رواية تعافيت بك الجزء الثاني ( كاملة جميع الفصول) بقلم شمس بكري

 


رواية تعافيت بك (2) الفصل الاول

"الفصل الأول"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء التاني"
___________
ما من حياة تطيب...سوى بقرب الحبيب
__________
قد تظن أنك نجوت وفي الحقيقة أنتَ مجرد شخص هُزم عدة مرات حتى اعتاد تلك الحياة...تصور النجاة...سرت في طرقات لم تشبهك و أماكن لم ترحب بك...حتى اعتدت الوقوف في متاهات الحياة دون اكمال ما تريد.
كانت تجلس هي على شاطيء البحر و بجانبها طفلين صغيرين و هي جالسة وسطهما تقوم ببناء القلاع والقصور من الرمال المحيطة للشاطيء، كانت الشمس أوشكت على الرحيل و بدا لونها برتقالي اللون، تنهدت هي بعمقٍ ثم قالت بقيلة حيلة:
"يا خسارة الليل قرب يدخل...كدا هنمشي النهاردة"
تحدث «يزيد» الطفل الجالس بجانبها بحزن مُردفًا:
"ما تخليكم شوية يا خديجة...أنا ممكن أقول لـ ياسين و تقعدوا معانا شوية"
تدخلت «يُمنى» شقيقته تقول بحزن هي الأخرى:
"طب ما احنا بنقعد هنا كتير...اقعدوا معانا أنتو كمان"
ابتسمت لهما ثم قالت بهدوء:
"أنتو بتقعدوا هنا علشان بابا و ماما شغلهم هنا، لكن احنا جايين أجازة، وبعدين قعدنا هنا اسبوع كامل أهو"
أتى «ياسين» من خلفهم ثم قال بهدوء و البسمة العذبة تزين ثغره:
"أنا بلغتهم يا خديجة إن أخرنا النهاردة في الفندق، يعني هنمشي الليلة دي إن شاء الله"
اومأت له وهي مبتسمة إيماءة بسيطة، فقال الصغير بنبرة حانقة:
"برضه هتاخدها و تمشي؟ قولتلكم اقعدوا معانا شوية"
جلس «ياسين» بجانبه ثم قال وهو يحاول وأد ضحكته:
"طب نعمل إيه طيب يا نجم؟ خلاص أسبوع العسل خلص، و بصراحة كدا أنا كل حاجة في القاهرة وحشتني أوي"
تدخلت «يمنى» تقول هي الأخرى بحزن:
"احنا حبينا خديجة أوي، هي الوحيدة اللي ماما خليتنا نصاحبها هنا"
رد عليه هو بلامبالاة:
"طب ما أنا بحب خديجة أنا كمان، ومن ساعة ما جينا هنا و أنتو اللهُ أكبر عليكم مش مفارقنا، يبقى نرجع بقى علشان نشوف دنيتنا هناك"
ردت عليه «خديجة» بحماس:
"وأنا كل الناس في القاهرة وحشوني أوي، و ماما وحشتني أوي يا ياسين"
رد عليها مُعقبًا بحنقٍ:
"نعم يا ختي؟ ماما مين اللي وحشتك؟ مساء الفل يا ست الكل، احنا هنرجع شقتنا، مش شقة ماما، شقتنا ها، فكراها؟"
قلبت عيناها بمللٍ ثم قالت بضيق زائف:
"يادي النيلة عليا و على سنيني، ما خلاص كانت مرة يا عم ياسين، متمسكهاش ليا"
غمز لها بطرف عينه وهو يقول لها بخبثٍ:
"وأنا أقدر أزعلك برضه؟ دا أنتِ الغالية"
أخفضت رأسها في خجلٍ منه، فتحدثت «يمنى» تقول بمشاكسة:
"خلاص بوسها طالما متقدرش تزعلها"
اتسعت مقلتاها باندهاش، أما هو قال بمرحٍ:
"تصدقي أنتِ بتفهمي"
قال جملته ثم اقترب منها يقبل وجنتها، تدرج وجهها بحمرة الخجل منه ومن الأطفال، أما هو قال ببراءة كاذبة:
"يمنى هي اللي قالتلي، يرضيكي أزعل يمنى مني قبل ما نمشي؟"
حاولت كتم ضحكتها لكنها لم تستطع أمام نبرته و طريقته تلك التي تشبه طريقة الأطفال، بينما نظر هو أمامه ثم قال بمرحٍ:
"وروني بقى أنتو بتبنوا إيه من الصبح؟ ما شاء الله عليكم، فَشّلة حتى مراتي معاكم"
وكزته في كتفه ثم قالت بضيق:
"على فكرة أنا مش فشلة، و هما كمان مش فاشلين، احنا بس مش عارفين نقفل الدور الأول"
تحدث هو بفخرٍ مصطنع:
"لأ و محسوبك مهندس، يعني التقفيل دا لعبتي"
ضحكوا عليه ثلاثتهم، بينما شرع هو تكملة ما قاموا هم ببدايته، أكمل هو بناء القلعة بكامل تركيزه، بعدها أمسك كف «خديجة» حتى تقوم بمعاونته، ابتسمت هي بقلة حيلة ثم شرعت في معاونته في وضع النهاية لتلك القلعة، انتهيا سويًا، فـ صفقت هي بكفيها معًا ثم قالت بفرحة تشبه فرحة الأطفال الصغار:
"أيوا كدا، خلصت الحمد لله، نصورها بقى"
رد عليها «يزيد» بقلة حيلة:
"ما هو اللي خلصها، أنا كان ممكن أساعدكم فيه، بس هو علشان ايده كبيرة"
ضحكت عليه «خديجة» و شقيقته، بينما «ياسين» رفع أحد حاجبيه ينظر له بشررٍ يتطاير من عيناه ثم قال:
"يعني إيه ايدي كبيرة؟ هو أنا حرامي قصادك، ما تحسن ملافظك ياض أنتَ، عيل ٦ سنين مطلع عيني من ساعة ما جيت"
رد عليه الصغير بحنقٍ:
"مش ٦ سنين، أنا سبع سنين، وبعدين علشان أنتَ مهندس يعني هتقرقنا؟"
رد عليه «ياسين» بضيق زائف أنهاه بالسخرية:
"آه هقرفك عادي، مش حقي ولا إيه، وبعدين من الصبح وأنتَ عمال تبني و تهد، مشوفتش منك عِشة حتى، مش قلعة"
وقف الصغير يقول بانفعال:
"أنا همشي و هاخد أختي معايا، خليك أنتَ بقى القلعة بتاعتك"
رد عليه «ياسين» باستفزاز:
"و ماله مع السلامة، خليني أقعد مع مراتي شوية"
أومأ له الصغير ثم أمسك كف شقيقته و رحل وهو يضرب الأرض بقدميه، أما «ياسين» ضحك عليهما ثم حرك رأسه نفيًا بيأس، نظرت له «خديجة» بحزن ثم قالت مُردفة:
"ليه كدا يا ياسين، هيزعلوا مننا، هما بيحبونا أوي و بيحبوا يقعدوا معانا"
ضحك هو ضحكة بسيطة ثم قال بهدوء:
"لأ متخافيش، يزيد دا رجولة هو عمل كدا علشان يسيبنا نقعد لوحدنا، و بعدين دا أخر يوم لينا هنا عاوزين نودع دهب بقى يا خديجة"
سألته وهي مبتسمة بهدوء:
"نودع دهب إزاي يعني؟ ناوي تعمل إيه يا ياسين؟"
أمسك كفها يوقفها معه ثم قال بعدما وقفا سويًا:
"هنركب عَجَل يا خديجة، إيه رأيك؟"
قفزت هي ثم قالت بحماس:
"قول والله؟ بجد هنركب عَجَل؟"
ضحك هو على رد فعلها ثم قال بعدما أومأ لها بقوة:
"آه و الله، المهم بتعرفي تركبي عجل؟"
أومأت له بحماس ثم قالت وهي مبتسمة:
"آه بعرف، أخر من كانت من ٦ كدا"
سألها مُستفسرًا بمرحٍ:
"٦ سنين؟ طب والله حلو أوي"
ردت عليه تنفي حديثه:
"لأ، ٦ سنين إيه؟ من ٦ ابتدائي يا ياسين"
اتسعت مقلتاه باندهاش ثم قال بنبرةٍ مندهشة:
"يا نهارك مش فايت؟ ٦ ابتدائي يا خديجة؟"
أومأت له بترددٍ ثم قالت بنبرةٍ مهتزة:
"أيوا...بس والله وليد علمني، أنا مش بنسى خالص"
اضاف مؤكدًا بسخرية:
"آه طبعًا على يدي، بالله عليكِ تسكتي يا خديجة، دا أنتِ نسيتي شقتنا، مش هتنسي ركوب العَجل؟ على العموم يلا علشان نلحق قبل نص الليل"
احتضنه هي بحب ثم قالت:
"شكرًا يا ياسين"
ربت هو على ظهرها وهو يضحك ثم أضاف قائلًا بقيلة حيلة:
" برضه مفيش فايدة، من العفو يا خديجة"
_____________
في بيت آلـ «الرشيد» كانت العائلة بأجمعها مجتمعة في شقة «محمود» خرج الطبيب من غرفة «فاطمة» يقول متأسفًا:
"للأسف عندها جلطة في القلب، بس مفيش داعي تتنقل للمستشفى، الأجهزة و الامكانيات اللي هنا هي هي اللي هناك، وأنا هسيب معاها ممرضة كمان علشان تخلي بالها منها، بس ياريت الأدوية تكون بانتظام"
بكت النساء و ارتمت «هدى» بين ذراعي «وئام» الذي ربت على رأسها بأسى حتى يؤازرها في محنتها تلك، أما «هدير» فارتمت بين ذراعي «زينب» التي كانت تبكي هي الأخرى، نظر الطبيب لهم بحزن ثم قال:
"للأسف وضعها صعب، ياريت تراعوا حالتها الصحية و النفسية أهم"
وقف «وليد» مقابلًا له ثم قال مستفسرًا:
"معلش يا دكتور بس علشان أطمن، ينفع أوديها المستشفى؟ لو دا أضمن ليها يعني؟"
وقفت «هدير» هي الأخرى تقول ببكاء:
"ياريت يا دكتور، أهم حاجة إنها ترجع تاني زي الأول"
نظر هو لهم ثم قال بنبرة متعاطفة:
"صدقيني والله ملوش لازمة، الأجهزة اللي هنا هي اللي هناك، و كمان ممكن حالتها النفسية تتدهور أكتر من قعدة المستشفى"
أومأ له الجميع فتركهم هو و انسحب من الشقة بهدوء، بينما «محمود» دخل الغرفة مرةً أُخرى ينظر لها بأسى و حزن دفين مرسوم على ملامح وجهه بوضوح للعيان، وقف بجوار الفراش يطالعها بأعين دامعة، نظر لها مُتفحصًا وجد ملامحها باهتة و كأنها في تعداد الموتى، وضع يده على رأسها بعدما ضغط على جفينه بشدة ثم قال بنبرةٍ حزينة تحمل الوجع بين ثناياها:
"والله ما عارف يا فاطمة أعمل إيه؟ لا قادر أنسى ظلمك للناس ولا قادر أقف ساكت كدا وأنا شايف المرض عامل فيكِ كدا"
أنهى حديثه ثم رفع رأسه يتضرع بقلبه قبل لسانه، بعدها ربت هو على كفها المنتفخ إثر الإبرة الطبية الموضوعة به، تنهد هو بأسى ثم خرج من الغرفة وهو ينظر على حركة نبضات قلبها على الجهاز.
خرج من الغرفة وجد «هدير» قابعة بين ذراعي «زينب» و «هدى» بين ذراعي «جميلة»، نظرت «زينب» لهن ثم قالت لابنتها:
"خلود يلا خدي البنات علشان ياكلوا، و خلي بالك من هدى علشان أكلها و العلاج"
ردت عليها «هدير» بحزن:
"لأ مش عاوزة حاجة..مليش نفس أصلًا"
تدخلت «مروة» تقول بهدوء:
"مينفعش يا هدير، لازم تاكلوا علشان تقدروا تقفوا معاها، و علشان أختك و اللي في بطنها، هتهبط مننا"
تحدث «مرتضى» يضيف هو الأخر:
"يلا يا خلود خدي البنات معاكِ، و أنتِ يا هدير أسمعي الكلام، يلا يا هدى أنتِ كمان"
أومأت له «خلود» ثم قالت بهدوء:
"جميلة تعالي معايا علشان نجهز الحاجة، عبلة فوق زمانها خلصت"
أومأت لها «جميلة» ثم امسكت ذراع «هدى» تساندها حتى تستطع الخروج من الشقة، و كذلك فعلن الفيتات خلفها، و قاموا بامساك «هدير» هي الأخرى، نظر «طارق» في اثرهن بحزن ثم قال بهدوء:
"هي إيه الحكاية؟ أنا بصيت عليها لقيتها مفيهاش نفس حتى"
أشار له «وليد» و كأنه يطلب من الهدوء، أما «محمود» قال بحزن:
"عضلة القلب متضخمة، مع الجلطة قلبها مش مستحمل كل دا"
تدخلت «سهير» تقول بلهفة:
"طب ما نوديها مستشفى يا أبو هدى، ليه تفضل في البيت كدا؟"
رد عليها «طارق» بهدوء:
"زي ما الدكتور قال يا ماما..الأجهزة اللي هنا هي اللي هناك بالظبط، و بصراحة جو المستشفيات دا متعب أوي"
تدخل «وليد» يقول بهدوء:
"طب معلش يا جماعة أنا عاوز زينب لوحدها تدخل معايا ليها"
نظر له الجميع باندهاش، فأضاف هو مؤكدًا:
"زي ما سمعتوا كدا، تعالي معايا بس"
أومأت له ثم نظرت لزوجها الذي جلس دون أن يتفوه بِـحرفًا واحدًا، لكن عند نظر زوجته له نظر لها هو الأخر ثم أومأ لها موافقًا، تنهدت هي بقلة حيلة ثم دخلت مع «وليد»، وقف «وليد» يطالع كلتاهما ثم اخرج ذراعيه من جيبي سترته ثم قال بهدوء:
"أنا عارف إنك مستغربة أنا جبتك هنا ليه، بس أنا عارف إنك مش قادرة تسامحي فاطمة علشان غلطها كان كبير، بس دلوقتي فاطمة مفيهاش نفس حتى، بعد بناتها عنها كسرها، و رفضهم وجودها في حياتهم جبلها جلطة، علشان كدا عاوزك تطلعي أجدع منها و تسامحيها"
ابتسمت «زينب» بسخرية ثم قالت بنبرةٍ موجوعة:
"عارف يا وليد؟...طول عمري عيشت معاهم هنا وأنا عيني مسكورة، مشيرة عملت البِدع علشان تخرب بيتي، لما كنت بقعد أفكر، ساعات كنت بقول معاها حق الخيانة وحشة برضه، وهي وثقت فيا...بس برضه كنت برجع و أقول غلطها كبير، وسط كل دا كنت بدور على دليل واحد يثبت براءتي، فاطمة هي الوحيدة اللي كانت ممكن تبرأني و تقول إن أنا مش ليا علاقة باللي وصل لـ حسان، لكن إزاي بقى؟ فاطمة فرحت فيا و فـ بنتي، أنا دلوقتي حقي رجعلي و مش شمتانة، بس على الأقل أنا فرحانة أني مش زيهم، واحدة غيري كانت خربت الدنيا على دماغهم، بس أنا مش كدا، الحمد لله ربنا عوضني و فرح قلبي ببنتي، و أبوها و عرف غلطه و كل يوم ينام في أوضتها يعيط على فراقها، الحمد لله على كل حال، علشان كدا أنا مسامحة يا وليد، مهما كان دي واحدة برضه مريضة و ربنا يتولاها برحمته"
استمعت «فاطمة» لـ حديث «زينب» وهي تبكي بقوة و تحاول استنشاق الهواء من أسفل القناع الطبي الموضوع على وجهها، نظر «وليد» لها فعلم من رزاز الهواء في القناع أنها تبكي، اقترب منها يقول بهدوء:
"بطلي عياط، بالراحة على نفسك علشان قلبك مش مستحمل"
ردت عليه هي بانهاك واضح في صوتها بعدما انزلت القناع الطبي من على وجهها:
"شكـ... شكرًا... يا وليد، شكرًا...يا..زينب"
ردت عليها «زينب» ببكاء:
"مش عاوزة منك شكر يا فاطمة، ربنا يتمم شفاكِ على خير"
اقترب منها «وليد» ثم وضع القناع مرةً أُخرى بعدما مسح دموعها بأنامله، ثم ربت على رأسها بهدوء.
وقفت «زينب» بجانبه تطالعها بحزن هي الأخرى فوجدته يضع ذراعه على كتفها ثم قال بنبرةٍ هامسة:
"على فكرة بقى أنا بحبك يا زوزو"
ابتسمت له من بين دموعها ثم قالت بهدوء:
"وأنا كمان بحبك...مش أنتَ ابني الكبير برضه؟"
أومأ لها ثم نظر لـ «فاطمة» وجدها نائمة و جفونها مغلقة و كأنها بذلك تعلن هزيمتها أمام سلطة المرض عليها، فاقترب منها يقوم بضبط مجرى المحلول الطبي، ثم خرج من الغرفة و «زينب» تتبعه للخارج.
نظر لهما الجميع في الخارج فقال هو بهدوء:
"زينب سامحتها يا عمي، لو فيه حد تاني ليه مظلمة عندها عرفني"
رفع «محمود» أعينه الباكية ثم قال بحزن:
"كتر خيرك يا أم خديجة، ربنا يجبر بخاطرك ويفرح قلبك"
ردت عليه هي بهدوء و بنبرةٍ مختنقة إثر مشاعرها المختلطة:
"متقولش كدا يا أبو هدى، ربنا يتمم شفاها على خير يا رب"
تدخل «طه» يقول بهدوء:
"شوف مشيرة يا وليد علشان تسامح هي كمان، و شوف جميلة، و شوف هدير، دول زيهم زي زينب و خديجة"
أضاف «مرتضى» بهدوء هو الأخر:
"طه بيتكلم صح، شوف الباقيين يا وليد"
تدخل «طارق» يقول بنبرة قوية:
"هدير و جميلة مش هيقدروا يقفوا قصادها وهي كدا، و مشيرة محدش يجيبها غير لما نتأكد إنها مش هتضايقها"
رد عليه «وليد» بسخرية:
"و دي تيجي برضه؟ مشيرة لو محدفتش جرعة سم كدا متبقاش مشيرة، بس أنا عارف هظبطها إزاي"
_______________
في دهب وقف «ياسين» بجانب الدراجة وهو يقول بهدوء ساخر:
"ركزي يا ختي يا أم ٦ ابتدائي، مش عاوزين الناس تضحك علينا"
نظرت له بضيق ثم قالت بنبرةٍ حانقة:
"يوه بقى !! خلاص يا ياسين والله بعرف و بعدين ركوبها مش صعب يعني"
أومأ لها موافقًا ثم قال:
"طيب يا خديجة، لما نشوف هتعملي إيه، بس لو وقعتي مليش دعوة، علشان الثقة الزايدة دي"
اقتربت منه ترفع رأسها بفخرٍ وهي تقول بنبرةٍ متعالية:
"هتشوف بنفسك يا ياسين"
أومأ لها بثقة هو الأخر ثم قال بسخرية:
"وماله يا ست الكل نشوف"
بعد قليل ركب «ياسين» دراجته و هي خلفه بدراجاتها، سار «ياسين» في الطريق قليلًا وهي خلفه تحاول ملاحقته، لكن الدراجة كانت تترنح بها في الطريق، نظر هو خلفه فوجدها تحاول جاهدة السير بالدراجة مثله، و فجأة وجد الدراجة تلتف بها جهة اليسار مما أدى إلى سقوطها في الطريق، فالتفت هو بدراجته ثم اقترب منها يوقفها وهو يقول بلهفة:
"خديجة أنتِ كويسة؟ حصلك حاجة طيب؟"
حركت رأسها نفيًا وهي تقول بنبرةٍ خجولة:
"أنا...أنا كويسة يا ياسين، هي الخَضة بس"
نظر هو لملامحها الخَجلة و لم يستطع تمالك نفسه من الضحك، فسقط بجانبها وهو يضحك عليها بشدة، نظرت هي له بضيق ثم ضربته بيدها في كتفه وهي تقول:
"دا أنتَ رخم والله، بدل ما تسندني بتضحك عليا؟ على فكرة بقى كنت بعرف أسوق العجل، بس مش عارفة إيه اللي حصل"
اعتدل هو في جلسته ثم قال وهو يحاول كتم ضحكته:
"أنا رخم فعلًا معاكِ حق، بس برضه أنتِ عندك ثقة زيادة معرفش إيه مصدرها، علشان كدا قومي اركبي معايا العجلة، و أنا هعلمك"
رفعت رأسها بشموخ وهي تقول بنبرةٍ لا تقبل النقاش:
"مستحيل، أنا لا يمكن أركب معاك العجلة ولا يمكن أعتمد على حد غيري"
رفع حاجبه ينظر لها متعجبًا، ثم بعدها وقف يهندم ملابسه وهو يقول بلامبالاة:
"أنتِ حرة بقى، خليكِ كدا وأنا هركب العجلة....فكري هتيجي معايا ولا لأ؟"
ردت عليه بحنقٍ:
"مــسـتـحـيـل...قولت لأ يعني لأ"
حرك كتفيه ببساطة ثم ركب الدراجة وهي تنظر له بضيق و وجه ممتعض.
بعد قليل، كان «ياسين» راكبًا دراجته وهو يبتسم باتساع، حرك رأسه للخلف وهو يقول بنبرة ساخرة:
"ما كان من الأول، عملتي فيها خديجة مباديء و أخرتك أهو راكبة ورايا و ماسكة فيا"
ردت عليه هي بانفعال:
"علشان أنتَ مستفز يا ياسين، شرطت عليا أركب وراك علشان تعلمني أسوق العجلة"
نظر أمامه وهو يقول بلامبالاة:
"هو كدا، أنا راجل استغلالي و انتهازي"
ابتسمت هي رغمًا عنها ثم شددت من تمسكها به، أما هو فحرك رأسه بيأس تزامنًا مع بسمة هادئة تزين ثغره، بعد قليل أوقف هو الدراجة بعدما عاد بها إلى بداية الطريق ثم قال بهدوء:
"أنزلي بقى علشان أعلمك تركبي العجلة، أنا صحيح انتهازي بس كلمتي واحدة"
نزلت هي من خلفه وهي تبتسم على حديثه، و فعل المثل هو الأخر، بعدها اسند الدراجة بجانب الرصيف ثم قال بهدوء:
"تعالي اركبي الأول بالسنادات، بعد كدا واحدة واحدة هعلمك تركبيها عادي"
أومأت له بحماس ثم ركبت الدراجة، فقام هو بتحريكها في متتصف الطريق ثم قال بهدوء:
"عينك على الطريق...إيدك على الجادون....رجلك على البدال يا خديجة"
أومأت له ثم قالت بتوتر:
"كل الحواس دي لو اشتغلت مع بعض عندي ههنج يا ياسين"
ضحك هو على كلمتها ثم قال:
"لأ مش هتهنجي ولا حاجة، ركزي أنتِ بس"
أومأت له ثم نظرت أمامها، فعلت كما طلب منها و بعد مرور دقيقة وجدته يبتعد عنها وهي تقود الدراجة بمفردها، اتسعت ضحكتها أكثر ثم رفعت سرعة الدراجة، نظر هو في أثرها بتعجب تبعها و تبع سيرها"
أما هي نظرت خلفها تنظر له فوجدته يشير لها بإصبعيه معًا و كأنه يقول لها كل شيء على ما يرام، أومأت له ثم التفتت بالدراجة مرة أخرى تسير بإتجاهه، نظر لها هو بتعجب فوجدها تقول بهدوء وهي مبتسمة:
"علشان تعرف أني بعرف أسوقها، أنا بس كنت محتاجة شوية ثقة علشان أعرف اتحرك، و أنتَ لما سندتتي و علمتني عرفت اتعامل بعد كدا"
نظر لها بشكٍ ثم قال بعدما ضيق جفنيه:
"تقصدي إيه بكلامك دا؟ بتشتغليني يعني؟"
حركت رأسها نفيًا تزامنًا مع تفوهها:
"اطلاقًا، كل الحكاية بس إن لما أنتَ علمتني و وثقت فيا أنا عرفت أمشي بيها لوحدي، الغرض هنا إنك تفضل علطول واثق فيا و أنا هبهرك إن شاء الله"
اقتورب منها أكثر و كانت الدراجة في تلك اللحظة حائل بينهما، فقال هو بهدوء و بحبٍ:
"و أنا عيني لكِ العمر كله، طول ما أنتِ موجودة معايا أي حاجة تعوزيها ربنا يقدرني و أجبهالك"
نظرت هي حولها ثم قالت بقلة حيلة:
"الليل دخل خلاص يعني هنمشي من هنا، يلا علشان نلحق"
أومأ لها ثم أمسك الدراجة حتى تنزل هي من عليها، أما هي فسألته بحذرٍ:
"هو...هو أنتَ زعلان علشان هنمشي من هنا؟"
أمسك الدراجة يسير بها ثم قال بهدوء وهي تسير بجانبه:
"لأ مش زعلان عادي يعني، و بعدين المكان حلو علشان أنتِ فيه، يعني لو أنا فـ أجمل مكان في الدنيا من غيرك مش هيبقى ليه أي جمال في عيني، الفكرة مش في المكان قد ما هي في الونس"
ابتسمت هي باتساع ثم سألته بنبرة غير مصدقة:
"بجد؟ يعني أنتَ مش زعلان علشان هنمشي، يا عم دا أنا قولت هتزعل حبة حلوين، طمنتني الله يطمنك يا نجم"
ضحك هو عليها ثم قال بنبرةٍ متعجبة:
"أنا كل يوم بتفاجيء بيكِ والله، بنبهر كل يوم بعفويتك، بس بصراحة كدا كدا تتحبي في أي حال"
نظرت له وهي مبتسمة ثم قالت:
"والله بأحرج بقى، كدا كتير عليا يا أستاذ"
حرك هو رأسه نفيًا ثم قال:
"إحنا في الخدمة يا ستي، المهم بكرة احنا معزومين عند ميمي، العزومة برعاية عامر فهمي"
اتسعت بسمتها أكثر ثم قالت:
"تصدق وحشوني أوي بجد، و ميمي كمان حضنها وحشني"
نظر لها بخبثٍ وهو يقول:
"و ليه يوحشك حضن ميمي، العبد لله موجود برضه"
نظرت له بضيق وهي تقول بنبرةٍ قوية ولكنها كانت زائفة:
"بس بقى عيب كدا، و بعدين أنا بقول ميمي، أنتَ ميمي؟"
اقترب منها يقول هامسًا:
"لأ أنا مش ميمي، بس تبع ميمي، وعلى رأي الهضبة أي حاجة تيجي من ريحة الحبايب"
ضحكت هي عليه بقوة، فوجدته يضحك هو الأخر، بعدها تنهد بعمقٍ ثم قال:
العشا أذنت، يدوبك نجهز نفسنا علشان نلحق نمشي"
أومأت له ثم قالت بترددٍ:
"طب هو أنا ينفع أطلب منك طلب؟"
رد عليها مؤكدًا:
"آه طبعًا ومن غير اذن كمان"
ابتسمت له وهي تقول بنبرةٍ شبه متوسلة:
"ينفع تصلي بينا العشا قبل ما نمشي؟ أنا بطمن أوي لما بسمع القرآن بصوتك يا ياسين، بحس بالراحة لما أصلي وراك"
شعر بارتفاع نبضات قلبه نتيجة الفرحة من حديثها، أما هي فنظرت له بحذرٍ حينما طال صمته، فوجدته يبتسم هو الأخر ثم قال بحب:
"حاضر يا خديجة، و على فكرة طلبك دا مفرحني أوي، ربنا يكرمنا و يزيدنا قرب منه"
ابتسمت هي الأخرى له ثم قالت بحماس:
"طب يلا بسرعة علشان نلحق نصلي"
أومأ لها ثم سار معها و لكن تلك المرة بخطوات أسرع، و بعد السير و الذهاب نحو غرفتهما، دخل هو أولًا و هي خلفه، توضأ و فعلت هي المثل، و بعد قليل وقف هو و هي خلفه بدأ هو الصلاة ثم شرع في ترتيل القرآن الكريم، أنهى الصلاة ثم التفت ينظر لها وهو مبتسمًا فوجدها كعادتها في الأيام السابقة تنظر له بأعين مغرورقة بالدموع مد أنامله يكفكف دموعها ثم أمسك كفها و هو يقوك بالتسبيح على عُقلات أصابعها حتى يقتسما الاجر والثواب سويًا، أنهى التسبيح ثم قال بهدوء:
"اقرأي آية الكرسي بعد الصلاة زي ما قولتلك قبل كدا"
أومأت له ثم قرأتها هي بهدوء، انتهت من ترتيلها ثم قالت مستفسرة بهدوء:
"ليه يا ياسين بنقرأ آية الكرسي بعد الصلاة؟ أنا ببقى عاوزة أسألك بس بتحرج"
ابتسم لها ثم قال بهدوء:
"المفروض متتحرجيش مني، و على العموم يا ستي أي حاجة تحتاجي إجابة ليها أنا تحت أمرك"
ابتسمت هي ثم قالت من جديد:
"طب ليه بقى عرفني"
أومأ لها ثم قال مبتسمًا:
"قال أبي أُمامة في فضل قراءة أية الكرسي بعد الصلاة المفروضة أن الرسول عليه الصلاة وسلام قال:
“مَنْ قرأَ آيةً الكُرسِيِّ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ ، لمْ يمنعْهُ من دُخُولِ الجنةَ إلَّا أنْ يمُوتَ”.
و ايضا قال الرسول عليه الصلاة والسلام لأبي هريرة:
“إذا أويتَ إلى فراشِك فاقرأْ آيةَ الكرسيِّ، لن يزال معك من الله حافظٌ، ولا يقربك شيطانٌ حتى تصبحَ”
يعني لما تقرأيها بعد الصلاة بيبقى الفرق بينك و بين الجنة هو الموت بس، و قبل نومك علشان الشيطان ميقربش منك، و تفضلي في رعاية الله و حفظه"
أومأت له قالت بهدوء:
"شكرًا علشان بتقولي الحاجات اللي المفروض أكون عرفاها"
وضع يده على رأسها ثم قال بهدوء:
"دا واجب عليا، بما أني جوزك و شريك حياتك يعني مطلوب مني أوضح اللي أنتِ مش فهماه، و نعدل خطواتنا سوا، و دا اللي المفروض أي انسان طبيعي يعمله، علشان احنا بشر مش أجهزة آلية"
اقتربت منه ثم طبعت قبلة على رأسه، فنظر هو لها بخبثٍ وهو يقول حتى يذكرها بقولها السابق له:
"بتبوسي راسي ليه يا خديجة، هو أنا أبوكي؟"
وضعت كفيها على رأسها وهي تقول بضيق زائف:
"ياربي منك يا ياسين، ألطم منك؟ هو أنتَ مبتنساش خالص"
احتضنها وهو يضحك بشدة ثم قال من بين ضحكاته:
"خلاص والله بهزر معاكِ، قلبك أبيض بقى"
ضحكت هي الأخرى ثم احتضنته وهي تتنهد بعمقٍ، أما هو فربت عليها ثم قال بحب:
"ربنا يباركلي فيكِ، و يجعلني زوج صالح يستاهلك يا خديجة".
______________
في بيت آلـ «الرشيد» تحديدًا في شقة «طه» جلست «خلود» على طاولة الطعام، و الفتيات حولها، أمسكت «جميلة» ملعقه ممتلئة بالطعام ثم مدتها أمام فم «هدى» وهي تقول بنبرةٍ شبه متوسلة:
"بالله عليكِ يا هدى، كلي علشان اللي في بطنك، حرام عليكِ تشيلي ذنب الروح دي"
حركت رأسها نفيًا ثم قالت بنبرةٍ منهكة:
"والله مش قادرة يا جميلة، أنا قلقانة عليها، و طول ما أنا قلقانة مش هقدر آكل أي حاجة"
تدخلت «هدير» تقول برجاء:
"يا بنتي كلي بقى، أنتِ مصممة تفضلي هنا في بيت العيلة، يبقى تاكلي علشان متتعبيش حد منهم معاكِ"
في تلك اللحظة طُرق باب الشقة بواسطة «وئام» و معه «وليد»، فتحت لهما «خلود» وهي تقول بارتياح:
"الحمد لله وئام طلع أهوه، يبقى يأكلك هو بقى، علشان أنتِ مش عاوزة تاكلي"
أومأ لها ثم اقترب من زوجته وهو يقول بهدوء:
"لو أنتِ فاكرة قلة الأكل هتساعدها تبقي غلطانة، ولو فاكرة إن بطريقتك دي هي هتقوم تبقي برضه غلطانة، علشان خاطري أنا كُلي"
بكت هي ثم قالت من بين شهقاتها:
"والله صعب عليا، دي أمي برضه، أنا السبب في اللي هي فيه، كلمتني كتير و أنا مرديتش عليها، مش قادرة أبطل أحس بالذنب"
جلس على ركبتيه أمامها ثم قال بهدوء بعدما مد أنامله يكفكف دموعها:
"لو عاوزة تبطلي تحسي بالذنب يبقى تاكلي علشان اللي في بطنك، و علشان تعرفي تقفي معاها و تساعديها، قلة الأكل مش هتحل حاجة، بالله عليكِ أسمعي كلامي و كلي"
أومأت له بدموع ثم ابتلعت الطعام بعدما قدمه هو لها بيده، فتحدث «وليد» ساخرًا:
"ولازمته إيه الحوار دا كله يا هدى؟ ما كنتِ قولتي إنك عاوزة أبو العيال يأكلك بـ إيده"
ضحك الجميع على حديثه حتى «وئام»، فاقترب هو منها ثم قال بمرحٍ:
"أنتِ بتاكلي من ايد عبلة و في شقة زينب و قاعدة على كرسي خديجة و وئام بيأكلك بإيده، يعني كل اللي أنتِ فيه دا بتاعي أنا، بس يلا هسامحك علشان أنتِ غلبانة و على وش ولادة"
مسحت دموعها ثم قالت له بضيق وهي تَصر على أسنانها:
"هو أنا مش قولتلك طول حملي مشوفش وشك؟ هو أنا ناقصني شلل علشان ابني يطلع زيك؟"
رفع هو حاجبه ينظر لها بتمعن ثم قال بهدوء:
"وماله لما يبقى زيي، أنتِ تطولي يبقى ابنك زيي، مش أحسن ما يطلع لهدير"
ردت عليه «هدير» بضيق و بنبرةٍ شبه منفعلة:
"ومالها هدير يا وليد؟ ما تسبني في حالي بقى"
اعتدل في وقفته ثم قال بهدوء:
"لأ أبدًا دا كان اختبار لثباتك الانفعالي و الحمد لله نجحتي فيه"
ابتسمت هي رغمًا عنها ثم قالت بقلة حيلة:
"مفيش فايدة، عمره ما هينسى"
راقص حاجبيه لها أما هي ابتسمت باتساع تزامنًا مع تحريك رأسها بيأس منه، أما «جميلة» فنظرت لهاتفها في يدها بعدما أصدر هزة بسيطة نتيجة رسالة نصية وصلتها من «طارق»، نظرت حولها قبل أن تفتح الرسالة، فوجدت «وليد» يضيف بخبثٍ:
"مش محتاجة تستأذني، اطلعي علشان طارق مستنيكي فوق"
اتسعت مقلتاها باندهاش ثم نظرت له، فوجدته يومأ لها مؤكدًا، نظرت للأسفل بخجلٍ، فوجدت «خلود» تقول بخبثٍ هي الأخرى:
"لأ اطلعي أنتِ هتقعدي هنا ولا إيه؟ الواد عاش عمره كله مستني، حرام عليكِ"
نظر لها «وئام» بشفقة ثم قال:
"أطلعي يا بنتي، دول ما بيصدقوا يمسكوا فـ حد يتسلوا عليه"
أومأت هي بهدوء ثم ربتت على كتف «هدى» وهي تقول بهدوء:
"خلي بالك من نفسك علشان البيبي، و ياريت تبطلي زعل علشانك برضه"
أومأت لها «هدى» بهدوء وهي تجبر شفتيها على التبسم، اما «جميلة» انسحبت من امام الجميع، وبعد خروجها من الشقة تحدثت «هدير» تقول بنبرةٍ غير مصدقة:
"أنا بجد مش مصدقة إن دي بنت مشيرة؟ والله دي معجزة"
أومأ لها «وليد» ثم قال بسخرية:
"طبعًا أنتِ أدرى بتربية مشيرة، ماشاء الله عليها ماشية توزع اضطرابات نفسية على العيلة كلها"
وافقته «هدير» في الحديث ثم أضافت قائلة:
"معاك حق والله، ضيعت أجمل سنين حياتي غلط بسبب تعليمها ليا، و لسه لحد دلوقتي بغلط و مش عارفة أعيش صح"
رد عليها «وئام» بهدوء:
"الحمد لله لحد كدا يا هدير، و أنتِ قولتي إنك بتحاولي صح؟"
أومأت له ثم قالت بحزن:
"رغم إنه صعب عليا بس بحاول والله، و لسه لما دكتورة هناء دي ترجع أنا هروحلها علشان أقدر أمشي صح"
نظر «وليد» في ساعة يده ثم قال:
"طب أنا هطلع أرتاح شوية، و محدش يقول لخديجة على اللي حصل علشان متتخضش"
أومأت له «خلود» ثم قالت:
"هي كلمتني الصبح و قالتلي إنها راجعة بليل، بس لما طنط فاطمة تعبت أنا مكلمتهاش تاني قولت أكيد هتحتاج تحضر نفسها، بس لما أكلمها مش هقولها حاجة".
قال جملته ثم رحل، قابله اثناء خروجه من الشقة «أحمد»، نظر له «وليد» مستفسرًا بعدما قطب جبينه:
"أنتَ كنت فين كل دا؟"
نظر له «أحمد» متعجبًا ثم قال:
"هو مش انتو التلاتة طلعتوا تجروا و سبتوني أنا و حسن لوحدنا؟ و مش كان المفروض فيه ناس بتتفق على تصميمات جديدة؟ كنت بخلص معاهم"
ربت «وليد» على كتفه وهو يقول معتذرًا:
"معلش نسيت والله، مخي مليان حاجات كتير، المهم أنا طالع أرتاح شوية، بكرة الجمعة و محدش فينا هيصحى بدري"
أومأ له «أحمد» ثم قال بهدوء:
"ربنا يعينكم، وأنا كمان هرتاح شوية، علشان نصحى نصلي الفجر"
________________
في شقة «محمد» تحديدًا في غرفة «طارق» دخلت هي بهدوء الغرفة بعدما سمح لها بالدخول، نظرت له بهدوء وهي تقول معتذرة:
"معلش أنا متأسفة والله، كنت عند خلود علشان هدى تعبانة، و معرفتش أرد عليك"
أومأ لها ثم قال ببساطة بعدما ابتسم لها:
"مفيش أي مشاكل، أنا بس كنت بطمن عليكِ، المهم أنتِ إيه اخبارك؟"
حركت كتفيها ببساطة ثم قالت:
"الحمد لله كويسة أوي، أحسن من الأول بكتير بصراحة"
نظر هو لها بشكٍ وهو يقول:
"بجد يا جميلة؟ يعني أنتِ كويسة؟"
تنهدت هي بعمقٍ ثم قالت:
"يمكن اللي بيحصل دا غريب عليا، و يمكن مستغربة رد فعل العيلة، و بصراحة عقلي بدأ يحط أعذار لمشيرة"
سألها هو بهدوء مستفسرًا:
"إزاي مش فاهمك؟ قصدك إيه؟"
تنهدت هي بعمقٍ ثم قالت:
"يعني أنا كنت رافضة أفعال مشيرة علشان كنت شايفاها غلطانة، بس برضه فيه غيرها ذنبه أكبر، وبعدين عياط هدير و هدى على مامتهم خلاني أحس بمشاعر غريبة أوي، بس برضه مش بالساهل كدا، أنا هسيبها علشان تحس بوجع غيرها و دا كدا عدل بالنسبة ليا"
سألها «طارق» بحذرٍ بعد حديثها:
"يعني أنتِ سامحتي عمتي مشيرة خلاص"
حركت كتفيها بقلة حيلة تزامنًا مع قولها:
"هعمل إيه يعني في النهاية هي أمي، يعني مقدرش أقسي قلبي عليها، مش دا القرآن اللي أنا حفظاه ولا دي أخلاقي اللي اتربيت عليها"
ابتسم هو باتساع ثم قال بحب:
"والله أنا فخور بيكِ أوي، كل يوم بتكبري في نظري أكتر، أنتِ جميلة يا جميلة"
أخفضت رأسها في خجل بعد كلماته لها، فقال هو بهدوء:
"طب يلا نطلع علشان العشا جاهز، ولا هتصلي الأول؟"
ردت عليه هي بهدوء وهي مبتسمة:
"الحمد لله صليت العشا تحت، أنتَ صليت صح؟"
أومأ لها مؤكدًا ثم قال بهدوء:
"الحمد لله صليت، ربنا يكرمك والله من ساعة ما دخلتي البيت دا و محدش فينا بقى بيأخر صلاة"
ردت عليه هي بهدوء:
"دا كرم من ربنا سبحانه وتعالى، الصلاة دي أعظم وقت في يومنا، تخيل ربنا سبحانه وتعالى بعظمته عمل أوقات محددة للصلاة، و نيجي إحنا شوية بشر نغير مواعيدها؟ محدش في الدنيا دي هيقبل يشوفك طول اليوم بكل حالاتك غير ربنا سبحانه و تعالى"
اقترب منها يطبع قبلة بسيطة على جبهتها ثم قال بحب:
"كل يوم بتأكد والله إن غيابك عني طول السنين اللي فاتت كان خير ليا"
ردت عليها هي بتوتر ممزوج بالخجل:
"طب يلا علشان الأكل ولا إيه؟"
أومأ لها ثم قال مبتسمًا:
"يلا...يلا يا جميلة"
_______________
في صباح اليوم التالي تحديدًا في شقة «ياسين» استيقظت «خديجة» بهدوء من جواره، ثم قامت بتأدية صلاة الصبح، ثم أمسكت مصحفها تقرأ به، أما هو مد ذراعه على الفراش وحينما وجد مكانها فارغًا، فتح عيناه بتروٍ، يتفحص المكان، رآته هي وهي جالسة على سجادة الصلاة، فاغلقت مصحفها ثم قالت بهدوء:
"أنا هنا أهو، وراك"
التفت ينظر لها بنصف عين ثم قال بنبرةٍ متحشرجة إثر استيقاظه من النوم:
"صباح الخير يا خديجة، أول مرة يعني تصحي قبلي، كل مرة بصحى أنا الأول"
ردت عليه وهي مبتسمة بحب:
"بصراحة فرحانة علشان جيت شقتي، قولت أصلي الصبح لحد ما أنتَ تصحى علشان نروح عند ميمي"
خرج من الفراش ثم اقترب منها وهو يقول بمرحٍ:
"هنروح لميمي من دلوقتي ليه بس؟ لسه بدري أوي و بصراحة أنا عاوز أقعد في شقتي مع مراتي"
ردت عليه هي وهي مبتسمة بهدوء:
"بكرة تزهق من الشقة و مني كمان متقلقش"
ابتسم هو بسخرية ثم قال:
"آه فعلًا، بكرة شغل يا ضنايا...خلاص شهر العسل خلص"
ردت عليه هي ببساطة:
"وفيها إيه؟ تروح شغلك و ترجع تلاقيني عاملة الأكل و نقعد نتناقش في كل المواضيع المملة بتاعة المتجوزين دي، وبعدين نبقى ندور على حاجة نتخانق عليها، علشان منزهقش يعني"
قطب جبينه يسألها مستفسرًا بضيق زائف:
"دا إيه الجدول الزفت اللي على الصبح دا؟ و ياترى بقى الليلة دي فيها سكاكين ولا بونيات علطول؟"
ضحكت هي بخفة ثم أضافت:
"اللي أنتَ عاوزه أنا معاك فيه"
غمز لها بخبثٍ وهو يقول:
"والله ما عايز غيرك أنتَ يا عسل"
ردت عليه بضيق زائف:
"قوم اتوضى علشان تصلي الصبح و لم نفسك يا ياسين"
رد عليها مُعقبًا بضيق زائف:
"ألم نفسي مع مراتي يا خديجة !! ودي تيجي برضه؟، و بعدين أنا عيل جود بوي مع الناس كلها، أنتِ الوحيدة اللي لازم أكون معاها باد بوي"
زفرت بضيق ثم قالت باستفزاز:
"طب قوم يا عم الباد بوي اتوضى علشان تصلي، علشان نلحق نروح عند ميمي، أنا قولتلهم هنروح ليهم قبل صلاة الجمعة"
ابتعد عنها ثم اعتدل في وقفته وهو يقول بهدوء:
"بصراحة ميمي وحشتني أوي، و العيال كمان و خصوصًا يونس"
قال جملته ثم تركها و دخل المرحاض، أما هي حركت رأسها نفيًا بيأس ثم وقفت بعدما وضعت المصحف بجانب سجادة الصلاة على الأريكة ثم لحقته للخارج.
ارتدت هي ثيابها وهو الأخر ثم خرج من الغرفة وهو يقول بهدوء:
"ياريت يعني لو نفطر قبل ما نمشي، علشان عامر هيذلنا كلنا علشان ناكل"
ردت عليه هي بضيق:
"و مقولتش ليه قبل ما نلبس؟ هناكل ازاي دلوقتي؟"
رد عليها هو بهدوء وهو مُبتسمًا:
"عادي يعني اعملي سندوتش جبنه، بيضة بسمنة أي حاجة يعني، خليني أحس أني راجل في بيتي"
ضحكت هي بعد جملته الأخيرة، فوجدته يقول بضيق:
"لو بتضحكي علشان اللي في دماغي هتبقى وقعتك سودا"
حركت كتفيها ببساطة وهي تقول:
"طب وهو أنتَ في دماغك إيه؟"
رد عليها مُردفًا بثبات:
"قصدي على عامر، لما قالي عقبال ما أشوفك جاموسة في غيطك"
زادت ضحكاتها أكثر فوجدته يومأ لها بقوة وهو يقول:
"أنا قولت المهزق اللي اسمه عامر دا ليه بصمة في كل مكان، حتى فـ كلامي"
اقتربت هي منه ثم قالت وهي تهندم ثيابه:
"والله أحسن راجل في بيته كدا كدا"
نظر لها بشكٍ وهو يقول:
"ودا من إيه بقى إن شاء الله ؟"
حركت كتفيها ببساطة ثم قالت:
"مش علشان حاجة، بس عاوزة أبقى اروح بيتنا"
رد عليها مُردفًا بثبات و هو يتصنع التجاهل بحديثها:
"طب ما إحنا فـ بيتنا أهوه، هو احنا عندنا بيت تاني؟"
ردت عليه بحذر:
"عاوزة أورح بيت الرشيد يا ياسين، وحشوني كلهم هناك والله"
تنهد هو بعمقٍ ثم قال بهدوء:
"طب وهو أنا لحقت أخنقك كدا علشان تزهقي مني؟ دا احنا لسه بنقول يا هادي"
ردت عليه هي بسرعة حتى تنفي حديثه:
"لأ والله مش كدا، أنا بس عاوزة أشوفهم مش أكتر، لكن والله مش زهق منك، احنا هنروح شوية صغيرين بس"
تنهد هو بعمقٍ ثم رفع رأسه ينظر للأعلى، وهي تنظر له بحذرٍ، انزل رأسه ثم ابتسم بهدوء لها، نظرت له مُتعجبة من تغير ملامحه، فوجدته يقول بهدوء:
"حاضر يا خديجة، بعد ما نقعد عند ميمي شوية، هنروح بيت الرشيد، بس مش هنبات ولا هنطول هناك"
صفقت هي بكفيها معًا ثم قبلته على وجنته، ثم تبعت فعلتها تلك بقولها المرح:
"دقايق و أحلى فطار يجهز لأحلى ياسين في الدنيا كلها"
قالت جملتها ثم تركته راكضة للداخل، أما هو فنظر في أثرها باندهاش ثم قال بنبرةٍ متعجبة:
"هي طلعت هبلة بجد ولا إيه؟".
______________
في شقة «ميمي» كان «عامر» واقفًا على طاولة السُفرة و «خالد» و «ياسر» كلاهما في جهة يحاول الإمساك به، و الفتيات يقفن على مقربةٌ منهم، و «ميمي» واقفة تستند على عكازها، تحدث «خالد» بنبرة منفعلة:
"أنزل يا عامر بدل ما أطلعلك أنا و ساعتها محدش هيرحمك من تحت ايدي"
حرك رأسه نفيًا وهو يقول بذعر:
"يا سلام يا خويا؟ عاوزني أنزلك علشان تموتني؟ لأ مش نازل"
تحدثت «ميمي» تقول بتوسل:
"خلاص يا خالد بقى هي أول مرة يعني، و بعدين دا عامر"
التفت «خالد» ينظر لها وهو بضيق:
"ماهو علشان هو عامر أنا جبت أخري، نفسي يكبر و يهدا بقى"
تدخلت «سارة» تقول بقلة حيلة:
"بصراحة هي حركة متخلفة شوية، بس والله قلبه أبيض"
رد عليها «عامر» بحب:
"والله ما فيه حد قلبه أبيض غيرك أنتَ يا عسل"
تحدث «ياسر» بضيق:
"يا بني لم نفسك بقى، هو أنتَ غاوي تهزيق، احنا فـ إيه و أنتَ فـ إيه؟"
تحدثت «ريهام» مستفسرة:
"هو عمل إيه طيب يا جماعة؟"
رد عليها «خالد» بعدما أخذ نفسًا عميقًا:
"الأستاذ جمع مننا فلوس علشان يعزم ياسين على الغدا، و احنا علشان رجالة محترمة دفعنا الفلوس، يجي المعلم عامر بقى يروح يجيب بالفلوس رنجة و فسيخ !! ليه عازم الحوت الأزرق؟"
ضحك الجميع عليه، فقال «عامر» بمرحٍ حتى ينهي ذلك التوتر:
"والله العظيم دا تجديد، اسمع مني دا عريس راجع من شهر العسل يعني نفسه جزعت، لازم نكسر الجزع دا"
عض «خالد» على شفته السفلى من برود «عامر»، ثم قفز فجأة على الطاولة وهو يقول بتشفٍ:
"أهو طلعت ليك يا حلو، يعني أنا و أنتَ بقينا في ملعب واحد"
عاد «عامر» للخلف حتى وقف على طرف الطاولة و «خالد» مقابلًا له على الطرف الآخر فتحدث «عامر» يقول بقلقٍ واضح:
"بقولك إيه يا خالد، اهدا كدا و ركز، لو حد فينا عملها و نزل التاني هيبقى الله يرحمه"
أومأ له «خالد» بقوة ثم تحدث بهدوء بث الرعب داخل الجميع:
"ودي تيجي برضه؟ بقى أنا اضحي بأخويا؟ تعالى يا عامر علشان ننزل سوا من هنا، قبل ما أخونا يجي"
نظر له «عامر» بشكٍ فوجد «خالد» يقترب منه أكثر، عاد «عامر» بظهره للخلف دون أن ينتبه حتى سقط من أعلى الطاولة، فقفز عليه «خالد» وهو يقول متوعدًا له:
"اتشاهد على نفسك يا ابن سيدة"
و تبعه «ياسر» و كلاهما يضربه في انحاء جسده، فتحدثت «إيمان» تقول بنبرةٍ شبه حزينة:
"والله حرام اللي بيعملوه فيه، دا أنا كنت هموت و آكل الأكلة دي من بدري"
تحدث «عامر» متآوهًا من بين ضرباتهما عليه:
"خلاص خلاص أنا غلطان"
_"طبعًا و ستين غلطان كمان، عملت إيه يا مهزق"
خرجت تلك الجملة من فم «ياسين» بعدما دخل الشقة بهدوء وهي بجانبه، نظر لهما الجميع ثم اتجهوا نحوهما، وأول من صرخت فرحة كانت «إيمان» حينما قالت بنبرةٍ شبه صارخة:
"خـــديــجـة، وحشتيني يا كتكوتة"
قالت جملتها ثم ركضت إليها تحتضنها بحب، فعلت المث «ريهام» و «سارة» أيضًا، أما «ياسين» فاحتضن اصدقائه، عدا «عامر» الذي كان ينظر له بتوتر وهو جالسٌ على الأرض، أوقفه «ياسين» وهو يقول بهدوء:
"هببت إيه في غيابي خليتهم يهجموا عليك كدا؟ ريحني"
احتضنه «عامر» بشدة ثم قال ببكاء زائف:
"ظلموني في غيابك يا أخويا، ابن ميرفت و ابن عفاف اتكاتروا عليا علشان أخويا مش موجود"
نظر له «ياسين» باندهاش فوجده يضيف بنفس النبرة:
"كل دا علشان خدت منهم فلوس للعزومة بتاعتك النهاردة، كانوا قالولي مش عاوزين ندفع، بس هما استخسروا الفلوس فيك"
أوشك «خالد» على الهجوم عليه و الفتك به، لكن «ياسر» أوقفه وهو يقول متوسلًا له:
"علشان خاطري أنا اعتبره زي يونس ابنك، دا عيل صغير والله"
تحدث «عامر» يقول بثقة:
"ولا يعرف يعملي حاجة أصلًا، دا عيل بوق أصلًا"
نظر له «ياسين» بضيق وهو يقول بنبرة شبه منفعلة:
"ما تتلم في ليلتك دي بقى، هو أنتَ حالف تستفز فيه و خلاص"
تحدثت «ميمي» تقول بضيق زائف:
"أقول عليك إيه يا عامر؟ مخلتش ابني يسلم عليا وهو واحشني"
نظر لها الجميع باحراج، بينما «ياسين» اقترب منها ثم مال عليها يقبل قمة رأسها وهو يقول بحب:
"أنا لا يمكن أقدر انساكي، بس الحيوان دا لازم يعمل مصيبة"
ربتت هي على يده بحب ثم قالت:
"ولا يهمك، أنتَ علشان وحشتني أوي، عمرك ما غبت عني كدا"
جلس هو بجانبه ثم قال بهدوء:
"فهموني بقى عالم الحيوان اللي شفته من شوية دا كان ليه؟"
اقترب منه «خالد» ثم سحب مقعد يجلس وهو يقول بصوتٍ عالٍ و بنبرة منفعلة:
"الأستاذ زفت الطين، قال هنعزم ياسين يوم الجمعة وقال هنجمع و نجيب أكل سوا حلو كدا؟"
أومأ له «ياسين» ثم أضاف:
"حلو كدا، و الراجل يُشكر صاحب واجب"
تدخل «عامر» يقول بفخرٍ ممزوج بالمرح:
"أخويا بصحيح والله"
جلس «ياسر» أمام «ياسين» ثم قال:
"الراجل اللي يشكر دا راح جاب بالفلوس كلها رنجة و فسيخ، فيه عريس يا مؤمن ياكل رنجة و فسيخ في عزومة؟"
اتسعت مقلتي «ياسين» ثم أضاف بنبرةٍ مذهولة:
"يا نهارك مش فايت؟ أنتَ متخلف يالا؟ رنجة و فسيخ إيه اللي هاكلهم دول؟"
رد عليه «عامر» بضيق:
"والله العظيم مفيش حد فيكم بيفهم، أنا قولت أجدد لكم بدل الملل، بس أنتو أحرار بقى"
تدخلت «خديجة» تقول بهدوء وبنبرة معتذرة:
"أنا مش باكل الحاجات دي خالص"
رد عليها «ياسر» هو الأخر:
"والله ولا أنا، محدش يستحمل كل السموم دي في وجبة واحدة"
تدخل «ياسين» يقول بضيق زائف:
"مع احترامي ليكم بس الكلام دا مفيش منه، عامر جاب الأكل خلاص، و بصراحة أنا بحب السموم دي أوي"
نظر له الجميع بتعجب، بينما «عامر» صفق بكفيه معًا وهو يقول بمرحٍ:
"الله أكبر يا شيخ ياسين، إيه الحلاوة دي ياض"
نظر له «خالد» باندهاش وهو يقول بنبرة غير مصدقة:
"يعني أنتَ هتاكل من اللي عامر جابه؟ مش زعلان؟"
رد عليه «ياسين» حتى ينفي حديثه:
"ازعل إيه بس، دا كتر خيره والله، المهم يلا نلحق الصلاة علشان نطلع ناكل و نشوف يومنا"
حركت «خديجة» رأسها نفيًا له فوجدت «إيمان» تضع ذراعها على كتفها تضمها اليها وهي تقول بنبرةٍ هادئة بثت الرعب داخل «خديجة»:
"لأ اثبتي عندك كدا علشان أنا خلقي ضيق، الأكل دا هتاكلي منه معانا، علشان أنا مجنونة و معايا شهادة معاملة أطفال"
أضاف «ياسر» بهدوء:
"على يدي و أنا شاهد على كدا"
_____________
في بيت آلـ الرشيد تحديدًا في الغرفة التي تقبع بها «فاطمة» على الفراش، نظر لها «وليد» بحزن ثم قال بسخرية:
"كل الدنيا دي كوم و خيانة صحتك ليك دي كوم تاني، انذار علشان نتعظ منه، بس أنتِ حاجة تانية، بصراحة خايف تقابلي وجه كريم و أنتِ لسه محدش سامحك"
نظرت له بحزن ولم تعقب بسبب القناع الطبي الموصول بجهاز التنفس، أما هو أخرج هاتفه ثم طلب رقم «طارق»، حينما وصله الرد قال بهدوء:
"هات جميلة و انزل يا طارق بسرعة"
تنهدت هي بعمقٍ، أما هو جلس على المقعد المجاور لفراشها، بعد مرور دقائق، نزل «طارق» و معه «جميلة»، دخل «طارق» ثم قال بهدوء:
"خير يا وليد؟ عاوز إيه؟"
وقف «وليد» ثم قال بهدوء:
"عاوز جميلة تقولي مسامحة مرات خالها ولا لأ؟"
سألته «جميلة» بنبرةٍ مهتزة:
"مش...مش فاهمة أنتَ عاوز إيه؟"
زفر «وليد» بضيق ثم قال:
"الفكرة إن مرات خالك ربنا عالم بحالها، بتودع تقريبًا، علشان كدا عاوزك تسامحيها، لأن كل اللي حصل في الأول و الآخر هي السبب فيه، كنتِ من ضمن ضحاياها يا جميلة"
بكت «جميلة» وهي تستمع له، فوجدته يضيف:
"طبعًا محدش يقدر بجبرك على حاجة، بس أنتِ حافظة كلام ربنا، و عارفة إن اللي بيعفو و يسامح دا بيكون شخص قوي و شجاع، و أنتِ أكيد قوية و هتقدري تسامحيها"
نظرت «جميلة» في أوجه الجميع ثم تنهدت بعمقٍ بعدما مسحت دموعها، بعدها قالت بنبرة مختنقة:
"أنا مسامحاها، في النهاية كلنا بشر و أكيد بنغلط، احنا مش ملايكة، أنا مسامحاها والله من كل قلبي علشان ربنا يسامحني على أي حاجة وحشة عملتها في حياتي"
نظر لها «وليد» وهو يقول بنبرة ساخرة:
"ماظنش إنك ممكن تكوني عملتي حاجة وحشة فـ حد، أنتِ عيبك الوحيد إنك بنت مشيرة و حسان"
نظرت له بقلة حيلة ثم قالت بنبرة حزينة:
"معلش بقى محدش بيختار أهله"
أومأ لها ثم قال:
"وأنتَ يا طارق مسامح في بعد جميلة عنك؟"
أخذ «طارق» نفسًا عميقًا ينظر لها وهي قابعة على الفراش، تحولت نظرته إلى الأسى ثم قال:
"طبعًا مسامح، كفاية إنها رجعتلي تاني، ربنا بس يتمم شفاها على خير"
أومأ لهما «وليد» ثم قال:
"طب يلا علشان ورايا مشوار مهم، بعد صلاة الجمعة"
أومأ له «طارق» ثم أخذ زوجته معه، بينما «وليد» انتظر خروجهما ثم اقترب منها وهو يقول بهدوء:
"أنا كدا بعمل اللي عليا، فاضل مشيرة بس علشان ترتاحي، عاوزة حاجة تانية؟"
حركت رأسها نفيًا بإيماءة بسيطة من رأسها، فتنهد هو بعمقٍ، ثم اغلق الضوء و خرج من غرفتها.
بعد صلاة الجمعة، اخذ «وليد» سيارته ثم رحل بها، وصل إلى شقة «مشيرة»، طرق باب الشقة، ففتحه له «حسان»، نظر له «وليد» بسخرية ثم قال كعادته:
"إزيك يا عمو حسان، وحشتني أوي الأيام اللي فاتت، مش لاقي حد اعصبه"
نظر له «حسان» بضيق وهو يقول بنبرة خالية من المشاعر:
"نعم يا وليد؟ خير فيه حاجة؟"
دفعه «وليد» بخفة حتى يستطع الدخول ثم قال بسخرية لازعة:
"يا جدع عيب عليك، دا أنا زي ابوك برضه، جوزتك و جوزتلك بنتك، و ماشي أأمن في مستقبل كل اتنين الدنيا فرقتهم، و آخرتها تقولي عاوز إيه يا وليد؟ مكانش العشم"
خرجت «مشيرة» من الداخل و هي تعدل وضع حجابها، فوجدت «وليد» يقول ببرود:
"لأ لأ لأ يا مشيرة هو أنا غريب؟ دا أنا ليدو، بقى بتحطي طرحة قدام ابن أخوكِ"
اقتربت منه تسأله بتلهف واضح:
"البيت فيه حاجة يا وليد؟ جميلة كويسة؟، انتو كويسين؟"
أومأ لها بقوة ثم أضاف مؤكدًا ببسمة مستفزة:
"بصراحة كلنا زي الفل من ساعة ما مشيتي من البيت، بنعيش اسعد أيام حياتنا"
نفخت وجنتيها بضيق ثم قالت بهدوء بعدما نظرت له بوجهٍ ممتعض:
"خير؟، لما أنتو ربنا كرمكم و عايشين مبسوطين من غيري جاي ليه"
جلس على الأريكة ثم وضع قدمًا فوق الأخرى وهو يقول بغرور:
"أصل عقبال عندك يا رب، فاطمة مرات عمي محمود شكلها كدا الله أعلم بتودع، عاوزيك تيجي تشوفيها و تسامحيها"
ردت عليه بحزن:
"لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ربنا يتمم شفاها على خير يا رب"
أومأ لها ثم قال مستفسرًا:
"أيوا هتيجي ولا لأ؟"
نظرت هي لزوجها ثم نظرت لـ «وليد» وهي تقول بعدما آخذت نفسًا عميقًا:
"لأ.....مش هقدر أواجه فاطمة، و مش هقدر أسامحها"
SHETOS
SHETOS
تعليقات



×