رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 (انشودة الاقدار) الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم نورهان ال عشري



رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 (انشودة الاقدار) الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم نورهان ال عشري 



 بسم الله الرحمن الرحيم 


الأنشودة الخامسة و العشرون 🎼💗


تلاحمت قلوبنا فمن يقدر على فُراقها ؟ واهتدت ارواحنا بعِناق الأمل في غدًا يجمعنا بعالمًا يخلو من آثام الماضي و أخطاء الحاضر ، فأنا بكل ما أمتلك من كبرياء و ألم أحتاجك ، و رغمًا عن غروري وعنادك سأصنع من حُطامنا جدارًا قويًا تتكئ عليه قلوب أضناها الأسى ولن يروي شجوجها سوى التلاقِ .

تالله استحلِفُكِ حبيبتي باسم الهوى الذي آلف بين قلوبنا يومًا أن تصفحي عن قلبٍ ما أعياه سوى الفراقِ .


نورهان العشري ✍️ 


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


إما ان يقتُل وجعه المُتمثِل بها أو يُقتَل عشقًا بين ذراعيها ولو كان قسرًا لذا قمع رغباته الشيطانية في تلقينها عقابًا تستحقه و قام بسَفَح شوقه فوق شفاهها بضراوة افزعتها فقد كانت قسوته أمرًا مُستحدث بينهم كذلك الألم الباتر الذي يجتاح صدره كلما تردد بمسامعه تصريحها المقيت بكرهها له فأخذ يقسو في عناقه و احتوائه و كأنه قاصدًا فرض سطوة وجوده على سائر كيانها الذي كان ينتفض بين يديه ليكُن بمثابة صاعقة كهربائية لقلبه الذي استفاق من لُجة الغضب التي اجتاحته ليدفع بـ تلك القسوة بعيدًا و يقايضها برفقٍ لا حدود له فصار ينثر بتلات عشقه فوق ضفتي التوت خاصتها و فوق قسمات وجهها و كأنه يعتذر عن قسوته وقسوة العالم معها مما أيقظ الوجع من ثباته اللحظية لـ يجعلها تقول بأسى

_ ابعد عني . 


لم يرتضي قلبه بغيرها ، و لن تكتمل روحه دونها و لن يقبل الهزيمة أو الإرتضاء بفراقها لذا غمغم بخشونة وهو يُشدد من احتوائها 

_ هشش . سيبني اشبع منك و بعد كدا اعملي اللي أنتِ عايزاه .


يرى العشق عيانًا في نظراتها يستشعر الشوق الذي يتساقط مُرافقًا لـ عبراتها لذا قرر تجاهل صوت الكبرياء الذي يتحكم بها و قال بهسيس خشن

_ اعتبريها لحظة مسروقة من الزمن . لا انا ولا أنتِ هنتحاسب عليها ، و خليكِ في حضني . 


إغواءٍ قاتلًا لـ قلب يهفو لنسمة هواء قد تحمل رائحته . ذلك الرجل الذي ينحصر العالم بعينيه ولو ذاقت من العذاب ألوانًا يتحول رمادي أحزانها بحضرته إلى قوس زاهي مُشرِق 

_ وحشتني اوي .


تغلب صوت القلب و تولى دفة القيادة فقام بحملها بحنو اشتاقت له كثيرًا بين يديه حتى أنها غاصت معه للحد الذي جعلها غفلت عن تلك المسافة التي قطعها إلى غرفتها بالقصر لـ تتفاجيء بصوت إغلاق باب الغرفة فـ غمرتها موجة حياء قوية جعلتها تتململ بين يديه التي اشتدت و كأنها طوق حديد صُنِع من نيران العشق الغاشم الذي جعله يزمجر مُحذرًا

_ مش هسيبك . متحاوليش . 


إعلانًا رائعًا كانت أكثر ما تحتاجه في تلك اللحظة لذا استكانت بين يديه التي اراحتها فوق مخدعها برفق لتجد نفسها في مواجهة ضارية مع عينيه اللتين تبدلت غيومهما العاصفة إلى أخرى داكنه أذابت عظامها لفرط ما تحمله من رغبة قوية و مشاعر عميقة ولكنه لم يتحرك أو يقترب أكثر بل ظل على حالته يُطالعها بصمت جعلها تهمس بخفوت

_ ساكت ليه ؟ 


_ وحشتيني . 


باغتتها إجابته و كان الرد استفهامًا مُحيرًا من جانبها لما لم تقترب إذن ؟ و كأنه استشعر سؤالها ليُجيبها بسلاسة أهلكتها تحت وطأة ما تحمل من مشاعر 

_ بملي عيني من ملامحك ، اضحكي . 


رغمًا عنها تشكلت ابتسامة بلهاء على وجهها من كلمته التي بدت غريبة على الموقف المُحيط بهم ولكنها كانت بمثابة إطلاق سراح لـ أنفاسه الأسيرة بداخل صدره منذ رحيلها و الآن خرجت بسلام بعد أن قُرت عينيه بضحكتها الرائعة

_ وحشتني ضحكتك أوي . 


رغمًا عنها انساقت خلف عشقها فقد تخدرت أوجاعها أمام كل هذا الهِيام الذي تراه يتساقط من بين حروفه المُشبعة لقلبها و غرورها الأنثوي 

_ أنت كمان وحشتني اوي ، انا مش مصدقة انك هنا . 


انتشى قلبه بكلماتها التي أوقدت حمية العشق بقلبه فاقترب يُضمِر رأسه بين حنايا عنقها تاركًا لشفتيه العنان لتنقش خطوط شوقه الضارية فوق ساحته فـ غيبها معه في عالم رائع يعُج بمشاعر ضارية كان ختامه صرخة قوية شقت جوفها حين شعرت بأسنانه القوية تُغرز بـ جلدها الطري فدفعته عنها بغضب تجلى في نبرتها حين قالت 

_ سليم . وجعتني . انت بتستهبل ؟ 


باغتتها إجابته حين قال بغل

_ اه بستهبل . زي ما أنتِ استهبلتي كتير و عدتلك . اقولك الصراحة أنا متغاظ منك أوي . 


برقت عينيها من كلماته التي أوقدت نيران القتال بصدرها فدفعته بيديها و هي تقول بحنق

_ طب اوعى بقى و إياك تقربلي تاني . 


لم يتزحزح قيد أُنملة على العكس شدد من إلصاقها به وهو يقول بوعيد 

_ مش عايز افاجئك و اقولك اني مش هعمل حاجه بعد كدا غير اني اقرب منك و أقرب اوي لدرجة اني احتمال البسك كلبشات عشان متبعديش لحظة عني . 


توقف عقلها عن العمل لثوان فكلماته توحي بمدى رغبته في قربها ولكنها كانت تُقال بطريقة مُستفزة جعلتها تقول بسخرية

_ ابقى شوف مين هيسمحلك ! 


_ بقى استغنيتي غني و روحتي لدكتور نفسي يا ست هانم ؟ 

لا ينفك هذا الرجل يُفاجئها حتى أن عقلها أصبح مُرهقًا وها هي لم يمضي على وجودها معه سوى عشر دقائق لذا أدارت رأسها للجهة الأخرى لـ تُطلِق العنان لـ زفرة حارة في العبور من بين شفتيها علها تُهديء كل تلك النيران التي بداخلها ، و سرعان ما توقفت الأنفاس بصدرها حين تفاجئت بشيء رطب يستقر فوق مقدمة صدرها و الذي كان عبارة عن قبلة رطبة نقشتها شفاهه فوق موضع نبضها وحين التفتت تناظره باغتها حين قال بلهجة تحمل عتابًا خفي


_ بتقوليله ايه انا معرفوش ؟ 


همست بأنفاس مقطوعة 


_ بقوله اللي في قلبي . 


_ قلبك الخاين بيقوله أسراري و يخبيها عني !


_ قلبي مش خاين قلبي لقى حد يسمعله من غير غضب و زعل و خناق .


قست عينيه و شابهتها لهجته حين قال بوعيد أخافها

_ حلو اديني سبب كمان عشان اخلص عليه !


هتفت بصدمة 

_ ليه بقى ؟


«سليم» بنبرة جافة

_ عشان شاركني في حقي اني اكون انا الوحيد اللي عارف اللي جواكِ . أخد مساحات مش مسموحله بيها . مساحات تخصني أنا و بس . زي ما أنتِ كلك على بعضك تخصيني . 

 

همست بنبرة مُلتاعه تُخفي ضجيج قلبها بكلماته العاشقة

_ انت عارف كل اللي جوايا بس مش قادر تفهمه .


_ محدش في الدنيا هيفهم اللي جواكِ قدي ، و محدش في الدنيا هيحس بيكِ زيي . حتى لو قسيت حتى لو اختلفنا . حتى لو الظروف في وقت من الأوقات كانت أقوى مننا أنتِ ليا بكل ما فيكِ لازم تفهمي كدا. 


هتفت بلوعة

_ سليم .


قاطعها بحدة

_ متقاوحيش ، و متفكريش اني هقولك متروحيش . بس أنتِ بتضيعي وقتك دكتورك موجود .


أجابته بعتب لامس زوايا قلبه


_ الدكتور بيداوي مش بيجرح على فكرة !


رقت عينيه و اقترب يُزين جبهتها بقبلة اعتذار غفل عن نطقه ليقول بعبث


_ انا بعمل كل اللي تتخيليه و اللي مش تتخيليه و الجرح اللي سببته اقدر اداويه ، و مفيش في الدنيا حد يقدر يعمل كدا غيري و لا ميت دكتور .


اهتزت دواخلها و زلزلت كلماته ثباتها ولكنها لازالت موصولة بحبال جراحها منه فقالت بجفاء

_ مشكلتك انك أناني . بتدي نفسك حقوق و تحرمها عليا


_ انا اناني فعلًا . بس أنتِ غبية عشان بتستنيني اديكِ حقوق هي اصلًا من حقك . مش محتاجه إعلان مني بيها .


يلاعبها و يُلقي اللوم عليها إذن ! تلك المرة باغتته حين قامت بدفعه لتُصبح هي أعلاه بحركة خاطفة لم يتوقعها منها كما كلماتها حين قالت 

_ حقوقي ! قولتلي ، طب و بالنسبة لغضبك اللي بيخلي قلبي يرجف من الخوف ياترى له علاج انا معرفوش دا كمان ؟ الداء اللي معتقدش أنه له دوا في أي مكان في الدنيا ؟ له عند سيادتك اي اقتراحات ؟


تلك الحركة التي فعلتها وعينيها اللتين كانتَ تبرقان غضبًا أثنت عقله عن العمل ليتوقف كل شيء أمام فتنتها التي يحاول منذ البداية مُقاومتها حتى يصل معها إلى برًا تأمن وقلبه على مرساه لكن الآن تبدلت الرؤيه و أصبح شوقه و فتنتها يتراقصان أمام نظراته بإغواء قاتل لم يسعه تجاوزه لذا قال بنبرة مُوقدة و أنفاس مقطوعة

_ دوايا و دائي في الدنيا أنتِ . 


انهى جملته و بحركة خاطفة امسك بيديها اللتان كانتَ تستند على صدره لتسقط فوق شفتيه مُباشرةً فقد نفذ مخزون الصبر لديه و ضاق قلبه بكل ذلك الشوق الذي أغدقها به حتى وقعت أسيرة بين ذراعيه لا تبغي الرحيل أبدًا فالأسر بين يديه حرية و العشق بين ذراعيه حياة لا تبغي سواها ، فأخذت تُبادله ضراوته بأشد منها حتى تخلت عنه آخر ذرة تعقل لديه ليُسقط جميع الأقنعه و الحواجز بينهم و يلتحم شقي الرُحى في ملحمة شرسة طالت كل شيء حولهم و صار صخب أصواتها سيمفونية عاشقة اطربت جدران الغرفة التي شهدت عن اكتمال قلوب ظنت أن الضياع مصيرها الدائم .


★★★★★★★★


{قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا}

صدق الله العظيم 

عند مرور تلك الآية الكريمة على مسامعه شعر بقشعريرة تضرب سائر جسده فهل للغفران مجال أمام جبال الذنوب التي تُثقِل كاهله ؟ أيُمكن لذلك القلب الذي لُطِخت صحيفته بقذارة الفواحش أن يعرف يومًا مذاق العفة ؟ 

أنهى صلاته التي أصبحت أنيسته في صحراء حياته الموحشة دربه الوحيد للخلاص من كل تلك الذنوب التي تُثقِل كاهله و لدهشته العظيمة حين وجد بها لذة رائعة لم يصل لأدنى درجاتها سابقاً على الرغم من كل ذلك البذخ و الحياة الرغيدة و الدلال ولكنه كان غافلًا غارقًا في لذة الحياة الفانية هائمًا على وجهه خلف شهواتها الزائلة التي لا تساوي مثقال ذرةً من ذلك السلام الذي يشعُر به الآن ولكن يبقى السؤال حائرًا بين جنبات صدره 

هل يستحق من مثله الغفران ؟ 


قطع حبال أفكاره صوت« جرير» الذي قال بغلظة

_ تقبل الله .  


تمتم «حازم» مُجيبّا 

_ منا و منكم . 

مازحه «جرير» قائلًا

_ ايه يا شيخ حازم انت ادروشت ولا ايه ؟ مالك مسهم كدا ؟ 


لم يلتفت لمزاحه بل أطلق العنان لذلك الاستفهام الذي يؤرق لياليه و صباحاته عله يجد عند ذلك الرجل الضخم إجابه قد يسكُن لها قلبه 

_ هو اللي زيه باب التوبه ممكن يتفتحله ؟ 


كان رجلًا ذو شكيمة و عقلًا راجح و قد كان يُلاحظ بدقة كل ما يحدُث مع ذلك الشاب من تخبط و اندثار حتى أنه كان يتقصد تلاوة آيات التوبة التي من شأنها أن تسكن آنات قلبه المتوارٍ في دروب الحيرة لذا قال بصوته الخشن 

_ بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾

و اتبعها بأية أخرى أشد وقعًا على قلبه 

إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} (النساء:48)


كان يستمع بقلبه الذي يهفو لهذا النسيم العليل الذي اضفته تلك الآيات على مسامعه فتابع «جرير» بنبرة يشوبها اللين

_ باب التوبة مفتوح على طول عمره ما بيتقفل في وش حد . ربك دا كبير اوي و كريم أوي ، و رحمته واسعة بيغفر الذنوب جميعًا ما عدا حاجتين الشرك بيه و حقوق العباد .


اخفض رأسه يروي الأرض بعبراته التي تحمل رائحة الندم و القهر معًا فهتف بنبرة مُعذبة

_ حقوق العباد اللي في رقبتي كفيلة أنها تحنيها دنيا و آخرة و تقفل في وشي كل أبواب الرحمة . 


«جرير» بتعقل

_ ياخي سيبك من ذنوب العباد و ارضي ربهم الأول و هو قادر يحنن قلوبهم و ينزل على قلبهم الرحمة و الرأفة بيك . 


رفع رأسه بلهفة و كأنه الغريق الذي تلمس قشة النجاة خاصته 

_ تفتكر ؟ يعني ممكن الناس اللي ظلمتهم يسامحوني في يوم من الأيام ؟ 


«جرير» برزانه 

_ هسألك سؤال يا حازم و تجاوبني عليه بصراحة 


_ أسأل .


_ في يوم من الأيام اتخيلت انك تقعد قعدتك دي و تبكي بالشكل دا ؟ 


لاح شبح ابتسامة ساخرة مريرة على شفتيه وهو يتذكر مجونه و تبجحه و انزوى من بين حاجبيه أسفًا على تلك الأيام التي يتمنى لو انها صفحات فيحرقها من كتاب حياته 

_ لا . 


«جرير» بقوة

_ يبقى تقول يارب و متقاطعش . اعمل اللي عليك ، و قلوب العباد لربهم . أهم حاجه في التوبة انها تكون توبة نصوحة حقيقية . مترجعش فيها اول ما الكرب اللي انت فيه يزول . الصدق مع ربنا دا عبادة عظيمة اوي . اوعى تعاهد ربك و تخلف عشان غضبه عليك هيكون عظيم و وقتها فعلًا هتعرف يعني ايه ندم . 


قشعريرة قوية ضربت سائر جسده الذي استنكر ما تُشير إليه كلماته و صاح باندفاع

_ والله توبت و من قلبي . والله ندمان و نفسي في أي فرصة تخليني أصحح أخطائي امحيها و اعتذر لكل اللي انا ظلمتهم في حياتي. 


_ يبقى تسيب كل حاجه لربك . متعرفش بكرة في ايه ، و بعدين تعالي هنا . انت هتفضل قاعد كدا طول النهار مش في ورانا خناقة كمان شهر و نص هضحضح عضمك فيها ؟ ما تقوم كدا تلعبلك شويه ضغط ولا تجريلك شويه شوف أما اقولك . انا مش هسمي عليك انا لسه متغاظ من النعجة اللي موتهالي دي و ناوي اخد تارها. 


ابتسم «حازم» على كلماته المشجعة وقال ساخرًا 

_ يا عم أنا موافق خد تارها دلوقتي اهم حاجه مكونش شايل ذنبها هي كمان دانا كدا هدخل جهنم بصاروخ 


_ ربما يكفينا شر جهنم . متقولش كدا . خليك عندك إرادة انت لسه في أول حياتك . خليها ايام تستحق أنها تتعاش . أيام تتحسبلك مش تتحسب عليك. اليوم اللي بيعدي مبيتعوضش . 


اومأ برأسه و هو يعبأ صدره من أنفاس الصباح العطرة ليقول بلهجة هادئة يملؤها التصميم 

_ عندك حق .

فجأة تحول «جرير» إلى وحش بعينين تبرقان و يتناثر منهم القسوة

_ انت كلت دماغي عالصبح ياد انت قوم فز ورانا تمارين صباحية هتعملها ، و شغل كتير هنخلصه ، و من هنا ورايح دا البرنامج اليومي لجنابك مش فاضي لرط الحريم بتاعك دا و انشف شويه مش كل شويه تسحسح في دموع مش ناقص نكد انا . 


فزع« حازم» من مظهره و على الفور نصب عوده ليتوجه الى حيث أشار له «جرير» لينخرط معه في مجموعه من النشاطات الرياضيه التي كانت في بدايتها خفيفة ثم تحول إلى مُضنيه و قد كان هذا أكثر ما يحتاجه في حياته الشقاء حتى يعلم قدر ما كان يحيا من رخاء و رفاهية.


★★★★★★★★


_ احكيلي يا ساندي حاسة بأيه دلوقتي ؟ 


أغمضت عينيها وهي تسحب أكبر قدر من الهواء داخل رئتيها حتى تستطِع الإجابة بروية على هذا الاستفهام الذي لأول مرة تراوغها أجابته فقد كانت دومًا تشعُر بالسوء و الآن اختلف الأمر كثيرًا لذا قالت بخفوت 

_ متلخبطه . شويه تايهة بس على الرغم من كده مرتاحه . 


الطبيبة بهدوء

_ ازاي متلخبط و تائهة و ازاي مرتاحه ؟ 


ذرفت مشاعرها بأكثر الطرق اختصاراً 

_ متلخبطة عشان اخدت قرار اني افضل معاه للأبد ، و تايهة عشان حاسة اني استعجلت و مرتاحه اوي وانا جنبه . يعني حضنه بينسيني كل التوهة و اللخبطة دي ، و الأهم من دا كله اني مبقتش خايفة زي الأول.  


اومأت الطبيبة بابتسامة هادئة تلاها استفهامًا مُباغتًا 

_ لسه بتفتكري الموقف اللي عمله معاكِ قبل كده ؟


فتحت عينيها على مصرعيها وهي تحاول محاربة شبح ذلك اليوم المقيت لتقول في نهاية الأمر 

_ أول يومين نام فيهم جنبي منكرش اني كنت خايفة منه . معرفتش طعم النوم وانا بتخيل أنه ممكن يهجم عليا في أي لحظة . بس كان بيعمل حاجة بسيطة اوي بالنسبة للي خلتني احسه . 


_ حاجه ايه ؟ 


انسابت عبرات هادئة من عينيها وهي تقول بخفوت

_ كان بيطبطب عليا . طول الوقت بيطبطب عليا . كأنه بيقول لـ كوابيسي انا هنا جنبها . كـ أنه بيطرد الشياطين من جوا عقلي عشان متأذنيش . 


_ طب لما كان بيعمل كدا مكنتيش بتحسي بخوف منه ؟ 


_ أبدًا . كان بيعمل كدا بحنية بتخليني مش عايزاه يبطل ، و كأنه دا دواء سريع المفعول عشان انام مرتاحه . و اصحى متطمنة . 


الطبيبة برزانه

_ طب شايفة علاقتكوا فين بعد كدا ؟ 


أغمضت عينيها تاركه المجال لمخاوفها في الظهور على السطح 

_ خايفة احلم أنها تدوم اصلا . خايفة تحصل حاجه متخليهاش تكمَل .


_ أنتِ قولتي لوالدة عُدي كدا ليه عشان بتحبيه ولا عشان شايفه انك أحق بيه منها ؟ 


خرجت كلماتها دون تفكير

_ انا أحق بيه من اي حد . هو محتاجني وانا كنت دايمًا محتجاله . هو دايمًا كان جنبي وانا كنت دايمًا جنبه في الوقت اللي هي مكنتش بتتنازل عن ساعة من وقتها عشانه . انا اللي كنت بهون و اطبطب في عز الوجع . عدي جنبها هيضيع و يتوه . لكن جنبي هيكون في امان هيكون مطمن هيكون بخير . 


_ طب وأنتِ عيزاه مطمن في و أمان و بخير ليه بعد اللي عمله معاكِ ؟ 


كان استفهامًا مُباغتًا أطاح بسدًا ظنت أنه منيعًا ولكن الحقيقة أنه انهار أمام حقيقة تبلورت في إجابة ذلك السؤال 

_ عشان بحبه . 


غافلتها الإجابه للحد الذي جعلها تنتفض من نومتها المريحة لتنظر الى طبيبتها بعينين تبرقان من وقع المفاجأة لتقول الأخيرة بابتسامة هادئة 

_ احنا خلاص خلصنا النهاردة تقدري تروحي و وقت ما تحبي حددي ميعاد الجلسة الجاية .


أخذت جملتها تتردد على مسامعها و هي تغادر عيادة الطبيبة النفسية الخاصة بها حتى أنها لم تلحظ تجهم ملامحها ولا شرود نظراتها التي توقفت عند ذلك الوسيم الذي يستند فوق سيارته بكسل واضعًا يديه بجيوب بنطاله ينتظر قدومها فلم تفته ملامحها ولا تبدل حالها قبل أن تأتي إلى هنا .

تجاهلته و التفت لتجلس بجانب المقعد المخصص للقيادة ولكن يديه لم تسمحان لها بفتح باب السيارة حين باغتها مستفهمًا بقلق

_ مالك في ايه ؟ حاجه ضايقتك ؟ 


التفتت تناظره و ضجيج جملتها يتردد على مسامعها فقد أعلنت أنها تحبه . هل فعلا تحبه ؟ أخذت عينيها تبحران على ملامحه برويه و كأنها تتشربها فلانت تقاسيمها المتجهمة و تبدلت نظراتها الضائعة إلى أخرى لاح بها شبح لحبٍ دفين لم تتعرف على ملامحه سابقًا فـ غفلت عن نظراته التي شابها القلق ليقترب محاوطًا وجهها بحنو ينافي قلق حروفه حين قال 

_ ردي عليا . أنتِ كويسة ؟ 


_ عُدي ! 

خرجت حروف اسمه عذبة من بين شفتيها ولكن جمر القلق كان يحرقه من الداخل لذا صاح بغضب

_ ما تقولي حصل ايه ؟ الولية اللي فوق دي ضايقتك ؟ 


صمت لثوان قبل أن يقول بسخط

_ انا كان قلبي حاسس انها بتقومك عليا . والله لطالع جايبها من باروكتها الصفرا دي .


بسمة هادئة لونت ملامحها جعلت قلبه يخر صريعًا في الحال و خاصةً حين اقتربت قائلة بخفوت 

_ احضني . 


و هل يشفع في الحب عِناق ؟ 

عانقها بكل ما أوتي من شغف بكل ما يحمل بقلبه من هوى فاض به الصدر فأخذ يُشدد من احتوائه لجسدها حتى آنت العظام و صرخت وجعًا كان الأجمل و الأروع مذاقًا بين كل الآلام التي خابرتها في حياتها


★★★★★★★★★

تابع الأنشودة الخامسة و العشرون 🎼💗 


خيم الحزن على عالمها منذ ذلك اليوم الذي أتى به و رأى ابنه عمه في قصرهم تعلم بأنه له حق الغضب منها ولكنه لها حق العتب عليه فهي كانت مُمزقة بين قسمها بالوفاء ل«جنة» و بين ولائها لقلبه بألا يكُن بينهم ما هو خفي لذا لامت على قلبه قسوته و اختارت أن تبتعد مادام لم يتفهم ثوابت شخصيتها و مبادئها ولكن لكلًا منا مبدائه التي لا تتململ و تتنحى الا أمام عشقًا بقدر ذلك الذي يحمله لها بقلبه الذي أتى به جرًا لعتاب تكن نهايته ضحكتها الرائعة ووعدًا بالبقاء إلى الابد .


_ مكشرة ليه عاد ؟ ولا اكمن الدنيا مهتنورش غير بضحكتك البهية بتتجلي عليها و علينا ؟ 


دق القلب بل تراقص حين استمعت لكلماته التي جعلتها تلتفت بلهفة لتقُر عينيها برؤيته بعد أن اضناها شوقًا لا يرحم 

_ وه . من ميتا و أنت اهنه ؟


هكذا تحدثت بتلعثم التقمته عينيه العاشقة و التي كانت تعانقها بطريقة زلزلت دواخلها و زعزعت ثباتها و خاصةً حين أجابها بلهجة موقدة

_ الوجت جدام عينِكِ الحلوة ميتحسبش . ممكن اكون واجف من دقايق أو أقل المهم اني رويت جلبي من شوفتك حتى ولو كان واخد على خاطره.  


التمع الحزن بنظراتها و كذلك لهجتها حين قالت 

_ انت بردك اللي واخد على خاطرك ؟ ايش حال لو مكنتش روحت و جولت عدولي ، ولا اكنك ما صدجت تلجا حاچة تخليك تبعد . 


جاءتها إجابته الواثقة لتمحي أي ذرة شك في ثوابت عشقها بقلبه 

_ مفيش حاجة واصل تجدر تبعدني عنك ولا حتى أنتِ نفسك . اني زعلت و جوي لكن ده مش معناه البُعد .لاهو اني كنت لسه دوجت قُربك يا بت الناس عشان ابعد ! 


غافلتها ابتسامة رائعة زينت شفتيها حين سمعت جملته الأخيرة والتي قالها بسخط يوحي بمدى شوقه و غضبه من وضعهما لتقول بدلال أضرم نيرانًا هوجاء بصدره

_ و هو قربي ده حاچة هينة اياك عشان تدوجه بسهولة ! دا انت لازمن تتمرمط و تتبهدل لحتى تنوله يا سيد الناس . 


دكنت نظراته و تعانقت بهمَ الرغبة و العشق معًا ليختصر الخطوات الفاصلة بينهم حتى صارت الأنفاس تتشارك بينهم وهو يقول بنبرة شغوفة

ـ و اني جابل . أدوج النار و ابلع چمرها عشان انول القرب . بس كله سلف و دين يا ست البنتة و لما تاچي تحت ضرسي .


صاحت باندفاع تقاطعه 

_ هتعمل ايه يعني ؟ 


باغتتها ابتسامته الرائعة و كلماته العذبة حين قال

_ هخبيكِ چوا جلبي و اجفل عليكِ بميت مفتاح يا نبض الجلب و روح الروح . 


كادت كلماته أن تصيبها بنزله قلبيه من فرط المشاعر التي قذفتها حروفه داخل صدرها فخرجت كلماتها مبهورة كحال قلبها تمامًا 

_ وه . انت بتچيب الحديت الحلو دا منين ؟ انا حاسة ان جلبي هيجف . 


_ سلامة جلبك من كل شر . الجلب بيجول اللي چواته ، و بعدين هو اني مالك غير الحديت على ما ربنا يفرچها علينا و تنحل عجدتنا.  


ابتسمت على كلماته الساخطة فاستطرد قائلًا بتحذير

_ اللي حوصول خلاص هننساه بس اني يا بت الناس راچل أحب الوضوح و الصراحة . اوعاكِ تخبي عني حاجه تانيه واصل ، و من بعد ما توبجي مرتي مفيش بينا كلمة سر دي فاهمه ؟ 

اومأت بلهفة 

_ فاهمه . 


_ يالا ندخلوا چوا امك الغلبانه مهتجدرش توجف جدام الجطر اكتر من أكده . 


ابتسمت على كلماته و تبعته إلى الداخل لتجد والديها ينتظران في غرفة الجلوس استعدادًا الفطور ينتظران الجميع حتى تجمعهم مائدة واحدة خاصةً حين أعلن «صفوت» عن وجود «سليم» قصدًا أمام «عمار» 

_ كويس انك هنا عشان تقابل سليم ، و بالمرة نفطر كلنا سوى . 


رفع «عمار» رأسه وهو يبتسم بمكر قبل أن يقول بسخرية

_ طبعًا ده من حسن حظي . أصله كان واحشني چوي . 


ابتسمت «سهام »على كلمات «عمار» وهي تقول لأحد الخدم 

_ لو سمحتي اطلعي نادي على ست جنة و سليم بيه عشان الفطار . 


اطاعتها الخادمة باحترام فتوجه «صفوت» بنظراته لـ«عمار» قائلًا بغموض

_ فكرني بعد الفطار عشان عايزك في موضوع مهم .


فطن «عمار» إلى مغزى حديثه فاومأ برأسه دون حديث 


★★★★★★★★★


أخذت أنامله تلهو خصلات شعرها المُشعث جراء أفعاله العابثة في الليلة الماضية التي شهدت ضراوة عشقهم الذي تنحت أمامه جميع العثرات و تزلزلت في حضرته عقبات الحياة جميعها ليغفو أخيرًا بين طيات صدرها هانئًا مُرتاحًا ولو كان ذلك لوقت قليل فهو يعلم أن الصباح سيأتي بثورة جنونها مرة أخرى فبالرغم من شوقهم الكبير إلا أنه لم يكن رادعًا لخلافاتهم ولم يحمل حلاً لمعاناتهم .


_ جنة . جنة قلبي . اصحي يالا . 


هكذا بدأ يحاول إيقاظها فـ تململت بين ذراعيه رافضة أن تعود لواقع قد يُعيدها إلى بؤرة الخلاف بينهم مرة أخرى 

_ سيبني انام شويه . لسه مشبعتش نوم . 


_ بطلي كسل في ناس مستنيانا تحت .


هكذا تحدث وأنفه يُداعب أنفها بطريقة دغدغت حواسها ففكت أسر عينيها لتتفتح رموشها و تسطح سماءها الرائعة أمام أنظاره العاشقة فاقترب ينثر عشقه فوق جفونها بروية كانت لها وقعًا قاتلًا على قلبها الذي تراقصت دقاته حد الجنون ثم انخفض ليزرع الورود بجانب شفتيها المتورمة إثر هجومه الكاسح ليلة أمس قبل أن يرفع رأسه وهو يقول بنبرة موقدة 

_ لو تعرفي السلام اللي في عيونك قادر يريح قلبي ازاي ؟ مكنتيش تقسي عليه في يوم ! 


اخترقت كلماته اعماق قلبها الذي ارتج تحت وطأة تأثره و ذلك التوسل الخافت الذي يصل عينيها بخاصته فوجدت نفسها تهمس بخفوت

_ انا اسفة . 


_ على ايه ؟ 


_ على كل وجع اتسببتلك فيه . على تعب قلبي و قلبك الفترة اللي فاتت دي . بس انا كنت خايفة . تايهه . عايزة أخرج من كل اللي انا فيه بأقل الخساير ، و نسيت اني ماليش مكان غير حضنك . فكرت اني بحميك و بحمي نفسي بس الحقيقة اني مملكش القوة اللي تخليني اعمل كدا.  

استمهلت نفسها بعد أن أعطتها عيناه الضوء الأخضر لكونه بانتظار سماع المزيد منها فتابعت بنبرة يشوبها اللوعة

_ وجعي و خوفي و قلة حيلتي اتجمعوا و استقووا على قلبي و خلوني اوجعك وانا كل اللي بتمناه في الدنيا دي حضنك . كنت بخبط بقسى وانا في عز ضعفي . بضغط عليك وانا نفسي اترمي في حضنك . 


صارحته عينيها بحديث لم تفلح الكلمات في سرده ولكنها كانت صادقة حين قالت

_ مش هنكر قلبي وجعني و نار الغضب دبت فيه لما عرفت أنه عايش ، و اتجددت كل جروحي اللي فكرتها دبلت و كان نفسي فعلًا يدوق كل قهره دوقهالي بس بعيد عنك انت . انت عوض ربنا ليا . 


أفصحت عينيها عن مكنوناتها وهي تُضيف بنبرة عاشقة حد النخاع

_ انت اللي جنتي يا سليم . انا كنت في جحيم و نار بتاكل فيا و انت بس اللي دوقتني معنى الجنة . انت اللي طيبت الجروح و داويت الألم . 


تعانقت عبراتها مع كلماتها حين أضافت بعشق

_ حضنك دا المكان الوحيد اللي ارتاحت فيه ، و بغبائي كنت هضيعه من ايدي . سامحني 


كانت كلماتها أكثر مما حلم يومًا تحمل من الصدق ما جعل قلبه يرق حد الذوبان و روح ترفرف حد أن تطير بأجنحتها في سماء العشق الذي جعله يقول بحنو

_ اسامحك ! أسامحك انك ادتيني احلى حاجه في حياتي . وجودك دا احلى حاجه حصلتلي يا جنة . انا اللي جنتك ! أومال أنتِ تبقي ايه ؟ 


ملست أناملها على وجهه وهي تقول بحنو

_ انا عايزة اكون كل حاجه حلوة ليك . 


ـ انتِ فعلًا كدا و اكتر كمان ، وانا اللي اسف مليون مرة على كل حرف قلته اتسبب في وجعك . يوم موت مروة كان يوم من أصعب أيام حياتي . 


_ قست نظراته و تبلور بهم الألم حين قال

_ تخيلي انسان يموت بسببك و بين ايديكِو كل ذنبه أنه انقذك من الموت! مروة جت برأتني عشان عارفه أن فراقك والموت عندي واحد . 


تابعت يديها إضفاء السكينة على ملامحه المتجهمة في صمت أتاح له فرصة مواصلة الحديث قائلًا

_ نفس اللي حصل معاكِ بالظبط . اجتمع غضبي و حزني و قلة حيلتي و لقيت نفسي بطلع كل دا فيكِ بالرغم من أن كل اللي كنت بتمناه في اللحظة دي حضنك و اعيط لحد ما نفسي يتقطع لحد ما كل الوجع دا يروح و يختفي .


زفر ذرات الوجع العالقة بقلبه قبل أن يقول بلهجة هادئة 

_ مشكلتنا اننا اختارنا نرمي ذنوبنا على بعض و فكرنا ان دا ممكن يريحنا بس لو كنت دفناها في حضن بعض كنا ارتاحنا فعلًا . 


احتوت بيديها عنقه وهي تقول بصدق

_ عندك حق في كل كلمة قولتها ، و أنا من النهاردة مش هبني بينا حيطان تاني ولا هسمح لـ حاجه تحرمني منك هجري اترمي في حضنك حتى لو كنت انت اللي واجعني . 


أضاءت ملامحه ابتسامة عاشقة أظهرت ذلك الجويف الرائع في إحدى خديه فاقترب يقتطف وعدها من فوق ضفتي الفراولة خاصتها بروية و شغف أذاب عظامها ليفصل اقترابهم قائلًا بلهجة عاشقة

_ أنتِ جنة قلبي و نور عيني ، و طول مانا عايش مفيش وجع هيقرب من قلبك أبدًا . 


_ توعدني ؟ 


_ اوعدك و أدي امضتي كمان .

اقترب ينقش وعده فوق موضع نبضها يتلمس بشفاهه جلدها البض قبل أن يرتفع برأسه يُطالعها بعشق سطرته حروفه حين قال 

_ حب الدنيا كله ميغلاش عليكِ ياللي الروح استكانت بوجودك ، و القلب نجاته كانت على ايديكِ


★★★★★★★★★★


أخوض الف حرب في اليوم الواحد و عندما التقيكِ تسقط الراء و لا اتذكر شئ سوى وجودك بين أحضاني حينها تتلمس روحي معنى السلام و يغفو قلبي آمنًا مُطمأنًا . 


نورهان العشري ✍️


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


كان الصباح مُشرقًا كحال تلك الحورية النائمة على صدره بملامح فاتنة تحمل سلام العالم أجمع تخبره بأن القادم رائع و أن المُستقبل زاهي و أن تلك العقبات و الأزمات ليس لها وجود . 

امتدت يديه ترسمان ملامحها المنحوتة فوق جدران قلبه الذي يضج عشقًا و هيامًا لا يعلم من أي جهة تسرب إلى قلبه ؟ ولكنه عاشقًا لتلك المرأة لدرجة لم يتخيلها بحياته .


_ ياريت كل حاجه في الدنيا تبقى شبهك . 


خرجت حروفه همسًا عرف طريقه لقلبها فبدأت ترفرف برموشها لتفتح امامه مقاليد جنته بين عينيها الخضراء التي تحمل شعار السلام لعالمه 

_ صباح الخير . 

هكذا تحدثت بنبرة مُتحشرجة دغدغت دواخله و اضرمت نيران الرغبة بثباته لذا اقترب يلحِم أنفه بـ خاصتها وهو يقول بنبرة موقدة 

_ صباح الفرح . 


امتدت أناملها تسكب السكينة فوق ملامح وجهه وهي تقول بلهجة مُحبة

_ يارب يجعل حياتك كلها فرح .


اشرقت ملامحه بابتسامة رائعة وهو يقول بنبرة خشنة

_ دي أجمل دعوة سمعتها في حياتي .


تراقصت البسمة على شفتيها حين سمعت كلماته فاندفعت تمازحه قائلة 

_ طب يارب يجعل في طريقك فرح و في صباحك فرح و في مساءك فرح و في حياتك فرح ، و كل حاجه فرح في فرح .


قهقه رائعة خرجت من بين شفتيه وهو يضمها لصدره قائلًا بصدق

_ يارب يا أحلى فرح في الدنيا . 


عانقته بقوة و رأسها يستريح على موضع نبضه لتقول بحنو

_ حساك أحسن النهاردة .


_ طبيعي و أنتِ جنبي هكون أحسن . اجلي إحساسك لما انزل للغجر اللي تحت عشان تعرفي تحكُمي صح . 


هكذا تحدث بسخرية قابلتها مازحة

_ طب ما احنا كدا عندنا الحل . كل ما الغجر اللي تحت يزهقوك هاجي أحضنك جامد اوي تقوم تبقى أحسن . ايه رأيك في الاقتراح دا ؟ 


تراجع لينظر إلى داخل عينيها وهو يقول بنبرة رخيمة

_ ليه الدنيا كلها متبقاش أنتِ و حضنك و بس ؟ 


_ عشان أكيد هتزهق .


جملة كان يشوبها استفهام خفي جعله يقول بتخابُث

_ ما يمكن أنتِ اللي هتزهقي ! 


«فرح» بعشق تبلور في ملامحها و نظراتها و كذلك كلماتها حين قالت 

_ جنة حضنك دي نعمة ربنا اختصني بيها وأنا مقدرش أجحد بنعم ربنا عليا . تقولي ازهق ! دانا لو عمري الجاي لحظة هختار أعيشها في حضنك . 


عانقتها نظراته بشغف قاتل جعل الحروف تتلعثم فوق شفتيه لأول مرة لا يعرف كيف يُجيبها بل لأول مرة يقف عقله عن العمل كُليًا أمام عذوبة كلماتها و روعة نظراتها في تلك اللحظة

_ غلبتيني يا فرح . أول مرة في حياتي ابقى مش عارف اقول ايه ؟ 


تغنجت واضعه مرفقها تستند فوق ساحة صدره قائلة 

_ مش اول مرة اغلبك يا عيون فرح .


رفع إحدى حاجبيه إثر كلماتها بينما تلكأت نظراته فوق مفاتنها الوضاحة كالشمس أمامه تغريه بـ الإحتراق بين جنباتها ليقول بهسيس خشن

_ شامم ريحة غرور كدا مش مريحاني . 


_ و متغرش ليه ؟ تقريبًا كدا في واحد قالي زلزلتي عرش الوزان يا فرح . يبقى اتغر و نص و تلتربع كمان . 


هكذا تحدثت بدلال كان يقوده إلى الجنون فقام بعض شفتيه السفلية قبل أن يقول بوعيد 

_ هو احنا فينا من كدا ؟ مش قولت دا سرنا ؟ 


_ و هو انا خرجته بره لا سمح الله ؟ دانا حتى كتومة اوي والله . 


عانقت يديه خصرها لتطفو بجسدها فوق ساحة جسده وهو يطالعها بشغف اذاب عظامها كما فعلت لهجته حين قال

_ طب بما انك كتومة بقى ما تيجي اقولك على سر خطير . 


نفذت سهام اغوائه إلى سائر جسدها فتلاشى ثباتها أمام غزوًا ضاريًا لا تجروء على مقاومته فقالت بنبرة شغوفة

_ بموت أنا في الأسرار يا وزان قلبي . 


جملة فتحت أبواب الجنان على مصرعيها فصار يغترف من خزائن نعيمها ينهل من عذب شهدها يتمزَز من بحور هواها بنهم قاتل و بالمقابل يغمُرها بسيل عشقه الشره لها ينقشه فوق معالم جسدها الذي كان يستجيب له بكل ما يمتلك من أحاسيس لم تعرف بوجودها سوى معه ذلك الرجل الذي حطم قيود لعنتها و فك أسر قلبها مُحررًا أجنحته لتعبر فضاء العشق الفسيح معه والذي لا ينتهي مهما بلغت ضراوته 

ارتمت على صدره لاهثة راضيه ممتنة لقدرها الجميل الذي جمعها بذلك الرجل الرائع الذي لا تفلح الكلمات في وصف مدى عشقها له 

_ إحساسي بيكِ في حضني دا احلى احساس حسيته في حياتي . 


كانت جملته رائعة خاصةً حين اتبعها بقبله رقيقة فوق جبهتها ليُخبرها كم أنها أكثر من مُرضيه له كرجُل ، وعلى الرغم من قله كلماته العاشقة لها إلا أنه دائمًا ما يُعزز من غرورها الأنثوي بكلماته بسيطه تُشعِرها بأنها ملكة متوجة على عرش النساء . لذا التفتت تعانقه بقوة وهي تقول بنبرة عميقة صادقة


_ ربنا يخليك لقلبي. 


بعد مرور نصف ساعة كانت تنزل معه الدرج تُمسِك بيده كزهرة متفتحة في ريعان ربيعها تشع جمالًا يخطف الانظار و القلوب وقد كانت« أمينة» أول من وقع عينيها على ذلك الثنائي الرائع فابتهج قلبها عند رؤيتهم و همست تتلو آيات الذكر الحكيم لـ تحفظهم من كل شر فلاحظ «مروان» تأثرها فالتفت ليرى إلى ماذا تنظُر فإذا به يتفاجأ بقدومهم فهتف بصياح 

_ صباح الفل على عم الكُل . 


التفت الجميع إثر جملته إلى الوافدين لتتوالى عليهم تحية الصباح و يقول «مروان» بمُزاح 

_ منصور عامل ايه يا أم منصور ؟ 


اغتاظت« فرح» من ذلك الاسم و تكراره على مسامعها لذا قالت بحنق مكتوم 

_ مصدع . ياريت تحرمنا من صوتك البديع عشان احنا لسه عالصبح . 


واصل استفزازها قائلًا 

_ لا معلش بقى منص حبيب عمه استحالة يصدع من صوتي . دا انا الحاجه الحلوة اللي هينزل يقابلها في الدنيا دي 

«فرح» بسخرية

_ لما دي احلى حاجه أنه هيقابلك اومال أنيل حاجه تبقى ايه ؟ 


_ انك أمه . 


تدخل« سالم» مُحذرًا

_ لم لسانك أحسنلك . 


«مروان» بسخط 

_ لا بقى يا كبير انت كدا مش بتعدل . هي اللي ابتدت 


تدخلت «فرح» بسخط 

_ هو انت ضرتي ولا حاجه ؟ 


«مروان» بغرور

_ ضُرتك . حصلت تحطي نفسك في مكانة واحدة معايا ؟ لا دا احنا كدا لازم نحط النقط عالحروف بقى وكل واحد يعرف مكانته ! 


تدخل «سالم» مبهوتًا من حديثه

_ مروان انت ليه محسسني اني واعدك بالجواز !


مروان باندفاع

_ انا ابنك الكبير و انت باصم عالموضوع دا ، و في حضن بينا في الغيطان يشهد بكدا ، و بعدين هو كل حاجه جواز في حاجات اهم بكتير ، و علاقات أسمى من كدا .


هنا اندفعت «همت» قائلة 


 _ ابن حلال . اياك بقى تصدعني كل شويه عايز اتجوز عايز اتجوز . بما أن في علاقات أسمى روح دورلك على بغل زيك اتبناه و سيبلي بنتي . 


تدخل «طارق» بسخرية

_ هدف قاتل في مرماك وريني هتصد ازاي يا معلم . 


برقت عيني «مروان» من حديث «همت» فقال بصدمة

_ الااه أنتِ قاعدة هنا من امتى ؟ مش تكحي ولا تعطسي ولا تعملي اي منظر ، و بعدين هو انا عايز اتجوز بنتك ليه؟ مش عشان اجبلك احفاد تتلهي فيهم و اهو بالمرة أحسن النسل في عيلتكوا .


تدخلت «سما» قائلة بحدة

_ ليه و حد قالك أن نسلنا وحش ولا حاجه ؟ 


تحولت نظراته إلى أخرى عاشقة وهو يقول بمغازلة

_ الكلام مش ليك يا حلو انت . هو انت في زيك يا بالوظة انت .


_ احترم نفسك يا واد انت . بتعاكسها قدامنا ! 


هكذا صاحت« همت» فأجابها «مروان» بتذمُر

_ ما أنتِ لو بتسبيني اعاكسها من وراكِ مكنتش فتحت بقي قدامك . قاطعه عليه مية ونور . حسبي الله ونعم الوكيل. 


تدخلت «امينة» التي التقمت عينيها تلك الفتاة التي كانت تُقدم خطوة و تؤخر أخرى فنادتها بحنو

_ تعالي يا لبنى يا حبيبتي . واقفة عندك ليه ؟ 


صاح «مروان» بمُزاح 

_ خدي يا لولي . تعالي عشان تدافعي عني ضد هجمات السلطعون المُتكررة . تعالي يا حليفتي اقعدي جنبي . 


في البداية كانت مُحرجة ولكن كلمات «مروان» بدلت حرجها إلى ذهول جعلها تقول بصدمة وهي تتقدم لتأخذ مقعدها بجانب «أمينة»

_ انا حليفتك ! حليفتك في ايه ؟ 


«مروان» ساخرًا 

_ في اي حاجه . المهم متضربش آخر اليوم لوحدي . 


قهقه الجميع على كلماته فيما ارتسمت ابتسامة خافته على ملامحها فقد بدت كطفلة ضائعة تشبه أخرى انشرح قلبها حين رأتها فتقدمت قائلة بلطف

_ انا ريتا و أنتِ لبنى صح ؟ 


«لبنى» بخفوت 

_ صح . عاملة ايه ؟ 


«ريتال» ببراءة 

ـ من بره حلوة من جوا زعلانه.  


تدخل« مروان» ساخرًا 

_ ابتدينا جو الأرامل اهو . زعلانه ليه يا حزينة الأمل ؟ سبونش بوب خلي بيكِ ولا مش لاقيين بامبرز في السوق ! 


التفتت «ريتال» تناظره بعينين تبلور بهم الحزن الحقيقي و الذي تجلى في نبرتها حين قالت 

_ لا دا ولا دا . بس كنت مفكرة اني عمري ما هزهق هنا ولا هحس اني لوحدي . بس لقيت نفسي لوحدي و اكتر من الأول كمان . 


كانت كلماتها لها وقع السوط على قلب ذلك الذي كان قادمًا من الخارج لتستوقفه كلمات صغيرته التي لم يعلم يومًا ما هي الطريقة الصحيحة للتعامل معها و أتت كلمات «مروان» لتُزيد من لوعته حين قال

_ حقك يا بنتي والله . بس معلش ابوكي راجل مشغول لدرجة أنه ممكن يقضي خمس ست ساعات بيتمرن عشان عضلة التراي متاخدش على خاطرها ، فمش فاضي يقول أما أفسح بنتي ولا أخرجها . اعذريه المسئولية كبيرة عليه . في رقبته كوم عضلات بيجري عشان يربيهم . 


كان يتقصد كل حرف يتفوه به وعلى الرغم من أن كلماته مستفزة ولكنها كانت صادقة إلى حد كبير لذا تدخلت «شيرين» قائلة بحزن مفتعل

_ كدا حرقتي المفاجأة يا ريتا؟ 


تبلور الحماس في عيني الطفلة و صاحت باستفهام

_ مفاجأة ايه ؟ 


«شيرين» بحنو

_ بابا كان متفق معايا أننا هنخرج بكرة و نروح الملاهي سوا ، و كان محلفني مقولكيش عشان تبقى مفاجأة .


_ بجد يا أنطي شيرين ؟ 


«شيرين» بطريقة مسرحية 

_ و مش كدا وبس . لا . دا كمان كان ناوي أنه ييجي يحضر معاكِ الحفلة بتاعت النيو يير اللي في المدرسة بس اشترط عليا أنه هو اللي يختارلك لبسك . قولتله لو وافقت يبقى تمام . 


«ريتال» بحماسه 

_ موافقه طبعًا . بس افرض كان ذوقه وحش زي عمو مروان هعمل ايه ؟ 


تدخل «مروان» ساخطًا

_ يادي النيلة على مروان ووسنينه . أنتِ يا بت حد كلمك . لما انا ذوقي وحش ابوكي ذوقه ايه خراوي ؟ 


«شيرين» بتحذير

_ أتلم أحسنلك ، ذوقه احسن ذوق في الدنيا . كفاية أنه اختارني .


«مروان» بتهكم

_ دي بجملة عمايلة السودا . دي من علامات سوء الخاتمة يا بنتي .


كان غائب عن هذا الحديث الدائر بينهم فقد كان هُناك ما يشغله و لم يغب ذلك عن عينيها مما جعلها تقترب منه قائلة بخفوت

_ في شبه منها ؟


وصل إلى عقله المغزى خلف سؤالها و قد أعجبه كثيرّا كونها تشاطره ما يُفكر به حتى ولو لم يُفصِح عنه لذا أجابها بخشونة

_ نظرة عينيها ، و رفعة حواجبها لما بتتعصب . حتى حركة وشها لما بتتريق


_ الولد دا مترباش بره مصر . الولد دا اتربى هنا و في مكان كان متساب فيه على سجيته . الغرب بيعرفوا يتحكموا في انفعالاتهم اوي و دايمًا التحفظ بيكون مسيطر عليهم خصوصًا لو في موقف هارون دا . 


التفت يُناظرها بأعين التمع بهم الإعجاب قدام صمتٍ بالف حديث بينهم قاطعه حين قال بخشونة

_ تعالي ورايا عالمكتب . 


استأذن من الجميع و خرج وهي خلفه فجاءها صوت «مروان» العابث

_ ايوا الزقيله ياختي . الزقيله بعد كدا هنجيبك من جيب الجاكيته بتاعته. 

التفتت تناظره شذرًا قبل أن تقول بشماته

_ اهري يا مهري وانا على مهلي . 


ثم انتقلت عينيها إلى «لبنى» التي كانت مبهوته من سلاسة ما يحدث حولها و بساطته لتقول« فرح» بمُزاح

_ اختاريلك اي حلف غير الواد دا . احنا باعتين ملفه للسرايا الصفرا.  


انطلقت الضحكات حولهم فيما تركتهم هي و ذهبت الى حيث ينتظرها لتدلف إلى داخل الغرفة و تغلق الباب خلفها فإذا به يأمرها قائلًا 

_ بالمفتاح . اقفليه بالمفتاح و تعالي .


على ضجيج قلبها و تراقصت دقاته وهي تُطيعه لتتوجه إليه بخطٍ متغنجة تحت أنظاره التي كانت تبحران فوق قسماتها بشغف شمل جسدها بأكمله لتستقر على شفتي التوت خاصتها حين توقفت أمامه مُباشرةً تستند على المكتب خلفها فظهر بوضوح بروز بطنها الذي يحمل ثمرة عشقهم فامتدت يديه تُمسدها براحة قبل أن يقول بلهجة خطرة

_ من امتى وأنتِ بقيتي قريبة مني كدا ؟ 


أجابته بلهجة شغوفة خافته

_ من زمان أوي .


_ لدرجة أنك تفهمي و تعرفي بفكر في ايه من غير ما اقول ؟ 


كانت النظرات التي تُطِل من عينيه تُذيبان عظامها من فرط الشغف الذي نشب بسائر جسدها فجاءت لهجتها خطرة حين قالت

_ و اكتر من كدا كمان . انا لما بتتنهد بعرف التنهيدة وراها ايه ؟ حزن ، غضب ، قلق . 


عض على شفتيه بطريقة أضرمت نيرانًا هوجاء بثباتها الذي تلاشى أمام تنهيدة قويه أطلقها من جوفه تلاها كلماته حين قال بنبرة مـوقدة

_ طب تقدري تقوليلي التنهيدة دي وراها ايه ؟ 


كانت تشاطره رغبات القلب و الجسد معًا تحفظ عن ظهر قلب تقلب قوس عينيه الذي كان أكثر ما يُميزه ذلك الظلام الذي يجتاح عينيه حين يرغبها لذا قالت بنبرة حارقة

_ وراها شوق كبير أوي . نار عايزة اللي يطفيها. 


اجادت وصف ما بداخله فلاحت ابتسامة خطرة على ملامحه حين قال بخشونة

_ طب و أيه ورا النار دي ؟ 


_ أول مرة حاجه تستعصي على سالم الوزان . دا حدث قادر يسبب براكين مش مجرد نار . 


دام الصمت لثوان قبل أن تخترقه قهقه قويه تحمل رذاذ الغضب الذي جعله يقسو على خصرها وهو يجذبها لتستقر بين ذراعيه قائلًا بحنق يحاول كظمه قدر استطاعته 

_ عارفه أول مرة في حياتي احس اني عايز اضرب حد لحد ما يموت في أيدي . عايز حقيقي اكسر عضمه عضمة عضمة لحد ما نفسه يتقطع من كتر الوجع . ازاي كان قادر يكون قذر كدا معاها بالرغم من أنها رفعته و خلته بني أدم بعد ما أبوه رماه زي الكلب ؟ ازاي الإنسان قادر يكون وحش كدا ! 


امتدت أناملها تُمسد ذلك العرق النابض بالغضب في صدغه الأيمن في محاولة ناجحة منها لتهدئه نيرانه غضبه الموقدة تلاها كلماتها الهادئة 

_ مشكلة الإنسان الكويس أنه دايمًا بيستنكر الوحش لما يشوفه . عشان بيحكم على الناس من منظوره و من رؤيته . يعني انت كنت عارف أنه وحش بس مش بالصورة دي . لكن طلع اوحش و دا سبب غضبك دلوقتي. 


اومأ برأسه وهو يقول بجفاء

_ ازاي هقولها أن ليها ابن بعد السنين دي كلها ؟ ازاي هقولها أن الذلة اللي كان ماسكهالها طول حياتها كانت مُجرد وهم استخدمه عشان يدبحها بيه كل لحظة ؟ دي ممكن تموت فيها! 


تابعت منحنى الهدوء معه وهي تحاول امتصاص أكبر قدر من غضبه حين قالت 

_ مش يمكن العكس و تكون دي المعجزة اللي هتحييها و تخليها تطمن و تحس ان الحياة ضحكتلها ولو لمرة واحدة ! 


لأول مرة يحمل استفهامه رائحة التوسل 

_ تفتكري ؟ 


_ انا متأكدة من كدا . ناجي حالته متشخصة من زمان أنه مريض نفسي وهي عارفه كدا ، و متوقعه منه أي شيء . مش هتتفاجئ أنه يعمل كدا . لأنها اكتر حد عاشره و بالتالي عارفه. 


هدأت كلماتها من غضبه قليلًا فأخذت عينيه تستعرضان ومضات من الذاكرة التي تحمل مواقف مُهينة لذلك الرجل حولته من أنسان إلى مسخ فتحدث بأسى حقيقي 

_ عارفه يا فرح في مشكلة قاتلة دايمًا بيقع فيها الناس و بتتسبب في كوارث بيدفع تمنها الكل حتى المذنب و البريء

_ ايه هي المشكلة دي ؟ 


«سالم» برزانة

_ المقارنات . المقارنات دي بذرة الفِتن في كل بيت و عيلة . 


ضاقت عينيها بعدم فهم ليُنابع بخشونة


_ لما تفضل تقارن بين ابنك و ابن اختك و تقوله دا احسن منك . دا مجتهد و ناجح عنك . الكلمتين دول لوحدهم قادرين يهدوا طموح انسان و يحولوه لمسخ بيكره كل اللي أحسن منه . 


اومأت برأسها مؤيده حديثه 

_ فعلًا عندك حق . 


_ انا افتكر زمان قد ايه عمي رفعت كان قاسي مع ناجي لمجرد أنه مش ناجح في التعليم و كان دايمًا يقارنه بوالدي . و نسي أنه كان ناجح في الزراعة و الفلاحة و كل الأنشطة اللي من النوع دا . كان ممكن بشويه تشجيع يكون أحسن من كدا . بدل تكسير المأديف و المعايرة بحاجة مش في ايده ، و على فكرة دا سبب توتر علاقة أبويا الله يرحمه بعمي . المقارنات بردو من الأهل و العيلة و دا اللي خلاه يهرب لبعيد . عشان يتفادى اي كلمة ممكن تهبط عزيمته أو تدمر طموحه ، و النتيجة أننا مشتتين اهو و ولاده فين و فين لما عرفوا أن ليهم عيلة محتجاهم . 


احتوت رأسه بين ذراعيها وهي تقول بمؤاذرة

_ كل حاجه هتتصلح أن شاء الله و هيتلم شملكوا من تاني أنا واثقة فيك . انت تقدر تعمل كدا . 


ما كاد أن يُجيبها حتى وصل إلى مسامعهم أصوات جلبة في الخارج اخترقت صفو العاشقين فتوجه «سالم» و من خلفه «فرح» لمعرفة ماذا يحدُث فتفاجيء الجميع بذلك الضخم الذي قال باستمتاع

 ..

الفصل السادس والعشرون من هنا


بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-