رواية الصندوق الفصل الثانى و الستون بقلم الهام عبده
علي_بعد_خطوة
تذكر يوسف في هذه اللحظة أنه هو أيضاً في الانتظار!! ينتظر إبلاغه بوصول باقة الورد و سينتظر بعدها رد فعل ريم عليها !! تُري كيف ستشعر حينها و هل ستتأثر و تبدأ مشاعرها التي جَمُدَت في الذوبان كما تذوب قمم الجبال الجليدية عندما تنشر الشمس أشعتها الدافئة بعد ان تُبدد الغيوم !!
الانتظار صعب لكنه يحمل معه الأمل فطالما تنتظر شيئا فإذاً هناك حلماً حياً مازال ينبض داخلك و هذه هي الحياة تمر بين انتظار تلو الاخر فما حققناه و نسيناه من قبل كان أمنية بعيدة في الماضي ..
سمع صوت هاتفه ينبئ بوصول رسالة، فتحها فوجد علاء كاتباً كلمة واحدة : وصل و في الأسفل هناك صورة لباقة الورد كما طلبها يوسف بورود حمراء و بيضاء و هناك بطاقة صغيرة موضوعة بين الورود فأرسل له يتسائل عنها فكتب علاء : حبيت أضيف شئ من الرومانسية !!
قلق يوسف و رد عليه كاتباً : كتبت ايه ؟!
علاء : كتبت " مش هقول غير .. اعذريني و تعالي نفتح صفحة جديدة .. "
تفاجأ يوسف و كتب له : يا ندل !! بتكتب كده من نفسك .. من غير م تقولي !!
علاء : من انا لو قولتلك هتاخد وقت عشان تقول هتكتب لها حاجه و لا لا ؟؟ و بعدين هتاخد وقت تاني تقرر هتكتب ايه ؟! فأنا أنجزت الموضوع ف ثانية .. و بعدين قولي انت معجبكش اللي كتبته ؟!
ابتسم يوسف و قال : هو بصراحة حلو .. بس كنت قولتلي ده كلام مبعوت باسمي
علاء : أنا و انت واحد ..
يوسف : ماشي يا اخويا ...
علاء : أول م ترد عليك طمني
يوسف : حاضر
ظل يوسف في الانتظار يتخيل أكثر من حوار سيدور بينهما، يعَّدل جملة أو يضيف سؤال !! فتح تطبيق الرسائل علي الصفحة التي بينهما و ظل متوقفاً عندها و لكن دون رد !!!
هل سترده ريم للمرة الثانية ؟! إلي هذه الدرجة جَمُدَ قلبها ناحيته !! هل يحاول استعدال مسار علاقته بها بعد فوات الأوان !!
ريم التي لطالما رأي نظرة الحب في عينيها له، التي تغاضت و تحملت كثيراً، التي تأملت به و صبرت، هل نفذ رصيده داخلها أم ماذا ؟! لأول مرة يشعر بالقلق إلي هذه الدرجة!!
ذهب نحو الشرفة و استنشق الهواء و حاول أن يهدئ وتيرة القلق التي اعترته قائلاً لنفسه : كل حاجه هترجع زي م كان ان شاء الله .. و حتي لو منفعش لازم تيجي لحظة لازم الواحد يتقبل فيها النتايج حتي لو مش عجباه !!
أغلق هاتفه لأن النظر مجدداً يعيده للقلق ثانية فقرر مواصلة القراءة و الانشغال بروايته و شخوصها من جديد ..
جاءت كلمات الرجل الخمسيني علي أذني سالم كبشري سارة انتظرها كثيراً ثم قال له : تفضل لتأخذ ضيافتك ..
أجلسه في قاعة الرجال ثم ارسل رسولاً لمنزل الأميرة كي تحضر و تستمع بنفسها ثم عاد ليجلس معه و يتعرف عليه أثناء احتساء الشاي
سالم : ما اسمك أيها العم ؟!
العم : ناصح .. اسمي ناصح !!
سالم : أين تسكن أيها العم ناصح ؟
العم ناصح : هنا في أسوان، بالشارع الخلفي للمبرة الجديدة المغلقة هذه !!
تجَّهم سالم عند ذكر المبرة و اغلاقها لكنه قال له : هل لديك أبناء ؟!
العم ناصح : نعم صبيان و ثلاث بنات
سالم : ليحفظهم الله لك
العم ناصح : و يحفظك يا سيد سالم من كل شر، ليكن بعلمك أنا لم أصدق تلك الفضيحة أبداً و لذا عندما نظرت لصورة ذلك الرجل و تعَّرفت عليه جئت علي الفور
سالم : و لما لم تصدق ؟!
العم ناصح : الموضوع مرتب بشكل يجعلك تشك بصحته و الطبيب إيفان أعرفه بشكل شخصي فهو رجل مهذب كما أن الأميرة و برغم علاقتها السابقة به لكنها فتاة جادة و بذلت مجهوداً كبيراً في المبرة يشهد عليه أهل البلدة جميعاً فكيف يفعلان ذلك في ليلة الافتتاح عندما تتجه نحوهما أنظار الجميع !!
أومأ سالم بقبول تحليل الرجل للأمر و قال : معك حق ..
في تلك الأثناء جاءت كاريمان متلهفة بصحبة والدها، ألقيا التحية ثم جلسا للاستماع
العم ناصح : أهلا بكِ أيتها الأميرة، منذ لحظة كنت أخبر السيد سالم أنني لم أصدق ما قيل عنكِ منذ البداية فنحن نقدركِ و نقدر جهودك في المبرة الجديدة و حزنا من اجل أنها لم تفتتح إلي الآن!!
ردت كاريمان بأسي : لعل الظروف المعاكسة تهدأ و حينها تفتتح المبرة و تقوم علي خدمة اهل البلدة .. اخبرني الان ما الذي تعرفه عن صاحب الصورة ؟!
العم ناصح : في ليلة الحادثة كنت عائداً من أحد التوصيلات في وقت متأخر قرب الفجر تقريبا، جاء ذلك الرجل و طلب مني ايصاله لميناء المراكب فلم أقبل في البداية و لكن بعد الحاحه و عرضه قطعتين ذهبيتين مقابل ايصاله وافقت ..
صمت الرجل فقالت كاريمان بتعجل: ثم ؟!
منصور بك : مهلاً يا ابنتي.. الرجل سيتم كلامه علي ايه حال !!
العم ناصح : أوصلته لمينا المراكب فانطلق نحو المراكب يسأل عن المركب المنطلقة لأسيوط مغطياً جانب من وجهه بغطاء أكتاف كان ملتحفاً به
سالم : و هل ذهب لأسيوط بأحد المراكب أمام عينيك ؟!
العم ناصح : نعم .. ظللت واقفا منتظراً أن أعود بأحدهم بدلاً من العودة فارغاً فرأيته يركب احد المراكب الذي انطلق مع أول شعاع لضوء الفجر آنذاك !!
سالم : هل تتذكر صاحب تلك المركب ؟!
العم ناصح : نعم .. أظن أنه عبدلله الزيني !!
كاريمان : تظن ؟! من فضلك تذكر جيداً، لا نود الدخول في متاهات و احتمالات جديدة !!
العم ناصح بعد تفكير: أنا تذكرت المنظر من جديد فبرغم من أنه كان الفجر و الرؤية لم تكن مثالية لكنني تذكرت المركب جيداً و تذكرت وجه عبدلله أيضاً
منصور بك : لنأمل أنه هو أيضاً يتذكر الرجل و وجهته !!
العم ناصح : إن شاء الله
سالم : إذن لتأخذنا لهناك من فضلك و لا تقلق ما وعدنا به ستأخذه و أكثر
ابتسم العم ناصح و قال : ليس المال هو همي الوحيد بل أريد اراحة بالكم و ان ادلكم علي هذا المجرم
منصور بك : بارك الله فيك
انطلق الثلاثة مع العم ناصح نحو ميناء المراكب كي يسحبا بقية خيوط الفخ !!
منذ وصول شفيقة و زوجها إلي باب قصر حفيظة الخلفي و هما مختبئان خلف شجيرات قصر مقابل كان مغلقاً !!
شاهدا من موقعهما حارس واحد فارع الطول واقفاً أمام الباب حاجباً كل المنفذ بطوله و كتفيه العريضين!!
أصابهما الملل من الانتظار فقال سلامة : يظهر أن هذا الحارس لن يتحرك ابداً، قد مللت و أمعائي خوي منها الطعام !!
شفيقة باستياء : يا رجل !! انسي هم بطنك و امعائك الآن و دعنا ننتظر اللحظة المناسبة !! نحن لن نحتاج سوي دقيقة واحدة كي نصبح بالداخل!!
سلامة : و هل سيتحرك أم أنه مزروع هنا كشجرة ؟!!
شفيقة : سيتحرك، بالتأكيد سيذهب هنا أو هناك
سلامة و قد أخرج من جيب بذلته برتقالة و بدأ في نزع قشرها : ربما ..
نظرت شفيقة غير مصدقة لما يفعله و قالت : ويحك !!
أما فاتن فظلت منتظرة في غرفتها بقلق شديد و فكرت في الذهاب بمفردها للقصر لكنها تراجعت لأنها لن تستطيع اثناءهما عن ذلك الفعل بمفردها و لذا هي تحتاج لكرم، ظلت تذهب و تجئ في غرفتها قاطعة الممر من السرير للنافذة و في كل مرة تنظر لا تجده فقالت : أين أنت يا كرم ؟! أين؟!
جلست بسأم علي كرسي بجوار النافذة فسمعت صوته يلقي التحية علي أحد العاملين فنظرت بلهفة ثم نادت له و طلبت منه الانتظار حتي تأتي اليه فانتظر قدومها في الحديقة الخلفية كما أشارت له كي لا تلاحظهما خالتها التي انشغلت في تدقيق حسابات ما تم بيعه كي تعود غداً لقصرها بعدما تضبط كل شئ !!
رأي وجهها القلق و هي مقبلة عليه بخطوات مسرعة فقال : ما بالك قلقة و مسرعة هكذا ؟!
فاتن : كارثة كبيرة !! يجب أن نسرع و نمنع حدوثها حالاً !!
كرم : لا أفهم شئ !! اشرحي لي ماذا حدث ؟!
فاتن : سأشرح لك و لكن يجب أن نسرع من فضلك !!
أما سيمون فعادت ذلك اليوم من المدرسة و معها كمية كبيرة من البصل !! لأول مرة في حياتها ترتاد سوق الخضروات و الفاكهة بدلاً من مشاهدة الثياب الفاخرة و الأحذية ذات الكعوب العالية !! أغلقت باب المنزل و نظرت ليديها الممسكتين بحقيبتين من الورق يظهر منهما البصل ثم ابتسمت و قالت لنفسها : ليكن !! لا أحب الطهي و لا الوقوف أمام حرارة النار و لكن ما نيل المطالب بالتمني كما يقول أخي!!
ذهبت نحو المطبخ و أفرغت البصل ووضعته في سل خشبي ثم ارتدت مريول أخيها و غسلت يديها ثم بدأت بالعمل فقد رتبت في عقلها أن تعد حساء البصل الفرنسي و هو أسهل ما وجدته من وصفات في الكتاب الذي اشترته منذ قليل ثم ستذهب بوجبتين للمبرة كي تقدمه لأخيها و رفيقه منير كي تكون هذه أول محاولة بإلقاء طعم صغير في صنارتها فهل ستفتح السمكة فمها و تلتقط الطعم أم لا ؟!
وصل الحنطور الذي يقل سالم و الأميرة و أبيها يرافقهم العم ناصح، نزلوا ثم ترجلوا حتي وصلوا للميناء حيث المراكب الفارغة المتراصة حيث بعض أصحابها كانوا نائمين داخلها و بعضهم الاخر جالسون في جانب مقابل للميناء يشربون الشاي و يتحدثون بأصوات مرتفعة!!
نظر العم ناصح هنا و هناك ثم أشار لهم علي مركب " المحروسة " القابعة في تربع و بهاء علي صفحة الماء الصافي !! قال سالم : أين مالكها اذن؟!
نظر العم ناصح داخلها فلم يجد أحد فنظر بين الجالسين في المكان المجاور و قال : ها هو ..
اندفعت كاريمان و قالت : لنذهب اليه اذن ..
أوقفها العم ناصح قائلا : يا حضرة الأميرة، هل تتركيني أذهب اليه أولاً لأوضح له الأمر ثم أعود به اليكم؟!!
سالم : نعم .. سيكون ذلك أفضل
تراجعت كاريمان ووقفت معهم حتي يأتي العم ناصح و معه الرجل !!
راقبت كاريمان بقلق ملامح الرجل عندما ذهب اليه العم و أشار اليه عليهم فنظر إليهم بتفحص و تفكير ثم انتصب حاملاً كوب الشاي خاصته حيث ارتشف منه أثناء سيره إليهم و عندما وصل قال : مرحباً بعلية القوم !!
شعر سالم بأن الرجل متحامل قليلا و قال : أهلا بالرجل الهمام .. نحتاج إليك في أمر هام !!
عبدلله المراكبي : أخبرني العم ناصح عن قضيتكم فما المطلوب مني ؟!
سالم : شئ بسيط .. نريد معلومة عن رجل ركب في مركبك منذ عدة أيام !!
عبدلله : امممم .. و ما أدراكم أنني اتذكر هذا أو ذاك ؟! في كل يوم أنا أقل راكبين من هنا إلي هناك و العكس !!
كاريمان و قد أخرجت الصورة من جيب ثوبها : انظر جيدا!! حاول أن تتذكر !!
اشاح الرجل بوجهه عن الصورة و قال: لا اتذكر !!
نظر سالم للرجل بشك و قال له : هل لا ترضيك مكافأة مجزية ؟! ربما تحتاج المال لشراء مركب جديدة تحسن بها حالك و ترفع من مستوي معيشتك !! و فوق كل ذلك ستشارك في كشف حقيقة و نصر مظلوم!!
نظر الرجل لكاريمان بشك و قال : من يعلم ؟! فالجميع يقول أنه علي حق !!
لم يستطع سالم تمالك أعصابه فأمسك برقبة الرجل و ضغط عليها بقوة ثم قال : غير مسموح لك بالتطاول !! هل تفهم ؟!
حاول منصور بك خلع رقبة الرجل من بين يدي سالم بمساعدة العم ناصح و بصعوبة استطاعا ذلك بينما كانت كاريمان واقفة مستاءة لانها سمعت اتهام و تشكيك مثل هذا !!
ابتعد عبدلله عنهم بخوف بعد ما حدث و قال: ليس لدي شئ اقوله لكم فاذهبوا من هنا .. لا فائدة من خنقي او قتلي أيها النبلاء !!
شعر سالم بالأسف الشديد فذلك الخيط الضئيل الذي يربطهما بذلك الرجل قد انقطع علي نحو سئ و لا يري أي ضوء و لو يكون خافتاً ليمشي خلفه !!
قال منصور بك : هيا من هنا فلا فائدة من وقوفنا هنا بعد الآن!!
سالم لكاريمان : آسف جدا فأنا لم أتمالك نفسي و تصرفت بانفعال
منصور بك : لا تعتذر فهو يتخذ مما موقفاً منذ البداية فلم يكن سيقول شيئا في كل الأحوال !!
كاريمان : لا أصدق أننا فقدنا الخيط الوحيد الذي يصلنا بهم الآن!!
فتح سالم فاه ليعتذر من جديد و لكن صوت صبي صغير اوقفه عندما قال : أنا أعرف ما تبحثون عنه !!
نظر الاربعة خلفهم فوجدوا " منصور " صبي صغير في الرابعة عشر يعمل علي المركب مع عبدلله و هنا تجدد الأمل داخلهم و ابتسمت كاريمان لان الله لم يتركها لذلك الاحساس القاتل بالضياع !!
أخذوه معهم بعيدا حسب طلبه كي لا يلاحظه مالك المركب فجلسوا معه في الحنطور في مكان متواري عن النيل قليلاً
عندما علم كرم بما يخططا له شفيقة و سلامة أصابته الدهشة و ظل محملقاً دون رد فقالت فاتن : لا وقت لصدمتك يا كرم !! من فضلك لنتحرك حالا قبل وقوع تلك الكارثة !!
كرم : هل تعرفين ماذا قد تفعل خالتك إن علمت؟ !!
فاتن بخوف : نعم .. لذا أقول أن نذهب سريعاً
كرم : و كيف ستبررين لخالتك غن خروجك ؟!
فاتن و هي تفكر لإيجاد حجة جيدة : لأقول أنك ذاهب للمدينة لشراء لوازم تخص زفاف اختك و انا قلقة علي اخي و والداي فسأذهب معك اليهم
كرم : حقا؟!! الآن يعمل عقلك جيداً فالحاجة ام الاختراع !!
فاتن : لا وقت لتهكمك ايضاً .. اطلب منهم تجهيز العربة حتي آخذ اذناً و أعود لك
كرم : حسناً .
بعد زمن من الانتظار فتح ذلك الحارس الباب الذي يحرسه ثم دخل و أغلق خلفه فقالت شفيقة : هل نذهب و نفتح الباب فتلك فرصة جيدة ؟!
سلامة : و ماذا إن وجدناه بوجهنا ؟!
شفيقة : لا أعتقد فهذا ذهب ليتناول غداءه و تلك فرصة مناسبة جدا كي نصبح بالداخل !!
سلامة : و كيف عرفتِ؟!
شفيقة : هذا تخمين !!
سلامة : المخاطرة قي تلك الأمور تعني الهلاك !! ليكن بعلمك
شفيقة : هل تتأكد من الأمر؟!
سلامة : كيف ؟!
شفيقة : اقطع الطريق نحو الباب الأمامي و ستري بنفسك أن هؤلاء أيضا ذهبوا للداخل كي يتناولون طعامهم !!
سلامة : هل سأمشي و أقطع كل ذلك للطريق ؟!
شفيقة : معك حق فحتي تذهب ثم تعود سيكون كل واحد منهم عاد لمكانه و انتهي الأمر!! لا داع لذلك .. هيا بنا !!
انطلقت شفيقة نحو الباب الخلفي و تبعها سلامة ثم أخرجت المفاتيح التي نسختها و بدأت بالتجريب..
أول محاولتين فشلا ثم مع المفتاح الثالث دار القفل فانفتح الباب و هنا قفز سلامة رغم بطنه الكبير و قال : مرحي !!
دخلا للداخل ثم أغلقت الباب مثلما كان و عند نظرهما للمكان انبهرا بتلك الحديقة الغناء ذات الأشجار المثمرة و الظلال الوارفة فالخير و الحياة الرغدة ظاهرة حتي دون الدخول للداخل !!
ظلت شفيقة تدور هنا و هناك و تتنقل بعينيها المعجبتين بكل شئ بينما ذهب سلامة نحو شجرة برتقال و قطف ثمرة ناضجة و بدأ بأكلها فهو لا يستمتع دون أن يملأ بطنه من الطعام !!
سمعا صوت أقدام آتيه فاختبئا خلف شجرة كبيرة وارتهما عن الأنظار حتي عبر الحارس نحو الباب و خرج ليعود لعمله من جديد !!
قالت شفيقة بصوت خافت : هل رأيت رغد مثل هذا ؟!
سلامة : بصراحة أنا أحسد أختك علي كل هذا يا زوجتي !!
شفيقة : ليكن لنا نصيب اذن من كل هذا الغني و الثروة !!
سلامة : نعم فقد زاد حماسي الآن!! هل سندخل ؟!
شفيقة : انتظر حتي يحل الظلام حتي يسَّهل عملنا
سلامة : و هو كذلك
قامت سيمون بتقطيع كمية كبيرة من البصل جعلت دموعها تنهمر بغزارة كمن تبكي علي حبيب تركها و ذهب !! ظلت تطبق الخطوات و تنظر للكتاب بعد كل خطوة للتدقيق حتي وضعت الأطباق الخزفية الثلاث في فرن يعمل بالحطب في حديقة المنزل و ما إن دخلا للفرن الساخن حتي فاحت رائحة طيبة جداً و هنا تحمست جدا و قالت : سيكون المذاق طيب و بالتأكيد سيؤثر به فأنا اخترت طبقاً فرنسياً كي يميزني أمامه عن أي فتاة قابلها من قبل !!
قال منصور : أنا أتذكر ذلك الرجل الذي نشرتم صورته أمس، ركب المركب فجراً منذ عدة أيام و بدي علي وجهه القلق و قد أخفي جانباً من وجهه طيلة الوقت لكنني رغم ذلك عرفته، هل وضعتم مكافأة مجزية لمن يدلكم عليه ؟
كاريمان : نعم .. ستكون تلك الجائزة من نصيبك إن قلت معلومة تدلنا عليه
ابتسم منصور بسعادة و قال: ركب معنا حتي وصلنا ميناء أسيوط ثم بقي قليلاً هناك حائراً منتظراً و بعد قليل ركب حنطوراً و قال له : خذني إلي فندق يكون جيداً
سالم : فندق !! هذا يعني أنه لا يملك أقارب او أصدقاء هناك !!
منصور بك : انه يبتعد عن طرق الوصول اليه حسب التعليمات!!
سالم : و لكن الوصول له لا يعد صعباً في الفنادق هناك
كاريمان : لنذهب ع الفور اذن
سالم : آمل أن يكون لازال هناك و لم ينتقل !!
تأوهت كاريمان و قالت : يا الله .. لنصل إلي شئ يذكر!!
منصور بك : هيا دون اضاعة الوقت
كاريمان : هل سنذهب دون إبلاغ ثريا و عزيز ؟!
سالم : و انا يجب أن أبلغ أمي كي لا تقلق
منصور بك : اذن ليعود كل منا لمنزله ثم نتقابل هنا من جديد عند ميناء المراكب
منصور : لكن الآن ليس موعد انطلاق المراكب!!
سالم : لا تقلق .. سنستأجر أحدهم خصيصاً لنا عندما نعود
عاد منصور للمرسي بينما عاد بهم العم ناصح نحو البلدة..
أخرجت سيمون الأواني الخزفية من الفرن و البخار الحامل للرائحة الذكية ملأ المكان، وضعت الخبز المحمص علي وجه كل منهم و قربت انفها من أحدهم كي تشتم أكثر و تستمتع بعمل يديها !!
قالت لنفسها بانشراح: ما أروعني!!
مستوي عال من النجاح في أول مرة أحاول الطبخ بها !!
أكملت متهكمة : و يقولون الطبخ صعب و به عناء !!
انتظرت لتهدأ حرارة الأواني قليلاً ثم وضعتهم علي طاولة خشبية و غطتهم ب قماشة بيضاء خفيفة و نظيفة و ذهبت لترتدي ثوباً بلون الزهر، صوفي يشعرك بالدفئ بمجرد رؤيته!! في قدميها وضعت حذاءا بلون أبيض و بكعب رفيع عالٍ تأنقت بخطوة ضيقة تتناسب مع تلك الطلة الهادئة الراقية !!
حملت حقيبة بيضاء صغيرة تعلقت في معصم يدها بينما حملت طاولة الطعام بين يديها و دخلت بها للمبرة متجاهلة بفعلتها هذه حديث الناس الذين سيتحدثون عن شقيقة الطبيب التي جاءت حاملة للطعام أثناء وقت العمل و بوجبتين فقط أحدهما للطبيب و الأخري لرفيقه!!
دخلت و ألقت التحية متسائلة عن إيفان حتي وصلت له فقد كان بغرفة الأطباء جالس مع اثنين من زملائه أحدهما هو منير!!
تفاجئ بحضورها و نظر لطاولة الطعام و فهم تلك الخطوة فقال بضيق مكتوم : أهلا سيمون !!
دخلت الغرفة متقدمة بضعة خطوات و قالت : أهلا بك يا أخي .. جلبت لك وجبة غداء خفيفة تساعدك خلال العمل !!
منير : هذا تقدم رائع !! سنتركك لتستمع بوجبتك اذن
سيمون : لا .. انتظرا فقد أعددت المزيد فربما رائحة الطعام ستجعل الآخرين شغوفين بالتذوق!! أحضرت طبقين اضافيين تحسباً لهذا
قال منير محدثاً الزميل الاخر : اذن لنتذوق و نقول رأينا
سيمون : و لكن بكل صراحة و دون مجاملة !!
منير : بالطبع
جلس الثلاثة و قدمت سيمون لهم الأطباق و بالفعل أبدوا اعجابهم بالرائحة الذكية ثم بدأوا بالتذوق و سيمون تنتظر في فخر و تشوق !!
عاد منصور و كاريمان للمنزل حيث ثريا و عزيز ينتظران في قلق فقصا عليهما ما حدث و أنهما بصدد السفر بالمركب حتي أسيوط للبحث عن ذلك الوغد و سحب باقي خيوط الأمر ..
قال عزيز : أتمني أن تجدوه و لكن السؤال : هل ذلك سيوصلكم لحفيظة ؟!
كاريمان : عندما نجده سنجعله يقول كل ما يعرف بأي طريقة و بأي ثمن !!
ثريا : كنت أرغب بالمجئ معكما و لكني سأبقي من أجل عزيز
عزيز: اذهبي اذا اردتِ فأنا قادر علي تدبر أمري
منصور بك : لا يا بني .. لن نتركك بمفردك . أليس كذلك يا ثريا ؟!
ثريا و قد شعرت بالحرج من جملتها التي قيلت دون قصد : بالطبع فأنا لن أترك عزيز حتي و إن جئتم بجيش يرافقه !!
منصور بك : اذن لنذهب نحن و لن نتأخر عليكما بإذن الله.. ادعوا لنا
ثريا: بالتوفيق
عزيز : مع السلامة !!
بعد أن ابلغ سالم والدته عما جري، ذهب و سبقهما لمرسي المراكب و اتفق مع أحدهم علي الذهاب حالا لأسيوط و دفع له أجرته مقدماً ثم بقدوم كاريمان ووالدها تحرك المركب علي الفور و بدأت الرحلة .
أما بسمة فقد ذهبت نحو منزل كاريمان بعد انتهاء عملها كي تقنعه بفكرة السفر فوجدت السيد عزيز و اخته يتحدثان مع طبيب آخر وصل للتو من قنا و جاء لفحصه !!
دخلت ووقفت تستمع من بعيد .
فحص الطبيب عينيه و سأله عن ما جري قبل أن يفقد بصره مباشرةً ثم سأل أيضاً عن ملابسات الضربات التي تلقاها علي رأسه !! ثم قال : يظهر أننا سنحتاج لجراحة عاجلة !!
عزيز بضيق خالطه خوف : مرة أخري!!
الطبيب : ماذا تقصد ؟!
ثريا: الطبيب الذي فحصه هنا من قبل قال نفس هذا الكلام!!
الطبيب : هل ضيقك هذا يعني أنك غير راغب في إجراء الجراحة؟!
عزيز : بالطبع لا و لكن الطبيب هنا قال ان نسبة النجاح لا تتعدي ال خمسون بالمئة و لذلك أخاف من أن أجري جراحة فاشلة !!
الطبيب: دعني أقول لك أنه لا شئ مضمون علي هذا الكوكب !! إن أخذت قرارك بالجراحة فسأفعل ما بوسعي و لنترك الباقي لله
عزيز : إذن متي يمكنني إجرائها؟!
الطبيب: إن استطعنا أخذ موافقة من المبرة هنا بإجراء الجراحة فيمكنني إجرائها لك اليوم قبل عودتي غداً لأنني مرتبط بمواعيد أخري عاجلة
ثريا: سأذهب له علي الفور اليوم و سأعود بإذن الله بالموافقة
الطبيب : لأذهب معك كي نسهل الأمر معاً
ثريا : حسناً
اختبئت بسمة من أمام ثريا و الطبيب و بعد انصرافهما تقدمت نحو عزيز ببطء و خوف فمن رقتها كانت تخشي الظهور امامه من فرط شعورها بالذنب حتي في وضعه الحالي و هو لا يستطيع أن يراها !!
تذوق الثلاثة أطباء الملعقة الاولي من طبق سيمون الذي أعدته بحرص فنظر ثلاثتهم لبعضهم البعض ثم قال لها إيفان: رائع يا أختي .. أنا أحييكي و لكن هناك شئ واحد ناقص بهذه الوصفة !!
تعجبت سيمون و قالت : ماذا ؟!
منير : ألم تتذوقي منه قبل أن تأتي به ؟!
سيمون بتوتر : لا .. لكن رائحته جيدة جدا
منير : نعم .. و لكنك نسيتِ وضع الملح !!
طاطأت سيمون رأسها لأسفل و قالت : أحقاً ؟! يا لخيبة الأمل !!
ايفان : لا عليكِ يا أختي، هذه المرة الاولي لكِ و لهذا تعد هذه النتيجة ناجحة جداً بالنسبة لمبتدئة !!
منير : نعم و أنا اوافقك الرأي ...
سيمون : اذن لأذهب للمنزل ..
إيفان: انتظري فسآت معكِ
سيمون : لكنني لن استسلم و سأعد أصنافاً جديدة و سأنجح بها !!
منير: هل نسيتِ دعوتك لي و عائلتي؟!
سيمون : بالطبع لم أنسي .. ستكونون ضيوفنا قريبا جداً
منير : نعم سنأتي بكل تأكيد و لكن سينضم معنا فرداً جديداً
سيمون بتساؤل : من ؟!
منير : ابنة عمي و خطيبتي، باعتبار ما سيكون !!
انهال الخبر علي سيمون كسقوط صخرة فوق رأسها مباشرةً فقالت : متي ستخطبا؟!
منير : بحفل في نهاية الاسبوع.. أنتم بالطبع مدعوون !!
سيمون : بالطبع .. مبارك لكما
منير : شكرا .. العقبي لكِ و ل إيفان
خرجت سيمون بصحبة أخيها من المبرة و هي مفككة الفكر و المشاعر و التراكيب !! فقد ذهب كل ما خططت له سدي و بسرعة شديدة لم تتوقعها أبداً فلم تكد تلقي بصنارتها حتي وجدت حوتاً ضخماً خرج من الماء و قضم صنارتها و كاد أن يوقعها بالماء بعدما نفث ماء زفيره كله عليها !!
تأخرت فاتن في محاولة إقناع خالتها التي أصرت علي أن تذهب للاطمئنان علي أخيها بعد تناول العشاء معها ثم غدا سترسل لها عربة تعود بها للقصر حيث خالتها التي ستستقر هناك من جديد بدايةً من صباح الغد !!
تملك فاتن الخوف الشديد من أن تمسك خالتها بهما أو من أن تكتشف كذبتها عليها و تبحث وراء الأمر..
ظلت منتظرة مع خالتها حتي ميعاد العشاء بينما كرم في الأسفل في انتظارها لترد عليه ..
بعد عدة دقائق من الصمت قررت بسمة أن تتشجع و تواجه عزيز من جديد فقالت : سيد عزيز !!
غضب عزيز عند سماع صوتها و قالت : أنتِ !! مرة أخري !!
بسمة : وصل الرد من صدقي باشا فجئت لأبلغك به
عزيز : ألم أقل لكِ أنني لا أريد من طرفك أي مساعدة !! لن انتظر طبيبك بل سأدخل المبرة و اجري الجراحة الليلة !!
بسمة : من فضلك لا تتسرع فتلك الجراحة دقيقة و تتطلب طبيبا خبيرا مثل صدقي باشا
عزيز : لا .. لا احتاج طبيبك و لا تعاطفك المسبب هذا
بسمة : أعترف أنني أخطأت و لكن يجب أن تعذرني لأنك لم تفعل القليل حتي وصلنا لتلك النقطة !!
عزيز: أري أنكِ بدأتِ بلومي من جديد !! لا داع لبقاءك او سماع كلماتك .. اذهبي من هنا
ذهبت بسمة متأثرة بما حدث و في تلك اللحظة تمنت أن تنجح جراحته كي يرتاح ضميرها الذي يئن و لا تعود لتري وجهه من جديد !!
و اخيرا انطلقت فاتن مع كرم خارج اسوار المزرعة كي تحاول اللحاق بوالديها قبل فوات الأوان
من داخل عربتها شاهدت الشقيقين في طريق العودة لمنزلهما، ذكرها ايفان بكاريمان و بتلك الصراعات التي تركتها لتجد نفسها تواجه صراعات من نوع آخر حتي أنها قالت في نفسها : يبدو أنه لم يكتب لي الراحة !!
قال إيفان لاخته الغاضبة الصامتة: لا تنزعجي يا اختي !!
سيمون بانفعال : كنت تعلم .. أليس كذلك ؟! لذا تراهنت معي ؟!
إيفان بتعجب : بالطبع لا .. منذ متي كنت غشاشا بنظرك !!
سيمون بلهجة اعتذار : لم أقصد يا أخي !!
إيفان: هل تعلمين أن الملح هو أهم شئ في وصفات الطعام !!
سيمون : نعم و قد نسيته اليوم !!
إيفان: الملح يجعل لأي طعام مذاق فريد بحيث يظهر النكهات و لكنه من داخل أهميته تنبعث خطورته
سيمون : أعلم ذلك فهو يمكن أن يفسد الطعام !!
ايفان: ما تفعلينه بحياتك يا اختي يفسد طعمها و مذاقها مثلما يفعل الملح تماما !!
سيمون : كيف ؟!
إيفان: انتِ شابة و جميلة و ناجحة و ذكية لكن طريقتك في البحث عن شريك تفسد طعم حياتك بشكل سئ
سيمون : هل ظننت أنني استسلمت و انك كسبت الرهان فانتقلت لاسداء النصح لي ؟!
إيفان بتعجب: هل بقي شئ بعد اعلان خطبته ؟!
سيمون : نعم، مازال لدي أمل فليس كل خطبة تنتهي بزيجة !! أنت صديقه و لم تكن تعلم فيبدو أن الأمر رسميا و حديثا و ربما لن يكتمل !!
إيفان محملقا: ويحك !!
حل الليل و مازال الزوجين في حديقة القصر الخلفية و قد تناول سلامة العديد من ثمار البرتقال حتي ملأ بطنه منه و حين اطفئت المشاعل و سكنت الحركة تماما بدأ التحرك !!
وصلت شفيقة للباب الداخلي الذي يدخلهما للمنزل من الداخل و هذا كان له مفتاحاً آخر فبحثت بين المفاتيح التي بيدها حتي وصلت للمفتاح المناسب بعد عدة تجارب و بالفعل أصبحا بالداخل
طلبت من سلامة إشعال شمعة صغيرة حتي يسيرا علي ضوءها بينما أخرجت هي الخريطة لتعرف كيف ستصل للقبو سريعا دون تأخير !!
في الوقت الذي اصطحبت ثريا أخيها للمبرة كي يدخل لإجراء الجراحة كان المركب الذي يحمل كاريمان و أبيها و سالم قد أصبح علي مشارف أسيوط، نظرت كاريمان بأمل نحو المنازل التي لاحت في الافق من بعيد و تمنت لو عادت بذلك الرجل و باعترافه علي تلك الافعي .. حفيظة !!
وصلت شفيقة للقبو بسهولة و عندما نزلت من السرداب الذي يقود لسلم يهبط لأسفل حيث غرفة الأموال وجدت أمامها الباب الذي يشبه الحائط فتعجبت و كادت أن تعود لكنها عاودت النظر فوجدت بالرسم رمزاً للضغط علي ذلك الجدار فضغطت بكامل قوتها فلم تستطع فحثت سلامة علي ترك البرتقال و الضغط معها حتي انفتح الجدار و ظهر باب القبو و قبل أن تضع المفتاح في القفل سمعا صوت أقدام تقترب فتواريا بعيداً و أعادا الجدار كما كان !!
وهناك علي بعد خطوات في ممر ضيق صغير انتظرا لرؤية من القادم فإذ هو شوكت أفندي يتجه نحو القبو فقد يفسد لهما ما جاءا من اجله بعد أن كانا علي بعد خطوات من المال !!
أما فاتن و كرم فقد اقتربا من القصر و عندما اقدم كرم علي الاتجاه نحو الباب الكبير جذبته فاتن و قالت : لا . لن ندخل من هنا !!
كرم : اذن من أين ؟!
فاتن : ان رآني الحراس فحتما سيبلغون خالتي في الصباح لذا سنعبر من السور !!
كرم : كيف ؟؟ هل جننت ؟!
فاتن : لا .. بل هناك مكان صغير في السور به أحجار ازيلها و أضعها، كنت أفعل هذا عندما اريد الهروب من القصر فأنا كنت اعيش هنا منذ سنوات طويلة !!
كرم : اذن هيا ..
نزل سالم و معه كاريمان و أبيها من المركب و استقلوا حنطورا حيث قال له سالم : هل تعرف الفنادق هنا ؟!
الحوذي : نعم .. جميعها !!
سالم : ممتاز .. خذنا في جولة لجميع الفنادق واحدا تلو الاخر !!
الحوذي : هل ستتفقدوا جميع الفنادق حتي تختاروا واحداً للإقامة؟!
منصور بك : نعم .. هل لديك مانع ؟!
الحوذي : مطلقا !! ما يهمني هو اجرتي !!
سالم و قد أخرج نقودا كثيرا : هاك أجرتك مقدما !!
الحوذي بسعادة : هذا يكفي و يفيض !! أنا معكم حتي تصلون لما تريدون !!
دخل عزيز للغرفة المعدة للجراحة و بداخله خوف من الفشل و أمل بالعودة للابصار فقد يكون علي بعد خطوة مما يريد !! أما ثريا فكان تنتظره بقلق و توتر في الخارج !!
نزل سالم و من معه لأول فندق و كان فاخراً فلم يتوقعوا أن يجدوا ذلك الجرذ به
منصور بك : لا اتوقع أن يقطن جرذ كهذا في مكان مثل ذلك!!
سالم : دعنا نسأل طالما جئنا لهنا
كاريمان : نعم .. للتأكد
سحب سالم أحد عاملي الفندق جانبا و أعطاه ٣ قطع ذهبية ثم أراه الصورة فإذ به يشير نحو كازينو تابع للفندق مقام علس ضفاف النيل و يقول : ها هو .. اسمه السيد عاصم !!
تفاجئ سالم و حملق به جيداً ليقارنه بالصورة التي بيده و لم يكد يصدق انه وجده بتلك السهولة !! هو أيضا علي بعد خطوة من الحقيقة الآن!!
سمع يوسف صوت رنين رسالة وصلته فوجد أنها ريم حيث ارسلت له صورة الباقة مرسومة علي لوحة في مرسمها و أسفلها كلمة واحدة : شكراً
أدرك هنا أنه هو أيضا علي بعد خطوة من عودته مع ريم لسابق عهدهما فكتب لها قائلا : عجبك الورد ؟! لكنه عاد من جديد للقلق عندما لم ترد !!