دي وأكلمك، مكنتش عايز أشغلك معايا لأني عارف إن مشاغلك كتير ربنا يعينك.
إبتسم رياض بلطف وقال: أنا تحت أمرك في أي وقت، إتفضل حضرتك.
توقفا عن الحديث لبرهه حيث أتي النادل ووضع فنجالين من القهوه كما إعتاد عند رؤية رياض سواء أكان بمفرده أو يصطحب أحدًا ما.
تناول رياض قهوته وفعل المهدي المثل ثم بادر بالحديث وقال: الموضوع بإختصار إن بشمهندس معتز صاحبك طالب إيد آصال بنتي…
إرتجفت يداهُ حتي أن فنجال قهوته مال من بين إصبعيه قليلًا ولكنهُ تدارك الأمر سريعًا وحاول إستعادة رباطة جأشهُ ثم تنحنح ولم يُعقب..
رمقه مهدي بنظرةٍ سريعه، شموليه ومتفحصه إستشف منها توترهُ و إرتباكه ثم صمت لبرهه يتبين رده.
آثر الآخر الصمت ليستطرد مهدي ما بدأهُ وقال: وأنا بصراحه معرفش عنه حاجه، وقولت مفيش أقرب منك ليه ولا حد ينفع أسأله عنه غيرك.
تحرك ذلك البروز بعنُقهِ بإضطراب ثم وضع فنجال قهوتهِ علي الطاوله أمامه وقال: أظن حضرتك إن معتز مش بس صاحبي أو شريكي، معتز ده أخويا.
أومأ مهدي فأكمل يقول: وأكيد عارف إن شهادتي فيه مجروحه.
ظل المهدي يتفحص إنفعالاته، ملامحه المنقبضة بإنزعاجٍ تام أخبرتهُ بأنه يُخفي عكس ما يُبديه..
توقف عن الحديث وقد مالت عيناه إلي لونٍ آخر حالك السواد وإزدادت قتامته وهو يقول: لكن دي أمانه وأنا لازم أكون قدها وأشهد شهادة حق.
أراح مهدي ظهرهُ إلي المقعد من خلفه وراح يُصغي إليه بإهتمام..
_ معتز أخلاق وطموح وإحترام وكل حاجه تتمني إنها تكون موجوده في اللي هيكون زوج بنتك، لكن عيبه الوحيد إنه هوائي، طايش، مش مركز هو عايز إيه بالظبط..
إنزوي ما بين حاجبيه بإستفهام ليمنحهُ رياض تفسيرًا واضح وقال: يعني زي ما بنقول كده بالبلدي بيحب علي نفسه.
ضحك مهدي علي تشبيهه ليقول رياض: زي ما بقول لحضرتك كده بدون أي مبالغه أو مزايده أو إفتراء..
قاطعه مهدي حيث قال: العفو يبني، ولو كل الدنيا إفترت عليه إنت الوحيد اللي لا يمكن تعمل كده أبدا..
أومأ رياض مؤيدًا وأكمل: أنا متأكد إن معتز مش عارف ياخد خطوه جد ناحية اللي هو عايزه بالتحديد ، عمال يتخبط هنا وهنا ومش قادر يفهم هو محتاج ياخد الخطوه دي ولا لا..
_يعني اللي فهمته منك إنك بتقوللي موافقش..
إرتشف آخر رشفات من فنجالهِ وقال متصنعًا اللامبالاة: دي حاجه ترجع لحضرتك، سواء توافق أو لأ، دي بنتك وأكيد إنت أدري بمصلحتها مني ومن أي حد، أنا كل اللي قولته هو تعريف بسيط للجانب المتداري من شخصية معتز اللي لا حضرتك ولا حد تاني يعرفه غيري، واللي بردو لولا الأمانه اللي حضرتك أمنتهالي مكنتش أبدا هتكلم عنه.
أومأ مهدي بموافقه وقال: الله يكرمك يا بشمهندس، علي العموم أنا لسه مكونتش عنه صوره كامله فبالتالي مش هرد عليه دلوقتي..
صمت للحظات ثم أضاف: وكمان أنا لسه مسألتش آصال، لازم أتكلم معاها إذا كانت موافقه أو في قبول من ناحيتها ساعتها ممكن الحسابات تتغير.
تصاعدت دماء الغضب ببطء إلي أوداجهُ و تبدل صفاء عيناه إلي قتامةٍ هالكه لمحها الآخر ليتيقن بنظرةٍ خبيره أن تلك النيران التي أضرمت بعيناه لم تكُن سوي نيران الغيـره!
_إن شاءالله يا أستاذ مهدي ربنا يقدم اللي فيه الخير.. آنسه آصال تستاهل أحسن حد في الدنيا.
رن هاتفهُ فأجاب وهو يجمع أغراضه من علي الطاوله وقال: أيوة يا زهره، لا يا بابا جاي كلها نص ساعه بس.. خلاص يا زهره لما أجي نتكلم، سلام.
نهض مستعدًا للمغادره وهو يقول بإبتسامه متكلفه: بعد إذنك يا أستاذ مهدي مضطر أستأذن.
تسائل مهدي بإهتمام وهو يستكشف هوية تلك المدعوه "زهره" فقال: مش خير إن شاءالله!
_الحمدلله كله زي الفل، بس أصلي كنت وعدت زهره بنتي إننا هنتغدا سوا النهارده وإتأخرت عليها.
نزل الخبر عليه كالصاعقه، حتي أنهُ كذّب أذنيه وتسائل ليتأكد مما سمع: بنتك؟! إنت متجوز؟!
لَمح رياض إهتمامه، بل وضيقه الطفيف ولكنهُ أجابهُ بهدوء: مراتي متوفيه.
أومأ الآخر بشرود وقال: الله يرحمها، ماشي يا بشمهندس إذنك معاك، إتفضل.
صافحهُ رياض مره أخيره وإنطلق نحو سيارتهُ بينما ظل مهدي يطالعهُ حتي إختفي وهو شاردًا.
إبنته!
هل لديه طفله!!
لما لم تخبره إبنته؟! أيعقل أن لا علم لها بذلك!!
زفر يخرج كم الهواء المحبوس برأتيه ثم نهض وإنصرف عائدًا إلي بيته.
……
وصل رياض إلي البيت ودلف مهمومًا غاضبًا ليقع بصره علي تلك المتذمره التي تجلس في زاويةٍ ما وقد عقدت ذراعيها أمام صدرها بغضب فتنهد بتعب وهو يشعر بأن قواه قد خارت ولم يعد لديه من الصبر ما يكفيه لتخطي اللحظات القادمه علي الأقل.
دنا منها مبتسمًا ثم جلس إلي جوارها و همّ بوضع يدهُ فوق كتفها لتبتعد عنهُ بغتةً مما أثار تعجبهُ ولكنه لم يعقب..
دنا منها تلك الخطوة التي إبتعدتها ليراها وقد تخركت مجددًا بعيدًا عنهُ وهي لا تزال ترسم تلك الملامح العابسه علي وجهها الطفولي..
تسائل متعجبًا بالرغم من معرفته لإجابتها: مالك يا زهره في إيه مضايقك؟
نظرت إليه بأعين غاضبه تشبه عيناه تمامًا ثم تحدثت بصوتٍ حاد مرتفع وقالت: بجد مش عارف إيه اللي مضايقني؟ حضرتك كل شويه تقوللي هنخرج وتتشغل في شغلك، هنخرج نتغدي ويطلعلك أي مشوار، هنروح نقضي يوم مع بعض وتطنشني وتقضي كل مشاويرك و تكنسلني أنا، أنا اتخنقت وخلاص زهقت من كلامك اللي ولا مره بتنفذه.
جحظت عيناه بصدمه وذهولٍ تام من لهجتها الحاده وصوتها الصاخب وكأنها نست أن من تُحادثه يكون أبيها!
_زهره، إنتي إزاي تتكلمي معايا بالأسلوب ده! إنتي نسيتي إنك بتكلمي أبوكي ولا إيه!!
نكّست رأسها أرضًا بخزي وقد أدركت فداحة ما فعلتهُ ثم تمتمت بإعتذار بالكاد تفهمه من بين دمعاتها التي إنسكبت علي خديها ليمسك بيديها ويجلسها علي قدمهُ كما إعتاد ثم جفف دمعاتها بيديه وقال: طيب إنتي بتعيطي ليه دلوقتي؟! هو مين اللي مفروض يزعل من التاني ؟
دون أي مقدمات إحتضنته فأغمض عيناه وتنهد بغضب من نفسه قبل كل شئ وقال: أنا آسف يا زهره، صدقيني أنا بحاول علي قد ما أقدر إني أكون الأب اللي يستاهل ثقتك وحبك، أنا عارف إني مقصر ومقصر جداا كمان..
إبتعدت عنهُ قليلا بعد أن حلّت وثاق يديها من حول عُنُقه وقالت: ليه دايما حاسس بالذنب يا بابا، إنت بالنسبالي أعظم أب في الدنيا، عارفه إنك خايف أحس إنك بتكـ.ـرهني زي ما بتكـ.ـره مامي الله يرحمها، لكن أنا عارفه إنك بتحبني أكتر من أي حد في الدنيا.
لم يستطع أن يتمالك نفسه وأجهش بالبكاء بمرارةٍ، لا يعلم بماذا يتوجب عليه أن يُخبرها.
ليست عادته أن يتمكن من الشرح والإسهاب عمّا يستعر بداخله حتي وإن كان مصيريًا.
مسح فوق رأسها بيدهِ وبالأخري أزال تلك العبرات العالقه بمحجريه ثم قال بصوتٍ متحشرج: عايزك تتأكدي إنك أغلي من روحي ونور عيني كمان، تعرفي! أنا في حياتي مكنتش أتخيل إن الأب بيحب ولاده أوي كده، مهما كنت بشوف حب من أبويا مكنتش أبداا أصدق إنه بيحبني ويخاف عليا من الهوا بالطريقه اللي كان بيوصفهالي..
أنصتت إليه بإنتباه فأكمل: إلا لما جيتي إنتي!
منحتهُ إبتسامهً صافيه فبادلها الإبتسام وهو يستطرد قائلًا: عرفت إن الواحد مهما يحب عمره ما هيحب حد زي ولاده، وخاصةً كل ما بتكبري، حبي ليكي وخوفي عليكي بيكبر معاكي وبيزيد، عمري ما كرهتك، أبدااا.. اوعي في يوم عقلك يصورلك إني حسيت ولو للحظه بالشعور ده ناحيتك.. مش هنكر إني في وقت من الأوقات حسيت بجفاء بيننا بس ده كان غصب عني، الفتره دي أنا نفسيًا مكنتش متزن، ومش هتصدقي إني روحت لدكاتره نفسيين كتييير عشان يساعدوني أتخلص من الإحساس المميـ.ـت ده.
تقوّس حاجبيها بإندهاش وطفقت تبكي من جديد فقال وهو يزيل دمعاتها من علي وجنتيها: كانت أسوء فتره في حياتي، حسيت بكل حاجه وحشه، كانت الفتره دي كفيله تخليني أنتحـ.ـر لو كانت نفسي ضعيفه زي اللي بينتحـ.ـروا، أنا كنت محطـ.ـم كليا، لولاكي إنتي يا زهره!
وتابع: إنتي كنتي السبب الوحيد اللي جبرني أتحمل وأهون علي نفسي، كنت خايف عليكي وبس، كنت كل ما ببص في وشك بقول ودي ذنبها إيه تتربي من غير أم وأب!! قررت إني هستحمل كل حاجه عشانك حتي لو الـ.ـنار الحمرا.. كنت متأكد إن وجودك جنبي بالرغم من صغر سنك كفيل يخليني أتجاوز الفتره دي، وفعلا.. بدأت أفوق من اللي كنت فيه بالتدريج، كل ما يمر الوقت بتعافي وبنسي وبستمر في حياتي اللي بقيت بسعي أكملها بشكل أفضل، عشانك في المقام الأول وعشاني كمان، عشان تكوني في يوم من الأيام فخورة بيا.
_وأنا فخوره بيك دايما يا بابا، لو تشوف صحابي في المدرسه بيتضايقوا مني عشان دايماا بقول أنا بابايا رياض المسلماني.. أي حد بيسألني عن إسمي مش بقول زهره وبس.. بقول زهره رياض المسلماني بكل فخر.
ضحك بإبتهاجٍ لإدراكه فخرها وإعتزازها كونهُ والدها ولم يُخفي دهشته من لباقتها وحُسن تحدثها..
في كل مرةٍ يتحدثان سويًا تُثبت له وبجداره أنها ستكون متحدثه لبقه تمامًا مثله.
جذب وجنتيها بإصبعيه يشاكسها وهو يقول: أنا اللي كلي فخر إنك بنتي.
لينتهي ذلك الحوار الدافئ بعناقٍ دافئ يُشبهه حتي قاطعهُ كالعاده ذلك المشـاغب.
_شخباركم يا أفراد عيلة المسلماني، عسي الله تكونوا بخير.
ضحكت زهره ضحكةَ رنانه بينما رمقهُ رياض بتحفز وقال متهكمًا: أهلا يا طويل العمر.
_أهلا بيك يا أبو زهره يا غالي، بقا كده كنتوا هتتغدوا من غيري!! لا وواضح إني فاتني حلقه سبشيال من مسلسل سنوات الضياع اللي بتقوم ببطولته إنت والمدموزيل..
_لا خاالص يا معزوزي، كنا بس أنا وبابي بنحكي شويه علي ما تيجي تتغدا معانا، عارفين إنك بتيجي في وقتك مظبوط.
غمزها بمشاكسه وهو يقول: والله يا زهره إنتي اللي في البيت ده، أنا أصلا باجي عشان أشوفك، هه مهو أكيد يعني مش هاجي المشوار ده كله عشان أتغدا!
حدجهُ رياض بإنزعاج خفيّ وأردف: ممكن نتغدا الأول وبعدين نبقا نشوف بتيجي ليه ولمين!
أشار معتز بخفه إلي زهره وهو يتسائل عمّا أصابه فرفعت كتفيها كعلامه علي عدم معرفتها ليصيح الآخر بعصبيه بالغه: هتفضلوا تتغمزوا كده كتير!! إتفضلوا علي الأكل يلا.
إلتف ثلاثتهم حول مائدة الطعام وبدأ معتز يتناول طعامهُ بنهم وهو يقول: "بيـلا" عمرها ما فشلت في إنها تبهرني كل مره بتعمل فيها لازانيا، بجد كل مره بتبقا اللازانيا غير التانيه.
ثم توقف عن الطعام وهو ينظر إليهم بحماس مصطنع وقال: لازانيا غير التانيه!! تنفع مطلع أغنيه..
ثم راح يدندن صانعًا لحن عشوائي وهو يرتجل تلك الكلمات العابثه:
_ لازانيا غير التانيه.. دي أحلي طعم في الدنيا.. وأعزم البت سونيا.. وأخدها وأروح أسبانيا..
هز رياض رأسه بيأس بينما علت ضحكات الصغيره ليقول ضاحكًا: إيه رأيك يا زوزي، أنفع؟
_رهيــــب!
=والله إنتي اللي رهيبه، أحلي حاجه فيكي هو تشجيعك للمواهب الشابة، عكس ناس تانيه عاملين شبه البوم كده بيستخسروا فيكي البسمه حتي.. يلا هنقول إيه بقا، غـ.ـل وحقـ.ـد
توقف رياض عن الأكل ووضع ملعقته إلي جانب طبقهِ وأسند ذقنهُ علي كلتا يديه بينما راح يتطلع نحوه بتركيز وإمعان وقال: ليه مقولتليش إنك إتقدمت لآصال؟
أجابهُ الآخر بمنتهي البساطه: إنت عرفت!!
أومأ موافقًا وقال: أكيد عرفت، اومال بسألك ليه؟
_وإيه ردك علي الموضوع بشكل عام؟ شايف آصال مناسبه ؟؟
ضحك متهكمًا وقال: آصال مناسبه؟!! أنا شايف إنك إنت اللي مش مناسب!
قطب حاجبيه متعجبًا وقال: ليه بقا؟! عيبي إيه!
_عيبك إنك مش شايف عيبك.
هكذا أجابهُ رياض بإقتضاب ليقول الآخر: قصدك إيه مش فاهم! وبعدين عرفت منين؟! هي قالتلك؟!!
_وهي هتقوللي إزاي وهي لسه متعرفش!! أبوها اللي كلمني وطلب يقابلني ولما روحتله قاللي إنك طلبت ايديها منه وسألني عنك!
إتسعـت إبتسامتهُ وهو يقول: وأكيد بقا قولت في أخوك أشعار!
_ليه؟ هكـدب؟!
لم تكن لهجتهُ ولا تعابير وجهه تنُم عن مزح أبدًا مما أثار ذهول معتز وتسائل: تكدب!! يعني إيه مش فاهم!
عاد ليتناول طعامه من جديد وهو يقول بتمهل: قولتله إنك هوائي وطايش ومش عارف انت عايز إيه.. بس، ده اللي قولته.
طالعهُ معتز بهدوء مطولًا ثم قال: كتر خيرك.
_الحاجات دي مفيش فيها اخويا ولا صاحبي يا معتز، دي أمانه وأنا كان لازم أكون قدها.
أومأ معتز بهدوء مؤيدًا ثم أنهي طعامه سريعًا ونهض عن الطاوله ثم ذهب ليقف خلف زجاج تلك الشرفه وظل يدخن سيجارةٍ تلو الأخرى إلي أن وصله صوت رياض فإلتفت إليه..
_ليه مقولتليش يا معتز إنك إتقدمت لها؟! ومن إمتا وإنت حاططها في دماغك؟
أجابهُ معتز وهو يحاول تجاهل ذلك الغضب الذي تغلغل بداخله ثم قال: مقولتلكش إني إتقدمتلها لأن الموضوع جه بسرعه جداا وتقريبا كله حصل في لحظه.. أما بقا موضوع إني حاطط آصال في دماغي فدي حاجه مقدرش أجاوبك عليها، لأني ذات نفسي معرفش إجابتها..
_ولما إنت لسه مش عارف إجابه للسؤال ده، إتقدمتلها بناء على إيه؟!
زفر معتز بضيق وقال: بقوللك إيه يا عم أنا دماغي صدعت، أنا ماشي.
هكذا انسحب فورا من ذلك الحديث ومن نظرات رياض التي تجرده من أي تصنّع وإدعاء ثم غادر المنزل بأكمله بينما ظل رياض ينظر في أثره شاردًا مهمومًا.