رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 (انشودة الاقدار) الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم نورهان ال عشري



رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 (انشودة الاقدار) الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم نورهان ال عشري 



 بسم الله الرحمن الرحيم 


الأنشودة الرابعة و العشرون 🎼 💗 


في الليلة التي سبقت فُراقنا أخبرتني بأنني أعظم جائزة منحتها لك الحياة حتى أنني السبب الوحيد لـ بقاءك على قيدها ، و أن قلبي في أمان معك مهما كلفك الأمر ، ولكن نسيت أن تُخبرني بأنك رجُلًا لا يهاب الموت ولا يخشى الفُراق ، رجُلًا كان قادرًا على إنعاش قلبي في لحظاته الأخيرة ، و بنفس اللحظة قادر على إنهاء حياتي التي لا تكتمل بدونه . كان الفُراق اختياري اعلم ، ولكنني كُنت ضعيفة أمام الألم ، هزيلة أمام الوجع ، فـ خصمي الآن كان أشد ضراوة مما سبق وكان قلبي يُسانده . حتى أنني احترت من مِنا المُخطيء و أي الذنوب التي ندفع ثمنها الآن ؟ أم أن هذا ذنبي لأنني أمنت لـ دُنيا غادرة لم تكُن عادلة يومًا معي ؟ 

جل ما أعرفه أنني خسرت معركتي مع الحياة بعد أن تركتني في المُنتصف و رحلت ؛ و رغمًا عني وعن كل شيء أعدك أن يكون حُبي لك أبديًا تمامًا كـ فُراقنا و لو أمضيت الباقي من حياتي وأنا أبكيك و أبكي قلبي الذي سيظل ينزف عشقًا حتى الموت . 


نورهان العشري ✍️ 


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


_ أهلًا بسالم باشا الوزان. 


جفل الجميع من جملته و معرفته بشخصية «سالم» الذي كان يتحكم بانفعالاته إلى حد كبير ليقول بنبرة جافة

_ دا انت باين عليك عارفني كويس ؟ 


لم ينفك عن مفاجأتهم حين قال بنبرة واثقة

_ عارفك فوق ما تتخيل ، و بصراحة كنت مستني المقابلة دي من زمان . 


«سالم» بترقُب 

_ من زمان من امتى يعني ؟ 


«هارون» بنبرة مُتسلية

_ من اول ما رجالتك دخلوا قصري ! 


علقت الأنفاس بصدورهم جراء تلك القنبلة المُدوية التي ألقاها هذا الفتى بوجوههم التي انكمشت بصدمة جراء قهقهات «سالم» التي اخترقت هذا الصمت الدائر بينهم فأخذ «هارون» نصيبه من الصدمة حين سمع كلمات سالم الساخرة

_ تعجبني . بحب انا الناس اللي تجيب من الآخر . بدل ما نلف و ندور على بعض بقى و وجع الدماغ دا . 


تجاه« هارون» صدمته من حديث «سالم» الذي يوحي بأنه لم يتفاجيء بكونه يعلم بمراقبتهم للقصر على عكس ذلك الثلاثي الذي كانت أفواههم مشدوهة و أجسادهم مُتصلبة بفعل صدمتهم التي تجلت بوضوح في نظراتهم التي تفرقت بين كُلًا من« سالم» و«هارون» الذي استعاد ثباته و جأشه قائلًا بسخرية 

_ لا العفو . هو احنا نقدر نوجع دماغ الباشا بردو ! 


شملته نظرات «سالم» المُتفحصة لثوان قبل أن تتبدل ملامحه و كذلك نبرته حين قال بجفاء

_ كنت عايز تهرب منه ليه ؟ 


_ ومين قالك اني عايز أهرب منه ؟ 


«سالم» بفظاظة 

_ لو مش عايز تهرب ليه مخلصتش عليهم أو حتى كشفتهم ؟ 


استمهل نفسه لـ ثوان قبل أن يقول بمراوغة على الرغم من قساوة نظراته 

_ و حد يقتل ولاد خاله بردو!


لاح شبح ابتسامة ساخرة على شفاه «سالم» الذي قال بدهاء 

_ صح . انت صح . بس دا لما يكون متأكد فعلًا أنهم ولاد خاله !


تشابهت نبرته و كذلك عينيه حين قال بقسوة

_ مانا هنا عشان اتأكد . 


_ و بعد ما تتأكد ! 


لم يفلح في إخفاء فحيح الكراهية الذي تفشى في كلماته الساخرة حين قال

_ هاخدهم بالحضن . 


_ أو هتاخد تارك ! 


هكذا تحدث «سليم» بسخرية جافة جعلت نظرات« هارون» تتعلق بملامحه بقسوة سُرعان ما تحولت لـ تهكم حين قال

_ حلو انك عارف ان ليا تار معاكم . 


تدخل« طارق» باستنكار 

_ معانا ! 


صحح كلماته قائلًا 

_ مع كل اللي آخر اسمه الوزان . 


تدخل «سالم» الذي كان يُراقب باهتمام كل ما يصدُر من ذلك الغريب الذي يُخفي الكثير و الكثير 

_ و على كدا ناجي الوزان من ضمن اللي ليهم تار معاك ؟ 


خطت كلماته حقل ألغام مدفونًا بقلبه الذي اهتاج احتجاجًا على نوبة الألم التي عصفت به فصاح بلهجة قاسية فاحت منها رائحة الألم 

_ ميخصكش . 


تدخل «مروان» الصامت من البداية 

_ اتكلم مع الكبير كويس ياد انت . 


ارتفعت أنظار« هارون» القاسية إلى ذلك الشاب الذي يناظره بأعين يلتمع بهم الغضب الذي انتقل الى نبرته حين قال 

_ كبير عليك انت و اللي شبهك انا ماليش كبير . 


زمجر «مروان» بشراسة

_ كبير عليك و على اللي خلفك ، و معرفش يربيك .


تدخل «طارق» مُساندًا« لمروان»  

_ و هو ناجي الوزان هيعرف يربي بردو يا مروان ! 


اكتظت اوردته بالغضب فكادت أن تنفجر عروق رقبته يود الفتك بهم ولكنه ذكر نفسه أنه مُدرب على تحمُل ما هو اقسى لذلك قال بلهجة ساخرة تُنافي ما يعتمل بداخله

_ ولما هو مبيعرفش يربي اتجوزت بنته ليه ؟ أن كنت انت ولا هو؟ 


برقت عيني «طارق» و كذلك «مروان» جراء كلمات «هارون» الساخرة و قبل أن تُتِح لهم فرصة الرد تدخل «سالم» قائلًا بلهجة تحمل الكثير في طياتها 

_ اقولك انا . عشان شيرين و سما تربية هِمت الوزان ، و هِمت الوزان ست تتشال عالراس هي واللي منها . فكوه !


لم يُناقشه أحد بل توجه «طارق» بصمت ليحل وثاق «هارون» الذي تجاهل أسهم كلمات «سالم» و معانيها و مارس أقصى درجات ضبط النفس حين قال ساخرًا

_ قصدك اللي كان منها قبل ما ترميه ! 


«سالم» بنبرة قاطعة 

_ هِمت الوزان عمرها ما ترمي اللي منها ، و اللي قالك كدا دا مُختل ، و اظن انك اكيد عارف كدا . 


أخذ يفرك يديه بتمهُل استغل كل ثانيه به ليُفكر جيدًا فيما هو قادم فـ قاطع تفكيره «سالم» الذي قال بلهجة أقل حدة 

_ لحد ما اتأكد انك فعلًا ابن هِمت الوزان هتفضل هنا ، و مش محتاج اقولك اني هعرف اجيبك لو روحت فين ، و من مصلحتك تفضل هنا دا لو عايز تعرف راسك من رجليك ، و مين عدوك من حبيبك .


زمجر« هارون» بشراسة

_ انا عارف راسي من رجليا كويس ، و عدوي هجيبه تحت رجلي حتى لو كان هو مين ! 


قست نظرات« سالم» و شابهتها نبرته حين قال

_ هنشوف .


توجه الجميع إلى خارج الغرفة و منها إلى خارج المكان بأكمله بعد أن شدد «سالم» من حراسته جيدًا و حين استقل الجميع السيارة كان أول المتحدثين هو «مروان» الذي قال باستنكار

_ فهمني بقى ايه القصة دي ؟ يعني انت كنت عارف بوجود الواد دا ولا ايه ؟ 


ناظره «سالم» بسخط قبل أن يقول بجفاء

_ ليه ؟ بشم على ضهر ايدي !


«مروان» بعدم فهم 

_ اومال ازاي متفاجئتش جوا لما قال إنه عارف أنهم كانوا بيراقبوا القصر ! 


«سالم» بخشونة

_ اوعى تبين لخصمك أنه قادر يهزك أو يفاجئك حتى لو حصل ايه . كدا تبقى بتساعده انه يهزمك . 


تابع «سليم» موضحًا  

_ مشفتوش اتصدم ازاي لم حس أن «سالم» ممكن يكون عارف أنه مكشفناش عن عمد . 


«مروان» بانبهار

_ تصدق عندك حق . الواد اتخض يا قلب أمه . 


التفت ناظرًا إلى «سالم» بأعين التمع بهم الإعجاب الذي تجلى في نبرته حين قال

_ ياخي دايمًا بتبهرني ابوسك و لا اعمل ايه ؟ 


تدخل «طارق» مُتهكمًا

_ وانت ابهرتنا كلنا النهاردة لما شخط فيه جوا . 


أضاف «سليم» ساخرًا

_ اه والله دخل فيه زي القطر على الرغم من أن الواد بغل طيب .


قام« مروان» بتعديل ياقة قميصه بغرور فاحت رائحته من بين كلماته

_ طبعًا يا ابني اومال فاكرني ايه ؟ دا حتة واد خيخه مياخدش في ايدي غلوة .

قهقه الثلاث رجال على كلمات «مروان» فاضاف «طارق» بسخرية

_ خيخة ! دا قطم ضهري عشان اشيله من السرير للشباك .


«مروان» باندفاع

_ ماهو كان متكتف يا اهبل . يعني لو اتحزمت و رقصتله مش هيقدر يعمل فيا حاجه . 


تشدق «سالم» ساخرًا 

_ قول كدا بقى. الحماسة خدتك علشان كان متكتف ؟ 


«مروان» بمزاح

_ طبعًا . اومال انا ممكن أضحي بنفسي و أحرم البشرية من جوهرة زيي مثلًا ! 


تدخل «سليم» ممتعضًا

_ بمناسبة الجواهر هنعمل ايه في البنت اللي جبناها معانا دي ؟ 


«سالم» بتفكير

_ خلوها شويه . هنحتاجها بعدين .


تحمحم «سليم» قبل أن يقول 

_ طب بقولك ايه ؟ احنا محتاجين شويه حاجات ليها .


«سالم» باستفهام

_ حاجات زي ايه ؟


« سليم» بنفاذ صبر

_ هدوم . لما جبناها هنا مكنش معاها هدوم. 


صحح «طارق» كلماته قائلًا بسخرية 

_ قصدك مكنتش لابسه هدوم !


«سالم» بصدمة

_ نعم ! 


تدخل «مروان» باندهاش

_ يعني ايه مكنتش لابسة هدوم دي ؟ 


تولى «طارق» الإجابة بدلًا من «سليم» الذي بدا عليه الامتعاض

_ لما خطفناها كانت لسه خارجه من الحمام فمكنش قدامي وقت اسبها تلبس 


«مروان» باندفاع

_ نهارك اسود جبتها ملط ! 


«طارق» بسخط

_ لا يا خفيف جبتها بالبورنس . 


«مروان» بصياح 

_ اخس عليك و سايب الصاروخ . قصدي البت كدا من ساعه ما جيتوا . اوعى يا ابني انت وهو انا رايح اوديلها هدوم . 


تدخل «سالم» بنفاذ صبر

_ اترزع با ابني انت . 

التفت الى «طارق» ليُضيف بجفاء

_ابقى انزل اي محل اشتريلها فستان ولا حاجه . 


صاح «مروان» مُعترضًا 

_ طارق ! بقى مش لاقي الا الذئب البشري دا اللي تبعته عشان يوديلها هدوم ! دا لو لقاها لابسه هدوم هيقلعها اصلًا . 


لم يفلح «سالم» في قمع ضحكه خافته تسللت إلى ملامحه قبل أن يقول بتحذير

_ أتلم يا مروان ، و احترم نفسك . طارق انسان مُنضبط و خلاص بقى متجوز . 


تشدق ساخرًا 

_ منضبط مين و متنيل مين ؟ بيقولك مستنهاش تلبس و لفحها على كتفه و جه . دا مش بعيد تلاقيها حامل اصلا . هاتولي شيرين بنت عمتي 


تدخل «طارق» غاضبًا 

_ بطل ياد انت . ايه جاب سيرة شيرين ؟ و بعدين حامل مين و زفت مين ؟ هتجيبلي مُصيبة ، و أصلًا مش انا اللي لفحتها يا خفيف . دا سليم . انا بس ناولتهاله وهو اللي شالها وداها العربية . 


شهق «مروان» بصدمة كان لـ« سليم» نصيب الأسد منها فصاح يُعنف «طارق»

_ سليم مين يا ابني انت ؟ عايز تخلص من المُصيبة تقوم تلبسهالي ! انا مالي هو كان في وقت اعترض حتى ؟!


التفت «مروان» إلى «سليم» بنظرات تساقطت منها الشماتة التي تجلت في نبرته حين قال 

_ سلومة بيه . اكنك مغضب البت في أقصى الصعيد و عاملي فيها شجيع السيما في بلاد الفرنچة ! نهارك مش فايت . هاتولي جنة . فين جنة ؟ 


برقت أعينهم جميعًا حين شاهدوا «سليم» الذي أخرج سلاحه و قام بشد اجزائه قبل أن يُمسِك «مروان» من تلابيبه وهو يقول بهسيس مُرعِب 

_ يمين بالله يا مروان الكلب لو جبت سيرة جنة ولا عقلك وزك تحكي قدامها أي حرف عن البت دي هفجر نافوخك . سامع . 


«مروان» بذُعر

_ سامع. اقولك . محدش هيودي الفستان للمزة غيرك .


سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ♥️


★★★★★★★★


كانت تبحث بعينيها عنه في كل الاتجاهات الى أن توقفت أمام باب غرفته علها تلمح طيفه ، فمُنذ قدومه قبل عشر أيام بذلك الجُرح الذي لم تعرف سببه للآن و قلبها بات كطفل صغير يُريد التعلُق بعنقه اينما ذهب . تخشى عليه من الهواء و تخشى الإفصاح عما يدور بخلدها حتى لا يعلم إلى أي مدى أصبح يتربع على عرش قلبها 

_ و بعدين بقى . معقول خرج من غير ما يقولي ؟ 


لم تكد تُكمِل جُملتها حتى وجدت يد قويه تعانق خصرها لـ تجذبها للخلف فإذا به يُدخلها أحد الغُرف و التي كانت غرفة «ريتال» فأخرجت شهقة قويه سُرعان ما لقِمها بفمه يُرمم ندوب الشوق التي انحفرت بقلبه يروي ظمأ روحه من وجودها الذي افتقده طوال سفرته التي كانت طويلة على عاشق مثله 

فصل اقترابهم بصعوبة اذعانًا لهوانها بين يديه فقد كان على وشك إزهاق روحها دون إرادته فقد انصاع مُلبيًا رغبات كُلًا من قلبه العاشق و جسده الراغب وكادت أن تكُن هي ضحية نهم كليهمَ إليها .

_ طارق حرام عليك كنت هتموتني . انا بقيت اخاف منك 


كانت أنفاسه اللاهبة عكس أنفاسها المُضطربة التي هدأت للحظات حين قال بصوتًا أجش

_ وحشتيني .  


هدأت نبرة الخوف في لهجتها قليلًا لتقول بخفوت

_ دي حجتك انك قاسي معايا ؟ 


رفع رأسه يطالعها بأعين التمع بهم العشق كشمسٍ ساطعة في أوج الظهيرة

_ مش محتاج حجة عشان اروي روحي منك . بس أنتِ فعلًا وحشتيني . 


تنحى كل شيء أمام عشقه الجارف و ذابت حواسها في حضرة وجوده 

_ انت كمان وحشتني . مكنتش اتخيل أن بعدك يأثر فيا كدا .

_ انا بقى كنت متخيل . قلبك قالي أنه ميقدرش على بعادي


هكذا خاطبها بأعين يلتمع بهم المكر و نبرة يفوح منها رائحه الكبر فتغنجت قائلة

_ ميقدرش على بعدك واحنا حبايب . أما غير كدا يقدر و يقدر اوي كمان . 


قهقه بصخب على حديثها قائلًا باستسلام 

_ لا وعلى ايه خلينا حبايب . اصلًا احنا مننفعش نكون غير حبايب ، ولا ايه ؟


كان المكر يُلون حدقتيه فتجاهلت ضجيج مشاعرها تجاهه و قالت بلهجة غلب عليها الحُزن 

_ انتوا كنتوا مسافرين عشان حاجه تخص بابا صح ؟ 


بدأ الغضب يتفشى في أوردته حين سمعها تناديه بذلك اللفظ الذي يُنافي حقارته فقال بجفاء

_ انسيه يا شيرين . اعتبريه مات واندفن . 


_ بس هو ممتش ولا اندفن يا طارق . 


هكذا تحدثت بلهجة مُلتاعه فأجابها بأخرى حادة كنصل السكين

_ يبقى تموتيه جواكِ . تمحيه من حياتك . مفهوم ؟ 


تعاظم الغضب بداخلها فهتفت بحرقة

_ ولو انا عملت كده هنرتاح ؟


زمجر «طارق» غاضبًا 

_ و ايه اللي هيريحك دلوقتي ؟ 


كانت فرصة ذهبية لم يسعها إلا أن تستغلها لصالحها فهتفت باندفاع

_ تجاوبني بصراحة . هو اللي عمل فيك كدا ؟ 


باغتتها إجابته الحادة و لهجته حين قال

_ ايوا هو اللي ضربني بالنار ، و انا كمان ضربته و كنت هموته مرة و اتنين و بسببك اتراجعت في آخر لحظة .


قال جملته الأخيرة صارخًا مما جعلها ترتعب من مظهره فقد بدأ كوحش ضخم بعروق نافرة و أعين جاحظة جعلتها تشعُر برغبة قويه في الهرب و قد لبتها على الفور حين استدارت لمغادرة الغرفة بأقصى سرعة


حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ♥️


★★★★★★★★


لما أحببته ؟

لم يسعني تجاوز ذلك الإستفهام الذي هُزِم قلبي أمامه ، فـ كانت الإجابة رُغمًا عني و عن كل ما يقف أمامنا من عثرات 

_ لقد كان يُرمم بداخلي أشياء لم يكُن مسؤولًا عن خرابها فلم أستطِع سوى أن اُحِبه .


نورهان العشري ✍️ 


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


كانت تجلس شاردة واجمة كـ تائه ضل طريقة في وسط صحراء قاحلة لاوجود للحياة بها وحين لاحت له من بعيد لافته توضح معالم الطريق لنجاته اتضح أنها كانت سبباً آخر لضياعه ، فما كان منه سوى السقوط بعد أن تلاشت قدرته على احتمال كل ما يحدُث معه ، كلما وقعت عينيها على تلك الأوراق التي تحمل خبر حملها في طفله و التي كانت لافته ضياعها بصحراء حياتها القاحلة ، فهي قد قررت الفُراق رُغمًا عن أرادتها و كل ما يُسببه من آلام لقلب حُرِمت عليه الطُمانينة طوال حياته ، و الآن يأتي ذلك الحمل ليُعيدها إلى نقطة الصفر معه من جديد ، فكيف يُمكنها تجاوز كل شيء و السماح لفرحتها به في الصعود إلى السطح ؟ كيف يُمكنها الركوض إليه و الارتماء بين ذراعيه وهي تصرُخ لقد اتت مُعجزة من السماء لتجمعنا من جديد ؟ كيف و طريقهما مُلغم بكُل تلك الأشواك الذي بات قلبها مرتعًا لها ؟ 

تركت عبراتها آثار البلل فوق الأوراق بيدها و كأنها تشكو ألامها و قلة حيلتها فقد أتى مُنذ عشرة أيام و لم يُكلف نفسه عناء التواصل معها و هاهي اليوم قررت التوقف عن انتظاره و الذهاب الى بيت جدها و لتترك مصيرهمَ للقدر يُقرره ، ولكن أتت تلك الصاعقة لتضرب رأسها فحين شعرت ببعض التعب أخبرتها سهام بأنها رُبما مُصابه بفقر الدم و قررت عمل فحص دماء شامله للإطمئنان على صحتها و هاهي صحتها الآن بصدد الانهيار أمام هذا الضغط النفسي التي تُعانيه . 

أخرجها من بحر آلامها صوت رنين الهاتف و الذي يحمل صوتًا كانت تفتقده بشدة فما أن رأت الاسم المُدون فوق الشاشة حتى أجابت بلهفة 

_«فرح» . 

لم تستطِع مقاومة شوقها الضاري لتلك العنيدة التي فارقتها في غفلة منها لم تكُن مقصودة و قد قررت مُعاقبتها بالعزوف عن التواصل معها بأي شكل من الأشكال ولكن اليوم قررت فك حظر التواصل و الإستجابه لذلك الاحساس القوي الذي أخبرها بأن شقيقتها بحاجة ماسة إليها 

_ عاملة ايه ؟ طمنيني عنك . 


أخذت تبحث بداخلها عن كلمات يُمكنها صياغه ما تمُر به ولكن لم تجد فقد هربت منها الكلمات فلم تجد سوى تلك الجملة التي لا تعلم أن كانت اعلانًا صريحًا ام شكوى مريرة؟ 

_ انا حامل يا فرح ..


بهتت معالمها لثوان من تلك القنبلة التي تلقتها للتو فهتفت باندفاع

_ بتقولي ايه ؟ 


تولت عبراتها الإجابة بدلًا عنها فتعالى صوت شهقاتها لتنتقل عبر موجات الهاتف لترتد بصدر «فرح» الذي خفق بعُنف فخرجت حروفها مُنبهرة حين قالت 

_ جنة . أنتِ بجد حامل ؟ دي دموع الفرح صح ؟ 


«جنة» بأسى

_ حامل ، و مش قادرة افرح ولا قادرة احزن . معرفش اللي انا فيه دا يبقى اسمه ايه ؟ 


أخذت نفسًا طويلًا قبل أن تقول باتزان 

_ دا شيء طبيعي يا حبيبتي في الظروف اللي أنتِ فيها دي . لكن في كل الأحوال هو خبر يطير من الفرحة يا جنة . 


_ نفسي اطنطت من الفرحة يا فرح ، خايفه . حاسة اني مينفعش افرح . مش عارفه . أنا مش عارفه حاجه يا فرح . انا ضايعه

هكذا تحدثت بلهجة يشوبها الإنفعال و تكسوها العبرات التي أغرقت وجهها و مقدمة صدرها الخافق بعنف فجاء صوت« فرح» ليُعيد بعضًا من هدوئها 

_ افهمي الاول يا جنة . اللي حصل دا معجزة عشان ترجعك للحياة من تاني . سبب قوي عشان تفوقي من اللي أنتِ فيه . ربنا بيسبب الأسباب و بيدهشنا بعطائه احمدي ربنا ، و اهدي عشان تقدري تستوعبي و تعرفي تفكري كويس . 


هدأت دواخلها قليلًا لكلمات «فرح» المُطمأنه ولكن كان هناك استفهامًا مُلحًا يدور بصدرها لم تفلح في قمعه أكثر من ذلك 

_ طب تفتكري سليم هيفرح بيه ؟ 


«فرح» بتعقُل

_ لما تفرحي أنتِ بيه ووتقدري تستوعبيه تبقي تفكري في سليم . ياريت تكوني أول أولوياتك يا جنة خصوصًا الفترة دي علشان تقدري تفكري في سليم و في ولادك و تتعاملي معاهم بالطريقة الصح . فهماني يا جنة ؟ 


أطلقت تنهيدا قويه ودت لو تُحملها جميع هواجسها المُرعبة حتى تستطيع الراحة ثم قالت بخفوت 

_ فهماكِ . 


_ خلي بالك من نفسك اوي عشان خاطري و خليكِ عارفه ان وجودك بعيد عني دا مموتني يا جنة بس صابرة عشان دا في مصلحتك . 


«جنة» بامتنان 

_ ربنا ما يحرمني منك يا فرح . ادعيلي كتير . 


_ ربنا يهون عليكِ و يهديكِ يا حبيبتي ، و يقومك بالسلامه أنتِ و البيبي .


أغلقت الهاتف مع شقيقتها و قد شعرت ببعض الهدوء يتسرب إلى قلبها ولكنه لم يكُن كافي لتكميم أفواه الوجع بداخلها ولكن لم تسنح له الفرصة في الاستفراد بها فقد جاء الطرق على باب الغرفة ليجعلها تقوم بمحو عبراتها قبل أن تسمح للطارق بالدلوف و الذي لم يكُن سوى «سهام» التي كان الحنان يتبلور في ملامحها و نظراتها وكذلك لهجتها حين قالت 

_ عاملة ايه دلوقتي ؟ 


«جنة» بنبرة مّتحشرجة من فرط البكاء 

_ الحمد لله أحسن . 


اقتربت «سهام» لتجاورها على الأريكة وهي تقول بحماس

_ حلو دا . عشان نعرف نتكلم . 


اومأت «جنة» بصمت فتابعت «سهام» قائلة 

_ قررتي هتعملي ايه ؟ 


أدارت رأسها في كلا الجهتين ثم قالت بخفوت

_ معرفش هعمل ايه بس بدأت أحس أني فرحانه . او انا من الأول كنت فرحانه لكن مكنتش مستوعبه الخبر . 


امتدت «سهام» لتربت على ظهرها بحنو تجلى في نبرتها حين قالت 

_ فاكرة أول يوم جيتي فيه هنا و حكتيلي اللى حصل بينك و بين سليم ؟ 


شردت بعينيها تتذكر ومضات من حديثهم ذلك اليوم 


عودة للوقت سابق


_ اللي يضحي بحب عمره و يضيع لحظة واحدة بعيد عنه يبقى مجنون ، و اللي تضيع واحد زي سليم من ايدها تبقى مجنونه يا جنة و أنتِ لا غبية ولا مجنونه يا جنة . 


ناظرتها «جنة» بضياع تجلى في نبرتها حين قالت 

_ اومال انا ايه ؟ 


«سهام» بتعقُل

_ أنتِ مجروحه يا جنة ، و دا شيء طبيعي لحالتك . كان مفروض قبل ما تبدأي حياة جديدة تردمي عالقديم قوليلي يا جنة أنتِ حبيتي سليم ؟ 


استفهام لم يكُن متوقع ولكنه افتعل زوبعة كبيرة في منتصف قلبها مما جعل عقلها يتشوش لهذا اجابتها بتيه 

_ لو السؤال دا له اجابه يبقى انا محبتهوش اصلا ، و أنا محبتش في حياتي غيره .


صححت سهام استفهامها قائلة 

_ اقصد ايه الحاجه اللي خليتك تأمنيله وسط الخوف و الألم اللي كنتِ عايشه فيه ؟ اشمعنا هو اللي قلبك اتفتحله بعد التجربة القاسية دي ؟ 


شردت بعينيها إلى البعيد وهي تتذكر ذلك الشعور الرائع الذي كان يجتاحها برفقته و من ثم أطلقت العِنان لقلبها لكي يُجيب

_ سليم وقف جنبي اكتر مانا وقفت جنب نفسي .

 هو اللي خرجني من الضلمة للنور ، على الرغم أنه مكنش سبب ولا حتى طرف في اي حاجه حصلتلي بس كان بيحاول بكل قوته أنه يصلح اللي اتكسر جوايا . 


«سهام» بتعقُل

_ حلو هو كدا عمل اللي عليه معاكِ .لكن أنتِ معملتيش اللي مفروض تعمليه لنفسك . 


_ مش فاهمه .


_ يعني سليم عمل كل اللي يقدر عليه عشان ينسيكِ وأنتِ استسهلتي و عملتي نفسك ناسية و مع اول دروب اللي هو رجوع حازم من تاني الجرح صحي و وجعه رجع اصعب من الأول و بقيتي لا عارفه تعيشي مع سليم بالنار اللي جواكِ ولا قادرة تبعدي عنه بس كنتِ بردو بتقاوحي. 


مدت يديها تمحي دمعها السخي فوق خديها قبل أن تُتابع 

_ والدليل على كلامي ناجي و تهديداته اللي خلتك عايزة تاخدي كل حاجه يمكن ترتاحي . شويه عايزة سليم ينتقملك من حازم و في نفس الوقت يفضل في حضنك ، و شويه و خايفه عليه من ناجي فعايزة تبعدي عنه و مش قادرة فكنتِ بتوجعيه يمكن يبعد هو و يريحك من الاختيار و كل دا غلط . كل دا دمرك و دمر نفسيتك اللي خلتك بتتحسسي من شويه الهوا . 


كانت تتلو حكايات وجعها على مسامعها بسلاسة مؤلمة خاصةً حين تابعت« سهام» 

_ لحد ما جه كلام سليم اللي أنتِ عارفه أنه من ورا قلبه خلاكِ وصلتي لنقطة النهاية مع نفسك اللي مبقتش متحملة ، و على فكرة انا مش بدافع عن سليم عشان هو غلطان و غلط كبير و ليكِ حق تزعلي و تعاقبيه كمان .


ظهرت حيرتها على ملامحها و تجلت في نبرتها حين قالت 

_ طب ليه لو هو من ورا قلبه ؟ عشان كلامه وجعني ؟ 


سهام بتعقُل

_ مش كدا وبس . دا عشان الراجل لازم يتحطله حدود خصوصًا لما يبتدي يحس أنه عملك كتير و ادالك كتير . لازم يفهم أنه مش بيتمنن عليكِ لما يقف جنبك أو يتحملك في ظروف حصلتلك ، و ان وجودك جنبه نعمه كبيرة اوي لازم يضحي عشانها. مفيش ست بتخسر لو وصلت لجوزها الأحساس دا بس طبعًا بالطريقة اللي متخليهوش ينفُر منها أو يحس أنها بتتفضل عليه . فهمتي ؟ 


تهدلت أكتافها بتعب قبل أن تقول بخفوت

_ فهمت . بس تعبت و اتوجعت لدرجة اني عايزة اختفي . عايزة ابعد حتى لو دا هيوجعني اكتر .


«سهام» باتزان

_ بصي يا جنة أنتِ جتلك فرصه عشان تستعيدي نفسك من جديد من غير اي ضغط ولا أهواء تجيبك و توديكِ ، و بالنسبة لسليم سيبي اللي بينكوا للأيام تحله ، و اوعي تقلقي لو ربنا كاتبلكوا ترجعوا لبعض هتلاقي المعجزات حصلت اتحققت تقربكوا . صدقيني انا اكتر واحدة مجربة دا . 


عودة للوقت الحالي


نظراتها كانت كافية لتعلم «سهام» أنها وصلت لمبتغاها فاقتربت تحتضنها بحنو تجلى في نبرتها حين قالت 

_ المعجزة حصلت ، و جه الدور عليكِ انك تأدبيه .


أوشكت على الحديث فقالت« سهام» بنبرة مُحذرة

_ و إياكِ تقولي الكلام الخايب بتاع انتهينا و الكلام دا . سليم بيجري في دمك يا جنة بالرغم من كل الوجع اللي جواكِ.


محت عبراتها و قالت بنبرة جافة

_ سليم رجع و مفكرش يجيلي ، و أنا مش هلومه ولا مستعجله أنه ييجي . خليني لحد ما استوعب المعجزة اللي بتقولي عليها ، و سواء جه أو مجاش هفرح بيها . عشان دي معجزتي أنا ربنا بعتهالي عشان يزيد تمسُكي بالحياة اكتر ، و مش اي حياه . دي الحياة اللي انا استحقها . 


شعرت «سهام» بالفرح من كلماتها التي كانت صادقة بدرجة كبيرة فشددت من احتضانها وهي تقول بتشجيع

_ شاطرة يا جنة أنا فخورة بيكِ اوي . كدا أنتِ صح . 

اكتفت بتلك الكلمات القليلة و لم تأتي على ذكر سليم مرة أخرى إلى أن تُصبِح هي مُستعدة لذلك .


حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ♥️


★★★★★★★★


بعد مرور عشر أيام كانت الأمور على صفيح ساخن و لكن بصمت الجميع يترقب وينتظر دون أن يجرؤ أحد على الاستفهام أو السؤال فالإجابة واضحه لا شيء 


زفر «سالم» بغضب تجلى في ملامحه المُكفهرة و عينيه اللتان أرسلت سهامًا مُحذرة للجميع بعدم الاقتراب ولكن لم تكُن تشملها تلك التحذيرات فوحدها من تجروء على اقتحام قلاعه السرية ودك حصونه المنيعة

رفع رأسه حين سمع قفل الباب يدور ليستكين صدره و تهدأ دقاته حين شاهدها تقترب منه بخطٍ هادئة و نظرات يعرفها جيدًا فأطلق تنهيدة قوية علها تُطفيء الحرائق المُندلعه في جوفه قبل أن يُعيد أنظاره إلى الأوراق التي أمامه وهو يقول بجفاء


_ اعمليلي فنجان قهوة يا فرح .


تقدمت منه لتقف خلف مقعده مُباشرةً و تمد كفوفها الحانية لتقوم بعمل مساج خفيف لـ أكتافه المشدودة كـ حال جسده بأكمله وهي تقول بنبرة لينة

_ القهوة كتير كدا غلط عليك. 


_ متفتيش يا فرح . القهوة مش غلط ولا حاجه . روحي اعمليلي فنجان قهوه خليني افوق .


على عكس المتوقع منها فقد اقتربت لتُلثم عنقه بحنو تجلى في نبرتها حين قالت 

_ لو عايز تفوق انا هفوقك يا روحي . لكن مفيش قهوة تاني .


زفر بغضب فتابعت تدليك عنقه بطريقة مُثيرة وهي تقول بهدوء

_ بساعدك على التركيز على فكرة . 


أجابها «سالم» بتهكم

_ كدا بتساعديني اركز اومال لو عايزة تلغي عقلي خالص هتعملي تعملي ايه !


«فرح» بمُزاح

_ لما اكون عايزة اعمل كدا هتعرف وقتها هعمل ايه .


نجحت في إقحام البسمة على ملامحه المُكفهرة التي لانت قليلاً بفضلها فتابعت بحنو 

_ بقالك من يوم ما طارق و سليم رجعوا و انت حالك كدا . بدل ما تبقى مبسوط أنهم رجعوا بالسلامة.


«سالم» بجفاء

_ ماهم رجعوا بكوارث معاهم . هما جايين فاضيين . 


«فرح» بتصحيح

_ بس رجعوا و دا المهم . فاكر من كام يوم كنت قلقان و خايف عليهم جاي بعد ما رجعوا بدل ما تحمد ربنا تبقى متعصب كدا ! 

هدأت دواخله قليلًا قبل أن يقول بنبرة جافة

_ طبعًا الحمد لله . بس اللي جاي يقلق يا فرح و خصوصًا أنه مليان ألغاز .

دارت حول مقعده لتسكُن في مكانها بجانب صدره و فوق قدميه وهي تقول بنبرة مُتزنة

_ هتتحل . بالهدوء و الحكمة هتتحل . مش هقولك احكيلي بس هقولك أهدى عشان تعرف هتتصرف ازاي ؟ 


صمت لثوان و عينيه تُبحران فوق ملامحها بحُب طغى فوق جميع هواجسه و تخبطاته و بأنامل حانية قام بإرجاع أحدى خصلاتها إلى الخلف قبل أن يقول بغموض

_ فرح تفتكري ايه رد فعل واحدة عرفت بعد حاجة و عشرين سنة ان ليها ابن ؟ 


لوهلة انكمشت ملامحها بصدمة من فداحة استفهامه التي تعلم علم اليقين بأن خلفه الكثير فقالت بترقُب

_ كان مخطوف يعني ؟ 


تابع اللهو بخصلاتها الحريرية وهو يقول بنفي

_ لا . متعرفش بوجوده من الأساس . 


_ ازاي دا ؟ هو في كدا ؟ 


«سالم» بتفكير 

_ تفتكري في كدا ؟ 


انحبست الأنفاس في صدرها وهي تقول بترقب

_ مين الست دي يا سالم ؟ 


«سالم» باختصار ادهشها

_ عمتي ! 


شهقة قويه خدشت جوفها حين وقعت كلماته فوق مسامعها وقوع الصاعقة التي جعلت فكها يتدلى الي الأسفل من فرط الصدمة فلم يستطِع تجاوز ذلك الإغراء الذي تحدى ثباته بشراسه فاقترب يغترف من حسنها ما يكفيه لحجب كل تلك الأفكار التي تعصف برأسه حتى كادت أن تنفجر لولا وجودها الذي أحسن استغلاله حتى يهدأ ولكن اي هدوء حين تتيقظ رغبته العاتيه بها و التي يُحركها عشقًا جارفًا سيطر على كلاهما للحظات قبل أن يفصل اقترابهم و يقول بصوتًا أجش

_ احسن حاجه في الدنيا دي انك موجودة .


لم تفلح تلك المشاعِر التي يُثيرها داخلها في حجب فضولها الذي جعلها تقول بأنفاس مُضطربة

_ انا دايمًا موجودة. بس ياريت تستغل وجودي دا و تفهمني ايه اللي بتقوله دا ؟


زفر بحنق قبل أن يقول بفظاظة

_ اللي سمعتيه .

_ متنقطنيش يا سالم . 


احتدت نبرته قبل أن يقول بنفاذ صبر

_ معنديش غير اللي قولته ، و حتى دا كمان مشكوك فيه . 


حاولت جره إلى الحديث قائلة بهدوء ثمين لم تكُن تتحلى به 

_ طيب عرفت ازاي ؟ متقوليش ان دي المهمة اللي كنت مكلف طارق و سليم بيهم ؟ 


«سالم» بحفاء

_ أنتِ اللي قولتي مش انا . 


«فرح» بحنق

_ وانت اللي هتكمل . 


زفر بغضب و قص عليها ما حدث في تلك السفرة و ذلك الشاب الذي من المُفترض أنه الآن ابن عمتهم و ذلك الحقير ليختتم حديثه و هو يُشير إلى تلك الأوراق التي تُثبت صحة نسب ذلك الشاب إلى عمته .

هبت «فرح» من مكانها وهي تقول بصدمة

_ انت بتقول ايه ؟ بقى عمتك عندها ابن من ناجي ؟ ازاي ؟ هو دا معقول ! خلفته امتى ؟ اكيد مش ابنها . دي عمرها ما جابت سيرته ولا حتى قالت إن ليها ابن مخطوف ولاحتى ميت ! 


عند هذه النقطة أضاء عقله بوميض من الذاكرة منذ أكثر من ثلاثة و عشرون عامًا حين قامت عمته بوضع مولود ولكنه توفي يوم ولادته ولكنه كان فتاة وليس صبي ! 

_ ما يمكن مشافتهوش اصلًا عشان تحكي عنه ! 


هكذا تحدث «سالم» بينما سبحت عينيه في بحرًا من الأفكار التي جعلت «فرح» تقترب منه قائلة باستفهام 

_ تقصد ايه ؟ انا مش فاهمة حاجه . 


أجابها «سالم» و هو يسرد لقطات من الذاكرة البعيدة

_ عمتي بعد ولادة سما خلفت بنت و مفروض أنها اتولدت ميته عشان كانت في السابع ، و الكلب دا سافر ليله الولادة لما عرف انها ماتت و عمتي تعبت و جالها حُمى من الزعل . 


شهقت «فرح» بصدمة خيمت على كلماتها حين قالت 

_ انت بتقول ايه ؟ انا مش مصدقة نفسي . معقول يعمل كدا و يقهرها بالطريقة دي ؟ طب لو كانت حجته معاها خلفة البنات ماهي جابت الولد ايه خلاه يخبيه عنها ؟ 


اكتظت ملامحه بالغضب الذي انبعث من ملامحه حين قال

_ عشان حقير ، و قذر . ناوي على الغدر من سنين . المشكلة دلوقتي هتعرف عمتي و البنات ازاي بوجوده ؟


دارت حول نفسها وهي تضع يدها فوق جبهتها و كأنها تعتصرها لإخراج افكار و ربما حلول لهذا المأذق فاندفعت قائلة بقلة حيلة

_ المواجهة هي اسلم حل يا سالم . ملهاش مخرج غير كدا .


«سالم» بحدة

_ الكلام دا لو كان الوضع طبيعي . انما دا أفكاره مُسممة من ناحيتها . متضمنيش بيفكر في ايه ؟ 


«فرح» بسخط

_ ما هم سمعوه و هو بيقول مش هقتلها . يعني بالرغم من كل الكره اللي جواه هو مش وحش .


«سالم» بتعب

_ دي الحسنة الوحيدة اللي في الموضوع ، و اللي مخلياني متطمن و في نفس الوقت فتحت أبواب الشك جوايا .

_ تقصد ايه ؟ 


«سالم» بتفكير

_ اقصد أن في حاجه غلط . ناجي شيطان . شيرين عاشرته كام سنة و قدر يكرهها في الناس اللي اتربت معاهم عمرها كله . ازاي دا عايش معاه طول حياته و بيفكر كدا ؟ 


استمهل نفسه يُحاول جمع افكاره قبل أن يُتابع بجفاء

_ كمان بيقوله انقذتني عشان تاخد انتقامك . يعني من الواضح أنه عملية الإنقاذ اللي ضاحك بيها عليه تمت في وقت قريب والا مكنش هيفكر فيه بالطريقة دي ؟ 


«فرح» بتفكير 

_ تصدق عندك حق . هو واضح أنه شايل منه ، و ممكن يكون دا السبب أنه فكره سايبه السنين دي كلها و رجعه لماحب ينتقم منكوا . 


توقفت عن الحديث لثوان ثم هتفت بحماس

_ بقولك ايه ؟ هو مش ممكن يكون عمل معاه زي ما عمل مع نجمة ؟ 


_ تقصدي ايه ؟ 


_ اقصد ممكن يكون سابه عند حد من معارفه يربيه لحد ما ييجي الوقت اللي هيحتاجه فيه . 


لاحت بوادر الاقتناع على ملامحه من حديثها ولكنه لم يقضي على شكوكه كاملةٍ فقال باستنكار

_ نجمة مكنتش تهمه يا فرح . دا رماها مع ناس على قدهم بهدلوا البنت . انما دا مهما أن كان ابنه و هو محتاجه . 


اندفعت قائلة باستفهام

_ طب بقولك ايه اوصفلي شكله كدا ؟ 


ضيق عينيه باستفهام كان خشنًا حين قال

_ يعني ايه؟ 


«فرح» بتفسير

_ يعني مثلا شكلة متبهدل لكنته مثلا بتوحي ببيئة معينة نشأ فيها. عندك نجمة لسه متأثرة بجو المكان اللي عاشت فيه بالرغم من أنها بقالها كام شهر عايشة في بيت عمو صفوت . أكيد هو بردو في حاجه مُميزة فيه بتدل على المكان اللي نشأ فيه و أن كان عاش عمره كله مُرفه او اتبهدل ؟ 


أخذ يتذكر ملامحه و هيئته التي تدُل على أنه خضع لتدريبات قاسية و لم يكُن مُرفه بكل ما تحمله الكلمة

_ هو ضخم كإنه قضى عمره كله بيتمرن . دا حتى اضخم من طارق . ملامحه خشنة و لهجته فيها قسوة متحسيش أنه يدوب عنده تلاته وعشرين سنة . واثق من نفسه ، عنده ثبات انفعالي كبير ، ذكي ، و طبعًا واخد مكر ناجي بس هو اذكى بكتير . 


هتفت« فرح» بحماس

_ هو دا . زي ما قولت هو سابه عند حد يعرفه و كمان يعرف حكايته و كان الوقت دا كله بيجهزه عشان يبقى شخص قوي و يقدر يواجهكوا و ينتقم منكوا. 


«سالم» بخشونة 

_ ماشي هوافقك بس مين الراجل اللي هيكون قريب من ناجي بالدرجة دي ؟ ممكن يكون حد من رجالته ؟ 


«فرح» بتحفيز

_ موضوع رجالته دا مش حاسه أنه صح . حل مستبعد بس وارد . انا حاسه ان اللي رباه حد تاني بعيد عن ناجي و العالم بتاعه . 


أخذت الكلمات تتقاذف في عقله تحاول أن تجد مخرج لتلك الأحجية التي كلما شعر بأنه وصل إلى حلها يجد نفسه أمام اختبار اخر ولكن فجأة توقف عقله عند نقطة ما جعلته يلتفت الى الهاتف لإجراء مكالمة هاتفية و حين أجاب الطرف الآخر تحدث بغموض

_ عملت ايه معاها ؟ 

لحظات من الصمت كان يستمع إلى الجانب الآخر من الهاتف ليقول بقسوة

_ خليك مُحتفظ بيها شويه يظهر أنها مخبية كتير . 


قاطع حديثه دخول «سليم» إلى الغرفة فقابلته «فرح» بأعين التمع بها الغضب و أشاحت بنظرها إلى الجهة الأخرى فتجاهلها «سليم» الذي انتظر الى أن انتهى «سالم» من مكالمته ليقول باختصار

_ أنا مسافر . 


«سالم» بجفاء

_ على فين ؟ 


_ الصعيد . عند صفوت .


ما أن تفوه بجملته حتى التفتت« فرح» تُناظره بصدمة سرعان ما تحولت لشعور عارم بالفرحة التي لم تخفى على «سالم» الذي قال بدهاء

_ ليه ؟ 


تجاهل غضبه من استفهام «سالم» الذي كان يُريد إرضاء حبيبته وهو غاضب منها و بشدة فقال بجفاء

_ رايح ارجع مراتي . 


«سالم» بهدوء مُثير للإستفزاز

_ وهي مراتك قالتلك أنها عايزة ترجع ؟ 


غزت الدماء عينيه التي تحولت إلى بِركة حمراء يموج بها الغضب كأمواج عاتية قادرة على الأطاحة بالجميع لذلك آثر الاختفاء من المكان بأكمله فألقى جملته بحدة وهو يتوجه إلى باب الغرفة 

_ وهي الهانم كانت قالتلي انها ماشيه عشان تقولي أنها عايزة ترجع ! 


شيء ما داخلها أجبرها على التفوه بتلك الجملة الصاعقة

_ على فكرة الهانم حامل ، و مش هتتحمل اي ضغط عصبي في الوقت دا . 


توقفت الدماء بأوردته و طنت أذنيه حتى أنه ظن بأن ما سمعه كان مُجرد تخيُل منه ، ولكن اي تخيُل يُمكِن أن يجعل قلبه يدُق بصدره بتلك الطريقة حتى أوشك على تحطيم ضلوعه مما جعله يلتفت إلى «فرح» التي ما أن رأت ملامحه المشدوهه و صدره الذي يعلو و يهبط من فرط التأثر حتى شعرت بأنها فعلت الصواب 

_ بتقولي ايه ؟ 


«فرح» بجفاء

_ اللي سمعته . ربنا بعتلك مُعجزة عشان تصلح كل اللي عملتوه انت و هي ، و ياريت تستغلوها صح . 


لم يُزيد فقد التقمت أذنيه كلمة مُعجزة و التي كانت أمنيته التي لم يجروء على تمنيها ولو بينه وبين نفسه ولكنها جاءت كـ غوث الأمطار على بقاع صدعتها عجاف الفُراق .


خروجه بتلك الطريقة كان اعلانًا صريحًا منه بأنه لم يجعل تلك المُعجزة تذهب هباءً منثورًا مما جعل شعورًا عارمًا بالسعادة يكتنفها لم يُمهلها الاستمتاع به حين جذبها من خصرها بغته لتستقر بين ضلوعه التي كانت تخفق بعنف تردد صداه على ظهرها المُلاصق له و جاء هسيسه الخشن كـ دغدغات أصابت سائر جسدها برعشة قويه تحمل من اللذة الكثير 

_ شايفك بقيتي تدي أوامر وانا موجود ؟ اسمي دا ايه ؟ 


كان يُمرغ أنفه فوق عنقها بشغف قاتل اجتاح جسدها كفيضان ضاري أصاب سدًا هش فأسقطته فقد كانت قاب قوسين أو أدنى من السقوط بين ذراعيه لتتمزز بنعيم قربه الدافيء ولكنها استجمعت ثباتها كي تُجيبه بدلال 

_ بستغل سُلطتي في مانع ؟ 


كانت مُثيرة دون حدود تعزف بشفاهها الحان مُغرية لم يفلح في مُقاومتها فشدد من احتضانها حد الألم الذي آنت به ضلوعها في تلك اللحظة ليقول بعبث اذاب أوصالها 

_ ما قولتلك قبل كدا أنتِ تقولي و تعملي اللي أنتِ عايزاه . 


جاءت نبرتها عابثة حين قالت

_ اهااا . دا انت فوقتلي بقى .


نقشت ملامحه لحنًا مُغريًا على خصرها قبل أن يقول بهسيس خشن

_ لسه هفوقلك متقلقيش . انا بسخن بس . 


انفلتت منها ضحكة صاخبه خربشت ثباته الذي تلاشى أما اغوائها ليُديرها إليه مُلتهمًا ثغرها بقوة كانت تُخيفها سابقًا والآن تُضرِم نيران الشغف في سائر جسدها الذي يستجيب لقربه بسرعة البرق فأصبحت تأخذ و تعطي بنهم لم تعُد تخجل منه و قد كان هذا أروع شعور عايشه معها أن يشعُر بلهفتها و توقها لعشقه الذي كان ضاريًا للحد الذي جعله يغترف من حُسنها بتلذُذ أفقد كُلًا منهما صوابه . 


(اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يُعزُّ من عاديتَ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليت) ♥️


★★★★★★★★★


بمزيج من الأسي انعي حكاية عشقًا لم يكتمِل ولن ينتهي 

و نجاته هي دربًا من دروب المستحيل . عشقًا ولِد من رحِم المُعاناة سُطرت حروفه بدماء القلوب ، ارتوت جذوره بعبراتها ، وأنجبت غصونه ثمار السعادة التي لم أجرؤ علي تمنيها من الحياة يومًا واليوم انا قتلتها و بيدي نفذت حكم الاعدام بحق قلبي و انهيت كل شئ و عُذري البائس كان القصاص من ظلمات قدرًا لم يرحم ضعفي ولا وجعي يومًا .


نورهان العشري ✍️ 


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


بعد أن اطعمت صغيرها و وضعته في فراشه شعرت بالملل الذي جعلها تتوجه إلى حيث ارشدها قلبها و انصاعت خلف بؤرة الحنين التي جذبتها إلى تلك الحيوانات الرائعة لتتمتع برؤيتها و استرجاع ذكرياتها الرائعه معه فراقت لها تلك الفرسة الرائعة الجمال فاقتربت منها إلى أن وقفت أمامها لتمد يديها بحنو تُداعب فوق خصلاتها الرائعة وهي تقول بمُداعبة

_ عاملة ايه يا جميلة ؟ 


صهلت الفرح بقوة فارتسمت ابتسامة رائعة على ملامح «جنة» التي لا تعلم لما انتابها شعور عارم بالهدوء و الطُمأنينة التي تحولت إلى صدمه جعلت أنفاسها تعلق بصدرها حين سمعت كلماته الساخرة 

_ ايه اللي مخرجك في الوقت دا ؟ اوعي تكوني بتفكري تطيري لوحدك ؟ 


لولا جملته الأخيرة لظنت أنها واهمة و أصابتها حمى الشوق التي جعلتها تتخيل وجوده ولكن لا فهو هنا و هذا هو السبب لتلك الطُمأنينة التي غزت جسدها فجأة . 

لكل ما تمتلك من ثبات التفتت لتتقابل سمائها السوداء بخاصته المُلبدة بعواصف و غيوم غاضبه تجاهلتها عمدّا قبل أن تقول بجفاء

_ انت هنا من امتى ؟ 


باغتتها كلماته التي تنافى ما تحمله من مشاعر مع لهجته القاسية حين قال

_ من وقت ما حسيتي بوجودي . 


_ غريبة انا محستش انك موجود خالص ؟ 


_ كذابة و فاشلة في الموضوع دا اوي . 


تفشى الغضب في أوردتها و كان خديها ساحته التي تخضبت فبدت شهية رائعة لذلك الصائم عن العشق منذ رحيلها 

_ و ياترى ايه اللي جابك ؟ 


_ بلاش اجي ، ولا مفروض اني مجيش غير لما سيادتك تقوليلي تعالى . ماهو أنتِ اللي بتقرري دلوقتي.


هكذا تحدث بسخرية مريرة فأجابته بتهكم اغضبه

_ والله انا بقرر عن نفسي و عن اللي يخصني و بس . 


تشدق ساخرًا

_ اه كملي البوقين بتوع الستات دول ، انا حرة ف نفسي و بدور على راحتي و الكلام دا بس يا ترى يا جنة لقيتي راحتك بعيد عني ؟ 


قال جملته الأخيرة بعتاب قاس لم تخطيء فهمه ولكنها تجاهلته وهي تقول بجفاء

_ راحتي دي تخصني و كل واحد يدور عاللي يخصه بعد كدا . 


قهقهات ساخرة اندلعت من جوفه كانت ابعد ما تكون عن المرح مما أثار استهجانها و خاصةً حين قال بنبرة تحوي الألم في طياتها 


_ راحتك دي تقريبًا اللي مكنتيش بتلاقيها غير في حضني . دلوقتي بقت متخصنيش ؟ 

_ عايز ايه يا سليم ؟

تجاهلت ما اشعلته كلماته في جوفها و تحدثت بجمود يتنافى مع لوعة قلبها و نزيف الروح الذي لا يتوقف أبدًا فـ هالها مظهره الغاضب و جمرتاه التي اشتعلت بـ نيران الجحيم الذي سكبته حروفه علي مسامعها حين قال 

_ عايز اللي ليا . مش بتقولي كل واحد يدور عاللي يخصه و بس !


التزمت الجمود منهجًا في مواجهة رجل ينصهر الجليد في حضرته و أمام عينيه 

_ بس انت ملكش حاجه هنا .


ابتسامة ساخرة شوهت ملامحه حين أجابها مغلولًا 

_ دا مين اللي قال كدا ؟ 

ضمت شفتيها بالحديث فقالت باختصار 

_ انا .


نالت ابتسامته الساخرة منها فـ أردفت بحنق

_ ايه مش من حقي اتحكم في حياتي و امشيها زي مانا عايزة؟ 


اختصر أطنان من الوجع و العشق بجملة قاطعه 

_ لا مش من حقك .


تجاهلت ثورة قلبها و سيل المشاعر الجارف الذي اكتنفها وقالت ساخرة 

_ و هستني ايه من سليم الوزان غير كدا ؟


اختصر الخطوات الفاصلة بينهم و حاصرها بنظرات تعانق بها الغضب و الألم معًا و سكب حروفه علي مسامعها بنبرة خشنة

_ طب اعرفي بقي انك أنتِ و ابنك و حياتك و ابني اللي في بطنك و حتي الهوا اللي بتتنفسيه ملك لـ سليم الوزان يا جنة .


كان اعترافًا مُروعًا بالحب نُقِشت حروفه فوق جدران قلبها ولكن جملة واحدة كانت كافية لخطف جميع حواسها 

_ ابني اللي في بطنك !


لاحظ وقع كلماته عليها فتابع بقسوة توازي قسوة يديه التي قبضت على رسغها بعنف 

_ لو فاكرة اني معرفش انك حامل تبقي غلطانه . انا مفيش حاجه معرفهاش .


سؤال مرير عرف طريقه من بين شفتيها

_ عرفت ازاي؟

_ ميخصكيش .


اندلعت الحروب بجوفها فأطلقت العنان لنيرانها أن تحرقه حين قالت بصراخ 

_ لا يخصني . و بعدين تعالي هنا . انت مفكر أن كل حاجه هتتصلح لمجرد اني حامل !


ضيق عينيه و قست لهجته حين قال 

_ لا مفيش حاجه هتتصلح لمجرد أنك حامل . كل حاجه هتتصلح لما تعقلي .


صرخت بقهر فاض به قلبها 

_ و حتي لو عقلت هقدر اسامح ؟


تشابهت عينيه مع نبرته الجامدة حين قال

_ اتعودتي تسامحيني مش هتيجي عالمرة دي !

تحولت غيمات الحزن الى ألسنة لهب مشتعله فأطلقت سهامها بغل 

_ تصدق انك بجح . انا مشوفتش في حياتي حد كدا . انت مش طبيعي . 


تجاهل ثورتها علي الرغم من أن كلماتها استقرت بمنتصف قلبه وجاءت نبرته باردة حين قال 

_ هعمل نفسي مسمعتش وهعتبر أن دي لحظة غضب .


كلماته وضعتها علي حافة الجنون فـ نفضت يديها من يديه بعنف و هدرت بصورة شبه هستيرية

_ هتعمل نفسك مسمعتش . لا انا بقي هسمعك . انا بكرهك . بكرهك يا سليم يا وزان . بكرهك. 


دوي صراخها في المكان المعزول من حولهم و أخذ يتردد في الأرجاء و كأن قلبه لم يكن يكفيه ألمه من كلماتها لـ تتردد بكل مكان حوله فـ تكالب عليه الشعور و تآذر به الغضب الذي أظلمت به عيناه فتقدم نحوها بخطٍ وئيدة تحمل شئ ما أخافها و خاصةً حين قال بهسيس مرعب 

_ حلو . انا بقي هديكِ أسباب اكتر تستحق انك تكرهيني كل الكره دا .


هوى قلبها بين ضلوعها و ابت قدماها الحركة بينما همست شفتيها بذعر ارتج له سائر جسدها

_ سليم . انت هتعمل ايه؟


الفصل الخامس والعشرون من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-