رواية عزلاء امام سطوة ماله الجزء الثاني الفصل الثامن والستون 68 بقلم مريم غريب

 

رواية عزلاء امام سطوة ماله الجزء الثاني الفصل الثامن والستون بقلم مريم غريب

( 68 )

_ صديق جديد ! _

هذه المرة لم يسمح "فادي" للصدمة بأن تأخذ مأخذها منه، إنما ترك منزله بعد رحيل زوج شقيقته مباشرةً... ذهب من فوره إلى صديقًا له 

ضليعًا بعلوم التكنولوجيا الحديثة و المعلومات الرقمية، جلس أمامه بصالون بيته و راح يقص عليه الأمر كله ... 

-بس يا فادي أنا طبيعة شغلي ماتسمحش باجراء زي ده ! 

كان هذا رد صديقه بعد أن تركه يسرد و يحكي بالتفصيل، ليقدم له الجواب السلبي بمنتهى البساطة ... 

تجهم "فادي" و هو يتطلع إليه بصمتٍ دام لوهلة، ثم قال باستنكارٍ واضح : 

-طبيعة شغلك ماتسمحش إزاي يعني يا مصطفى ؟ إنت مش بتشتغل مع الحكومة و بتساعدهم ؟؟!! 

يرد المدعو "مصطفى" بلهجة بها نبرة اعتذار : 

-أديك قلت يا فادي. شغال مع الحكومة. يعني ماينفعش إللي بعمله في الجهة المعنية إللي بشتغل فيها أروح أعمله برا.. كده أتأذي يا فادي 

انفرجت شفتا "فادي" و هو يطرق برأسه للحظة، ثم يرفعه مجددًا و يقول و نظرات العجز تطل من عينيه : 

-يعني ماعندكش أي حل ؟ ماتقدرش تعرفلي مكان أخواتي أبدًا !!! 

بدأ الأخير يتعاطف معه، فقال بعد تفكيرٍ قصير : 

-و الله أبقى كداب لو قولتلك 100% أقدر.. لكن عشان خاطرك هحاول أشوف أي طريقة تانية. يارب تنفع بس 

تذرع "فادي" بالأمل الذي منحه له الآن و أومأ له قائلًا : 

-بإذن الله.. بإذن الله تنفع. يارب ! 

__________ 




يحق القول بأن الله قد أرسله نجدةً له حقًا ... 

فقد كان المغدور قاب قوسين أو أدنى من هلاكه، بين أربعة من الثيران البشرية.. بالكاد كان صامدًا حتى و هو يتلقى اللكمات و الضربات و يصد بعضها أحيانًا 

كانت الدماء تطفر من وجهه و قد كانت ساقه تعرج و هو يقفز و ينحني متفاديًا القبضات العنيفة عبثًا، فلو فوّتها من هنا جاءته من هناك ... 

-إيـه يا رجـــالـة كل ده على واحد !!! 

هكذا و فجأة طغى هتاف "صلاح" على ضجيج العراك ... 

الآن لا يفصله عنهم سوى بضعة خطوات قليلة.. جمد الجميع عند رؤيته... في وسطهم "عثمان" الذي أخذ قفزة كبيرة للخلف و سارع بخلع سترته التي أعاقت حركته الكاملة قليلًا 

في المقابل يسحب "صلاح" مدّيته و يلوّح بها أمام الرجال المأجورين قائلًا و قد تلبسته شخصيته الإجرامية القديمة : 

-مش مرجلة دي يا كباتن. أربعة على نفر.. مش أصول خالص ! 

يتقدم أحدهم خطوة مناطحًا "صلاح" برعونةٍ فجة : 

-و إنت مال أهلك يا عم.. لو جاي عامل فيها عنتر و ناوي تتصدرله بلاش و لف و إرجع أحسن. بدل ما نكوّمك جمبه 

ينفجر "صلاح" مقهقهًا بقوة بعد سماع ذلك، ليتوتر الجمع القليل لوهلةٍ.. بينما يكفّ "صلاح" تدريجيًا عن الضحك و هو يعاود النظر إليهم من جديد و يقول بمرحٍ حقيقي : 

-يااااااه.. و دين النبي ماتتصوروش حانن إزاي لأيام الشقاوة دي. تعالى تعالى. تعالى يا نطع منك له. هاتسلموا على المعلم صلاح وصفي نفر نفر ! 

-صلاح وصفي !!! .. صاح الأخير بذهولٍ لا يخلو من الذعر 

وكزه رجلٌ من رجاله و سأله بلغة الإشارة، ليرد عليه و عليهم جميعًا بخوف بَيَّن : 

-صلاح وصفي يا بهايم. ده كان راجل الريس هاشم البرديسي و دراعه اليمين.. المعلم صلاح وصفي محدش في دايرتنا مايعرفوش !!!! 

كان "عثمان" يقف من خلفهم يلهث من شدة التعب و الإعياء و في نفس الوقت يمرر ناظريه عليهم بغرابةٍ كبيرة، لا يعرف ماذا بحدث الآن بالضبط.. ليس لديه أيّ فكرة عن الأمور التي يتحدثون عنها 

بينما "صلاح".. تعلو فمه تلك الابتسامة الشيطانية في هذه اللحظة و هو يرمق البقية بنظراتٍ تعدو حد الخبث إلى مجاهل الشر المطلق ...

__________ 

لا يمكن أن يصير هذا ... 

إنه مجرد يوم.. فراق لم حتى يومًا واحدًا... إنها حقًا لعديمة الكرامة.. كيف تشتاقه الآن تلك المعتوهة الغبية !!! 

ماذا يجب عليه أن يفعل بعد ليترسخ النفور منه بداخلها ؟ 

لقد فعل بها كل شيء.. كل الأشياء السيئة رأتها منه... مع ذلك تحبه ! 

المجنونة.. بالفعل هي مجنونة.. منذ البداية.. منذ أن وافقت على الاقتران به تحت أيّ مسمَّى.. و كانت خطيئتها الكبرى حين وقعت بغرامه 

لم تشعر بوقتها.. لكنها اكتشفته لاحقًا... و كأنها تراه بعينٍ و عين.. عين تكرهه و عين تحبه.. لماذا هي تحبه في الأساس ؟ هل لكونه زوجها ؟ أول رجل بحياتها ؟ والد إبنها ؟ مانح النعمة و العزَّة لها و لأخوتها ؟ 

ربما لكل هذه الأسباب... و علاوةً عليهم حبها الأخرق الأبله له.. آهٍ.. آهٍ من هذا الـ"عثمان" و من غرامه الأشبه بالجحيم و الجنةِ معًا ! 

-الرز شاط يا سمر إلحقييي !!! .. كان هذا صياح "يارا" التي إقتحمت المطبخ المفتوح فجأة و ركضت مباشرةً تجاه الموقد لتطفئه 

تنتفض "سمر" ملتاعة و تلتفت نحوها هاتفة : 

-إيه إللي حصل بس.. أنا آسفة بجد. آسفة أوووي ! 

سحبت "يارا" نفسًا عميقًا و زفرته بقوة، ثم استدارت لها قائلة بلهجة أكثر هدوءًا : 

-ياستي خلاص ماتعتذريش.. و لا يهمك. بس إنتي شكلك كنتي سرحانة جامد .. 

و رمقتها بنصف عينٍ قائلة : 

-إوعي تكوني كنتي بتفكري في صاحبنا ! 

نظرت "سمر" إليها بصمت يحدث عن كل شيء، لترفع "يارا" حاجبيها متمتمة : 

-بــــــس.. طالما تنحتي كده يبقى إللي قولته صح 

عضت "سمر" على شفتها بخجلٍ و أطرقت رأسها شاعرة بالخزي ... 

ابتسمت "يارا" لها و اقتربت منها خطوة، وضعت يدها فوق كتفها و قالت بلطفٍ : 

-إنتي Pure أوي يا سمر.. دلوقتي بس عرفت هو متمسك بيكي ليه.. و واضح كمان إن مش هو بس. إنتي كمان هبلة و لسا عاوزاه 

رفعت "سمر" إليها نظراتٍ ذاهلة، بينما تضحك "يارا" و عي تقول برقةٍ : 

-طيب خلاص ماتقفشيش كده. أنا بهزر معاكي.. آسفة لو هزاري ضايقك 

أجفلت "سمر" نافية بلهجة غير واثقة : 

-مافيش حاجة. أنا ماضيقتش. عارفة إنك بتهزري طبعًا ! .. و أكملت بمرارةٍ ساخرة : 

-و حتى لو مابتهزريش.. أنا فعلًا هبلة. هبلة عشان رغم كل حاجة لسا شاغل تفكيري 

يارا بغمزة : شاغل تفكيرك بس ؟! 

تتغيّر ملامح "سمر" في هذه اللحظة و تشبح بوجهها للجهة الأخرى، ثم ترد عليها بلهجةٍ مثقلة : 

-مش عارفة ليه من الصبح قلبي مقبوض.. مش ببطل تفكير في يحيى و في آ ا ... 

و صمتت ممسكة بلسانها قبل أن ينطق باسمه ! 

عقدت "يارا" حاجبيها و اعتدلت بوقفتها متخذة مظهر الجدية و قالت : 

-أنا بحترم مشاعرك طبعًا. و رغم إنك سايباهم من يوم واحد.. لكن أنا أم. و عندي فكرة عن احساس الحرمان من الضنى.. بصي يا سمر لو عاوزة تتصلي تطمني على إبنك ف ده حقك. و أنا اشجعك على كده. انتي من حقك تكلميه و تشوفيه كمان.. لحد ما أفضيلك نفسي و أشوفلك محامي كويس يطالب بحق الحضانة ليكي. إطمني أنا مش هاسيبك 

سمر بامتنانٍ : متشكرة أوي. أنا مش عارفة أقولك إيه ! 

-ماتقوليش أي حاجة طبعًا. إتفضلي لو عاوزة تتكلمي و تطمني على إبنك ! .. و قدمت لها هاتفها في الحال 

نظرت "سمر" إلى الهاتف بترددٍ، استغرق قرارها دقيقة واحدة.. إلى أن حسمته و تناولت من يدها الهاتف بسرعة، إذ غلبها الشوق و اللهفة أعمت بصيرتها 

جمدت أناملها فوق لوحة المفاتيح لبرهةٍ... فهي للأسف لا تحفظ رقم السيدة "فريال".. أنما رقمه هو.. تحفظه عن ظهر قلب 

مرةً أخرى تعض على شفتها بقوة أكبر حتى شعرت بطعم الدم بفمها... لكنها تتذرع بقليل من الشجاعة مع بعض الدعم الذي أمددتها به السيدة الجميلة و المرأة الحديدية "يارا شهدي".. وجدت ما يكفي من القوة لتضغط زر الاتصال و تضع الهاتف فوق أذنها و هي تتنفس الصعداء ... 

مرت لحظة.. تلو الأخرى.. تلو الأخرى و وتيرة القلق تتصاعد بداخلها... قلق مبهم لا تعرف مصدره 

لكنها موقنة من شعورها، و هذا ما يثير خوفها أكثر ... 

-آلو سلامو عليكو ! 

تجهمت "سمر" فور سماع صوت الكرف الآخر للمكالمة، لدرجة أنها أبعدت الهاتف لتنظر و تتأكد من الرقم.. وجدته صحيحًا، مع هذا اعادت السماعة إلى أذنها ثانيةً ... 

-آلووو ! .. كرر نفس الصوت على مسامعها 

ارتبكت "سمر" كثيرًا و هي ترد بصوتٍ مهزوز : 

-آ آلو.. مين معايا ؟؟!!! 

-حضرتك إنتي إللي طالبة. عاوزة مين ؟ 

سمر بتوتر : آ ا مش ده رقم عثمان البحيري ؟ هو فين ؟!!! 

-آااه أيوة يافندم. ده رقمه فعلًا. بس مع الأسف مش هايقدر يرد دلوقتي.. هو مش موجود جمبي أصلًا 

ازداد توتر "سمر" و هي تسأله بانفاسٍ متلاحقة : 

-ليه مش هايقدر يرد ؟ عثمان فين.. ماله ؟؟؟ 

-هو حضرتك تقربيله ؟ 

سمر و قد سيطر عليها الرعب كليًا : 

-أنا مراته !!!! 

في المقابل تفغر "يارا" فمها مدهوشة من ردها، بينما يأتي الرد على سؤال "سمر" حذرًا ليّنًا : 

-ماغيش حاجة خير إن شاء الله. هو بس في المستشفى مـ آ ااا .. 

-في المستشفى !!!!! 

صمّ صراخ "سمر" أذنيّ "يارا" و جاءت "ملك" من غرفتها مهرولة على إثره ... 

بينما "سمر" و كأنها قنبلة من النواح و البكاء قد إنفجرت و هي تستجوبه بانهيارٍ : 

-في مستشفى إيـــه ؟؟؟؟ 

__________

في مشفى المدينة الخصوصي ... 

داخل غرفة الفحص، يجلس "عثمان" فوق المقعد الطبي القابل للطيّ.. ساعده الأيمن موصولًا بانبوب المحلول المعلق فوق رأسه 

كانت معه ممرضة، تركها الطبيب بعد أن فحصه و تأكد من سلامته.. وقف تضمّد جراحه، وضعت لاصقة فوق حاجبه و أخرى أسفل ذقنه، و ها هي تنهي عملها بتضميد جبهته بالقطن و الشاش و تبرمهم فوق بعض باحكامٍ 

كان ينظر بساعة يده الثمينة و الحديثة المزوّدة بخاصية مطوّرة تتيح له قراءة ضغط الدم و نبضات القلب.. فكان يهز معصمه بقوة من حينٍ لآخر ليتابع حالته ... 

-ألف سلامة ! .. قالتها الممرضة الشابة و هي تطل أمام "عثمان" مبتسمة 

رد لها الابتسامة و هو يشكرها متلمسًا حافة الضماد فوق رأسه : 

-الله يسلمك.. متشكر أوي. لحظة بس ! 

و مد يده ليلتقط سترته من أمامه، أخرج جزدانه و سحب ورقة نقدية من فئة من المئتان، طواها في يدها و كرر شكره باسلوبه الراقي : 

:شكرًا على تعبك يا آنسة. دي حاجة بسيطة 

سعدت الفتاة كثيرًا بتصرفه كليًا، عرضت خدماتها عليه للمرة الأخيرة.. ثم رحلت بعد أن سمح لها 

لينهض "عثمان" و يبدأ بغلق أزرار قميصه، عند آخر زر يلج الرجل المعجزة.. منقذه الذي لولاه لكان وضعه أسوأ الآن ... 

-أنا قلت إستحالة أمشي قبل ما أطمن على حالك ! .. قالها "صلاح" مبتسمًا بلطف 

يلتفت "عثمان" ناحيته هاتفًا بابتسامة كبيرة : 

-و أنا كنت أزعل و ربنا لو مشيت قبل ما أشكرك بنفسي و أقوم معاك بالواجب.. كفاية جدعنتك. أنا ماشوفتش كده في حياتي ! 

و أقبل عليه بهيبته رغم تلك الظروف ... 

تصافحا بقوة و بدأ "عثمان" بالتعريف عن نفسه : 

-عثمان البحيري. بيزنس مان. اسكندراني أبًا عن جد. مافيش حد في اسكندرية مايعرفنيش ! 

صلاح بتفاخر مماثل : 

-صلاح وصفي. بيزنس مان بردو.. بس عايش في القاهرة. و بعون الله معروف في كل مكان 

وافقه "عثمان" باعجابٍ واضح : 

-أيوة طبعًا. أخدت بالي.. لحظة ما عرفت عن نفسك شوية التيران اللي اتربصولي إتبخروا في ثانية. أنا اتشرفت بيك جدًا و أتمنى نكون أصدقاء 

-يا باشا الشرف لينا.. بص. إنت من إنهاردة أخويا مش صاحبي 

-ده كده الفاتورة عليت أوي من أول مقابلة و غرَّمتك .. 

و ضحكا الاثنان معًا 

يستطرد "صلاح" فجأة وسط الحديث : 

-آه صحيح قبل ما أنسى.. في حد إتصل عليك أول ما وصلنا. و بصراحة أنا رديت. معلش أنا آسف. بس قلت جايز حد من قرايبك ! 

اختفى المرح من ملامح "عثمان" و تساءل بجديةٍ : 

-لا طبعًا و لا يهمك.. بس يا ترى مين إللي رد عليك. يارب ماتكونش والدتي بس !
-لا لأ مش والدتك.. دي مراتك ! 

-مراتي ! .. ردد "عثمان" متفاجئًا 

و لم يكد الأخير يرد عليه ... 

إستمعا إلى ضجيجًا مسموع بالخارج، ثم شاهدا باب غرفة الفحص يدفع فجأة.. لتظهر من خلفه "سمر" ذات البشرة الشاحبة عن آخرها، كانت كالموتى 

جمدا كلًا من "عثمان" و "صلاح".. بينما تقف "سمر" مستندة إلى الباب.. تشعر و كأنها أمعائها تتقلص بشدة مؤلمة فتتركها متألمة، عاجزة عن الحركة تمامًا ... 

مرت الثوان على هذا المحو و لم يحرك أحد ساكنًا، لينقل "صلاح" نظراته بينهما.. يخمن بنظرته الثاقبة بأن تلك هي زوجة الصديق الجديد 

يتنحنح و هو يمثل أمام "عثمان" قائلًا : 

-طيب يا باشا. أنا مضطر أمشي بقى عشان لسا على سفر.. كانت فرصة سعيدة أوي ! 

ينتزع "عثمان" نظراته من على زوجته الآن و ينتبه من جديد لمحدثه ... 

-ما بدري يا صلاح بيه. أنا لسا ماعملتش معاك أي واجب.. لا و الله ما ينفع ! 

-معلش. مرة تانية.. لازم أرجع القاهرة حالًا مراتي محتاجالي ضروري. أكيد هنتقابل تاني 

-طيب سيبلي تليفونك أرجوك ! 

-بس كده.. إتفضل يا سيدي 

و أخرج كارت من جيبه و أعطاه إياه.. تصافحا مرةً أخرى، و ذهب "صلاح" إلى سبيله ... 

الغرفة مغلقة عليهما الآن.. كليهما يقفان وجهًا لوجه... تبيّن "عثمان" يأنها لن تبدأ الحديث أبدًا إن لم يفعل هو أولًا 

و قد كان ... 

-يا أهلًا ! .. قالها "عثمان" بلهجة مقتضبة 

رماها بنظرة قاسية أخرت ردها للحظاتٍ، لكنها ما لبثت أن ردت و لكن بلهجة لا تخلو من التوتر : 

-أنا كنت بكلمك عشان أطمن على يحيى.. إللي رد عليا ماوضحليش حاجة. قلقت على إبني و افتكرت إن هو إللي آ ا ... 

-بس بطلي كدب ! .. صاح "عثمان" مقاطعًا إياها بحدة 

صمتت "سمر" محدقة فيه بقوة، بينما يتابع و هو يقترب نحوها بخطوات وئيدة : 

-عيبك إنك دايمًا فاكرة نفسك هاتدخلي قدامي جولات و تطلعي كسبانة. بس الحقيقة إن في كل جولة بتخسري يا سمر.. حتى لو بالكلام !! 

شعرت "سمر" بالتهديد، خاصةً عندما صار قريبًا منها بشكل كبير.. و عندما استطاعت أن تعمل عقلها قليلًا لتتصرف و تتزحزح بعيدًا عنه، كان الآوان قد فات 

إذ امتدت يده لحظة تحركها من أمامه، قبض على رسغها و شدها بعنفٍ تجاه الحائط، ثم يحاصرها هناك بين ذراعيه ... 

تأوهت متألمة و هي تتطلع إليه بنظراتٍ مستنكرة و تصيح بغضبٍ : 

-إنت إيه إللي بتعمله ده. إنت فاكر نفسك إيه ؟ و بعدين ماتنساش إنك ماضي تعهَّد و آ ا ... 

تملكها الخرس فجأة، حين رأته يستل من جزدانه ورقة مطوّبة عرفتها فورً قبل أن يفتحها و يضعها نصب عينيها قائلًا ببرودٍ مخيف : 

-قصدك على ده مش كده ؟ إنتي حقيقي كنتي متخيلة إن حتة ورقة زي دي ممكن تمنعني عنك أو تحميكي مني ؟! 

جحظت عيناها من شدة الصدمة، لتنطق بتلعثمٍ : 

-إ. إنت.. إنت جبتها إزاي ؟؟!!! 

علت زاوية فمه بابتسامة ساخرة و هو يقول باستخفافٍ : 

-مقدرش أغفرلك ظن زي ده.. معقول بعد كل إللي بينا. لسا ماعرفتنيش كويس ؟ لسا ماعرفتيش أنا مين و أقدر أعمل إيه ! 

حملقت فيه و الصدمة لا تزال تؤثر عليها، لتقول بعدم استيعابٍ : 

-إزاي عملت كده ؟؟!! 

رفع ذقنه ناظرًا إليها من علوٍ، ثم قال بلهجة الغرور خاصته : 

-الفلوس يا بيبي.. أي حاجة ممكن تشتريها بالفلوس. حتى الناس ! ........................................................ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

تعليقات



×