رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم مريم غريب



رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم مريم غريب 



( 37 )


_ صراع ! _


تذرع "سمر" الغرفة جيئة و ذهابا بـ"ملك" ... فما زالت الصغيرة تبكي بحرارة ، و ما زالت هي تبذل محاولاتها لتجعلها تكف عن البكاء


راحت تغني لها بصوت عذب و تهدهدها بين ذراعيها ، و بالفعل نجح الأمر و هدأت "ملك" تدريجيا إلا من بعض الشهقات و الإرتجفات البسيطة


-بقت كويسة ؟ .. سمعت "سمر" صوته أتيا من خلفها ، لتغمض عيناها في حنق ثم تلتفت إليه ..


سمر بحدة :


-نعم ! عاوز إيه ؟؟؟


عثمان عابسا بشئ من التوتر :


-أنا ماكنش قصدي أزعق في أختك . هي في الأول و في الأخر طفلة و أنا مش حيوان أوي كده عشان ماتفرقش معايا مشاعرها .. ثم مد ذراعيه صوبها مكملا :


-ممكن !


كانت دعوة لا ترفض ، خاصة بعد ما أظهره من سلوك إنساني مهذب و لأول مرة


لوت "سمر" شفتاها ممتعضة ، لكنها ناولته شقيقتها في الأخير ..


توتر جسد "ملك" في بادئ الأمر و إتسعت عيناها الخضرواتان و هي تنظر إلي "عثمان" بخوف و ترقب ، لكنه طمئنها بإبتسامة خفيفة حلوة و ضمها إلي صدره بلطف


تكورت "ملك" بحضنه و دست رأسها في صدره دلالة علي خجلها و حبها في آن ..


عقدت "سمر" حاجبيها بإنزعاج من هذا ، فمدت يديها و إستعادت الصغيرة منه و هي تقول بجفاء :


-ملك حساسة أوي و لسا مانسيتش إللي حصل برا . عشان كده لازم أخدها و أمشي دلوقتي.


و هنا إنقلب مزاج "عثمان" فجأة ، إلا أنه تماسك و رد بأقصي ما إستطاع من هدوء :


-إحنا لسا جايين . و بتقوليلي تمشي ! ده كلام يعني ؟ خليكي شوية إحنا لسا ماقعدناش مع بعض لوحدنا.


سمر بعناد :


-أختي أهم من أي حاجة.


عثمان بنفس الهدوء :


-طيب أنا ماقولتش حاجة و بعدين هي هديت دلوقتي و ممكن تنام بسهولة.


في هذه اللحظة دق هاتف "سمر" ... أخرجته من جيب معطفها ... ألقت نظرة علي إسم المتصل ... و ردت :


-فادي ! .. إيه يا حبيبي صحيت ؟ .. أنا ماحبتش أقلقك .. أيوه عارفة إن إنهاردة أجازة بس ملك كانت محتاجة تروح للدكتور .. إحنا خلصنا كشف خلاص .. لأ هي زي الفل ... ماشي . إحنا جايين بسرعة أهو .. سلام يا حبيبي.


أنهت مكالمتها ، ثم نظرت إليه قائلة بأسف مصطنع :


-فادي بيستعجلنا . للآسف لازم أمشي دلوقتي !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في ڤيلا "رشاد الحداد" ... يدخل هذا الشاب ليقابل "چيچي" بالحديقة الخلفية


كانت تجلس علي الأرجوحة تتصفح إحدي مجلات الموضة عندما آتي ، إنتبهت لحضوره و تركت المجلة من يدها ..


چيچي بصوتها الفاتر :


-هآا ! .. طمني عملت إيه ؟


الشاب و هو يمد لها يده بمظروف كاكي اللون :


-أنا عملت كل إللي قدرت عليه . بس للآسف مقدرتش أوصل لجوا الشقة و مش هقدر يا چيچي هانم . إللي إسمه عثمان البحيري ده حاويط أوي و دايما جاهز لأي حاجة !


تنهدت "چيچي" بغيظ و هي تشد المظروف منه بعنف ...


فتحته و أخذت تطالع الصور التي كانت فيه ، لم يسترعي "عثمان" علي إهتمامها بقدر ما فعلت "سمر" ..


راحت تمرر أمام عينيها الصورة تلو الأخر فإستغرقت بلا وعي في تأمل تلك الفتاة ، منافستها ... أغضبها أن تضع نفسها محل مقارنة بجانبها


فهذه أجمل منها لو قورنت بها فعلا ، لابد أن زوجها السابق يستمتع كثيرا هذه الأيام ، و لكنها في الواقع ستجعله يستمتع أكثر ..


-يعني مش هتقدر تجبلي أكتر من كده ؟ .. قالتها "چيچي" بتساؤل و هي تلقي بالصور فوق طاولة صغيرة أمامها


الشاب بأسف :


-خارج النطاق ده ! مش هقدر يا هانم أعذريني.


زفرت "چيچي" بضيق ، ثم قالت :


-طيب فين الـNegative بتاعت الصور دي ؟


أخرج الشاب فيلم التصوير من جيبه و ناولها إياه متمتما :


-إتفضلي يا هانم !


چيچي و هي تقلب الفيلم بين أصابعها :


-أوك . دلوقتي تقدر تروح و المبلغ إللي إتفاقنا عليه هيتحول في حسابك بعد ساعتين بالظبط.


الشاب بإبتسامة :


-شكرا يا هانم . و حضرتك لو إحتاجتيني مرة تانية أنا تحت أمرك في أي وقت.


جلست "چيچي" بعد رحيل جاسوسها تفكر ، كيف تستغل هذه الصور ؟؟؟


توصلت لحل وحيد و قد بدا لها الأكثر فعالية أيضا ، و لكن متي تنفذه ؟ ..


-لأ يا چيچي .. تمتمت "چيچي" لنفسها ، و أكملت بخباثة :


-مش دلوقتي . لازم تستفيدي من دروس الـProfessor بتاعك . عثمان البحيري .. في أقرب مناسبة هفجرلك القنبلة الفظيعة دي يا حبيبي !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


عندما وصلت "سمر" إلي البيت ... توجهت فورا إلي شقة الجارة "زينب"


تتهلل أسارير "زينب" عند رؤيتها ، لتصيح بعدم تصديق :


-ســــــمـــــــر ! حمدلله علي السلامة يابنتي . جيتي بدري مش مصدقة !!


سمر بإبتسامة عريضة :


-الخطة مشيت أحسن ما رسمتها يا ماما زينب . مقدرش عليا المرة دي.


زينب بسرور :


-الحمدلله . جدعة عقبال مانخلص منه علي خير . طيب خشي واقفة كده ليه ؟!


-هطلع بقي عشان فادي صحي و بيزن كل خمس دقايق في التليفون .. و أكملت و هي تربت علي ظهر "ملك" النائمة علي ذراعها :


-و كمان عشان أنيم الأبلة دي في سريرها أحسن تبرد . بتنام كتير أوي البت دي بس الحمدلله إنها نامت لما نزلنا و مانامتش و إحنا معاه.


-الحمدلله يابنتي . ماشي إطلعي و لما تصحي حبيبة قلبي دي إبقي نزليهالي عشان وحشاني.


سمر بإبتسامة :


-حاضر يا ماما زينب.


و صعدت إلي شقتها ... لتجد "فادي" كعادته جالسا أمام التلفاز يتابع إحدي المبارايات المـُعادة ..


-مساء الخير يا فادي ! .. قالتها "سمر" بنيرة خفيفة و هي تمشي بحرص حتي لا توقظ "ملك"


فادي بشئ من الإنزعاج :


-إتأخرتي كده ليه يا سمر ؟ ده أنا في إجازة يعني و المفروض إرتاح اليومين دول قبل ما أنزل الشغل تاني.


سمر و قد تلاشت إبتسامتها :


-إيه إللي حصل بس يا فادي ؟


فادي بضيق :


-جعان ياستي.


-يا حبيبي . طيب ما دبرتش حالك ليه لحد ما أوصل ؟


-التلاجة فاضية.


سمر بخجل :


-أه معلش نسيت . طيب خلاص أنا هحط ملك في سريرها و هانزل أجيب فطار و شوية حاجات كده.


فادي و هو يقوم من مكانه بتكاسل :


-لأ خليكي إنتي . أنا معايا فلوس أخدت دفعة أولي من المرتب . قوليلي إنتي بس إحنا محتاجين إيه و أنا هجيب كل حاجة.


-ماشي يا حبيبي.


و توجهت نحو غرفتها ، إلا أنها تعثرت و هي تمشي و قد أصابها دوار مفاجئ .. كادت تسقط ، لكنها أمسكت بظهر الكرسي بسرعة كي لا تسقط "ملك" بسببها ..


-ســـمــــــر ! .. صاح "فادي" بذعر و إنطلق صوب أخته كالسهم


قام بإسنادها و هو يقول بقلق ممزوج بالخوف :


-سمر . مالك ؟ إنتي كويسة ؟؟؟


شعرت "سمر" بوخزة حادة أسفل معدتها و بغثيان يهدد تماسكها ..


لكنها ردت رغم ذلك :


-أنا كويسة يا فادي ! .. كان صوتها ثقيلا ، بطيئا و إنتابها الإستغراب و القلق من هذا .. تساءلت ماذا يحدث معها ؟؟؟


فادي بنفس نبرة الخوف :


-إيه إللي حصلك فجأة ؟ ده إنتي كنتي هتقعي من طولك !


في هذه المرة خرج صوتها أوضح قليلا :


-ماتقلقش يا فادي أنا كويسة.


-أجيب دكتور ؟


سمر بإسراع :


-لأ . مالوش لزوم . أنا هبقي كويسة لما تجيب الفطار و ناكل سوا هبقي كويسة.


فادي بحنق :


-و هو إنتي نزلتي منغير ما تاكلي ؟ ينفع كده يا سمر ؟!


سمر بلطف :


-معلش . ربنا سترها أهو و أنا مافياش حاجة .. ثم قالت و هي تضع "ملك" بين يديه :


-أمسك ملك عشان ماتقعش مني . حطها في سريرها و أنا هفضل قاعدة هنا لحد ما تنزل و تيجي.


فادي و هو يشملها بنظرة فاحصة :


-ماشي . و خلي الموبايل جمبك لو حسيتي بأي حاجة كلميني.


سمر بإبتسامة متكلفة :


-حاضر يا فادي.


و بعد ذهاب "فادي" ... بقت "سمر" وحدها تراقب مدي تطور حالتها متمنية ألا يكون الشئ البديهي الأول الذي فكرت فيه ...


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في سيارة "عثمان البحيري" ... يقود بإتجاه القصر


زاد من السرعة متجاوزا عدة إشارات ، لم يتوقف أبدا و كانت عيناه المتقدتان تحدقان إلي الأمام ..


و لكنه في الواقع لم يكن ينظر إلي الطريق بكل هذا التركيز ، بل كان ينظر إلي وجهها الذي يلوح أمام ناظريه أبيا تركه لحاله


و فجأة يدخل "عثمان" في صراع نفسه ..


نفسه :


-إهدا شوية علي نفسك مالك عصبي كده ليه ؟


عثمان :


-لا عصبي و لا حاجة أنا تمام.


نفسه :


-لا يا راجل ! ده إنت من ساعة ما نزلت من الشقة و إنت قايد نار . معقولة واحدة تعمل فيك كده.


عثمان بغضب :


-لا عاشت و لا كانت . لسا ماتخلقتش و بعدين دي تحت جزمتي لو عوزتها في أي وقت هلاقيها.


نفسه :


-إنت لحد دلوقتي معاملتك ليها غير أي معاملة لواحدة قبلها . و في كل مرة معاها بتحس إنها أول مرة . مش قادر تستغني عنها يا عثمان .. إنت بتحبها !


عثمان بغضب أشد و قد خرج صوته صادحا بعد أن كان مجرد همهمة داخل عقله :


-لأ . مـابحبـهآاش . مش ممكن أنا أحب واحدة زي دي.


نفسه :


-و مالها دي ؟ إنت عارف كويس أوي إنها أحسن من كل إللي عرفتهم في حياتك . إنت إللي أذيتها إنت إللي إستغليت ضعفها إنت إللي خليتها كده . إنت السبب.


عثمان :


-أنا ماجبرتهاش . هي إللي بمزاجها جت لحد عندي.


نفسه :


-بعد ما ساومتها علي حياة أختها الطفلة الصغيرة !


عثمان مغمغما بعنف :


-إسكت . أنا مش غلطان في أي حاجة و بعد إللي حصل إنهاردة ده هخليها تشوف الوش تاني.


نفسه بعناد :


-بتحبها.


عثمان بإصرار :


-مش بحبها . و هثبتلك !


يصل "عثمان" أخيرا إلي بيته ... يترك سيارته للبستاتي يصفها بالكراچ ، بينما يمضي هو إلي الداخل


يدق هاتفهه و هو بمنتصف الدرج ، ليخرجه و يقطب مستغربا ..


والده يتصل !


من المفترض أن يكون علي متن الطائرة الآن ..


-إيه يا بابا إنت لسا ماسافرتش ؟ .. رد "عثمان" بنبرة هادئة متسائلة ، ليأتيه صوت غريب تماما و ليس صوت والده :


-السلام عليكم ! عثمان بيه معايا ؟


عثمان بصوت أجش و قد ساوره القلق في هذه اللحظة :


-أيوه . مين معايا ؟؟؟


المتصل :


-معاك الرائد معتز الشيدي . أنا آسف بس مضطر أبلغك بخبر مؤسف شوية و كمان مالاقتش غير رقم حضرتك كان أخر رقم كلمه يحيى بيه.


إزدرد "عثمان" ريقه الجاف بصعوبة و سأله بشئ من العصبية :


-ما تتكلم يافندم في إيه ؟ إيه إللي حصل ؟؟؟


المتصل :


-يحيى بيه عمل حادثة و هو رايح علي مطار القاهرة . هو دلوقتي في عربية الإسعاف يا ريت حضرتك تاخد أول طيارة و تيجي بسرعة .... !!!!!!!!!

الفصل الثامن والثلاثون من هنا


 

تعليقات



×