رواية عزلاء امام سطوة ماله الجزء الثانى الفصل الخامس و الثلاثون 35 بقلم مريم غريب





 رواية عزلاء امام سطوة ماله الجزء الثانى الفصل الخامس و الثلاثون 35 بقلم مريم غريب


_ غضوب ! _


أمام بناية شاهقة.. هنا بهذا الحي الساحلي الراقي _ سان ستيفانو _ والذي يقع شرق عروس البحر الأبيض المتوسط.. توقفت سيارة "نبيل الألفي" فهرول صوبها حارس الأمن من فوره ...


كان "نبيل" يخفض زجاج النافذة القاتمة بجواره و هو يهتف مخاطبًا الحارس الشاب :


-الشنط ورا. ورا يا مصطفى.. خدها من الصندوق و طلعها قدام باب الشقة


الحارس طائعًا بتهذيب :


-تحت أمرك يا نبيل بيه !


يضغط "نبيل" على زر معيّن لفتح صندوق السيارة الخلفي حتى يتمكن الحارس من نقل الحقائب... ثم يلتفت أخيرًا نحوها !!!


-هالة !


على ما يبدو أنها لم تكن على وعي تام بالواقع.. إذ جلست من بداية الطريق في هذا الوضع المتخشّب، كما لم تنبس ببنت شفة.. حتى عندما ناداها خالها الآن.. لم يكن هناك ما يشير و لو من بعيد بأنها تنصت أو تبصر.. و كأنها منحوتة صمّاء.. تمامًا ...


-هالة !! .. كرر "نبيل" ندائه و هو يمسك بذراعها هذه المرة و يهزها بلطفٍ


إنتفضت "هالة" في هذه اللحظة و إلتفتت نحوه في الحال ...


-نعم يا خالو ! .. تمتمت بتعبير مبهور ينم عن عمق استغراقها في اللا وعي لمدةٍ طويلة


نظر لها "نبيل" بريبة قائلًا بصوته القوي :


-مالك يا هالة ؟ إنتي كويسة ؟!


أومأت "هالة" و هي تقول بهدوء :


-آها يا خالو طبعًا.. I'm fine


نبيل بتشكك : أومال إيه الحالة إللي إنتي فيها دي !!


-حالة إيه ؟


-من ساعة ما ركبتي معايا و إنتي ساكتة و مسهمة طول الطريق.. في حاجة و لا إيه ؟؟


نفت "هالة" على الفور :


-مافيش لأ.. هايكون في إيه يعني ؟ أنا بس يمكن بفكر شوية في إللي هايحصل بعد الخطوة الجريئة إللي أخدتها إنهاردة


نبيل بحزم : هايحصل كل خير يا حبيبتي. أنا مش عايزك تفكري في حاجة أساسًا. طالما كلمتيني و فوضتيني يبقى سبيني أنا أتعامل و أتصرف في كل حاجة لوحدي


أجفلت "هالة" و هي تقول بقلقٍ :


-هاتعمل إيه يا خالو ؟!


-هاجبلك حقك ! .. قالها "نبيل" بثقة، و أردف بصوت أجش :


-هاربيلك عيلة البحيري دي.. واحد واحد و بصغيرهم قبل كبيرهم. كفاية عليهم كده. بلاويهم كترت أوي أصلًا في الآواخر و أنا كان زيي زي الكل بقول أنا مالي.. مايخصنيش. لكن إنتي يا هالة تخصيني. لغاية عندك إنتي أتدخل و أتدخل أوي. لا يمكن أسمح لحد فيهم يستغلك أو يستخدمك لأي غرض كان.. من هنا و رايح أنا فوق راسهم


كانت "هالة" تشحب بالتدريج، إلى أن فرغ "نبيل".. فأرتفعت يدها إلى فمها و أخذت تعض على أصابعها لا شعوريًا و هي تقول :


-يعني إنت كده خلاص هاتروح القصر ؟؟؟


نبيل متبسمًا بلؤم :


-طبعًا هاروح.. هاسيبك و أطلع دوغري على هناك


-كله بالسرعة دي !!!


نبيل و هو يهز كتفيه :


-إيه إللي يخليني أستنى ؟ بقى ليا رجل هناك.. مش بس هناك. في الشركة كمان


إبتلعت ريقها بصعوبة و هي تحدق فيه عاجزة عن الرد... ليقول تاليًا و هو يرفع كفه ليحتوي جانب وجهها :


-أنا مش عايزك تفكري كتير أو تقلقي من حاجة.. أنا بقيت في الصورة. يبقى تطمني خالص.. محدش هايقدر يدوسلك هلى طرف طول ما أنا موجود. كل إللي هايعوز منك حاجة غصب عنه هايجي يقف قدامي أنا الأول. و أنا بقى هاعرف شغلي كويس مع الكل.. ماتخافيش


ثم دس يده الأخرى بجيب سترته... و أخرج سلسلة مفاتيح ذهبية و ناولها إياها قائلًا :


-دي مفاتيح الشقة و عربية صغيرة كده جبتهالك و حطتها في جراج العمارة. عشان لو حبيتي تتحركي في أي مكان أو تنزلي تتمشي و تشمي هوا. زي ما إنتي شايفة أخترتلك مكان مميز و جميل و كمان بيطل على البحر. إنتي أساسًا بتحبي سان ستيفانو مش كده ؟


لم تقوَ "هالة" على الكلام فأجابته بإيماءة خرساء، ليضيف بابتسامة وديعة :


-عمومًا إنتي مش بعيدة.. جليم تاخدلها فركة كعب زي ما بيقولوا. إذا حصل أي ظرف يحتاج لوجودك في القصر أو وجودي جمبك هنا هانكون سوا مسافة السكة. أنا مش هاسيبك لوحدك أبدًا


بعد عناء المحاولات.. تمكنت "هالة" من تكوين الرد الآن فقالت بلهجة متثاقلة الأحرف قليلًا :


-Thanks يا خالو !


نبيل و هو يربت على شعرها بحنان :


-you're welcome يا روح خالو !


_______________


-يا حبيبتي كده تبردي ! .. قالتها "فريال" برقتها المعهودة و هي ترى "سمر" تتخلى عن وشاح كتفيها لتدثر به صغيرها


إبتسمت "سمر" و هي تضم "يحيى" الغافي إلى صدرها بعد أن أحكمت حوله الوشاح، ثم نظرت إلى جدته قائلة :


-طالما نام يبقى لازم يتغطى.. جسمه بيهدا و بيحس بالبرد أكتر. و اليومين دول خريف و في لسعة خفيفة في الجو. مش عايزاه يتعب


فريال و هي ترمق الصغير بحنان :


-ننادي الدادة تجبلة الـBlanket ( بطانية ) بتاعته. إنتي بردو مش لازم تتعبي. هو محتاجلك.. و باباه كمان محتاجلك !


و هنا أدركت "سمر" الحقيقة من وراء دعوة تلك السيدة اللطيفة للفطور الصباحي... تريد أن تتحدث حول علاقة إبنها بزوجته الأولى !


لتجاريها إذن ...


-باباه عمره ما كان محتاجلي يا فريال هانم ! .. تمتمت "سمر" بهدوءٍ و ثبات


-بالعكس.. أنا متأكدة إن شوية شوية هايستغنى عن وجودي خالص


عاتبتها "فريال" فورًا :


-أخس عليكي يا سمر.. ليه بتقولي كده ؟ من إمتى عثمان إستغنى عنك عشان يعملها دلوقتي ؟!


نظرت "سمر" لها و ردت بمرارة :


-إنتي مامته و مربياه.. أكيد عارفة طبعه. هو بيمل بسرعة.. قالهالي بنفسه في بداية علاقتنا


فريال بثقة : بيمل فعلًا.. أيوة عارفة ده كويس. بس عمره ما يمل منك.. تعرفي ليه يا سمر !


نظرت لها بصمتٍ و لم ترد.. فأجابت "فريال" بنفسها :


-لأنه بيحبك.. إبني بيحبك يا سمر. و لما أنا أقولك حاجة زي دي لازم تصدقيني. أنا عمري كدبت عليكي في حاجة يا حبيبتي ؟


هزت "سمر" رأسها سلبًا، فاستطردت "فريال" مبتسمة :


-يبقى عمري بردو ما هكدب عليكي دلوقتي.. طيب إنتي تعرفي إن آ ا ...


-صباح الخير !


قاطعهما فجأة هذا الصوت الرجولي الغريب ...


كانت "سمر" أول من بوغتت لسماعه، إضطربت كثيرًا لدرجة عجزت عن إبداء أيّ ردة فعل... بينما سمعت "فريال" تقول بصوت متوتر هي الأخرى :


-نبيل ! نبيل الألفي.. أهلًا. أهلًا و سهلًا يا نبيل ...


كانت "سمر" تخطط للنهوض الآن، لكنها قلقة.. لو قامت أمامه يراها هكذا، مكشوفة له أكثر بالقصير الذي ترتديه.. بينما يركز "نبيل" عليها بالفعل... لم يكن منتبهًا مئة بالمئة إلى "فريال".. لكنه أضطر لمصافحتها أولًا، دون أن يحيد بنظراته عن زوجة إبنها :


-أهلًا بيكي يا فريال هانم.. أهلًا !


لعل "فريال" لم تلاحظ نظراته الفاخصة لزوجة إبنها، لكن "سمر" شعرت بها جيدًا و لاقت صعوبة أكبر في القيام.. كانت تجلس كالصنم، حتى رأسها منكسة لا تجرؤ على رفعها، كل ما استطاعت فعله هو الإنصات فقط ...


-رجعت إمتى من إيطاليا ؟ .. تساءلت "فريال" محاولة توفير مساحة أكبر لـ"سمر" حتى تتصرف


تنهض بسرعة أو تفعل أيّ شيء، لكنها لم تفعل !!!!!!


_______________


أمضى "عثمان" بعض الوقت برفقة عروسه الجديدة.. "نانسي الحداد"... و لكن بالطبع.. كان وقتًا يخلو تمامًا من أيّ حميمية


حيث استغل الفرصة في التعرف أكثر عليها و معرفة بعض التفاصيل عن حياتها الشخصية قبل أن يلتقي بها مجددًا على شاكلتها الجديدة المنحرفة... لكنها لم تطلعه على الكثير من الأمور.. كلها أشياء عادية من السهل أن يعرفها الجميع من أحدٍ غيرها.. كما لاحظ أيضًا شيئًا من الاقتضاب باسلوبها، و كأنها تخشى التطرق و التعمق بالحوار معه، بدا له الأمر كما لو أنها تخفي عنه سرًا.. مِمّ حمسه و أزاد فضوله أكثر... لقد حسم الموقف بالفعل.. هذا السر أيَّما كان.. سيعرفه !


-و يا ترى مين بياخد باله من چيچي دلوقتي ؟!


كانت تفعل تسريحتها المفضلة Wave ( تموجات الشعر ) عندما طرح عليها هذا السؤال ...


أطفأت المصفف كي ما يستطع سماعها و ردت بلهجتها الفاترة :


-I think قولتلك إنها في مصحة نفسية في أمريكا !


-So ( وبالتالي ) !


نظرت بالمرآة لإنعكاس جسمه المسترخي ورائها فوق السرير و قالت :


-So مش محتاجالي و لا محتاجة حد غير الدكاترة إللي معاها. و رغم كده عمتي بتروح تزورها من وقت للتاني مع إن الزيارات مابتفيدهاش بردو


عثمان عابسًا : أعتقد أختك هاتكون محتاجالك إنتي.. كان لازم تعيدي حساباتك قبل ما ترجعي. أو على الأقل كنتي فضلتي جمبها لحد ما تتخطى إللي هي فيه


ابتسمت "نانسي" ساخرة، و إستدارت نحوه معلّقة :


-look who's talking !


و أردفت بتعجب : مش چيچي دي إللي خانتك قبل ليلة دخلتكو باسبوع و صورتها و طلقتها و بعتهالنا في نفس الليلة بفستان الفرح و فضحتها و فضحتنا معاها ؟ .. إزاي بتتكلم عليها بالرقة دي دلوقتي ؟ و مهتم بأزمتها كمان.. كأنك يعني مش السبب !!!


صدرت عنه نهدة عميقة و هو ينتصب واقفًا بتكاسل و يقول ببرود :


-أولًا الموضوع ده منتهي بالنسبة لي من لحظة ما طلقت أختك.. مابقتش تهمني. ثانيًا هي عملت كده و هي مرتبطة بيا و كانت مكملة و فاكرة إنها شاطرة و بتعرف تخدعني. فكان لازم أخد حقي منها. لأني ماتعودتش أسيب حقي.. لو كانت جت و صارحتني بعملتها حتى لو قبل كتب الكتاب بساعة. عمري ما كنت هأذيها و كنا هاننفصل بشياكة. كنت هقول دي إنسانة صريحة على الأقل.. لكن مشكلتها معايا إنها حبت تلعب على الحبلين. من جهة تكون مع الشخص إللي بتحبه. و من جهة تتجوز واحد تاني مناسب لوضعها و مستواها. بس أنا مش مركب آرابل قدامك طبعًا و أكيد شكلي مايديش إني ممكن أسمح بـ××××× زي كده !


-بس إتجوزتني ! .. قالتها و هي ترمقه بتحدٍ


-إتجوزتتي رغم إنك عارف إني كنت على علاقة بعمك.. و غير عمك كمان. يعني يمكن أنا بالنسبة لك أسوأ من چيچي.. مش شايف نفسك متناقض أوي يا عثمان ؟!


كان مغمضًا عيناه بشدة بينما تلقي هذه الكلمات على مسامعه... إنتظر حتى تأكد بأنه تجاوزها كلها، ثم باعد بين جفونه و نظر إليها قائلًا بصوتٍ حاد :


-فيكي شوية من أختك يا نانسي.. تفكيركو واحد تقريبًا. إنتي كمان فاكرة إنك علمتي عليا.. بصي يابنتي. و إسمحيلي أقولك يابنتي لأن فرق السن بينا مش صغير أبدًا.. إنتي جايز. لأ أكيد ×××××× زي ما إنتي عارفة نفسك كويس و بتحاولي تأكديلي على المعلومة دي كل شوية. و كوني إتجوزتك مايعبنيش. طبعًا بتسمعي كتير عن رجال أعمال و مشاهير بيتجوزوا ستات أغلبهم سمعتهم مش تمام. بس لفترات. و لغرض المتعة و بيبقى زي عقد كده. شوية و بينتهي و كل واحد بيروح لحاله.. إنتي ممكن تعتبري جوازنا كده يا نانسي. بس لازم بردو تصدقي إن الناس هايشوفوه كده.. دي نصيحة مني. إنتي يابنتي لسا صغيرة. شوفتي كتير و فعلًا صعبانة عليا.. حرقة دم زيادة مش حلوة عشانك. ياريت تفكري في كلامي كويس و تعقلي !


أنهى كلامه و ختمه بابتسامة معابثة، ثم أخذ يقترب منها وئيدًا.. إنحنى بجزعه صوبها ليقبل رأسها قبلة أبوية محضة و هو يغمغم :


-يلا أنا خارج دلوقتي. خدي راحتك بقى. البيت بيتك ! .. و غمزها بعينه


ثم ولّى مغادرًا دون أن يخفى عليه الانطباع و الأثر الصادم الذي سببه لها بكلماته.. على كل حال... هو لم يتفوّه سوى بالحقائق.. لا بد أنها تدرك ذلك بطريقةٍ ما، لكنه يتفهم بأن سماعه منه مختلفًا و صادمًا كما شعرته للتو بالضبط ....


كان يقطع الردهة الطويلة الواصلة بين الطابق السفلي _ الذي قرر أن تسكن "نانسي" أحد غرفه بعيدًا عن عائلته _ و بين الدرج المؤدي للعلية... كان سيصعد.. لولا أن لمح في طريقه من خلال واجهة البهو الداخلي المصنوعة من الزجاج الشفاف.. غريبًا !


رجلًا غريب.. يقف هناك وسط حديقة المنزل أمام زوجته و أمه... زوجته... "سمر" أيراها بوضوح أم يختلط عليه الأمر... لقد كانت من دون حجابها.. بل.. و كان جسمها نصف مكشوفًا !!!!


لم يشعر "عثمان" تاليًا بنفسه إلا و هو ينطلق مسرعًا باتجاههم... كان يركض فعليًا و الدماء تندفع حارة من قلبه المشتعل إلى شرايينه لتسبغ الحمرة على جلده.. و إزداد الأمر سوءًا عندما أصبح قريبًا و صار بامكانه رؤيتها بوضوح... الآن لم يكن لديه ذرة شك.. كانت بالفعل سافرة.. متبرجة أمام رجلًا غريب ....


-سـمــــــــــــــــر !!!!!!


صيحته العنيفة هبطت عليهم كالصاعقة.. بإستثناء الرجل الذي لم يهتم بالتعرف إليه حاليًا... و كانت السيدة "فريال" أشد خوفًا من "سمر" إزاء شكله الخطير


تصرفت عفويًا و مدت يديها آخذة الصغير "يحيى" من بين يديها، بينما تحوّل لون "سمر" إلى الصفرة الفاقعة من شدة رعبها خاصةً حين أقبل عليها زوجها مزيحًا يد الرجل التي امتدت تلقائيًا لمصافحته ...


مد يده و إنتزعها من مكانها بعنفٍ شديد، جرها من ذراعها على الفور أمامه محاولًا مداراتها قدر المستطاع.. توجه بها نحو المنزل في إثرهما نظرات كلًا من "فريال" و "نبيل"


حتى إختفيا عن الأنظار.. عاود "نبيل " النظر إلى مضيفته عاقد الحاجبين... فلم يسع "فريال" إلا التبسم له و التصرف بأقل قدر من الارتباك و هي تدعوه أخيرًا للجلوس :


-إتفضل يا نبيل.. إتفضل أقعد !


_______________


أطلقت "سمر" زفرة متألمة مع تزايد ضغط قبضته حول كفها، لكنها تحمّلت لإدراكها الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه و تركته يأسر أناملها بين أصابعه القاسية إلى أن ترى مآل هذا الموقف الأسود ...


لتجده يدفع بها فجأة داخل إحدى غرف الطابق السفلي، صرخت متآوهة فقط عندما ارتطمت بمنضدة ضخمة وضعت في ترتيب غريب لديكور الغرفة


إستدارت نحوه على الفور و هي تلصق ظهرها بألواح الخشب المصقولة، و حاولت جاهدة إخفاء اضطرابها و خوفها منه و هي تصيح :


-إيه الهمجية إللي إنت فيها دي ؟ إنت فاكرني بهيمة عشان تسحبني بالشكل ده لحد هنا ؟ ناقص تعمل إيه تاني.. هاتمد إيدك عليا بقى !!!


-دي أقل حاجة ممكن أعملها دلوقتي !


صدمها رده و أصابها هلع لمرآى إهتزاز جسمه القوي من شدة الغضب.. بينما ينظر إليها بوحشية و حشرجة الهيجان ترتفع بصدره و تدفعه للنطق بشراسة مخيفة :










-يا مدام.. يا محترمة.. يا مـحـجـبــة !!!


قفزت في مكانها مذعورة عندما نطق كلمته الأخيرة بكل هذا الانفعال، بينما يستطرد و هو يشير بسبابته إلى فستانها الرقيق الذي يكشف عن ذراعيها و ساقيها :


-تظهري كده قدام راجل غريب ؟؟؟


تغلّبت "سمر" على خوفها من تحوّله المتفاقم من سيئ لأسوأ و هي تقول بلهجة بها نبرة ارتباك :


-ماكنتش أعرف.. أنا كنت قاعدة مع مامتك. فجأة هو إللي ظهر ماعرفش إزاي.. أنا في كل الأحوال مش هستناك إنت تعدل عليا حاجات زي دي إنت عارفني و عارف مبادئي كويس !


حبست أنفاسها حين لاحظت توقف صوت الهيجان بصدره، ظنت لوهلة بأن غضبه ربما يتلاش الآن.. لكنه خيّب ظنها باللحظة التالية عندما قال من بين أسنانه و قد زادت ارتجافة جسمه :


-عذر أقبح من ذنب.. كمان بتظهري كده و إنتي عارفة إن إبن عمي عايش في البيت ده و بيروح و يجي في أي وقت... تصدقي إنك هاتزعلي مني بجد المرة دي !!!


و لم تفطن تمامًا إلى نيته إلا حين رأته يهم بالانقضاض عليها.. شهقت برعب و هي تسارع بالفرار من فورها... لكنه ما لبث أن لحق بها لحظة وصولها لباب الغرفة، فلوى يدها قبل أن تحط على المقبض و شدّ شعرها بعنف دفعها للإنفجار بالبكاء من الألم و قد صارت غير قادرة على الحراك أو الصراخ !!!


خرج صوتها ذي النبرات الجريحة مفزوعًا فجأة قبل أن يفكر "عثمان" بالانتقال لأيّ خطوة تالية :


-لأاااا.. لأ يا عثمان أرجوك... ماتعملش فيا كده تاني. أرجووك. عشان خاطري ماتعملهاش !


على الفور جمد كفه المرفوع بالهواء عند نطقها بذلك... ليضم قبضته لحظة إدراكه قصدها تمامًا


لا يعلم كيف أفلح بالسيطرة على نفسه... لكنه فعلها الآن.. حررها فجأة و هو يدفعها بعيدًا عنه بقوة صائحًا :


-إبعدي عني.. إخرجي بـرا. بــــراااااااااااا !!!


لم يكررها للمرة الثالثة... فقد إندفعت للخارج بنفس اللحظة.. بالكاد صفقت باب الغرفة خلفها و إستندت إليه لتلتقط انفاسها الضائعة.. لكنها عوض ذلك تصطدم برؤية تلك الفتاة بالخارج أمامها مباشرةً


لم ترها جيدًا بسبب الدموع التي ملأت عينيها و أغرقت وجهها، لكن النظرة التي وجهتها إليها أنبأتها بمن تكون.. و كأن تلك التي مثلت الدفعة الأخيرة لفقدان أعصابها على الأخير


إنفجر نشيجها، علا صوت نحيبها أكثر و هي تفر من أمام هذه أيضًا متوجهة إلى الملاذ الوحيد لها بهذا البيت، غرفة هي كل ما لها، الملاذ الذي بامكانها أن تنهار و تترك العنان لنفسها فيه كما يحلو لها


يا للسخرية... لقد صارت سمتها الضعف حقًا، و الضعف فقط كما هو عهدها دائمًا !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! ....................................................... !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

            الفصل السادس والثلاثون من هنا 

تعليقات



×