رواية اجنبية بقبضة صعيدى الجزء الثانى الفصل الخامس عشر15والاخير بقلم نور عبد العز

رواية اجنبية بقبضة صعيدى الجزء الثانى الفصل الخامس عشروالاخير بقلم نور عبد العز

بجول بحب يا مازن، ما أنت بتحب وعاصم بيحب واللي بتحبهم بنات على فكرة، هتحللوه عليكم وتحرموه عليا، بحب يا مازن ومعملتش حاجة غلط، بالعكس يا أخويا أنا جاية أجولكم بحب عشان تفكروا فيا هبابة كيف ما بتفكروا فى حج اللى مات فكروا فى حج اللى عايش وياكم ولا مستنين لما أموت عشان تفكروا فى حجي واللى أنا عايزاه…
قالتها “هيام” بحزن شديد وألم يجتاح قلبها ويحرق صدرها، حاول “مازن” أن يتحدث مُعارضًا حديثها لكن أوقفه يد “عاصم” التى رفعها أمامه بمعني أن يتوقف ولا يحادثها…..
نظر “مازن” إلي والدته الجالسة أمامه بعد أن أستمعت لما حديث من أبنتها وقال بنبرة جادة ولهجة قوية:-
-أمي فكري هبابة بهيام، هيام حاسة أن كل اللى يهمنا هو سارة اللى راحت وهى ولا ليها جيمة وعوزة عندنا، أن جيتي للحج أنا كمان خوفت… خوفت أن يحصل حاجة من عند ربنا ويصيبها أذى لا قدر الله ووجتها هنفضل مقهورين العمر كله أنها راحت منين، بالنسبة ليا كفاية أنها مسمعتش لحد وحفظت على ثجتنا فيها يا أمي، هيام تستاهل تعيش وتفرح زى أى بنى أدم عايش
لم تعقب “مُفيدة” علي حديثه وظلت صامتة تتساءل كيف تفرح وتغمرها السعادة وهناك قطعة من روحها لم تنال حقها ويُعاقب من سفك دماء طفلتها، تنهد “مازن” بحيرة ممزوجه بالعجز من تغيير رأي والدته، خرج من الغرفة صامتًا بعد أن اوصل لها حديث “هيام”.. سار فى البهو مُتجهًا للسلالم لكن صوت “عاصم” أستوقفه وهو يقول:-

 

-مازن، تعال أنا عايزك
نظر “مازن” لـ “عاصم” بقلق شديد من رغبته فى الحديث معه، أتجه إلى المكتب خلفه ورأي “عاصم” يبعثر شعره الأسود بيده بحيرة مُرتدي بنطلون رمادي وتي شيرت أسود اللون، سأل “مازن” بفضول:-
-خير، أنا بجلج لما بما بتعوزني
ضحك “عاصم” بخفة ثم قال:-
-أجعد أنا خليت حلا تعملينا أتين جهوة
أتسعت عيني “مازن” على مصراعيها بدهشة وقال بذهول أصاب نبرته قبل ملامحه وحركاته اللإرادية:-
-مين؟ حلا!! هي ناجية جصرت فى حاجة
-مالك يا مازن؟
ضحك “مازن” بسخرية من أمر هذه الفتاة وقال بتهكم شديد:-
-ما عاذ الله يا كبير، هى مرتك وعلي عيني ورأسي لكن أنا ممستغنيش عن عمري، مرتك!! دى مبتعرفش تعمل الرضعة لولدها هتعملي جهوة
تبسم “عاصم” على زوجته البلهاء لكنه مُمتن لكل محاولة تفعلها من أجل التعلم ويثق أنه سيأتي يوم وتستطيع فعل ما تريده، قال بنبرة دافئة تليق بالحديث عن محبوبته ومدللته:-

 

-على الأجل بتحاول، وإياك يا مازن تجول حاجة لما تيجي… تشرب جهوتك من غير ولا كلمة ويكون أحسن لو شكرتها
نظر “مازن” للجهة الأخري وبدأ يتمتم بكلام غير مفهوم فسأله “عاصم” بحدة:-
-بتجول حاجة؟
هز رأسه مصطنع البسمة ثم قال:-
-لا سلامتك، إن شاء الله تجول الكلمتين اللى عندك جبل ما الجهوة تيجي، خش فى الموضوع يا عاصم دوغري
تبسم “عاصم” على تهرب أخاه من شرب فنجان قهوة صنعته بيديها أم هو يشرب ويأكل كل ما تقدمه فى صمت بل يدفع ثمن قهوته أو وجبته لها حبًا ودلالًا، تحدث “عاصم” مع “مازن” يخبره عن هذه المرأة ومحاولة إختطاف “مصطفي” لطفله لينظر “مازن” له بجدية وقال مُشتعلًا من الغضب:-
-وأنت هتهمله أكدة وتكتفي بجوازي من خيته
رفع “عاصم” حاجبه بغرور شديد ليبتسم “مازن” بعد أن فهم هذه النظرة وقال بخفوت مُتردد:-
-أنت عرفت اللى هتعمله .. لا أنا خابرك زين أنت مجتش تجولي اللى بيدور من ورايا غير لما بدأت تأخد حجك بالفعل وبدأت تتحرك صوح
بهذه اللحظة رُسمت بسمة على شفتي “عاصم” نادرًا ما تُرسم على وجه هذا متحجر القلب ثم قال:-
-بتعجبنى وأنت فاهمني زين!! هجولك على عملته واللى ناوي أعمله يا مازن ولما يتحجج وجتها ممكن تطلج نهلة وترجعها لأهلها مبجاش ليها عوزة لكن لو رجعتها دلوجت هتفتح عيونهم أننا بنخطط لحاجة، وأنا أتعلمت درس مع جدك الكبير العين بالعين والسن بالسن وأهم حاجة المعاملة تكون بالمثل بنفس الجلم والجسوة اللى دوجتها لازم يدوجها، كيف ما جتلوا سارة غدر ومن ورايا.. أنا كمان هلعب من وراهم لكن لما أخد حجي هأخده وعيني في عينيهم لأانى مش غدار

 

تبسم “مازن” بحماس ليخبره “عاصم” بخطته كاملة وما هو يريده أن يفعله، كاد “مازن” أن يتحدث بالموافقة لكن أستوقفهما صوت صراخ من الخارج، خرجوا الأثنين معًا وكان الصوت قادم من المطبخ وتحديد صوت “ناجية”، هرع الأثنين إلى المطبخ وكانت “حلا” جالسة على الأرض تبكي بألم من الفشل فى صنع شيء كأى امرأة مسئولة عن زوج ومنزل وطفل، ماذا أن كان زوجها لم يملك خادم كـ “ناجية”؟ ماذا كان سيصيبها؟، تطلع “عاصم” بزوجته الباكية بينما “ناجية” تقف فى الخلف بحزن من بكاء “حلا” ثم قالت بقلق من ظهور “عاصم”:-
-والله جولتلها أعمل أنا هي اللى رفضت
كان المطبخ فى حالة من الفوضي ملئ بقطع الخضراوات وشرائح البطل والمقلاة على البوتاجاز كأنها كانت تحاول أن تصنع طعام وفشلت، تمتم “مازن” بخفوت شديد قائلًا:-
-أنا متنازل عن كوباية الجهوة
ضربه “عاصم” فى خصره بضيق ليذهب من أمامه، أقترب “عاصم” من “حلا” وجثا على ركبتيه أمامها ثم رفع يده إلى وجهها وبسبابته رفع رأسها كي تنظر إليه فقالت بنبرة واهنة باكية:-
-كنت عايز أعملكم سندوتشات مع القهوة
تبسم “عاصم” بلطف عليها ثم أشار إلى “ناجية” بأن تذهب لتترك المطبخ وترحل، وقف بعد أن مسكها من أكتافها وقال بحب:-
-عاوزة تعملي أيه؟

 

أشارت على طبق وقالت بحزن:-
-كنت هعمل سندوتشات تشكين برجر وحلقات بصل مقرمشة شوفتهم على التيك توك حلوين جدًا
تبسم “عاصم” ليها بلطف شديد على سعيها لفعل الأفضل ثم قال بنبرة خافتة:-
-وماله نعلمهم
بدأ يرتب المطبخ أولًا وهى تراقبهم عن كثب وتتابعه بنظراتها، وضع الزيت فى المقلاة على البوتاجاز وبدأ يقطع الطماطم وصنع خليط من أجل البصل بينما “حلأ” تتابع زوجها المُثير بأفعاله، تسللت من أسفل ذراعه لتقف أمامه وهو يقطع البصل لشرائح فتبسم إليها وقال:-
-خلي بالك طب لسكينة تعورك
تبسمت بعفوية وهي تشعر بدفء جسده ومن الخلف ثم قالت:-
-معقول أتجرح وأنت معايا…
ألتفت برفق لتتقابل أعينهم معًا فقال بجدية:-
-أخلص الأكل طيب وبعدين نشوف أنتِ عايزة أيه
ضحكت “حلا” عليه ويديها تلف حول خصره بلطف وقالت:-
-حد يصدق أن الكبير بيطبخ، دا الحب بصنع المعجزات فعلًا
أبتعد عنها وأخذ شرائح البصل من خلفها ثم أتجه إلى المقلاة وبدأ يضع بها الطعام، السعادة التى كانت تغمر “حلا” بهذه اللحظة كفيلة بإيقاف العالم بأسره هنا، تعلم أن ما تصنعه ليس الأفضل لكنه يتقبل بصدر رحب مُتعمدًا أن يزيد من حماسها وألا يصيبها بالفشل حتى تستمر، خرجت وتركته فى المطبخ بعد أن سمعت صوت بكاء طفلها فى هذا الجهاز الصغير….
_________________________________

 

دخل “قادر” إلى المخزن الخاص بمواد البناء والإنشاء الخاص بشركة الشرقاوي ووجد المرأة تجلس محلها صامتة، جلس أمامها لترفع نظرها إليه بقلق شديد خائفة من أن يفعل بها شيء لتقول:-
-خلاص هتجتلني
نظر إليها بحدة شديد ثم وأخرج سكين من جيبه بهدوء لتفزع أكثر ثم قال:-
-أجتلك ليه هو إحنا عصابة كيفكم، أه هو هملك لحالك تحاسبي على عمايله هو ما شاء الله رشح نفسه فى انتخابات مجلس الشعب عن دايرتنا بس معلش تتعوض
-رشح نفسه
قالتها بصدمة شديد مما سمعته للتو عن “مصطفي” فقال بجدية ونبرة باردة تحمل فى طياتها خبث كبير:-
-اه على حساب ناس كتير كيفك خدعهم عشان يوصل للى عايزه كيف ما ضحك عليكي وخدعك عشان تخطفي ولد الكبير وأول ما وجعتي أديك سمعتي بودانك اللى يأكلها الدود دي كيف أتخلي عنيك، بس معلش تعيشي وتأخدي غيرها، جومي روحي
نظرت له كثيرًا بحيرة لا تصدق أن “عاصم الشرقاوي” بنفسه غفر لها فعلتها ومحاولة خطف ابنه فأشار “قادر” لها بنعم يجب أن تذهب بعد أن مد يده لها بالسكين وقال:-
-خليها وياكي عشان تتأكدي أننا مهنأذكيش

 

أخذت السكين منه ولم تفكر أكثر لتقف من محلها وتفر من أمامه قبل أن يغير رأيه ويقتلها على جريمتها التى شاركت “مصطفي” بها وتدفع ثمنها وحدها هنا لكن قبل أن تغادر نهائيًا سمعته يقول:-
-مستنيش فى طريجك وأنتِ معاودة تعدي على السوج أصل عضو مجلس الشعب المستقجبلي بيلف هناك عشان الناس تنتخبه، أهو تشوفه وهو واجف بيضحك على حسابك
تأففت بضيق شديد ثم خرجت من المكان غاضبة بل عاصفة هلاكية وستلتهم “مصطفي” وحده، أخرج “قادر” هاتفه وأتصل بـ “مازن” ثم قال كلمة واحدة بعد أن وضع الهاتف على أذنه:-
-حصل
أغلق “مازن” الاتصال بينما يقف فى بهو السرايا وقال بجدية:-
-همي أمال يا ست الكل
خرجت “مُفيدة” من غرفتها مُرتدية عباءة سوداء ملكية تدل على مكانتها وثرائها الفاحش، وتضع حجابها الأسود على رأسها رغم أنها لم ترتدي الحلي والزين مُنذ وفأة “سارة” فقالت:-
-أنا مخابرش مالك مستعجل كدة ليه يا ولدي وواخدني على فين بس؟
أخذ يدها فى ذراعه بحماس وقال:-
-همي يا كبيرة جبل ما الحفلة تخلص ويفوتك منظر ميتكررش مرة تانية

 

لم تفهم حديثه أو سبب رغبته فى إناقتها اليوم ومصاحبته لمكان لا تعرف عنه شيء، أى منظر سيفوتها لكنها كل هذا جعلها تسير فى صمت معه، أخذها فى سيارته إلي حيث السوق وهناك سمعت هتاف الجميع وترحيبهم ب”مصطفي” الذي يسير على قدمه وسط رجاله ووالده “فايق الصديق” بجواره، أشتعلت غضبًا وعينيها تكاد تقتل “مصطفي” وتحرقه الآن خصيصًا ببسمته هكذا بعد أن قتل أبنتها، شعر “مازن” بغضب وحزن والدته فقال بلطف بعد ان أخذ يدها فى يده بحنان وقال:-
-دي البداية يا أمي جوي جلبك أمال دجيجة واحدة، معاوش غير أنك تجوي جلبك دجيجة واحدة وتملي عينك منه
لم تفهم كلمته لكن سرعان ما جاء الجواب عندما أقتحمت سيارة “عاصم الشرقاوي” السوق ليتوقف الجميع عن الهتاف وترجعه للخلف كأنهم تخلوا عن “مصطفي” بحضور الكبير، فتح “قادر” باب السيارة الخلفي ليترجل منه “عاصم” بكبرياء وغرور قاتل، نظر للجميع حوله ثم قال:-
-أنا موافجتش على الإنتخابات
للحظة واحدة بدأ الجميع يرموا من يديهم ملصق الأنتخابات وأبتعدوا أكثر عن “مصطفي” فقال بغضب:-
-محدش طلب موافجتك
ضحك “عاصم” بكبر على هذا الرجل وتقدم نحوه بعد أن أخذ ملصق الأنتخابات من أحد الرجال الذين يوزعوا على الجميع ووقف أمامه بتهكم شديد وقال بنبرة ساخرة هامسًا له:-
-لتكون فاكر أن ممكن تنجح فى الإنتخابات من غير موافجتي، فتح عينك وشوف أنت بتكلم مين أنا عاصم الشرقاوي الكبير يا عيل صغير، اه أنت عيل صغير أفرموا بجزمتي وأوعدك لو طال عمرك للمسا هنجحك فى الإنتخابات

 

أتسعت عيني “مصطفي” على مصراعيها بصدمة ألجمته بعد أن أخبره “عاصم” أنه سيقتله الليلة ويسترد حقه بيديه بطريقة غير مباشرة، هندم “عاصم” وشاح “مصطفي” بسخرية وقال بنبرة مُخيفة:-
-لما تكون جتيل لازم تكون جتيل أنيج وجميل
ألتف “عاصم” كي يغادر وفتح “قادر” باب السيارة وقبل أن يصعد نظر “عاصم” لأحد رجاله الذي يقف وسط رجال “مصطفي” وأشار له بنعم، أخرج الرجل سكين من وشاحه وقبل أن يطعنه ظهرت هذه المرأة تصرخ بأسمه :-
-مصطفي
ألتف “مصطفي” لها بعد أن سمع صوتها وكان وجهها غاضبًا كأنه وصلت لأقصي درجة التحمل وتخليه عنها أفقدها صوابها بعد أن تركها تدفع ثمن جرائمه وحدها، كانت تركض نحوه حافية القدمين وبجسد هزيل وملابسها متسخة بالأتربةوفور وصولها أمامه قال بصدمة:-
-عاصم هملك حية كيف!!
-ربك أطال فى عمري عشان أخد عمرك ويايا
قالتها ومع نهاية كلمتها غرست السكين فى قلبه فى وضوح النهار وأمام الجميع ليسقط جثة هامدة تحت أنظار الجميع، تبسم “عاصم” بفخر بعد أن أخذ ثأره أمام الجميع وفى وضوح الشمس، لكن هناك من كان بلغ أقصي درجات السعادة فكانت “مُفيدة” تبتسم بفرحة عارمة لم تظهر على وجهها مع ولادة “حلا” أو مع خبر حمل “فريدة” فرحة لم تتكمن من الدخول لقلبها ألا مع أخذ حق ابنتها المتوفية لتدرك أن “عاصم” وابنها من أنتقموا إليها دون أن يلوثوا أيديهم بالدم، عادت للسرايا بسعادة وهى تطلق الزعاريط فى كل أرجاء السرايا بسعادة، جاء الجميع على صوت زعاريطها لتقول “حلا” بأندهاش من فرحة “مُفيدة”:-

 

-فى أيه؟
تبسمت “مُفيدة” بسعادة تغمرها وقالت:-
-فرحانة أيه مش من حجي أفرح لما أخد حج بنتي، وهيام، فين هيام؟
ألتفت للخلف لتراها تقف على الدرج مذهولة من فرحة أمها وقالت:-
-جهزي حالك، عاصم من هبابة أتصل بأدهم وهجي بعد المغرب نقرأ الفاتحة لا أنا هخلي عاصم وأخوكي مازن يتفقوا على حفلة الخطوبة الخميس بعد بكرة
لم يفهم أحد ماذا حدث لهذه السيدة حتى أخبرهما “مازن” بموت “مصطفي” وأكد لـ “حلا” أن الفاعلة هى المرأة التى أختطفت ابنها قتلته بعد أن تخلي عنها، أتجه “مازن” إلى حيث غرفة “نهلة” التى لم تسمع بخبر وفأة أخاها بعد وقال بجدية:-
-ممكن أتكلم وياكي كلمتين
نظرت له بصمت ليقول:-
-أنا مكنتش عايز أتجوزك، كيف أتجوز وأنا رجل متجوز وبحب مرتي بكل نفس ليا وكل دجة جلب لكن أهو الظروف كانت أجوي مني، مكنتش بتجاهلك جسوة منك لكن النصيب بجى، أنا جيت أجولك لمي حاجاتك أنا عديت على المأذون وطلجتك جبل ما أجي، العربية برا هتوصلك لدار أهلك
خرجت “نهلة” عن صمتها بقلق شديد ثم قالت:-
-طلجتني!! مصطفي جراله حاجة، أبويا حصله أيه؟ أذيتهم صح

 

-إحنا من مطاريد ولا جتالين جتلة، أنا أختارت سعادة مرتي وفرحة جلبها
قالها بجدية بعد أن وقف من مكانه ليغادر فقالت بحزن:-
-بس أنا ماليش مكان فى بيت أهلي، كيف أرجع أعيش وياهم بعد ما أتخلوا عني ورموني هنا عشان يعيشوا، أنت فاكر أن ممكن اللى أتكسر جوايا يتصلح لا اللى أهلي كسروا هيتحصل ولا اللى أنتوا كسرتوا هتحصل، لا هجدر أعيش خدامة أهنا ولا هجدر أعيش سلعة فى بيت أهلي بيعوها كيف ما يعوزوا
خرج من الغرفة دون أن يعقب ليجد أمه تقف أمام الباب تستمع لحديثهم فقالت:-
-بعد عن طريجي يا مازن
دلفت للغرفة و”مازن” يقف خلفها بقلق مما ستفعله فى هذه الفتاة ألم تأخذ روح القاتل ودفع ثمن جريمته، أعطت حقيبة صغيرة إلى “نهلة” وقالت:-
-دول ربع مليون جنيه وهتلاجي عجد شجة بأسمك جوا، أعتبريهم مؤخرك وحجوجك عند ولدي وتعوضي على إهانتي ليكي وعيشي وحججي أحلامك لكن نصيحة مني متعاوديش لدار أهلك اللى رموكي أهنا ومسألوش فيكي لأنك خسارة فيهم، عارفة أنا أم واللى يجرب لعيالي لأكله بأسناني وأولع فيه حي لكن أنتِ لا عندك ام ولا أب يولعوا فيا على اللى عملتوا فيكي، تبجي خسارة فيهم

 

غادرت وجمعت “نهلة” أغراضها بحيرة وهى تتسائل لما الآن قرروا تركها ترحل؟ أخذها “قادر” بالسيارة إلى حيث الشقة التى أصبحت ملك لها وعينيه لم تفارقها فى المرآة، هدوءها وصمتها يدلوا على أنها لم تعلم بعد بموت أخاها، ترجلت من السيارة فحمل الحقائب لها وصعد إلى الشقة فتحها وأدخل الحقائب ثم أعطاها المفتاح وقبل أن يغادر سمعها تقول:-
-شكرًا
ألتف إليها بذهول فقالت ببسمة خافتة:-
-شكرًا يا جادر
أومأ إليها بنعم ثم قال بحدة:-
-العفو، متنسيش تجفلي الأبواب كويس ربنا يوفجك فى حياتك
غادر بعد كلماته البسيطة وتركها لا تصدق أنها وأخيرًا نالت حريتها والآن لديها الكثير لتفعله فى حياتها وتبدأ من جديد وحتمًا الأيام سترمم ما أفسده العالم بداخلها …..
_________________________________

 

ركضت “هيام” على الدرج بسعادة تغمرها لا تصدق بأن هذا اليوم تحقق فعلًا، كانت ترتدي فستان سماوي اللون مصنوع من التُل بطبقات كثيرورابطة من الستان حول خصرها، وقفت “جاسمين” و”حلا” و”فريدة” معها على الدرج وهى تراقب “أدهم” الجالس هناك فى الصالون مع “عاصم” و”مازن” وقلبها لا يتوقف عن النبض بجنون، لم تتخيلي أن أمنيتها تحققت الآن، ترجلت “مُفيدة” من الأعلي بعباءة زرقاء اللون وترتدي ُحليها وذهبها كأنها عادت للحياة بعد الثأر قالت بفخر:-
-معجول فى عروسة تجف أكدة كيف المخبرين، مستعجلة على أيه بكرة تجولي كنت هانم فى بيت أبويا
ضحكوا الفتيات بسعادة ثم قالت “فريدة” بغرور:-
-ألا طبعا لو بيت أبوكي هو بيت جوزك مهتحسيش بتغير واصل
قاطعها صوت “مازن” الذي صعد الدرجات القليل لأجلهم وقال:-
-جاهزة يا عروسة
هزت رأسها بنعم ليأخذ يدها فى يده ونزل درجة لكنه عاد مُسرعًا إلى زوجته الواقفة وقال:-
-أيه الحلاوة دى بت كيف الجمر، أجري غيري الفستان الحلو دى… أديها عباية من عندك ياما
ضحكوا عليها فقلت “فريدة” بسخرية مُبتسمة:-
-أتفضلي يا ستي
ضحكوا على غيرته التى لم يتنازل عنها لمرة كلما رأها، أخذ “هيام” معه للأسفل لتركض الفتيات خلفهم، ألتف “مازن” بضيق قائلًا:-

 

-رايحين فين أطلعوا على فوجوا
أتاه صوت “عاصم” الذي يحدق بزوجته التي تقف هناك مُرتدية فستان أحمر من قماش قشر السمك اللامع ويظهر أنوثتها يقول:-
-هملهم يا مازن
أخرجت “حلا” لسانها تغيظه وركضت نحو زوجها الذي يدعمها دومًا فى كسر العادات والتقاليد حتى وأن كان يعاني من هذا الأمر لكن بسمتها تكفي لقلبه، جلست بجوار “عاصم” بينما جلست “هيام” على الأريكة الذي يجلس عليها “أدهم” رغم بُعد المسافة وكان يتطلع بوجهها الجميل بخجل من وجود أخاها وابن عمها، لطالما أراد أن يخبرها كم هى جميلة ويتغزل بها فى الحال لكنه خجالًا من فعل ذلك أمام هؤلاء الرجال، تمتم بنبرة خافتة:-
-نقرأ الفاتحة وإن شاء الله كيف ما أتفجنا هي بس تجهز نفسها وفستانها وحاجات البنات دى ونعمل الخطوبة بس معلش أنا لي طلب
نظر الجميع له فقال بلطف:-
-أنا عاوز نعقد مع الخطوبة
صرخ “مازن” برفض قاطع:-
-لا، كتب الكتاب مع الفرح
ضحكت “فريدة” وهى تتذكر أفعاله عندما أصبح زوجها وكيف تجاوز الحدود لطالما كانت حلاله وزوجته أمام الله والجميع، نظر “عاصم” له بهدوء ثم قال:-
-خليهم يعملوا اللى عايزينه يا مازن، كيف ما تحبوا أتفج وي عروستك
-شكرًا

 

ضحك “عاصم” بعفوية وهو يقف مُمسكًا بيد زوجته وقال:-
-لازم تشكرني مفيش رجل صعيدي هيجولك أكدة، بس أنا بجي رجل صعيدي عاشج وخابر زين كيف الحب بيسكن صاحبه، عندك مثلًا هيام اول مرة تتكلم ويايا كان بسبب الحب جدر دا زين وأهم حاجة تحطها جوا نن عينك وتحترم جنانها، صدجني مهما كانت عاجلة الستات لما بيحبوا بتحولوا لمجانين
نكزته “حلا” فى ذراعه بينما نظر “أدهم” إلي “هيام” وقال بلطف:-
-هُيام فى جلبي جبل عينى والله ووعد عليا أصونها وأعززها كيف ما كانت فى داركم وأكتر كمان
أومأ الجميع لهم ثم غادر “أدهم” وبدأ يحتفل أهل المنزل معها ويباركوا لها بسعادة، مر يومين فقد بسبب فرحة “هيام” وأنجزت كل شيء خاص بتحضر حفل الخطوبة وكان الحفل بسيطًا جدًا يكفى لعائلتين داخل السرايا بحضور المأذون وعدد قليل من أصدقاء “أدهم”، جلس المأذون على طاولة زجاجية فى حديقة السرايا ووضع يد “أدهم” فى يد “مازن” وكيلًا للعروس وبعد أن عقد القران ورفع المنديل بدأ “قادر” بطلق النيران مع رجالة كتحية، وقف “عاصم” يراقب فرحة الجميع تمامًا كما أراد أن ينهي الحزن ويقتله من منزله ليعيد السعادة لأهل هذا المنزل التى سلبت منه فى أيام الحزن والوجع، لقد أنتشل الحزن من قلوبهما، ودع الرجال وهكذا “أدهم” وعائلته ثم أتجه للداخل حيث حفلة الفتيات ورحل الجميع بينما وقف فيتات منزله يمرحون مع “هيام” التى أصبحت زوجة مُنذ قليل، وقفت “حلا” جواره وتشبثت بذراعه بسعادة وقالت بهمس لا يسمعه سواه:-
-عصومي
-عايزة أيه؟

 

قالها “عاصم” بجدية بعد أن بدأت تدلله دون سابق أنذار، كان واقفًا بمنتصف البهو يسمع الجميع يبارك لـ “هيام” على عقد قرانها لكنه مشغولًا بحديث هذه الفتاة التى تثيره وتحتل كيانه فهمست إليه بحب قائلة:-
-ما رأيك بسندوتش واحد تشكين برجر وحلقات بصل مُقرمشة؟!
نظر للجميع بخجل ثم عاد بنظره إليها وقال هامسًا إليها بأحراج، خاجلًا من أن يعلم أهل بيته أنه يصنع الطعام من أجل زوجته وقال بهمس:-
-حلا
-ما تقلق كلهم هيناموا فى دقيقتين من التعب
أومأ إليها بنعم قاطعه حديث “مازن” الذي وضع يده حول عنق “فريدة” بعفوية وقال:-
-الحمد لله بجيت فى رجبة حد تاني وخلصت منك، مبجاليش غيرك يا جميل أبيض يا جشطة أنت
نكزته “فريدة” فى خصره بخجل من نصيبها فى حديثه وغزله بها أمام الجميع ووالدته “تحية” واقفة وتبتسم عليه فقالت:-
-أتلم يا مازن
لطالما كانت هذه الكلمة تغيظه منها فصاح بغضب مصطنع:-
-خليكي شاهدة يا حماتي حتى بعد ما بجيت مرتي وأم ابني بتجولي أتلم، أعملها كيف دي
ضحك الجميع عليهما لتبتسم “فريدة” وهمست إليه بخبث:-
-خلاص أتلم بس مش جوي
قهقه ضاحكًا لها ثم قال:-

 

-عجبت لكم يا نساء، حتى أنتوا معارفنيش عايزين أيه ولا فاهمين حالكم هنفهمكم إحنا كيف؟
هز “عاصم” رأسه بنعم كأنه يوافقوا الرأي، رفعت “حلا” حاجبها بغرور مُصطنع ليبتسم إليها بينما ضربت “فريدة” قدم “مازن” بغيظ من كلمته وقالت:-
-والله طب أعمل حسابك تنام عند أمك النهاردة
نظرت “مُفيدة” لها بهدوء وقبل أن تفتعل الشجار معها حملها “مازن” على ذراعيه وقال:-
-عند أمي وجدرتي تجولها أنا هوريكي أنا هنام فين النهاردة، عن أذنكم يا جماعة متخافوش مهضربهاش أنا هفهمها غلطها وأن مفهمتش هطلجها وأتجوز واحدة تاني
ضحكوا عليهم وهو يصعد بها بينما هي لا تكفي عن الصرخ به والتذمر بشأنه، وصل للرواق وهى تصرخ به قائلًا:-
-نزلني يا مازن، أنت بتسجوي عليا أكمني بحبك
سألها بنرة دافئة وعينيه تحدق بعينيها الأثنين بحب وضربات قلبه تطرب صدره:-
-أكمنك أيه…
أجابته بنبرة دافئة وقلبها لا يختلف حاله عن حال قلبه المتراقص فوق ضلوعها الصلبه:-
-بحبك
فتح باب الغرفة بحماس وهو يقول:-
-والله وأنا بموت فيكي أجولك على حاجة هتموتي يا سوسو

 

ضحكت بعفوية على تقليده لـ “محمد هندي” ثم صرخت فرحًا بعد أن أغلق باب الغرفة بقدمه، بدأ الجميع يذهبوا لغرفهم وأتجه “عاصم” إلي المكتب ينهي عمله حتى يحن الوقت ويتأكد بأن الجميع غاصوا فى نومه بسبب كبرياءه حتي يصنع لها ما تريد، صعدت “حلا” للغرفة بدلت ملابسها بعد أن أخذت حمام دافيء وأرتدت قميص نوم من الحرير يصل لركبتها وفوقه روب بنفس اللون الأسود بأكمام من الدانتيل يصل لركبتيها، جلست تجفف شعرها بالمجفف حتى قاطعها صوت بكاء طفلها فوقت من محلها سريعًا وأتجهت إلى سريره الصغير وبدأت تلبي أحتياجات “يوسف” لكنهم كأى أم لأول مرة لا تعرف ماذا يريد ببكائه، أخرذته للمرحاض وبدأت تحممه بالماء الدافيء على بشرته ثم وضعت جسده الضئيل فى المنشفة وقالت:-
-مبسوط؟
ضحك الطفل الذي يبلغ من عمره شهرين بوجه والدته لتضحك بعفوية عليه وبدأت تلبسه ثيابه مع حديثها معه كأنه يفهمها:-
-ما تخيلت للحظة أنى أكون أم لبيبي، أنا حلا مستحيل، بتضحك عل أيه دلوقت بحكيلك حكايتي
ضحك “يوسف” على تعابير وجهها الطفولي الممزوج بالوجه المُضحك فى نبرتها فتابعت “حلا”:-
-هى حكاية تضحك فعلًا لكنها بقيت أفضل بسبب عصومي.. اه عصومي تعرف بجن جنونه إذا قولت عصومي قدام حد، أصل كيف بيكون الكبير ويتقاله عصومي كدة… خلي بالك أنا عايزاك تكون زيه رجل قوي وشجاع حتى لو أتقال عليك وحش كفاية أن أنا بس اللي بكون عارفة قد أيه أنت حنين وطيب…
أصدر الطفل صوت بضحكته كأنه يعارضها فقالت بحزم:-

 

-اه أنا بس.. لتكون فاكر أن ممكن أسيبك لواحدة تحبك وتأخدك مني، لا مستحيل أنت بتاعي أنا وبس ما بتتخيل أنا أستنيتك قد أيه عشان تخرج
شعرت بذراعيه تطوقها من الخلف بدفء شديد بعد أن أستمع لحديثها وقال بعفوية ونبرة دافتة:-
-بس أنا موافج أن واحدة تأخده ما دام هتحبه كيف ما أنتِ بتحبني
ضحكت “حلا” ثم رفعت ذراعيها إلي يده الموجودة حولها تتشبث بهما بدلال ثم قالت:-
-مستحيل حد يحب حد كيف ما أنا بحبك يا عصومي، أصلًا أتحداك لو حد جواه حب بقدر الحب اللى جوايا لك
لم يجيبها بلسانه بل أكتفي بوضع قبلة من شفتيه على عنقها المثير ثم أخذها إلى الطاولة لتتناول الطعامالذي صنعه من أجلها لتبسم “حلا” بحماس شديد من وجوده معها الذي يجعل من كل شيء تريده ممكن فقلت بلطف:-
-شكرًا
رفع حاجبه بغرور شديد ووجه مُتذمر عاقدًا ذراعيه أمام صدره فقالت بقلق:-
-ايه؟
-مش ناسية حاجة
قالها بجدية لتضحك بسعادة ثم أقتربت لتضحك قبلة على وجنته بدلال وقالت:-
-شكرًا… شكرًا …. شكرًا

 

قالتها بلطف وبدأت تكررها مع كل قبلة تضعها على وجهها دون أن تترك أنش لم تقبلها فتبسم بسعادة ثم قال بإمتنان:-
-لازم تشكري طريجة شكرك يا حلا لأنها أول حاجة ربكتني منك وفتح باب جلبي ليك
أتسعت عينيها بأندهاش من هذه الكلمات وقالت:-
بجد! لا أنا لازم أشكرك فعلًا ..
وقف يركض من محله وهى خلفه تصرخ بسعادة وتريد أن تقبله مرة أخرى وتشكره وعمت الغرفة ضحكاتهما حتى أنه تخلي عن هيبته ووقاره لأجل هذه الفتاة التى تسكن بداخله وتجعل منه شخص أخر لا يراه غيره ولم يظهر سوى أمامها، أراد أن يتفادي السرير الأرجوحي الخاص بطفله فسقط على فراشه الكبير وهي فوقه وبدأت تقول بعفوية:-
-شكرًا على حبك!! شكرًا لأنك ملكي وبتاعي! شكرًا لأنك عصومي حبيبي أنا
قالتهما وبين كل شكر كانت تحمل قبلة إليه فتبسم وضمها إليه فأستلقت بجواره بين ذراعيه ليقبل جبينها هو هذه المرة وقال بنبرة دافئة:-
-شكرًا لأنك هربتي من كاليفورنيا لعندي يا حلوتي
أكتفت ببسمة ويديها تحيط خصره بإمتنان لهذا القدر الذي أحضرها للصعيد تحديدًا لهذا الرجل كي تسكن قلبه عوضًا عن بيته…..
_____________________________

 

خرجت “نهلة” من الجامعة مع أصدقئها بعد أن تغيرت حياتها كثيرًا فى هذه الفترة وقد مر على خروجها من منزل “الشرقاوي” أكثر من ستة أشهر ولا تصدق أنها الأن فتاة عشرينية بسنتها الأخيرة مُطلقة لكنها تعافر من أجل النجاح رغم حديث الناس حولها فهم لن يعطوها شيء ولن يفيدوها فى قساوة الأيام كل من يفعله الحديث الذي لا قيمة له، نظرت على الطريق أثناء حديثها لتُدهش عندما رأت “قادر” يقف بسيارته هناك يتطلع بها كالمعتاد فمؤخرًا بعد أنتقلها فكونها زوجة لم يدخل بها فلم يقيدوها عدتها التي لا تملكها، تبسمت بلطف إليه ………

انتهت احداث الرواية نتمنى ان تكون نالت اعجابكم وبأنتظار اراؤكم فى التعليقات وشكر 

لزيارة عالم روايات سكير هوم 

لمتابعة روايات سكيرهوم زوروا قناتنا على التليجرام من هنا

 

تعليقات



×