رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئة الفصل الخامس عشر 15 بقلم نعمة حسن



رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئة الفصل الخامس عشر 15 بقلم نعمة حسن 



 _الفصـل الخامس عشر_


_مينفعش نفضل هنا على طول ؟!


تسائل ببلاهةٍ وقد سلبتهُ الأخري عقلهُ لتشعر للتو بالدوار الذي ألفّ برأسها فقالت: أنا دايخه.


حينها نظر إلى معتز والذي ألقي إليهِ بطوق النجاة وقام بسحبهما حتي صعدا إلي اليخت مرةً أخري ليتسائل رياض متلهفًا: بردانه؟


نظرت إليه فشرد بها مجددًا وبوجهها البرئ الطفولي..


تبدين أحلي بعد الغرق يا فتاه!


أومأت بصمت دون أن تتحدث ولكن إصطكاك أسنانها ببعضهما البعض أخبرهُ عن مدي شعورها بالبرد فسألها مجددًا: نرجع؟!


أحاطت جسدها بكلتا يديها تحاول منح نفسها القليل من الدفء ولمّا لم تجد بُدً أومأت إليه بموافقه فقال بصوتٍ عالٍ: Mr. Manuel, I'm sorry, We must go back


عاد اليخـت إلي مرساه بينما إنفض الجميع كلًا إلي غرفته..


علي الفور أخذت آصال حمامًا دافئًا وتدثرت جيدًا بغطاءها ثم أوصدت جفناها سريعًا..


_آصال إنتي نمتي؟ كنت عايزة أتكلم معاكي..


برز صوت رقيه بضجر فتحدثت إليها آصال دون أن تفتح عينيها: بعدين يا رقيه.. بعدين.


تنحت رقيه جانبًا إلي فراشها وأمسكت بهاتفها تعبث بهِ بملل ثم ألقتهُ إلي فراشها وغادرت الغرفه متجهه نحو الأسفل ثم جلست وطلبت فنجالًا من القهوة.


جلست شارده تحتسيه بهدوء وتريث إلي أن إقتحم عزلتها بضجيجهِ المعتاد حيث جاورها قائلًا: خير يا رقيه هانم، قاعده لوحدك ليه؟


هزت كتفيها وأجابت بفتور: ملقيتش حد أقعد معاه!


_آصـال؟


تسائل بفضول نجح في إخفاؤه فقالت: من ساعة ما رجعنا وهي نايمه.


مطّ شفتيه متفهمًا ثم صمت قليلًا وقال: أخبار والدتك إيه؟


نظرت إليه وقد إلتمعت عيناها بحزن وأجابت: الحمد لله، كويسه.


أومأ برأسهِ بهدوء وقال: ربنا يخليهالك..


صمتت قليلًا ثم نظرت إليه بترقب وقالت: هو المفروض هنرجع القاهره إمتا؟


_المفروض إن النهارده بالليل مستر مانويل عازمنا عنده بالليل نكمل الإحتفال هناك، وبكره الصبح هننزل كلنا كده هيلا بيلا عالموقع عشان التصميم…


صمت فهزت رأسها بتساؤل فقال: التنفيذ والإشراف هياخدولهم يومين تلاته..


_مااشي..


قالتها بوجهٍ خالٍ من التعابير فأردف متسائلاً: بتسألي ليه؟ وراكي مواعيد ولا إيه؟!


صمتت قليلًا لا تدري بأي شيءٍ تجيبه ثم قفزت إلى رأسها فكره مجنونه كحالها وعملت على تنفيذها على الفـور.


_أصلي خطوبتي آخر الأسبوع..


=لا والله ؟!


صاح بغير تصديق فأومأت هي بتأكيد وقالت: أيوة.


=ومين بقا اللي أمه داعيه عليه؟!


إرتفع حاجبها بغيظ فقال متراجعًا عندما رأي بوادر جنونها: داعيه عليه بحاجة حلوة يعني..


_إبن خالتي..


قطب حاجبيه بإستغراب وقال: إبن خالتك مين؟


تلعثمت قليلًا وهي تحاول إختراع إسمٍ ما فقالت: إبن خالتي ثريا.


=العريس إسمه ثريا!! آاااه.. خالتك اللي إسمها ثريا.. امممم..


وتناول قهوتهُ وأضاف متمتمًا: الله يلهمه الصبر بقا..


_حضرتك بتقول حاجه؟


=بقوللك ألف ألف مبروك مقدمًا..


وأضاف بجديه قائلًا: طبعا مش محتاج أقولك إن يوم الاتفاق تبلغيني أكون موجود أنا أو رياض عشان نقعد معاه ونتفق، لازم يكون عارف ان وراكي رجاله.


بالرغم من أن تلك الأوهام كلها كانت من إختلاقها إلا أنها شعرت بالحسره والمراره فنهضت بإنفعال وقالت: إن شاء الله، عن إذنك.


…….


في المسـاء، حيث إجتمع الكـل في الڤيلا الخاصه بمانويل للإحتفال..


كان رياض قد عاد إلي رسميته من جديد ليرتدي حلةَ من اللون الرمادي الغامق والتي ناسبت هدوئه وغموضه..


كان ينظر حوله باحثًا عنها بعينيه ولكنها غابت عن الأنظار فقام بالإتصال بها: أيوة يا آصـال، فينك مش موجوده!


إستمع إلي سعالها المتكرر ومن ثم قالت: أنا آسفه يا مستر رياض مش هقدر أنزل، أنا تعبانه جداا..


_طيب إنزلي عشان نروح لدكتور يشوفك..


=لا لا مش مستاهله، أنا خدت علاج وهنام والصبح إن شاء الله هكون موجودة في الموقع..


_تمام ماشي، خلي بالك من نفسك..


أنهي الإتصال منتبهًا علي ذلك الصخب فنظر ليجد معتز و رقيه يقفان وقد سادت الأجواء المشحونه بالتوتر حولهما..


كان ينظر إلي فستانها الذي يُظهر مفاتنها ببزخ بصدمه وغضب وتحدث إليها بحده لاذعه: ايه اللي إنتي مهبباه في نفسك ده يا رقيه!


تعجبت حدته وإنتقاده المفتقر للذوق ولكن شيئًا بداخلها أخبرها بأنها قد نجحت في مخططها فتصنعت اللامبالاة وهي تقول: إيه؟! مش حلو؟!


_طبعا مش حلو وزي الزفت كمان! إنتي لابسه كده ليه؟! سيبتي إيه للأجانب واليهـ،ـود اللي ميعرفوش ربنـا!


بدأ الضيق يتخلل نبرتها فقالت: في إيه يا مستر معتز ما كله لابس أهو.. وبعدين إحنا في حفله وعالبحر أكيد مش هلبس بدله يعني!!


عبست ملامحه ونظر إليها بضيق قد طفاا علي سطح نشاعره وقال بنبرةٍ آسفـه: يا خساره يا رقيه، كنتت فاكر إن عنادك وجنونك دول وراهم شخصيه قويه وواحده عاقله لكن طلعتي سطحيه وتافهه زيك زي بقية البنات..


رمقها أخيرًا بنفور وتركها وإنصرف لتشعر حينها وكأن أحدهم قد صب فوقها دلوًا باردًا من الماء..


إنسحبت من بين الحضور بخفه وإنزوت إلي ركنٍ بعيد حيث البحـر أمامها و خلّفت كل الضجيج وراءها.


أغمضت عينيها بندم وألم داخلي يملؤها وإنفجرت في البكاء بحسره، صوت بكاءها كان كافيًا لأن يجلب الأنظار والمسامع لولا تلك الفوضي من حولها التي منحتها الفرصه كي تبكي عاليًا.


أجفلت فجأه عندما شعرت بإقتراب أحدهم فنظرت حولها بخوف وقد نهضت بتحفز ليشير لها رياض بالجلوس بيده بصمت وقال: اقعدي يا رقيه، عايز أتكلم معاكي شويه.


جلست مكانها مجددًا وجلس هو إلي المقعد المجاور لها واضعًا كلا كفيه فوق بعضهما وأسند ذقنه إليهما بتريث و تروّي ثم قال: اللي بتعمليه ده غلط يا رقيه.. وغلط جدا كمان!


نظرت إليه ولم تقاطعه فأكمل قائلًا: مش هيغيـر..


نظرت إليه بصدمه ولكنه قابل صدمتها بمنتهي الهدوء وأضاف: ولو فكرتي إنه هيغير بالطريقه دي تبقي غبيه!


نظرت أمامها وطفقت تبكي من جديد فتابع: مفيش حد بيحب بالغصب والإكراه يا رقيه، الحب بيتولد في قلوبنا بدون أدني تدخل مننا دي بتبقا إرادة ربنا.. لكن إنك تحاولي تخليه يغير أو يلتفت ليكي بشوية الحركات دول تبقي غلطانه، ومش هتستفيدي أي حاجه أصلا، بالعكـس!


همّت بالحديث فقاطعها قائلًا: استني لما أخلص كلامي.. 


وتابع: إنتي عارفه يا رقيه إنتي إيه بالنسبه ليا ولمعتز كمان، والدك الله يرحمه كان من أعز الموظفين عليا ومن يوم وفاته سابك أمانه في رقبتنا ومن يومها وإنتي معانا في الشركه زي أختنا وأكتر، فلازم تفهمي إن تصرفات معتز العفويه معاكي بتكون نابعه من حبه ومعزته ليكي.. كأخت يا رقيه.


إبتلعت بمرارة فأكمل حانقًا: لكن تفاهات البنات تشتغل وعقلك يصورلك انك بفستان مكشوف هتخليه يغير ومشاعره تتحرك نحيتك غصب عنه! ده شغل دجالين ده يا رقيه.. مفيش عقل ولا منطق بيقول كده أبدا.. 


لم تتفوه ببنت شفه فأكمل قائلًا: وبعدين يا رقيه لا معتز ولا أتخن تخين حتي يستاهل تقلي من نفسك عشانه! انتي تستاهلي اللي يحبك بجد من كل قلبه، تستاهلي اللي يعمل المستحيل عشان يوصلك مش العكس.. إنتي المفروض متبذليش أي مجهود عشان تكسبي قلب حد يا رقيه، إنتي أكبر من كده بكتيـر!


أدركت فداحة ما إرتكبت عندما ألقي إلي مسامعها تلك الكلمات وإمتلأ قلبها بالندم والأسف علي ما آل إليه حالها فأومأت تخبرهُ بأنه محق في كل ما أخبرها به ليستطرد قائلاً: أنا قولتلك اللي يمليه عليا ضميري و عشان خاطر الأمانه اللي والدك مأمنهالي.. حذرتك وعرفتك اللي فيها ونصحتك نصيحة أخ، وفي الآخر إنتي مش صغيره وعارفه الصح من الغلط لكن ميضرش إننا نوجهك من وقت للتاني.


نهض واقفًا و همّ بالمغادرة ولكنها إستوقفتهُ قائله: مستر رياض..


نظر إليها متسائلاً فقالت: أنا متشكره جداا..


أومأ مبتسمًا بخفه وإنصرف بينما سلكت هي طريقها نحو الفندق في الخفاء وذهبت لتبديل ملابسها.


…….


_ والله إنتي اللي وحشاني يا زهره..


نطق بها بصدقٍ خالص وأضاف: حاضر يا بابا وعد مني أول ما أرجع هاخدك ونسافر المكان اللي تحبيه، حتي لو في آخر الدنيا.


أسعدها كلامه كثيرًا وإنبسطت أساريرها فقالت: love you so much..


_وأنا كمان بحبك يا روحي، هقفل أنا دلوقتي عشان معايا ناس وهكلمك لما أرجع الاوتيل.


أنهي المكالمه وإستدار ليتفاجأ بآصال والتي كانت تقف خلفه تنتظر أن يُنهي حديثه فقالت: مساء الخير يا مستر رياض..


شرد بها لثوانٍ لا يعلم عددها!


تلك الفاتنه تُجبره في كل مرةٍ يراها فيها أن يسبح في تفاصيلها الحانيه ويتفحص قسمات وجهها الباسم.


نفض شروده عنه وقال: مساء النور، ايه اللي نزللك!


_حسيت اني اتخنقت من قعدة الاوضه قولت انزل اقعد قدام البحر شويه..


أومأ قائلًا: طيب في مانع لو قعدت معاكي شويه؟


إضطربت قليلا وقالت: لا أبدًا، اتفضل.


جلست علي أحد المقاعد وجلس هو إلي جوارها ناظرًا للأمام بشرود، إستل علبة سجائرهُ وأشعل واحدةً وبدأ بتدخينها وهو لا يزال ينظر للفراغ من حولهِ..


شعرت بهِ، حالته تلك ليست بالغريبه عليها ، تعلم معني أن يحتاج أحدهم إلي الجلوس برفقة أحدًا ما ولكنه يفضل البقاء صامتًا.


غلبها فضولها وتسائلت بترقب: حضرتك في حاجه مضايقاك..


_بلاش تقوليلي حضرتك..


أجابها دون أن ينظر إليها فصمتت وإمتنعت عن إستطراد حديثها فنظر إليها مبتسمًا إبتسامة لم تصل إلي عيناه وقال: بلاش رسميات..


تعجبت حالتهُ التي لم تجد لها تفسيرًا فآثرت الصمت وتركت لهُ المجال ليتحدث علّها تستطع أن تتبيّن أي منطقٍ يتعامل به.


_تعرفي يا آصال..


قالها فإنتبهت له ونظرت له بتركيز وقد أصغت إليه بإنصات ليستطرد قائلاً: الواحد كل ما بيكبر في السن بيكتشف إنه الدنيا دي تافهه أوي.. 


نظرت إليه ولم تتحدث ليتابع: أنا مثلا.. إكتشفت إني ظلمت نفسي كتير جدا، جيت علي نفسي عشان ناس متستاهلش.. فبالتالي ظلمت نفسي، سامحت في حق نفسي مرات ومرات وكنت بعمل أعمي وبردو ظلمت نفسي…


ثم نظر إليها وقد إلتمعت عيناه ببريقٍ غامض وقال: تخيلي إني لما فكرت حتي…. 


قاطعهُ رنين هاتفه ليقول: ثواني..


أجاب هاتفهُ دون أن ينظر به وقال: أيوة يا معتز في حاجه؟؟


تسائل معتز بضيق: إنت فين، سألت مانويل عليك قال ميعرفش..


أجابهُ بضيق: جرا إيه يا معتز هو أنا عيل صغير ماشي تدور عليا! عايز إيه إنت؟


تنهد الآخر بضيق وقال: لسه جايلي تليفون حالا ان فيه مشاكل في التراخيص، ولاد الكـ.ـلب معصلجين..


زفر الآخر بغضب وهدر به: اومال كل ما أسألك تبقا الدنيا فل..وطلعت لا فل ولا زفت علي دماغك.. 


ليتحدث الآخر بعصبيه مماثله وقال: رياض بقوللك ايه مش ناقصاك، مش كل شويه تتعصب عليا وتتكلم بأسلوبك المهبب ده أنا مش شغال عندك ولا أنا عيل صغير قدامك..


إنتابها الحرج فقررت الإنسحاب فنهضت لتنصرف فأوقفها رياض بإشارةٍ من يده قائلاً: إنتظري يا آصال من فضلك..


تحدث معتز وقد أعماه الغضب: آصال!! إنت بتكلمني بالأسلوب ده قدام آصال! تمام أوي يا رياض.


أنهي المكالمه دون أن ينتظر ليشعر الآخر بغضبهِ وقد وصل إلي ذروته فأخرج سيجارةٍ أخري وقام بتدخينها تحت أنظارها المتعجبه..


ظل صامتًا لفتره فقطعت هي الصمت بينهما وتنحنحت بحرج وقالت: حضرتك محتاج مني حاجه يا مستر رياض؟


نظر إليها بضيق و زفر ثم نطق منفعلًا بحده: قولتلك إستني يا آصال، إيه مبتفهميش ولا هي قصه كل شويه هنحكيها؟!


رأته وقد عاد إلي غطرستهِ من جديد فإستشاطت غضبًا وإنتفخت أوداجها بغيظٍ بالغ فنهضت واقفه بنفاذ صبر وتحدثت إليه بجسارةٍ لم يعهدها من قبل: للمره الأخيره بقولهالك، أنا مش هسمح لأي حد يتطاول عليا ويتكلم معايا بأسلوب غير لائق،إذا كنت فاكر عشان إنت المدير يبقا يحقلك تكلمني بمزاجيتك وعنجهيتك دي تبقا غلطان، أنا مش شغاله عند حد يا رياض يا مسلماني.. وشركتك إشبع بيها..


إبتعدت عنه خطوات لينهض خلفها مسرعًا وأمسك بمرفقها في جنون: بتقولي إيه؟! إنتي إزاي تتكلمي معايا بالأسلوب ده!


ربّعت يداها إلي صدرها بعنادٍ طفولي وقالت: بتكلم بنفس أسلوبك، حضرتك ملكش حاجه عندي ومحدش ليه عند حد حاجه غير الاحترام فقط..


لم يُدرك بما يجيبها فلقد إزدادت وتيرة إنفعاله وصاح آمرًا: طيب تمام أوي، اتفضلي علي اوضتك..


ظلت ثابته ولم تتحرك قيد أنمله فرمقها بتعجب لترمقه هي بتحدٍ وقالت: إحنا هنا مش في الشركه يا باشمهندس، وأنا مباخدش أوامر غير في نطاق شغلي وبس!


تسائل ببلاهه: يعني؟


_يعني مش هروح مكان.. لو حابب تتفضل إنت إتفضل!


صك أسنانه بغيظ وإنسحب من تلك المعركة الضاريه والتي من المؤكد أنه لوحده سيُهزم فيها كونهُ يبارز تلك العنيده!


لم يعلم لما تطورت الأمور بينهما هكذا!


أو لما إتخذ حديثهما ذلك المنعطف الحاد!


لقد كان ينوي أن يكسر كل الحواجز ويُفضي إليها بما يعتمل به قلبه!


هل أصبح مزاجيًا عنجهيًا كما نعتتهُ لتلك الدرجه!


عليه أن يُعيد النظر في ذلك الموضوع.. و لكن لاحقًا!


أخرج علبة سجائره ونظر إليها بضيق و زفر بملل ثم وضعها بجيب سترته مرة أخري.


كان يقف علي مقربةٍ منها ورآها وهي تجلس بمكانها مجددًا أمام البحر بهدوء فأغمض عيناه يعتصرهما بنظم لتسرعه وتهوره ثم أخرج سيجارةٍ وأشعلها بهداوةٍ وقام بتدخينها حتي هدأت حدته و لانت ملامحه المنفعله وقرر العوده ليعتذر إليها عمّا بدر منه.


كانت لا تزال بمجلسها تتحدث إلي نفسها بغضبٍ حانق وهي تقول مقلده إياه: اتفضلي اطلعي علي اوضتك.. مفكر نفسه ملك الكون ولا الحاكم بأمره، إنسان مزاجي ومغرور وقليل الذوق بصحيح..


إرتفع حاجبيه بدهشه لما إستمع إليه فأكملت: يبقا يشوف بقا مين اللي لسه هيشتغل معاه ولا يعتب شركته من تاني الزرافه ابو طويله ده..


_وإيه كمان؟


تحدث بهدوء مَرِح فإنتفضت فجأه ونظرت إليه بحرج وتوتر وقالت: مستر رياض!


ضحك بإقتضاب متهكمًا وقال: مستر رياض إيه بقا بعد كل اللي قولتيه..


إبتلعت بوچل ليقول: بقا أنا مغرور وقليل الذوق!


أومأت بنفي فتسائل مجددًا: أنا زرافه وأبو طويله؟!


أومأت بنفي ثانيةَ فأومأ متريثًا وقال: أنا صح قولتلك بلاش رسميات بس مش لدرجة زرافة وأبو طويله يعني…


نظرت إليه بوجهٍ جامد خالٍ من التعبيرات وفجأه إنفجرت ضاحكه من فرط توترها ليضحك عاليًا بدورهِ فقالت: أنا آسفه جدا يا مستر رياض، هو بس حضرتك لما زعقت أعصابي اتضغطت واتوترت عشان كده اتكلمت معاك كده..


أومأ متفهمًا وأردف قائلاً: ولا يهمك، أنا كمان كنت جاي أعتذر لك عن الأسلوب اللي اتكلمت معاكي بيه، اوعدك مش هتتكرر..


أومأت بموافقه ليقول: لسه مضايقه مني؟


_لا خلاص حصل خير..


أومأ بإرتياح ثم قال: طيب عال أوي.. يلا اتفضلي عشان الجو برد وانتي تعبانه..


أومأت دون جدال وتقدمت خطوتان ليمسك برسغها وهو يقول: آصال..


إبتلعت في توتر وهزت رأسها بإستفهام ليقول: ممكن تتحمليني؟!


لم تفهم مقصده فقال: أنا عارف إن مزاجيتي لا تطاق وكل دقيقه شخصيه شكل، بس أنا فعليا الموضوع ده هلكني.. محتاج اللي يتعامل معايا يكون متفهم النقطه دي ويحاول يساعدني اني أتخلص منها!


نمّ حديثه عن كم الفوضي والألم الذي يستعرّ بصدره فأومأت بموافقه بعد أن منحته إبتسامةٍ ودوده وقالت: ولا يهمك يا مستر رياض..


إبتسم إليها بإمتنان وقال مربتًا فوق يدها التي لا يزال ممسكًا بها: متشكر جدا يا آصال.. إتفضلي.


….


إنتهي الحفل وعاد كلًا إلي غرفته فذهب رياض إلي غرفة معتز الذي فتح الباب ونظر إليه بغضب ثم تقدم إلي الداخل وتركهُ يقف علي باب الغرفه..


دلف رياض متسائلاً وهو يتصنع عدم معرفته: في إيه يا معتز؟! قاعد هنا ليه وكنت بتتكلم معايا بالحده دي ليه؟! هو أنا زعلتك في حاجه؟!


نظر إليه معتز وصرّح دون مراوغه فقال: بقا مش عارف! أيوة يا رياض زعلتني وزعلتني جداا كمان.. عشان كلمتني بأسلوب زي الزفت قدام آصال، وظي مش أول مره تكلمني بلهجه حاده قدامها، عملتها قبل كده كذا مره وانا قلبت الموضوع ضحك وعديتها..


قطب الآخر حاجبيه متعجبًا وقال: اشمعنا آصال يعني!! طب ما أنا وانت من يوم ما عرفتا بعض واحنا مفيش بيننا فرق! ادو ظي مش أول مره أتعصب عليك قدام الموظفين!! وإنت ياما اتعصبت وهلفطت بكلام بايخ علي الملأ وانا مركزتش لأن محدش عمره اتدخل بينا،اشمعنا دلوقتي يا معتز كلامي بقا يضايقك وبقت تفرق معاك بتكلم قدام مين!!


أدار معتز وجهه وقال: عشان الموظفين عارفين وضعنا، إنما آصال جديده في الشغل و….


قاطعه الآخر مستهجنًا: يا سلام!! بلاش حجج باطله يا معتز، بصلي وقول بصراحه.. إشمعنا آصال اللي فارقلك أوي أوكلم قدامها معاك بحدود..


لم يتحدث معتز فتسائل رياض وهو يتمني أن يجيبه بالنفي: في بينك وبينها حاجه؟!


أومأ معتز بالنفي علي الفور وقال بإنزعاج: لأ طبعا..


تنهد الآخر بإرتياح وقال: اومال بقا في إيه؟!


_خلاص يا رياض إنسي، أنا اصلا مش فاهم أي حاجه في أي حاجه..هاا. قوللي هنعمل ايه في موضوع التراخيص؟


زفر رياض بتعب وقال: هتتحل إن شاء الله، أنا راجع اوضتي عشان أنام لإني خلاص فصلت، تصبح على خير..


عاد رياض إلي غرفته ودلف ليأخذ حمامًا دافئًا عله يساعده علي الإسترخاء ثم دلف إلي فراشه وسرعان ما واتاه النوم!


……


في الصباح..


نزل معتز مبكرًا ليحتسي قهوته ليجد رقيه تجلس في مكانها المعتاد..


تلاشت عيناها عنهُ بحرج ليقرر هو التغاضي عن ما حدث بالأمس فذهب ليجلس إلي جوارها متغنيًا بمرح: سوو يا سووو.. يعسوبي خطبوه.. 


عادت إلي حنقها وسددت نحوه عسليتيها الغاضبتين فأشاح بوجهه بعيدًا قاصدًا إغاظتها و إثارة حنقها وأكمل: حبيبي عايزله سكر، والله لأجيبله السكر..


قاطعته بضيق: بعد إذنك يا مستر معتز أنا مصدعه ومش…


ليقاطعها هو قائلاً بهمس: من كتر الكدب..


قطبت جبينها بإستغراب ليكرر قائلاً: مصدعه من كتر الكدب.. بقا يا كدابه أكلم والدتك أباركلها علي خطوبتك تقوللي مفيش الكلام ده..


أغمضت عينيها بصدمه ليقول: غمضي غمضي.. أنا لو منك كنت اتعميت من الموقف المهبب اللي انتي فيه دلوقتي..


وأضاف معاتبًا بغضب مصطنع: بتلعبي بيا الكوره يا رقيه؟! تمام أوي.. ليكي روقه حاضر بس لما نرجع القاهره عشان حسابك تقل أوي..


نظرت إليه وهي ترفرف بأهدابها في توتر بالغ ليرمقها هو من الأعلي للأسفل عدة مرات ثم نهض وحمل قهوته وإبتعد عن ناظريها تمامًا..

الفصل السادس عشر من هنا

تعليقات



×