رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل السادس
إن كنت تظن أن تلك الحياة خلقت بها دروبًا للراحة، فأنتَ مُخطيء... و إذا كنت تظنها كل شيء فـ خطئك أكبر، بالطبع تلك الحياة لم تخلق للراحة، بل خلقت للتعلم حتى تصل للتأقلم، تقف بها تشبه الطفل الصغير لا تدري ماذا تفعل تظن أنك تعيش في سلام....حتى تصطدم بحوائط الواقع مثل اصطدام الأجساد في الزحام.
اقترب «راشد» من «وليد» يقول بانفعال:
"الكلام اللي الأخ دا بيقوله صح يا وليد؟ ولما أنتَ عارف إن هو خطيب هدير سبتني اتعشم ليه؟ محاولتش تراعي نفسيتي؟"
ابتسم له «وليد» وهو يقول بنبرةٍ واثقة:
"بصراحة هي حركة زبالة معلش بقى جت فيك، و بعدين أنتَ عاوز تقهر أخواتي و تستغل الظروف و أراعي نفسيتك؟ ليه؟ هي نفسيتك فيها كتاب دين؟"
اتسعت حدقتي الجميع من الموقف، عدا «مرتضى» و «حسن» و «ياسين» الذي سبق و اتفق معهم «وليد» على ما هو آتٍ، بينما «وليد» تابع قوله بنبرةٍ واثقة من جديد يقول:
"بصراحة يا راشد أنا موثقتش فيك بربع جنيه مخروم حتى، دا غير إن مش وليد الرشيد اللي يفرط في لحمه لأي حد و السلام"
اقترب منه «راشد» يقول بانفعال:
"و ليه كدا يا وليد؟ ليه خلتني اتعشم انها هتكون ليا، و ليه اتفقت معايا أعتذر عن اللي فات على اساس موافقتك ليا؟"
زادت نبرته ثقة و تشفٍ وهو يجيبه بهدوء أعصاب يحسد عليه:
"بصراحة دا كان رد اعتبار لـ أختي، و سفالة و قلة أدب مني، ما هو أنا قلت لك نفسيتك مفيهاش كتاب دين علشان أراعيها"
وقف أمامه «راشد» بشموخ قائلًا:
"و أنا اللي طلبت ايد هدير قدام الكل، يعني الحق ليا أنا إنها تكون ليا، أنا اللي جيت الأول قصادكم و أنا أولى من الغريب"
نظر له الجميع باندهاش من وقاحة حديثه، بينما «طارق» تدخل يقول منفعلًا:
"إيه كلامك الخايب دا يا راشد؟ ما تفوق كدا و تشوف أنتَ بتتكلم عن مين؟ دي أختنا يعني تلم نفسك و تتعدل بدل ما اعدلك أنا"
استشعر «راشد» خطأ حديثه لذلك اقترب منه يقول بلهجة مهتزة إثر انفعال الآخر:
"أنا من قهرتي بقول كدا يا طارق، عشمت نفسي إن اللي بحبها تكون ليا و أخوك زود عشمي، في الآخر لقيته بيلعب بيا، حط نفسك مكاني"
تدخل «حسن» يقول بلهجة حادة نابعة من قلبه:
"قولتلك أنا خطيبها، يعني كلامك معايا أنا، و بعدين إيه جاي الأول دي؟ فاكر نفسك واقف فـ مكتب تموين؟ اتعلم تتكلم عن الناس بأدب بدل ما الرجالة تعلمك"
تدخل «ابراهيم» يقول بانفعال ممتزج بنبرةٍ مهتزة خوفًا من القادم مُردفًا:
"خلاص يا راشد، هي مش نصيبك، ربنا يسعدها مع الاستاذ، احنا بس كنا هنعمل الواجب علشان تكون راجلها فـ محنتها، لكن الأصول منتعدهاش، طالما هي مخطوبة"
رد عليه «راشد» بانفعال:
"أنا بقى عاوزها تيجي هنا قدامي و تقول إن هو خطيبها، مش يمكن دي لعبة معمولة علشان وليد يرفضني بالطريقة"
رد عليه «وليد» بثقة:
"لأ ناصح برضه، و ماله يا راشد، اطلعي يا خلود هاتي هدير هنا، خليها ترد على الأستاذ بنفسها و تعرفه إنها مخطوبة لحسن"
يا إلهي ماذا يفعل هذا المختل، كيف ستجيبه وهي لم تتحدث حتى الآن، حتى أنها غير مستشعرة لما يدور حولها، هذا ما دار بخلد الجميع، حينما تفوه «وليد» بجملته يطلب حضورها لتلك الجلسة، و حينما لاحظ سكون «خلود» قال بنبرةٍ حازمة:
"اطلعي يا خلود يلا، و أطلعي معاها يا سلمى أنتِ كمان، و متتأخروش علشان بحب أشم ريحة الشياط أوي"
كان حديثه خبيثًا يتطرق نحو «راشد» الذي بادله النظرة بأخرى ثابتة و لم يرمش له جفن، أما «مرتضى» فتدخل يقول بهدوء خبيث مثل صغيره:
"منور يا راشد، بس خلي بالك حسن طالب هدير مني بقاله اكتر من اسبوعين، يعني له حق بصراحة، دا غير إنك كدا بتكدبنا في بيتنا...و أنا مضمنش رد فعل وليد هيبقى إيه، واخد بالك يا ابراهيم"
كان حديثه تهديدًا صريحًا لهما، جعل الرعب يدب في أوصالهما و كلًا منهما يزدرد لُعابه بخوفٍ مما ينوي فعله ذلك الداهية المدعو «وليد»، كان الجميع في حالة ترقب و صمت تام، ناهيكم عن النظرات الحانقة التي تشبه السهام، و تأفأف البعض من الانتظار، و فجأة طلت عليهم «هدير» برفقة الفتاتين، كانت تنظر حولها بخوف من المنظر، و أول من تعلقت عيناه بها كان «حسن» الذي أمعن نظره لها يتفحص ملامحها الباهتة و شحوب وجهها، يا الله كيف أصبحت تلك المشاغبة بهذه الحالة؟ جسد فقط يتحرك بلا روح، في تلك اللحظة شعر أنه يود الركض إليها حتى يخفف عنها آلامها، خرج من قوقعة تفكيره على صوت «وليد» يقول لها بهدوء:
"هدير ركزي معايا ثواني، دلوقتي مين خطيبك حسن ولا راشد؟"
نظرت هي له بصمتٍ ولم ترد عليه فقط نظرة متسائلة خرجت من بين أهدابها الكثيفة، فوجدته يتابع من جديد بحزمٍ:
"ها يا هدير؟ حسن ولا راشد؟ مين فيهم اللي خطيبك؟ كل الناس دي واقفة تسمع ردك"
في تلك اللحظة اقترب منها «حسن» يقف مقابلًا لها بجانب «راشد»، فكانت هي مقابلةً لكليهما ولم تتحدث، حينها تدخل «ياسين» يقول بهدوء:
"ها يا هدير؟ ردي علينا، مش حسن هو خطيبك برضه؟"
وجهت بصرها نحو «حسن» فوجدت نظرته مترجية لها، نظر «وليد» لها يتتبع بصرها فوجدها تنظر له، حينها ابتسم بخبثٍ ثم رفع صوته يصرخ بها بحدة:
"ردي يـــا هــديـر...حــسـن خـطـيـبـك و لا لأ؟"
ارتجف جسدها بشدة من صوته، فمدت كفها تتمسك بذراع «حسن» حينما شعرت بالخوف، نظروا جميعهم لذلك المشهد باندهاش، أما «وليد» اعتلى ثغره بسمة واثقة وهو يقول بنبرةٍ متريثة:
"ها يا راشد صدقت إنه خطيبها؟ هي مسكت دراعه قدامك أهوه، تحب أخليها تبوسه كمان علشان تصدق؟"
نظر «حسن» لها بفرحة تضج من عيناه لم يستطع التحكم في ذاته حتى يخفيها عن الجميع، أما هي فنظرت له تزدرد لُعابها بخوفٍ من الموقف لا تدري ماذا يدور حولها، هي فقط مغيبة في عالم أخر، بينما «راشد» نظر حوله بحقدٍ واضح و هو يقول بنبرةٍ منفعلة:
"شكرًا يا وليد...تمام أوي كدا على احراجك ليا، خليت شكلي زفت قصاد الكل علشان ترضي غرورك على قفايا، بس أنا مش هسكت"
اقترب منه «وليد» يقول بثقة متشفيًا به و بحالته:
"أصل أنا مبعرفش أسيب حقي ولا حق اللي يخصني، و خديجة حقي و حقها يخصني، رد اعتبار أختي أنا كنت كدا كدا هاخده منك، ذوق أو عافية، بس كنت مستني الظروف تجمعنا سوا"
في تلك اللحظة مال «طارق» على أذن «وئام» يقول بهمس:
"اقطع دراعي إن ما كان أخوك اللي حوار خطوبة هدير و حسن دي، الحركة دي متجيش من غيره"
نظر له «وئام» بلامبالاة وهو يقول:
"معاك البطاقة؟"
نظر له الأخر متعجبًا فوجده يومأ له بثقة وهو يقول:
"جهز بطاقتك علشان نشهد على كتب الكتاب...دا وليد برضه"
نظر «طارق» أمامه من جديد وهو يقول بنبرةٍ غير مصدقة:
"يا ولاد الهُبل"
كانت النظرات جميعها متشفية، بينما «ابراهيم» بعد التفكير العميق، تحدث متشدقًا بنذقٍ يقول:
"ألف مبروك يا ولاد عمي، و احنا علشان بنفهم في الأصول هنحضر اليوم التالت في العزا، احنا كنا جايين علشان الواجب، و بعدها هنمشي من هنا خالص"
التفت «راشد» ينظر له مُتعجبًا فوجده ينظر له بحدة يطلب التريث قليلًا، فأضاف «راشد» يقول بنبرة جادة:
"أنا هفضل هنا لحد ما اطمن على هدير، طالما هما مش قادرين يساندوها في محنتها دي"
رد عليه «حسن» من خلفه بنبرةٍ قوية:
"لأ ماهو كتر خيرك لحد كدا، خطيبتي و أنا حر فيها، و ياريت اسمها ميجيش على لسانك تاني، علشان مزعلش منك و أنا زعلي صعب بصراحة"
تدخل «طه» يقول بحنقٍ:
"بص يا بني أنتَ كتر خيرك على حركة المجدعة اللي كانت هتخرج منك لهدير، بس خلاص حسن خطيبها و أنا واثق إنه من بدري عاوزها لأنه لمح ليا قبل كدا، و حق خديجة هي مش مسامحة فيه و دا حقها، ربنا يعوض عليك بقى ببنت الحلال"
تدخل «وليد» يقول متهكمًا بسخرية لاذعة:
"قصدك ببنات الحلال يا عمي، راشد ميكفهوش واحدة بس، راشد بيتعامل بالجملة، دا أنا أخاف على الساعة منه علشان مؤنثة"
نظر له «راشد» بشررٍ يتطاير من عيناه و كأنه في تلك اللحظة يود الفتك به، فوجد والده يقول بضيق:
"تسلموا لحد كدا، احنا هنروح بيتنا الليلة دي كفاية اهانة فيا و في عيالي، و احنا كنا عاوزين نصلح اللي فات و المياة ترجع لمجاريها من تاني"
رد عليه «وليد» بتبجحٍ:
"للأسف يا عمي الماسورة مكسورة و المياه اللي هترجع دي بناقص منها، بس على العموم أنتَ هتشرفنا لحد بعد بكرة علشان كتب الكتاب تحضره بنفسك"
رد عليه مُعقبًا بحنقٍ:
"لأ يا سيدي شكرًا لكرم أخلاقك، هو أنتَ لسه عاوزنا نقعد هنا تاني"
أومأ له بثقة ثم أضاف:
"لو بصحيح زي ما بتقول عاوز المياه ترجع تاني لمجاريها يبقي تفضل معانا لحد كتب الكتاب، و أهو نعتبرها بداية صلح جديد"
انتهز «راشد» تلك الفرصة فتحدث يقول بهدوء:
"و احنا علشان نثبت حسن نيتنا
هنقعد، لحد ما اطمن عليها إنها مع واحد عارف يحافظ عليها"
أومأ له «وليد» ثم أضاف:
"كتب الكتاب بعد بكرة، تكون الرجل خفت خالص عن البيت"
تحدث «محمود» يقول بقلة حيلة:
"يا بني الناس هتتكلم علينا، واحدة تتجوز رابع يوم موت امها؟ فين الأصول فـ كدا، الناس هتشمت فينا"
التفت «وليد» ينظر له بثقة و هو يقول:
"الناس دي ملهاش لازمة أصلًا، مفيش حاجة في الدين قالت إن حرام حد يتجوز و فيه حد تاني ميت، و بعدين هدير لازم تبقى مع حد يساندها تتخطى اللي هي فيه، و حسن هو اللي طلب مني دا، يعني الناس دي ملهاش أي تلاتين لازمة عندي ولا عند صاحب الشأن، ثق فيا يا عمي، علشان أنتَ عارف أني مبعملش حاجة غلط"
تدخل «مرتضى» يقول بهدوء:
"أنا متفق معاك يا محمود، و دي كلمة رجالة خرجت مننا لـ حسن، خليك واثق في وليد، علشان وليد عمره ما كان متهور"
تحدث «ياسين» يقول بهدوء رغم التسلية التي كانت تضح في عيناه:
"أنا بقول كفاية كدا النهاردة و ننام كلنا علشان لسه ورانا يوم كمان في العزا و لسه فيه كتب كتاب، ولا إيه يا وليد؟"
أومأ له «وليد» مؤكدًا ثم أضاف:
"بالظبط يا بني الله معاك حق، خلينا نرتاح علشان بصراحة اليوم كله كان صداع، خلينا نفوق للي جاي، ولا إيه يا راشد؟"
نظر له الأخير بضيق ولم يعقب، بينما الجميع تجهزوا للرحيل من ذلك المكان و كلًا منهم رأسه تعج بالأفكار التي تعصف بذهنه، رحل الجميع من ذلك الطابق بمشاعر مختلطة فمنهم من لاذ بالفوز العظيم و منهم من سقطت أحلامه في بئرٍ واسع، و منهم من يقف في المنتصف.
______________
في شقة «حسن» دخلها هو بهدوء ولازال عقله معها هناك وهو يفكر بها و ملامحها و في خوفها، و الأكثر من ذلك عقد قرانهما سويًا !! كيف يحدث ذلك؟ كيف تفوه هو بذلك الطلب دون تفكير فيما هو قادم؟ كيف تسرع بطلبه في تلك الظروف، و الأكثر غرابة من ذلك كيف حصل على الموافقة دون أي مجهود، ارتمى على الأريكة في صالة شقته الخالية من الروح تشبهه كثيرًا، ثم عاد بذاكرته في احداث اليوم عصرًا.
(بعد صلاة العصر و قبل توافد الأقدام على بيت الرشيد)
_في شقة «مرتضى» جلس «وليد» برفقة والده يقول له بهدوء:
"ركز معايا يا بابا، دلوقتي راشد و أبوه عاوزين يستغلوا الوضع، كانوا فاكرين إنهم هيقدروا يرجعوا خديجة ليهم من تاني، بس اتفاجئوا بجوازها دلوقتي بقى عاوزين هدير مكانها"
اندهش هو مما تفوه به ولده، فوجده يتابع من جديد بهدوء أكثر:
"دلوقتي فيه واحد جاي هتفق معاه على اللي هيحصل بليل، علشان كل حاجة تكون واضحة قدامك و تبقى معانا على الخط، ركز معايا علشان المرة دي محتاجك يا بابا"
قبل أن يرد عليه والده طُرق باب الشقة، تنهد «وليد» بعمقٍ ثم توجه إلى باب الشقة حتى يفتحه، فوجد مبتغاه أمامه يقول بنبرة حائرة:
"خير يا عم وليد؟ جو المفتش كرومبو دا أخرته إيه؟"
ابتسم له ثم قال وهو يشير له بالدلوف للشقة:
"ادخل بس يا حسن و نبقى نشوف أخرتها بعدين"
دلف الشقة خلفه وهو يشعر بالريبة و التعجب معًا، ثم جلس أمامهما بعدما القى عليهما التحية، فتحدث «وليد» يقول بتركيز حتى يمهد له الموضوع:
"بص يا حسن، طبعًا أنتَ عارف إن خديجة راشد كان متقدم ليها و راشد دا أنا أخاف على نفسي منه، عيل ملوش أمان، لو شاف تاء التأنيث بيتهبل عليها"
انتاب القلق قلبه فرد عليه بهدوء ممتزج بالتردد:
"طب أنتَ عاوز مني أنا إيه؟ عاوزني أضربه زي ياسين؟ ولا أربيه من جديد بدل أبوه"
حرك رأسه نفيًا ثم أضاف:
"راشد عاوز يطلب ايد هدير و يقرأ فاتحتها قبل ما يسافر، و يبقى يجي بعد الأربعين يكتب كتابه عليها"
رد عليه «حسن» بحنقٍ ممتزج بالانفعال:
"نعم يا خويا؟ يطلب ايد مين؟ أنتَ واعي يا وليد للي بتقوله ولا اتهبلت، منين مبتأمنش له، و منين عاوزه يطلب هدير؟"
من طريقته المنفعلة تلك تشجع الأخر حتى يُدلي بمطلبه بكل ثبات، فأضاف يقول بهدوء:
"هو طلبها مني فعلًا، ولسه هيكرر طلبه بليل قدام العيلة كلها، أنا عاوزك ساعتها تقول إنك خاطبها و إنك طالب إيدها من ابويا بما انك بتعتبره كبيرك يعني علشان يفاتح عمي محمود، ها إيه رأيك؟"
تعجب «مرتضى» من تفكير ابنه الصغير، فـ لمعت عينيه بفخرٍ و كأنها تنطق بما لا يستطع قوله، بينما «حسن» نظر له ببلاهة وهو يقول حائرًا:
"طب...طب واحدة واحدة عليا، علشان أنا السلوك دخلت عندي في بعض منك، عاوز إيه بقى؟"
ابتسم له ثم قال بهدوء:
"عاوزك بليل لما راشد يطلب ايد هدير، ترد و تقول إنك خاطبها و دا اتفاق ما بيننا لحد ما يحس على دم أهله و دا لأنه معندوش دم أصلًا، و ساعتها كل حاجة ترجع تاني زي ما هي"
رد عليه «حسن» بسرعة كبيرة:
"طب و ليه يبقى مجرد اتفاق بينا؟ خليه كلام رجالة بجد و حقيقي، و ساعتها يبقى احنا مبنكدبش"
تدخل «مرتضى» يسأله بتعجبٍ:
"يعني إيه مش فاهمك أنتَ كمان؟ عاوز توصل لإيه يا حسن؟"
أجابه الأخر بثباتٍ و ثقة:
"يعني أنا بطلب ايد هدير بجد منكم انتو، دلوقتي حالًا أنا يشرفني ان هدير تبقى مراتي مش بس خطيبتي"
نظر له «مرتضى» باندهاش، بينما «وليد» رد عليه بضيق:
"أنا مش بقولك كدا علشان تتحرج أنتَ و تدبس نفسك في مسئولية كبيرة زي دي، أنا عاوزك بس تقول كدا قدام راشد و أبوه"
تنهد هو بعمقٍ ثم أجابه بتأكيد حتى ينفي حديثه:
"و أنا عارف كلامك، بس أنا مش بطلب كدا علشان حاسس باحراج، أنا بطلب كدا علشان أنا عاوز هدير تكوني مراتي، و علشان اللي هي فيه دا، عاوزة راجل معاها و متزعلش مني، والدها الله يصبره مش هيقدر على مسئوليتها، يبقى خليني أنا أرجعها تاني زي ما كانت، و ساعتها أنا اللي هقف لراشد دا"
تدخل «مرتضى» يقول بقلة حيلة نتيجة حيرة أمره:
"صعب يا بني، احنا بس عاوزين راشد يقفل السيرة دي، لكن دي واحدة أمها لسه ميتة، عاوزني ازاي أخطبهالك، هي أصلًا مصدومة من ساعة موت أمها"
رد عليه «حسن» بهدوء أكثر بعدما تحكم في انفعالاته:
"و أنا مش ضامن ان راشد دا يبعد عن سكتها، ممكن يحوم حوليها و ممكن يفضل هنا علشان يتأكد من كلامنا، أنا بقى هكتب كتابي عليها علشان أقفل عليه كل السكك خالص، ها موافقين"
ابتسم له «وليد» بفخرٍ ثم أضاف مؤكدًا:
"و أنا موافق يا حسن، و يشرفني إنك تبقى جوز هدير، بس ساعتها أنتَ هتبقى شايل مسئوليتها، يا كدا يا تسبلي أختي و أنا أتصرف معاها بمعرفتي"
ابتسم هو له بودٍ ثم استطرد حديثه قائلًا بهدوء:
"و أنا قابل بيها زي ما هي، بمسئوليتها بكل حاجة، و إن شاء الله اثبتلك إني قد المسئولية دي"
بادله بسمته الودودة بأخرى تعبر عن الفخر به، ثم تابع يقول من جديد:
"دلوقتي بقى ياسين طالع علشان أفهمه الليلة دي كلها، و علشان ميتهورش لما أستاذ راشد يتكلم بليل"
نظر له كلاهما باندهاش بينما قام هو ثم فتح باب الشقة حينما طرقه «ياسين»، فتح له الباب بينما الأخر نظر له بتعجبٍ ولا يدري كيف يتصرف أمام ذلك المنفصم شخصيًا، دخل و رحب به الجميع، فتحدث «وليد» يقول بمرحٍ:
"معلش بقى يا ياسين هحتاج منك تظبط أعصابك شوية الليلة دي علشان اللي جاي"
سأله «ياسين» بارتياب:
"استر يا رب، خير يا وليد؟ فيه حد هيتضرب تاني النهاردة ولا بموت علطول؟"
ضحك الأخر بخفوت ثم بدأ في سرد الأحداث القادمة عليه أمام الجميع، و كان الآخر ينظر بذهول، و حينما أنهى «وليد» سرده وجد «ياسين» يقول بانفعال:
"أنا مش عاوز خديجة تتواجه معاه، أنا وعدتها مفيش حاجة تخوفها و لا حاجة تزعلها، و هو وجوده مش مريح، عاوزني أخليه يواجهها؟ دا أنتَ الوحيد اللي عارف خديجة و عارف شخصيتها عاملة ازاي؟ افرض خافت منه ؟"
ابتسم له «وليد» بثقة وهو يسترسل حديثه قائلًا:
"عارف خديجة القديمة، لكن الجديدة دي واحدة تانية بطلت تخاف زي الأول، و السبب في
دا وجودك أنتَ معاها، خديجة دلوقتي ممكن تقف في وش الدنيا كلها عادي علشانك، يبقى خليني أرد اعتبارها بقى بطريقتي، ها موافق و هتمسك نفسك بليل ولا نقفل على رد الاعتبار؟"
تنهد «ياسين» بقلة حيلة ثم فكر مليًا لمدة ثوانٍ بعدها تحدث يقول بهدوء وهو مُبتسمًا:
"عاوز مني إيه بالظبط يا وليد؟"
نظر «وليد» في وجهيهما ثم قال بهدوء خبيث كعادته:
"عاوز منكم كل خير يا حبايب قلب وليد".
(عودة إلى الوقت الحالي)
أخرج «حسن» زفيرًا قويًا ثم ألقى بكامل جسده على الأريكة وهو يفكر فيما هو قادم بتخبطٍ من الأمور، و لكن هناك جزء كبير يحثه على الاستكمال فيما بدأه، جزء من تلك المضخة التي تضرب بين أضلعه تطلب منه المحاربة فقط لأجلها هي مهما كان.
_____________
في الطابق الأول جلس «راشد» أمام والده يهز قدمه بانفعال و تلك السيجار الكبيرة في يده، فتحدث شقيقه بضجرٍ:
"بطل الزفت اللي بتشربه دا بقى، بضيع فلوس و صحة على الفاضي، احترم ابوك اللي قاعد دا حتى"
نظر له شقيقه بحدة ثم رد عليه منفعلًا:
"بقولك إيه متاكلش دماغي، حِل عن نفوخي، خليني أشوف الزفت اللي اسمه وليد دا و أشوف أخرته معايا إيه، أنا اتحرج و اركب المسرح قدام اللي يسوى و اللي ميسواش؟"
رد عليه والده بضيق منه:
"هتلاقيك أنتَ اللي اتغابيت معاه في الكلام و خليته يشك فيك، ماهو مش معقول يتصرف كدا من غير ما أنتَ تحسسه بغباءك"
رد على والده منفعلًا:
"بقولك إيه متجننيش، أنا قولتله زي ما أنتَ طلبت مني بالحرف الواحد، يعني مش غلطي، هو اللي دماغه زي دماغ الحية، عرف ازاي يخليني ارد اعتبار ست خديجة و كمان ترفضني و كمل عليا برفض هدير، بس أنا مش هسكت و هخلي كتب الكتاب يبقى عزا تاني على دماغهم"
نظر له شقيقه باندهاش، بينما والده سأله بارتياب من امره:
"تقصد إيه؟ هتعمل إيه يعني يا راشد، أوعى تعك الدنيا تاني، خلاص خلينا نرجع و نسيبهم الصبح"
نظر لوالده بثقة وهو يقول:
"عيب عليك يا حج ابراهيم، أنا مش هسيب حقي، و هدير خلاص بقت حقي أنا"
زاد خوف الاثنين معًا بينما هو نظر أمامه بشرود وهو يفكر في كيفية استعادة ما سُلب منه بالخدعة، فتلك الحيلة لم تنفك عليه، هو يعلم أن «وليد» فعل ذلك حتى يضعف موقفه أمام العائلة، حتى أمام «هدير» نفسها، لكن مهلًا يا آلـ الرشيد، إن وضعها في رأسه سيصل لها كما فعل مع الكثيرات غيرها.
_______________
فوق سطح البيت جلس الشباب بأجمعهم ينظرون لكلًا من «وليد» و «ياسين» بحدة، فتحدث الأول يقول بحنقٍ:
"يا رب جو النظرات دا يخلص، علشان مش عارف أطفح اللقمة اللي فـ ايدي"
رد عليه «طارق» بضيق:
"أنتَ ابرد من ابرد تلاجة شوفتها فـ حياتي، ممكن أفهم إيه اللي حصل دا؟ هدير مين اللي تتجوز حسن؟ أنتَ واعي أنتَ بتعمل إيه؟"
أومأ له «وليد» بثقة وهو يمسح كفيه معًا بعدما ترك الطعام من يده، ثم أضاف قائلًا:
"آه واعي، اللي أنا بعمله دا بحافظ على واحدة من كلب زي راشد، معندوش قلب بيستغل المحنة علشان يحقق رغبة أبوه"
تدخل «وئام» يقول بانفعال:
"بالطريقة دي؟ تسلمها لواحد تاني غريب عنها؟ طب مفكرتش فيها هي، مفكرتش في وضع حسن نفسه؟ يا بني دا لحد دلوقتي مش عارف يعيش حياته بسبب مراته، ليه تحكم عليهم بكدا"
انفعل «وليد» وهو يجيبه:
"أنا عندي أسلمها لواحد زي حسن، أحسن ما واحد زي راشد دا يفضل يلعب عليها، أنا لو كنت رفضت و خلاص، كان لعب هو عليها زي ما بيعمل مع أي واحدة، لكن بوجود حسن هو هيسكت خالص، على الأقل علشان شوية الرجولة اللي عنده"
رد عليه «طارق» بضيق:
"مش كدا، أنتَ رخصت بهدير لما عملت كدا، ليه تسلمها للغريب و احنا موجودين معاها، احنا كلنا هنا و نقدر نساعدها"
ابتسم له «وليد» بثقة وهو يقول بخبثٍ:
"خلاص طالما دا كلامك، هنزل اهون على جميلة مراتك من حالة الصدمة برضه"
انتفض «طارق» في وقفته وهو يقول بانفعال إثر حديثه:
"أنتَ اتجننت يا وليد؟ ما تخلي بالك من كلامك، شكلك مخك ضرب"
وقف الشباب جميعهم حينما اشتد الموقف لتلك الدرجة، بينما «وليد» تحدث يقول بنفس الثبات:
"أديك اتعصبت من مجرد الفكرة، أومال لو حصل فعلًا هتعمل إيه؟ افتكر يا طارق إن جميلة مراتك لما كانت في حالة صدمة أنا سلمتها ليك أنتَ، مش لأحمد رغم أنه أخوها في الرضاعة و مش لوئام رغم انه ابن خالها الكبير، و مش ليا برغم إن أنا اللي بتصرف، أنا سلمتهالك في ايدك علشان تحافظ عليها، دلوقتي بقى تقدر تطلق جميلة و تتجوز هدير؟"
نظر له الجميع باندهاش، فتابع هو من جديد بنبرة أقوى:
"ها ردوا عليا، بلاش طارق علشان بيحب جميلة، و بلاش وئام علشان جوز اختها، أطلق عبلة و اتجوزها أنا"
سأله «وئام» بحدة:
"أنتَ مجنون يا بني، هي ازازة عصير هنتخانق عليها؟ دي بنت عمك يعني تفوق و أنتَ بتتكلم"
ابتسم له ثم تابع حديثه الغير مبالي:
"خلاص طالما رجالة العيلة مش نافعة يبقى ياسين موجود، و زي ما ساعد خديجة يساعد هدير، ها رأيكم إيه؟"
نظر له «ياسين» بتعجب، بينما «أحمد» تحدث يقول بنبرة قوية:
"لأ وليد ضربت منه على الأخر، دا تقريبًا كدا مخه لسع خلاص"
رد عليه هو بثقة:
"شوفتوا إن محدش فينا ينفع يكون جنب هدير؟ بأي صفة وهي تجوز ليا و تجوز لطارق، و حتى وئام جوز أختها و مينفعش، واحدة زي دي بقى أسيبها لوحدها مع ابوها اللي مش قادر يتحرك و حاسس بالكسرة؟ ولا أسيبها قدام واحد زي راشد يستغل الظروف علشان يوصلها؟ ما ترد منك ليه"
تحدث «وئام» يقول بنبرة أهدأ:
"بس دا صعب عليها، و على حسن نفسه، حسن كدا هيحس نفسه انه بديل و قليل، وهي تحس نفسها من غير قيمة لما تعرف إن إحنا رخصنا بيها كدا"
حرك رأسه نفيًا وهو يعقب عليه:
"و يمكن تشكرني على اللي عملته علشانها، و اطمن حسن اللي صمم انه يخطبها، أنا كان اتفاقي معاه انه يمثل قدامهم انه خطيبها، بس حسن فاجئني أنه عاوز يخطبها و كمان هيكمل الحكاية بكتب كتاب، واحد زي دا راجل لدرجة إنه مشافش نفسه بديل لحد تاني، بالعكس دا بيثبت رجولته و موقفه"
سأله «طارق» بهدوء:
"وأنتَ بقى شايف إن حسن يقدر يدي هدير اللي هي عاوزاه؟ هيقدر يعوضها عن حالة الصدمة دي؟ شايف إنه قد المسئولية؟"
أومأ له ثم أضاف بثقة:
"حسن أحق واحد بهدير، هو الوحيد اللي عارف ألم الفراق علشان مجرب موت أمه و موت أبوه و موت مراته، حسن حياته فاضية و عاوز حاجة تملاها، الطاقة اللي عنده كفاية انها ترجع هدير تاني لينا و أفضل من الأول كمان، أنا واثق إن هدير نفسها هتفرح من اللي هيحصل"
نظروا له باندهاش، فتابع هو حديثه يقول بضيق:
"دلوقتي اتفضلوا علشان أنا عاوز أنام و دماغي مصدعة، يلا منك ليه"
سأله «ياسين» بتعجبٍ:
"وهو أنتَ هتنام فوق سطح البيت كدا؟ مش غريبة دي؟"
رد عليه «وليد» بقلة حيلة:
"هدير بتبات في أوضتي علشان ماما تعرف تخلي بالها منها و من هدى، أنا بقى ضحيت و بنام هنا"
رد عليه «أحمد» بضيق:
"و مجتش تبات عندنا ليه؟ ما أنتَ طول عمرك أوضتي و أوضتك واحد"
زفر هو بضيق ثم أضاف:
"علشان ياسين موجود و أكيد عاوزين تكونوا براحتكم، و بعدين أنا بحب أسهر مع القمر بليل لوحدي، ها حاجة تاني؟"
تحركوا جميعًا من أمامه بضيق وحينما أوشك «ياسين» على ملاحقتهم أمسكه هو من يده وهو يقول بهدوء:
"عاوزك يا ياسين، متنزلش"
أومأ له «ياسين» ثم لحقه و جلس بجانبه على الأريكة، فوجده يقول بهدوء:
"معلش أنا أسف على طريقتي معاهم من شوية قدامك، بس هما كدا كل مرة لازم يخرجوني عن شعوري و أنا راجل محترم"
ابتسم «ياسين» بسخرية على حديثه و طريقته فوجده يتنهد بعمقٍ ثم قال:
"وجود راشد هنا مخوفني يا ياسين، طالما صمم انه يفضل هنا يبقى أكيد بيلهيني علشان انشغل عنه،و هو مش هيسكت عن حقه و هيحاول يرد كرامته حتى لو على حساب واحدة ست"
قطب «ياسين» جبينه يسأله حائرًا ممتزج بانفعاله:
"يعني إيه هي سايبة؟ البيت مليان رجالة يعني لو فكر بس يعمل حاجة تبقى خَرجته من البيت دا"
سأله «وليد» بهدوء:
"حتى لو مش هياذي خديحة و هيأذي حد غيرها، برضه هتساعدني و تقف معايا"
رد عليه مؤكدًا بثقة:
"و لو هيأذي حد من الشارع حتى أنا رقبتي سدادة، مين راشد دا علشان يخليني أخاف، و بعدين أنا عندي مبدأ إن طالما غيري محتاج مساعدتي و أنا اقدر عليها يبقى مبخلش عليه أبدًا"
ربت «وليد» على فخذه وهو يقول بفخرٍ:
"خديجة كان معاها حق لما قالتلي إنك زيي، أول مرة اقابل حد بيدي و مبياخدش من زمان، أنا كدا مش هستغرب تطور خديجة تاني، كفاية وجودك بصراحة"
ابتسم له «ياسين» عند ذكر اسمها ثم قال بهدوء ممازحًا له:
"آه هي الكتكوتة بتجيب سيرتي معاك بقى، فضحاني يعني"
ضحك «وليد» ثم أجابه:
"الكتكوتة مش وراها سيرة غيرك، مش فضحاك هي بس بتتباهى بيك قدام الناس و قدام الزمن، يعني... شايفة نفسها بتكسب حاجة أخيرًا بعد الهزايم اللي خدتها في حياتها"
تنهد هو بعمقٍ ثم أضاف بحبٍ:
"سبحان الله... بيجمع قلبين غُرب عن بعض علشان يكونوا كل حاجة لبعض، أهيه خديجة دي هي الوحيدة اللي القلب ارتاح ليها و العين طلعت عليها، أنا ساعات بستغرب ازاي ببقى معاها طفل صغير كدا، و ساعات أحس أني أب بيفهم بنته الصغيرة، خديجة دي زي المطر اللي بينزل في الصحرا، أو يمكن زي الفراشة اللي فـ الربيع، خديجة دي حبيبة القلب و رفيقة الدرب"
نظر له «وليد» باندهاش ممتزج بالفرحة، فوجده يحمحم باحراج وهو يقول:
"شوفت، حتى نبرة صوتي اتغيرت علشان سيرتها جت في الكلام بس، المهم يا سيدي خلينا في موضوعنا، عاوز مني إيه؟"
ابتسم له «وليد» ثم تحدث يقول بهدوء:
"عاوز ناس زيك كدا يكونوا معايا في كتب كتاب هدير، يعني يقفوا يساعدوني بس من غير ما يبان انهم هيساعدوني، كأنهم ناس جاية كتب كتاب عادي، تقدر؟"
أومأ له «ياسين» ثم أضاف مفسرًا:
"يعني عاوز معازيم قدام الناس، بس بيني و بينك ليهم سبب تاني علشان نكون مستعدين لراشد و اللي ممكن يعمله،صح؟"
ابتسم له ثم أضاف بفخرٍ:
"و كمان نبيه؟ ربنا يحرسك من العين و يحميك إن شاء الله"
ضحك الأخر ثم قال بهدوء:
"بكرة بعد الناس ما تمشي من العزا هاخدك و نروح عند حبايبي و هما مستحيل يتأخروا عليا"
سأله «وليد» بتشككٍ:
"أكيد خالد و ياسر و عامر، صح؟"
أومأ له مؤكدًا ثم أضاف:
"مليش غيرهم، هما اللي ممكن أحط روحي في ايدهم و أنا واثق فيهم، مش روحي بس، لأ دول ياخدوا كل حاجة ليا و أنا واثق انها في أمان"
سأله «وليد» بتعجبٍ ممتزج باللهفة:
"للدرجة دي بتحبهم يا ياسين؟ يعني خديجة ممكن تخسر قصادهم؟"
نظر له بتمعن ثم تحولت نظرته إلى أخرى مُحبة:
"حبهم عندي غريب، يعني أنا طول عمري معنديش أخوات و لوحدي، هما بقوا كل حياتي، مفيش مناسبة عدت عليا من غيرهم الدنيا دي بحر و صحابي هما طوق النجاة فيها، بس خديجة حاجة تانية برضه، بمعني إن الاتنين عندي زي بعض، مينفعش أقول لحد اختار بين الهوا و بين المياه، هما كدا، ممكن أكون عيشت معاهم من غير خديجة و كانوا هما الهوا، لكن خديجة هي المياه اللي من غيرها الروح عطشانة، عرفت بقى إن المقارنة مستحيلة؟"
أومأ له ثم قال بهدوء:
"نفس اللي بيحصل معايا، خديجة هي كل حاجة حلوة ليا، أمي و أختي و صاحبتي و سري كله معاها، بس عبلة برضه حاجة تانية، مقدرتش اتخيل ان ممكن خديجة تسبني في يوم، بس لما حصل و لقيتها فرحانة معاك عرفت ان فرحتها من فرحتي، عبلة العكس بقى، هي الوحيدة اللي مش متخيل بعدها عني، يوم واحد بس من غيرها و من غير عيونها يبقى صعب، ساعات بخاف من الفراق علشان بس فراقها هي صعب عليا"
رد عليه «ياسين» بحبٍ:
"ربنا ميفرقش بينكم أبدًا و يجمعكم سوا على خير في بيتكم"
أومأ له «وليد» ثم قال بعدما نظر أمامه:
"عارف إنك عاوز تسأل مين راشد وبيعمل إيه هنا، و ليه ابراهيم بيعمل كل دا، أجاوب ولا تسأل علطول؟"
ابتسم له «ياسين» ثم رد عليه بهدوء:
"لأ قسم و سمعني يلا قبل ما انزل علشان عاوز أنام بصراحة"
رد عليه الأخر بخبثٍ:
"لأ مش هطول عليك، علشان خاطر الكتكوتة حتى متزعلش"
ضحك «ياسين» بخفة بينما أخذ هو نفسًا عميقًا ثم قال:
"راشد ابراهيم راشد، أبوه يبقى ابن عم أبويا، راشد و فايز كانوا أخوات، اللي هو جدي يعني، كانوا في السويس هما الاتنين، راشد كان زي حفيده كدا بتاع ستات و طايش، إنما فايز كان دماغ، لما ابوهم أحمد الرشيد مات ساب لكل واحد نصيبه، راشد ضيع فلوسه على مزاجه و الستات و فايز جدي نزل القاهرة، فحت في الصخر علشان يبني نفسه، خاف أخوه يرسم على فلوسه، المهم يا سيدي عاش هنا في أوضة فوق سطح البيت دا و اشتغل في الأعشاب و النباتات و العطارة، مع الوقت اسم فايز الرشيد عِلي و بقى من أكبر التجار في القاهرة لحد ما بقى في محافظات مصر كلها، و اسم راشد بقى في الأرض من كتر هطله و جريه ورا الستات"
"لفت الايام و دارت لحد ما راشد مات ة معاه ولدين ابراهيم و ايهاب، ايهاب راح عاش مع قرايب مراته و ساب كل حاجة لأخوه علشان سمعته و سمعة عياله، لما راشد اتقدم لخديجة مكناش نعرف انه زي جده كدا، كنا فاكرينه محترم، لحد ما هو عك بكلامه فـ حقها ساعتها أحمد روقه، حظه الحلو إن أنا كنت برة البيت، بس بصراحة أنا من الأول مكنتش عاوز الموضوع يكمل، آه مش بجرح أختي، بس مكنتش مرتاح له، كان عامل نفسه مثالي بغباء"
تنهد «ياسين» بعمقٍ ثم قال بهدوء بعدما رفع رأسه ينظر للسماء:
"على قد ما هو معصبني و عاوز أدخل فيه السجن، على قد ما اللي عمله دا مفرحني و مخليني عاوز أشكره إنه سابها علشان أقابلها أنا، الله أعلم لو مكانش قال اللي قاله دا كان زمان إيه الوضع دلوقتي، بس ربنا رحمته واسعة بينا لدرجة إنه بعده عنها علشان تبقى ليا أنا و من نصيبي، الحمد لله على كرمه و رزقه و رحمته بيا"
نظر له «وليد» بهدوء ثم قال:
"تظن أنك حُرمت و الحقيقة أنك رُحمت، هي خديجة اترحمت و علشان كدا مش عاوز هدير واحد زي راشد دا يعدي بس على حياتها....المهم انزل يلا علشان ترتاح شوية لسه ورانا كتير"
أومأ له «ياسين» ثم تركه بهدوء بينما هو انتظر حتى اختفى اثره حينما دخل المصعد ثم رفع صوته قائلًا بمرحٍ:
"تعالى يا هبلة، تعالي ربنا يهديكي و تكبري شوية بدل شغل الهطل دا"
خرجت هي من خلفه باب السطح وهي تقول باندهاش:
"عرفت منين إن هنا؟ شوفتني ازاي أصلًا و أنا واقفة مكاني متحركتش، حتى الأسانسير مش بطلع فيه"
قالت حديثها تزامنًا مع اقترابها منه حتى جلس بجانبه فوجدته يبتسم وهو يقول بثقة:
"عرفتك من ريحة السوبيا، ماشاء الله شجرة جوز هند داخلة عليا، خلاص حفظتك"
رفعت رأسها على مضضٍ تقول بضيق:
"يادي النيلة عليا و على سنيني، قولتلك دا لوشن بجوز الهند، ارحمني دا أنا بدفع فيهم دم قلبي كل شوية"
ابتسم لها ثم قال بمرحٍ:
"عقبال ما ادفع حقهم أنا و أنتِ في بيتي إن شاء الله، ساعتها هتأكد بقى دي سوبيا و لا لوشن"
حركت رأسها بيأس تزامنًا مع اخراجها زفيرًا قويًا ثم قالت بهدوء بعدما إبتسمت له:
"أنا جاية اقسم معاك حِمل الليالي، ها مالك علشان ورايا غسل مواعين لسه ؟"
نظر لها مندهشًا من طريقتها فوجدها تقول مفسرة له:
"يا عم مش هما بيقولوا إن حمل الليالي خفيف لما يشيلوه اتنين، أنا جيت اشيل معاك، خلص بقى بسرعة علشان أخلص اللي ورايا"
ضحك هو عليها ثم قال بعدما حاول التحكم في ضحكته حتى تحولت نبرته للهدوء تدريجيًا:
"أنا كدا اتأكدت انك هطلة رسمي، على العموم يا ست عبلة أنا فعلًا الحمل زايد عليا، مش عارف أنا بتصرف صح و لا غلط، أنتِ شايفة أني بتصرف صح ولا غلط في حق هدير؟"
ردت عليه هي بمرحٍ:
"ليدو حبيبنا مبيغلطش، بصراحة أنا شايفة إن هدير مينفعهاش غير حسن دا"
سألها هو بلهفة وهو يعتدل في جلسته حتى سقط اللحاف من جانبه:
"بجد؟ طب ازاي قوليلي"
رغم التعجب الباديًا على ملامح وجهها إلا أنها آثرت الثبات وهي تُجيبه:
"علشان هدير عاوزة حد معاها، حد ميسبهاش تاني، وجود طرف تاني معاك بيقوي مش بيضعف يا وليد، عندك مثلًا أنا اهوه صحيح لسه هبلة شوية بس قبلك مكانش ليا شخصية و كنت ضعيفة لكن بوجودك بقيت حاجة تانية، عارفة آخد قراراتي و عارفة أميز بين الطيبة و السذاجة دا علشان أنتَ معايا، عندك خديجة أهيه كانت بتخاف من خيالها حتى، حتى احنا كانت بتخاف مننا لكن مع ياسين بقت واحدة تانية بتتكلم و تضحك و تهزر و تتصرف، عمري ما كنت اتخيل ان خديجة تقول كدا لراشد قدامنا، بس حب ياسين ليها غيرها، طارق اهو طول عمره مكشر و بعيد عننا، رجوع جميلة ليه خلاه بقى حد تاني، هدى قادرة تتخطى محنة مامتها علشان وئام معاها مش سايبها، يبقى هدير حقها حد يكون معاها هي كمان دي وجهة نظري بصراحة و متأكدة انها وجهة نظرك برضه"
تنفس هو الصعداء ثم رد عليها بهدوء:
"أهو أنا مكنتش عاوز غير كلامك دا علشان يشجعني أكمل، لو كل الدنيا دي قالتلي أني غلطان كلامك لوحده خلاني أثق أني صح، كفاية وجودك لوحده أصلًا"
حركت كتفيها ببساطة ثم قالت بهدوء:
"دا اللي أنا شايفاه بصراحة، معرفش حسن دا أنتَ واثق فيه ازاي، بس أنا متأكدة مش هتسلم هدير لأي حد غير لو أنتَ واثق فيه، بدليل إنك مسبتهاش لراشد دا، صدقني أنا واثقة فيك والله و عارفة إنك بتعمل الصح"
ألقى رأسه على قدميها وهو يتنهد بعمقٍ ثم وجدته يشدد مسكته لها كما لو أنه طفلًا صغيرًا يخشى ترك والدته له، فداعبت هي خصلاته بهدوء ثم قالت:
"مقولتليش بقى ناوي على إيه في اللي جاي، بصراحة بتكون كدا لما تحس انك هتخسر أو هتتهزم، بس أنا معاك متخافش"
أصدر صوت من حنجرته ينم عن النفي ثم قال بهدوء بعدما رفع نفسه ينظر في عينيها:
"مش خايف أخسر قد ما خايف من أني أكون بتهور، حتى لو كسبت و مكسبي دا ظلم ناس تانية دي هتبقى قطمة ضهر ليا"
سألته هي بقلقٍ واضح من حديثه:
"طب و لو خسرت هتعمل إيه؟ أنتَ طول عمرك مبتحبش الخسارة، يبقى هتعمل إيه"
ابتسم لها بهدوء ثم أضاف:
"ساعتها هفتكر إنك معايا، أظن وجودك لوحده مكسب كبير"
بادلته البسمة بمثيلتها فوجدته يقول بهدوء خبيث:
"عبلة...ما تدوقيني السوبيا"
ضربت رأسها بكفها وهي تقول بصراخ:
"هتشل يا ناس...أنتَ منفصم يا بني، دا أنتَ شوية و كنت هتعيط، أنتَ إيه، جاوبني علشان ارتاح"
اقترب منها يقول هامسًا:
"أنا مَـنْ كُـتِـبَ عَـلـيه السَـيْر وَحِـيـدًا لايُـبـالـي...حَـتـى ظَـفَـرتُ بـ حُـبكِ يَـا مَـن سَـكنتي الـقَلـبُ الـخَالـي"
احتضنته هي بقوة وهي تقول بمرحٍ:
" والله العظيم ما حد كسبان غيري أنا بوجودك، وليد ينفع أحبسك و أقفل عليك"
ربت عليها هو بهدوء ثم أضاف بسخرية:
"و على إيه متستعجليش، كدا كدا هتحبس، أبوكي غالبًا بيجري في ورق المحضر"
ضحكت هي بيأس ثم شددت من قبضة يدها على ذراعه، أما هو تنهد بعمقٍ و هو يفكر في خطواته القادمة.
_______________
في غرفة «خديجة» كانت هي جالسة أمام المرآة تحاول ربط شعرها و هو نائم على الفراش يراقب انفعالات وجهها بتعجب، حيث كانت تتذمر مثل الأطفال و هي تحاول رفع خصلاتها الكثيفة الناعمة لدرجة كبرى، و فجأة وجدها تنفخ و وجنتيها بضيق وهي تقول بنبرةٍ شبه باكية:
"هقصه والله علشان أرتاح، مش عارفة أسرحه"
اعتدل هو على الفراش وهو يقول بحنقٍ:
"أنا بقالي ساعة مستحمل هبلك و ساكت، بتكلمي نفسك كمان؟ مفيش عقل خالص؟"
شهقت هي بقوة وهي تلتفت له فوجدته يرفع له أحد حاجبيه فقالت هي بضيق:
"حرام عليك خضتني، فكراك نايم يا ياسين"
رد عليها هو بمرحٍ:
"مش عارف أنام من غيرك يا كتكوتة، تعالي يا خديجة ربنا يهديكي يا حبيبتي تعالي"
ابتسمت له باتساع ثم اقتربت منه تجلس بجانبه بهدوء،
فوجدته يضمها أسفل ذراعه وهو يقول بسخرية:
"نامي يا ماما...و بطلي هبل، شغل الجنان دا في بيتنا، و بعدين شعرك إيه دا اللي تقصيه هو هبل و خلاص"
ردت عليه هي بضيق و بنبرةٍ شبه باكية:
"مبحبوش مفرود بيعصبني و لا بحبه كحكة بحس أني شبه مدام ألفت بتاعة شئون الطلبة والله"
ضحك هو بقوة عليها من سخريتها ثم حرك رأسه بيأس وهو يقول بنبرة ضاحكة:
"أنا بحب شعرك مفرود و بحبه كحكة، حلو كدا؟ ارحميه بقى و نامي"
نظرت هي له بثقة وهي تقول بتعالٍ:
"مقولتليش إيه رأيك فيا النهاردة قدام زفت الطين؟ إيه رأيك في رجالتك يا معلم ياسين"
رد عليها بطريقة تشبه طريقة رجال العصابات:
"١٠٠ ١٠٠ يا نجم...الله ينور، عاش بصحيح"
ضحكت هي عليه بقوة فوجدته يضحك هو الأخر عليها، سألته هي من بين ضحكاتها:
"هو أنتَ ازاي بتغير صوتك كدا بجد؟ و الله بستغرب أوي لما بتتريق عليا و ألاقيك بتجيب نفس النبرة"
حرك كتفيه ببساطة وهو يجيبها:
"غالبًا وراثة من رياض، هو برضه بيعرف يقلد الأصوات حلو أوي، أنا مش بجربها كتير بس بتيجي معايا ساعات صح"
سألته هي بلهفة:
"بجد؟ يعني بتعرف تغني كمان؟ على فكرة لما بتقرأ القرآن بتجيب صوت الشيوخ كلهم صح، علشان كدا بعيط لما أصلي وراك"
ابتسم هو لها ثم قال بهدوء:
"مكنتش بغني غير عند ميمي بس، لما خطبتك بقيت بغني في بيتنا حتى ابويا فضحني ساعتها تاني يوم"
سألته هي بهدوء:
"طب قولي كنت بتغني إيه و لمين؟ بسرعة يلا"
ضحك هو عليها ثم أجابها بعدما نظر في عينيها:
"كنت بغني لعمرو دياب، أغنية وياه، كانت تاني مرة أغني في بيتنا، بس وعد مني لما نروح شقتنا هغنيلك كتير"
قبلت هي وجنته ثم قالت بترددٍ وهو ينظر لها مندهشًا:
"هو أنتَ من خلال معرفتك بحسن دا شايف إنه يستاهل هدير تكون ليه، يعني مش هتتعب معاه"
قطب جبينه بتعجب فوجدها تسترسل في حديثها:
"يعني هدير وضعها صعب يا ياسين، تفتكر هو قد مسئوليتها ولا هتتظلم معاه؟ بصراحة أول مرة أخاف عليها كدا، بس يمكن علشان فكرتني بنفسي زمان؟ أو يمكن علشان موت مامتها، بس خايفة كلنا نحس بالذنب لما تفوق و تلاقينا عملنا كدا فيها"
رد عليها هو بهدوء:
"مقدرش أجزم في موضوع حسن دا، بس هو راجل جدع أوي و أنا كنت قاعد مع وليد وهو بيتفق معاه و بصراحة كلامه صح، يعني مش مجرد فض مجالس و خلاص، لأ كلامه كان صادق"
سألته هي بلهفة:
"يعني بجد نطمن على هدير معاه؟ بصراحة أي حد غير الزفت البجح دا يبقى رحمة عنه بكتير"
سألها هو بتشككٍ:
"خديجة هو الواد دا جه جنبك تاني؟ أول مرة ألاقيكي ماسكة في كره حد أوي كدا"
ردت عليه هي بسرعة:
"لأ والله خالص، بس دا أنا بركهه أوي و من غير سبب، سبحان الله ربنا شايل من عنده القبول خالص، تحس ان حد عامله عمل يتقلب قرد في عيون الناس"
ضحك هو بقوة ثم قال بنبرة ضاحكة بعدما أوقف الضحكات:
"والله العظيم أنتِ اتهطلتي بجد، أول مرة أشوفك بتتكلمي كدا عن حد، بصراحة فرحان أوي، احساس حلو إن أي حد غيري في عينك قرد"
ردت عليه هي بمرحٍ:
"لأ خليك متواضع بقى، أنا مش شايفة غيرك أساسًا، قال قرد قال"
سألها هو بتشككٍ:
"خديجة أنتِ شاربة إيه؟ مش مرتاحلك، أوعي تكون الصدمة ضربت الربع الفاضل عندك"
ضحكت هي بخفة ثم أجابته بهدوء:
"بصراحة فرحانة، احساس ان حقي بيرجعلي و أنا بحرق دمه النهاردة كان مفرحني، دا غير إنك منور أوضتي المتواضعة و معايا هنا، فرحانة يا ياسين... فرحانة"
رد عليها هو بمرحٍ:
"طب يا ستي ربنا يفرحك علطول طالما هتبقي سكر كدا، حتى عيونك شكلها حلو و أنتِ فرحانة، بتلمع كدا"
سألته هي بلهفة ممتزجة بالفرح:
"بجد عيني شكلها حلو لما بفرح؟ عاملة إزاي، أنا بحب الكلام عن العيون أوي"
نظر هو في عينيها بحبٍ ثم قال بنبرته المُحبة التي تخرج منه حينما يُغازلها:
"مَـن قــالَ لَـكِ أنــي أَودُ عَــن سِــحر عَــيناكِ أَنْ أَتُــوبُ....فَـ و اللّٰهِ أنَـا مَــن عَــاشَ طُـوالْ حَــيْاتهُ مُــنـتـصرًا كُـتِـبَ عَـلّـىٰ قَـلّبـي أنْ يَـقَـع بِــهما و يُـصـبح مِــن نَــظـرةٍ مَــغـلـوب
"
نظرت له بحب فوجدته يغمز لها وهو يقول بمرحٍ كعادته:
"خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ"
تبدلت نظرتها له إلى المرح ثم اقتربت منه تقول بطريقة أول مرة يعدها منها هو:
"بقولك إيه الكسوف مش نافع، أنا بحبك يا بن زُهرة، والله بجد يعني ماشاء الله تارجت كامل لأي حد، أدب و أخلاق و قلة أدب برضه عادي، صوت حلو، راجل مثقف و عارف ربنا، شيك و رومانسي و بيتغزل بالفصحى، ربنا يبعد عنك عيون البنات يا رب، و الستات كمان، يا رب أي واحدة تبصله تشوفه زي ما بشوف زفت الطين"
رد عليها هو بحنقٍ زائف:
"مش للدرجة دي يا ست الكل، راشد مين دا اللي يشوفوني زيه، ليلتك مش معدية، روحي نامي يا اختي"
ردت عليه هي بحنقٍ مماثل له:
"بغير عليك يا خويا، لا و النبي عاوزني ادعيلك تحلى في عينهم ولا إيه، دا اللي ناقص"
نظر لها مندهشًا من طريقتها الغريبة، فمال على أذنها يقول هامسًا بهدوء:
"اعملي اللي تعمليه كدا كدا بحبك أنتِ"
ردت عليه هي بمرحٍ:
"و أنا كمان بحبك أوي تصبح على خير"
قالت جملتها ثم قبلته على وجنته بعدها ابتسمت له وهي تندس تحت الغطاء، نظر هو لها بتعجب وهو يقول بغير تصديق مُحدثًا نفسه:
"هي مجنونة بجد ولا إيه؟"
_____________
في اليوم التالي و بعد انتهاء العزاء ليلًا، كانت الأوضاع في البيت كما هي، لم تتغير كثيرًا، ابراهيم و أبنائه كما هم حاولوا تجاهل ما حدث حتى يحقق راشد مبتغاه، أما وليد و ياسين فكان كلاهما يتحدث للآخر يشاركه تفكيره حتى يصلا سويًا لنقطة تفكير واحدة، كانت «هدى» تحاول رفض موضوع شقيقتها لكن دون جدوى حيث سبقها «وليد» و «وئام» و «ياسين» في التأثير عليه، لم يتغير شيء في هدير سوى النظر حولها و من خلال الاستعانة بالطبيب أخبرهم أنها في حالة فقدان النطق اثر الصدمة لا أكثر كما أخبرهم أنها تعي لما حولها لكنها لا تمتلك القدرة على البكاء، فكانت جالسة هي في غرفة «وليد» وفي يدها صورة والدتها تتابعها بصمت و هي تحاول جاهدةً البكاء لكنها لم تستطع، في نهاية العزاء، رحل «ياسين» و «وليد» معًا، حتى وصلا شقة «ميمي»، وقف «وليد» ينظر حوله يتفحص المكان ثم مال على أذن الأخر و هو يقول بهدوء:
"إيه المكان الأثري دا؟ أنتَ جايبنا فين يا ياسين؟"
التفت «ياسين» يقول له بهدوء بعدما ترك المفتاح في المجرى الخاصة به:
"هنا هنعرف نفكر صح، دي شقة ميمي"
قالها وهو يغمز بطرف عينه بثقة جعلت الآخر يشهق بقوة و هو يقول بانفعال:
"يا ليلتك أهلك السودا؟ جايبني شقة مشبوهة يا ياسين؟ أنا قولت برضه مش معقول يكون فيه حد عنده كل الأخلاق دي، أكيد فيه علامة سودا، يا ترى بقى بقالك كتير في السكة دي ولا داخلها جديد ؟"
نظر له «ياسين» باندهاش وهو يقول بنبرةٍ غير مصدقة:
"بس يا أهبل اسكت خالص، أنتَ عبيط ولا إيه؟ دا الهبل طلع وراثة بصحيح عندكم، دلوقتي هتدخل معايا تشوف بنفسك، دا أطهر مكان في الدنيا، دا بنصلي فيه الجمعة دي"
أنهى «ياسين» جملته فوجد الأغاني ترتفع من الداخل و «عامر» يُغني و يصفق بكفيه معًا، نظر له «وليد» بسخرية فوجده يقول باحراج:
"شكلنا كدا جينا ليلة الخميس"
ضحك «وليد» بقوة ثم قال:
"صادق يا أخويا....افتح يا حبيبي ربنا يفتحها في وشك يا رب"
عض «ياسين» شفته السفلى ثم فتح باب الشقة فوجد «عامر» يرقص و كلًا من «ياسر» و «خالد» يتفحص هاتفه بهدوء، أما «ميمي» فكانت في الشرفة كعادتها، اقترب «ياسين» من السماعات يغلقها وهو يقول بنبرة قوية:
"السلام عليكم يا جماعة الخير، مفيش أدب خالص"
وقف ثلاثتهم حينما لمحوا «وليد» يقف بجانب «ياسين» ، بينما «عامر» اقترب منهما يقول بضيق:
"يا عم ياسين اتأخرت ليه بس؟ هموت من الزهق و النت فاصل محدش فيهم راضي يفتحلي"
رد عليه «وليد» بسخرية:
"علشان كدا مشغل أغاني و بترقص، لأ فعلًا واضح انك زهقان"
رد عليه هو بلامبالاة:
"جوايا طاقة مش عارف أخرجها فين، أعمل إيه يعني"
ابتسم له «ياسين» بسخرية وهو يقول:
"اطمن يا اخويا جايبلك حاجة تخرج فيها طاقتك كلها، نقعد بس و هقولك كل حاجة"
تم الترحيب بـ «وليد» من الجميع حتى «ميمي» الذي أحبها هو و شعر بالراحة تجاهها، خرج «ياسين» كعادته بالشاي ثم جلس بجانبهم على الطاولة، أول من تحدث كان «خالد» حينما قال بهدوء:
"أؤمر يا وليد، ياسين قالي إنك عاوزنا و احنا في الخدمة وتحت أمرك"
رد عليه «وليد» بهدوء:
"دا العشم برضه يا خالد، أنا كنت عارف أني لما اتزنق هلاقيكم في ضهري زي ياسين بالظبط"
تدخل «ياسر» يقول بهدوء:
"زيك زي ياسين، لأجل عين تكرم ألف عين، و أنتَ تبع أخونا، يعني أخونا"
أومأ له ثم شرع في سرد ما يريد منهم بعدها حثه حديثهم الأكثر من مُرحب به، و بمساعدته، قص عليهم هو قصة راشد دون التطرق إلى التفاصيل الخاصة، فقط بعد الأحاديث الأساسية عنه، أنهى حديثه وهو ينظر لـ «ياسين» فوجد «عامر» يسأله بهدوء:
"أنتَ بقى عاوز تعمل إيه معاه؟ تفتكر ضرب و لا قتل ولا سلخ؟ أصل بصراحة العينة دي بكرهها"
ابتسم له «وليد» وهو يقول بفخرٍ:
"ياسين عمل الواجب و زيادة معاه يا عامر، أنا بس عاوزكم معايا بكرة تأمنوني، علشان مش عارف هو ناوي على إيه، دماغه سم و قولت هيبقى عنده دم و يمشي بس لأ هو لسه مرزوع هناك"
تدخلت «ميمي» تقول بخوفٍ:
"ربنا ينجدكم من شره يا رب، متخافش يا حبيبي هو أكيد هيخاف يتصرف طالما البيت مليان ناس زي ما بتقول، بس برضه اخواتك الأربعة معاك، دول متربيين على الرجولة و الشهامة"
نظر هو لها بتأثر وهو يقول بهدوء:
"للأسف هو مش بيخاف، بس أنا عاوز أكون سابقه بخطوات، و أنا عارف إنهم رجالة في ضهري علشان كدا طلبت من ياسين يخليني أقابلهم، ها معايا؟"
نظروا لبعضهم البعض ثم قالوا في آنٍ واحد بمرحٍ:
"عيب عليك معاك يا غالي"
تنهد هو بعمقٍ ثم شرع في سرد فكرته و خطته وما ينتوي فعله في عقد القران، انهى حديثه فوجد «عامر» يقول بمرحٍ:
"اقسم بالله دماغ تتاقل بالدهب، بس أنا بقى هكملك الفص الأخير، وأقولك إني هكون موجود و أصور اللي بيحصل علشان يبقى معانا كل حاجة صوت و صورة"
رد عليه «وليد» بمرحٍ:
"هات حضن يا عامر، أنا هعشيك في فرحي مرتين"
احتضنه «عامر» وهو يقول بمرحٍ:
"حبيب قلبي يا ليدو، يمين بالله أنتَ أجدع من أبويا"
تحدث «خالد» يقول بهدوء:
"أنتَ متأكد إنك هتعمل كدا يا وليد؟ يعني واثق في طريقته اللي تخليه يتصرف كدا؟"
أومأ له «وليد» ثم أضاف:
"بص علشان متبقاش ثقة زايدة على الفاضي بس دا المتوقع منه، المهم أنتو معايا هناك مش معروفين ليهم علشان كدا هعتمد عليكم"
تدخل «ياسر» يقول بهدوء:
"حظك حلو و طلبك بكرة هيكون معايا، اعتمد عليا فيه هجبلك حاجة حلوة تخلي الدماغ عالية ليومين"
تدخل «عامر» يقول بتوسل:
"و أنا و أنا كمان، عاوز أطير فوق السحاب"
قالها «عامر» وهو يرفرف بذراعيه كما الطيور بعدما أغلق عينيه فوجد مياه تلقى في وجهه، فتح عينيه وهو يقول بصراخ:
"إيـــه دا...."
رد عليه «ياسين» بسخرية:
"بتمطر يا عين أمك"
أغلق «عامر» جفنيه بشدة وهو يقول متوعدًا له:
"أنا هسكتلك علشان خال عيالك موجود بس، صبرك عليا يا حنين"
تحدث «وليد» يقول بهدوء:
"كدا تمام، نلحق نروح علشان نشوف الدنيا هناك، و بكرة قبل المغرب تكونوا معانا، تمام ؟"
أومأ له الجميع فانسحب هو مع «ياسين» من المكان و خلفهما أصدقاء ياسين الثلاثة، يرحلون سويًا.
______________
في صباح اليوم التالي كانت العائلة تستعد لتلك المناسبة الغريبة القادمة في الوقت الخاطئ، كانت «هدير» تنظر لصورة والدتها بين ذراعيها بهدوء و تعابير وجهها تتبدل و كأنها تشكي لها حالها، أما والدها و شقيقتها فوقفا يتابعانها بهدوء، فاقترب منها «محمود» يجلس بجانبها يقول بتوسل باكيًا:
"اتكلمي يا هدير....قولي أي حاجة، ارفضي حتى بقولك كتب كتابك النهاردة، طب عيطي على فاطمة، قولي أي حاجة يا بنتي"
رفعت أعينها تنظر له، فوجدهما كما الجمر من شدة الإحمرار، فتنهد هو بضيق، فجلست بجانبها «هدى» تقول ببكاء:
"علشان خاطري أنا اعملي أي حاجة، اصرخي طيب و كسري، طب أنتِ موافقة على حسن دا؟"
أنزلت أعينها تنظر للصورة من جديد و هي تتنهد بعمقٍ، فوجدت شقيقتها تحتضنها ببكاء أما «هدير» فأغلقت جفنيها بشدة ثم تنفست بعمقٍ و داخلها يتمنى أن ذلك الأسبوع المنصرم يصبح كابوسًا لا أكثر ، فما عايشته به كان كتيرًا عليها و على قدرتها حتى تتحمله، ففي أسبوع واحد تتركها والدتها، و يحاول ذلك المدعو «راشد» استغلال موقفها، فيتدخل «حسن» لينقذها، عند ذكره بخاطرها وجدت نفسها تخرج نفسًا عميقًا، بالطبع حسن أرحم من راشد، لو تستطع التحدث لكانت ألقت في وجهه حديث يشبه الجمر، لكن النصيب له رأيًا آخر، سيربطها بمن كُتب عليه إنقاذها في الوقت المناسب"
________________
في شقة «راشد» كان يتحدث في الهاتف بضيق وهو يقول:
"مش عاوز غلط يا علاء، أنا هأمن الدنيا قبل كتب الكتاب، و أنتو تدخلوا البيت تنفذوا اللي قولنا عليه، من غير غباء فهمت"
وصله الرد من الطرف الأخر فأضاف هو بثقة:
"حلو كدا و أنا هبقى قصاد عيونهم هنا علشان محدش يشك فيا، يلا علشان العصر أذن و كلها ساعة بالكتير و الدنيا تجهز"
أغلق الهاتف فوجد والده يأتي من خلفه و هو يقول بهدوء:
"برضه مفيش فايدة عاوز تنفذ اللي في دماغك، شكلك هتخربها علينا يا راشد، بس الغلط ليا أنا، أنا اللي ربيتك على إن أوامرك تتنفذ من غير جدال، يبقى اخبط دماغي في الحيطة"
اقترب منه «راشد» يقول بثقة:
"أنا عارف أنا بعمل إيه، ياسين و وليد دول مش هغلب فيهم، و بعدين احنا بنعمل الواجب هنحضر كتب الكتاب و نمشي"
خرج شقيقه من الداخل وهو يهندم ملابسه، فنظر له كلاهما بضيق، فقال هو مُردفًا بثبات:
"أنا مليش دعوة بيكم، أنا فيه واحدة بكلمها هنا من ساعة ما جيت هنزل اقابلها تكونوا خلصتوا ليلتكم دي"
رد عليه «راشد» منفعلًا:
"يعني إيه؟ قولتلك مينفعش حد مننا يغيب عن نظرهم، لازم نكون هنا كلنا لحد ما علاء يخلص و اضمن انه نفذ صح"
رد عليه شقيقه بضجرٍ:
"مع نفسك يا راشد، جو غرام و انتقام دا برة عني، أنا مليش علاقة بيكم، سلام علشان البت مستنية"
في الأسفل كان «ياسين» يقف بجانب أصدقائه، عدا «ياسر» الذي كان واقفًا بجانب بمفرده،
بعد مرور الساعة اجتمعت العائلة بأكملها في الطابق الخاص بالمناسبات حتى «وليد» أتى برفقة «ياسر» و جلس كلاهما بجانب بعضهم، ثوانٍ و اجتمعت الفتيات عدا اثنين «خديجة» و «هدير» تأكد «وليد» من ترك البيت فارغًا بأكمله عدا «هدير» التي كانت جالسة بغرفته بعدما نقلها هو مع الفتيات، كان «عامر» ينظر لـ «راشد» بضيق و الأخر ينظر لهم بثبات، فاقترب منه «عامر» يقول بهدوء مزيف:
"لو سمحت يا كابتن معاك ولاعة؟"
أومأ له «راشد» ثم أخرجها له، أخذها منه «عامر» ثم قال له بهدوء:
"طب معلش بقى هتقل عليك، معاك سجاير، أصل سجايري خلصت"
أومأ له الآخر ثم أخرج علبة السجائر يعطيها له على مضضٍ، فأخذها منه ثم ابتسم له باستفزاز حتى يثير حنقه ثم ألقى بهما في سلة القمامة، فسأله «راشد» بانفعال:
"أنتَ غبي؟؟ عملت كدا ليه؟"
رد عليه «عامر» بلامبالاة:
"معلش أصل التدخين ضار بالصحة، و ريحة السجاير و اللي بيشربوها بتعصبني، عيب بقى و متعملش كدا تاني"
قال جملته ثم عاد لمجلس الرجال من جديد وهم ينظرون له بفخرٍ، بينما «راشد» أطلق سبة نابية من بين شفتيه.
ثم وقف بعدها منزويًا ثم أخرج هاتفه يتحدث به في هدوء بهمس مرعب:
"البيت فضي يا علاء، يلا علشان نلحق ننفذ قبل ما المأذون يوصل، و قبل ما حد منهم ياخد باله".
بعد مرور دقائق دخل ثلاثة رجال البيت ثم توجهوا لشقة «وليد» الذي لم تغلق بالكامل مما أدى إلى سهولة فتحها، توجهوا الثلاثة رجال إلى غرفة «وليد» ثم أخذوا «هدير» من على الفراش بعدما دثروها بالغطاء، لكنها لم تقاوم بل كانت مسالمة للأمر الواقع، إبان ذلك كان «راشد» واقفًا عند نهاية الدرجات و حينما لاحظ اثرهم اشار لهم باسراع الخطوات، فوافقوه ثم ركضوا إلى السيارة الخاصة بهم دون أن ينتبه أي شخص من العائلة لهم، اختفت السيارة من أمام البيت حتى يتوجهوا للمكان المنشود الذي قام «راشد» بـ دلهم عليه، أما «راشد» فعاد للرجال من جديد، فوجد «عامر» و «خالد» يأتيان خلفه، بعد مرور دقائق وصل «حسن» بالسيارة و معه المأذون،
ابتسم له «راشد» بحقد فبادله الأخر نظرته تلك باخرى ثابتة، دخل «حسن» ومعه المأذون، فأتت «خديجة» بذعر وهي تقول لزوجها بهمس:
"ياسين الحقني هدير مش فوق"
نظر لها هو باندهاش و هو يقول بنبرةٍ منفعلة رغم همسه:
"أنتِ بتقولي إيه يا خديجة؟ نهار مش فايت يعني إيه؟"
في تلك اللحظة أتى «وليد» يقول بهدوء:
"إيه يا خديجة هدير فين؟ المأذون وصل من بدري"
ردت عليه بنبرة شبه باكية:
"والله طلعت شقتنا أغير الطرحة نزلت ملقتهاش و لقيت السرير فاضي، عمالة ادور عليها.... والله خايفة تكون مشيت"
نظر «ياسين» و «وليد» بذعر لبعضهما البعض ثم ركضا سويًا إلى شقة «وليد» جلست «خديجة» بجانب «عبلة» و «جميلة» فوجدت الأخيرة تقول بهمس:
"هدير فين يا خديجة، طارق بيسأل عنها"
نظرت لها «خديجة» بتوتر و هي تقول بنبرةٍ مهتزة:
"هد....هدير هتيجي، هي بس تعبت شوية"
أومأت لها «جميلة» و لم تعقب، بينما «عبلة» تتبعت تغير ملامح وجهها بتعجب وهي تشك في أمرها.
في الأعلى دخل «ياسين» و «وليد» و الثلاثة شباب خلفهما، بحثوا عنها في الشقة بأكملها و لم يجدونها، في تلك اللحظة دخل «راشد» يقول متشفيًا:
"يا خسارة شكلكم هيبقى زفت قدام الناس يعيني، بقى العروسة الحلوة اختفت يوم كتب كتابها؟ يا ترى بقى حد غواها ولا من دماغها كدا؟"
اقترب منه «وليد» يمسكه من تلابيبه وهو يقول بهياج صارخًا في وجهه:
"يا ابن ****** دا أنا هدفن أهلك الليلة دي لو سيرتها جت على لسانك، انطق يا راشد عملت إيه ؟"
ابتسم «راشد» بثقة وهو يقول بخبثٍ:
"خطفتها... و هدير هتبقى ليا أنا النهاردة، خلي بقى حسن يقعد جنب الحيطة و يعيط، أصل يا حرام عروسته هربت"
في تلك اللحظة دلفت «خلود» وهي تقول بهدوء خبيث:
"وليد، هدير معايا أهيه و جاهزة للنزول، أنا أكلتها و أديتها العلاج"
تبدلت ملامح الجميع خلال ثوانٍ إلى الثقة، بينما «راشد» اختفت بسمته شيئًا فشيئًا فتركه «وليد» على مضضٍ ثم ابتسم له بخبثٍ أكثر، فالتفت «راشد» ينظر خلفه فوجد «خلود» واقفة و «هدير» بجانبها في صمت، فصرخ يقول بهياج:
"يعني إيه؟ أومال مين اللي الرجالة خدته، فهموني"
وقف «ياسين» مقابلًا له وهو يقول بخبثٍ:
"طب ما تكلم رجالتك يا نجم كدا و اعرفلنا خدوا مين، ولا إيه يا عامر؟"
ابتسم «عامر» بثقة ثم أضاف:
"البركة في ياسر دكتورنا، عليه حباية منوم نيمت الأسد حتى لو اسمه.....رامي"
اتكأ «عامر» بكلمته الأخيرة بخبثٍ، فوجد «خالد» يضيف هو الأخر:
"يعيني على الحلو لما يبقى حادق، بصراحة حركة معلمين"
لم يرد هو عليهم بل أخرج هاتفه يطلب الرقم بأصابع مرتعشة، فصرخ فور اتصال المكالمة:
"أنتَ خدت مين يا علاء... شوف وش اللي أنتو خدتوه دا مين؟ بسرعة"
_"الحق يا راشد، دا طلع رامي أخوك، يعني إيه أنتَ كنت بتشتغلنا؟"
قبل أن يرد عليه وجد «ياسين» يخطف منه الهاتف بسرعة كبيرة وهو يقول بهدوء:
"كفاية عليك لحد كدا، معناس دوا للصدمة تاني"
سأله هو بانفعال:
"يعني إيه؟ أنتو عملتوا إيه؟"
رد عليه «وليد» بثقة تعبر عن خبثه:
"يعني من الأخر كدا قول لرجالتك تراعي نفسية أخوك، أصل الشنطة فيها كتاب دين"