رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل الثلاثون 30 بقلم مريم غريب





رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل الثلاثون 30 بقلم مريم غريب


_ ميؤوس منه ! _


كانت تلك هي المرحلة الأكثر صعوبة ... عندما أصرت مشرفة الفريق علي رغبتها و أرغمت "سمر" علي نزع كافة ملابسها


في غرفة الـSpa ذات الحرارة العالية ..


تأخذ "سمر" حماما سريعا قبل بدء الجلسة ، و ذلك لتنظيف و تطهير الجلد لمنع نمو البكتريا في جو كهذا تتوفر فيه الحرارة و الرطوبة في آن


حرصت المشرفة علي وجوب تناول "سمر" لكمية كبيرة من الماء و العصائر لأن غرفة الـSpa تسبب التعرق بشكل كبير للغاية و بالتالي هناك إحتمال للجفاف و إنخفاض ضغط الدم


تبدأ الجلسة .. لتضع المشرفة لها قناع الوجه بنفسها بعد غسيله و تطهيره بالمستحضرات الفاخرة


بينما تقوم فتاة ثانية متمرسة بعمل حمام زيت جوز الهند لتغذية شعر "سمر" و نعومته و لمعانه


و فتاة أخري تضع قدميها في سائل اللبن و العسل و تواصل عمل التدليك لتخرج القدم بعد ذلك نقية كالرخام المصقول


الخطوة التالية ، تجلس "سمر" في مغطس حار للغاية تحملت السخونة بإعجوبة في حين أخذت بعض الفتيات يضعن لها أقنعة تجميلية و يعالجن و يلمعن كل جزء في جسمها ..


و بعد مرور نصف ساعة تضمنت تلك الأعمال الشاقة كلها ، تخرج "سمر" أخيرا من هذه الغرفة و هي تتنفس الصعداء ..


كانت ركبتاها ترتجفان من التعب حين باشرت بإرتدت ملابسها مرة أخري لتأخذها المشرفة إلي المرحلة الأخيرة ، حيث قسم التصفيف و التجميل


تدخل "سمر" إلي الصالون الفخم ، تجلس بإحدي المقاعد ليلتف حولها فريق كامل من الفتيات


تابعت ما يفعلنه لها


فواحدة تهتم بأظافر يديها و ثانية بأظافر رجليها ، و ثالثة تهتم بوجهها تقوم بترطيبه قبل وضع مستحضرات التجميل عليه


و فجأة تشعر "سمر" بالذعر حين رأت تلك التي حملت مقص بيدها و إعتزمت الإقتراب من شعرها ..


-إيه ده رايحة فين إنتي ؟ .. قالتها "سمر" بعدائية شديدة و هي تصدها عنها ، لترد الفتاة بصوت تغلفه البراءة :


-هقص شعرك يا مدام !


سمر بإستنكار :


-تقصي شعر مين ؟ أنا مش هقص شعري يا شاطرة.


الفتاة بلهجة مهذبة :


-يا مدام دي أوامر عثمان بيه هو مأكد علي الطلب ده أكتر من أي حاجة تانية.


سمر بإنفعال :


-قلت مش هقص شعري.


و هنا آتت المشرفة و قد إجتذبتها نبرة "سمر" المرتفعة ..


المشرفة بلباقتها المعهودة :


-في مشكلة يافندم ؟ حد هنا ضايق حضرتك ؟؟


نظرت "سمر" إليها و قالت بحدة :


-الأنسة دي عايزة تقصلي شعري قولتلها مش هقصه و بردو مصممة !!


المشرفة بإبتسامة هادئة :


-يا مدام دي أوامر عثمان بيه.


سمر و قد إنتابها الغضب بصورة كبيرة :


-يعني إيه أوامر عثمان بيه ؟ أنآااااااا مـــــش هقـــــــص شعـــــــــــــري !


إبتسمت الأخيرة و لم ترد عليها ، بل أخرجت هاتفهها و أجرت مكالمة أمامها ..


-ألو ! .. Sorry يا عثمان بيه بس في مشكلة هنا و محتاجين حضرتك .. مدام سمر مش موافقة علي قص الشعر .. مش سامحة لحد يقرب منها .. أوك . إتفضل حضرتك . معاك أهيه !


و ناولت الهاتف إلي "سمر" ..


-ألو ! .. ردت "سمر" بنبرة جامدة ، ليأتيها صوته البارد :


-إيه يا بيبي ! عاملة مشاكل ليه ؟


سمر بحدة :


-أنا مش هقص شعري.


عثمان بهدوء تام و كأنه يخاطب طفلة :


-هتقصيه يا حبيبتي . إنتي مش متخيلة شكلك هيبقي حلو إزاي بعد ما تقصيه .. و أكمل بصوت مستثار :


-ده غير إني بصراحة هموووت و أشوفك بالشعر القصير هتبقي جآاااامدة.


كادت "سمر" أن تجادله بعنف ليقاطعها هو بسرعة ..


عثمان بصرامة شديدة :


-بقولك إيه ! إنتي تسمعي الكلام أحسنلك . أنا مش فاضي للعب العيال ده . إنجزي بسرعة و ماطعتليش الناس و بعدين أنا كمان قربت أزهق و أنا قاعد مستنيكي برا . خلصي يا سمر و خلي يومك يعدي.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في مكان أخر ... تحديدا ڤيلا "رشاد الحداد"


يدق هاتف "چيچي" أثناء جلوسها مع خطيبها و حبيبها الذي تسبب في إنفصالها عن زوجها و بليلة الزفاف


تستأذن منه لترد علي الإتصال ، تقوم و تمشي بعيدا عنه قليلا ، ثم تجيب ..


چيچي و هي تتغنج بصوتها :


-ألوو ! .. نانسي هاي . إزيك يا حبيبتي ؟


نانسي و قد بدت الحماسة في صوتها بدرجة كبيرة :


-سيبك مني دلوقتي يا چيچي . عارفة أنا فين و شايفة قدامي مين حالا ؟!


چيچي بضيق :


-نانسي بليز لو عندك حاجة مهمة قوليها Now أنا مش فاضية لتفاهتك و لا فاضية أنم معاكي يا روحي.


ضحكت "نانسي" برقة و قالت بخبث :


-بس دي نميمة هتعجبك أووي . أنا دلوقتي قاعدة في الكوافير بجرب قصة شعر جديدة . بس تخيلي مين قاعد قدامي !


چيچي بنفاذ صبر :


-ميــــن يا نانسي إخلصي ؟


نانسي بنفس النبرة الخبيثة :


-عـثــمــــــــــــــــان البحيري يا قلبي.


تجهمت "چيچي" عند ذكر إسمه و إنقبض قلبها بخوف ، لكنها تمالكت نفسها و ردت بسخرية :


-عثمان قاعد قدامك في الكوافير ؟ و علي كده بقي بيصبغ و لا بيعمل Make_Up ؟؟


نانسي بجدية :


-لأ يا حبيبتي ده قاعد في الريسبشن مستني واحدة جوا في قسم المحجبات.


چيچي بدهشة :


-محجبات ! عثمان بقي بيعرف محجبات ؟!!!


-أه و الله زي ما بقولك كده دخلت معاه قدامي . أنا كمان ماصدقتش نفسي في الأول .. ثم قالت بضحك :


-شكلك عقدتيه يا چيچي و بيطلعه علي البنات كلها حتي المحجبات.


چيچي بفضول :


-ماتعرفيش هي مين ؟؟؟


-لأ ماعرفش . بس ..


چيچي بإستغراب :


-بس إيه ؟!


-مش عارفة لبسها غريب أوووي.


-غريب إزاي يعني !!


تنهدت "نانسي" بحيرة و قالت :


-مش عارفة ! بصي هي حلوة بس باين عليها غلبانة.


-يعني إيه غلبانة ؟!


-غلبانة يعني شكلها مش من مستواه خآاالص.


چيچي بصدمة :


-لأ ماتقوليش ! .. قصدك إنها بنت عادية ؟ فقيرة يعني و كده ؟؟؟


-باينها كده يا چيچي .. ثم عادت لتقول بخبث :


-مش قولتلك شكلك عقدتيه ! أهو مابقاش بيميز و إتسعر علي كل البنات هههههههههه.


چيچي بإبتسامة شماتة :


-بس كده حالته بقت Hopeless case ( ميؤوس منها ) أوووي .. ثم شاركت صديقتها الضحك و قالت بشر :


-عموما بالهنا و الشفا يا عثمان !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في قصر آل"بحيري" ... مرت ثلث ساعة حتي الأن و ما زال "صالح" يباشر ممارسة إحدي التمارين الشاقة مستخدما تلك الآلة الرياضية التي جاءت إلي غرفته بأمر من الطبيب


لم يسمح له الطبيب بأي نوع من الإستراحة نهائيا ، ليس قبل مرور النصف ساعة التي وضعها كحد أقصي ..


-يا دكتووور كفآاااية . مش قآاااادر ! .. قالها "صالح" و هو يهبط و ينهض بجسده مستعينا بالذراعين المرفقين بالآلة المعدنية


الطبيب بعناد :


-قلت لأ . لسا قدامك عشر دقايق علي أول Break.


صالح بغيظ :


-عشر عفاريت يركبوك يابن الـ آا ..


-صـــــالح ! .. قاطعته "صفية" قبل أن يكمل كلمته البذيئة ، و أردفت :


-الدكتور عايز مصلحتك يا حبيبي . كل ما العلاج بقي مستمر و صح هتخف بسرعة.


في هذه اللحظة كان "مراد" يمر قرب الغرفة ، فلمح "صالح" و هو يتريض و ملامحه تشير إلي نفاذ صبره و إمتعاضه ..


-عـآااااااش يا وحش .. هتف "مراد" بمرح و هو يلج إلي الغرفة


نظر له "صالح" بطرف عينه و قال بسأم :


-بلا وحش بلا جحش بقي . سيبني في حالي الله يكرمك.


مراد بضحك :


-إجمد يا أبو الصلوح مش كده . دي حاجة بسيطة يا راجل !


-بسيطة ! .. صاح "صالح" بإستنكار ، و أكمل بسخرية و هو يلهث من الجهد الذي يبذله :


-تعالي ياخويا إتمرن مكاني نص ساعة و بعدين قولي بسيطة.


-ياسيدي ربنا يقويك و يشفيك .. ثم سأل "صفية" :


-صافي ماتعرفيش عثمان فين ؟


صفية و هي تهز رأسها سلبا :


-لا و الله يا مراد ماعرفش !


مراد بتعجب :


-مش عارف أنا أخوكي ده بيغطس فين كل شوية ؟!!


-تلاقيه في الشغل !


مراد بجدية :


-لأ مارحش الشركة . أنا لسا سائل عليه هناك.


-طيب لو عايزه في حاجة مهمة كلمه علي الموبايل.


مراد بإبتسامة تهكمية :


-مابيردش . ما ده بقي يبقي أخوكي . لما يعوز يختفي مابيسبش وراه أثر.


و هنا أعلن الطبيب أخيرا :


-خلاص يا صالح بيه . معاد الـBreak وجب !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


علي رصيف المرسى ... تمشي "سمر" بجانب "عثمان" مطرقة الرأس


تستحي من رفع وجهها الملون ببراعة و بمختلف أنواع آدوات التجميل المفتخرة ، وجهها الذي صار مبهر الجمال لا يتناسب البتة مع ثيابها الرثة ..


يقبض "عثمان" علي يدها اليمني ، بينما تحمل هي في الأخري كيسا قاتم اللون يحوي الجزء الذي تم قصه من شعرها


فقد أصرت أن تلملمه بنفسها و تأخذه معها


جعلها "عثمان" تصعد أولا إلي اليخت و بقي قليلا ليخاطب السائس "ناجي" ..


-الحاجة وصلت يا ناجي ؟ .. تساءل "عثمان" بصوته المخملي ، ليومئ "ناجي" قائلا :


-من بدري يا باشا و أنا أخدت الشنط و حطتها في الأوضة زي ما حضرتك أمرت.


عثمان بإبتسامة :


-شكرا يا ناجي.


-العفو يا عثمان بيه أنا تحت أمرك.


أعطاه "عثمان" بعض النقود كالمرة السابقة و أصرفه ، ثم إتجه إلي اليخت ليلحق بـ"سمر" ..


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


وحدها داخل قاعة المرحاض الملحق بغرفة النوم الفخمة ... تجثو علي ركبتيها فوق الرخام البارد










تبكي بحرقة و هي تفتح ذلك الكيس و تجمع بكلتا قبضتيها بقايا خصلات شعرها المتساقطة ، ثم ترفعهم إلي وجهها الملطخ بالكحل الأسود و الذي راح يمتزج بطبقات مساحيق الزينة السميكة


مسحت وجهها بالخصيلات الفاحمة ببطء و هي لا تزال تذرف دموع القهر بلا إنقطاع


حتي شعرت بظله ينطرح فوقها


رفعت إليه بصرها المشوش ، لتجده يقف فاردا قامته الشامخة ، و يطالعها ببرود متناهي ..


-ليـــــــــــــه ؟ .. تساءلت بصوت مبحوح مجروح ، و تابعت :


-ليه تعمل فيا كده ؟ ليه تخليهم يقصوه ؟ .. حرام عليك !


لوي فمه بإبتسامته الشيطانية ، و رد ببساطة :


-مزاجي طلب كده يا حبيبتي . حبيت أشوفك بالشعر القصير زي ما شفتك بالشعر الطويل . يعني ! .. قلت نغير شوية أحسن أزهق منك و إحنا يدوب لسا ماكملناش شهر مع بعض.


رمقته بنظرات كارهة و الدموع تتراقص بعيناها ، ثم قالت بإنفعال :


-بس إنت مش من حقك تعمل فيا كده .. إحنا ماتفقناش علي حاجات زي كده.


-بفلوسـي ! صاح "عثمان" بخشونة ... ثم أكمل بنعومة :


-إنتي بتاخدي مقابل كل حاجة يا بيبي . و طالما بدفع يبقي من حقي أعمل فيكي إللي يعجبني.


أثار غضبها بكلماته المهينة ، فإصطبغ كل شئ أمامها باللون الأحمر ..


قامت من مكانها و وقفت قبالته مباشرةً و زمجرت :


-قولتلك قبل كده أنا مش جارية عندك و لو حبيت أسيبك هاسيبك مصلحتي معاك خلصت خلاص و مابقتش عايزة منك حاجة.


عثمان بإبتسامة مستفزة :


-بس أنا مش حابب أسيبك يا سمر . لسا ماخدتش منك كل إللي أنا عايزه ده إحنا يدوب كنا مع بعض مرة واحدة !


أعادت "سمر" جملتها التهديدية بغضب أشد :


-لو حبيت أسيبك هاسيبك.


ضحك "عثمان" بسخرية و قال :


-و أنا مش هفارقك بالسهولة دي و فجأة هتلاقي الموضوع إتعرف و أخوكي عرف بجوازنا و مش بس أخوكي المعارف و الجيران و .. و إنتي عارفة بقي . أظن إنتي بتخافي علي سمعتك و سمعة إخواتك ! صح يا بيبي ؟


هزت رأسها و هي تقول بمقت ممزوج بالإزدراء :


-إنت شيطان . و أنا إللي ورطت نفسي معاك . الله يلعن الساعة إللي شوفتك فيها . يا ريتني ما شوفتك يا ريتنـ ..


-خلاص بقي ! .. قاطعها بحزم و هو يغلق فمها بكفه ، و أمسك بيديها الإثنتين و حبسهما في إحدي يديه ، ثم قال بهدوء :


-إنتي إللي مصعبة كل حاجة علي نفسك . قولتلك حاولي تاخدي الأمور ببساطة . أنا دايما بحاول أكون لطيف معاكي . بس كالعادة إنتي إللي بتستفزيني.


تقلصت معدتها و إمتلأت عيناها بالدموع أكثر و هي تنظر إلي عينيه الثاقبتين


تنهد "عثمان" و يده التي كانت علي فمها إنخفضت إلي ذقنها ..


-إحنا جايين ننبسط سوا يا سمر . حاولي تنسي وضعنا شوية و فكري في نفسك . صدقيني و سيبيلي نفسك خالص .. مش هخليكي تنسي وضعنا و بس . هخليكي تنسي إسمك كمان.


سمر بلهجة مفعمة بالنفور :


-أنا بكرهك !


عثمان و قد عادت البسمة الشيطانية تزين ثغره :


-خلاص بقي . أنا كده عملت إللي عليا و إنتي إللي دماغك ناشفة.


دفعها إلي الحائط و إمتدت يداه كقبضتين من الحديد و أطبقتا علي معصميها و رفعتهما إلي مافوق رأسها ..


أشاحت بوجهها عن وجهه حين إقترب منها إلي حد الإلتصاق ، بينما تمتم و فمه يحتك بأذنها :


-بوظتي مكياچك بالدموع دي يا بيبي . بس عارفة ؟ إنتي أساسا حلوة منغير كل ده .. و أكمل و شفتاه تداعبان عنقها في كل إتجاه :


-في مفاجأة عشانك برا . إنتي أكيد ماخدتيش بالك منها لما دخلتي الأوضة .. تعالي نشوفها مع بعض !


سمر بصوت مهزوز :


-مش عايزة منك حاجة.


رفع "عثمان" رأسه و نظر لها ..


-بطلي كآبة بقي .. غمغم بضيق ، و تابع بحزم :


-إغسلي وشك يلا و حصليني علي برا . مستنيكي ماتتأخريش !

           الفصل الواحد والثلاثون من هنا 

تعليقات



×