رواية طلاق بائن الفصل الثالث عشر بقلم ديانا ماريا
الجزء 13
توترت حلا بشدة ونظرت لبسام الذي كان يتكلم مع العامل الآخر ثم لمالك بخوف إلا أن مالك نظر لها بثقة يحثها بعيونه أن تهدأ.
أسرعت لبسام تشده من ذراعه وهي تقول بتوتر: بقولك يا بسام ما تيجي ننزل تحت.
أدار لها وجهه باستغراب: ننزل ليه؟
أظهرت الاشمئزاز على وجهها وهي تقول: على ما يرشوا ويصطادوا الفار ويشوفوا فيه فران تاني ولا لا.
رد بسام بحيرة: بس كدة هنسيب الناس لوحدها؟
عقدت حاجبيها باستنكار: ما إحنا أصلا لازم نسيب الشقة علشان الرش أنت مش شايف الماسك اللي هما لابسينه!
تفحصهم بسام وقال بانزعاج: معاكِ حق.
نظر لهم بسام وقال: هنستناكم تحت لحد ما تخلصوا.
سحبته حلا بسرعة وألقت نظرة أخيرة على مالك قبل أن تهبط فوجدت عيناه تبتسمان لها فأحست بشعور من الاطمئنان يتسرب إليها.
هبطت معه لأسفل تاركة كل الحرية لمالك الذي حين تركوا الشقة ذهب وأغلق الباب بإحكام ثم خلع القناع قائلاً لزميله بصرامة: قدامنا ١٥ دقيقة بالضبط مش عايزين نضيع دقيقة منهم يا كريم فاهم؟
أنزل كريم القناع وغمز مالك بمرح: في دقيقتين كمان يا معلم لو عايز.
بدأوا على الفور في البحث دون تضييع ثانية حريصين ألا يحدثوا أي فوضى تثير الشك، في نفس الوقت كانت حلا تجلس مع بسام في الأسفل بملل لأنها لا تجد شيء تفعله.
كان بسام يلعب بهاتفه فقالت له بعفوية مقصودة: ما تديني تليفونك كدة شوية يا بسام.
توتر بسام وأخفض الهاتف قائلة بابتسامة مصطنعة: ليه يا حبيبتي فيه حاجة؟
عقدت حاجبيها بشك واقتربت وعلى حين غفلة اختطفت الهاتف قائلة بمزاح: إيه مالك لازم يكون فيه حاجة؟ عايزة ألعب شوية.
حدقت للهاتف في يدها واستغربت لأنها تلاحظ لأول مرة أنه ليس هاتف بسام وهي لم تنتبه حين أخذته لتتحدث مع إسراء في وقت سابق.
قالت بتساؤل وهي تحدق إليه: إيه ده يا بسام؟ ده مش تليفونك أنا لسة واخدة بالي.
شحب بسام ولم يعلم بما يجيبها وحاول يفكر في حل سريع فقال بارتباك: اااه ما أنا نسيت أقولك يا حبيبتي ده تليفون واحد صاحبي.
رفعت حلا حاجبها بعدم رضى وقالت بريبة: وتليفونك فين؟
ابتلع ريقه بصعوبة: تليفوني هنج فجأة ومكنش بيفتح، عديت على محل موبايلات وأنا جاي علشان يتصلح وقالي هاخده بعد كام يوم كلمت صاحبي سلفني تليفون معاه زيادة مش بيستعمله.
علمت حلا تلقائياً من ذلك " الصديق" الذي تحدث عنه بسام، بالتأكيد جالا هي من أخذت هاتف بسام حين اكتشفت أنه تعرض للاختراق وأعطته هاتف آخر.
فكرت حلا فجأة بإدراك هل يمكن أن جالا بطريقة ما أعطته هذا الهاتف حتى تعلم ما يدور هنا وتستفيد منه مثلما فعلت هي؟
يجب أن تعلم على الفور وتأخذ حذرها قم قالت لنفسها بمكر وتستغل الفرصة جيداً لصالحها.
لم يعد بسام يتحمل حتى لا تكتشف أن هذا الهاتف لجالا فأخذه منها بضيق: مالك يا حلا إيه الاستغراب في كدة يعني؟
استندت على ظهر الأريكة ورائها وهي تقول باسترخاء: لا عادي أصلك نسيت تقولي طبيعي استغرب لما أشوف تليفون غير تليفون في إيدك ولا إيه؟
أومأ بسام برأسه وعاد ليحدق إلى الهاتف، استرق بزاوية عينه نظرة لحلا التي كانت تركز عيونها عليه فعاد يعبث بالهاتف بلا هدف حتى لا يثير شكوكها.
كان مالك يبحث في كل أرجاء البيت حتى أنه لم يترك أي مكان حتى لو كان صغير وغير مهم، زفر بنفاذ صبر حين لم يجد شيء، وضع يديه في خصره ونظر أمامه لم يتبق غير غرفة النوم وهو لا يعلم هل من الصحيح دخولها أم لا ولكنه يجب عليه إيجاد تلك الأوراق بأي ثمن فخطى إليها ودخلها.
نظر مالك في أرجائها وشعور من الضيق يطبق على صدره، هنا تتشارك حلا مع بسام حياتها لا يعلم لماذا فكر في ذلك الآن ولم يفكر به حين دخل للشقة، حاول أن يطرد ذلك الشعور وتغافل عن الأشياء التي توحي بوجود حلا في الغرفة وهو يبحث بكد عن تلك الأوراق، فتح الخزانة الخاصة ببسام وفتشها بدقة دون أن يعثر على الأوراق، قاوم اليأس الذي يتسرب إليه ورمى الملابس على الأرض باندفاع من الغضب.
لفت نظره في تلك اللحظة زاوية من الخزانة لا تبدو كما مفترض فاقترب ومد يده يتفحصها وجد أن الخشب الموجود في هذا الجزء يتحرك فحاول خلعه بقوة أكبر حتى تحرك من مكانه فنظر مالك بدهشة حين وجد الورق مخبأ في تلك الزاوية، لقد وضعه بسام الورق في مكان أشبه بالمخبأ السري!
أمسكه مالك وفتحه بنفاذ صبر ليتأكد إن كان هو أم لا وابتسامة انتصار عريضة ارتسمت على شفتيه حين تأكد أنه وجد أوراق التنازل أخيرا!
نظر للفوضى حوله ولم يعرف كيف سيتصرف ولكنه بالتأكيد لن يلملم ثياب بسام! لذلك ارتدى القناع مرة أخرى وخرج وهو ينادي على زميله ليخبره بانتهاء مهمتهم.
كانت حلا تنظر للساعة بترقب فهل وجد تلك الأوراق أم لا؟ ثم نظرت لبسام بخوف ماذا أن علم بسام أن مالك يوجد فوق؟
وقفت وهي تقول بعبوس: إزاي إحنا قاعدين لحد دلوقتي مسألناش لو هيشربوا حاجة ولا لا.
رفع بسام بصره لها بتعجب: إحنا لازم نقدم لهم حاجة؟
قالت حلا باستنكار: طبعا أمال يقولوا علينا ناس بخيلة؟ أنا هطلع أسألهم حالا.
صعدت بسرعة دون انتظار رده خوفاً من أن يعرض هو الصعود مع علمها أن بسام لن يفعل ذلك ولكنها توترها حثها على توقع كل شيء.
دلفت للشقة وهي تلتفت حولها بحثاً عن مالك ثم انتفضت مكانها حين وجدته أمامها فجأة.
قالت باستياء: إيه خضتني!
ابتسم مالك بخفة وهو يخفض القناع فقالت بترقب: ها؟ لقيت حاجة؟
نظر لها مالك بصمت لثواني قبل أن يرفع أمام وجهها الأوراق التي في يده قائلاً بثقة: إيه رأيك؟
نظرت حلا للأوراق التي في يده بفرح وارتياح عارم يغمرها، زفرت بشدة وهي تكاد تبكي من السعادة التي تشعر بها، تلك الأوراق التي بها سلبها بسام كل ما تملك أخيرا هي في يدها الآن!
نظرت لمالك بعيون دامعة وقالت بامتنان كبير: شكرا....أنا مش عارفة أقولك إيه غير شكرا بجد!
ابتسم مالك ابتسامة لطيفة: لا شكر على واجب.
عادت قسمات وجهه للجدية متابعاً: إحنا لازم نمشي حالا بس المكان مكركب جوا معرفتش أعمل فيه حاجة.
طمأنته حلا بنبرة واثقة: أنا هلاقي بس لازم تمشي دلوقتي علشان بسام مياخدش باله.
أومأ برأسه وقال لها بينما يعيد ارتداء القناع: أنا هكلم حسام علشان أسلمه الأوراق وهو يتصرف.
هبطت حلا بسرعة تقول لبسام باستهجان: شوفت طلعت لقيتهم خلصوا حتى ملحقتش أقدم لهم حاجة.
نهض بسام بينما يهبط كريم ومالك، تقدم بسام وهو يخرج حافظة نقوده قائلاً بابتسامة: شكرا تعبناكم معانا الحساب كام؟
نظر مالك لكريم بطرف عينه ففهم وتحدث هو لبسام: مفيش شكر يا فندم الحساب وصل مع الآنسة اللي اتفقت معانا.
عقد بسام حاجبيه بشدة ثم أدار وجهه لحلا التي قالت بضحكة: أكيد إسراء اللي حبت تعمل معايا واجب إحنا لازم نشكرها.
في تلك الأثناء كان يحاول مالك طوال وقوفهم سوياً تجنب النظر لعيون بسام حتى لا يكتشف أمره.
هز بسام رأسه وهو يعيد النقود للمحفظة فقال كريم: نستأذن إحنا هنمشي.
استدارا ليغادرا فشعر بسام غامض وغير مفهوم فيما يحدث وفكر وهو يعيد محفظته مكانها، رفع رأسه وحدق بي رييإلى ظهر مالك باهتمام.
تجمدت حلا من الرعب مكانها بينما تسمع بسام يقول: أنت! استنى عندك!