رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل السابع 7 بقلم سيلا وليد



رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل السابع 7 بقلم سيلا وليد 


الفصل السابع

احتاج اليك



كحاجة العصفور لجناح وليفه



فهلا ضممتني



مِن أينَ لي..



أن أُعاملَكَ كغريبٍ بعد أن كنتَ مَوطني؟!



أن أمُرَّ بجواركَ ولا أنتبه، بعدما كُنتُ أستشعركَ وبيننا أميالٌ وأميال؟!





مِن أينَ لي..



أن أنسىٰ ملامحكَ التي كُنتُ أحفظُها عن ظهرِ قلب؟!



أن لا أُمُيِّزَ صوتَك مِن بينِ ألفِ صَوت؟!





مِن أينَ لي..



أن تُصبِحَ شخصًا عاديًْا ومِن قبلُ.. كُنتَ روحي؟!



❈-❈-❈


انحنى بجسده وعيناه تغرز بفيروزتها:


-فيروز إنتِ طالق، عارف اني اتأخرت، بس معلش ملحوقة، متعرفيش إن رب الخير لا يأتي إلا بالخير


قالها ناصبا عودا معتدلا بوقوفه يطالع صدمتها ودموعها التي انهمرت بغزارة


-أكيد بتهزر مش كدا، مستحيل تعمل فيا كدا إنت بتحبني ياجاسر مش كدا، اعتدلت متأوه وتوقفت متجهة إليه


-حبيبي أنا آسفة متعملش فيا كدا لو سمحت، حاوطت خصره ووضعت رأسها على صدره تبكي بشهقات


-جاسر متمعلش فيا كدا، انت عارف بحبي


تراجع للخلف وأبعدها بهدوء


-فيروز أنا طلقتك، مفيش حاجة هتربطنا تاني، طلع بابا عنده حق، أنتِ متنفعنيش، حياتك غير حياتي


صرخت فيه بقهر:


-قولي بقى أخدت الامر من سيادة اللوا، ماهو أنا بنت المجرم، اللي ابوك اقنعك بكدا، عيلتي كلها مجرمين، إنما انتم طاهرين مش كدا ياحضرة الظابط


ظل واقفا بجموده وكأن كلماتها كالهوا لا تعنيه، فهتف وهو يضع كفيه بجيب بنطاله


-كل حقوقك هبعتهالك، شقة النيل هكتبها باسمك زي ماكنتي عايزة مؤخرك هيوصلك، كل ماتحتجيه هيكون عندك


دفعته كالمجنون وتناست آلامها تصرخ فيه


-مستحيل، مستحيل تبعد عني ياجاسر، ياتعيش معايا يااما مفيش حياة ليك مع غيري


ولجت والدتها بعد صرخات ابنتها


-مالك ياروزة بتصرخي كدا ليه، ثم اتجهت إلى جاسر


-يعني بقالك اسبوع مختفي ومحاولتش تيجي تشوفها ويوم ماتيجي تخليها تعيط


استدار متجها إلى باب الغرفة


-انتهينا يافيروز، وياريت تنسي في يوم انك قابلتي واحد اسمه جاسر..وزع نظراته عليها وأردف متهكما



-متخافيش الست ماما هتعرف تنسيكي بسرعة


ذُهلت سحر مما استمعت إليه، فأسرعت تمسكه من ذراعه


-يعني ايه كلامك دا!!


رفع نظره لكفيها على ذراعه، ثم إليها وجز على أسنانه ضاغطا عليها


-ايدك، متطاوليش على أسيادك، مش معنى كنت جوز بنت كنت بحترمك، قرفك كله عندي، نفض كفيها كأنها شيئا مؤذي


وأشار بسبابته إليها:


-لسة محسبتكيش على اللي عملتيه، أفوقلك بس يامدام


قالها وتحرك متجها للخارج


جثت فيروز على الأرض تصرخ باسمه


-جااااسر متسبنيش..اتجهت والدتها إليها


-الواد دا عمل فيكي ايه، فوقي كدا واحكيلي ايه اللي حصل



على بُعد بعض الكيلو مترات بمشفى اخرى، كانت الجميلة تغفو بالمهدئات وأصبحت كزهرة خريف تبعثرت وريقتها ..وبجانبها يجلس ابيها يحتضن كفيها ويطبع قبلة عليه


ولجت نهى إليه:


-صهيب حبيبي قوم ارتاح، الدكتور منعك من الحركة، لازم ترتاح لو سمحت


نظراته مصوبة على ابنته التي ذُبلت وأصبح وجهها شاحبا، استمع الى همسها باسم جاسر نهضت تصرخ وتضع كفيها على أذنها تنادي باسم مالك قلبها


احتضنها والدها يحاوطها كالطفل الرضيع


-اهدي حبيبتي أنا جنبك، بابا جنبك ياجنى..بكت بصوت تنفطر له القلوب


-بابا احميني يابابا، احميني..دلفت غزل إليهما


جلست بجوارها، تتلاقها من صهيب الذي انهارت قواه


-جنى حبيبتي..عاملة ايه ..تراجعت بجسدها تحتضن نفسها، توزع نظراتها عليهما، ثم وضعت رأسها على حافة الفراش وهمست بدموعها


-قالي استني حبيبتي أنا جايلك، احمي نفسك وانا جايلك، خوفت واستخبيت، قالتها وهي تنظر لأركان الغرفة كأنها تبحث عن أحدهما، فاستأنفت ببكاء كزخات المطر، هو اتأخر وهي سابتني لوحدي، صرخت كتير كتير ، بكت بشهقات وهي تنظر لوالدتها


-دورت عليكو، محدش جه وانقذني منهم، نظرت لنفسها وصاحت ببكاء مرتفع


-قطعوا هدومي، وانا فضلت اترجاه، قالي هتمتع بيكي على سرير ابن عمك عشان احصره عليكي..صرخت ودافعت عن نفسي وضربته يابابا، وناديت على جاسر كتير..قالي كلام وحش..وضعت كفيها على أذنيها وصرخت باسم جاسر كأنها تتعرض مرة أخرى للاعتداء


-جااااسر..صرخت بها تبتعد عنهم وهي تنظر إليهم بخوف كأنها لا تعرف احد منهم، اقترب صهيب محاولا السيطرة عليها عندما بدأت تمزق وجهها باظافرها ، نفسه هنا، امسحوا نفسوا من على وشي، بدأت تمزق وجهها كالمجنون..بكت نهى بشهقات عندما وجدت حالة ابنتها


تحركت غزل سريعا مسيطرة عليها بمساعدة صهيب وقامت بحقنها، رغم ارتجاف كفيها من حالتها التي تدهورت يومٍ بعض يومٍ


❈-❈-❈


ولج جواد بعدما استمع الى صرخات جنى عندما وصل إلى غرفتها


تحرك سريعا عندما فشل صهيب بحملها بسبب تعبه..حملها عنه ودثرها بالفراش وهي تهذي بكلمات لم تفهم


رفع بصره إلى غزل


-هي هتفضل كدا ياغزل، عايشة على المهدئات


جلست غزل بجوار نهى التي انهارت بالبكاء


ربتت على ظهرها وأجابت زوجها:


-للأسف ياجواد الحادثة كانت صعبة اوي عليها، ومننساش أن جنى أصلا حساسة، وكانت بتتأثر من كل حاجة


نظرت إلى صهيب بأعين تفيض المٍ


-صهيب لازم تتعرض على دكتور نفسي، مفهاش حاجة عضوية ..أطبق على جفنيه


ساعده جواد على الوقوف


-صهيب قومت ليه من سريرك، تعالى معايا..استدار بنظره الى ابنته


-وأسيبها لوحدها ياجواد، طيب لما تفوق ومش تلاقيني هتقعد تعيط وتخاف، دا أنا جنبها وصرخت ..انحنى يلمس وجنتيها التي قامت بجرحها


-شوفت عملت في نفسها ايه


صمت للحظات مستندا على جواد


-فين جاسر، اوعى تكون طردته زي ماسمعت ياجواد


تحرك جواد معه للخارج متجها لغرفته


-صهيب ارتاح، نتكلم بعدين..امسك كف جواد وبعيون ارهقها الحزن والألم


-انا عايز جاسر ياجواد ابعتله هاته..ساعده جواد في التسطح


-نام دلوقتي حبيبي وبعدين نتكلم، جاسر في شغله


وضع له ماسك التنفس عندما وجد تنفسه ضعيف، ممسدا على خصلاته


-ارتاح ياحبيبي حاول تتنفس كويس، سيف جاي هو ميرنا في الطريق بعد ماعرفوا اللي حصل


رفع الماسك وأردف:


-جواد مش عايزة زحمة، مش عايز بنتي تحس باختلاف في حياتها، كل واحد يرجع يمارس حياته زي الأول والحمد لله انها جت على أد كدا

ولجت مليكة بجوار جواد ابنها


-عامل ايه يا صهيب


هز رأسه ورسم ابتسامة


-كويس ياحبيبتي، مكنش المفروض تسافروا النهاردة، ليه ماسفرتوش


تحركت وجلست بجوار جواد أخيها تربت على كفيه


-حبيبي نطمن عليك وعلى جنى الأول


رفع بصره إلى جواد..احتضنها جواد من أكتافها


-ملوكة جنى كويسة، وصهيب كويس اهو، سافري حبيبتي ومتشغليش بالك بينا


نهضت غاضبة ونظرت إليهم بحزن


-يعني بتطردوني من حياتكم ياجواد، يعني مش كفاية طردتوا ولادي من ارتباط بناتكم وولادكم، جاين كمان مش عايزني اشاركم وجعكم وحزنكم


ذُهل جواد من حديثها، فنهض متوقفا بإتجاهها وسحب كفيها للخارج عندما ذهب صهيب بنومه



-ليه يامليكة بتقولي كدا، من امتى واحنا بنبعدك، انت شايفة حالة اخوكي ازاي، مش عايزين نتعبه


انسابت عبراتها وتحدثت بصوت متحشرج من البكاء


-ماهو انت مستخسر فيا اكون جنبكم ياجواد، معتبرني غريبة، دا حتى الغرب موجودين ومتكلمتش


قطب جبينه متسائلا:


-غرب!! مين دول


اقتربت تغرز عيناها بمقلتيه


-ريان ياجواد، ريان اللي من يوم الحادثة وهو ملازمكم، إنما لما قولت هبعت لحازم رفضت، وكأن حازم دا مش من العيلة


تنهيدة عميقة بأنفاس حارقة خرجت من جوفه


-مليكة أنا مش متحمل الضغط دا كله، كفاية تعب اخوكي، ومشاكل عز وجاسر، وجنى اللي يوم عن يوم حالتها بتدهور وانت جاية بتكلميني في ريان وحازم


زفرة محملة بالوجع وأشار على صدره


-هنا نار بتحرق اعصابي، انا ربنا اعلم بحالتي ازاي قادر اقف على رجلي، ابني اللي من اسبوع معرفش عنه حاجة، بعد ماطردته، حتى معرفش لقي مراته ولا لا..وحالة عز اللي مش عارف اسيطر عليه،


امسكها بعنف صارخ


-انا ببعد عز عن جاسر ياباشمهندسة عشان ميتهوروش ويؤذوا بعض، وصل بيا الحال افرق ولادي عن بعض


أشار إلى غرفة صهيب واستأنف غاضبا


-اللي جوا دا عنده شريان اتقفل خالص ومحتاج عملية في أقرب وقت، ردي عليا وقولي اساند مين ولا مين وانا بسند نفسي بالعافية عشان محدش ينهار، عشان منخسرش اكتر من كدا


ارجع خصلاته بغضب كاد أن يقتلعها وصاح معنفا إياها


-العيلة بتوقع، وانت مش حاسة بحاجة، مشفتيش عز بيعامل روبي ازاي، مشفتيش اتهاماته لجاسر..اهدي يامليكة مش وقت جواد ولا ريان ولاحتى حازم


قالها وتحرك سريعا


❈-❈-❈




بعد فترة وصل جاسر متجها إلى غرفة جنى، قابلته غزل على باب الغرفة


-حبيبي انت فين؟! ومراتك فين


كانت عيناه على غرفتها ..فتحرك متجها إليها


-هشوف جنى الأول ..أمسكت كفيه تهز رأسها رافضة


-نهى جوا، وبلاش ياجاسر، باباك قال ايه، ممكن تبعد حبيبي لما الدنيا تهدى


سحب والدته وأشار بسبباته


-ماما هدخل أشوف جنى، ياريت الكل يتقبل وجودي جنبها..وصل عز وبأعين يتطاير منها الشرر توقف أمامه يدفعه


-الواد دا بيعمل إيه هنا..أتى للكمه امسك ذراعيه جاسر، ونظر لمقلتيه بتحدي


-أنا عذرك بس هتسوق فيها هدوس عليك ومش هرحمك، اللي جوا دي مش اختك بس، ليا فيها أكتر منك


ثارت جيوش غضبه، فلكمه بقوة


-بتقول ايه ياحيوان.. شهقت غزل وهي تضع كفيها على فمها، تحاول أن تفصل بينهما ولكن كان بداخل كل واحد نيران تلتهم الآخر


استمع اليهم ريان الذي خرج من غرفة صهيب


زفر مختنقا، فالوضع أصبح مؤلمًا


-فيه ايه منك له، مفيش احترام خالص، طيب راعو أننا في مستشفى..اتجه بأنظاره إلى جاسر وتحدث بفظاظة


-جاسر الحكاية مش ناقصة يابني، ووجودك دلوقتي مش مستحب، بلاش نشوف قلبة جواد عليك، فلو سمحت امشي من هنا فورا قبل ماباباك يجي


ثم اتجه إلى عز


-عارف انك مجروح على اختك، بس دا ابن عمها يعني دمها ولحمها، متنسقش ورا غضبك يابني، الغضب نار بتاكل كل اللي يقابلها، وفكر في تعب أبوك


مسد على كتفه وأشار إلي جاسر


-انتوا قبل ما تكونوا ولاد عم فأنتم اخوات، بلاش شيطانكم يخسركم بعض


-يلا ياجاسر، امشي لو سمحت


-عمو ريان مش همشي غير لما أشوف جنى، هشوفها يعني هشوفها..كور عز قبضته يجز أسنانه


-الواد دا عايز اموته، شوفت ياعمو ريان بتقولي اخوك


فتح الباب ودلف مغلقا الباب خلفه..وكأنه لم يستمع إليهما ،أتى ليدلف خلفه امسكه ريان


-عز خلاص بقى سيبه يشوف بنت عمه، هو معذور انت مش شايف حالته، مرتاح كدا وانت شايف جاسر كدا، دا متأثر اكتر منك، اتلم كدا عشان اليوم يعدي على خير



❈-❈-❈


بالداخل كانت نهى تمسد على خصلاتها وتقرأ قرآن بجوارها، شعرت بدلوف أحدهما رفعت عيناها..وجدته متوقف على بعد بعض الخطوات


أشارت بكفيها، تحرك بخطوات سلحفية وعيناه تغشاها الدموع تظلل غيمته وقلب متهمشا من الحزن والوجع ، ظل يخطو كطفل يتعلم المشي وهو يبحر بعيناه عليها، جلس بجوارها ثم دنى يطبع قبلة على جبينها، وروحه تأن كوتر مقطوع ...دقق النظر بملامحها التي بهتت بالكامل، كور قبضته وشعر بالألم ينخر عظامه نخر عميقا..آهة بألف وجع من قلب متألم


-دي جنى، استدار يطالعها برماديته المغشية بالدموع،


لسة بتنام بالمهدئات


هزت رأسها


-لسة عايشة على المهدئات..سكنت هنيهة وهي تطالعه بصمت ثم تسائلت :


-معرفتش حاجة على مراتك


طالعها بتردد هو اتخذ قرارا أن لا يعلم أحدًا في ذاك الوقت


نظر للبعيد وكأن هذا الشخص تحول لشخص آخر، وأصبح زاهدا في كل شيئا ورغم صمته وهدوئه، إلا أن عيناه متألمة مجروحة


اتجه بأنظاره إلى جنى


-سقطت البيبي وطلقتها ياطنط، بس محدش يعرف


شهقة خرجت من فمها، تهز رأسها رافضة حديثه


-ليه يابني كدا، أنا مش مصدقة يكون ليها يد في اللي حصل لجنى متظلمهاش ياحبيبي


انسابت دموع الضعف والألم بآن واحد ولم يستطع تمالك نفسه أكثر من ذلك فانهارت حصونهم وهتف مؤكدا


-مش عشان كدا بس مع إني متأكد ، انا تعبان ومش مرتاح، ودلوقتي برجع الوضع لمسيره الطبيعي ياطنط


اتسرعت ياحبيبي كنت ادلها فرصة، مش كل اللي نظنه بيطلع صح..اتجه يجلس بجوار جنى وحاول تغيير الحديث


-ليه سايبة شعرها كدا، افرض الدكتور دخل، لبسيها حجابها لو سمحتي


ابتسمت وربتت على ظهره


-غيران عليها ياحضرة الظابط ولا إيه


كانت نظراته تبحر عليها


-إنتِ مش شايفة إنها تستاهل الغيرة..اتجهت لأبنتها ثم تحدثت بمغذى


-ايوة طبعا لازم تغير هي دي مش اختك ولا إيه


❈-❈-❈


جملتها أشعلت حقول النيران بصدره حتى احتل الغضب ملامح وجهه فهتف مزمجرا


-لا مش اختي، ومش عايز اسمع نغمة اختي دي تاني لو سمحتي ياطنط نهى، عشان معملش جريمة، كفاية ابنك المتخلف


لمعت عيناها مع ابتسامة زينت ثغرها ..ثم تنهدت متجهة بأنظارها إليه


-وكان ليه من الأول ياجاسر، عمك حاول يفهمك بس..رفع كفيه


-مع احترامي لحضرتك ياطنط ممكن منتكلمش في الموضوع دا


هزت راسها رافضة حديثه


-دا أهم حاجة لازم نتكلم فيها ياجاسر، ومتنساش أن جنى مخطوبة دلوقتي


زفرة حارة خرجت من جوفه ثم تحدث


-كانت مخطوبة ياطنط، دلوقتي هي مش مرتبطة، وزي ما بيقولوا كدا أنا أولى من الغريب


انفرجت شفتيها مذهولة لا تصدق ما تسمعه، هدأت ثم تحدثت بهدوء




-لا والله..قالتها مع رسم إبتسامة، ثم استأنفت حديثها قائلة


-يعقوب لسة معرفش اللي حصل لجنى عشان هو مش موجود في القاهرة، تفتكر لو يعرف هيسبها


-هيسبها مش بمزاجه اصلا


شهقة خفيضة خرجت من فمها، تهز رأسها



-لا دا انت فعلا اتجننت زي ماعز بيقول


-طيب ليه تجيبي سيرة المتخلف دلوقتي بس


-بص ياحبيبي أنا عارفة إنك بتحب جنى كأخت ليك، وعمايلك وكلامك دا عشان مشيل نفسك الذنب، خليك زي ماانت ياجاسر، اخوها الحنين بلاش تقنع نفسك بحاجة مش موجودة


لم يجد مايعبر به عن مايختلج صدره، لقد تعثرت الكلمات عند شفتيه وكأنه لا يعرف التعبير عن مشاعر دفنت بداخله حتى أصبحت كتلة نارية ستنفجر ..سكت هنيهة يسحب نفسا ثم زفره ببطئ قائلا


-مش هكدب عليكي وأقولك انا مبحملش نفسي المسؤلية، بس قبل دا كله جنى حد مهم جدا في حياتي، وقبل ما حضرتك تتكلمي كل اللي حصل بسبب جنى،


قطبت جبينها عابسة


-جنى..ليه عملت ايه؟!


ارتسم الألم داخل مقلتيه محدقا بها وقبضة حادة تسحق قلبه عندما لاحت ذاكرته لذاك اليوم


❈-❈-❈


فلاش


-جاسر..توقف مستديرا إليه


-عارف الوقت مش مناسب


بس فيه موضوع عايز اكلمك فيه، عايز اخد قرار وخايف من ردة فعل عز


طالعه منتظر حديثه


-أنا بحب جنى وخايف الموضوع يتفهم غلط


قشعريرة اختلجت كيانه، وتعلقت عيناه بجواد منتظر بقية حديثه والذي أشعر آنذاك بالوجع، وكأن أحدهم صفعه بآلة حديدية حتى فقد توازنه، فاستند على سيارته، وتسائل مهزوز الجسد مندفع النبض


-جنى بنت عمو صهيب،،قالها مبتلع ريقه بصعوبة


أومأ جواد مبتسما


أيوة يابني متعرفش ولا أيه، أنا وجنى على علاقة مع بعضهنا شعر بغصة منعت تنفسه حتى شعر بالأختناق فقام بفتح زر قميصه


فكنت عايزك تكلم خالو صهيب وتفهمه


استدار بجسد مترنح وخطوات متعثرة، يهز رأسه عندما فقد الكلام واستقل سيارته متحركا بسرعة جنونية، ونار العشق تلتهب صدره بل اعضائه بالكامل


توقف بالسيارة على جانب الطريق وهو يكور قبضته بعنف حتى شعر بتلك القبضة تعتصر فؤاده بالكامل، امسك هاتفه


❈-❈-❈


-جنى إنتِ فين


تسائل بها والغضب المحموم يكاد يندلع من حدقتيه وونفور عروق رقبته..أجابته


-خارجة من الجامعة وعندي ميعاد مع جواد، ليه فيه حاجة


باتت عيناه زائغة ونبضاته تهدر بعنف، فكور قبضته بعنف يجز عليها بأسنانه..أخرجته من حالته عندما تسائلت


-هتروح لغنى المستشفى، لو هتروح نتقابل هناك


-إن شاء الله..هقفل عندي شغل..قاطعته صارخة


-كنت عايز حاجة!!


-لا ..قالها وتحرك بالسيارة متجها إلى المشفى، وصل بعد قليل قابله ياسين


-جاسر كنت فين بتصل بيك مبتردش


-فيه حاجة ولا ايه ؟!


همس له


-البنت اللي في الشقة الدادة بتقول رافضة الأكل وبتسأل عليك..فاق من ذكرياته على صوت نهى :


-جاسر عمك صهيب كان بيسأل عليك، يبقى عدي عليه، وبلاش تطول عند جنى عشان عز وباباك


اومأ برأسه، نهضت متحركة للخارج ..تراجع بجسده على المقعد وهو يرسمها بعينيه


انحنى قائلا


-عارفة لو حاسة برجفة قلبي اللي حاسس بيها دلوقتي كنتي قومتي وضحكتي قولتي


-قاعد كدا ليه ياجاسورة، عندي وجع يكفي العالم كله ياجنى


-ليه عملتي فينا كدا، طب بدل ماحبتيش جواد، ليه قولتي انك بتحبيه وفجأة رجعتي في كلامك، طب لو فعلا عشان استقل بيك قدام الناس، دا سبب يخليكي تكرهيه..هتجنن يابنت عمي والأسئلة دي بتضرب عقلي، وكل ماأسألك تقولي نصيب


انحنى مقتربا منها أكتر


-موضوع يعقوب بتلعبي بيه ليه جنى، قصدك ايه من الحركة دي، ماهو متقنعنيش انك بتحبيه، تبقي هبلة ومتعرفيش أنا حافظك اكتر ماانت حافظة نفسك


احتضن كفيها يلثمه، ثم ربت عليه وتحدث إليها كأنها تستمع إليه


-هروبك بخطوبة يعقوب مالهاش غير تفسير واحد يابنت عمي، ولو فعلا الموضوع كدا، هنزعل من بعض جامد، وهعاقبك جامد أوي ياجنى، صدقيني على أد حبي ليكي على أد ماهيكون عقابي انك بتهربي مني بخطوبتك


تنهيدة عميقة غادرت ضلوعه حتى شعر بتكسرها فتحدث بأسى :


-هنتعاقب كتير اوي ياجنى، وشكلنا هنتعب مع بعض، بس متخافيش عقابك هيكون جوا حضني، انحنى وهمس بجوار أذنها


-اتأكد بس من شكوكي وصدقيني وقتها محدش هيرحمك مني، حتى قلبي دا مش هيشفعلك


❈-❈-❈


ولج عز يدفع الباب بغضب


-ايه القعدة عجبتك ولا إيه ياحضرة الظابط..لم يعريه إهتمام وانحنى يطبع قبلة على وجنتيها أمام عز، الذي ثارت جيوش غضبه فجذبه بعنف للخارج


-انت عايز ايه يلا، عايز توصل لأيه


انزل يد عزبهدوء مستفز وهو يرمقه بتحذير فهتف بهدوء رغم حزنه منه


-انا لحد دلوقتي بتعامل معاك على أساس الأخوة ياعز، بلاش تخليني أفقد اعصابي عليك


لكمه عز بوجهه، رد عليه جاسرلكمته


-مالك ياحيوان منك له، ايه شغل الأطفال بتاعكم دا، مفيش احترام خالص


دفع جواد عز بكفه بعيدا، ثم اتجه لأبنه


-ايه اللي جابك، أنا مقولتلكش متجيش..نكس رأسه أسفا وقال بألمًا يعتصر ماتبقى من روحه المعذبة


-هفضل منفي لحد امتى، مقدرتش ابعد اكتر من كدا يابابا، رفع بصره لوالده وهتف


-جاي اصحح اخطائي..أشار بكفيه إلى ممر الخروج


-امشي ياجاسر من قدامي دلوقتي، انا لسة محسبتكش، لكزه بصدره وأشار بسبباته


-خليك فاكر أنك متحسبتش لسة، امشي دلوقتي من قدامي مش عايز أشوف وشك


ابتلع ريقه بصعوبة واختلج صدره بالذنب فتحدث


-بابا أنا جاي وطالب السماح، ومستعد لأي عقاب


شعر ببعض تأنيب الضمير بعدما لمح الألم بعين أبنه، هو يعلم أنه يضغط عليه، ولكنه اضطره لذاك عندما لم يستمع إليه منذ البداية


رسم قناع بارد على ملامحه يعكس غليانه القابع بصدره فتحدث دون نقاش:


-بعدين نتكلم اطمنت على بنت عمك خلاص امشي


وصلت نهى إليهم


-جاسر عمك صهيب عايزك..اومأ ثم نظر لوالده حتى يشفع له ولكنه استدار يواليه بظهره..تحرك متجها إلى غرفة عمه، بينما اتجه جواد إلى عز وامسكه بعنف من ذراعه


-من امتى وانت عدواني وحلوف كدا يلا، هتتلم ولا ألمك انا


تسارعت انفاس عز محاولا السيطرة على أعصابه فرفع رأسه لعمه


-قولي حضرتك ياعمو، لو واحدة من بناتك أنا عملت فيها كدا، هيكون رد فعلك ايه


❈-❈-❈


دفعه جواد بعيدا عنه بحركة قاسية مليئة بالنفور، وأشار بسبباته متوعدا


-اغلط ياعز، اغلط كمان، جنى دلوقتي مش بنتي وانت مش ابني..لكزه بقوة ارتد من خلالها عز للخلف والغضب تلون بملامح جواد وامتزج بنبرة صوته الفظة


-انا كنت عاذرك وقولت مصدوم بس هتستهبل هخليك تكره نفسك


انكمشت ملامح عزباعتراض تجلى في نبرته:


-دا كله عشان قولت لابنك ابعد عن اختي


-ابن مين يلا..هو دا مش اخوك، حاولت غزل التدخل


-جواد أهدى، متنساش ضغطك لو سمحت


لم ينظر إليها ولم يهتم ب حديثها، وصل إليه يمسكه من تلابيبه


-انت عملت اكتر من كدا ياحيوان، فمتفكرش نفسك برئ، كانت عين جواد تلقي اليه سهاما مشتعلة فستأنف بقسوة


-متعمليش ملاك، عشان مدوسش عليك، دفعه بقوة واستدار ليتحرك ..كانت تقف والدموع تنساب على وجنتيها في اشتداد الحوار بين والدها وزوجها


اتجهت إليه بعد مغادرة والدها ..توقفت أمامه


-عز ..متزعلش من بابا وجاسر، انت لسه مُصر إن جاسر أذى جنى


تلاقت عيناه بعينها وتعالت أنفاسه الحارقة بنيران الغضب المنبعثة منه بعد حديث جواد


-عشان اخوكي حقير يادكتورة، اخوكي ساب اختي وراح اتجوز واحدة معندهاش ضمير كانت هتضيعها، ايه الغل والحقد دا كله، مسح على وجهه بعنف ثم رفع بصره إليها وألقى عليها حديثه الذي جعل جسدها ينتفض


-والله لأندمه واحرق قلبكم عليه، على أد وجع وانكسار اختي لازم اكسرك ياجاسر


قالها وتحرك مغادرا وخطوايه تأكل الأرض كالنيران التي تلتهم القمح


❈-❈-❈


بالداخل عند صهيب


دلف جاسر وهو منكس الرأس، وجسده يرتجف ألمًا وحزنا على عمه


خطى بخطى سلحفية يقدم قدما ويتراجع بالأخرى، وعيناه على عمه الذي رفع نظره يطالعه بصمت


وصل إليه وظل واقفا وكأنه صم بكم لا يعلم كيف الحديث


لوى صهيب شفتيه ساخرا ثم تحدث:


-دا ايه الادب اللي نزل عليك فجأة يابن جواد..رفع نظره لعمه وتعلقت عيناه المتألمة بعين صهيب المتسامحة


-آسف..قالها بكل ندم من قلبه، ثم انحنى بأحضانه عندما رفع صهيب ذراعيه إليه


-تعالى ياأهبل يابن العبيطة


ألقى نفسه بحضن عمه وظل يبكي بشهقات مرتفعة وهو يهمس بصوت متحشرج بالبكاء


-مكنش قصدي نوصل لكدا، مكنتش اعرف والله ياعمو، صدقيني لو اعرف نصيبي هيكون كدا مكنتش حاولتاحتضنه صهيب يربت على ظهره قائلا:


-متحملش نفسك فوق طاقتها ياحبيبي ..دا كله قدر ومكتوب


آه حارقة خرجت من جوف جاسر وهو يبكي بحرقة ونبض قلبه ينتفض بأنين


-قولي آدوي الجرح ازاي ياعمو، والجرح عميق مالوش دوا ياعمو


أخرجه صهيب من أحضانه محتضنا وجهه يزيل دموعه بأنامله


تواصل بصريا بينهما مع بكاء جاسر وضعفه أمام صهيب، أطبق صهيب جفنيه بقوة يعتصره، ثم فتح عيناه قائلا:


-جاسر..انسى كل اللي حصل، نهى حكتلي على اللي حصل معاك، عايزك متزعلش من عز وأبوك


أشار للمقعد بعينيه


-اقعد عشان كلامنا هيطول


جذب المقعد وجلس بجوار عمه ..ران صمتا بالمكان لبعض الوقت حتى قطع الصمت صهيب


-بتحب جنى ياجاسر؟!


انحبس النفس بصدره، حتى شعر بإنسحاب الأكسجين من المكان ونبضاته تتسارع، طال النظر لعمه بالصمت وعقله يأبى البوح بما يشعر به، وقلبه يشير بالبوح بكل مايشعر به، فالقلب يعشق بكل جوارحه حتى أصبحت حياته مرتبطة بعشقه لها، وهذا ما علمه بعد حادثتها الذي تمنى موته حينها لا محالة


حمحم صهيب حتى يقطع صمته ثم تسائل:


-لدرجة دي السؤال صعب يابن اخويا


اشاح بوجهه بعيدا عن عمه عندما انسابت دموعه فهتف بهدوء رغم نيران عشقه


-حياتي بجنى زي القلب للجسم ياعمو، عايز تموتني أبعدها عني ..مش هقولك غير كدا..قالها بنبرة شجية حزينة خرجت متمزقة بلهيب العشق


تنهيدة مؤلمة اخرجها صهيب على ماوصل الحال إليه ..


-اسمعني ياجاسر كويس، وافهم معنى كلامي ياحبيبي ، انا بقالي يومين بفكر لحد ما وصلت للحل اللي هقولك عليه، بس اوعدني الأول الكلام دا يفضل بينا سر، وحاجة كمان لازم تفهمها


وعدك هتتحاسب عليه لو منفذوتش


أومأ برأسه منتظر حديثه


سحب نفسا ببطء عندما شعر بإختناق تنفسه ثم تحدث بصوت ضعيف


-انا هدخل عمليات بعد يومين، ومش عارف هطلع منها ولا لا


-الف سلامة عليك ياعمو، وسامحني انا السبب في وجع قلبك


ابتسم صهيب بخفوت واستأنف حديثه:


-سبني اكمل، عارف إنك السبب في دا كله، عشان لو سمعت كلامي من الأول مكناش وصلنا لكدا، بس برجع وأقول كله قدر ومكتوب ياحبيبي ..انا اتكلمت مع باباك امبارح وهو رافض اللي هقولك عليه، ومسبليش خيار تاني، لازم اطمن على جنى


لأحظ جاسر ارتجافة طفيفة بجسد عمه، فجذب كفيه يربت عليه


-هعملك كل اللي تؤمر بيه ووعد، لو عايزاني ابعد عن جنى، اوعدك مش هقرب منها، المهم متزعلش مني، ومتفكرش كلامي لعز تهديد، انا كنت مضايق وبسكته وخلاص


رفع صهيب كفيه المرتجف، وصفعه بخفة على وجنتيه


-اسكت ياحمار، بطل هبل، انت بتفكرني بأبوك زمان، اللي عايز افهموهولك ياحبيبي متدفنش اي مشاعر جواك، سواء حب او غضب


صمت لأخذ أنفاسه، شعر بتقطع نفسه، فأمسك الماسك التنفسي ووضعه على وجهه لبعض الدقائق، وجاسر يتابعه بأنظاره الحزينة..


بالإسكندرية وخاصة بمنزل بيجاد وغنى


ولج إلى منزله بعد يوما شاقا من العمل..هرولت إليه على الدرج


-بيجاد اتأخرت ليه


رفعها من خصرها ثم طبع قبلة على وجنتيها


-معلش حبيبي كان عندي كام اجتماع كدا


سحبته من كفيه بعدما نادت العاملة


-خدي شنطة البيه دخليها اوضة المكتب، وجهزي الغدا


-تحت أمرك يامدام..قالتها العاملة وغادرت


جلس على الأريكة يتمدد بجسده يضع رأسه على ساقيها ..مسدت على خصلاته


-قوم خد شاور عشان تتغدى، وبعد كدا ارتاح


اغمض عيناه ثم تحدث


-غنى اعمليلي مساج، حاسس دماغي هتتفجر..انحنت بجسدها تطبع قبلة على خاصته ثم غمزت بعينيها


-يعيني على الحلو لما تبهدله الأيام..اعتدل يقهقه عليه، ثم جذبها حتى جلست بأحضانه


-لا حبيبي شمتان فيا


رفعت حاجبها بسخرية


-أيوة شمتانة، وفرحان كمان، ثم انكمشت ملامحها بألم وتبدل حالها


-مش قولت هنسافر القاهرة النهاردة، قلبي وجعني على جاسر اوي


حملها متجها للأعلى


-اديني يومين بس حبيبي اخلص الاجتماعات المركونة عندي، وهننزل، أنا أقدر ارفض لغنايا طلب


حاوطت عنقه ثم وضعت رأسها على صدره


-بيجو حبيب قلبي بعشقه اوي أوي


-أيوة يابنت جواد طول ماانا بنفذ أوامرك بيجو وحبيب قلبك ووقت لما أقولك لا


يامفتري يامنحرف يادكتاتور



ارتفعت ضحكاتها الناعمة وهي تهز ساقيها


-ابدا ابدا انت ظالمني، انزلها بهدوء يغمز بعينيه


-هشوف دلوقتي ياغنون الدكتاتوري هتعملي معاه ايه


نظرت حولها ثم جحظت عيناها متراجعة للخلف


-جايبني هنا ليه يابن المنشاوي ..ارتفعت صوت ضحكاته وهو يضرب كفيه بالأخرى


-مش بقول بتقلب بسرعة


جذبها بقوة ثم حاوطها بذراعيه


-الست اللي بتدخل الحمام مع جوزها بتعمل ايه،، قالها غامزا بعينيه


رفعت ذراعها تحاوط عنقه ثم هتفت مازحة


-بيغسلوا سيراميك الحمام ياحبيبي


انحنى يضع رأسه بتجويفها


-وأنا عايز اغسل السيراميك ياغنايا..تسمرت بوقفتها محاولة الفكاك من قبضته


-بيجاد وسع كدا..حملها مرة أخرى وولج لداخل كابينة الحمام


-والله مايحصل ابدا


عند ربى وعز


بعد عدة ساعات ولج الى غرفته كانت تجلس بالشرفة تنظر للخارج بشرود، ويظهر على ملامح وجهها الحزن


شعرت بوجوده، استدارت تنظر إليه بصمت .. سحب نفسا وزفره بهدوء ثم اتجه إليها


-قاعدة كدا ليه..نهضت متوقفة أمامه


-هجهزلك الغدا..قالتها وتحركت ولكنه عرقل مشيها بالوقوف أمامها، سحب كفيها واتجه بها إلى الفراش


-اقعدي لازم نتكلم..شعرت بقبضة تعتصر قلبها ولا تعلم لماذا، ناهيك عن شعورها السيئ الذي يقتنص روحها


رفعت عيناها الرمادية التي يغطيها طبقة كرستالية من الدموع


-لو هتقول كلام يزعلني ياعز، بلاش تتكلم لو سمحت ، استنى لحد ماتهدى، بلاش تنساق ورا غضبك وبعدين نخسر حاجات منعرفش نرجعها تاني


ابتعد ببصره عن عيناها الحزينة وهتف


-روحي اقعدي اليومين دول عند باباكي، انا الأيام دي مجروح وممكن اجرحك معايا..قالها ونهض متحركا


نظرت بذهول لظهره الذي ولاها إياه فهمست بتقطع


-بس أنا مش عايزة ابعد عنك ياعز..كور قبضته واستدار إليها بلهيب غضبه


-هتقدري تقاطعي اخوكي، هتسمعي الكلام لو قولتلك انسي أن ليكي اخ اسمه جاسر


بعينين متسعتين هتفت بذهول


-أكيد انت مجنون مش كدا، ايه اللي بتقوله دا، عايز تحرمني من اخويا


أشار عليها ساخرا


-شوفتي يادكتورة، اهو قولتي عليا مجنون، ياكدا ياتروحي بيت ابوكي قالها وتحرك مغادرا


هوت جالسة على الأريكة عندما شعرت بدوران الأرض تحت أقدامها، انسابت عبراتها تهمس


-لدرجة دي ياعز ..تبعني انا


مرت عدة أيام


ذات مساءٍ وصل للمشفى، صعد لغرفتها وجد يعقوب يجلس بالخارج بجوار عز


ولج للداخل دون حديث، نهض عز خلفه، وجده يحمل جنى متحركا بها للخارج


-انت بتعمل إيه يلا..ركله بقوة حتى تراجع للخلف قائلا:


-ابعد عني عشان مزعلكش،وهوديها لدكتور تاني، ثم تحرك متجها بها للأسفل، قابله جواد الذي يخرج من غرفة العناية


-واخد بنت عمك على فين..احتضنها يوزع نظراته بينهم، ثم تحدث إلى والده بهدوء، رغم نيران قلبه


-بابا لو سمحت خليني امشي جنى لازم دكتور نفسي يشوفها غير دا ، من فضلك متمنعنيش عشان معملش حاجة تزعلكم ...صفعة قوية على وجهه، ثم تلقى جنى بين ذراعيه، هاتفا بغضب


-وريني كدا هتعمل ايه يزعلني..توقف متسمرا بمكانه ينظر لوالده الذي دلف بها للغرفة، استمع الى عز


-احمد ربنا أن ابوك انقذك مني..اتجهت نهى إليه


-جاسر امشي دلوقتي وخليك اد وعدك ياحبيبي..ياريت تشغل دماغك شوية ياحضرة الظابط




فتحت الجميلة عيناها تنظر حولها بذهول تكتشف أين هي، اعتدلت تنظر لثيابها التي بدلت حاولت التذكر ولكن لم تستطع كأنها أخذت حبوب فقدان الذاكرة..استدارت تنظر لذاك الكومودو، وجدت به تلك البطاقة، وبجانبها هاتف


فتحت البطاقة وقرأت مابداخلها


عشقي لكِ



يشبه الادمان اعلم أنه مؤذي ولكن راحتي فيه••



متل المطر يصيبني بالبرد ولكني مغرمة به



#جنى_الألفي




قطبت جبينها ثم اتجهت للهاتف و



جذبته ثم فتحته، لم يوجد به سوى رقمٍ واحد


قطبت جبينها متسائلة


-رقم مين دا؟! وأنا فين..المذهل أن صورتها على الهاتف


امسكته بيد مرتعشة وهاتفت الرقم الذي يسجل



كان هناك في تلك الغرفة يستند بساقية الموضوعة على المقعد وهو يشاهد ذاك المكبل من ذراعيه وأقدامه ويوضع بأسفله تلك النيران التي تشتعل أسفله وهو يصرخ، ووجهه الذي تشوه بالكامل بتلك المادة الحارقة


جلس ينفث تبغه بإستمتاع من صرخاته وهو يراقبه بصمت لبعض الوقت..ألقى سيجاره واتجه إليه يجذبه من خصلاته بقوة قائلا


-لسة لسانك عايز اقطعه عشان كلماتك القذرة تحرم تطلعها على أي بنت..قالها وهو يلكمه بقوة بوجهه حتى شعر بكسر أنفه


استمع الى صوت هاتفه، أخرجه ينظر لتلك الصورة التي أنارت هاتفه فهتف


-صباح الورد..قطبت جبينها متسائلة


-انت مين ..قهقه عليها واردف مازحا


-انا اللي متصل ولا إنتِ، أكيد واحدة حلوة بتعاكس واحد حلو زيي


-جاسر..همست بها وهي تنظر حولها بذهول ..توقف وهو يستمع الى لحن اسمه بنبرتها الشجية التي أرسلت إلى روحه ملاذا ككأس خمر ليتخدر ويجعله بحالة سكر بعشقها فقط


أجابها بنبرته الهادئة التي تخصها وحدها


-عيون جاسر..وكأنها لم تستمع إلى حديثه فتسائلت


-انا فين ياجاسر، وايه المكان دا


ارجع خصلاته المتمردة على وجهه وآهة ابلغ من أي رد وروحه تعانق قلبه وهو يجاوبها


-انتِ في قلبي ياجنجون، نص ساعة وأكون عندك حبيبي متخافيش، مفيش غير قلبي اللي عندك ودا عمره مايأذيكي
 

الفصل الثامن من هنا


بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-