رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل الخامس والاربعون 45 بقلم مريم غريب




 رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل الخامس والاربعون 45 بقلم مريم غريب 


( 45 )


_ إنفصال ! _


كان وقع الصدمة عنيفا جدا عليه ... غضب إجتاحه بشدة و أخذ منه كل مأخذ


خميس صارخا بوجه أمه :


-إنتي جيبتي الكلام ده منين ؟ مين إللي قالك كده ؟؟؟؟؟


نعيمة بسخرية :


-مش مهم مين إللي قالي . المهم إن الكلام صح و الأهم إن أنا كنت صح . كل كلمة قولتهالك كان عندي حق فيها.


ضرب "خميس" الحائط بقبضته و هو يصيح بعصبية :


-إتكلمي ياما و قوليلي مين إللي قالك كده ؟ قوليلي مين و أنا أروح أقطع رقبته . محدش يمس سمر بكلمة طول ما أنا موجود . قوليلي مين إبن الـ------ ده خليني أروح أجيب أجله.


نعيمة بغضب :


-يا خبتك القوية يابن المعلم رجب . لسا يا واد بتحاميلها ؟ بعد كل إللي قولتهولك ؟؟؟


خميس بإنفعال شديد :


-إللي قالولك الكلام ده ناس متكادة منها ياما . سمر إستحالة تعمل حاجة زي دي . دول رجالة الحتة كلهم طمعانين فيها و هي و لا عبرت واحد فيهم أكيد نطع منهم هو إللي طلع عليها السمعة دي . وديني . وديني هعرفه و ساعتها محدش هيقدر يحوشه من تحت إيدي.


نعيمة بدهشة حقيقية :


-لأ ده إنت حالتك مش طبيعية . مش مصدق عليها الهوا ..و أكملت بحنق :


-البت دي أكيد عملالك عمل !


خميس صائحا بغضب :


-إسكتي ياما . إسكتي إنتي كمان ماسمعكيش تجيبي سيرتها بالكلام البطال ده . سمر هتبقي مراتي بمزاجك أو غصب عنك محدش هيتجوزها غيري ســـــآاااامعة ؟


نعيمة و هي تضع يديها فرق رأسها و تتمايل بنواح :


-يا لهوي عليا و علي سنيني السودة . يا خيبتك يا نعيمة . يا مرارك . ماتنصفتيش في إبنك يا نعيمة . يا شماتة العدوين فيا . يا فرحتهم فيــــــــــــآااااااااا.


خميس بعناد :


-خليكي أقعدي إندبي كده من هنا للصبح . بردو هتجوزها يعني هتجوزها و لو حد قال عليها نص كلمة هقطعله لسانه !


و هنا إجتذب سمعه صوت هدير سيارة تمر من أمام المحل ، ما كان ليلتفت إن لم يكن قد سمع صوتها آت من داخل هذه السيارة ..


إلتفت "خميس" بسرعة و دقق النظر ... لمح "سمر" تجلس بجوار السيدة "زينب" في المقعد الخلفي من سيارة الآجرة


كانت في حالة يرثي لها و لاحظ الضمادات تحيط برسغيها الإثنين .. إنقبض قلبه في هذه اللحظة و لم يشعر بنفسه إلا و هو ينطلق كالسهم صوبها متجاهلا نداءات أمه المعترضة ..


-تشكر ياسطي ! .. قالتها "زيتب" عندما نزلت من السيارة


ثم شرعت في إخراج الأجرة من چزدانها ، ليسبقها "خميس" و يسأل السائق من الجهة الأخري :


-حسابك كام ياسطي ؟


تنظر "زينب" له و تقول بإرتباك :


-خـ خميس ! بتعمل إيه يابني ؟ شيل فلوسك في جيبك مايصحش كده.


خميس و هو يخفض رأسه و يلقي نظرة قلق سريعة علي "سمر" :


-بالعكس يا حجة زينب مايصحش إنتي إللي تدفعي و أنا موجود .. و حاسب السائق ، ثم إستدار حول السيارة حتي وصل عند "سمر"


فتح لها الباب و هو يتساءل بلطف :


-مالك ياست البنات ؟ إيه إللي جرالك ؟ إيه إللي عمل فيكي كده ؟؟؟


توترت "سمر" و عضت علي شفتها بقوة عاجزة عن الرد ، لتتدخل "زينب" و تنقذها من هذه المباغتة ..


-خير يابني مافيهاش حاجة ! .. قالتها "زينب" بصوت متوتر و تابعت :


-قدر و لطف عملت حادثة بس و هي راجعة من الشغل.


خميس بجزع :


-سلامتك ياست البنات . ألف سلامة عليكي.


-الله يسلمك يا خميس ! .. تمتمت "سمر" بخفوت ، ليفاجئها "خميس" في اللحظة التالية و يدس ذراعيه تحتها و يرفعها من دون جهد .. و كأنه يرفع صندوقا فارغا


تشهق "سمر" من المفاجأة و تقول بإضطراب شديد :


-إيه ده يا خميس ؟ نزلني لو سمحت . ماينفعش تشيلني كد آا ..


-إهدي يا أنسة سمر .. قاطعها "خميس" بصوت دافئ ، و أكمل :


-مش هتعرفي تطلعي السلم علي رجلك و الحجة زينب يدوب تقدر تطلع لوحدها . أنا هساعدك بس ماتقلقيش !


تنهدت "سمر" بإستسلام و أطرقت برأسها حتي لا تلتقي بعيناه ، بينما برز صوت "زينب" و هي تمشي خلفهما ..


-روح يابني إلهي يسترك . جدع يا خميس و الله إنت ما في منك في الحتة كلها.


وصلوا إلي شقة "زينب" ليمددها "خميس" علي أقرب آريكة ، ثم يبتعد خطوتين و يقول دون أن يحيد بنظره عنها :


-تؤمروني بحاجة تانية ؟!


زينب بإمتنان :


-ألف شكر يابني ربنا يخليك . مع السلامة إنت بقي و آسفين لو كنا عطلناك.


خميس بعتاب :


-ماتقوليش كده يا حجة زينب إحنا أهل.


-تسلم يا حبيبي . طبعا أهل.


خميس بجدية :


-عموما لو إحتاجتوا أي حاجة أقفي في الشباك و نادي عليا صوت بس هكون قدامك في ثانية .. ثم حمحم بشئ من التوتر و قال و هو يشيح عنها بصعوبة :


-يلا بقي . إستأذن أنا !


زينب بإبتسامة :


-مع ألف سلامة يابني.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


بعد أن فاض به ، قرر أن يذهب إليها هو و يفهم بنفسه ماذا يحدث بالضبط ، لعله فعل شيئا إساء لها بدون قصد


يخرج "صالح" من غرفته ، و يمشي صوب غرفة "صفية" مستعينا بعكازيه المصنوعين من المعدن


يطرق بابها ثلاث مرات متتالية ، ثم يدخل بعد سماع صوتها يدعوه للدخول ..


-صالح ! .. صاحت "صفية" و هي تنظر له بتوتر


صالح بصلابة :


-أيوه صالح . إيه مالك يا بنت عمي ؟ مش مبسوطة إنك شوفتيني ؟!


أشاحت "صفية" بعيناها عنه و لم تجب ..


صالح بذهول :


-كمان مابترديش يا صفية ؟ .. معقول بالسرعة دي . ترجعي تحني لإسلوبك القديم معايا !!


و هنا نظرت له "صفية" من جديد ، و قالت بإسراع :


-إيه إللي إنت بتقوله ده يا صالح ؟ أنا لا رجعت لإسلوبي القديم و لا حاجة إنت فاهم غلط.


صالح بسخرية :


-أنا كنت فاهم غلط فعلا . إنتي زي ما إنتي . إللي عملتيه معايا الفترة إللي فاتت ماكنش أكتر من عطف . عطف بتكفري بيه عن ذنبك لإنك حاسة أن إللي حصلي إنتي السبب الأكبر فيه . بس إنتي ماكنتيش مضطرة تعملي كل ده يا صفية أنا كنت مسامحك أصلا بس دلوقتي مستحيل أقدر أسامحك.


هبت "صفية" من مكانها و هي تقول بغضب :


-صالح إيه إللي إنت بتقوله ده ؟ إنت مأڤور الموضوع أوي علي فكرة . كل ده عشان ماجتش أشوفك من إمبارح يعني ؟؟!!


صالح بصوت آجش :


-صح إنتي عندك حق . أنا دايما بأڤور المواضيع .. عشان كده لازم نوضع حد للقرف بتاعي قبل أضايقك أكتر من كده.


صفية بشك :


-قصدك إيه ؟


رفع "صالح" يده اليسري قليلا دون أن يفلت العكاز و إنتزع خاتم الخطبة من إصبعه للمرة الثانية ..


-المرة دي مش هيرجع تاني ! .. قالها "صالح" و هو يقذفه بوجهها


صفية بصدمة :


-إيه إللي عملته ده يا صالح ؟؟؟


صالح بإزدراء :


-إللي لازم يتعمل يا صافي . عمي الله يرحمه فعلا كان عنده حق . أنا و إنتي ماننفعش لبعض . إحنا ولاد عم و بس.


كانت "صفية" مشدوهة لدرجة أنها لم تنفعل من كلماته ، بل هزت رأسها سلبا و حاولت أن تتكلم ، و لكنها تحس بإنسداد في حلقها ..


رغم ذلك همست :


-إنت ماتقدرش تعمل كده !


صالح بصوت قاس :


-أنا مش لسا هعمل يا صفية . أنا خلاص عملت .. إنتي من هنا و رايح مش أكتر من بنت عمي.


و قبل أن تجيب ، و قبل أن تفهم معاني كلماته .. كان قد رحل ..


بقت "صفية" تحدق في إثره الفارغ مصدومة ، و الآن فقط شعرت بوخز كلماته .. كانت أكثر إيلاما من كلمات الهجر الأول 


شعرت بالآسي يخنقها و بركبتيها ترتجفان و تلتويان تحتها


إنهارت ، أطلقت لنفسها العنان أخيرا بعد كل هذه المقاومة الهائلة منذ وفاة أبيها .. إرتعش بدنها و تدفقت الدموع من عيناها كالشلالات دون توقف ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في سيارة "عثمان البحيري" ... يترجل منها متجها إلي رصيف الشاطى المهجور


يخرج هاتفهه و يتصل بالرقم الذي ترك له في مكتب إستقبال المشفي ... ينتظر للحظات ، ثم يآتي صوت أنثوي فيه مسحة غلظة ..


-ألو !


عثمان بصوت صارم :


-أنا عثمان البحيري . أيا كان إللي بيتكلم معايا . إديني سمر.


ترد "زينب" بصوت حاد :


-هو إنت بقي بسلامتك ؟ خسارة إنك بتكلمني في التليفون . عارف لو كنت قدامي أقسم بالله كنت شربت من دمك يا جبان يا حقير . بتستقوي علي بنت ضعيفة يا حيوان ! ماكفكش شرفها إللي ضيعته ؟ عايز تخلص عليها خالص ؟ ربنا ينتقم منك إن شاء الله.


أطبق "عثمان" كفه علي الهاتف بقوة ، كما إشتدت عضلات فكيه و هو يجيب من بين أسنانه :


-أنا لحد اللحظة دي هادي جدا و لسا ما قررتش أي تصرف . فلو سمحتي قبل ما أفقد إللي باقي من أعصابي .. إديني سمر !


زينب بإستفزاز :


-سمر عمرك ماهتشوفها تاني يا ندل . مش هاتشوف ضفرها و أنا إللي هاخدلها حقها منك.


في هذه اللحظة جن جنونه و صرخ بها :


-هآااااتي ســــــمـــــــــر . إديها الموبايل خليها تكلمني . خليها تكلمني أحسن آا ...


-نعم ! عاوز مني إيه تاني ؟ .. هكذا جاء صوت "سمر" فجأة بدلا من صوت السيدة التي نجحت في إثارة أعصابه الفولاذية بسهولة


عثمان بخشونة :


-إنتي إزاي تخرجي من المستشفي منغير أذني ؟؟؟


سمر ببرود :


-و أستأذنك بأمارة إيه ؟!


عثمان بحدة :


-بأمارة إني جوزك يا هانم و أبو إللي في بطنك.


سمر بسخرية :


-أولا إنت مش جوزي و لا هتكون . ثانيا إللي في بطني تنساه . أنا هنزله مش ممكن أسمح لحاجة منك تكون جوايا . مش ممكن أقبل أطفال منك إنت شيطان و ولادك هيبقوا زيك بالظبط.


يهدر "عثمان" بغضب :


-عارفة ! عارفة لو لمستيه ؟ لو آذتيه مش هرحمك يا سمر و لا هرحم عيلتك.


سمر بغضب مماثل :


-إنت ماتقدرش تعمل أي حاجة . و إسمعني بقي عشان أنا إللي ههددك دلوقتي . لو قريت مني تاني أو قربت لحد من إخواتي هقتلك . و الله هقتلك أنا ماعنديش حاجة أخسرها و بعدهم مافيش أي حاجة . سامع ؟؟؟


عثمان بصوت خال من أي شعور :


-مش هاسيبك بالسهولة دي يا سمر . سبق و قولتلك إنك ملكي.


سمر صارخة بآسي :


-يا أخي إبعد عني بقي . إنت عايز مني إيه تاني ؟ ما إنت دمرتني و خلاص عملت فيا كل حاجة . فاضل إيه تاني ماعملتوش ؟؟؟


عثمان بصوت هادئ :


-فاضل أهم حاجة . عايزك تعرفي إني مش ممكن إتنازل عنك أبدا . هاسيبك تريحي أعصابك فترة بس هترجعيلي حتي لو كان غصب عنك .. ثم قال بتحذير :


-بس من هنا لوقتها لو عرفت إنك آذيتي إبني . صدقيني يا سمر هتشوفي عثمان واحد تاني عمرك ما شوفتيه و لا تحبي تشوفيه .. باي !


و أقفل معها مطلقا تنهيدة حارة مطولة ..


-هتسامحيني يا سمر .. تمتم "عثمان" لنفسه ، و أكمل بإصرار :


-أكيد هيجي يوم و تسامحيني . حتي لو كان أخر يوم في عمري !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في شقة الجارة "زيـــنب" ... تترك "سمر" الهاتف من يدها و تتهادي رأسها الثقيلة علي ذراع الآريكة اللين


تتنهد بثقل وهي تطبق جفناها هاربة من نظرات "زينب" المتسائلة ، و لكن الأخيرة لم تصمت كما توقعت ..


-يعني المصيبة بقت مصبتين ؟! .. قالتها "زينب" بنبرة خشنة ، و أكملت بوهن مفاجئ :


-ياربي إيه الكوارث إللي نازلة ترف فوق دماغنا دي ؟ .. حامل يا سمر و في شهرين ؟ هتنزلي العيل ده إزاي و إنتي جسمك مكسر كده ؟ ده إنتي ممكن تروحي فيها !


سمر بقسوة :


-مايهمنيش . لازم الملعون ده ينزل . أنا آذيت سمعتي و سمعة إخواتي بما فيه الكفاية . مش هقدر أورطهم في فضيحة زي دي مايعرفوش يكملوا حياتهم بسببها . بسببي أنا يا ماما زينب.


زينب بحيرة ممزوجة بالألم :


-بس إنتي كده .. ممكن . تموتي يا سمر !!


صمت طويل .. ثم قالت سمر بدموع :


-مش مشكلة . أهم حاجة إخواتي يعيشوا أنا كده كده حياتي إنتهت من فترة و مستقبلي ضاع . مش هتفرق.


في هذه اللحظة دق جرس الباب ، لتقوم "زينب" متحاملة علي نفسها و تذهب لتفتح ..


-أيوه جاية أهو ياللي علي الباب .. و فتحت !!!!!!!!!


الفصل السادس والاربعون من هنا

تعليقات



×