رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل السادس والاربعون 46 بقلم مريم غريب



رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل السادس والاربعون 46 بقلم مريم غريب 

( 46 )


_ أمل ! _


لم يكن الطارق سوي السيدة "نعيمة" ... والدة "خميس"


وقفت مواجهة لـ"زينب" و قد كانت تشتعل غضبا و يديها ترتجفان من شدة الإنفعال ..


-أم خميس ! .. تمتمت "زينب" بإستغراب ، لكنها إستطردت بإبتسامة مرحبة :


-أهلا يا أم خميس . إتفضلي يا حبيبتي إدخلي .. و أفسحت لها مجالا للدخول


نعيمة بغلظة :


-أنا مش جاية أضايف ياست زينب .. و أكملت و هي تصوب نظرها نحو "سمر" :


-أنا جاية أقول كلمتين للمحروسة إللي قاعدة هناك دي و ماشية علطول.


أحست "سمر" بإرتجاف الهواء فوق شفتيها و هي تحدق في السيدة بريبة ، بينما ولجت الأخيرة و مضت ناحيتها ..


-إسمعي يا شاطرة ! .. قالتها "نعيمة" بخشونة و هي تقف علي مقربة منها ، و تابعت :


-أنا سبق و قولتلك تبعدي عن إبني خميس و إنتي سلمتي و قولتي أمين . بس إللي أنا شايفاه دلوقتي غير كده . ماتحاوليش تجريه لسكتك يا سمر عشان أنا مش هسمحلك مش بعد ما ربيته و تعبت فيه لحد ما بقي راجل تيجي بسلامتك و تاخديه علي الجاهز . لأاا . ده مش ممكن يحصل و لا يكون أبدا.


تقلصت ملامح "سمر" بألم ، لكنها حاولت إستعادة تعابيرها الطبيعية متجاهلة الدموع المنهمرة من عيناها ..


-إنتي لتاني مرة فاهمة غلط يا طنط نعيمة ! .. قالتها "سمر" بصوت مخنوق ، و أكملت :


-أنا عمري ما فكرت في خميس و مش هفكر فيه إطمني خميس زيه زي فادي أخويا بالظبط و نظرتي له كأخ مش هتتغير أبدا.


نعيمة بتهكم :


-كلامك موزون و منقياه كويس عشان تنيميني بيه و تلفي علي الواد من ورايا . بس أنا بقي صاحيالك ياختي و مش هسيبلك الفرصة دي . بعينك تتجوزي إبني أنا إستحالة أقبل أجوزه واحدة إتجوزت من قبله جوازة شفوي !


جحظت عينا "سمر" في لحظة من الصدمة ... كيف علمت السيدة "نعيمة" بهذا الأمر السري ؟؟؟ .. إنها لكارثة حتمية ..


تتدخل "زينب" عند هذا الحد صائحة و قد طبع الحنق كل ملامح وجهها :


-إيه إللي إنتي بتقوليه ده ياست إنتي ؟ ما تحسبي كلامك و أعرفي إنتي بتقولي إيه ؟ هي حصلت تيجي لحد بيتها و ترمي عليها تهمة زي دي ؟ ما تفوقي يا حبيبتي و بوصيلها كويس . دي سمر يا حبة عيني إللي كل الحتة بتحلف و تتحالف بأخلاقها و تربيتها.


ضحكت "نعيمة" بسخرية و قالت :


-لأ و هي متربية أووي يا زينب . لما تروح تتجوز البيه صاحب الشركة عرفي تبقي متربية و بنت أصول محدش يقدر يقول عليها نص كلمة.


زينب بصدمة :


-إنتي مين إللي قالك الكلام ده ؟؟؟


إبتسمت "نعيمة" بإلتواء و قالت :


-يعني صح يا زينب !


زينب بإنفعال :


-لأ طبعا مش صح ده كله كلام فارغ . سمر ماتعملش حاجة بطالة أبدا قوليلي مين إللي قالك كده و أنا أكدبه قدامك و أحط صوابعي العشرة في عنيه.


نعيمة بإبتسامة مستفزة :


-أنا مش جاية أحقق في إللي جرا يا زينب . كل حي يعمل إللي يعجبه . أنا بس جاية أحذر قطتك الحلوة . لو ماسمعتش الكلام و بعدت عن إبني أنا هخلي إللي ما يشتري يتفرج عليها.


زينب بزمجرة :


-تهديد ده يا نعيمة ؟!


نعيمة ببرود :


-لو إنتي شايفة كده يبقي أه . إنتي طبعا عارفة يا زينب إن بكلمة مني ممكن أقيد النار في بيتك كله و هيجي الخراب علي دماغك بسببها . فلميها أحسن و عقليها . قوليلها تبعد عن إبني بدل ما فضيحتها تبقي بجلاجل في الحتة كلها ثم شملت "سمر" بنظرة إزدراء أخيرة و قالت :


-فوتكوا بعافية !


و ذهبت صافقة باب الشقة من خلفها ... كانت "سمر" و "زينب" متجمدتين في هذه اللحظة ، و كأنهما تمثالين من الشمع ..


توقف الباب عن الإرتجاج ، عنذ لك فقط إنتفضت "زينب" و إنطلقت إلي خارج الشقة ..


-شـهـيــــــــــــــــــــــــــرة ! .. صاحت "زينب" بصوت يزخر بالغضب الشديد


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في قصر آل"بحيري" ... يشعر "عثمان" بالحيرة و التردد حيال الفكرة التي جاءته


لم يكن متأكدا إذا كانت فكرة صائبة أم خاطئة ؟ .. لكنه لأول مرة شعر بالحاجة لإفشاء ما بداخله ، و هي أنسب من خطرت علي باله !!!


يتوجه "عثمان" نحو غرفة شقيقته و هو يقدم ساق و يؤخر الأخري .. يدق بابها ، ثم يدخل حابسا أنفاسه بتوتر ..


كانت تجلس في شرفتها عندما ظهر أخيها من خلف باب الغرفة ... صاحت بإبتسامة شاحبة :


-عثمان ! تعالي يا حبيبي.


مضي "عثمان" إليها بتباطؤ ، و جلس في كرسي قبالتها ..


-إزيك يا صافي ؟ .. قالها "عثمان" بلهجة مقتضبة


صفية و هي تهز كتفاها بخفة :


-كويسة . الحمدلله .. إنت إيه أخبارك ؟؟


-تمام . لأ .. في الحقيقة مش تمام خآالص ! .. كان صوته يائسا بشكل ملحوظ


صفية بإهتمام :


-مالك يا عثمان ؟ .. عندك مشكلة و لا إيه ؟؟؟


تنفس "عثمان" بعمق و أجابها :


-عندي مشكلة كبيرة يا صافي.


صفية و هي تتململ بقلق :


-خير يا حبيبي . مالك يا عثمان ؟ إحكيلي بلاش تقلقني أكتر من كده بليز !


عثمان بلطف :


-ماتقلقيش يا حبيبتي . It's okay . المشكلة مش خطيرة لدرجة القلق يعني.


صفية بحيرة :


-طيب فهمني . ماتسبنيش حيرانة كده هفضل قلقانة عليك.


نظر لها "عثمان" بتفكير ، ثم قال بجدية :


-قبل ما أقولك أي حاجة إوعديني إن كل كلمة هتبقي سر بينا . ماينفعش مخلوق يعرف أي حاجة و لا حتي صالح.


إبتسمت "صفية" بسخرية حين آتي علي ذكر "صالح" و قالت :


-إطمن يا عثمان . لو علي صالح مش هيعرف أي حاجة.


عثمان بلهجة حادة :


-صالح أو غيره.


صفية بنفاذ صبر :


-يا أخي حد قالك عليا فتانة ؟ ما تتكلم بقي يا عثمان إخلص !


يأخذ "عثمان" نفسا عميقا .. ثم يبدأ بسرد القصة عليها ، و من البداية ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في شقة الجارة "شهيرة" ... 


تقف "زينب" في منتصف الصالة ، تهدر بأعلي صوتها و عيناها تقدحان شرارات غاضبة :


-هي دي الأمانة إللي آمنتك عليها يا شهيرة ؟ هو ده السر إللي قولتيلي في بير ؟ عملتي كده ليه ؟ قوليلي لـيـــــه ؟ ليه فضحتي البت ؟ ده ربنا كان سترها تيجي إنتي تفضحيها ؟ بس العيب فعلا مش عليكي . العيب عليا أنا إني وثقت فيكي و حكتلك . أنا إللي أستاهل.


شهيرة بدموع :


-أبلة زينب . سامحيني . أنا غلطانة و الله !


زينب بإستنكار :


-أسامحك ؟ هو إنتي كسرتيلي كوباية و لا طبق ؟ إنتي خونتي الثقة يا شهيرة . خونتي الأمانة . خونتي عشرة العمر و العيش و الملح.


شهيرة بصوت كالأنين :


-ونبي كفاية يا أبلة . ونبي تسامحيني . أنا ماكنش في نيتي حاجة وحشة و الله.


زينب بعدم تصديق :


-أنا مش عارفة إزاي لساني فلت مني و حكتلك ؟ و مش مصدقة إنك سمعتي مني و جريتي تنشري الأخبار في كل حتة . إزاي أنا كنت غبية كده ؟ إزاي حكتلك سر خطير زي ده إزآااااي ؟؟؟


شهيرة بنبرة معذبة :


-يا أبلة زينب كفآاية الله يخليكي . يا ريتك ماكنتي حكيتيلي فعلا . يا ريتك.


زينب بحدة :


-قولتي لمين تاني يا شهيرة ؟ إنطقي قوليلي مين تاني في الحتة لسا ماعرفش بفضيحة سمر ؟؟


شهيرة بإنفعال صادق :


-و الله ما قلت لحد تاني . أقسم بالله و حياة ولادي ما قلت لحد تاني !


زينب بإبتسامة ساخرة :


-حتي لو ما قولتيش . نعيمة مش هتسكت . هتخلي سيرة البت علي كل لسان . السر مابقاش سر خلآاص و البت إتفضحت و إللي كان كان.


أطرقت "شهيرة" رأسها باكية بحرقة ، بينما نظرت لها "زينب" بإحتقار و لم تتأثر البتة بحرارة نشيجها ..


-من بكره تلمي عزالك و تشوفيلك مطرح تاني تقعدي فيه .. قالتها "زينب" بصرامة ، و أكملت :


-ماعادش ليكي مكان في بيتي يا شهيرة.


رفعت "شهيرة" وجهها بسرعة ، و شعرت بإن جدران البيت تهتز .. لكنها لم تكن هزة أرضية كما ظنت لبرهة ، إنما إرتجافها هي ..


-بتقولي إيه يا أبلة ؟! .. تمتمت "شهيرة" بصدمة


زينب بقسوة :


-إللي سمعتيه . قدامك من هنا لأخر الإسبوع . تكون الشقة فاضية و المفتاح في إيدي.


ثم تركتها و عادت إلي شقتها


وجدت "سمر" جالسة كالصنم لا تتحرك إطلاقا ، بالكاد كتفاها يصعدان و يهبطان نتيجة معدل أنفاسها ... مضت "زينب" إليها ركضا و جلست بجوارها علي حافة الآريكة :


-مالك يا سمر ؟ مالك يا حبيبتي ؟ إنتي كويسة ؟؟؟


و فجأة لمحت هاتفهها ملقي في حجر "سمر" و لا زالت الشاشة مضاءة تشير لإنهاء إحدي المكالمات ..


-هو في حد إتصل بيا و لا إيه ؟ .. قالتها "زينب" بصوت تساوره الشكوك ، لترد "سمر" بصوت هامس بالكاد كان مسموعا :


-فادي . فادي لسا قافل معايا . راجع بكره يا ماما زينب !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


عند "عثمان" و "صفية" ...


بعد أن فرغ "عثمان" من سرد قصته :


-يا نهــــــــــار إسوود ! .. صاحت "صفية" بذهول


-متجوز عرفي يا عثمان ؟؟؟


عثمان بحدة :


-ششسشش وطي صوتك . ماشفهومش و هما بيسرقوا شافوهم و هما بيتحاسبوا !!


صفية بغضب :


-و ليك نفس تهزر ؟ إيه إللي يخليك تتجوز عرفي يا عثمان ؟ ليـــه ؟ ده أنت راجل و إبن ناس و مش أي ناس و تقدر تتجوز في نور و قصاد الدنيا كلها.


عثمان بضيق :


-ماكنتش واخد الموضوع بجد . كنت حاطط في دماغي إنها فترة و هنسيب بعض . بس فجأة لاقيت نفسي إتنيلت علي عيني و حبتها . أول مرة أحب يا صافي !


صفية بإستنكار :


-يعني لو ماكنتش حبتها كنت هتخلا بيها ؟ كنت هتسيبها متورطة لوحدها في مصيبة زي دي ؟ .. أنا بجد مصدومة و خاب أملي فيك يا عثمان.


عثمان بعصبية :


-هو أنا جايلك عشان تلوميني بالكلام ؟ أنا غلطان إني جيت أحكيلك أصلا .. و كاد يقوم من مكانه ، لتوقفه بإسراع :


-أقعد يا عثمان ! .. كانت لهجتها صارمة و حانقة في آن


عثمان بإنزعاج :


-أقعد عشان تسمعيني كلام مالهوش لازمة ؟!


صفية بإمتعاض :


-لأ . تقعد عشان نشوف حل .. إنت ناوي علي إيه دلوقتي طيب ؟


عثمان بثقة عمياء :


-ناوي أتجوزها طبعا . بقولك بحبها . و ماتنسيش أنها حامل في إبني أو بنتي لازم الجواز يتم في أسرع وقت.


صفية بسخرية :


-أيوه بس إنت قولتلي إنها مش طايقاك و عايزة تنزل البيبي !


تنهد "عثمان" بسأم و قال :


-ما أنا عشان كده لجأتلك يا صافي.


صفية بإستغراب :


-مش فاهمة قصدك إيه ؟!


نظر "عثمان" لها ... و قال بعد صمت طويل :


-أنا محتاجلك . إنتي ممكن تساعديني و تأثري عليها .. كان أمل كبير يملأ صوته ... !!!!!!

الفصل السابع والاربعون من هنا

 

تعليقات



×