رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل السابع 7 بقلم شمس بكري

 


رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل السابع 

إن الخطأ الوحيد الذي ارتكبتهِ هو أنك جعلتيني أراكِ وأنكِ جميلة، وأنكِ رقيقة، وإنكِ أنتِ".
_____________
تُلقى السكينة داخل قلبي من مجرد ذكر أسمها، فـ هي من خفق قلبي فقط لأجلها، تمتلك القدرة على إزالة حزني بطريقةٌ تجعلني اتسأل كيف يبدو العالم بدونها، ألم يكفي أنني أصبحت أسكن في عيونها؟.
_"يعني من الأخر كدا قول لرجالتك تراعي نفسية أخوك، أصل الشنطة فيها كتاب دين"
خرجت تلك الجملة من «وليد» بنبرة شامتة ممتزجة بالثقة في ذلك الواقف أمامه، و لم يكن هو فقط من تشفى به؛ بل الحاضرين بأكملهم، أما هو فالتفت ينظر حوله يتفحص أوجههم، وحينما تأكد من وقوفها أمامه تنظر له بتقززٍ، اقترب منها يقطع المسافة بينهما حتى يصل لها فوجد صوتًا جهوريًا يأتي من خلفه خرج من فم «ياسين» قائلًا بحدة:
"عندك يا راشد، لو رجلك خطت خطوة واحدة كمان عندها، هخلي الرجالة تعرفك يعني إيه رجولة، أصل بصراحة أنتَ متتخيرش عن الحيوانات"
التفت «راشد» ينظر له مُتعجبًا من لهجته، فوجده يومأ له بقوة و نظرة الثقة في عيناه و هو يقول بتريثٍ:
"إيه مستغرب؟ فاكرني هقولك زي الحريم؟ بصراحة مش شايف إنك تستاهل أصلًا مقارنة بجنس البشر، الستات دي أنضف من إن واحد زيك يتشبه بيهم"
عند حديث «ياسين» شعر هو بالدماء تفور في جسده فرفع ذراعه حتى يلكمه لكنه تفاجأ حينما قبض «ياسين» على ذراعه بقوة بعد شهقة قوية خرجت من الجميع، أما هو فقال بفحيح يشبه فحيح الأفعى:
"قسمًا برب الكعبة إيدك لو اترفعت تاني لأكون كاسرها ليك، لم نفسك بدل ما ألمك أنا، أظن وشك دليل كفاية على طريقتي"
تحدث «وليد» يقول متشفيًا بخبثٍ في ذلك الوغد:
"لأ يا ياسين كدا مينفعش، راشد ميتمسكش كدا برضه....أنتَ متوضي، و دا بصراحة ينقض الوضوء"
حاول «راشد» فك نفسه من ذراع «ياسين» حينما ضربه في قدمه بقوة، لكنه تفاجأ حينما قابل «ياسين» ضربته بثباتٍ، و فجأة وجد «خالد» يهجم عليه من الخلف وهو يمسك رقبته ثم قال بصوتٍ منفعل:
"لو ايدك لمست أخويا تاني ولا عينك اترفعت فيه هخلي أمك تلبس الأسود عليك، فــاهم ؟!"
صرخ بكلمته الأخيرة في أذنه و هو يهزه بقوة بين بيده، بينما «ياسين» التفت إلى «وليد» يقول بهدوء:
"يلا يا وليد، خد هدير و خلود علشان كتب الكتاب و علشان حسن كمان ميفهمش غلط، يلا"
نظر له «وليد» بتعجبٍ فوجده يمسكه من ذارعه وهو يقول مُشجعًا له:
"انزل يا وليد يلا علشان حسن حتى، و أنا الغاليين هنشرحله درس صغير و ننزل وراك"
ابتسم له «وليد» ثم أومأ له وهو ينظر في وجهه و في وجه أصدقائه، أما «راشد» حينما رآى الراحة في وجوههم تحدث يقول بِـ غلٍ واضح:
"افرح يا وليد، بس خليك عارف إن الدنيا دوارة و بكرة تشوف فرحتي و تقهرك"
التفت «وليد» ينظر له بثقة تزامنًا مع اقترابه منه بتمهلٍ حتى وصل إليه ينظر له بثقة ثم قال بنبرةٍ ساخرة:
"و ماله يا راشد افرح يا حبيبي، بس الفرحة الوحيدة اللي ممكن استناها تجيلي من واحد زيك؛ هي فرحة أمك بيك"
صَر على اسنانه بقوة و هو يقول:
"يا ابن ***** مش هسيبك يا وليد"
عند نطقه تلك السَبة شدد «خالد» قبضته على عنقه و هو يقول بضيق:
"قولتلك اظبط نفسك، بدل ما أعرفك ازاي تتظبط"
اقترب «عامر» في تلك اللحظة يقول ساخرًا:
"ما تهدى بقى ياض أنتَ ملكش كبير؟ يعني متحرش و بتاع نسوان و بتشرب سجاير و بتخطف بنات... إيه متربي فى خرابة"
ضحك الجميع عليه و على وجه «راشد»، أما «ياسر» فقال بهدوء:
"يلا يا وليد انزل علشان حسن و علشان الآنسة هدير واخدة علاج قوي و كدا غلط عليها"
كانت هذه هي الحقيقة، حيث كانت تتابع هي ما يحدث حولها بخوفٍ لا تصدق أنها كانت على وشك الوقوع بين عرين ذلك الأسد، مقارنةً بقوتها الزائفة تلك هي تشبه القطة الصغيرة، كانت تنظر له باشمئزاز، لكنها تفاجأت حينما وقف «وليد» أمامها يسألها بهدوء:
"هدير أنتِ كويسة؟ تحبي تطلعي ترتاحي و نلغي كل حاجة؟ هو خلاص مش هيقدر يقرب منك تاني، ها ؟"
نظرت هي له بوجهٍ خالي من التعابير، مما أدى إلى حيرته في أمرها، و حينما لاحظ «ياسين» صمتها تدخل يقول بهدوء حتى يلفت انتباهها:
"اللي أنتِ هتعوزيه هنعمله، هو خلاص مش هيقدر يجي جنبك، بس حسن تحت مستني، تفتكري حسن يستاهل نكسر بخاطره ؟"
أخفضت رأسها تحركها نفيًا عند جملته الأخيرة و هي تجيبه بهدوء على عكس ما تفوه به، فابتسم كلاهما بأريحية، أما «خلود» أمسكتها بتحكم أكثر وهي تقول بهدوء:
"يلا يا هدير علشان هما عمالين يرنوا عليا، يلا يا حبيبتي"
أومأت لها هي بهدوء، فوجدت «وليد» يقف بجانبها يقول مُطمئنًا لها:
"طول ما أنا هنا أعرفي إنك ليكي أخ في ضهرك يا هدير، محدش يقدر يزعلك و لا حد يجي جنبك حتى لو كان زي راشد"
نظرت له بامتنان التقطه هو على الفور و كأنها تود النطق بكل كلامات الشكر والتقدير على ما بذله لأجلها، فوجدته يبتسم بهدوء وهو يقول:
"مش عاوزك تحسي أني بعمل جِميل ليكي يا هدير، أنا أخوكي يعني حقك عليا إنك تكوني فـ أمان، بس يلا علشان حسن هيموت تحت"
أومأت له ثم تمسكت بذراعه بقوة، هو يعلم أنه مخطئ لكنه لن يسطتع ابعاد ذراعها، فربت على كفها المتشبث به ثم التفت بها يدخل المصعد و «خلود» تلحقهما، أما في داخل الشقة، وقف «عامر» مقابلًا لـ «راشد» يقول بتشفٍ:
"بصراحة أنا كان نفسي أشوف حد مش متربي من زمان، مش علشان حاجة بس علشان اثبت لخالد أني متربي، شكرًا يا راشد على قلة أدبك، خلتني أرفع راسي لفوق"
ضحك عليه أصدقائه بينما «راشد» نظر له بحنقٍ من حديثه، فقال «خالد» بهدوء خبيث:
"ها يا ياسين؟ تبدأ أنتَ ولا أبدأ أنا؟"
عاد «ياسين» يقف مقابلًا لـ «راشد» وهو يقول بخبثٍ مرح:
"لأ و دي تيجي؟ أنتَ أخويا الكبير برضه، شوف شغلك يا خالد"
ابتسم «خالد» بشرٍ ثم قال بمرحٍ:
"على خيرة الله، يلا يا راشد معايا علشان الحصة هتبدأ"
قالها ثم قام بتغير جهته حتى يصبح مقابلًا له، و فور ادارته للجهة الأخرى صدمه بلكمة قوية في وجهه جعلته يتألم بشدة حينما سقط على الأريكة خلفه، أما «ياسين» أمسكه من ذراعه بقوة ثم قذفه لصديقه، الذي كرر الكرة من جديد، أما «عامر» مال على أذن «ياسر» يقول هامسًا بمرحٍ:
"واد يا ياسر، لما يجي الدور عليا في ضربه ابقى صورني فيديو و صورة"
قطب «ياسر» جبينه و هو يسأله بِحيرة من أمره:
"أصورك؟ ليه يعني؟"
ضحك «عامر» بتوعد وهو يقول:
"علشان أنزلها و أكتب عليها البطل المغوار يهزم الأشرار"
ابتسم له «ياسر» بسخرية وهو يقول متهكمًا:
"اتنيل يا عامر، احنا الأشرار"
نظر «عامر» أمامه يقول بغير تصديق:
"يلهوي...يعني إحنا مش محترمين؟"
نظر له «ياسر» بضيق ثم اقترب من أصدقائه، تاركًا «عامر» خلفه يفكر مُتخبطًا في الأمر.
______________
في الأسفل كانت حالة التوتر هي السائدة على الجميع بسبب تأخر «وليد» و «هدير»، و كان «حسن» جالسًا بجانب المأذون يشرأب برأسه حتى يرى طيفها في حالة من الاضطراب الشديد ففي الدقائق المنصرمة السابقة شعر بالخوف مما هو قادم، كيف لا و ذلك المدعو «راشد» لازال هنا، لذلك تنهد بعمقٍ حينما رآى «وليد» يدلف بها وهي في يده منكسة رأسها للأسفل، ابتهجت الأوجه و فرحت الأعين، فقد ظن الجميع أن «هدير» رافضةً لما يحدث، أما «ابراهيم» فجحظت عيناهُ بقوة حينما رآها أمامه، فمن المؤكد أن مخطط ولظه انقلب رأسًا على عقب، حانت التفاتة بسيطة من رأس «وليد» وهو يتطرق بنظره نحو عمه، اتصلت أعينهما سويًا أحدهما ينظر بذعر مع اذدرار لعابه بقوة و الأخر متهكمًا بشررٍ يتطاير من عيناه، تحدث «مرتضى» يقول بهدوء:
"يلا يا هدير تعالي اقعدي جنب بابا علشان كتب الكتاب، يلا يا حبيبتي"
أومأت له إيماءة بسيطة من رأسها ثم وجهت بصرها نحو «وليد» بترددٍ فوجدته يومأ لها يحثها على التحرك، فأغلقت أهدابها ثم توجهت تجلس على المقعد المجاور لمقعد والدها، و المأذون في المنتصف، و «حسن» على الطرف الآخر ينظر لها بتمعن يراقب تعابير وجهها حتى يستبين إن كانت فَرِحة أما لا، بالطبع لم يستطع التوصل للأجابة في تلك الظروف فمن المؤكد انها حزينة و غاضبة في آنٍ واحد، تحدث المأذون يقول بهدوء:
"يلا يا جماعة علشان نبدأ عقد القران، أذكروا الله"
خرج همس بسيط من الجميع يذكرون الله في سرهم، أما «خديجة» فكانت تنظر حولها تبحث عنه بعينيها، نظرت لـ «وليد» وجدته يجلس بجانب «ابراهيم» حاولت لفت نظره حتى يُجيبها لكن دون جدوى، أما هو ربت على فخذ عمه وهو ما هامسًا بهدوء مرعب لا ينذر بالخير:
"اسمع كلام شيخنا و اذكر الله و اقرا الفاتحة احتياطي، ماهو محدش عارف مين هيفارق و مين متبت فيها، واخد بالك...يا ابو راشد؟"
نظر له «ابراهيم» بخوفٍ فوجده يومأ له بأهدابه تزامنًا مع بسمته الخبيثة التي زينت ثُغره جعلت الأخر يتصبب عرقًا من الخوف، أخرج المأذون دفتره يقوم ببدء عقد القران و كانت «خديجة» في ذلك الحين تنظر حوله حتى يطمئن قلبها، و لكنها انتبهت إلى اختفاء «راشد» هو الآخر انتابها القلق و شعرت بالريبة لذلك لم تستطع التحكم في نفسها وهي تقف متأهبة حتى سارت إلى مقعد أخيها ثم أمسكت كفه تسحبه خلفها بقوة، وقف هو معها دون حديث حتى وقفت به منزوية عن الأنظار تسأله بحنقٍ:
"ياسين فين يا وليد؟ اختفى معاك و لسه و مظهرش، و راشد كمان مش هنا، ريح قلبي علشان خاطري"
أمسك كفها يربت عليه بهدوء ثم قال حتى يطمئنها:
"اهدي بس، ياسين مش لوحده معاه اخواته، و هو بيعملي خدمة أنا طالبها منه، اطمنى و متقلقيش"
ردت عليه هي بهمسٍ خرج منها منفعلًا:
"يعني إيه مخافش، بقولك ياسين مش قدامي و لا الزفت التاني، و بعدين أنتَ بتعمل إيه؟ ريحني و متخوفنيش عليك أنتَ كمان، ابوس ايدك مش عاوزة اخاف عليك ولا على ياسين، بالله عليك هو فين؟"
زفر هو بقوة حينما لاحظ خوفها و توترها و ارتجافة كفها التي قد أوشك على نسيانها هو ثم نظر حوله بهدوء يتفحص المكان فوجد «طارق» و «وئام» يتجهزان حتى يدليا بشهادتما على عقد القران، فتنهد بعمقٍ ثم قال بهمس هادئ:
"ياسين و اخواته فوق عندنا، بس يا خديجة خلي بالك علشان مترجعيش تخافي و تعيطي، مش عاوز ياسين يزعل مني"
نظرت له بقلقٍ وهي تسأله بذعر:
"ليه ؟! ياسين بيعمل إيه هو و اخواته عندكم.....و...راشد فوق ؟؟!!"
قالت جملتها ثم ركضت من المكان حتى تصل لزوجها، أما «وليد» فـ زفر بقوة ثم عاد لمجلسه من جديد حتى يبث الرعب في قلب غريمه في تلك الجلسة.
_____________
في شقة «مرتضى» تبادل الشباب الفقرات في ضرب ذلك المدعو «راشد» و أكثر من قام بضربه كان «ياسين» و هو يتذكر أن «راشد» كان أحد الأسباب الهامة التي جعلتها تعاني و تسبب في خوفها، حينها أبعده أصدقائه عنه حينما ارتخى جسد «راشد» في قبضته، ثم بعد ذلك قام «عامر» بضربه هو الآخر، بعدها أجلسوه على المقعد الخشبي و جلسوا أمامه عدا «عامر» وقف بجانبه يمسكه من فروة رأسه بشدة، ثم أضاف يقول بمرحٍ:
"يلا يا ياسر صورني زي ما قولت، ما أنا مش كل يوم هقابل حد مش متربي كدا، بس صور حلو، بلاش الصورة تبقى مهزوزة"
رغم المجهود البدني المبذول إلا أنهم لم يدخروا جهدًا في الضحك، بل اتسعت ضحكاتهم بقوة، و خاصةً «ياسر» و هو يقوم باخراج الهاتف حتى يقوم بتصوير «عامر» الذي أتخذ أوضاع ساخرة بجانب «راشد» الذي أصبح يشبه الموتى، انهى «عامر» التصوير ثم وقف أمامه يقول ساخرًا بمرحٍ:
"عارف يا راشد أنتَ طيب أوي علشان مسكتك من شعرك و أنتَ مزعلتش، أنتَ تستاهل خير، و للأسف أنا مش الخير دا"
أنهى جملته المرحة ثم صفعه بقوة على رقبته من الخلف وهو يبتسم بانتصار، فتحدث «خالد» بحنقٍ:
"خلاص يا عامر أنتَ مش صغير، اقعد بقى، طلبت تتصور و صورناك، طلبت تكمل أنتَ ضرب و كملت، خلاص بقى"
نظر له بفرحة تشبه فرحة الطفل الصغير وهو يقول بمرحٍ:
"سبني يا خالد، هو أنا كل يوم هيقع تحت ايدي حاجات حلوة زي دي، لسه الصور دي هعمل بيها استيكر على الواتساب في الجروب بتاعنا، اصبروا عليا، هموتكم من الضحك"
نظر له «ياسين» بيأس تزامنًا مع حركة رأسه في عدة جهات مختلفة، أما «راشد» فكان ينظر لهم بغلٍ واضح و حتى الآن لم ينطق بحرفٍ واحدٍ، و فجأة ارتفعت الطرقات على باب الشقة تزامنًا مع صوت الجرس، فاعتدل «عامر» في وقفته يقول بقلقٍ جلي:
"كَبسة كَبسة...اقتلوه و لا ارموه من البلكونة بسرعة، أنا ضربته كتير أوي"
رد عليه «ياسر» بسخرية:
"مشافوهمش و هما بيسرقوا، شافوهم و هما بيتحاسبوا"
وقف «ياسين» يفتح الباب وهو يفكر في هوية الطارق، فعلى حسب اتفاقه مع «وليد» أنه سيهاتفه بعد عقد القران حتى ينزل له بذلك المدعو «راشد»، لكنه تفاجأ حينما فتح الباب و رآها هي أمامه تلهث بقوة و عيناها تنطق بقلقها عليها، و بمجرد ظهوره أمامها، ارتمت بين ذراعيه تقول بخوف:
"ياسين أنتَ كويس؟ عملك حاجة"
اندهش هو من رد فعلها و من ارتجافتها بين ذراعيه، فرفع ذراعه بتمهلٍ يربت عليها وهو يقول بنبرة هادئة:
"أهدي... اهدي أنا كويس، أنتِ بتترعشي كدا ليه؟"
ابتعدت عنه تنظر له بقلق وهي تقول بنبرةٍ متوسلة مهتزة إثر خوفها:
"علشان خايفة عليك، و خايفة على وليد، علشان خاطري يلا ننزل تحت"
أتى «خالد» في تلك اللحظة يقول بهدوء:
"متخافيش ياسين كويس و معملش أي حاجة غلط، و احنا هنا معاه، تعالي بس ادخلي جوة"
نظرت هي لزوجها باستفسار فوجدته يمسك كفها ثم دخل الشقة بعدما كانا يقفا على عتبتها، سارت معه حتى وقع بصرها على «راشد» الملقى على المقعد بجسدٍ واهن لا يقوى حتى على التنفس، حينها شهقت بقوة تزامنًا مع رفعها كفها على يدها من هول المفاجأة التي رآتها أمام عينيها، أما هو فشدد قبضته على يدها ثم قال بهدوء:
"هو للأسف عايش، كان نفسي أنول شرف واحد زي دا يموت على ايدي، بس معلش ملحوقة"
وقفت هي مقابلةً له وهي تقول ببكاء:
"ليه يا ياسين؟ ليه تخوفني تاني عليك، ليه أنتَ و وليد تخلوه يوصلكم لكدا؟ هو اعتذر و أنا رفضت اعتذاره و هدير و بتتجوز حسن تحت،"
رد عليها هو منفعلًا:
"علشان هو زبالة...ميستاهلش شفقة، الحلو اللي قصادك دا اعتذرلك علشان يكسب تعاطف و يعرف يطلب هدير، و مش بس كدا لأ، دا كان هيخطفها، و احنا لحقناها، يعني واحد زي دا عاوز يتربى من أول و جديد"
نظرت هي له بغير تصديق ثم وجهت بصرها لـ «راشد» وجدته يُطرق برأسه للأسفل، فالتفتت لزوجها من جديد تسأله بلهفة:
"طب و هدير حصلها حاجة؟ هي نزلت قصادي جه جنبها، هي مش حمل صدمات تاني يا ياسين"
رد عليها هو بهدوء حتى يُطمئنها:
"لأ، احنا كنا عاملين حسابنا كويس و هو محلقش يجي جنبها، بس تخيلي كدا واحد زي دا يستاهل ان حد فينا يرحمه؟ مراعاش حتى ظرف وفاة أمها و عاوز كمان يخطفها علشان يستغل الظروف و يوصلها، ها يا خديجة تحبي نسمي عليه ؟!"
حركت رأسها نفيًا ببكاء و كأنها تخبره بعدم تعاطفها معه، فوجدت «عامر» يقول بمرحٍ:
"بصراحة أنا عاوز أشكرك، لولا دخولك حياة ياسين مكناش هنقابل الانتاج المعفن دا، بصراحة كان جو أكشن جامد، و هعمل استيكرات لسارة علشان تبعتهم على الواتساب"
ضحكت هي من بين دموعها فوجدت «ياسين» يقول بسخرية:
"كنتي عاوزاني ازعل عامر و أضيع عليه فرصة الاستيكر، دا بيمشي يجمع الصور زي اللي بيجمع طوابع"
ابتسم الجميع بهدوء، أما هي فوجهت بصرها نحو راشد بتقززٍ لاتصدق أن هناك أشخاصًا ياخذهم طمعهم و حقدهم إلى تلك الدرجة.
في الأسفل أنتهى عقد القران بعد توقيع «هدير» عليه بكفٍ مرتجف في هدوء على عكس المعتاد بسبب الحزن المخيم على البيت بسبب وفاة «فاطمة»، انتظر «وليد» رحيل المأذون ثم قام بمهاتفة «ياسين» رد عليه الآخر بهدوء فوجده يقول بهدوء أمام الجميع:
"انزل يا ياسين و هات الغالي معاك"
وصله الرد من الجهة الأخرى فأغلق الهاتف، حينها وجد «وئام» يسأله متعجبًا:
"فين ياسين و الشباب يا وليد؟ هما مش المفروض يحضروا كتب الكتاب ؟"
أومأ له ثم أضاف مؤكدًا بسخرية:
"لأ متقلقش ياسين و الحبايب كانوا بيظبطوا العروسة"
قالها ثم نظر لـ «ابراهيم» و هو يحرك رأسه للجهة الأخرى بخبثٍ حتى يرى علامات الخوف الجلية على وجهه و تبث الاستمتاع بداخله مما هو قادم.
في الأعلى تحدث «ياسين» يقول بهدوء:
"يلا يا شباب، وليد كلمني و عاوز الاستاذ"
سألته هي بخوفٍ:
"انتو هتعملوا إيه تاني؟ كفاية كدا بقى علشان هدير حتى، خليه يغور هو و أبوه من هنا"
نظر لها بثباتٍ ثم وجه بصره للشباب يقول متعجلًا:
"يلا يا خالد خلينا نخلص، علشان البيه يغور من هنا، لسه الليلة طويلة"
أومأ له الجميع، بينما «ياسر» أمسكه من ذراعه يوقفه أمامه حيث كان يشبه الطائر الذي كُسر جناحه فلم يعد يملك القدرة على التحرك، أما «عامر» فوقف يقول متوسلًا:
"خلوني أنا أنزل بيه، بالله عليكم علشان خاطري، خلوني أمسكه أنا"
رد عليه «ياسر» بضيق:
"مش وقتك يا عامر، و بعدين افرض زقك ولا ضربك هتعمل إيه؟"
رد عليه هو بسخرية:
"يا عم يزق مين بس؟ دا لو كح في وشي يبقى عمل انجاز، و بعدين أنا أكتر واحد عملت معاه مجهود يعني أنا أحق واحد ينزل بيه"
قالها متذمرًا كالأطفال، جعل ثلاثتهم ينظر له بقلة حيلة، فتحدث «ياسين» موافقًا في النهاية:
"اتفضل يا أستاذ عامر، امسكه خلينا نخلص، واخدين ابن اختنا نخلص مشكلة فـ حضانة"
بعد مايقرب الخمس دقائق نزلوا جميعهم في المصعد على دُفعتين ثم دخلوا سويًا أمام الجميع إلى مكان عقد القران، و عندما وقع بصر الجميع على راشد وقفوا متأهبين من الدهشة و الكدمات الدامية على وجهه، فأول من تحدث كان «محمد» حينما قال منفعلًا:
"انتو عملتوا فيه إيه؟ و إيه اللي وصل الأمور للدرجة دي، إيه يا ياسين أنتَ استحليت الموضوع ولا إيه؟"
رد عليه «وليد» بضجرٍ:
"بقولك إيه يا عم محمد اركن على جنب أنتَ دلوقتي علشان محتاجك عصبيتك دي كمان شوية"
نظر له «محمد» باندهاش ثم وجه بصره لشقيقه يقول بضيق:
"اتفضل يا مرتضى، أخرة تربيتك لابنك، بيشيلنا الغلط و مش عاوزنا نتكلم"
زفر «وليد» بقوة ثم قال بصوتٍ عالٍ:
"حاضر هخليك تتكلم و تزعق و تضرب كمان، بس خلينا مع راشد و عم ابراهيم الأول علشان نفوق للي جاي"
قال جملته ثم اقترب متمهلًا من عمه الذي نظر لولده بأعين منكسرة يقف أمامه وهو يقول بهدوء:
"ها يا عم ابراهيم اتكلم أنا ولا تتكلم أنتَ؟ أنا بقول أتكلم أنا علشان نسمع و نفرح كلنا"
رفع «ابراهيم» رأسه ينظر له بخوف وهو يزدرد لُعابه بقوة فوجده يرفع حاجبه متحديًا له، ثم قال بعدها مبتسمًا:
"بسم الله الرحمن الرحيم، الاستاذ راشد طلب ايد هدير مني علشان يعرف يربط اسم أبوه بينا، و دا علشان عم ابراهيم يعرف يلاقي بنك يستلف منه فلوس و مخزن يكبش منه بضاعة، كان جاي راسم إن خديجة تبقى لراشد من تاني، بس ياسين حبيب قلبي رماله أحلامه في البحر، قام مدور على بديل لخديجة وهي هدير بما إنها حزينة و محتاجة حد جنبها يبقى راشد هو الاولى بيها من الغريب، ميعرفش إن ابنه بيقف جنب أي تاء تأنيث عمومًا"
انفعل «محمود» حينما سمع ذلك الحديث فصرخ يقول بهياج:
"أنتَ بتقول إيه يا وليد؟ هي وصلت قلة الأدب للدرجة دي؟ خلاص مفيش دم، بتستغل الموت و الحزن يا ابراهيم علشان تعوض خسارتك ؟!"
رد عليه «وليد» بسخرية متهكمًا:
"لسه يا عمي، أومال لما تعرف اللي جاي بقى، البيه لما طلبت منه يعتذر لخديجة عن غلطه في كرامتها وافق علطول على أساس يساهيني و أوافق على موضوع هدير، بس لما رفضت و حسن قال إنها خطيبته الأستاذ خططت يخطفها، و بناءً على خطته هو خاطفها فعلًا"
اتسعت حدقتي الجميع و حينها هجم «وئام» على «راشد» بُغتةً ثم لكمه في أنفه وهو يقول بصراخ:
"تصدق إنك أزبل من صفايح الزبالة نفسها يا ابن*****"
ابعده الشباب عنه بقوة، فقال «ياسين» بضيق:
"اهدا يا عم وئام، خلاص هو اتعمل معاه الواجب و زيادة، ملهوش لازمة الضرب تاني"
تدخل «طارق» يقول منفعلًا هو الآخر:
"يعني إيه يا ياسين ؟! أنتَ عاوزنا نسمع القرف دا و نسمي عليه، راشد لو خرج من هنا حي يبقى بتحلموا كلكم"
رد عليه «وليد» بسخرية:
"لأ هيخرج حي، و علشان خاطر كدا مقولتش لحد فيكم يكون معايا و اعتمدت على ياسين و الشباب، بصراحة خطتنا كانت جامدة"
سأله «طه» متهكمًا بسخرية:
"كمان علمتوا خطط علشان تحموها، الله ينور عليكم، كل دا على خطوة الاستاذ ابراهيم في بيتنا هو و عياله"
رد عليه «ياسين» بسخرية:
"بصراحة يا عم طه كان نفسي تكون معانا و احنا بنتفق، فاتتك دي، بس تتعوض الجايات في راشد كتير إن شاء الله"
سأله «مرتضى» بضجرٍ:
"و بعدين خلصت على إيه؟"
رد عليه «وليد» مبتسمًا:
"خلصت على إن الدكتور ياسر حبيب قلبي جابلي حباية منوم حلوة زي عيونه كدا و حطناها لرامي في علبة عصير وهو علشان طفس خدها من ياسين و بعدها خالد الله يكرمه شاله و دخله مكان هدير و عامر الله يطعمه حط موبايله يصور صوت و صورة، و خلود حبيبة قلبي نقلت هدير في الوقت الصح بعد ما اتصنتت على راشد و عرفت انه بيكلم ناس و أكيد كان ناوي على مصيبة سودا"
اعتلت الدهشة ملامح الجميع وهم ينظرون لبعضهم البعض، أما «هدير» فانكمشت في نفسها كالطفل الصغير بخوف حينما سمعت ما تم تخطيطه لأجلها و كيف لاذت بالفرار بنفسها، أما «حسن» فكانت عيناه تشع نيران حاقدة حينما سمع ما قام «راشد» به حتى يحصل عليها،
استرسل «وليد» حديثه قائلًا:
"الفكرة إن راشد نسي إنه في بيت مليان رجالة، بس نقول إيه بقى واخد على شغل العيال العرر، كان فاكر إن هسيبه ياخد أختي و يخرج من البيت كدا عادي ولا أسيبه بحق خديجة و كل دمعة قهرة نزلت منها، أهبل"
آنذاك رفع «ابراهيم» رأسه بسرعة كبيرة يسأله بذهول:
"يعني كل دا عملته أنتَ علشان حق خديجة ؟ جاي بعد كل الأيام دي و تاخد بحقها علشان كدا عشمته و كسرت بخاطره؟"
أومأ له موافقًا بقوة ثم أضاف:
"آه علشان أنا قلبي أسود، و بعدين يا عم ابراهيم الأيام مش مقياس للحق إنه يتاخد و لا لرد الاعتبار، سقراط قال قبل كدا
" تكلم حتى آراك"
و كان فرحان بنفسه أوي لحد ما عمك دوستويفسكي رد عليه بعد ٢٠٠٠ سنة و قاله
"قد يكون في أعماق المرء ما لا يمكن نبشه بالثرثرة، إياك أن تظن أنك عرفتني لمجرد أني تحدثت إليك"
شوف الكلام، يعني أوعى تفتكر إنك عارفني ولا حافظ دماغي أصلها واسعة بصراحة، و حق أختي لو فات عليه ٢٠٠٠ سنة كنت هاخده منك و من ابنك، أما هدير فهي في حمايتي، ها يا عم ابراهيم تحب تسمع كمان؟ بصراحة ياسين هو اللي هيكمل أصلي صدعت"
ابتسم «ياسين» بهدوء ثم وقف أمام «ابراهيم» يقول بضجرٍ:
"طول عمري أسمع عن اشباه الرجال أول مرة اقابلهم بصراحة، أنا بس عاوزك تربي عيالك صح مش عاوز منك كتير، طالما فرحان بخلفة الدكورة يبقى ربيهم علشان يبقوا رجالة، علموا يعني إيه راجل صح يحافظ على بنات الناس و يراعي ربنا فيهم، هما مش عرايس لعبة علشان نغير فيهم، أنتَ نفسك بصراحة محتاج إعادة تأهيل، لما تسلط عيالك على بنات أخواتك يبقى لامؤاخذة أنتَ معدوم الرجولة، و أخرتها واحد زي ما أنتَ شايف كدا و التاني مخطوف مع صحاب ابنك"
نظر له «ابراهيم» بخزيٌ ثم وجه بصره نحو ولده وجده ينظر له بسخرية وهو يلقي عليه اللوم، تتبع «ياسين» نظره ثم قال بسخرية:
"حضرة المتهم أبي دا مش هينفع دلوقتي، للأسف فيه حاجة أهم"
قال جملته ثم أخرج من جيبه الخاص دفترًا ورقيًا وهو يقول بهدوء تحت نظرات الدهشة من الجميع:
"دي وصولات أمانة هتمضي عليها علشان ابنك لو فكر ينتقم ولا حتى يقرب ناحية ضافر حد في عيلة الرشيد ساعتها هقدم الوصولات دي، دا غير إحنا مصورين صحابه و هما بيخطفوا الآنسة هدير اللي هو رامي يعني في الأخر، فلو قدمنا بقى الفيديو و علمنا محضر عدم تعرض يبقى أنتَ هتزعل أوي، أمضي أحسنلك علشان أنا مش ضامنك ولا ضامن ابنك، علشان بصراحة أنا مش شايف رجالة ينفع أضمنهم، أمضي"
نطق «راشد» يقول منفعلًا:
"امضي...امضي علشان أشوفك مكسور زي ما أنتَ طول عمرك كاسرنا بتربيتك، شوفت أخرة سوادك إيه؟ أخرتها هتمشي بيا مذلول قدامهم، عارف ليه علشان هما أنضف منك يا ابراهيم"
نظر له الجميع بدهشة فقال هو مُردفًا بنفس انفعاله:
"هو اللي مدلعنا، طول عمره عاوزنا نمشي ندوس على الخلق، لما عرف ساعة خطوبتي من خديجة إنه مش هيعرف يشارككم خلاني أخلع بالطريقة دي، و لما عرف إن هدير تعبت بعد وفاة أمها هو اللي قالي أقرب منها علشان يفتح سكة معاهم، أنا عن نفسي فرحان فيه، و مش هنتقم ولا عندي نية حتى آخد حقي، بس قدامكم الراجل دا ملوش دعوة بيا تاني و لا بأخويا"
رد عليه «ابراهيم» بانفعال ممتزج باللهفة:
"أنتَ اتجننت يا راشد؟ مخك جراله إيه مش دي فكرتك إنك تخطف هدير، ولا دي أنا اللي هشيلها؟"
رد عليه هو متهكمًا بوجع:
"ماهو لو أنتَ أب عِدل كنت قولتلي إن بنات الناس مش لعبة، كنت قولتلي عيب تبص للناس في ضعفها علشان تحس بقوتك، كنت قولتلي بص وليد و ياسين رجالة إزاي بيدافعوا عن لحمهم، دلوقتي بس عرفت عمي إيهاب سابك ليه؟ خاف على بنته مني، حتى دي ضاعت مني بسببك"
تحولت نظرتهم إلى الشفقة تلك المرة حينما خرج صوته مهزوزًا بوجع وهو يستطرد حديثه قائلًا:
"ساعتها عمي خدها و مشي لما لقاني ضايع زي أخوه، قولتله أني ممكن أتغير بس أبويا ساعتها قالي متخليش عمك يحس إنك عاوزها علشان يسيبلي كل حاجة، و ساعتها ساوم أخوه بالورث قصاد أني ابعد عن بنته، عاوزني أشفعلك إزاي؟ أنا هشكر كل واحد فيهم على العلقة دي علشان فوقت، علشان كدا مضوه على الوصولات و قدموها أحسن"
اقترب منه والده حتى يصفعه فوجد «حسن» تلك المرة يمسك ذراعه بعدما هب واقفًا حيث كان يجلس بجانبه، فالتفت ينظر له بدهشة، حينها وجده يقول بهدوء بث الرعب داخله:
"أنا كنت مستنيه يخلص كلام علشان آخد حقي مراتي براحتي، بس هو صعب عليا طلع تربية راجل ناقص، علشان كدا أنا هكمل الناقص دا"
سأله «ابراهيم» منفعلًا:
"يعني إيه؟ أنتَ عاوز إيه أنتَ كمان ؟"
ابتسم له «حسن» بخبثٍ ثم باغته بلكمة قوية في وجهه فجأت الجميع حتى «هدير» التي فتحت عينيها على وسعهما، أما هو أمسكه من تلابيبه ثم ضربه برأسه في وجهه وهو يقول منفعلًا:
"دي علشان قلة أدبك...و دي علشان بنات الناس مش لعبة اللي خلفوك....دي علشان فكرت بس فيها....دي علشان قلة أدبكم على ياسين و وليد، ودي..."
حينها صرخ «راشد» يقول منفعلًا:
"خلاص كفاية....كفاية هيروح في إيدك"
نظر له الجميع بتعجب فقال هو بحزن:
"حتى لو هو جاحد أنا مش زيه، هو معندوش دم بس أنا عندي، خرجونا من هنا علشان آخد أخويا، رامي عنده القلب مش حمل صدمة زي دي لما يفوق، أبوس رجلك يا ياسين خرجني ألحق أخويا، و أنا همضي على الوصولات دي بنفسي"
اقترب منه «عامر» بإحراج ثم قال:
"أحنا لو نعرف إن أخوك مريض عمرنا ما كنا هنيجي جنبه، احنا مش مؤذيين، بس أبوك واطي مش مراعي حتة مرض ابنه الصغير، يعني جاحد و يستاهل الابتلاء اللي هو فيه، ياسين اتصرف و هات أخوه"
تدخل «وليد» يقول بهدوء:
"أنا كنت عارف إنهم مش هيخرجوا من هنا سُلام، علشان كدا بعت رسالة لصاحب راشد إنه يرجع ياخدهم على أساس أني راشد، بس مكنتش أعرف أني هتعاطف مع راشد و ابقى عاوز أموت أبوه، بصراحة بفكر اسيبه يتربى هنا"
رد عليه «مرتضى» بضيق:
"خلصنا يا وليد خلي ابراهيم يغور من هنا مش عاوز أشوف وشه، يمين بالله لأخلي كلاب الشوارع تتعشى عليه"
كان «حسن» لازال ممسكًا «ابراهيم» في يده بقوة، فتحدث «طارق» يقول ساخرًا:
"خلاص يا حسن سيبه، ولا أقولك بلاش علشان بصراحة لو وقع مش هوسخ إيدي بيه"
تدخل «أحمد» يقول بضيق زائف:
"أنا لو كنت أعرف إن عم ابراهيم هو اللي زبالة كدا كنت كسرت المقشة على دماغه بدل ما كسرتها على دماغ ابنه"
في تلك اللحظة توقفت سيارة أمام باب بيت آلـ الرشيد، و كانت السيارة لأصدقاء راشد الذي أجلسه «ياسر» و «عامر» على المقعد، فتح «وليد» الباب لهم فتفاجئوا هم به يبتسم لهم بشرٍ ثم قال وهو على اعتاب الباب بتريثٍ:
"اللي أنتوا عملتوه دا أنا مش هتكلم عليه، علشان العيب على الناقص اللي جابكم، دلوقتي هتاخدوه و تخرجوا من هنا، بس يمين بالله لو حد فيكم جه ناحية البيت دا تاني هخليه نسخة منه، فاهم؟"
رد عليه «علاء» بذعر متوسلًا إياه:
"طلاق تلاتة راشد هو اللي كلمنا علشان نعمل كدا، و أصلا لما عرفنا إنه أخوه شيلنا ايدنا من الموضوع كله، عرفنا إنه فخ معمول علشانه، احنا برة الموضوع دا"
أومأ له «وليد» ثم عاد للداخل يتحدث بنبرةٍ قوية:
"احمد ربك يا راشد إنك خارج من هنا حي، بصراحة مكنتش متوقع إنك تخرج على رجلك كدا"
رد عليه «راشد» بانهاكٍ واضح:
"تشكر يا وليد، خليني بس اروح أطمن على رامي"
رد عليه «ياسر» بخجلٍ:
"الحباية اللي واخدها للأسف مش هتفوقه قبل بكرة، بس اطمن هي ملهاش أي أعراض جانبية، يعني أمان ليه"
وقف «راشد» من على المقعد ثم قال بهدوء:
"شكرًا، أنا بس عاوز أقول أني آسف على كل حاجة و المرة دي بجد، حقك عليا ياسين، وحقك مراتك و حق هدير فوق راسي أنا"
رد عليه «ياسين» بهدوء بعدما نظر لزوجته ثم أعاد بصره له مرةً أخرى:
"أنا عن نفسي مش عاوز حق ولا مراتي ولا أختها ولا حسن، أمشي يا راشد و خد ابوك عالجه و خلي بالك من أخوك، خسارة شبابه يضيع على البنات و الاستهتار"
أومأ له بهدوء ثم أشار لصديقه يقول له بهدوء:
"تعالى شيلوا معايا يا علاء، خلينا نروح علشان رامي، كفاية لحد كدا"
أومأ له صديقه ثم سانده حتى السيارة أدخله هو بها، ثم عاد يأخذ والد صديقه، فتحدث «محمود» أمام الجميع يقول بنبرة جامدة:
"لو رجلك ولا رجل حد من عيالك خطت بيت الرشيد تاني، مش هتخرج منه يا ابراهيم، أديك أهوه شوفت عينة من اللي هيحصل، المرة الجاية هتبقى بموتك، أو السجن"
نظر له بلامبالاة، فوجد «ياسين» يقترب منه من جديد وهو يقول بهدوء لا يقبل النقاش:
"أمضي يا عم ابراهيم، أنا لو عندي ثقة فيك مش هعمل كدا، أمضي على الوصولات دي علشان أعرف اقف قصادك لو فكرت بس تعمل حاجة، طالما طلعت أنتَ اللي ناقص كدا"
أومأ له «ابراهيم» ثم أخذ الدفتر من يده يدلي بتوقيعه عليه، قبل خروجه من البيت وصله صوت «وليد» يقول ساخرًا:
"أنتَ واحد ربنا كرمك بالمال و البنون، بتجري ورا النسوان ليه؟ أديك ضيعت المال و البنون و حلقات المسلسل كلها، روح بقى شوف مسلسل العار يمكن يفيدك"
أخفض رأسه في انكسار وهو يستند على ذراع «علاء» حتى يخرج من البيت، و بعد اختفاء اثره تنهد الجميع بأريحية حتى نساء العائلة، أما «خالد» فقال بهدوء:
"طيب يا جماعة عن اذنكم احنا هنمشي علشان الوقت اتأخر، الحمد لله إنها جت على قد كدا"
رد عليه «مرتضى» بامتنان:
"ربنا يبارك فيكم يا بني و يخليكم لينا، جميلكم دا فوق راسنا، بس مش هينفع تخرجوا من هنا من غير عشا"
تدخل «ياسر» يقول بهدوء:
"حضرتك عارف كلنا متجوزين و مش هينفع نسيب الستات أكتر من كدا لوحدهم، لازم نمشي معلش"
أتى «طه» يقف أمامهم يقول بفرحة:
"أنا ربنا كرمني بيك يا ياسين، و باخواتك معاك، والله يا بني لو مت دلوقتي أنا مطمن على بنتي أنها مع واحد زي الأسد في ضهرها"
تدخل «وليد» يقول بمرحٍ:
"بصراحة فكرة وصولات الأمانة و التصوير بتاعتهم هما، و فكرة إن رامي يتحط مكان هدير كانت فكرة ياسين، أما نقل هدير فدي فكرة خلود"
رد عليه «حسن» بهدوء:
"والله يا بني جميلكم فوق راسي، انتو عملتوا اللي محدش يقدر يعمله، مراتي معايا بسببكم"
نظرت هي له باندهاش حينما سمعت منه تلك الكلمة الغريبة على مسامعها فوجدته يسترسل حديثه و كأنه لم يفعل شيئًا:
"تشكر يا عامر، طبق المكرونة اللي في وش راشد دا ميخرجش من حد غيرك"
ضحك الجميع عليه أما «عامر» رد عليه بقلة حيلة:
"خلاص والله علشان صعب عليا، دا كله و في الأخر ابراهيم طلع زبالة، أنا برضه قولت الشنب اللي في وشه دا كله مش طبيعي أكيد مخبي وراه بوق بيحدف طوب"
ابتسم الجميع بخفة، بينما «ياسين» قال بهدوء:
"طب احنا مضطرين نستأذن بقى علشان الشغل بكرة، و علشان أوصل الشباب معايا كمان، يلا يا خديجة"
أومأت هي له بهدوء، فتحدث «محمود» يقول بلهفة:
"استنى بس يا بني، طب اقعدوا معانا شوية علشان خاطر صحابك بس اللي طلع عينهم دول"
رد عليه «ياسين» بهدوء:
"صدقني والله احنا لازم نروح علشان أشغالنا بكرة كلنا، و كمان بصراحة أنا عاوز ارتاح من علقة النهاردة دي"
أومأ له الجميع فقال هو مودعًا للرجال:
"نشوفكم على خير إن شاء الله، و في أي وقت تحتاجوني أنا أو الشباب احنا تحت أمركم"
رد عليه «محمد» بامتنان:
"و الله يا بني مش عارفين نقولكم إيه، ربنا يديكم الصحة"
تدخل «وليد» يقول بمرحٍ ساخرٍ:
"عم محمد ؟! دلوقتي مش عارف تقول إيه؟ ياريتك من الأول مكنتش عارف تقول إيه، مسمعتش صوتك طول القعدة يعني، لعله خير إن شاء الله، ولا هو صوتك بيطلع ليا أنا بس"
ابتسم الجميع عليهما بينما «محمد» تحدث يقول بحنقٍ:
"ما تبعد ابنك عني يا مرتضى، هو خلاص هيسيب الكل و يتمسك بيا أنا؟"
رد عليه «وليد» بوقاحة زائدة:
"لما يبقى أسمك عبلة أبقى اتمسك بيك يا حمايا، ولا إيه يا حج مرتضى ؟"
رد عليهما «مرتضى» بضيق:
"بقولك إيه أنتَ و هو، طلعوني برة حوارتكم دي، كان نسب صداع على دماغ أهلي"
تدخل «عامر» يقول بمرحٍ:
"والله يا حج مرتضى أنتَ راجل عسل بتفكرني برياض، نفسي كدا تقابله و تقعدوا مع بعض و معاكم أبويا و عم فاروق، والله العظيم هتبقى ليلة فل"
رد عليه «مرتضى» بمرحٍ:
" عيني ليك يا حبيبي، هاخد بصة على جدول مواعيدي و أشوف أنا فاضي امتى و ابقى اديكم الميعاد"
تدخل «ياسر» هو الأخر يقول بنبرة ضاحكة:
"أنا كدا اتأكدت انك شبه رياض فعلًا، وعد مني هخلي عامر يعملكم ماتش حلو"
تدخل «ياسين» يقول باحراج:
"طب عن اذنكم إحنا بقى علشان الوقت اتأخر، سلام عليكم"
رد عليه الجميع السلام، أما هي مالت تهمس له بهدوء:
"هسلم على البنات علشان ميزعلوش، و هسلم على هدير"
أومأ لها بهدوء ثم أخذ أصدقائه و رحل بهم إلى الخارج يقف بجانب السيارة، أما هي ألقت التحية المودعة على الفتيات، ثم وقفت بجانب «هدير» تقول بهدوء:
"خلي بالك من نفسك يا هدير، أنتِ بقيتي في حماية وليد، يعني فيه جيش في ضهرك، و أنا كمان معاكي لو عاوزة حاجة عرفيني، عاوزاني معاكي النهاردة كمان؟"
نظرت لها «هدير» بامتنان ثم احتضنتها فجأة أمام الجميع، شعرت «خديجة» برجفة بسيطة من العناق، لكنها رفعت ذراعيها بهدوء تبادلها العناق، و بعد مرور ثوانٍ انتهى عناقهن سويًا، فقالت «خديجة» لـ «حسن» بهدوء:
"خلي بالك منها، أديك شوفت اللي حصل من شوية، يعني مفيهاش أعصاب"
ابتسم هو بهدوء ثم قال:
"متقلقيش عليها، أنا عارف إن الوقت كان صعب و الوضع صعب، بس إن شاء الله في وجودي دا كله هيتصلح"
أومأت له ثم التفتت تقف بجانب «هدى» وهي تقول بتوسلٍ:
"علشان خاطري يا هدى كلي علشان اللي في بطنك، و خلي بالك من نفسك و بطلي عياط شوية"
أومأت لها بأعينها الباكية فمدت أناملها تمسح دموعها بهدوء، بعدها عانقت «جميلة» و «عبلة» و باقي نساء العائلة، أما «زينب» فقالت لها بحزن:
"مش كنتي فضلتي معايا النهاردة كمان و مشيتي بكرة؟ ليه تمشي النهاردة ؟"
ردت عليها هي ببساطة:
"علشان ياسين و شغله يا ماما، و بعدين حلو أهو قضيت معاكم خمس أيام، ياسين متكملش بس خايفة يزعل"
أومأت لها والدتها ثم قالت بفخرٍ:
"عين العقل، روحي يلا علشان جوزك مستني مع صحابه برة"
أومأت لها ثم انسحبت في هدوء تقف بجانب زوجها، ثم ركبت معه السيارة، أما أصدقائه ركبوا سيارة «خالد».
________________
انتهى ذلك التجمع و كل فرد ذهب إلى شقته حتى «هدير» ذهبت إلى غرفتها في شقة والدها بعد رحيل زوجها و نظرًا لارهاق الأيام الماضية تكورت في الفراش في وضع يشبه وضع الجنين، تفكر فيما حدث في حياتها، ودون وعي منها سقطت في بئر النوم.
فوق سطح البيت جلس هو كعادته يفكر في اليوم و أحداثه وفجأة ابتسم بهدوء ثم قال:
"تعالي يا سوبيا...و الله فيكي خير و علطول محسساني برمضان"
اتت هي من خلفه ثم مدت يدها تدلك رأسه بهدوء، فوجدته يقول بألم:
"آااااه....يلهوي ياما، راسي يا ناس، عيلة الرشيد كسروا دماغ ابنك ياما..."
ضحكت هي بخفة ثم قالت:
"ماهو أنتَ اللي شاغل نفسك بيهم، يبقى تستاهل بصراحة، و بعدين فيه حد راسه مصدعة يقرأ كتاب؟ أنتَ فاضي ياض؟"
قالت حديثها بعدما ألقت نظرة على الكتاب المجاور له، فرد عليها هو بسخرية:
" أخرتها ياض ؟! أنا لما بصدع بحب أقرأ علشان ألهي نفسي، بصراحة بلاقي نفسي وسط الورق"
رفعت أنفها تنظر له بوجهٍ ممتعض، فوجدته يقول بسخرية دون أن ينظر لها:
"نزلي مناخيرك يا عبيطة، و بعدين حد يتريق على كافكا؟"
التفتت هي تقابله جالسة أمامه على الأرض ثم قالت بسخرية:
"هو أنتَ و خديجة بتحبوا كافكا ليه؟ خديجة طول عمرها بتحبه و أنتَ بتحبه، ليه بجد عملكم عامل؟"
تنهد هو بضيق ثم أضاف:
"مش ذنبي أني حبيت واحدة جهلة متعرفش مين هو كافكا، رغم إن كافكا دا قال جملة بتوصفك بالظبط، كل مرة عيني تقع على الجملة دي، عقلي و قلبي بيفتكروكي يا عبلة، أنتِ لوحدك مش حد تاني"
تأثرت هي من نبرته الهادئة و حديثه الصادق الذي دومًا يأسرها فقالت بنبرة هادئة مهتزة:
"طب...هو كافكا قال إيه عني علشان يخليك تفتكرني كل ما تقرأ؟"
رفع عيونه ينظر لها بصدق وهو يقول بثباتٍ مُحدقًا في عسليتيها:
" الأمرُ ليس بكثرةِ الموجودينَ حولك،
إنما بمن يأتيك دون أن تُناديه ،
ومن يُربِتُ على كتفك دون أن تُخبرهُ أنّك مُثقَلٌ بالهموم"!!
كافكا كان عارف إن الحب هو إن حبيبك يجيلك حد من غير ما تطلب، الغريب إنك من ساعة ما بقيتي مراتي و أنتِ كل مرة بتيجي ليا في الوقت المناسب، كان صايع كافكا دا برضه"
ابتسمت هي بهدوء ثم قالت:
"يبقى نحب كافكا طالما أنتَ بتحبه، انتظرني بكرة هسمعك حاجة منه إنما إيه عظمة"
رد عليها هو بسخرية:
"ياختي حبيني أنا بس عِدل الأول، قال تحبي كافكا قال، اتنيلي دا أنا مش ملاحق من أبوكي عاملي زي الرادار"
أتى من خلفه يقول بتوعد:
"ماهو علشان أنتَ مش متربي يا وليد، لو مرتضى كان تعب نفسه شوية كمان و رباك كنت بعدت عنك"
ابتسمت هي باتساع، بينما تحدث هو يقول متمتًا بضيق:
"يا أخي كانت ليلة سودا يوم ما بقيت حمايا"
سأله عمه بتشككٍ من خلفه:
"بتبرطم تقول إيه يالا؟ رد كدا و سمعني علشان أنا جبت أخري منك"
وقف «وليد» مقابلًا له وهو يقول بمرحٍ زائف:
"أنا اقدر برضه أغلط فـ حمايا؟ دا أنتَ الغالي ابو الغالية، بس قولي، هو حماك رجل رخم مخليك مش عارف تقعد مع مراتك براحتك علشان كدا طالع السطح؟"
ضيق «محمد» جفونه و تنهد بعمقٍ ثم تبع تنهيدته بقوله:
"انزلي يا عبلة حضري الأكل مع جميلة، علشان سلمى بايتة عند خلود و أمك مع هدير"
أومأت له بأدب ثم قالت لزوجها:
"عن اذنك يا وليد، عاوز مني حاجة؟"
ابتسم هو بسخرية فوجد والدها يقول بضيق زائف:
"أنتِ بتستأذنيه و أنا واقف؟ خلاص مفيش أدب خالص"
نظرت هي لوالدها بقلة حيلة، بينما قال هو بهدوء خبيث:
"و أظن برضه إنك عارف شرع ربنا، يعني أنا اللي ليا الحق تستأذنه مش أنتَ بما إنها مراتي"
رد عليه «محمد» بسخرية:
"لسه مبقتش مراتك يا سي وليد، دا كتب كتاب لسه"
اقترب منه «وليد» يقول بخبثٍ:
"وأنا مستعد من الليلة دي أخليها معايا متفارقنيش بعد كدا، و تبات في شقة جوزها....ها موافق؟"
عض على شفته السفلى ثم قال بهدوء بعدما حاول التحكم في نفسه:
"انزلي يا عبلة علشان جميلة لوحدها، أنا عاوز وليد في كلمتين"
أومأت له ثم نظرت لزوجها ترسل له قبلة في الهواء جعلته يبتسم باتساع وهو ينظر في اثرها بحبٍ، فسأله «محمد» بسخرية:
"إيه عجباك البوسة؟"
_"يا خسارة كان نفسي تبقى على الحقيقة، منه لله اللي كان السبب"
خرجت منه بنبرةٍ تائهة جعلت عمه يقترب منه وهو يحرك رأسه باستفسار، فابتسم هو له باستفزاز أثار حنقه مما جعل عمه يبدل نظرته للتوعد.
_________________
في شقة «خديجة» دخلت خلف زوجها وهي تتنهد و قبل أن تتفوه وجدته يكمم فمها بيده يقول بضيق زائف:
"عارفة لو نطقتي و قولتي أخيرًا دي هعمل فيكي إيه؟ هبيتك في الشارع، الكلمة الفقر دي جايبة أهلي ورا، فاهمة؟"
حركت رأسها عدة مرات موافقة وهي تحاول كتم ضحكتها أسفل يده، أما هو فأبعد كفه ثم تنهد بعمقٍ، و هو يقول بمرحٍ:
"أخيرًا..."
"_إيه ؟! نعم يا اخويا"
خرجت منها بحدة حينما سمعته يتفوه بما نهاها عنه
فالتفت هو يقول بمرحٍ:
"كنت هقولك ياه أخيرًا هقلع الكوتشي، بلاش مخك يروح بعيد"
ضحكت هي بسخرية ثم قالت:
" آه طبعًا أومال، أنا هدخل أغير هدومي و أطلع علشان تحكيلي كل التفاصيل، هاه كلها"
أومأ لها مؤكدًا بسخرية ثم أضاف:
"تمام و أنا هدخل أدور في التلاجة على حاجة ناكلها علشان أنا جعان، لحد ما تخرجي"
سارت من أمامه تتبختر بتعالٍ وهو ينظر في أثرها بصدمة ثم قال غير مصدقًا لما يراه:
"هي البت دي حصلها إيه؟ أنا بدأت أخاف منها والله"
بعد قليل خرجت هي من غرفتها فوجدته يقف في المطبخ يعد الطعام و هو يرتدي ملابس بيتية، فسألته بذهول:
"ياسين أنتَ غيرت إمتى؟ إيه الرعب دا ؟"
نظر هو لها بسخرية وهو يقول بهدوء:
"ماهو يا بنت الحلال الشقة فيها بدل الحمام اتنين و بدل أوضة تلاتة، أكيد خدت هدومي من الأوضة و دخلت الحمام التاني، إيه الغباء دا بس"
ردت عليه هي بإحراج:
"والله بنسى يا بني معلش خليها عليك"
رد عليها هو بسخرية بطريقة مُضحكة حينما غير صوته:
"متقوليش كدا ياما، احنا عنينا ليكي يا أمي، اعتبريني ابنك"
ضحكت هي بقوة ثم جلست على الكرسي الخشبي الموضوع بجانب الطاولة وهي تقول بهدوء:
"سيبك بقى من كل دا و قولي إيه اللي حصل النهاردة دا، إزاي كنتو جامدين كدا، رغم انه صعب عليا يعني في الأخر بس مش مشكلة هو حيوان علشان بيسمع كلام الحيوان الكبير"
سحب هو المقعد المجاور لها ثم قال بهدوء:
"بصراحة صعب عليا شوية، بس بعد كدا عادي، هو غلطان برضه، مش علشان أبوه وحش يبقى هو ضحية و خلاص، لأ هو وحش هو كمان"
تنهدت هي بعمقٍ ثم قالت بنبرةٍ حزينة حينما تذكرت ما مضى:
"عارف ؟ مش قادرة أسامحه بصراحة علشان بسببه فضلت ٦ شهور في اكتئاب و كنت بكره ابص في المراية، هو و مشيرة كانوا أكتر اتنين مكرهيني في نفسي، الغريب إن كل الناس بتقول إن ملامحي هادية و جمالي هادي، بس أنا مكنتش بفتكر غير كلامه هو و هي معاه، بس هو كان أكتر"
أمسك هو كفها ثم قال بنبرةٍ حاول صبغها بالهدوء قدر الامكان:
"أنا لا عاوز منك مسامحة ولا عاوز منك تفتكريه أصلًا، بدل ما قسمًا بالله أروح أكمل على أهله، ماشي يا ختي ؟"
ابتسمت هي باتساع ثم قالت:
"بقولك كنت، و بعدين هو حد يبقى معاه ياسين و يفتكر حد غيره؟ والله العظيم ما فيه غيرك، ولا إيه يا عم ياسين ؟"
ضحك هو بخفة ثم قال بهدوء:
"أنا عارف إن العقل غصب عنه بيفتكر السلبيات و دي حاجة مش بايدك، و أظن أنا مأكدلك إنك مفيش منك، و دي حقيقة يا خديجة أنتِ حلوة و مش حلوة بس لأ، أنتِ حلوة أوي، لو بالروح أو بالشكل أنتِ كسبانة كسبانة"
ابتسمت هي باتساع أكثر ثم باغتته بسؤالها:
"ياسين من بين كل اللي روحت تتقدم ليهم، مين أكتر واحدة اتمنيت إنها تكون ليك، يعني كان نفسك أنها تكون مناسبة"
حرك كتفيه ببساطة وهو يجيبها بهدوء بعدما التقط غرض السؤال
"هتصدقي لو قولتلك ولا واحدة غيرك؟ كلهم كانوا زي الدهب العيرة منظر على الفاضي، كلهم كانوا سطحيين الجواز عندهم منظرة و خلاص، محدش فيهم كان عاوز السَكن و السَكينة، مفيش حد فيهم عيونه طمنتني زي عيونك يا خديجة، خدوني من أول مرة بصيت فيهم، خدوني و سهروني و شغلوني، بصراحة يستاهلوا السهر"
سألته هي بنبرةٍ متأثرة:
"إزاي ؟!"
ابتسم لها بهدوء ثم أضاف:
"علشان هما حلوين، عيونك الحلوين دول شبه النجوم، ببصة منهم تروح الهموم"
سألته هي ببلاهة:
"إيه؟ عيوني أنا؟"
أومأ لها مؤكدًا ثم اقترب منها يهمس بهدوء:
"آهٍ....جَـميلةٌ أنّــتِ تُــشـبِهين السـَماءِ في صَـفـاءها بَـعد ذِهَــاب الـغِيـوم...ضَـحكَتـكِ وحــدُها قــادرةٌ عــلىٰ إزالــة الـهـموم"
رفعت عيناها تنظر له بحبٍ فوجدته يضيف هامسًا بمرحٍ كعادته:
"خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ"
صفقت بكفيها معًا وهي تقول بمرحٍ:
"لأ أتثبتِ إيه بقى ؟!
هات بوسة يا ياسين"
______________
فوق سطح بيت آلـ الرشيد تحدث «محمد» يقول بمرحٍ:
"واد يا وليد، هو ازاي أنتَ مخلي عبلة تحبك كدا ؟! يعني بتعملها إيه علشان تجري وارك علطول منين ما تروح ؟"
نظر هو له بشكٍ ثم قال:
"جرى إيه يا حمايا، بتحب على حماتي ولا إيه، قولي، أنا حبيبك برضه و أهو بالمرة أجوزك أنتَ كمان"
نظر له «محمد» بحنقٍ وهو يجيبه:
"يا شيخ اتلهي على عينك، دا أنا مش عارف احب مراتي، هحب عليها، أنا مش لاقي وقت يا بني أصلًا"
سأله «وليد» بتعجبٍ:
"أومال مالك بس، حاشر نفسك بيني و بين مراتي ليه، مستكترها عليا من الدنيا ليه"
نظر له «محمد» بسخرية ثم قال بهدوء بعدما رفع رأسه ينظر للسماء بحالمية:
"طول عمري كنت بخاف أكون لوحدي يا وليد، محمود و مرتضى كانوا صحاب و طه و مشيرة كمان و أنا لوحدي وسطهم
، كان نفسي يكون عندي حد قريب مني، لما اتجوزت سهير بقت هي كل حياتي، بعدها طارق و عبلة و سلمى، خصوصًا عبلة، صَاحبتها و كبرتها و بقيت ليها كل حاجة، كل حياة عبلة كانت ليا، لما أنتَ ظهرت في حياتها أنا فرحت علشان هتكون معايا علطول، و مش هسلمها لواحد غريب، بس عبلة بقت بتحبك أوي، بقت بتتعلم كل حاجة علشانك، الأكل و كوي الهدوم، و الحلويات، حتى الكتب بقت عاوزة تشاركك فيها"
رد عليه هو بسخرية:
"طب أمسك الخشب ولا سمي الله حتى، بدل ما نولع في بعض بكرة، يا ستار منك"
ضحك «محمد» بخفة ثم وضع ذراعه على كتف «وليد» وهو يقول بمرحٍ:
"الغريب إن أنا حبيتك أنا كمان، حب عبلة حببني فيك أوي، بقيت بحس أني مطمن علشان أنتَ معاها، عبلة معاك يا وليد في أمان، أوعى تسيبها ولا تزهق منها"
نظر «وليد» لذراع عمه الموضوع على كتفه ثم نظر في وجهه وهو يقول ببلاهة:
"عم محمد أنتَ عايش؟ أوعى تكون بتودع، حرام عليك، أنا مخدتش نفسي من عزا فاطمة"
ضحك «محمد» بخفة ثم قال:
"لأ أنا قاعد على قلبك اطمن، بس حسيت أني عاوز اطمنك أني بحبك علشان أنتَ تستاهل بصراحة"
ضحك «وليد» باتساع ثم رفع نفسه يقبل رأسه بهدوء وهو يقول مبتسمًا:
"حمايا بقى...ابقى وصلها لعبلة"
ضحك كلاهما بقوة، فأضاف «محمد» يقول بسخرية:
"مفيش فايدة، برضه متربتش"
رد عليه هو بسخرية:
"كفاية ابنك متربي أوي، لحد دلوقتي ممسكش إيدها أصلًا، خليني ساكت"
رد عليه «محمد» بأسى:
"طارق دا طيب أوي، عاش عمره كله يستناها و لما رجعت بتعامله كأنه غريب عنها، صحيح هي بتطمن في وجوده، بس الواد برضه نفسه يطمن إنها قبلاه"
نظر له «وليد» بخبثٍ ثم قال بهدوء بعدما التفت ينظر حوله:
"جميلة حوارها مع طارق خلص خلاص للأسف"
سأله «محمد» بقلقٍ واضح في نبرته:
"يعني إيه يا وليد؟ مش فاهمك"
وقف «وليد» أمامه ثم قال بهدوء:
"تعالى معايا و أنا هفهمك دلوقتي، بس أمسك أعصابك"
قال جملته ثم سار أمام عمه بهدوء و الآخر يلحقه متعجبًا منه ، وبعد مرور ثوانٍ دخل «محمد» شقته و «وليد» خلفه بوجهٍ خالٍ من التعابير، تحدث «محمد» يقول بصوتٍ عالٍ على اعتاب الشقة:
"أنا جاي و معايا وليد يا جماعة"
مال هو على أذنه يقول بسخرية:
"دا على أساس إنهم قاعدين براحتهم يعني ؟ دي بتلبس الخمار قدام ابنك، اقعد بقى"
عض عمه على شفته ثم دخل الشقة وهو يتبعه حتى وصل للصالة الثانية، كانت بها اسرته بأكملها، أما «طارق» فخرج من الشرفة يقول من خلفهما بهدوء:
"خير فيه إيه تاني؟ أؤمر يا وليد"
رد عليه «وليد» بثباتٍ:
"لأ مش جاي علشانك، أنا جاي علشان الآنسة جميلة"
نظر الجميع له بتعجبٍ حتى هي فقال هو بعدما أمعن النظر لها:
"جاي أقولك إن اتفاقنا خلص خلاص، لو عاوزة تطلقي من طارق كل حاجة جاهزة زي ما وعدتك"
SHETOS
SHETOS
تعليقات



×