رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل التاسع 9 بقلم سيلا وليد



رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل التاسع 9 بقلم سيلا وليد 


الفصل التاسع

كيف أُخبرك بأنك الشيء الوحيد الذي أحمله بداخلي ولا أُريده أن ينتهي!!!

كلمات جاسر الألفي ش

❈-❈-❈

قبل شهرين وخاصة بعد عملية صهيب بأسبوع

ولج غرفتها التي اتخذها لها بمكان أكثر هدوء وراحة حيث الأشجار الخضراء تحاوطه، كانت تجلس تنظر للخارج بشرود..خطى إلى أن وصل إليها، يمسد على خصلاتها

-عاملة إيه النهاردة حبيبتي

رفعت نظرها إليه وابتسمت

-الحمد لله احسن بكتير، هنزجع القاهرة إمتى بقالنا شهر هنا

جلس بجوارها يحاوطها بذراعيه

-لسة شوية اطمن عليكي الأول وكمان باباكي يفوق مش ضامن عز

اغروقت مقلتيها بدموع الخزي فهتفت من بين بكائها

-جاسر ليه عز عمل كدا، من إمتى وهو بقى كدا

طبع قبلة على رأسها يربت على ظهرها

-غصب عنه حبيبي ، أخته وكل حياته يحصلها كدا وبسببي، كانت الضربة قوية عليه

طافت عيناها بجميع أرجاء المكان وتسائلت:

-وليه بسببك، إنت ذنبك ايه، دا نصيبي يابن عمي

صمت للحظات عندما فقد النطق وكأن الحروف هربت من بين شفتيه..سحب نفسا طويلا وزفره قائلًا والخذلان يخترق صدره كالرصاص

-لاني السبب فعلا ياجنى، انا اللي بعتك هناك، اتجه ببصره إليها وتنهد حزينا

-فيروز ومامتها السبب

شهقة خرجت من فمها تهز رأسها رافضة حديثه

-مش معقول، لا مستحيل، وليه تعمل كدا

بكت بمرار والدموع يتساقط من محاجرها متلألئة وتحدثت من بين دموعها

-أنا مأذتهاش ياجاسر، ليه تدبحني بالطريقة دي

احتضن وجهها وتعمق بالنظر لمقلتيها

-لأنها اكتشفت الحقيقة، فحبت تتخلص منك

حقيقة!! تسائلت بها مذهولة

حقيقة ايه دي اللي يخليها تدبحني كدا، حقيقة ايه اللي تخليها تخليني اخاف من أقرب الناس ليا

أطبق على جفنيه وانزل نظره للأسفل عندما شعر بثقل همومه

رفعت ذقنه تنظرإليه بدموع عيناها

-ساكت ليه يابن عمي، ليه مراتك دبحت بنت عمك بالطريقة البشعة دي

استند على الحائط برأسه، فلقد حاول نسيان تلك الأيام التي عاشها بآلامها حد الاختناق دون أن يصدر صوتا، أو يعذب أحد غيره، تحمل انفطار قلبه وإلغاء شخصيته حتى وصل لهذا الحال

أطبق جفنيه وارجع رأسه للخلف منهزما، ثم سحب نفسا محاولا التنفس، ولكن كيف له التنفس وهو يشعر بأشواك تخربش رئتيه.استدار برأسه واجابها وعيونه تحاوطها بتركيز

-عرفت أني بحبك ياجنى

قشعريرة اختلجت كيانها، حتى شعرت بإرتجاف جسدها فهتفت بتقطع

-ودي جديدة، ماهي عارفة علاقتنا ببعض من قبل الجواز، قالتها متهربة

أرجع خصلاتها التي حاوطت وجهها بعشوائية بسبب الهواء ووضعها خلف أذنها ودنى يهمس بالقرب من شفتيها

-لا يامهلكة قلبي، مقصدش الحب دا، أقصد حبك اللي اهلكني ومبقتش قادر اخبي اكتر من كدا

تراجعت للخلف تنظر إليه بذهول وارتجافة بقلبها من حديثه، حتى فقدت توازنها أمامه وضعفت وهي تتمتم

-ايه الهبل اللي بتقوله دا، وازاي تكذب عليها

تنهيدة عميقة وزفرة خفيضة بنيران الحب ثم همس اسمها بنبرة خفيضة ولكنها وصلت لأذنيها بصوته الدافئ؛ مما جعلها تشعر بإرتجافة أوصالها فبعدت عنه

رفع ذقنها ومازالت نظراته تفترس ملامحها الجميلة رغم شحوب وجهها

تلاقت عيناها بعينيه

-عايز توصل لأيه يابن عمي ..جذبها بقوة لأحضانه ولف ذراعه يدفنها داخل أحضانه

-إنتِ في حضني كدا هوصل لأيه ياحبيبي

حاولت الفكاك من أحضانه

-جاسر لو سمحت مينفعش كدا، ابعد لو سمحت مش عايزاك تقرب مني

رفع خصلاتها ووضعها على جنب ووضع ذقنه فوق كتفها، وانفاسه تلفح عنقها هاتفا دون جدال ومازال متحكما بها :

-لا ياحبيبي هقرب وهقرب اوي كمان، ولو كنت سكت الشهر دا فعلشان كنتي تعبانة مش أكتر

استدارت تطالعه بغضب :

-جاسر انت اتجننت ابعد بقولك متخوفنيش منك..شدد من احتضانها

-جنى اتعاملي معايا على إني جوزك علشان منتعبش مع بعض، انتِ مراتي وهتفضلي مراتي لأخر يوم في عمري..قالها ثم نهض متجها للداخل

مرت عدة ايام اخر وهو يتجنب الحديث معها سوى في أمورها الصحية، إلى أن أتى ذاك اليوم

-اجهزي هننزل القاهرة، قدامك نص ساعة بالكتير والاقيكي تحت

أمسكت كفيه

-هتفضل تعاملني بالطريقة دي، سحب كفيه بعيدا وأردف:

-احنا مش هنروح حي الألفي ودا أمر من والدك، وزي ما والدتك فهمتك هتنزلي على البيت اللي اشتريته، ومامتك هتروحلك كل فترة هناك، ممنوع عز يعرف مكانا، دا لو خايفة عليا من اخوكي

توقفت أمامه ورفعت ذراعيها تحاوط كتفه، اللي بتقوله دا غلط، بلاش تعمل عدواة مع العيلة لو سمحت

أبعدها بهدوء

-عدواة!! قالها متعجبا، ثم تحدث مستنكرا كلماتها

-جنى هتعيشي معايا على إنك مراتي، دا آخر ماعنديش

❈-❈-❈

-عايزة اقعد لوحدي، لازم ارتب حياتي قبل اي قرار، وانت كمان لازم ترتب حياتك مع مراتك وتنسى الهبل اللي قولته

جز على أسنانه وضغط على رسغها بقوة وهتف بهسيس

-احمدي ربنا إنك خارجة من تعب، دنى حتى اختلطت أنفاسهما وهتف بهسيس

-متخلنيش اضطر اخليكي مراتي غصب عنك، واقنعي نفسك من دلوقتي انت مرات جاسر الألفي

لف ذراعه وجذبها من خصرها ينظر لذهولها وعيناها المتحجرة، ثم دنى يهمس بجوار أذنها

-احفظي الكلمتين دول وحطيهم في قلبك قبل عقلك

جنى جاسر الألفي، هتفضلي كدا لحد ما اموت.. فتحت فمها للتحدث وضع إبهامه على شفتيها

-مش مسمحولك بكلمة، سمعتك زمان النهاردة انا مبسمعش، يعني تقدري تقولي أصم عن أي كلام مش عجبني

سقطت كلماته فوق مسامعها كصاعقة صفعتها بقوة، ابتلعت ريقها بصعوبة تنظر إليه بأعين زائغة غير مستوعبة حديثه ولسان حالها يتسائل من هذا الذي أمامها

امال بجسده قائلاً :

-أنا جاسر هو بشحمه ولحمه، بس الفرق انك مراتي وأنا جوزك..فاهمة، قالها وهو يداعب أنفها بأنامله

توسعت حدقيتها لا تصدق تبدل حاله، وقفت بجسد مرتجف تريد حضنه ليحميها من ارتجافة جسدها الذي تسبب بها حتى شعرت بخواء ساقيها ولم تقو على حملها

استدار متحركا وهو يهتف

-يالة اجهزي، عايزين نوصل بدري

بعد عدة ساعات ولجت بجواره إلى منزلهما الجديد، وجدت به خادمة ومرافقة لها

-مين دول .؟!.تسائلت بها جنى ..ربت على كتفها

-غادة خدي شنطة المدام دخليها جوا وحضريلها الحمام

قشعريرة أصابت جسدها من كلمته التي خصها بها المدام

كانت تطالعه بأعين تفيض عشقا، أحست بالحرارة تزحف لوجنتيها خجلا عندما طبع قبلة بجانب شفتيها

-ادخلي ارتاحي، مامتك في الطريق وانا ساعتين وراجع

استدار متحركا ولكنه توقف عندما أشارت لحقيبته

-خد هدومك معاك، انا عايزة افضل لوحدي، مراتك المجنونة اولى بيك

سكت هنيهة يحاول ضبط انفاعلاته فتراجع إليها

-حاضر ياجنى هسيبك لوحدك وهروح لمراتي ادخلي ارتاحي ، بس عايز افهمك حاجة أحنا مش هنرجع حي الألفي تاني، وكلمت المحامي يفصل كل ماله علاقة هناك

-ليه كدا عمو مش هيسكت

تراجع إليها:

-أنا تعبت من كل اللي حواليا عايز ارتاح، مش عايز كل واحد يتهمني السبب في كل حاجة ، عمتك وعز وكله حتى اخواتي ، تعبت ومن حقي ارتاح، ولازم الكل يتعود

اقتربت منه وامسكت كفيه :

-جاسر احنا مينفعش نكمل مع بعض، نفض كفيها

-مش انتِ اللي تقرري كدا، وياريت تنسي كلام باباكي معايا انا مش هبعد عنك واعقلي، انا هسيبك تقرري مع نفسك ماتنسيش وأنتِ بتقرري مع نفسك تقنعي نفسك انك هتفضلي مراتي

..قالها وتحرك سريعا من أمامها

بعد فترة وصل الى المشفى وجد والده بغرفة صهيب

-بابا وحشتني؟!

ابتعد جواد بنظره بعيدًا عنه وتحدث إلى صهيب

-خد بالك من نفسك متخليش حد يزعلك، قالها وهو يرمق جاسر وتحرك خارجا

أشار صهيب بعينيه إليه..فتحرك خلف والده

-بابا..توقف جواد وهو يواليه ظهره..تحرك إلى أن توقف أمامه

-حضرتك هتفضل مقاطعني كتير!!

ضغط على كفه حتى لا يرفعه ويصفعه

-قولي ايه اللي يثبت اني ابوك، قولي وعرفني ياحضرة الظابط، اول مرة لجأت لباسم وشوف وصلت لأيه وتاني مرة لجأت لعمك وشوف النتيجة ايه دلوقتي

لكزه بكتفه يجز على أسنانه

-لجأت للغريب قبل ابوك، ابوك فين من حياتك ياحضرة الضابط..وديت بنت عمك فين، وقبل ما تتكلم وتقولي متعرفش هقولك انا عرفت انك اتجوزتها ومش من صهيب ياحيوان ..

هترجعها ياجاسر، وتخلي الكل يقرر، انت مش عايش لوحدك وقبل ماتعترض، عرضناها عليك في الأول وحضرتك رفضت، ومتفكرش الحادثة هتضعفها، بالعكس انا هقفلك

-بابا جنى مع جوزها ..أشار بسبباته

-يبقى هتخرب بيوت كتير ودلوقتي

امشي من قدامي خليك بعيد عني ووقت ماتحتاج حد ياتروح لعمك صهيب أو عمك باسم

احتضنه وانسابت عبراته

-بابا لو سمحت بلاش تقسى عليا كدا ..لو سمحت

-اقسى عليك، وانت عملت فيا إيه ياكبير، قولي عملت ايه غير انك صغرت ابوك قدام الكل، وآخرهم يعقوب اللي جه بيطالب بخطيبته، مكنش قدامي غير أقوله عند الدكتور، أفضلها تفضل بعيد عن الكل

-صغرتني ياكبير، صغرت امك خالص

-بابا متقولش كدا لو سمحت ،انت اغلى من روحي، محبتش اوجع قلبك عليا، احتضن وجهه بعنف يهزه

-إنت اهبل يلآ انت ابني وابني الكبير، اللي روحي فيه ازاي تقول كدا

رفع بصره وتحدث مهموما

-أنا تعبت ويأست من كل حاجة، وصلت لطريق اللاعودة يابابا

لكزه بقوة وصاح غاضبا

-ابن جواد الألفي مايقولش كدا يلا، انا هسيبك يومين لحد ما ترجع بنت عمك وهي اللي تقول ومن الافضل انك تبعد ومش علشانك

-علشان عمك مش مستعد أفقد حد فيكم، انت هتتحمل أما هو لا

ربت على كتفه

-مش بقولك طلقها بس بقولك رجعها علشان تريح الكل ونرجع نلم شمل العيلة

هز رأسه رافضا حديث والده

-مش هقدر، خلينا كدا بعيد

-تمام ياجاسر،

ابتسم له ثم دنى يقبل كتفه

-ربنا ما يحرمني منك ياحبيبي..تحرك وهو يشير بسبباته

-غلطان ياابن جواد انا مسمحتكش لسة

ولج إلى صهيب

-عامل ايه ياحبيبي دلوقتي، الحمد لله كدا تخضنا عليك وتدخل غيبوبة

شاكسه صهيب بصوت متألمًا

-لا متخافش لازم اربيك الأول وبعد كدا اموت

-بعد الشر عليك ياعمو، أنا جتلك هنا يوم العملية، بس عز قوم القيامة

اومأ برأسه حزينا

-عارف ، معلش ياحبيبي اعذره..رفع نظره بمغذى

-جنى عاملة إيه ..نهى بتقولي بقت كويسة، وكمان اخر مرة كلمتها حسيت إنها كويسة

ابتسم عندما تذكر ذاك الشهر المنصرم بينهما وعقاب كلا منهما للآخر

-بتضحك على ايه يلا..اوعى يكون قربت للبت ادبحك

قهقه جاسر عليه، ثم غمز بعينيه:

-لحد دلوقتي لسه ياصهيوب، لكن اوعدك في أقرب وقت هتكون جد

جحظت عيناه يشير بسبباته محذرا

-اياك يابن جواد ..دنى من عمه وانحنى بجسده يحاوطه بذراعه

-أنا مش جواد الألفي ياصهيوب قولتهالك قبل كدا ، متحلمش ارجعلك بنتك دي حاجة الحاجة التانية االلي لازم تقتنع بيها

-إن بنتك اللي هي جنى جاسر الألفي دلوقتي بقت ملكي ومحدش يقدر يقربلها غيري ..ماشي ياصهيوبة

ولج عز بتلك الأثناء ..تسمر بوقفته

-بتعمل ايه هنا، وفين جنى ياجاسر

استدار متحركا

-حمدالله على السلامة ياصهيوبة، وياريت تقنع نفسك بالي قولته

انت يلا خد تعالى

-قالها صهيب بصوت متقطع ..استدار يرفع حاجبه بسخرية

-متحاولش ياعمو خلاص خرج السهم من القوس

وصل إليه عز يجذبه من تلابيبه

-متخلنيش استعمل حاجة توجعنا كلنا يابن عمي

-عز..قالها صهيب ، لم ينظر إلى والده وظل يطالع جاسر بنظرات جحيمية

-صدقني هتخليني الجأ لحل هيوجعنا كلنا

دفعه جاسر وأشار إلى رأسه وتحدث غاضبا

-حط في دماغك الكلمتين دول يابن صهيب واحفظهم كويس

-جنى مراتي، عايز تاخدها يبقى موتني، اختك بقت ملكي ومحدش يقدر يقربلها

لكمه عز بعنف

-ملك مين ياحيوان مش دي اللي سبتها ورحت اتجوزت

-عز..صاح بها متألما..أمسك جاسر كفيه بعنف ورمقه بنظرات ناريه

-بص يلا علشان اتحملتك كتير، انا اتجوزت اختك من ابوها، مالكش حاجة عندي..دفعه بقوة وصاح هاتفا

-واختك موافقة على كدا انت مالك ..قالها بابتسامة سمجة قاصدا إثارة غضبه، اقترب منه هامسا

-جهز نفسك علشان هتبقى خالو قريب..اشعلت كلماته نيران صدره فهجم عليه كالحيوان المفترس

-اه ياحيوان ياكلب، وحياة ربي ماهسيبك..اعتدل صهيب وآلامه قلبه وهو يراهما بذاك الشكل

-عز، جاسر..ابعدو عن بعض ..توقف بجسد هزيل، حتى خانه جسده وهوى ساقطا متأواه.. أسرع إليه عز

-بابا..وضع كفيه أمامه

-ابعد عني ..أنا معرفش..ثم رفع نظره لجاسر ينظر إليه بخذلان

-دا وعدك ليا..قولتلي هتتحمله، بقيتوا تأكلوا في بعض

اتجه لابنه

-دا جوز اختك، ودا آخر كلام عندي، قالها صهيب وتنفسه بدأ يقل تدريجيا..طلب الطبيب سريعا الذي وصل وفحصه

-قولتلك ياصهيب ممنوع الحركة، عايز تموت نفسك يعني..قالها الطبيب متذمرا،

وقف جاسر ونظراته للأرض حزينا على ماوصل إليه

أشار صهيب إليه

-روح متسبش مراتك لوحدها

مرت الأيام سريعا يوما يلو الآخر ، ومازال الفراق بينهما صامدا، هي بمنزلها منعزلة عن حياتها سوى من اتصال والدتها، وزيارة واحدة لوالدها بعد مااستعاد بعض من صحته

جالست وامسكت فرشاتها وألوانها التي بعدت عنهما منذ قرابة الخمس شهور ..تنظر لتلك اللوحات التي أرسلها إليها، بعدما ابتعد عنها مثلما طلبت منه ..بدأت تخطط أمامها دون وعي حتى أنهت رسمتها تنظر إليها بذهول فلقد أنهت رسمتها التي ماهي الا لسارق قلبها ..لا تعلم اتبكي أم تحزن..شهر كاملا وهو لم يزرها، اشتاقت إلى أحضانه وهمساته لها، لولا زيارات والدتها ووالدها لها من الحين للأخر لكانت جنت من ابتعاده، تذكرت حديث والدها متسائلا:

-طيب بدل جاسر مبتش هنا بيبات فين..ألقت الفرشاه متنهدة بوجع واشتياق

استمعت إلى طرقات منزلها، ارتفعت دقاتها اعتقادا أنه هو، خرجت العاملة

❈-❈-❈

-مدام جنى فيه واحد برة بيقول اسمه جواد الألفي..هبت فزعة متجهة إلى الباب..

عمو..همست بها ثم ألقت نفسها بأحضانه تبكي بشهقات مرتفعة

-عمو حبيبي..حاوطها بذراعه

-حبيبة عمو وحشتيني ..ولجت تجذبه للداخل

-اخيرا حضرتك رضيت عليا وجيت تزرني

خلع جاكيته وجلس يشير إليها

-تعالي في حضن عمو يابنت صهيب، وحشتي عمو

جلست بأحضانه كطفلة فاقدة لوالديها ..تضع رأسها على كتفه

-بابا قالي اكيد هتيجي بس اتأخرت اوي، رفعت رأسها تنظر إليه بحزن

-اكتر من شهرين وجنجونة مش وحشتك

ابتسم على ملاكه، ازال خصلاتها من فوق عيناها

-جوزك فين..هبت واقفة، تفرك كفيها

-قصدك مين ..توقف بجوارها يمسك كفيها

-هو إنتِ متجوزة حد غير الحلوف ابني

ابتسمت ونظرت للأرض بخجل تهز أكتافها

-معرفش، اكيد في الشغل وزمانه جاي

رفع ذقنها ينظر إلى مقلتيها

-مش عيب تكدبي على عمو، أنا عارف أن الحلوف بقاله شهر مجاش هنا، وعارف كمان أنه باع شقته القديمة واشترى شقة لفيروز ، بس اللي معرفوش هو فين وفيروز كمان مش موجودة في مصر، الولد دا بيعمل ايه من ورايا، جنى أنا جاي اخدك معايا

-جلست مهزوزة ...أرجع ارجع فين حضرتك، رفعت نظرها إليه

-عمو أنا بقيت متجوزة ومينفعش ارخرج من غير إذن جاسر حتى لو جوازنا شكليا

-يعني سايبك لوحدك عادي عندك تبقي لوحدك وهو مع مراته التانية ..تألم قلبها بعد ذكر فيروز واجابته بعيونها الحزينة

-انا اللي طلبت منه يبعد علشان اعرف اقرر

-جنى هسألك سؤال وياريت تجاوبي عليه علشان من اجابتك دي هتحرك على أساسها

نظرت له منتظرة حديثه

-انتِ عايزة تكملي مع جاسر، انا عارف أنه كتب عليكي بعد ماباباكي طلب منه، متزعليش مني حبيبتي أنا مرضاش تكوني زوجة تانية غصب عنك، جاسر كتب كتابه

هزت رأسها قبل مايكمل حديثه

-عمو ممكن منتكلمش دلوقتي لو سمحت، انا لسة تعبانة، ووقت مااخد قرار هقول لحضرتك، وقولت لجاسر كدا، وعلشان كدا هو مش موجود

نهض من مكانه قائلًا:

-خلاص حبيبتي ، اي وقت تحتاجيني فيه هتلاقيني

عند ربى وغنى

توقفت غنى تنظر إلى اختها بعيونا متألمة، أرسلت رسالة لزوجها ثم خطت إليها

-روبي حبيبتي بتعملي ايه، مش ناوية تروحي تشوفي جوزك

تنهدت بحزن وأجابتها

-غنى أنا تعبانة وعايزة ابعد عن عز الأيام دي علشان منخسرش بعد

قطع حديثهما دلوف بيجاد

-غنى حبيبي، تعالي أنتِ وروبي نخرج شوية وناكل درة مشوي حبيبي ..توقفت ربى

-هروح أشوف ياسمينا بتعمل ايه، اخرجوا انتوا..توقف بيجاد ينظر إلى أثرها بحزن

-أنا مدخلتش زي ماقولتي، بس وحياة ربنا عز دا عايز يتربى

جلست متنهدة بحزن

-لسة ماوصلتش لجاسر يابيجاد..جلس بجوارها ثم جذبها إلى أحضانه

-هو كلمني ياغنى كان بيطمن عليكم، حسيته تعبان، بس اللي مش قادر أفهمه ليه مش عايزكم تتواصلوا مع فيروز، أنا خايف ليقتلها

لكزته ونهضت غاضبة

-خليت اخويا مجرم يابيجاد

جذبها بقوة لأحضانه

-وحياتك جوزك هيتحول لمجرم من جاسر وعز، روحي شوفي سفيان ، وانا هنزل لباباكي دلوقتي عايزه في موضوع

❈-❈-❈

بالأسفل وصل عز الذي توقف أمام جواد يخيره بين ابنته واخته، مما وصل إلى انهيار جواد ودخوله المشفى،وحجزه بها

عند جاسر عاد إلى منزله بعد غياب شهر عنها بعدما طلبت منه المغادرة، تركها لتقرر، ولج للداخل

تحرك حتى وصل إليها وجلس على عقبيه يرسمها بعينيه، لقد اشتاق إليها كثيرا بعد شهر ولم يراها به، اتجه بكفيه المرتعش يلامس خصلاتها هامسا باسمها

-"جنى"..فتحت جفونها بتثاقل وكأنه يروادها بأحلامها، ولكن هبت فزعًا عندما لامس كفيه وجنتيها وابتسامة على وجهه

ابتلعت ريقها بصعوبة تحاوط جسدها بذراعيها

-جاسر !!ايه ال جابك هنا

إستغرق لحظات يطالعها فقط، فحمحم ناهضا ينظر لتلك الأكياس

-جبتلك حاجات، عرفت انك مخرجتيش بقالك فترة فقولت اكيد تلاجتك فاضية..جذبت مأزرها تضعه على جسدها، تلملم خصلاتها، بعدما ولاها بظهره، فتحدثت

-لا عمو جواد كان هنا وجابلي حاجات..استدار إليها جاحظا عيناه متسائلا

-بابا!! هو عرف مكانك

جلست تنظر للأسفل وإومات برأسها ايجابا والدموع تغيم بمقلتيها

رفع ذقنها بأنامله يتنهد بحرقة قائلا بنشيج مرير

-شكل بابا وجب معاكي، دا لو عرف

نظرت إليه وتكونت الدموع بعيناها

-تفتكر واحد زي عمو جواد مش هيعرف ال حصل

كور قبضته وانفاسه تحرقه من يقترب منه

-يبقى عمره ماهيسامحني..اقتربت منه واحتضنت كفيه لأول مرة منذ فترة طويلة وتعلقت عيناها بعينيه إثر سماعها كلماته التي اخترقت جدران قلبها فتحدثت بتقطع

-جاسر لازم ترجع لحياتك وتعمل زي ما وعدت بابا

-نهض غاضبا منها ثم تحدث:

-وأنا مش فاكر اتفقت مع باباكي على ايه، دنى يهمس بجوار اذانها

-لو فاكرة يابنت عمي فكريني

ارتعش جسدها من انفاسه التي لافحت عنقها، فتراجعت للخلف تحتضن نفسها وتهرب من نظراته التي تخترقها..ارتبكت متمتمة

-انا هقوم أجهز الغدا، تاكل قبل ماتمشي، قالتها ونهضت متجهة للمطبخ سريعا

تحرك خلفها بالأكياس البلاستيكية ووضعها على الرخامة..وتحرك يقف خلفها يحاوطها بذراعيه

-أنا مش همشي، أنا هبات هنا الليلة، ومش بس الليلة، ادتلك وقت بزيادة ودلوقتي أنا جاي زي مااتفقت معاكي

❈-❈-❈

سقط الذي بيديه حتى أصدر صوتا، فارتبكت تجمع الزجاج، نزل يجمع الزجاج، مبتعداً بها عن المكان، يحتضن كفها الذي نُزف

-ينفع كدا مش تاخدي بالك، مفكرة نفسك طفلة

ران صمتا هادئا عليهما وهو يقوم بتنظيف جرحها، لم يخل من النظرات وحبس الأنفاس والتفكير يأبى طي الكتمان فإما البوح والأستكانة، أو الصمت والعذاب الأبدي

-بتعمل كدا ليه يابن عمي، ياترى تكفير ذنب عن ال حصلي، ولا..رفع ابهامه يضعه على شفتيها ودنى ورماديته تحاور بنياتها

-إياكِ تغلطي، عشان وقت العقاب هيكون شديد أوي يابنت عمي، بقالي فترة مستحمل ضغط عليا، قلبي مبقاش متحمل يامهلكة روحي 

رجفة بسائر جسدها وهي تعانق عيناه فارتجفت شفتيها وهمست :

-ابعد عني عشان متتأذاش ياجاسر، أنا ميرضنيش الأذى والوجع، مش عايزة اوجعك، مش قصدي حاجة تانية

جذبها لأحضانه يعتصرها بقوة هامسا لها :

-وجاسر يستاهل العذاب ياجنى، لا يستاهل يتعذب ويكفر عن ذنوبه..ارتفعت شهقاتها وهي تحاوط خصره

-أنا مؤذية للكل، اذيت الكل، فرقت الكل، ليه بيحصل معايا كدا، هو أنا وحشة لدرجة الكل بقى يكرهني كدا

حتى انت ماصدقت تبعد عني

أخرجها من أحضانه يحتضن وجهها وتكورت عبراته يرسم وجهها الجميل

-إنتِ أجمل بنت في الدنيا دي كلها، إنت البلسم والدوا ياجنى، اوعي حبيبي تقولي كدا

بكت بنشيج وارتجفت شفتيها تهز رأسها رافضة حديثه

-وبدليل أنا هنا، مهاجرة بعيد عن حضن أمي وأبوي، واخويا ال حياته ادمرت بسببي

بتر حديثها يبتلع كلماتها بجوفه لأول مرة يتذوق تلك الشفاة التي أرهقت منامه حتى لم يشعر بهدوء روحه العاصية، لحظات وهو يحتضن شفتيها، ربما هدوء لملمة نفسه، أو هروبا من القادم، كل مايجب فعله ومايشعر به هو تذوقها فقط

فصل قبلته عندما شعر بإختناقها، وضع جبينه فوق جبينها

-اياكي اسمعك بتقولي كدا تاني

-ليه بتعمل معايا كدا، لو مفكر انك بتعمل تكفير ذنوب عن اللي حصل مش هسامحك

نظرات معذبة إليها وقلب ينتفض بعشقها

-يعني بعد اللي حصل من شوية دا لسة بتقولي كدا، بعد اللي قولته كله ولسة برضو مصرة على وجع قلبي

تحدث بها بأنفاسا حارقة تصفع وجهها، رفعت نظرها إليه فهمس لها من بين دقاته العنيفة بعد تذوقه لكرزيتها

-اعذريني فأنا متعب حد الجحيم من بعدك عني

رجفة أصابتها في خضم احاسيس أرهقتها وأثقلت نبض قلبها

-هترضى أكون زوجة تانية وتسبني اموت هنا وترحلها

تعلقت عينيه بعينها اثر سماعه كلماتها التي اخترقت قلبه ودّ لو يخبأها بين ضلوعه

اقترب ينظر لعيناها بعمق

-أنا طلقت فيروز، ومحدش يعرف غير باباكي ومامتك

وقبل أي حاجة علشان تعبت من كل حاجة وياريت متسأليش عن حاجة دلوقتي

نهض وجذب كفيها متجها إلى المدفأ وقام بإشعالها وجلس بجوارها واضعا غطاءا ثقيلا على أكتافهما

-النهاردة لازم نتكلم ياجنى، ليه قولتي انك بتحبي جواد، وليه ابن عميد الجامعة جه يخطبك وأنتِ مقررة رفضه، مارفضتيش من الاول

رفع نظره إليها واستأنف

-وليه اتخطبتي ليعقوب، ازاي قدرتي تموتيني بالطريقة دي.. سحب هواء متنهدا بعمق يملأ صدره

-ليه كل لما تشوفيني تبعدي عني على الرغم حياتنا كلها مع بعض

-اعتدلت ودنت منه

-إنت ليه اتجوزتني ياجاسر، حتى لو طلقت فيروز فعلا ، ليه فجأة كدا اتجوزتني

-علشانك بحبك ..ابتسمت بسخرية فرجعت تنظر للنيران أمامها ..رفع ذقنها

-بلاش الضحكة المستفزة دي

جذبها بين أحضانه وجذب الغطاء على أكتافهما..وضعت رأسها بصدره تستمد الدفئ

مسد على خصلاتها البينة

-سامعك حبيبي..قالها بهمس جانب أذنها

استدارت تتعمق برماديته

-جاسر هو فجأة كدا حسيت إنك بتحبني، ماهو مش معقول تنسى فيروزتك فجأة كدا

ضم كفيها بين راحتيه، ثم رفعهما إلى فمه يلثمهما

-هتصدقيني ولا هتقولي كذاب..مازالت نظراتها عليه على عينيه

-مش عارفة، الأول كنت بصدق أي حاجة تقولها، لكن دلوقتي مش عارفة ياجاسر..صدقني مبقتش فهماك

أخذها بين أحضانه، مالت برأسها ساندة إياها فوق كتفه -هحاول اقتنع بكلامك

سحب نفسا عميقا ثم تحدث قائلا:

من تلات سنين بالظبط، يوم تعيني في الشرطة، بنت جميلة دخلت مكتبي وابتسامة ملت قلبي وهي بتقولي

-مبروك ياحضرة الظابط الجميل..البنت دخولها عليا اليوم دا معرفش هزني لأول مرة رغم أنها طول الوقت في وشي، ويعتبر مابنفترقش غير وقت النوم

وضع ذقنه على خصلاتها وأكمل بعيون مشتاقة لتلك الأيام

-وقتها قولت يمكن كانت وحشاني علشان غايبة عني شهرين ودا أول مرة تبعد عني ..كانت تستمع إليه متذكرة ذاك اليوم..تراجعت بجسدها تستند عليه بالكامل، شعور الأمان والراحة غمرها حتى جذبت كفيه ليحاوط جسدها بالكامل لتختفي بين ذراعيه..فأستأنف قائلا:

-واحد من صحابي دخل وهي قاعدة معايا وعمال تقنعني بعروسة من صحابتها انا كنت واخد الموضوع هزار، رغم قلبي وجعني وقتها منها، ومكنتش عارف السبب، لحد ماجه صاحبي دا وجه يسلم عليها ويهزر معها، وقتها غيرت وحسيت بألم في قلبي لما اتكلمتي معه

رفع ذقنها يعانق بنيتها برماديته

-فاكرة قولتيلي ايه لما عاتبتك..كانت تنظر للمعة عيناه ..ارتجفت شفتيها من نظراته فابتعدت ببصرها بعيدا عنه

أدار وجهها إليه

-قولتيلي بفكر ابعد عن العيلة واتجوز واحد حلو وأمور كدا ..زفرة حارة خرجت من بين آلام قلبه فاستأنف

-قولتك ماتيجي يابت اجوزك انا واهو زيدنا في دقيقنا، رديتي عليا بإيه

-لا طبعا أنا يوم ماأفكر اتجوز واحد بعيد عن العيلة، سكتي شويةو قولتي، ممكن اتجوز قريب بس اكيد مش انت

كانت نظراته تحاوط عيونها التي تحولت للحزن ..فاكرة كلامك دا

-بس أنا كنت بهزر، متوقعتش انك بتتكلم جد

دنى منها بأنفاس تمر فوق كرزيتها هامسا

-حتى لو كنت بهزر، ردك كان قاسي اوي ياحبيبة عمري

رفعت كفيها على وجنتيه

-عمري ماحسيت انك ممكن تحبني

احتضن وجهها

-ليه..ليه محستيش بيا وأنا حاولت افهمك كذا مرة انك أهم شخص عندي، افتكري مع نفسك كدا ذكرياتنا

وضع جبينه فوق جبينها وهمس من بين أنفاسه

-اليوم اللي قررت افتحلك قلبي لقيت جواد جاي يقولي انا بحب جنى، مصدقتش وروحت أكلمك لقيتك بتقولي انك خارجة معاه

التمعت عيناه بعشقها الخاص

-الوقت دا كنت اتأكدت اني بحبك بجنون، ولو فضلت جنبك بحالتي دي كنت هعمل جريمة، كان لازم اقنع نفسي واقنع الكل اني بحب فيروز، كان لازم الكل يتأكد من كدا، علشان كدا وقفت قدام بابا لأول مرة

أطبق على جفنيه وارتفعت أنفاسه

-بابا لو كان فضل مُصر ياجنى كان ممكن أضعف قدام قلبي واوجع جواد، غير جواد أنتِ كنتي عندي أهم حاجة مكنتش اقدر اخدك غصب، مكنتش عايز اوجع قلبك على حبيبك

هزت رأسها وانسابت عبراتها

-غلطان يابن عمي، مش يمكن وقتها اكون بحبك

احتضن وجهها بقوة وهزها

-مكنتش هرضاها على نفسي اوجع اخويا اللي هو جواد، واوجع حبيتي اللي هي انتِ، مكنتش هتحمل تكوني جوا حضني وقلبك متعلق بواحد تاني

انسابت عبراتها وأصبحت كزخات المطر

-انت كنت بتموتني بقرارتك دي، لو فكرت مع نفسك كنت عرفت بعدك عمل فيا ايه

بدأت دقات قلبه تدق بصدره بشكل كادت أن تتوقف من تسارع نبضه ..همس بصوت متحشرج من قوة مشاعره التي وصل لمعناها

-افهم من كلامك ايه

استدارت تواليه ظهرها ووضعت رأسها بأحضانه

-كمل سمعاك ..ازاي قدرت تتجوز فيروز وقلبك معايا

وازاي ..صمتت ولم تقو على إستناف حديثها عندما شعرت بنزيف روحها كلما تذكرت أنه أصبح لغيرها، غيرها امتلكته

أدارها إليه يزيل عبراتها التي آلامت قلبه ومزقت نياط روحه

-جنى أنا مكنتش عايش، وحياتك مكنتش عايش، صعب اوي انك تقنع نفسك انك تعيش بدون حب، أنا حاولت اقرب وأكون طبيعي بس إنتِ دايما كنتي بينا

رفرفرت أهدابها ورفعت كفيها على قلبه

-مهما تقول ياجاسر، دا بقى ملك لغيري، كنت بتاخدها في حضنك

شهقة خرجت من روحها النازفة قبل فمها وهي تتحدث من بين بكائها

-أنا كنت بموت وانت واخدها في حضنك..رفعت كفيها الذي ارتجف من سوء ذكريات آلامت روحها وأستأنفت

-وصل بيا الحال انام في اوضتك علشان ريحتك متفارقنيش، انت في شهر العسل وانا نايمة على سريرك بعيط، انت بتلف بمراتك وبتفكر ازاي تسعدها وانا قلبي بينزف على اشتياقك ..كنت عايزة اضمك بس، مش عايزة حاجة تانية غير تاخدني في حضنك

احتضنت وجهه تنظر لعيناه المذهولة

-انا روحت لدكتور اتعالج من حبك ياجاسر، تخيل وصلت لفين، اتمنيت أفقد الذاكرة علشان ماتوجعش وانت قدامي واخد مراتك في حضنك..

تسابقت أنفاسها مع دقات قلبها مع كلماتها التي انتفض قلبه لها

رفعت أناملها ترسم بحنو ملامح وجهه واستأنفت

-لو كان ينفع ادفن قلبي علشان يبطل يأن كنت عملتها، لكن للأسف يوم عن يوم وحبك بيزيد، وكأن بعدك وغيابك بيزيد التعلق والحب، افتكر يوم ماقولت مراتك حامل وبابا سافر هو وماما وقعدت عندكم في البيت..فاكر الليلة دي

لما رجعتلي بعد ماوصلت مراتك وفضلت طول الليل سهران جنبي، تعرف وقتها كنت هقولك متبعدش تاني لولا عمو جواد جه واستغرب وجودك، وقولتله انك كنت بتطمن عليا

جذبها يعصرها بأحضانه وانسابت عبراته رغما عنه

-لما بابا خاف عليا وقالي متتهورش في قضية راكان البنداري وانتِ جريتي عليا تحضنني جامد قولتي اخد بالي من نفسي

❈-❈-❈

رفعت عيناها وغرزتها داخل مقلتيه

-كنت هموت عليك، ولما انضربت بالنار قلبي وقف واتمنيت أموت ولا أتوجع وجع فراقك، وقتها اتمنيت انك تتجوز فيروز فعلا ولايحصلك حاجة

بتر كلماتها بجوفه فيكفي لقلبهما عذابهما ..اختطف كرزيتها يعزف سيمفونية بنهم باشواقه فلم يعد للبعد مقترح في قاموسه..رفعت ذراعيها تحاوط عنقه لتروي نزيف روحها وتنعم بقربه حتى لو قررت سرقتها من غدر الزمن بها

ظلا لوقت يعزف لها وتعزف له ليعلم كلا منهما كيف يكون العشق

همس من بين أنفاسه المتسارعة

-مفيش حبيبة لقلبي غيرك، بحبك بجنون يابنت عمي، اعرفي انك من يوم مااتولدي اتكتبتي على أسمي، ومن وقت ماعرفت أن مفيش حد شاغل قلبك اقسمت لربي مستحيل حد يقرب منك حتى لو هتحول لمجرم

لمعت عيناها بالسعادة فنطق قلبها قبل لسانها :

-جاسر..تعمق بنظراته وأنفاسه الحارة ينتظر على أحر من الجمر ما ستقوله فلو اقترب أحد منه لأستمع لدقات قلبه التي تتخبط بصدره بقوة آلامته من شدة ضرباتها وهو ينتظرها

دنت منه وصنعت تواصل بصريا متزامنا مع دقات قلبيهما لم يفصلهما سوى انفاسهما فهمست من بين شفتيها التي تلذذ بطعمها المسكر منذ لحظات

-بحبك يابن عمي وبحبك بجنون عاشقة متهورة وشمت قلبها بعذاب حبك حتى أصبحت لحياتي دواء لعشقي اللاذع

دقات عنيفة بصدره، من لحن كلماتها التي روت روحه المشتاق..رسمتها عيناه ببيريق عشق خاص بها، دنى وانفاسه الحارة تلفح بشرتها بحمرة لذيذة، رفع أنامله يمررها على وجهها بالكامل..صامتا عيناه تحكي الكثير والكثير بصمت وأنامله تتحرك بحرية على وجهها..أغمضت عيناها عندما شعرت برجفة بعمودها الفقري من لمسته

دنى يداعبها بأنفه هامسا من بين أنفاسه المتسارعة من قوة مشاعره

-عارفة أنتِ عملتي فيا ايه بكلماتك دي ..وضعت رأسها بصدره هروبا من نظراته ومن همسه الذي أهلكها فجعلها هشة ضعيفة لم تقو على الحديث أو النظر إليه

أخرجها من أحضانه بإصرار يحتضن وجهها ومازالت نظراته عليها ..

-بتهربي مني ليه، انا لسة معبقبتش ..نظرت إليه بذهول

-عاقبتني!! قطبت مابين حاجبيها :

-عايز تعاقبني أنا بعد اللي قولته، طيب انا أعمل فيك ايه على اللي عملته

وزعت نظراتهاعلى وجهه بالكامل ثم هتفت :

-لو هنعاقب بعض زي ما بتقول، هيكون عقابك شديد أوي ياابن عمي..عقاب ممكن يموتنا احنا الأتنين

نظرات فقط من كلاهما، فكان الصمت في هذا الوقت بلاغة مطلوبة ..جذبها إليه حتى اختفت بين ذراعيه، نزل برأسه بعنقها يحبس نفسه داخل صدره ضاغطا على كل عصب في جسده مانعا رغبته في اقتحام أسوارها ..هو وعد عمه، فيبدو أنه لم يفي وعده لعمه، كيف يتحكم في سيل مشاعره الجامحة بعشقها

ارتعشت من أنفاسه التي ضربت عنقها ..فهمست بشفتين مرتجفتين

-جاسر!!

-اشش ..سبيني كدا شوية..تراجعت بجسدها حتى يرفع رأسه، رفع عيناه وتعانقت نظراتهما

-هتفضل تبصلي كدا!!

-"بحبك".."بحبك"..انسابت عبراتها بقوة ثم رفعت كفيها تخلل أناملها الرقيقة وسط خصلاته مع دقات قلبها التي أصبحت كالمعذوفة هاتفة بهدوء رغم ضجيج قلبها

-معرفش افرح ولا أحزن ..قالتها وهي تعبث بخصلاته ثم اتجهت بنظرها إليه

-قولي انت المفروض أعمل ايه وحبيبي اللي متمنتش غيره جاي يعترفلي بحبه، بعد مارمني اكتر من سنة واتجوز..قدر يتجوز لا ومراته حملت كمان..قالتها بشهقات مع ارتفاع أنفاسها

اختلج صدره مصعوقا بألما نزف روحه ..فاحتضن وجهها

-جنى سامحيني، كنت بدور على سعادتك، وضع كفيه موضع قلبها

-لو بتحبيني اسألي قلبك، قوليله جاسر باعني ولا باع نفسه علشاني

دنى وحاوط خصرها بقوة يبحر بمقلتيها

-لما طلبت السماح علشان محستش بقلبك مش علشان روحت اتجوزت، فلو اتجوزت فإنتِ السبب

انهارت أمامه وبكت بشهقات:

-قولي ياجاسر لو أنا اللي اتجوزت قبلك كنت..وضع كفيه على شفتيها

-كنت موت ياجنى، علشان كدا اتجوزت قبلك علشان مموتش واقدر اسيطر على نفسي

كفاية النار اللي ولعتيها بقلبي من اقتراب جواد منك ..لمس ثغرها يمرر أنامله عليه بقوة كأنه يزيل أثار مابه..

-ازاي قدرتي تخليه يلمس حاجة مش ملكه

دنى وهو يبعثر قبلاته على وجهها مبتعدا عن ثغرها حتى ارتجفت شفتيها وحاولت الحديث

ولكنه منعها عندا حجزها بين خاصتيه لفترة ليست بالقليل، حتى أنها دعت ربها ألا يفصلها أبدا ...ظل يعزف لها عشقه حتى فاق الصمود أمام فتنتها الطاغية، فنهض وهو يحملها ومازال يعقد علاقة منفردة بخاصتها، متجها بها لغرفتهما ليشاركها لأول مرة عزف القلوب

وضعها برفق على تختهما يعانق عيناها وشفتيها المرتجفة، ثم انحنى ليغرز أنفاسه ويصك ملكيته بكامل جسدها، حتى أصبحت زوجته قولا وفعلا

حان شعاع الشمس بين البزوغ فقد هلت بشائرها وايقظ الفجر نورا فأحيا العباد لربهم داعيا المولى عز وجل العافية والرزق متجهين للحي القيوم لقضاء صلاة الفجر، استمع الى اذان الفجر فتح عيناه بتثاقل، أزاح خصلاتها بهدوء من فوق وجهه، اتجه بنظره لملاكه الغافية بأحضانه، ظل يتأملها بحب يتحسس بأنامله تقاسيم وجهها الذي يعشقه حد الجنون

دنى من أنفاسها ولمس كرزيتها مطبق الجفنين

ماهذا الشعور الكامن بصدره، هل هذا الأكتمال الروحي..يود لو يخفيها بداخل صدره

ظل يمسد على خصلاتها وابتسامة ملئت روحه قبل وجهه، اليوم فقط عرف معنى السعادة، اليوم فقط اكتمل كيانه، ياالله ماهذا الشعور الذي أحياه في القلوب

نزل بوجهه بعنقها

-لو أعرف إن الحب حلو كدا صدقيني مكنتش بعدك يوم واحد ..لثم عنقها

-بحبك يا من اهلكتي قلبي ونزفتي روحي ..بحبك بل عشقتك بكل ذرة بكياني

دعيني احطم كبرياء العشق، فوالله ليس لعاشقا له كبرياء

رفرفرت أهدابها تختبئ بصدره خجلا مما صار

بسعادة هائلة لمس وجنتيها

-جنجونة قلبي بتهرب مني ليه، دي صباح الخير بتاعتك ..تمسحت بصدره كقطة أليفة

-بس بقى، رفعها يجذب الغطاء على جسدها

-مكسوفة مني ياجنى

أغمضت عيناها ولم تقو على فتحهما

مال على أذنها

-افتحي عينك بدل ماافتحها بطريقتي، وأظن إنتِ فاكرة ايه اللي حصل امبارح

فتحت عيناها سريعا

-اهو خلاص..قهقه عليها وهو يلمس ثغرها بأنامله

-لازم اهدد يعني..رفع بصره إليها

-لدرجة دي شايفة كدا تهديد..وضعت رأسها بكتفه

❈-❈-❈

-جاسر بس بقى والله هعيط..طبع قبلة مطولة على رأسها

-كنت عايز أشاركك معايا أول فرحة لقلبي، علشان كدا قولتلك الكلام دا

رفعت نظرها إليه متسائلة

-فرحة إيه ..تمدد باسطا جسده بالكامل على الفراش وهو يجذبها لأحضانه ..وضع رأسها على صدره وتخلل أناملها

-سعادة قلبي ياروحي، أن جنجونة قلبي بقت مراتي

لكمته بصدره

-اتلم يابن عمي علشان، لحظة فقط وأصبح الوضع بالنسبة لها كارثيا عندما حاوطها بجسده

-ابن عم مين يابت هتستهبلي ..ارتفعت وتيرة أنفاسها؛حتى ارتفعت نبضاتها وبدأ صدرها يعلو ويهبط بطريقة ألفتت نظره حاولت الحديث بتقطع فهتفت:

-جاسر ابعد شوية..كانت عيناه ثاقبة افتراسية على ملامحها فهتف

-ولو مبعدتش هتعملي إيه

ارتجف قلبها من قربه ونظراته المغرمة بها..انحنى يهمس بجوار أذنها وانفاسه الحارة تضرب عنقه بالكامل حتى شعرت بإنسحاب أنفاسها وخيانة قلبها الضعيف بقربه

-انتِ مراتي وحبيبة قلبي، مقولتش بنت عمي، هسمعك تقولي ابن عمي دي هعاقبك وعقابي هيكون شديد لدرجة كل شوية هتكرري مع نفسك أن جاسر جوزك وحبيبك

رفعت بنيتها فتلاقت برماديته التي تعمقت بالنظر إليها لا تعرف لما تلك النظرة الجديدة لها ..ران صمتا من الحديث ولكن لم يخلو من نبضات قلوبهما وأنفاسهما

-انا إيه ياجنجون قلبي، قالها وهو يلمس وجنتيها

-جاسر ..ابعد لو سمحت مينفعش كدا..مال برأسه بحنايا عنقها

-مجنونة إنتِ أنا ماصدقت أقرب عايزة أبعد..رفع رأسه ونظر لعيناها القريبة

-عايزاني أبعد ياجنى ..هزة عنيفة أصابت جسدها بالكامل ولم تعلم بما تجيبه، شعرت بتحجر عبراتها فهمست

-لا..قصدي معرفش

ابتسم بحزن يهز رأسه

-السؤال صعب الأجابة ياحبيبة عمري

جاسر لو سمحت افهمني

اعتدل متجها المرحاض

-قومي خدي شاور علشان نصلي الفجر مع بعض..قالها متحركا إلى الخارج

أغمضت عيناه بحزن، كلما تذكرت ضعفها واستسلامها له ينشطر قلبها، كيف تستسلم له بهذه الطريقة وهو الذي تركها وتزوج رغم حبه لها ..تراجعت بجسدها على الفراش

-مش هقدر أعيش بعيد عنه، لا أنا مش هقدر، قالتها وجذبت مأزرها ترتديه متجهة للمرحاض

بعد قليل انتهى من صلاتهما، خرج متجها إلى المطبخ، بينما هي جلست تنظر لأثره بحزن، أمسكت مصحفها تقرأ وردها، ثم نهضت متجهة إليه وجدته يقوم بإعداد القهوة ويشاهد الأخبار عن طريق التلفاز، وهو يشعل سيجاره

توقفت أمامه وجذبت السيجارة من فمه، وألقتها بالسلة، ثم أمسكت فنجان قهوته وقامت بسكبها بحوض المطبخ

قطب جبينه متسائلا:

-مالك ياجنى على الصبح

اتجهت تنظر إليه بحزن وغضب منه

-مش ملاحظ أن مفيش عريس يقوم الصبح يشرب سجاير وقهوة يابن عمي وسايب عروسته زعلانة دا لو كنت عروسته أو أهمه اصلا

انفرجت شفتيه مصعوقا بحديثها، وانعقد لسانه بذهول،

فتجمد وكأنها ارشقته بسهام مسمومة هزت كيانه وجعلت أنفاسه تتثاقل، فكيف فعل بها ذاك بها اليوم الذي تعتبره الفتيات يوم عمرها

خطى حتى وصل إليها وجذبها لأحضانه يشد على عظامها يعتصرها ويضمها إلى ضلوعه

-آسف ياحبيبي، مقصدتش ازعلك، حاوطت خصره، انا زعلانة منك اوي اوي ياجاسر وفي نفس الوقت مش عايزاك تبعد عني

رفع رأسها واحتضنها

-قولي عايزة ايه يرضيكي وأنا اعمهولك، اطلبي حتى روحي دي انتِ مالكها من زمان

رفعت نفسها وطبعت قبلة على وجنتيه

-خلاص مش عايزة حاجة

رفع حاجبه ساخرا

-أسميه ايه دا إن شاء الله

ابتسمت وأجابته

-كدا بفهمك خلاص مش زعلانة منك ياابن عمي

ضغط على خصرها بقوة

-مسمعش ابن عمي دي تاني ياجنى علشان مزعلش منك بجد

-هو إنت مش ابن عمي ..امال ينظر لثغرها

-لا ياحبيبي..دا كان زمان لما كنا اخوات، إنما دلوقتي لا، دلوقتي انتِ روحي وحياتي انا كمان لازم أكون كدا مستهلش ياجنى

كانت تتابعه بعيناها السعيدة ..فهمست له بعيونها اللامعة بعشقه

-ماهو إنت كدا، ومن زمان أوي

شدد من احتضانها ونبض قلبه ارتفع بوتيرة أنفاسه

-انا إيه ياجنى، عايز اسمع ..قالها من بين أنفاسه المتسارعة

تضجرت وجنتيها بإحمرار لذيذ وتنحت متحاشية التقاء النظر بعينيه الهالكة فهمست

-إنت حبيبي وروحي ياجاسر، رفع ذقنها بأنامله عندما انحبست أنفاسه داخل صدره، ونظر لعيناها

-بصيلي وانتِ بتتكلمي، بلاش تهربي بعيونك عني، احنا مابنكذبش بمشاعرنا علشان نهرب

-انت حبيبي وروحي يا...ابتلع باقي الحروف وأخذ ينهل من كرزيتها عسلها المصفى لتغذية روحه، ومازاده الا جنون عشقه بها فأخذ يعمق أكثر وأكثر بخاصته، وبدأ يعبث بيديه كيانها حتى استسلمت بكافة إرادتها لطوفان عشقه

ليكمل ملحمة عشقه ويسطرها بنبض قلبه وثغره فهو لم يجد من كلمات تعبر عن مدى عشقه لها سوى حصاره لهابعد عدة ساعات

أشرقت عيناه كشمس باتت في الأفق البعيد ..ينظر لتلك الملاك التي تتوسد صدره..رفع كفيه يمسد خصلاتها، تنهد بعمق يملأ صدره بالهواء المختلط بعبيرها، ابتعد قليلا محاولا ضبط انفاعله الذي بعثرته وخطفت قلبه حتى أصبح قديسا لها..حاول استياقظها عندما غلبه الشوق، فقلب العاشق لا يهدأ سوى بادله عاشقه الهوى..كأنه ولد بالأمس ليحيا عاشقا بتلك الطريقة التي لأول مرة يشعر بها بحضرتها .أزاح خصلاتها المتمردة حتى ظهر وجهها الندي أمامه..انحنى ليعزف بترانيم عشقه على كرزيتها عندما فقد السيطرة على نفسه..تململت الجميلة بنومها، عندما داعبها عاشقها الولهان..فتحت عيناها الجميلة التي أصبحت له نور يوميه..ابتسمت خجلا

-صباح الخير..قالتها بقلبا ينتفض بالعشق

انحنى يضع رأسه بحناياها

-صباح الحب على عيون حبيبي

غرد بها ككروان بحديقة منزله..رفعت كفيها على وجنتيه وتحرر من صدرها نفسا ناعما مبتسمة

-صباح الحب على حبيب قلبي

هنا صمتت الألسنة وتعانقت القلوب بالنبض فلم يتبقى من عشقهما سوى نيران الشوق

بعد فترة يجلس بجوارها بحديقة منزله يتناولان فطورهما

-اجهزي علشان هنسافر يومين ..رفعت بصرها متسائلة

-هنسافرفين وليه ؟!

وضع قطعة من الخبز بالفراولة بفمها واستأنف حديثه

-ايه بلاش نقضي شهر العسل ولا إيه!!

اعتصر قلبها بقبضة فهزت رأسها رافضة

-لا ياجاسر مش عايزة سفر، انت معايا كفاية عليا كدا

ضغط على كفيها الذي يحتضنها

-حبيبي كفاية معملتش فرح، كمان مش عايزة شهر عسل

وضعت رأسها على كتفه

-لا ..مش عايزة، شهر العسل دا كدبة ياحبيبي، الشهر العسل عندي اني احس بسعادة روحي وإنت جنبي، غير كدا مش عايزة ممكن تاخدي لأجمل مكان في العالم بس مش سعيدة، وممكن نكون هنا في الحديقة البسيطة دي وأكون أسعد واحدة على وجهه الأرض

اعتدلت تشير إلى حضنه وأجابته

-دا سعادتي والعسل اللي بتقول عليه دا مش مرتبط بشهر مرتبط العمر كله

رفع ذقنها يملس على وجنتيها

-علشان كلمة حبيبي دي أبيع روحي ياروحي واعملك اللي إنتِ عايزاه

ابتسمت بخجل وأجابته

-عندك شك ولا إيه ياحضرة الظابط!!

حرك شفتيه بصوت اعتراضيا

-لا ياحبي معنديش شك، وحياة عيونك الجميلة دي واثق فيكي ثقة عمياء

لمست وجنتيه وتحدثت

-مش مصدقة انك جاسر ابن عمي

أطلق ضحكات مرتفعة يضرب كفيه ببعضهما

-مش أنا قولتلك علشان تريحي نفسك انسي إني ابن عمك، أنا حبيبك

ابتسامة شقت ثغرها تهز رأسها ثم هتفت

-مجنون..جذبها بقوة حتى ارتطدمت بصدره

-مجنون بس ايه ..رفعت أناملها تخلل خصلاته

-مجنون بس بحبك يا..وضع إبهامه على شفتيها

-لو قولتي ابن عمي صدقيني متلوميش غير نفسك..قهقهت بصوتها الناعم تضع كفيها على فمها

-لا مش هقول، صمت ومازالت ابتسامتها تزين ثغرها فهتفت وهي تضع كفيها على وجنتيه

-ومتنساش أن حبيتك وانت ابن عمي..دنى منها يداعب أنفها

-بس عشقتك وانت مراتي وحبيبة قلبي وروحي

هزت رأسها ضاحكة

-مجنون والله وحالتك غريبة

نهض يعانق أناملها واتجه إلى خزانة ملابسها

-اجهزي علشان هنخرج جولة هتعجبك كمان ..استدار متحركا ولكنه تذكر شيئا ..فأخرجه من جيبه امسك كفيها ووضع خاتم بأصبعها ثم رفعه يلثمه

-الخاتم دا متخلعهوش ابدا حبيبي ، نظرت للحجر الذي يزينه

-دا خاتم طنط غزل مش كدا

نزل بجبينه يستند على جبينها

-طنطك غزل قالت لبسه لمراتك وقولها مبروك يا مرات ابني

رفعت عيناها المترقرقة بالدموع

-جاسر عايزة اروح ازورهم علشان خاطري حبيبي..طبع قبلة على شفتيها وهمس لها

-اجهزي النهاردة هنزور راكان البنداري، عازمينا في مزرعته ووعد اجهز نفسي لمقابلة العيلة وبعد كدا اخدك لهناك

حاوطت خصره تتمسح بصدره كقطة أليفة

-مش هتبعد عني مش كدا، رفعت نظرها تنظرله

-اوعى تبعد عني ياجاسر، حتى لو عمو جواد طلب منك كدا

رفعها من خصرها حتى أصبحت بمقابلته

-تفتكري لو القلب فصله عن الجسم، الجسم بيعيش حبيبي

حاوطت عنقه ونزلت بجبينها تهمس له

-دلوقتي هقولك بحبك يابن عمي وإياك تعترض

أطلق ضحكات مرتفعة وهو يدور بها وابتسامتها تنير وجهها ومازالت تحاوط عنقه

بعد عدة ساعات بشقة فيروز

استمعت إلى طرقات على باب منزلها، دلفت والدتها تنظر للخادمة بغضب

-فين ستك يابت..أشارت الخادمة اتجاه الشرفة

-قاعدة برة ياهانم..تحركت ونيران خطواتها تأكل الأرض

-قاعدة في الساقعة كدا ليه، خليكي موتي نفسك عياط عليه لحد ماتموتي والباشا عايش حياته في أحضان مراته

رفعت نظرها إلى والدتها

-عرفتي مكانهم ...ألقت صور لجاسر وجنى وهو يحملها ويدور بها 

-شوفي وأملي عينك علشان تعيطي على واحد خاين زي دا

انسابت عبراتها تحرق وجنتيها

-لدرجة دي نستني ياجاسر، نظرت لعيناه السعيدة، وقرب ثغره لثغر جنى، كورت يديها بغضب جحيمي على الصورة حتى اذابتها بين قبضته وهمست من بين أسنانها

-وحياة وجع قلبي لأبكيك عليها ياجاسر واخليك ترجعلي تبكي..آه صرخت بها كلما تذكرت قربهما

جلست والدتها تنظر إليها بتشفي قائلة وهي تنفث تبغها

-اسمعيني كدا وافهمي هقولك ايه علشان لو عملتي كدا هتخليه يرجعك غصب عن أبوه

بمنزل جواد

بعد استقرار حياته تم نقله إلى منزله بمتابعة غزل له

جلست بجواره وانحبست الدموع بعينيها تنظر لنومه

رفعت كفيه تقبلها، ثم وضعت رأسها على صدره وشهقة خرجت من فمها

-مش هقدر أعيش دقيقة واحدة بعدك ياحبيب عمري، لو خايف على غزالتك لازم تقوى وترجعلي بسرعة

رفع كفيه يحاوطها

-غزل بلاش تعيطي..رفعت نظرها وأزالت عبراتها

-حاسس بإيه دلوقتي..رسم ابتسامة يزيل عبراتها بإبهامه

-حاسس اني محظوظ باجمل ست في الدنيا..اقتربت منه وقبلته بعشقها الدفين

-ربنا يخليك ليا..استمعوا لطرقات على باب الغرفة، اعتدلت ..دلف صهيب يستند على نهى

حاول جواد الأعتدال ولكنه أشار إليه

-خليك ياحبيبي مرتاح..نظر إليه بتعب

-اتجننت ياصهيب، ازاي تيجي بحالتك دي..وزع نظراته على نهى وغزل قائلا

-سبونا لوحدنا شوية..اتجهت نهى ببصرها لجواد تهز رأسها رافضة تركة ..هز رأسه لها أي لا تخافي

جلس بجواره على الفراش قائلا بمزاح

-اتاخر كدا مالك واكل السرير كدا..ابتسم له جواد

-فاكر زمان..وضع رأسه على كتف جواد

-هو فيه أحلى من زمان ..ربنا يخلينا لبعض

صمت ران بينهما للحظات بتره جواد قائلا

-عايزين نعمل فرج لجاسر وجنى، مينفعش البت تتجوز كدا

ربت على يديه قائلا

-البنت سعيدة مع جاسر ياجواد، عارف اني انصرفت من غير ماارجعلك وفهمتك أن جاسر اخدها بدون علمي، انا قولت كدا علشان اهدي عز وأعرفه اد ايه جاسر بيحب البنت

اومأ برأسه متفهما

-عرفت ياصهيب، عرفت كل حاجة بس اللي وجعني ازاي تكسرني بالطريقة دي وتوافق أن جاسر يفض شراكته بعز، مهما كانت اختلافاتهم بس اكيد هيجي يوم ويتصافوا

تنهد صهيب قائلا

-أنا قولت كدا وقتها علشان اهدي النار اللي بينهم، مكنتش اعرف الموضوع هيتطور كدا

رفع جواد نظره لصهيب قائلا

-عرفت أن عز جه يساومني بربى مكان جنى..طأطأ رأسه بخزي من أفعال ابنه

-عرفت ياجواد..قالها متألما حزين..رجع جواد بظهره على الفراش

-الولاد بيضيعوا ياصهيب، حازم اللي سافر ومنع ولاده بنزولهم مصر بعد مارفضت جواز جواد بجنى، وجنانه عليا اخر مرة، وادي عز وتهوره اللي وصله أن بنتي معدتش عايزاه، وابني اللي مطرود برة العيلة والكل نافره، حتى أوس قطع علاقته بيه، قولي ارتاح ازاي وولادي كلهم وقعوا

ربت صهيب على كتفه

-عدينا بأكتر من كدا نسيت ولا ايه ..سحب نفسا طويلا، وزفره على مراحل ..وآه خرجت متألمة

-لا ياصهيب المرادي الضربة شديدة في اكبر واحد من ولادي ..استمعوا الى صرخات نهى بالخارج

نظروا لبعضهما البعض، حاول جواد الخروج ..دلفت غنى إلى والدها

-بابا ألحق فيروز برة وعز هجم عليها وبيضربها

بمكتب يعقوب ولج أحدهما ...يعقوب باشا فيه حد جاب الظرف دا لحضرتك ...أشار له على مكتبه ووقف ينظر للمارة الذين يسرعون من شدة الأمطار ، ابتسم على بساطة الناس واستخدامهم لأشياىهم البسيطة لتقيهم من البرد، اتجه إلى المكتب وهو يرتشف قهوته ثم فتح ذاك المظروف وإذ به ينصدم من بعض الصور التي يكتب عليها ..عايزها تعمل اللي مكتوب عندك، والا مش هتشوفها حتى لو جواد الألفي بنفسه ادخل
 

الفصل العاشر من هنا



بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-