رواية حواء بين سلاسل القدر الفصل الخامس بقلم لادو غنيم
إعتلت الشمس مكانها بالمساء'لتعلن عن بداية يوماً جديد'داخل شقة "نـهى" لتداعب جفون عين "جواد" النائم على فراشها عاري الصدر'فقد قضئ الليله باكملها لديها'فتحَ جفونهُ'و'جلسَ نصف جلسه'ثمَ أخرج سيجاره من علبتهُ'و'إشعلها ليستنشق دُخانها عبر صدرهُ'و'بتلك الحظه'دخلت'نهى'تحمل صنية الطعام'ثمَ'و'ضعتها على الكومود'و'قالت بُنوثى"
صباح الفل على سيد الناس'
فرك مدمع عينيه متجاهلاً حديثها"
الساعه بقت كام'؟
جلست بجوارهُ مُجيبه "
عشره'و'ربع'
إطفئ سيجارتهُ بالمطفئ'و'نهضاَ من على الفراش'مرتدي سروالهُ فقط'و'سارهَ لصينية الطعام'و'أخذَ شريحة جُبن'و'تناولها إثناء حديثهُ الجاف لها"
صحيح نسيت إقولك أنا إتجوزت إمبارح"
فزعت من فـوق فراشها بدهشه"
نعم إتجوزت'
هتفَ بذات الجفاء'بعدما وقفَ أمام المراه يهندم خصلات شعرهُ السوداء'الساقطه على حاجبيه"
أيوه إتجوزت'
صقت على إسنانها بغيره عامره بكيانها"
'و'ياتره بقا عرفى'و'الا رسمى'
رسمى'
تجحظت عينيها ياكُلها"
نعـــم رسمى'إشمعنا أنا إتجوزتنى عرفى'
قطب جبهتهُ بذات الجفاء دون النظر لها"
عشان إنتِ حاجه'و'هى حاجه تانيه خالص"
كلماتهُ القاسيه ذادت من حنقها فسارة إليه تسالهُ بزمجره"
'و'ياتره بقا المحروسه شكلها إيه احلى منىِ"!
لوي فمهُ بهدو الثلج"
مفيش وجه مقارنه بينكمُ'إنتِ حلوه'و'نغشه'اما هى فهاديه بس الحق يتقال زي القمر'و'أحله من القمر كمان'
إشتعلت غيرتها فصاحت بتسأول"
'و'لما هى احله من القمر سبتها ليه ليلة دخلتك'و'جاتلى'
زم فمهُ ببسمه يملئها الشوق لريحانة قلبهُ"
لو كُنت قضية الليله معاها'مكنتيش هتشوفينى تانى'
عشان كدا بعدت عن سحرها عشان أقدر أفضل زي مانا "جواد الهلالى" اللى أنتِ عرفاه'؟
رفعت حاجبها الإيسر بكراهيه"
واضح أن السنيوره بتاعتك شاغله عقلك'و'قلبك يا "جواد" باشا"مقولتليش اسمها إيه'
ميخصكيش'
هتفَ بصرامه'و'تجها للحمام'اما هى فجلست على المقعد'تتمتم بحقداً ملئ قلبها'
ماشي أنا هعرف هى مين'يا "جواد" إنسا إنى إسيبك لواحده غيري حتى لو كان فيها موتك'و'موتها'
توعدت لهُ بغضبً عما عينيها مثل الكراهيه التى عمت قلبها القاسئ"
ــــــــ
اما بشقة"سمرا" فكانت تقف أمام تختها بعبائتها الكحليه القطنيه ممسكه بـقطعة قماشً تنظف بها حواف التخت'
ياما نفسي تهتمى بيا شويه زي ما بتهتمى بالتنضيف'!
عاتبها "صلاح" الذي خرجَ للتو من المرحاض مرتدي سروالهُ الأسود' بعدما أتم أستحمامهُ'فـنظرة له بذات العتاب"
"صلاح"بالله عليك بلاش كلام ع الصبح أنا فيا اللى مكفينى'؟
قوص حاجبيه بلومً حاد"
هـو إيه اللى فيكى هـو أنا بقرب منك'و'الا حتى باجى جانبك'إنتِ ليه مشيلنى ذنب حاجه مش عارفها'فـهمينى فى إيه'
القت القماشه من يدها'و'قتربة خطوه منهُ مشحونه بالوم الحاد"
ذنبك أنك حرمتنى من كل حاجه من غير ما تحس يا"صلاح"خرجتنى من المدرسه'أتجوزتنى'و'إنتَ أكبر منىِ بتلاتشر سنه'بسببك بقيت أم'و'أنا لسه طفله'حرمتنى من كل حاجه حلوه'
إتسعت مقلتيها بـدهشه لم يكن يدرك أنها تخبئ كل هذه القسوه داخلها'لم يتصور يومً أنهُ سبب دمارها'علمَ سبب هذا الجفاء'فتنهدا بهدؤاً'يرد لها العتاب بجديه"
أنا مخطفتكيش'و'الا أجبرتك على الجواز'و'الا دمرت حياتك'أنا أتقدمت على سنة الله'و'رسوله زي ما عوايدنا بتقول'و'إنتو وافقته'إما بقا لفرق السن اللي بنا فحاجه عاديه معظم شباب'و'بنات البلد بيتجوزهُ بعض فـى نفس السن'و'هنروح بعيد ليه مالسه "جواد" ابن عمك متجوز أمبارح من "ريحانه" بنت القص'و'بردو أكبر منها بتلاتشر سنه'
شعورها بالظلم لم يسمح لها بتقبل ما يتفوه به'فستدارت'للجهَ الأخري'ترتب'و'سادات التخت بعتراضً جاف"
أنا ماليش دعوه بحد كل واحد'و'دماغهُ يا "صلاح"
حرك رأسهُ بتنهيده يأسه"
صح كل واحد'و'دماغهُ على العموم أنا رايح الشغل'و'إنتِ يابنت الناس شيلى السواد اللى جواكِ من نحيتى عشان نعرف نعيش'أنا خلاص قربت أنسي إنى متجوز'
البركه فـى البيره'و'الحشـيـ_ش، اللى مسحولك عقلك"
قطبَ جبهتهُ بحنق"
بشربهم عشان إنسي القرف'و'النكد اللى عايش فيه'
د أنا بقرب منك بطلوع الروح'و'يوم ما بتحنى عليا'و'تبقي معايا ببقي حاسس بقرفك منى'مبتبقيش طايقه لمستى'إكنى بـغتصبـ_ك'عرفتى ليه بشرب القرف اللى بتعيرينى بيه'
إبتلعت غصتها بذات الجفاء"
لاء ما فـهمتش'
'و'الا عمرك هـتفهمى طول مإنتِ مشيلنى ذنبك'
سارهَ للخزانه ليخرج ملابسهُ اما هـى فلم تهتم بكُل ما قيل'فـهى لا تراه سوا السبب الأول فـى ضياع طفولتها'و'هدم مستقبلها'
ـــــــــ
'و'بذات الوقت بمنزل "خليل" كانت "ثريا" تضع مقتنياتها بـحقيبة يدها'فدخلَ إليها"خليل"بعدما إرتدي بدلتهُ السوداء للذهاب إلى القسم"
رايحه فين مش المفروض النهارده يوم أجازتك'؟
القت بطرف عينيها عليه'ثمَ عادت للنظر بالحقيبه"
لاء مفيش أجازات بعد كدا'مستر'توفيق عندهُ ضغط شغل'و'طلب منىِ الغى الإجازات الفتره الجايه'!!
ااه'مستر توفيق'طب يا "ثريا" هانم ياريت تعملى حساب لإبنك'دا مكنش بيقعد معاكى غير يوم الجمعه'دلوقتى مش هـيشوفك إصلاً'
أغلقت حقيبتها'و'الفتت إليه تحدثهُ بذات الجفاء "
أنا مش بلعب يا "خليل" أنا بشتغل عشان أوفرلهُ كُل حاجه هـو عاوزها'
قطبَ جبهتهُ بحده"
إنتِ ليه مُصممه تقللى منىِ'ليه عاوزه تبينى إنى ماثر فـى حقكم'أنا شغال لليل معا نهار عشان مخليش، حد منكم ناقصُه حاجه'
تنهدت بهدؤً مُميت"
"خليل" بلاش خناق على الصُبح'أنا متأخره'و'لإزم إمشى'و'لـو على "أدم" فمتقلقش الداده هتاخُد بالها منُه'
يكُون فى معلومك'أنا الداده قالت من يومين أنها هتسيب الشغل عندنا يوم الإتنين الجاي عشان هتسافر بلدها'تقدري تقوليلي'هنعمل إيه بقا'
'و'الا حاجه هـتشوف داده غيرها'الموضوع بسيط بس إنتَ اللى بتحاول تكبرهُ'عن إذنك بقى لإزم إمشى'
سارة من جوارهُ'بكامل غرورها فستقبلهُ بتنهيده تسجن غصتهُ لكى لا يفعل شيئاً يـقلل من إحترام صغيرهُ له'
ــــــــ
بعد ساعه بـقسم الشرطه'دخلَ "مرعى" إلى مكتب"جواد "الجالس على مقعدهُ'فـوقف أمامهُ متسائلاً"
أنا سمعت أن ساعتك إتجوزت إمبارح'
إيوه'
إيوه يعنى تتجوز'من غير ما تعزمنى'لاء أنا واخد على خاطري منك'
يااه دا عز الطلب والله'
تنهدا بستياء"
مش فاهم ساعتك قارش ملحتى كدا ليه'
فرك جبينهُ بـتجاهل"
"مرعى" على بره'
قبل ما خرجُ'عايز إبلغك إن النسوان اللى إتقبض عليهم فـى شقه مشبوها على طريق الصعيد'إتحوله على القسم هنا'و'هُما دلوقتى بره'
دخلهُم'
ذهبَ"مرعى"و'عاده بعد دقيقه'برفقة ثلاث فتيات'يـلفون جسدهم بملائات ملونه'فـنظرا لهم "جواد" بتنهيده جافه"
إصطبحنا'و'صطبح المُلك لله'عارفين الله'و'الا عايشين للشيطان'و'بس'
قالت إحدهُم بـدلع"
للإتنين يا باشا'مش ساعتك باشا بردوُ'
لاء، شغل النحنحه دا ما بيكولش معايا يا روحمك'إظبطى عشان مظبطكيش'
هـتفَ بحده فـبتلعت الفتاه لعابها'و'عتمدت الصمت'و'بتلك الحظه دخلَ"خليل"إليه'يبوح بـغرابه"
مالك صوتك عالى كدا ليه'
متشغلش بالك قُعد'و'إنتَ يا "مرعى" أحدفهُم فـى التخشيبه'و'رحلهُم بُكرا على'وكيل النيابه'
ممكن تسمعنى'
التفتت الإعيُن إلى "ياسمينا" الفتاة الثالثه التى تقف بجوار المقعد'تستر جسدها بـملائه حمراء'و'يبدو علي وجهها'الخـوف'
جلسَ"جواد"برسميه قائلاً"
خد الإتنين دول على الحبس ياله'و'إنتِ قولى اللى عندك'
إرتجفت عينيها بـدموع الندم'و'حاولت التمالُك"
أنا إسمى"ياسمينا"بـشتغل رقاصه فـى كباريه الدلع'على طريق القاهره'بشتغل رقاصه بس'و'الله ماليه فـى الشغل الشمال'
قاطعها بـسخريتهُ الجاده"
صح ملكيش فـى الشمال'طب بالنسبه للملايه اللى ستراكِ'إيه نظامها'موضه جديده فـى اللبس'
شددة من الإحتواي بها'
لاء مش موضه'أنا فعلاً إتمسكت فـى شقه مشبوها'بس إقسملك بالله أنى مرحتش، هناك بمزاجى'أنا روحت بسبب الست صاحبة الكباريه'هى اللى غصبتنى علي كدا'و'هددتنى إنى لو مرحتش الشقه'هـتبعت تبلغ أهلى عن مكانى'
راوض"خليل"الفضول حيالها فالقى بسؤالهُ"
هـما فين أهلك'
فـى إسكندريه'المهم لما هددتنى فكرة إنى إهرب منها'بس رجالتها مسكونى'و'نزلهُ ضرب فيا بامر منها'و'إجبرتنى أروح الشقه بالعافيه"إقسملك بالله هـى دي الحقيقه'إكسب فيا ثواب'و'عتقنى لوجه الله'و'أنا أوعدك أنك مش هتشوف وشه تانى'
إشعل سيجارتهُ بتجاهل لكُل ما قالتهُ"
كل القصه دي ماليش فيها'إنتِ هتتحولى على النيابه'و'هما بقا يا اما يلبسوكِ قضية دعاره'يا اما يخرجوكِ بكفاله'
عارضتهُ برأسها بحزنً صاخب لبكاء عينيها"
لاء بالله عليك بلاش قضايه'أنا حكتلك الحقيقه'و'حياة أغلى حاجه فـى حياتك لتقف جانبي'أنا ماليش غيرك دلوقتى بعد ربنا"
ربنا برئ منك إنتِ'و'إمثالك'بلاش كُهن الحريم دا عليا مابيكلوش معايا'
تدخلَ "خليل" برسميه بعدما شعرا ببرائتها"
إستنا بس يا "جواد" أنا محامى'و'عرف أفرق بين المظلومين'و'الكدابين'و'البنت دي شكلها مظلومه'
قطب جبهتهُ بجديه"
من الأخر عايز أيه'
نظرا لهُ مدبراً أمرها"
خرجها بكفاله على ضمانتى'
فرك إنفهُ متسائلاً "
إنتَ إيه اللى يخليك تضمن واحده زي دي'؟
تنهدا برسميه لينهى الأمر"
حسي القانونى'متنساش إنى محامى'و'عارف البرئ من المتهم'
ماشي هتخرج على ضمانتك'بكفاله خمس تلاف جنيه'بس لو لمحتها هنا تانى'بالله محد هيخرج حتى لو كان وزير الداخليه نفسهُ'!!
أومأة ببسمه أمل'اما "خليل" فبعد أن إنتهى من كافة الأجرأت'خرجَ برفقتها'بعدما أعطاها سترتهُ لـسترها فـوق الملائه'ثمَ'وقفَ أمام القسم تناظره بأمتنان "
شكراً من كل قلبى'و'الله عمري ما هنسا وقفت حضرتك جانبي'
هتفَ مستفهماً"
أنا معملتش غير واجبى'المهم قـوليلي'هتروحِ على فين دلوقتىِ'؟
فرت دموع الرهبه من عينيها ينفى بستسلام"
مش عارفه'لو رجعت الكباريه'الست نواعم مش هترحمنى'و'لـو رجعت لأهلى هيقتلونى'
حنَ قلبهُ لضعفها'فـاخرج منديلاً'و'أعطاها إياه"
طب خُدي إمسحى دموعك'و'متخافيش'تـقدري تقعدي فـى مكتبِ الحد بكرا'و'بعدين الأموار هتتحل"
إتسعت عينيها بدهشه"
حضرتك بتتكلم بجد'!!
إيوه يا'إنتِ قولتلى إسمك إيه'؟
تبسمت بحزنً يغطى ملامحها الدافئه بالجمال"
"ياسمينا"
أومأء برأسهُ قائلاً "
"ياسمينا" تمام ياله خلينى أوصلك للمكتب'و'بكرا هبقى اعدي عليكِ'
ذهبت برفقتهُ'و'هـى تشعر بالراحه بجوارهُ"
اما بالداخل فـأتى إتصالاً "لجواد" من مأمور القسم"
إيه اللى عملتُه دا يا حضرة الظابط'؟
ضيق عينيه متسائلاً "
خير يا فندم عملت إيه'
إنتَ أزي تحبس "إسلام" إبن "همام الضلعى"
تنهدا بحنقً"
زي أي ظابط بيحبس مُجرم'و'الا هـو أحنا فتحنها لوكانده'و'أنا مش عارف"؟
هتفَ المامور بغضبً"
أتادب'و'إنتَ بتتكلم يا حضرة الظابط'اما بالنسبه"لأسلام"فـيخرج حالاً'
نهضَ'و'الغضب يملئهُ'فقاله ببعض الرسميه"
أوامرك يا فندم إعتبره خرج'؟
إغلق الهاتف'و'دلفَ للخارج يصيح بزمجره"
"مرعى" إنتَ يا زفت يا "مرعى"
إتى إليه راكضاً بـقلق"
تـحت امرك يا "جواد" بيه'
سالهُ بحنق"
العيل اللى "إسلام ابن همام" خبطوا جراله إيه"؟
الواد بخير فى المستشفى'كل الحكايه دراعهُ'و'رجليه إتكسروا'
فرك لحيتهُ بتوعد يُخفى مكرهُ"
بس كدا طب بسيطه'أمشي خرجُ من التخشيبه الواد برأه'
حاضر يا باشا"؟
سارهَ"مرعى"فـتجه "جواد" للخارج'و'ركبَ سيارتهُ'و'ظلَ منتظراً لبضع دقائق'حـتى خرجَ "إسلام" من القسم'فـشغلَ مُحرك السياره'بـقولاً غاضبه لما حدث"
مدام هتخرج منها من غير حساب'فـخد بقا حسابك بنفس عملتك الوسخـ'ه'إنتَ مش أحسن من اللي خبطهُ بعربيتك يا إبن "همام"
قاد السياره إتجاه"إسلام"الذي تفاجئ بـقدوم السياره إليه فتسعت عينيه برهبه'و'قبل إن يتحرك'صدمهُ بالسياره'فـوقعَ على الإرض على بُعد متراً من السياره'يصرخ بتألم فقد إنكسرت ساقهُ اليُسرا'فـركضَ البعض إليه'اما "جواد" فـنزلا من السياره'و'ساره إليه'حتى أصبح أمامهُ'ثمَ جلسَ نصف جلسه'يناظرهُ بعين تلونت بالسواد الكاحل النابع من إعماق الجسد"
بلغ أبوك'أن اللى خبطك بالعربيه أسمهُ"جواد رضوان الهلالى"قـوله كدا كل واحد خد حقهُ'بما أن أبوك أيديه وصلت للمامور'و'نجتك من الحساب'فـانا بقا اديتك الحساب بنفس الطريقه'إنتَ خبط الواد: و'كسرتله إيدهُ'و'رجلهُ'و'أنا خدت للواد حقهُ'و'كسرتلك رجلك'احنا كدا خالصين يا نانوس عين إبوك'بس خلى فى علمك المره الجايه'بالله لـهكون كسرلك رأسك'و'رأس أبوك لو خبط حد تانى'!!
نـهضا شامخاً بكبريائهُ الأئق عليه كثيراً'و'سارهَ للسياره'يركبها ليغادر المكان'