رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل الخامس عشر 15 بقلم سيلا وليد




 رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل الخامس عشر 15 بقلم سيلا وليد 



الفصل الخامس عشر 

لإإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

ممكن فوووت ياحلوين

ليه مفيش تفاعل كويس على الرواية هي مش عجباكم ولا إيه

ما أصعب أن تبكي بلا دموع، وما أصعب أن تذهب بلا رجوع، وما أصعب أن تشعر بالضيق وكأن المكان من حولك يضيق، ما أصعب أن تتكلم بلا صوت، أن تحيا كي تنتظر الموت، ما أصعب أن تشعر بالسأم فترى كل من حولك عدم، ويسودك إحساس الندم على إثم لا تعرفه وذنب لم تقترفه.

❈-❈-❈

فتح باب السيارة وساعدها بالجلوس ، ثم قام بالرد على رنين هاتفه

-أيوة ياعمو، حاضر ياعمو راجعين ..استقل السيارة وعيناه تراقبها بصمت

وضعت رأسها على الزجاج مغمضة العينين ..جذب كفيها ، ينظر إليها بآسى من برودتهما التي تشبه برودة الثلج

-جنى..بصيلي ..عصرت عيناها ألمًا، فصوته يرسل إليها ذبذبات غير قادرة على تحنيها

-جنى ..كررها عدة مرات، حتى أدار بذقنها إليه :

-متعمليش كدا لو سمحتي، بلاش توجعي قلبي لو سمحتي

-بص قدامك ياجاسر، لو عايز نوصل سالمين، مش عايزة اسمع حاجة ممكن

قالتها بجمود، ثم نزعت كفيها من بين يديه واستدارت تنظر من نافذة السيارة قائلة:

-البيت كله اتحرق، ولا لسة فيه ذكريات

أطبق على جفنيه وكأن كلماتها سوط يطبق على عنقه ، ورغم ماشعر به من آلامًا أجابها

-ياسين راح البيت وبيقول الدور العلوي بس، تحت كله تمام، حتى هو اللي جاب تليفونتنا، وشوية ذكريات زي ما بتقولي

مازالت تنظر بالخارج تستمع إليه بصمت، حمحم قائلا:

-لازم نتكلم ياجنى، لازم تعرفي حقيقة رجوع فيروز

-ميهمنيش ..انت ومراتك أحرار..قالتها بنبرة ثلجية

تعاظم الغضب بداخله وغلت دمائه بداخل عروقه حتى زفر بنيران متأججة من جوفه وهتف بنبرة غاضبة:

-لأ يامدام هتسمعي، ولازم تعرفي اني مش خاين ولا كذاب، علشان لوفضلتي كدا يبقى فعلا ثقتك فيا كارثية

طالعته ببرود وتحدثت:

-وأنا مش عايزة اسمع، مبقاش يهمني قولتلك، عايزة ارجع جنى قبل ماتحبك

سحب ذراعها بقوة وكأنها أخرجت شيطاينه :

-اسمعي الكلمتين دول علشان مش هعيد كلامي ..انا مخنتكيش، واللي عملته دا كان غصب عني ، كان لازم اكون راجل زي ماتربيت، منكرش أن اتلعب بيا، بس مش مهم، كله مردود، وحياتك عندي لأعرف ارجع كرامتي اللي انداس عليها بسببكم ، انت وعدم ثقتك فيا وحبك اللي طلع مهزوز، وهي بخداعها وشغل الشياطين، وحاضر مش عايزة تسمعي أن شالله ماسمعتي ولا عايز ابررلك انا كمان

كلماته اشعلت نيران قلبها حتى تجلى الضيق على ملامحها ممزوج بالحزن فشعرت بالخذلان منه ..فاعلنت بينها وبين نفسها استرداد كرامتها وأنوثتها بتحديها إليه فاستدارت مردفة:

- خد حقك وذيادة ياحضرة الظابط ، بس وانت بتاخد حقك مني افتكر إنك وجعتني في الاول ووجعتني في الاخر، ورغم نفس الوجع لكن المرة دي وجعتني ودبحتني الاتنين مع بعض

توقف بالسيارة فجأة مما احتك إطارها بالأرض مصدرة صوتا ثم جذبها بقوة يحتضن ثغرها حتى يجعلها تصمت ولم يستمع لشيئا آخر يؤذي كلا منهما

دفعته بقوة بعدما شعرت بقساوة قبلته لأول مرة..تركها عنوة لأحتياجهما للهواء ثم تحدث بفظاظة

-اسمع نفسك هعمل اكتر من كدا، قالها وتحرك بسرعة جنونية حتى وصل خلال دقائق معدودة لحي الألفي، توقف يشير إليها

-انزلي..ظلت للحظات بمكانها ..صاح بغضب :

-انزلي..ترجلت من السيارة وجدت والدها بإنتظارهما ..وزع نظراته بينهما ، تراجع بسيارته للمغادرة فأشار إليه

-,تعالى عايزك..ذهب ببصره لزوجته، التي تحركت متجهة لوالدها ، علم حينها بأن عمه علم بكل شيئا

احتضنها يقبل جبينها ثم أردف:

-روحي على بيت جوزك ، بعدين نتكلم اومأت له ثم تحدثت:

-دا اللي ناوية اعمله، مش عايزة مشاكل بين عز وجاسر اكتر من كدا، بلاش تعرفه حاجة، وانا من جهتي مش هحسسه بحاجة

-ادخلي حبيبتي ارتاحي، وشك مخطوف، وانا هتكلم مع جوزك شوية، غنى وصلت من شوية هي وبيجاد، مش عايزك تتكلمي مع حد

تحركت بعدما وصل جاسر

-عندي شغل مهم ياعمو، لو ينفع نأجل أي كلام لما ارجع..استمع الى صوت غنى تهرول إليه بلهفة

-جاسر..استدار إليها، تحرك حتى وصل إليها ..احتضنها بعدما لمعت عيناها بدموع الخوف عليه ، بحثت بجسده، نظرت متألمة للأحمرار ذراعيه

-حبيبي، انت كويس؟!

لثم جبينها ثم رسم ابتسامة

-كويس حبيب اخوكي، حمد الله على السلامة ..احتضنت وجه متسائلة

-ازاي البيت يولع حبيبي!!

-حبيبتي أنا عندي شغل ممكن لما ارجع نتكلم، أشار بعينيه لدلوف جنى

-خلي بالك من جنى، لسة متأثرة من اللي حصل ، وياريت تخليها ترتاح

ابتسمت له

-في عيوني حبيبي متخافش، قلبك أمانة عند اختك، طبع قبلة على كفيها

-حبيبة اخوها اللي بتفهمه من غير كلام

ضحكت واستدارت متحركة لداخل المنزل ، اختفت ابتسامته وعبثت ملامحه عندما استمع لصوت صهيب

-دا وعدك ليا ياجاسر، ليه تعمل كدا يابني

استدار بهدوء واقترب مردفًا:

-أنا ماخذلتكش ولا خنتك، وافتكر حضرتك طلبت مني ارجعها وانا رفضت، يعني لو كان في نيتي حاجة كنت ماصدقت ، لكن للاسف سوء الفهم وجعنا كلنا

أشار صهيب بكفيه

-تعالى لازم توضحلي اللي حصل قبل ماأبوك يوصل

توقف متسّمرا ثم تسائل:

-بابا عرف حاجة..هز كتفه بعدم معرفة، ثم تحدث :

-اكيد دا جواد الألفي، جلس وأشار إليه

-تشرب قهوة، ولا اخلي نهى تعملك فطار

رجع بجسده على المقعد

-ماليش نفس، كنت عايز تتكلم معايا في اللي حصل مش كدا!!

-الأول قولي الكلام صح ولا لأ..أنت فعلا رجعت فيروز

زفرة حارقة خرجت من أعماق جوفه ثم سحب بصره بكل الاتجاهات بعيدا عن عمه

-الأول حضرتك مصدق إني ممكن أذي جنى أو اخونها

-لأ..قالها صهيب بهدوء، ثم استند بذراعيه على المائدة

-بس عارف قرارتك الغلط، ساعات بتدي قرارات من غير ما تفكر نتائج القرارات دي ايه

دقق النظر بعيناه ثم تسائل:

-رجعت فيروز علشان هددتك أنها تعمل حاجة في جنى مثلا

هز رأسه بالنفي ثم تحدث:

-فيروز كلمتني واحنا مسافرين وقالت لي عايزة خدمة ومحدش يقدر يساعدني غيرك..تنهد ثم سحب نفسا وأخرجه بهدوء

-كانت مقدمة على وظيفة في الخارجية لإحدى الدول العربية والوظيفة دي ليها بعض الشروط

كان يستمع إليه بإهتمام ، فاستطرد حديثه:

-كلمت راكان البنداري وطلبت منه يتدخل ويمشيلها الدنيا، بس طبعا الوظيفة دي مش بالوسطة بالشهادات والتاريخ العائلي، وفوق دا كله لازم يكون حد ضامنها

اتجه بنظره لعمه واستأنف

-رفضوا ورقها بحجة أنها مطلقة، والشرط يكون أنها متزوجة ..مسح على وجهه بعنف يفرك جبينه

-والله ياعمو أنا حاولت أساعدها، حاولت أخرجها من تحكم امها فيها، وخاصة لما عرفت الحفلات والقرف بتاع كل ليلة

سحب كم من الهواء ثم لفظه بقوة واستأنف :

-فيروز كويسة ياعمو، ظروفها وحشة وامها دي...بتر حديثه صهيب

-لما هي كويسة يابن اخويا طلقتها ليه؟!..باغته صهيب بنظرة مطولة حتى يكتشف دواخله

أشاح جاسر بعينيه بعيدًا عنه

-دا سؤال ولا شك ياعمو..نهض صهيب يضع كفيه بجيب بنطاله

-بنتي حاولت تنتحر وحضرتك جاي تبررلي بحجة متدخلش طفل عيل، مالي ومال فيروز، حدقه صهيب غاضبا

-متبصليش كدا، انت ظابط يابني، ولازم يكون عندك الحس البوليسي

أشار بإبهامه إليه

-اخدت ايه غير مراتك كانت هتموت، قولي وقتها فيروز كانت هتفدني بأيه ياجاسر، إنت وعدتني وللاسف طلعت عيل..أردف بها صهيب متحركا لمنزله

توقف ينظر لأثر عمه ثم تذكر ما فعلته فيروز..جلس يضع رأسه بين راحتيه

-ازاي قدرتي تلعبي بيا كدا، دا جزاتي

استمع الى صوت خلفه

-عامل إيه؟!..استدار برأسه ثم أومأ له

-كويس..إنت اخبارك ايه ومرحتش الكلية ليه

جلس أمامه يطالعه بترقب ثم تسائل؟!

انا عارف إنك أكبر مني وليك احترامك انت وأوس، بس متزعلش مني قراراتك كلها غلط

تراجع جاسر بظهره للخلف

-لو مكاني هتعمل ايه؟!تسائل بها جاسر

كتف ياسين ذراعيه على صدره واجابه

-هواجه نفسي قبل مااواجه الكل، اشوف عايز ايه

لاحت على وجه جاسر ابتسامة ساخرة فهز رأسه

-متبقاش واثق اوي من نفسك ..اقترب منه ياسين بالمقعد ثم انحنى بجسده ينظر بعمق لعيناه

-جاسر إنت فعلا بتحب جنى ولا اتجوزتها علشان موضوع الاغتصاب دا

-ياااه دا حضرة الظابط كبر وجاي يحاسب اخوه الكبير..لكزه بكتفه

-مبقتش صغير ياحبيبي ..بقالي سنة وأكون ظابط حربية اد الدنيا

داعب خصلاته ثم ذهب ببصره ينظر أمامه

-محبتش غيرها..اعتدل ياسين يستمع إليه بإهتمام بقلبًا يحترق على حزن أخيه الذي تجلى بنبرة صوته

ابتسم جاسر لذكرى فرح عز واخته ثم اتجه إليه مردفًا:

-أقولك حاجة ..يوم فرح عز كنت بهزر معاها واقولها تعالي نتجوز وسيبك من موضوع اخويا واختي دا، أفلت ضحكة بعبرة تكورت تحت جفنيه

-والله كنت بقولها من جوا قلبي وقتها، رغم عارف انها هزار، أشاح بصره مرة أخرى وذكريات ذاك اليوم ..فأطلق تنهيدة مرتعشة من نبضات قلبه المؤلم واستأنف:

-اليوم دا كانت بتعيط وزعلانة من ابن عمتك علشان لعب بمشاعرها..أطبق على جفنيه وصورتها بأحضان جواد تحرق أوردته

نهض فزعا عندما تذكر ذاك وتحرك للداخل ..أوقفه ياسين

-جاسر!! توقف يواليه ظهره وانفاسه المرتفعة تحرق من يقترب منه

-مش همشي لما تحكيلي مش يمكن عايز اخد منك درس يفوقني

استدار جاسر بجسده ينظر إليه مستفهما..اقترب بخطواته وجذب ذراعيه

-بتكلم جد ياجاسر، عايز اعرف ليه اتجوزت جنى، ومتقنعنيش انك بتحبها

رمقه جاسر بنظرة صارمة ثم أردف :

-اومال بتسأل ليه بدل مش مقتنع، انت اهبل يلا

جلس ثم وضع خديه فوق راحتيه وطالعه بصمت ..نفخ جاسر ثم دفعه حتى سقط على المنضدة يضحك بصوت مرتفع

-خلاص..عايز اعرف ياله متبقاش تقيل في نفسك ..ضرب جاسر كفيه ببعضهما

-إنت أهبل يابني، احكيلك ايه ، هي حكاية

-لأ ..درس يابن امي وابويا

مسح جاسر على وجهه بعنف حتى كاد أن يقتلع جلده ثم نظر إليه قائلا:

-جنى روحي ياياسين ، سواء اقتنعت ولا لا، ومستحيل اخلي حد يدخل بينا ويبعدنا عن بعض

ابتسامة تهكمية ظهرت على ملامح ياسين ثم تسائل:

-اه..علشان كدا روحت اتجوزت واحدة تانية، هو اللي بيحب بيوجع حبيبه، ليه دايما بتوجعوا اللي بيحب بصدق

ذهل جاسر من حديثه فاقترب يجز على أسنانه مردفًا:

-لو كنت شكيت في حبها صدقني مكنش قوة على الأرض تبعدني عنها، لكن ياحضرة الظابط تقيلة اوي على راجل يفرض نفسه على ست ولما تكون الست دي كل حياته، وخايف عليها لمجرد دمعة تنزل من عينها

ضغط بقبضته على الكوب الذي بيديه وأكمل بنيران قلبه

-تتحمل تقرب من واحدة وقلبها مع واحد تاتي، تقدر تنام جنب واحدة ودموعها على مخدتها لمجرد أنها رضيت بنصيبها معاك، هتكون خسيس ياحضرة الظابط

قالها وتوقف ولكن فجأه ياسين بسؤاله الذي جعله متسمر عندما أردف:

-طيب ليه أديت الحق دا لنفسك ياحضرة الظابط..استدار وقد أخرج شيطانيه فاقترب وضرب بكفيه على الطاولة

-بدل ماعشتش الاحساس دا مش من حقك تقولي كدا، متجيش تقارني بواحد اختار أنه يكون كدا

نهض ياسين بمحاذته يضع كفيه بجيب بنطاله

-بس ظلمت ياجاسر بغض النظر عن احساسك انت ظلمت نفسك وفيروز وجنى

ركل المقعد وجن جنونه، واقترب من ياسين يمسكه من تلابيبه

-أنا اللي اتظلمت ياحضرة الظابط ، اتظلمت لما ضغطت على نفسي واتجوزت واحدة وانا بقنع نفسي أنها كل حياتي وفي الاخر افوق على كابوس يحرق كل راجل..انا اللي اتظلمت ياحضرة الظابط لما اشوف البنت اللي حبها بيكبر يوم عن يوم والكل بيعاملنا على أننا اخوات

جاسر عيد ميلاد اختك بكرة، جاسر روح هات اختك من المدرسة، جاسر اختك خلي بالك منها هي رايحة عيد ميلاد صاحبتها، انت اخوها اوعى تخلي حد يقربلها ..لا وحبيبتي تمشي معايا ومفيش غير على لسانها بحبك انت وعز زي بعض..اخويا حبيبي اللي بيغير عليا

أشار على صدره وتحدث بقهر:

-عايز من دا يعمل ايه والكل شايف جنى اخت جاسر ، وجاين بعد مااشوفها في حضن اخويا ، دنى من ياسين يجذب عنقه ويهمس له

-لما تشوف حبيبتك في حضن اخوك وهو بيبوسها كنت منتظر ايه تروح تحارب مين ضد مين ياحضرة الظابط

تراجع وعيناه على ياسين وأكمل وهو يلوح بيديه

-وبعد دا كله عمك جاي يوقف قدامي ويطلب مني أمثل بحبها اللي هي اصلا حبيبتي ، ضرب كفيه ببعضهما

-شوفت قهر اكتر من كدا، وياريت توقف على كدا ، جلس ورفع ساقيه على المنضدة وكأنه تحول لشخص فقد عقله وبدأت ضحكاته بالأرتفاع

-طلبوا مني أمثل اني بحبها هههه، لا ومش بس كدا الأستاذة العظيمة جاية تقولي كلم بابا ياجاسر خليه يوافق على خطوبتي من جواد اصل اموت نفسي

قهقهات مرتفعة منه حتى أدمعت عيناه ثم صمت وتحدث بنبرة متحشرجة من الألم وأكمل:

-كان مطلوب مني ايه ياحضرة الظابط وياريت توقف على كدا بس، لا دا جايين يسألوني بعد دا كله، بعد ماخلاص وعدت نفسي اني ادوس على قلبي وابني حياة بعيد عن الوجع دا كله ..ماما جاية تقولي حبيبي هو انت بتحب جنى، حاسة نظراتكم لبعض مش نظرات اخوية

تنهيدة عميقة بأنفاسٍ محترقة ثم رفع بصره لأخيه:

-مامتك مااخدتش بالها الا لما دمرت نفسي وخلاص تعايشت مع وجع قلبي واقنعته عيب احترم نفسك دي اختك، دي ثقة عمك وابن عمك، اتجننت عايز منها ايه عايز تسرق سعادتها

أشار له بيديه:

-امشي ياياسين الله لا يسيئك بدل متعرفش حاجة متجيش توقف قدامي وتسألني ..

- جاسر اسمعني

-قولت امشي ياسين ، امشي..تحرك ياسين دون حديث

كان يقف يستمع إليه متأنبًا، هل تحمل صديقه كل هذا، وبعد ذاك الألم لم يرحمه وضغط بجبروته..ظل واقفًا لبعض الدقائق يراقبه ووجهه الذي تحول إلى لوحة من الألم والحزن بآن واحد

تحرك إلى أن وصل إليه:

-قاعد كدا ليه يالا..أردف بها عز بعدما جذب مقعدا وجلس عليه

رفع حاجبه ساخرا، ثم نفث سيجاره بوجهه

-أنا سمحتلك تقعد، مش عندك بيت، قوم فز عليه، مش طايق نفسي، هتعملي فيها الظاهر بيبرس والله هموتك انا على آخري

رفع عز جانب وجهه بإبتسامة متهكمة، فتحدث:

-ليه ياجوز الاتنين، مطرود من عش الزوجية..توقف جاسر عن ما يفعله فاقترب بجسده مضيقا عيناه

-إنت ايه اللي عرفك بموضوع فيروز

جذب عز سيجاره وبدأ يدخن ثم ابتعد بنظره عنه صامتًا

نهض جاحظًا عيناه يحاول أن يستوعب ما فطنه يهز رأسه رافضا

-يعني انت كنت عارف اللي بيحصل ، انت كنت عارف أن فيروز بتعمل كدا علشان تبعدني عن جنى

❈-❈-❈

اقترب منه كالمجنون يجذبه من ثيابه

-إنت تعمل فيا كدا..حاول عز الفكاك من قبضته،

-جاسر أهدى وافهم هقولك ايه ..لكمه جاسر بقوة حتى شعر بتساقط أسنانه، ورغم ذاك تركه عز أن يفعل به مايريد

صاح بصوت كالرعد

-تلعب بيا ياحيوان ..صاح كالذي مسه مسًا جنيًا

خرج الجميع على صوته..توقف أوس يبعد أخيه عن عز ، ولكنه لم يقو فلقد تحول لمارد يريد أن يحرق الجميع

جذبه صهيب بمساعدة أوس من فوق عز

-ايه يالا محدش قادركم انتوا الاتنين

قالها صهيب مزمجرا ينهرهما بغضب

دفع جاسر أوس ووصل إليه يجذبه بقوة ثم دفعه بالجدار وهو مستسلم كليا، توسعت أعين الجميع مما يراهوا، انتفض صهيب ذعرا عندما وجد سكون ابنه بين يدي جاسر

❈-❈-❈

وصل ياسين وجنى على صرخاتهما

دفع ياسين عز بعيدا عن جاسر، وتوقف بجوار أوس حتى يوقفا هجوم جاسر الضاري

بدأ يركل كل ما يقابله كالمجنون

-حقيييييير ياعز، انت واحد حقييير صرخ بها ثم دفع ياسين وتحرك متجهًا إلى سيارته

وقفت بقلبًا يدمي مما رأته من حالته، اتجهت بأنظارها لأخيها ثم اقتربت لجلوسه تضع أناملها على جرحه

-ايه اللي حصل بينكم ، دفع كفيها وتوقف متجهًا لسيارته

توقف صهيب والشك يرواد عقله بفعل مخزي لابنه..هوى على مقعده عندما فقد الحركة..وصل جاسر بعد قليل لمنزله المحترق ..ترجل من السيارة هرول المسؤل عنه إليه

-حمدالله على سلامتك ياباشا..أشار بيديه بالتوقف

-خليك زي ماانت، هدخل اجيب حاجة وراجع ..ولج للداخل وكأنها تقف تنتظره كعادتها على باب المنزل..أطبق على جفنيه متحركًا ورائحة الحريق تخترق رئتيه..صعد لغرفتهما المحترقة

توقف ينظر لأثر الحريق بقلب منفطر لقد أحرقت كل ذكرياتهما التي وشمها بنبض قلبه..هوى على الأرضية يضع رأسه على ركبتيه ورماديته تبحر فوق الغرفة بأكملها ..وذكرياتهما گأنها شريط أمام عيناه

هنا ابتسم وهنا حزن وهنا ضحك بقلبه وهنا وشم حبه بعلاماته إليها..كور قبضته عندما فهم اللعبة التي وقع بها

تراجع بجسده مطبقًا على جفنيه، لقد سرقت سعادته من بين يديه بغبائه، استمع لرنين هاتفه رفعه مجيبًا عليه

-أيوة يابابا..على الجانب الآخر

-أنا قدام بيتك انت فين..هب من مكانه متجها للأسفل

-حضرتك رجعت..انا فوق..ترجل جواد من سيارته ، خرج سريعا لوالده

هرولت غزل بقلبًا أم فقدت وليدها، تضمه ببكاء

-حبيبي انت كويس، ايه اللي حصل

وضع رأسه بأحضان والدته كالضائع الذي فقد والديه للتو، انسابت عبرة رغمًا عنه ولم يقو على رفع رأسه من أحضان والدته

تحرك جواد للداخل منه للأعلى ونظرات الثاقبة على المنزل حتى وصل لغرفة ابنه، توقف بمنتصفها، وعيناه ترسمها كالمخبر الذي يبحث عن دلائل الجريمة..تحرك إلى أن وصل النافذة المحترقة بالكامل

وصلت غزل وجاسر بعده بدقائق، استدار إليه

-مين اللي ولع في البيت ، رفع بصره لوالده ثم اتجه بنظره لوالدته واجابه

-ماس كهربائي..اومأ جواد برأسه متفهما، ثم تحدث بإبتسامة لزوجته

-اطمنتي على ابنك الحيلة، طب ينفع فنجان قهوة بقى، انا شايف الأوضة بس المحروقة، يعني اكيد المطبخ شغال

سحب جاسر كف والدته :

-تعالي ياماما، نعمل قهوة لسيادة اللوا..تحرك خطوة ولكنه توقف على صوت والده

-استني عندك، ثم ابتسم لغزل

-روحي حبيبتي اعمليلي قهوة عايز جاسر في موضوع مهم

ابتلع ريقه واشاح ببصره بعدما اومأت غزل برأسها وتحركت هابطة للأسفل

تحرك جواد خلفها قائلا :

-احنا في الجنينة يازوزو، وياريت لو شوية قراميش ياحبيبتي ، عارف ابنك طفس واكيد جنجونة عاملة له ماهي عارفة أنه بيحبها

قالها وهو يغرز عيناه بعين ابنه، وصلوا للأسفل ثم جذب مقعدًا وجلس عليه

-سامعك !!قالها جواد وهي يبعد بنظراته عنه

سحب جاسر كم من الهواء عندما شعر بعدم تنفسه ثم زفره ببطئ ثم اتجه لوالده

-عارف مهما ابرر لحضرتك هفضل المذنب في نظرك..ابتعد عن نظرات والده وتحدث:

-رجعت فيروز لعصمتي فترة ..قاطعه جواد

-غيره لاني عارف..انا مسألتش عن فيروز، أنا سألت مين ولع في الاوضة

استدار بجسده مذهولا:

-كنت عارف وسكت..اقترب منه وغرز عيناه بأعين ابنه

-جاسر ابوك مش غبي ولا عبيط، متلفش وتدور قولي مين فيكم ولع في الاوضة انت ولا جنى

تراجع بجسده يبتلع ريقه بصعوبة ثم تحدث بخفوت:

-جنى عرفت و..أشار بسبباته

-جنى عرفت ازاي، متحكيش كتير،

-بابا..اسمعني..توقف جواد يطالعه بغضب :

-ايه ياحضرة الظابط السؤال صعب ولا الإجابة اصعب

توقف أمامه

-ليه حضرتك مش مديني فرصة اتكلم

-تتكلم!! قالها جواد تهكمًا

-هتقول ايه، هتقول أن حتة بنت عرفت تخرب بيتك، أشار بسبباته

-انا سبتها مش ضعف ولا حاجة ، سبتها علشان مايقولش أن جواد الألفي استضعف بست، جذبه من ياقته واردف:

-اسمعني يالا..مش هتكلم في القديم، بس معاك اسبوع ياجاسر ، اسبوع والاقي البنت دي برة حياتك بلى رجعة

وصلت غزل بالقهوة، وزعت نظراتها عليهما

-عملتلكم قهوة وجبتلك حبيبي مقرمشات ..ارتدى نظارته وتحرك

اديهم لابنك يمكن يعرف ياخد قرار صح في حياته مرة واحدة

توقفت تنظر إلى جاسر، ثم ربتت على كتفه

-متزعلش من باباك حبيبي ، هو مضايق على حالتك ..سحب كف والدته

-ياله نرجع البيت، سايب جنى ومعرفش عملت ايه

أشارت للقهوة مبتسمة

-يعني تتعبوني وفي الاخر ماتشربهاش انت وباباك

حمل فنجانه وتحرك بجوارها لسيارة والده المنتظر بها..

بسط يديه بالقهوة قائلا:

-ينفع تزعل غزالتك منك ياحضرة اللوا، دا حتى قهوتنا واحدة

ضحكت غزل واكملت :

-والطبع واحد..أشار جواد على نفسه

-أنا زي ابنك دا..دا عايز اغسله مخه يمكن ينضف، معرفش هفضل ألم من وراه لأمتى

اركبي ياغزل ولا اسيبك لابنك النغة

انحنى يستند على نافذة السيارة ونظر لوالده؛

-مظلوم والله ياباشا..حك جواد ذقنه ثم دفعه بعيدا وتحدث:

-مش هتصاحبني ياروح امك لحد ما ترجع جاسر اللي ربيته، مش عيل كلمة توديه وكلمة تجيبه

قالها جواد وتحرك بسيارته دون حديثًا آخر

توقف ينظر لأثر سيارة والده

-ودا اقنعه ازاي، ربنا يسامحك يا فيروز

❈-❈-❈

تحرك لسيارته، استمع رنين هاتفه، رفع ودقات قلبه تنبض بعنف كالمراهق، تمنى مهاتفتها منذ خروجه رفع الهاتف على أذنه واجاب بهمس

-أيوا..ابتلعت لعابها بصعوبة من صوته المزلزل لكيانها

-إنت فين؟!

استقل السيارة، يجلس خلف المقود ثم أجابها

-ياترى سؤال ولا شك ؟!

جلست على فراشه تتلمسه ثم أطبقت على جفنيها ثم أجابته:

-لا دا ولا دا ياجاسر..ابتسم ساخرًا

-جنى أنا راجع على البيت لازم نتكلم

-إنت كويس..أجابها متلهفا

-هتفرق معاكي ..صمتت تسيطر على دقاتها العنيفة

-هو إنت مش ابن عمي قبل أي حاجة

قام بتشغيل السيارة بعدما فقد الأمل قائلا

-لا ياجنى، لا مش دي ولا دي ..أنتِ قلبي وحبيبته، دي اللي لازم تتقال

انسابت عبراتها رغمًا عنها، ثم تنهدت وشهقة خرجت من جوف الآم قلبها

-مستنياك يابن عمي ..أردف بها ثم أغلقت الهاتف

ضرب على المقود حتى شعر بتخدر كفيه هاتفًا بنبرة غاضبة

-ليه بتعاقب على ذنب مش ذنبي، ليه صرخ بها مما جعل بواب منزله يتوجه إليه

-فيه مشكلة ياباشا..

قاد السيارة بسرعة جنونية وكأنه لم يستمع إلى احدٍ، ضرب الرجل كفيه ببعضهما

-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

ربنا يهديك يابني

وصل بعد قليل لمنزل فيروز ..ظل يطرق على باب المنزل حتى خرجت إحدى جيرانها

-اهلا ياحضرة الظابط..المدام خرجت من ساعة

اومأ برأسه ثم استدار متحركا ..

في بيت المزرعة وصل إلى المنزل

قابلته ونيران جحيمية تريد إحراقه

توقفت أمامه تشير بسبباتها بسأم منه ومن قلبها الضعيف

-لو مروحتنيش دلوقتي هموت نفسي سمعت ولا لا

ابتعد يفسح لها الطريق، وأشار بيديه

-اتفضلي ياروبي..تجمدت بوقوفها عندما وجدت وجه المتورم ، ارتجف قلبها من حالته ورغم ذلك فتحركت كأنه لا يعني لها..تحركت بخطوات متعثرة تتمنى أن تستدير إليه وتلمس جروحه، ولكن كيف بعدما حطم قلبها وأفقدها ثقتها بنفسها

لحظات وكانت بجواره بالسيارة، نظرت للخارج تراقب الطريق حتى لا تضعف أمامه ..وصل بعد قليل بدلوف سيارة جواد الى حي الألفي ..ترجلت تهرول لوالديها

-بابا..ضمها والدها بأحضانه ونظرات نارية لذاك الذي توقف ينظر بأسى للأسفل ..اتجهت لوالدتها ، أشارت لها

-براحة حبيبتي ، ابنك ..أسرعت تلقي نفسها بأحضانها وتركت العنان بدموعها تغسل وجنتيها

-وحشتيني أوي، عايزة ابعد من هنا يامامي لو سمحتي..سحبتها وتحركت عندما وجدت تحرك جواد إلى عز

توقف أمام عمه قائلا بخزي:

آسف مكنش قدامي حل غير كدا..رفع نظره لعمه

-والله بحبها وماقدرش اعيش من غيرها، سامحني ياعمو، وحياة أغلى حاجة عندك اعتبرني عيل وغلط، المهم ماتحرمنيش من مراتي وابني،لو سمحت

ظل صامتا للحظات وعيناه تراقب ملامح وجهه ثم تحدث:

-القرار مش بأيدي، انا ليا اوافق على طلبهم وبس، وأقول رأيي وافقت وافقت رفضت براحتها

ابتسم لعمه واقترب يلقي نفسه بأحضانه

-ربنا يخليك ليا ياعمو..ابعد جواد ورسم برودا على ملامحه قائلا

-أنا لسة مسمحتكش على اللي عملته، وعمري ماهسامحك إلا لما اشوف ضحكة بنتي اللي ضاعت بسببك ..قالها وتحرك متجها للداخل

بالأعلى بغرفة جاسر

تمددت على فراشه، تحتضن وسادته تدفن رأسها بها تسحب رائحتها لرئتيها

-وحشتني لمجرد ساعات، ياربي اعمل ايه في قلبي الضعيف دا، وضعت كفيها على أحشائها

-فيه حتة منك هنا ياحبيبي ، كان نفسي تشاركني فرحتي، لكن للأسف كسرتها ياجاسر، مش عارفة اعمل ايه وانت كاسرني كدا

أغمضت عيناها لعدة دقائق تحاول السيطرة على ارتعاشة قلبها من غيابه ، كيف تتحمل غيابه لشهور وربما سنواتٍ وهي التي لم تتحمل غيابه لعدة ساعات ..ذهبت بنومها ..طرقت ربى عدة مرات على الغرفة، ثم ولجت للداخل تبحث عنها وجدتها تغفو بهدوء

ابتسمت على طفولية نومها، جذبت قميص أخيها من أحضانها ثم جذبت غطاء خفيف ودثرتها به بعدما اخفضت درجة التكييف

تحركت ولكنها توقفت عندما وجدت هاتف جنى الذي لم ينقطع رنينه بوضع الصامت

رفعته ولكنها ذهلت من اتصال فيروز بها..توقفت حائرة لا تعلم ماذا عليها فعله ، اخذت قرارها بالرد

-أيوة ..أجابت فيروز بالجانب الآخر

-كنت متوقعة مترديش عليا، المهم حبيت اطمن عليكي اصلك مشيتي من هنا تعبانة، ماهو انتي ضرتي برضو، صمتت فيروز ثم استأنفت

-متزعليش علشان جاسر سابك تعبانة وجالي، ماانا عرفتك قبل كدا أننا مينفعش نبعد عن بعض

-خلصتي كلامك..اردفت بها ربى

توقفت فيروز كالملسوعة

-فين جنى وازاي ماتعرفنيش انك اللي بتتكلم

-بقولك يافيروز انا مش هقل من نفسي وارد عليكي ..قالتها وأغلقت الهاتف تجز باسنانها على أناملها ..تحركت سريعا للخارج متجهة لغرفة والدها

-بابي فاضي !!

جلس على الفراش بإرهاق وأشار بكفيه

-تعالي حبيبتي ، تحركت إلى أن وصلت إليه

-فيروز ..استمع بإهتمام ، قصت له ماصار

مسد على خصلاتها

-روحي ارتاحي حبيبتي متنسيش انك حامل وانا هتصرف

اومأت له ثم انحنت تطبع قبلة على وجنتيه

-ربنا يخليك لينا ياحبيبي..ابتسم لها رغم صدره الذي يغلي كالمرجل ،

-روبي غنى رجعت اسكندرية ليه؟!

-عمر اخو بيجاد عمل حادثة ومكنش ينفع تقعد اكتر من كدا، دا اللي فهمته من أوس

اومأ متفهما ثم تسائل :

-أوس مرحش مع مراته ليه

هزت كتفها بعدم معرفة:

-معرفش يابابي، ممكن علشان حادثة جاسر، وممكن علشان..صمتت فأكمل

علشان عملة عز مش كدا

-تصبح على خير حبيبي ..قالتها وتحركت للخارج

بعد قليل بغرفة جاسر، وجدها تغط بنومٍ عميق، اتجه إلى مرحاضه وخرج بعد دقائق ، جلس بجوارها على الفراش يتابع بأعين عاشقة ملامحها القريبة لقلبه ألقى بالمنشفة على المقعد وتمدد بجوارها، يكفي إرهاق يومين ، وجفائها ومعاقبتها بالبعد عن أحضانه

جذبها لأحضنه لتتوسد ذراعه، دفنت نفسها بأحضانه تهمس بإسمه

كيف لقلب عاشق أن يصمت عن النبض بقرب محبوبيه

رفع رأسها يحرك أنامله على وجهها، اقترب يلمس كرزيتها يداعب أنفها

فتحت عيناها مبتسمة كأنه يرواد أحلامها همس بجوار أذنها :

-"وحشتيني مهلكتي" ابتسامة ممزوجة بالنوم ثم همست

-"بحبك أوي" كيف يبني دفاعه ويشدد حصونه بعد ذاك الأنهيار أمامه، ماكان عليه إلى أن يتذوق تلك الشفاة التي جعلته قديسًا لها

هبت من مكانها بعدما احتجز ثغرها بين خاصته يقبله بنهم حتى يروي ظمأه ..مرت دقائق وهي تحاول دفعه لم يتركها حتى فقدت التنفس

ابتعد عنها لاهثا وهو يجحزها بين ذراعيه ..لحظات تحاول أخذ أنفاسها

ثم هبت من مكانها

وتحركت دون حديث إلى غرفة آخرى بجناحه حتى لا تضعف أمامه ، فقررت أن تبني حصونا لها للدافع عن بقايا الأنثى بداخلها

نهض من مكانه متجها إليها وجدها تعد ترتيب الفراش

-بتعملي ايه ..أشارت له بالتوقف

-لو سمحت ابعد عني دلوقتي علشان منخسرش بعض، لو سمحت

استدار بعد اختناق صوتها بنبرته الحزينة ..جلس متنهدا ولم يعد لديه قدرة على التحمل من ابتعادها عنه

زفر متجها للشرفة، فالجو جو ربيعي ممزوج بجو الخريف، تهكم وجلس هامسًا

-حتى الجو متقلب، جذب سجائره وبدأ يدخن بشراسة حتى انتهى من علبته وهو جالسًا ..بالداخل

جلست تضع رأسها بالوسادة تمنع شهقاتها حتى لا يستمع إليها، كيف عاقبت نفسها بالبعد عنه وهو محرر رئتيها للتنفس والحياة، هو القلب للجسد وهو الروح للحياة ...ودت لو تحركت وألقت كل شيئا خلفها وانعمت نفسها باحضانه

حرب شعواء بين القلب والعقل، حتى غفت بنومها مرة أخرى، ظل بشرفته يحرق بتبغه حتى اختلطت نيران تبغه بنيران صدره، ساعات وأشرق نور الرحمن نهض متجها للمرحاض، خرج بعد دقائق معدودة واتجه لصلاة الفجر، استيقظت على إغلاقه باب جناحهم

نهضت لأداء فرض ربها، جلست فترة لتلاوة وردها وأذكرها حتى دلف من الخارج، ولج لداخل دون حديث

أخرج ثياب الرياضة وتحرك لغرفتها، كانت تراقبه بصمت وهي تنظر بكتابها

تنهدت بوجع بعد دلوفه للداخل، ثم نهضت متجهة للشرفة تستنشق الهواء النقي ..جلست تستمتع بشروق الشمس حتى خطر على ذهنها جلوسها بالشمس للأستفادة من أشعتها الصباحية، نظرت بساعة يديها ثم جلست منتظرة خروجه لعمله، مرت قرابة الساعة حتى استمعت على صوت الباب، تيقنت من خروجه، فنزعت مأزرها وجلست بمنامتها العارية ذو حمالات باللون الاسود ، وتنورة منزلية إلى مافوق الركبة باللون الأحمر، رفعت خصلاتها لأعلى مع تدلي بعضها بشكل عشوائي

فتحت هاتفها على موسيقى وامسكت كتابا عن الأدب تقراه،

ظلت جالسة قرابة الساعة وهي مازالت تقرأ بالكتاب حتى ازاداد شعاع الشمس، فرفعت الوشاح على أكتافها

فتح عيناه بتمهل حتى اعتدل ينظر بساعته، فقد حان الوقت التاسعة صباحا ارجع خصلاته المتمردة يفرك عيناه، التقطها تجلس بشرفة الغرفة تحتسي مشروبا وبيدها كتابا مندمجة به، لحظات واستمعت لرنين هاتفها

اعتدل يراقبها

ظل يراقبها بقلبه قبل عينيه ، لأول مرة يراها تجلس بالشرفة في الصباح الباكر ..حدثت أخيها وهي مغمضة العينين..، كأن حديثه لم يروقها، ابتسم على ملامحها، بريئة كالأطفال، نقية تشبه قطرات الندى

رجع بجسده يتكأ على الفراش، ورماديته تبحران فوق ملامحها بشغف ود لو ضمها لأحضانه، ولكن ليت الأماني بالتمني،، توسعت ابتسامته وهو يستمع إليها

-عز اعمل اللي انت عايزه، بس والله حلال اللي روبي بتعمله فيك، معرفش ايه الجنان دا

على الجانب الآخر

-وأنا بقولك اتصرفي ياجنى وخليها تكلمني، ياإما هقلب جاسر عليكي ..أطلقت ضحكة خافتة، ثم رفعت ساقيها العاريتين على السور الحديدي متراجعة بجسدها للخلف وأجابته :

-ولا تهمني ولا إنت ولا هو، ولا اقولك تعالى طلقني منه، هتبقى عز فعلا، والله انتوا الاتنين تستاهلوا الحرق، وياله بقى عايزة اتشمس قطعت خلوتي مع نفسي، وقبل ماتتكلم انا هساعد روبي تطلق منك وعقبالي انا كمان، رجالة رزلة وعايزة الحر..ق

نهض من مكانه، يخطو بتمهل وكلماتها أشعلت نيران صدره، امسك كنزته حتى يرتديها ، فتوقف ملقيها على الأرض، ثم اتجه إليها بخبث..حاوط مقعدها من الخلف، فارتفعت ساقيها للأعلى صارخة

نظر إليها من فوق رأسها

-مش براحة الصوت المسرسع دا ولا بتصوتي علشان اصحى وتغريني بشكلك دا ...، رفع المقعد أكثر وغمز بعينيه:

-حلوة الشمس في الوقت دا، ثم ازال وشاحها من فوق أكتافها

-بقول دول لازم يتشمسوا برضو، انحنى يهمس لها، الشمس فيها فيتامين دال ياحبي، علشان تبقي قوية وتعرفي تضربي كويس توسعت عيناها من وجوده بتلك الهيئة، نسيت أجازته اليوم ، فهمست بتقطع بعدما وجدته عاري الصدري، ولا يرتدي سوى ذاك السروال القصير..وضعت يديها على عيناها

-ايه اللي عامله في نفسك دا، روح استر نفسك ..ازال كفيها ونزل بجبينها على خاصتها ومازال على حاله

-مش مستور وعايز اللي يسترني، ايه رأيك تيجي تستريني قبل مانطلق ياروحي، اصلي حلمت ، بيسألوني نفسك في ايه قبل ماطلق مهلكتك قولتلهم نفسي تسترني..حاولت ابعاد رأسها

-جاسر ابعد كدا، عيب على فكرة احنا في حكم..صمتت صارخة تضع يديها على وجهها عندما وجدته يرفع شرواله

نظر إليها ساخرا :

-ايه برفع الشورت هيوقع، قالها غامزا

سحب نفسها بقربه المهلك ورائحته التي لا تود سوى استنشاقها فقط، ابتعدت بنظراتها المرتجفة عنه ورسمت الجمود

-ممكن تسبني عايزة اقعد مع نفسي ..جلس على السور أمامها وهتف دون جدال

-لأ ..لما تقعدي معايا الأول يبقى تقعدي مع نفسك

نهضت ورفعت سبباتها

-متنرفزنيش انت قولت هتسبني براحتي، بترجع في كلامك ليه

❈-❈-❈

جذبها بقوة حتى اصطدمت بصدره العاري، وحاوطها بذراعيه..دفن وجهه في حنايا عنقها النقي مثل الثلج يستنشق رائحتها هامسا اسمها بشوق بالغ

-عرفتي تنامي بعيد عن حضني ياجنى ، حبيبك هان عليكي ، رجفة قوية أصابت جسدها بالكامل، اللعنة على قلبها الذي ينهار أمامه دون مجهود ..أنفاسه الحارة تحرق عنقها ، تجمد جسدها وتوقف عقلها وارتفع نبضها، لا تريد الابتعاد بينما صفعها عقلها بقوة بأن تبتعد، وكأنه علم بما يصير لها فهدم حصونها بدفاعاته عندما رفعها من خصرها لتكون بمقابلتها هامسا بصوته الأجش بنبرة متحشرجة

-بتقسي على حبيبك حبيبي ، بلاش اللي بتفكري فيه، متمشيش ورا شيطانك، اقترب واقترب حتى لمس ثغرها وأكمل حتى سقط المتبقي من دوافعها

-بموت لما تبعدي عني، مش عايز الأيام دي ترجع تاني ..كانت عيناها تحاور عيناه بأن يرحم ضعفها، يتركها وشأنها فهي لم تقو على مايحدث لها

همست بإسمه عله يبتعد فجسدها خائر ضعيف بحضرته كأنه ألقى تعويذته عليه ليصيبه بشلل كاملا

طبع قبل سطحية متحدثا

-إنسي مش هسيبك ولا أرحمك بالبعد عني ..أطبقت على جفنيها فجذبها حتى جلست بأحضانه كاملا

حاوطها بذراعه يعصرها داخل أحضانه

-جنى أنا مقربتش من فيروز، والله من يوم مااتجوزنا، حتى من قبل طلاقنا بكتير ،هنا هبت فزعة عندما فاقت من أحلامها الوردية التي سيطر قلبها عليها واتجهت للداخل

-ميهمنيش تقرب ولا لا، انا بفكر جديا بطلاقنا، سبني لحد مااقرر حياتي اللي سرقتوها

رفعت عيناها الحزينة واستأنفت بقلب فتته الوجع

-إنت اتجوزتني من غير ماتاخد رأيي، حطتني قدام الأمر الواقع، مكنش ليا خيار ارفض ولا اوافق، سبني اقرر ايه اللي هيحصل بعد كدا

كلماتها أصابت قلبه بسهمًا مشتعل، حتى حولته لجحيم مستعر، كأن نار الله اوقدت احشائه

-يعني؟! تسائل بها بعينان زائغة ، ضائعة، وملامح وجمة

تراجعت خطوة للخلف تبتعد عن ذراعيه، حتى شعرت بالعري أمام قلبها، الذي أصبح دافئًا بحوزته، والآن بارد برود الموتى

ارتجف قلبها من كلماته وحالته، فهمست بتقطع :

-عايزة أقنع نفسي إن كنت بتحبني ولا لا ..استدارت بجسدها مبتعدة عن عيناه الجائعة لإحراقها بسبب كلماتها واكملت

-أنا دلوقتي مش متزنة، قلبي بيضغط وعقلي بيبعد، حالة ميؤس منها، عايزة أتاكد انك بتحبني ولا لأ وخصوصا بعد اللي هقولوه دا

امسكها من ذراعها يديرها إليه

-عايزة توصلي لأيه ياجنى، عايزة تبعدي عني، عايزة نرجع نتوجع واحنا اقرب من بعض، هتقولي غير كدا هسمعك، أما لو ناوية على دا، فأنا رافض ورفضي نهائي، أشار بسبباته مقربها من عيناها المشتتة

-أنا مش عيل ولا إنتِ عيلة علشان نقيم مشاعرنا، ودا عرفناه لما بعدنا عن بعض

أطبقت على جفنيها تهز رأسها وانسابت عبراتها

-جاسر لو قولتلك اني مبخلفش هتعمل ايه!!

صدمة اهتز لها جسده بالكامل، حتى شعر بإنسحاب أنفاسه فهمس ضائعًا

-ايه!!، عرفتي ازاي

ارتبكت قليلا ، فأجابته بتقطع

-عملت تحاليل من فترة، ايه مالك مصدوم مش إنت بتحبني

توقف للحظات يستوعب صدمة كلماتها، ثم سحبها يضمها بقوة لأحضانه:

-انتِ عندي أهم من أي حاجة، أنا بس اتفاجات كان نفسي يكون عندنا أطفال

متمنتش غير كدا ، نبني عيلة مع بعض، رغم كدا راضي بحكم ربنا

رفعت كفيها تحتضن وجهه ثم طبعت قبلة على خاصته وتراجعت مبتعدة

-لازم نبعد شوية ياجاسر، لازم اخد قرارات حياتي بنفسي

جذبها بغضب وضغط على ذراعيها بقوة آلامتها:

-مش هتكلم تاني، هتجيبي سيرة البعد انا بقول البعد بس متكلمتش في حاجة تانية هقطع لسانك ياجنى

اتسعت حدقيتها بصدمة تطالعه بذهول، لم يعطيها فرصة لتتجاوز صدمتها فهجم عليها كالأسد المفترس، يحجز ثغرها يؤلمها لأول مرة ، لحظات منع تنفسها حتى شعرت بإنسحاب روحها لبارئها انسابت عبراتها رغمًا عنها مما جعله يتذوقها ، دفعها بقوة وأشار بسبباته وكأنه لم يفعل شيئًا

-إنت هنا مراتي، دي اوضتنا، ودا سريرنا اكيد فاهمة كلامي ، هدخل اخد شاور، اقترب ولم يعريه حالتها المنهارة، واقترب يجز على أسنانه ، فلقد نفذ صبره وأصبح قاب قوسين أو أدنى من احتجازها بين ذراعيه ليذيقها أشد عذاب الحب

رفع ذقنها بأنامله

جوزك عايز يتليف يامدام، اكيد فاهمة كلامي، ورايا على الحمام

قالها وتحرك ساحبًا نفسًا عميقًا حتى لا يعود ويضمها يزيل آلامها

ولج للمرحاض وكلما تذكر حديثها يشعل صدره كبركان متصاعد الحمم ، يريد الانفجار

ضغط على قنينة عطره حتى تناثرت بكفيه، ودمائه انسابت

-طلاق وفراق، كلمات تصفعه بقوة، زمجر بغضب

-غبية، متعرفش انا حاسس بأيه دلوقتي

بالخارج هوت بمكانها، ورغم تراقص قلبها فرحا بتمسكه بها، إلا أن عقلها ايقظها على حقيقة دامية، امتلاك غيرها له، وذاك الفيديو الذي يصفعها بقوة

انشلت حواسها ولم يعد لديها قدرة على التفكير، فركت جبينها وجلست كالضائعة دقائق معدودة ثم اتجهت لمرحاضًا لعدة دقائق، وبحثت عنه وجدته مازال بالحمام

ألتهب قلبها بالخوف عليه، ألقت المنشفة وتهادت بخطواتها تذهب إليه، ولجت حتى تُطمئن قلبها عليه، ولكن ذهلت عندما وجدته مازال جالسًا بحالته

رفع رأسه يطالعها للحظات، فاقتربت منه، لا تعلم ماذا ستقول له وكأن لسانها انعقد وانحشر الكلام بحلقها ، أحبت الأطمئنان ولكنه رآها ظنت أنه بالداخل

توقفت أمامه للحظات وصمتا مشحونا بأنفاسهما، هو يحترق من كلماتها وهي من أفعاله

نهض من مكانه

-خير!!..زاغت ابصارها ثم هتفت

-ايه مش قولت عايز تتليف، جاية أليفك

طالعها بصمت مضيقًا عيناه متسائلًا:

-تليفيني وماله ياقلبي، دا يوم الهنا، تراجعت قائلة:

-افتكرت حاجة هعملها وارجعلك، لم يجعلها تتجاوز خطوة واحدة فجذبها بقوة من رابطة مأزرها يدفعها بقوة تحت الدش ، لم يدعها تتجاوز الصدمة ففتح صنبور المياه لتدفق بقوة عليهما

شقهة خرجت من جوفها تنظر إليه بصدمة

-اقفل المية يامجنون..قهقه عليها بصوت مرتفع

-ليه ياروحي مش جاية تليفيني، ياله ياقلبي فين عدتك، وبالمرة تعمليلي مساج أصل دهري قافش

رمقته والشرر يتطاير من مقلتيها قائلة بصوت مرتفع:

-ابعد عني، انا مكنتش داخلة ازفتك ولا حاجة، كنت جاية، صمتت تنظر الي نظراته الأختراقية على جسدها

جحظت عيناها تغلق مأزرها تلكمه بصدره :

-وقح وقليل الأدب يابن عمي

لف ذراعيه حول خصرها يجذبها يضمها كالأسيرة بين ذراعيه، حتى التصقت به، والمياه المتدفقة فوقهم قائلًا لاستفزازها

-ايه ياروحي لسة واخدة بالك اني وقح وقليل أدب، مش مهم المهم دلوقتي كنتي عايزة ايه برضو

رجفة قوية اجتاحت جسدها، رفعت بصرها وليتها لم تفعلها، فتلاشت بين يديه مهتزة فتحدثت:

-ابعد يابن عمي اللي بتعمله دا ظلم وجبروت ليا

أطلق صوتا اعتراضيا تردد في حلقه وأخرجه من انفه، ثم انحنى بانفاسه المختلطة بالمياه

-غلطانة يابنت عمي، دا مش ظلم ولا جبروت دا عشق..سمعاني ياجنى عشق الجاسر، وقولتهالك قبل كدا وهقولها تاني اللي بعدني عنك في الأول غباء ياروحي دلوقتي صلحت مخي واستوعب غلطه، إنما لو عايزة تتمادي بالغباء وتلعبي معايا، بعشق اللعب ياحبيبة جاسر

انهارت حصونها بالكامل ولم يعد لديها دوافع لمقاومة عشقه الضاري فهتفت

-طيب لو قولتلك لو بتحبني اديني وقت اتعافى من اللي حصلي

ضغط على خصرها

-بت عايز اخد شاور بمزاج، هتسوقي الهبل هخلعك هدومك علشان تستوعبي انك مراتي وبس، مش عايز اسمع غير كدا ، أنهى كلماته بحزم وقوة ثم أكمل بتهديد

-لو فتحتي الموضوع دا تاني هروح اتجوز عليكي ياجنى بجد، اقسم بالله اعملها، واهو عز عملها رغم عشقه لروبي ..دفعها بعيدا عنه واستدار يزيل ثيابه

-اطلعي برة عايزة اكمل الشاور، أما بقى لو عايزة نكمله سوا معنديش مانع

تحركت متجهة للخارج، تسبه ، ولجت للداخل غرفة الملابس وأخرجت ثوبا مريحا، وضعت كفيها على احشائها

-ابوك منحط، بس والله لأربيه

❈-❈-❈

بعد عدة ساعات

بمنزل فيروز استمعت لصوت طرقات على باب منزلها، هرولت ظنا أنه جاسر، ولكنها توقفت مشدوهة

خلع نظارته وهتف

-قولتلك هتعملي حاجة غلط لأختي مش هرحمك، قالها وهو يدفعها للداخل

توقفت تعقد ذراعيها

-ايه ياباشمهندس بيقولوا عليك متربي وتعرف في الاصول، ينفع تدخل بيت واحدة لوحدها

استند على الجدار وأشار بسبباته

-جيتي وقولتي هثبتلك أن جاسر مش بيحب جنى، عايز اعرف عملتي ايه ياحيوانة

اقترب منها وهي تتراجع للخلف

-هصوت وألم عليك الناس، واقولهم عايز تغتصبني، توقف مذهولا، يبتلع حسرته من ابن عمه لارتباطه بها، غرز عيناه بفيروزتها

-قدامك أربعة وعشرين ساعة لو مسبتيش مصر وحياة ربي لأندمك يابنت ..توقف ولم يكمل سبه

كتمت وجعها من حديثه

-دا كله علشان حقي في جوزك، بص ياباشمهندس جاسر جوزي، واختك اللي خطفته ومش هتنازل عنه، واعمل حسابك هحول حياتها لجحيم، فلو خايف عليها خليها تبعد عنه

نظر إليها بذهول ، فاقترب منها وداخله يحترق كمرجل جف مياهه من كثرة الغليان

-اسمعيني كويس انا مبعدش كلامي، طبعا اكيد عرفتي انا عملت ايه في جاسر اللي هو اخويا علشان بس وجع اختي، تخيلي بقى اخويا وعملت فيه كدا، ممكن اعمل فيكي ايه

-ولا تقدر تعمل حاجة

مسح على أنفه ،ثم هز رأسه واستدار ليغادر، توقف بعد عدة خطوات

- قدامك لبكرة الصبح، بعدها متلوميش غير نفسك، عاملتك بما يرضي الله

-طيب ماتبعد ابن عمك عني مثلا

استدار بجسده وضحكاته ارتفعت بالمكان

-انتِ شكلك هبلة ، بس عادي نعقلك ياقطة، انا ماشي دلوقتي ويبقى سلميلي على هاني ابن عمك، باي قطة

تسمرت بمكانها فأسرعت خلفه إلا أن قطعهما طرقات على باب الشقة

-فتح عز للمغادرة ولكنه توقف جاحظًا عيناه وكأن أحدهم سكب فوقه دلو من الماء المثلج

- جنى..!!

-عز..!!بتعمل ايه هنا ، تحدثت

-جاي علشان يتفق معايا على طلاقك من جاسر

استدار يرمقها بغضب

-اتلمي يابت ، علشان مجيش اكسرلك دماغك، ثم اتجه لأخته

-أكيد مش هتصدقي كلامها ..أزاحته من أمامها

-اهلا ياضرتي ..مش ضرتي برضو ولا غيرتي رأيك

حاولت لملمت شتات نفسها فاتجهت إليها:

-أيوة ، بس دا مؤقتًا ، انتِ عارفة سبب جواز جاسر منك

راقبت جنى ارتجافة عيناها وكلماتها المتقطعة ، فجلست تضع ساقًا فوق الأخرى

-أيوة عارفة طبعا اومال إيه ، هو جاسر يقدر يبعد عن حبيبته برضو

اتجهت إلى أخيها الذي وقف وعيناه على أخته كأنه يراها لأول مرة

-عز ممكن تسبني مع ضرتي شوية

-نعم..!!قالها مذهولا، أنتِ واعية لكلامك دا ، ضرة مين ياجنى، جاسر طلقها

اومأت بعينيها ثم اتجهت إلى فيروز

-لأ ..مدام فيروز اقنعتني بحاجة تانية فأنا جاية علشان نعمل جدول ونتفق مش كدا ولا إيه

اقترب يجذب أخته

-انتِ اتجننتي ياجنى، نهضت وتحركت بخطوات متهادية

-سبني يازيزو ، احنا ستات مع بعض

-مستحيل، ياله ياجنى، والبت دي من بكرة هتسيب البلد وتمشي

رمقتها جنى بنظرات استفاهمية، ولكن خاب أملها عندما اردفت فيروز

-مش هسيبلك جوزي ياجنى، انا وجاسر مستحيل نبعد عن بعض، مستحيل يقدر يعيش بعيد عن حضني، هو مجوزك جبر خاطر وبس

اقترب عز كالمجنون إليها ، توقفت جنى أمامه

-ايه ياباشمهندس اتجننت وهتضرب بنت ولا إيه ، انا عايزة اتكلم معاها على انفراد لو سمحت ، وياريت تسبنا لوحدنا

-جنى..تلألأت عيناها بخيط من الدموع

-عز ..لو سمحت

تحرك للخارج، لحظات تحاول السيطرة على ضعف قلبها بعدما رأت صورة زوجها توضع بأحد الأركان وهو يحتضن غريمتها ..ضغطت على ثيابها واستدارت إلى فيروز الواقفة خلفها

-ايه ياجنى، جاية وعايزة ايه، مش كفاية مشاركني في جوزي

ابتلعت غصتها وجلست عندما فقدت توازنها، فصوره بكل ركن بهذا المكان

-أنا اللي عايزة أسألك أنتِ عايزة ايه يافيروز، يعني لعبتي بينا، ودلوقتي بتحاولي تقنعيني انك لسة مراته

علشان انا لسة في قلبه ياجنى ، جاسر مستحيل ينسى أول ست في حياته

أكيد طبعا فاهمة قصدي، والصراحة ياجنجون انا كنت بعرف احتياجاته ازاي يعني كنت بعمل حاجات مستحيل تعرفي تعمليها علشان كدا لازم تعرفي ان جوازك منه ماهو إلا وقتي وبس

عقلها نكر حديثها ، فرفعت عيناها وتلاقت بنظرات نارية إليها

-أنا ماليش ذنب في طلاقكم، هو اتجوزني بعد ماطلقك، وعلى فكرة جاسر مش عايز ولاد هو عايزني انا، يعني الكلام اللي بتحاولي تقنعيني بيه دا كذب، سحبت نفسا وزفرته

-فيروز ، انا مبحبش اظلم حد، رغم انك ظلمتيني ، فلو سمحتي بلاش وجع قلب لتلاتتنا ، ابدأي حياتك مع حد تاني، أما بالنسبة لجاسر فهو دلوقتي جوزي أنا، غير أنه بيحبني أنا

وضعت كفيها على أحشائها

الحياة دي نصيب وأنتِ اخدتي نصيبك من جوازك، دلوقتي انا جاية بكلمك كست بحاول مظلمكيش، ابعدي عن جوزي علشان مش هتنازلك عليه مهما عملتي

تحركت إلى أحد صوره ثم ألقتها حتى سقطت على الأرض متناثرة

-الصور دي مش من حقك أبدا، هو دلوقتي غريب عنك

اقتربت منها تحاوطها بنظرات كارهة

-تعرفي مكرهتش في حياتي ادك، قالتها بقهر

دنت تغرز فيروزتها بأعين جنى

-دايما شايفة نفسك ملاك برئ وانت شيطان، خربتي بيتي وجاية بكل سفالة توقفي قدامي وتقولي جوزي

دفعتها بغضب وتحدثت بنبرة جنونية

-دا جوزي وحقي أنا، هوت جنى على المقعد، فانحنت إليها

-جوزي وحفظاه اكتر من أي حاجة، ومستعدة أقولك كل حاجة فيه بالتفصيل ، دا حبيبي فاهمة يعني ايه الكلمة دي، يعني ممكن اقتلك ياجنى علشانه، ووعد مني هرجعه ليا وبكرة تقولي فيروز قالت ، عارفة ليه

-علشان جوازك منه ماهو إلا ضعف بعلاقتنا وبس، وعارفة ومتأكدة مهما يعمل قدامي ويقنعك أني مبقاش اعنيله هعرف ارجعه ازاي

ودلوقتي امشي اطلعي برة، مش عايزة اشوف وشك تاني، توقفت أمامها

-عارفة يافيروز لو عندي شك أنه بيحبك كنت سبتهولك، ماهو أنا سبتهولك زمان

صفقت فيروز بيديها

-أيوة دا اللي بحاول افهموهلك ياجنى هانم جاسر لو حبك مكنش جري ورايا انا ، وسابك رغم كان عارف بحبك له

ابتسمت جنى بسخرية ثم انحنت تجذب جذانها

-اعملي أعلى مافي خيلك يامدام فيروز، وصدقيني لو قدرتي عليه يبقى مبروك عليكي،

قهقهت فيروز وتحدثت متهكمة

-هرجعه صدقيني ووعد مني لآخر عمري، دنت تضع كفيها على كتفها

-كفاية تفتكري كل ماجاسورة يقربلك أنه كان معايا زيك كدا ياحلوة ويمكن اكتر، اعرفي انك اخدتي شخص استعملته قبلك وبقيت رقم واحد عنده، طبعا انت فاهمة احساس الراجل بيكون ازاي مش كدا ولا ايه، واكيد فاكرة وقتها هو كان بيعشقني ازاي، تخيلي بقى حياتنا مع بعض كانت ازاي

قالتها فيروز وهي تعلم أنها أصابت هدفها باتقان ، فضغطت على جرحها دون رحمة، أشارت عليها

-انتِ ولا حاجة، أنا الاولى ، اول فرحة حتى اول حمل كان معايا انا، كل حاجة معايا كانت لأول مرة، دنت تهمس بأدنها

حتى كلمات العشق بينا كانت لأول مرة ياجنجون، شوفتي الطفل اللي بيكون في حضن أمه وعايزة تبعديه، لازم ياخد وقت علشان ينسى حضن أمه ، اهو انا كدا بالنسباله .. مستحيل الطفل ينسى حضن أمه علشان هي اكتر واحدة داق الحنان لأول مرة في حضنها

أنهت كلماتها الموجعة ترمقها بنظرات مشمئزة

اعتصرت ألمها وحاولت ألا تظهر ضعفها ، سكنت اوجاع قلبها داخلها وضغطت بقسوة عليه، ثم رفعت نظرها

-مكنش رماكي في أول مذبلة، مكنش طايق دلوقتي لمستك، صدقيني أنتِ غلبانة اوي وصعبانة عليا، لأنك مريضة

اما موضوع لأول مرة دا اللي فرحان فيه ، فلو كان مرسوخ عنده زي ماعمال ترغي فيه مكنش قدر يتجوز عليكي بعد طلاقك بأسبوع

اقتربت منها وأردفت

-مكنش خطفني بعيد عن الكل علشان محدش يشوفني غيره، مكنش قرب مني قبل مايكمل شهر من طلاقكوا، مكنش عيشني في جنة متأكدة انك معشتهاش يوم واحد

اقتربت أكثر ورفعت يدها تضعها على أحشائها

-مكنش يبقاله اجمل نبتة زرعها بعشقه هنا ..دنت وهمست لها مثلما فعلت

-مكنش نادكي باسمي في احلامه، وأنتِ اول استعمال ، مكنش قالي مهلكته ، أهلكته بعذاب البعد وانصهر بإشتياق الندم، ، وانت ايام أحزانه وندمه، ودلوقتي مستعد يتخلى عن الكون لمجرد اكون بين حضنه

قالتها وتراجعت عدة خطوات

-ابعدي عن حياتي يا فيروز وعن جوزي، دلوقتي أنا كنت عزراكي، لكن حاليا بعد اللي عملتيه ملكيش عذر عندي

قالتها وتحركت للخارج، أغلقت الباب خلفها وسحبت نفسًا عميقا، تنزرف عبراتها بغزارة كلما تذكرت حديثها

تحركت وعبراتها تفرش طريقها وصلت للأسفل وجدت أخاها بإنتظارها

-جنى!!..أشارت بكفيها

-ابعد عني ياعز، مش عايزة اتكلم مع حد دلوقتي..اقترب ولم يعري كلماتها اهتمام

-حبيبتي..ممكن تسمعيني

تراجعت تهز رأسها رافضة اي حديث

-عايزة امشي ومش عايزة اتكلم مع حد ، اتجهت إلى سيارتها وشهقاتها بالأرتفاع ، توقف أمامها

-جنى مينفعش تسوقي كدا حبيبتي ، طيب هتصل بجاسر يجيلك

صرخت بقلب يئن متمزق

-ابعد عني ، مش عايزة اشوف حد ، قامت بتشغيل سيارتها وتحركت سريعا

امسك هاتفه سريعا متجها لسيارته

ظل يتصل به عدة مرات ولكن لا يوجد رد، ظلت تتحرك بسيارتها وعبراتها تغسل وجنتيها وكلمات تلك الحقيرة كما نعتتها تضرب أذنها كصوت الرعد

❈-❈-❈

وصلت إلى منزلهما، توقفت تلتقط انفاسها، تنظر لذاك المنزل الذي جمعت به أجمل اللحظات، توقف عز خلفها بالسيارة، ترجل متجها إليها بعدما وجدها مازالت بالسيارة لبعض الوقت

-جنى..رفعت نظرها إليه وهتفت بصوت متقطع

-جاية بيتي ياعز، متخافش عليا ، جاية اجمع ذكرياتي مع جوزي

امشي لو سمحت عايزة افضل هنا لوحدي، يمكن يجي هو كمان هنا لذكرياتنا

وقتها بس هتنازل عن كرامتي والله هتنازل ومش هطلب حاجة غيره وبس، أزالت عبراتها وترجلت من السيارة

-تفتكر هيجي هنا ولا مصدق أنه مشي

احتضن وجهها يزيل عبراتها ، مع شهقاتها فألقت نفسها بأحضانه

-مش عارفة أعيش يااخويا، لا قادرة ابعد ولا قادرة أقرب، بحبه اوي ومجروحة اوي قولي اعمل ايه ، اختك بتغرق ياعز، هموت لو بعد عني، وبتوجع لما يقرب مني بعد خداعه ليا

ضمها يمسد على ظهرها

-هو مخدعكيش ياقلبي، جاسر بيموت فيكي والله ياجنجون، بالعكس اول مرة اعرف انه بتعذب بصمت ورغم كدا مبين للكل أنه سعيد

شهقت بصوت مرتفع

-وأنا بتعذب من بعده ياعز، والله بموت وهو بعيد بس مش عارفه اعمل ايه

أخرجها يمسح دموعها

-ارمي كله حبيبتي ، وادخلي استني جوزك، أنا متأكد أنه لو عرف انك هنا هيطير ويوصلك

-إنت اللي بتقول كدا..ابتسم بحب لأخته

-أيوة أنا اللي بقولك كدا، وبأكدلك أنه بيحبك اوي، إياكي تتنازلي عن الحب دا

-يالة ادخلي وهو لما يرجع البيت هيتجنن عليكي ومش هقوله أنتِ فين علشان قلبه يجيبه لعندك

ابتسمت من بين عبراتها ، ثم رفعت نفسها لأخيها وطبعت قبلة على وجنتيه وتحركت للداخل كالفراشة تبحث عن زهورها

بمكتب يعقوب ولج أحد رجاله

-سيدي عثرنا على دكتورة كارمن..نهض متسائلا

-أين وجدتموها..وضع صورة أمامه قائلا

-أليس هي !! ابتسم عندما وجدها تخرج بلبس الأطباء

-نعم سيدي العنوان الذي حصلنا عليه من السيد جواد الألفي حقيقيا

اتجه إلى مكتبه

-هيا سنصل إليها ..

بالكلية الحربية جلس بعد انتهاء تدريباته

-مرحب بوحش الحربية..ابتسم له

-عامل إيه ياكريم ، رجعت إمتى

امسك المنشفة يجفف عرقه فتحدث:

-رجعت الصبح وهاخد يومين كمان أجازة، أو ممكن اعمل زيك أسافر كل يوم

-ليه؟! ابتسم كريم وأجابه

-فرح اختي القردة الأسبوع الجاي

رفع حاجبه ساخرًا

-ليه بتحسسني انك بنت، وفرحان اوي دا فرح اختك مش فرحك

تسطح على الأرض بجواره

-لأ طبعا لما أجوزها هرتاح واطمن، بابا خايف يحصله حاجة قبل مايجوزها، والحمد لله ابن عمي اخير رضي علينا وحدد الفرح

ضيق عيناه متسائلا

-مش عمك دا اللي واخد ورث باباك

أومأ برأسه وهو يرتشف المياه

-أيوة ، بس أخيرا وافق ، وكمان قال هيتمم جوازه بعاليا

اتجه ببصره له

-اصل أشرف وعاليا بيحبوا بعض من صغرهم ، بس مشاكل العيلة وقعتهم وكسرت فرحتهم

اومأ متفهما ثم ضرب على كتفه

-عقبالك ياأسد

ابتسم بمحبة : أن شاءالله ، بس أكيد هتحضر الفرح، مش هقبل اعذار

-معتقدش لاني مش بتاع افراح ..بتر حديثهم صوت الضابط

-إنتباااااه

❈-❈-❈

بعد عدة ساعات بمكتبه استمع الى رنين هاتفه

-باسم، قالها جواد بذهول

-جواد جنى مرات جاسر اتخطفت من بيتها لسة جايلي إشارة من أحد الظباط ، بعد مااتصلوا بجاسر وبعدها خرج زي المجنون

-ليه جنى فين ؟!

كان يجلس أمام أحد الشاشات

-جواد احنا مراقبين فيروز زي ماقولت، عز وجنى وكانوا عندها وبعدها بفترة اتصل بواب جاسر وقال فيه ناس هجموا على البيت بس ميعرفش خطفوا جنى ولا هي مشيت علشان ضربوه على دماغه واغمى عليه وبما انا براقب فيروز ، فيه ناس جم اخدوها ومشيوا وعرفنا من جهاز التصنت أنهم بيتكلموا عن جنى، شوف البنت فين بالظبط وانا بعمل تحريات علشان اوصل لجاسر

هب من مكانه يتحرك بتخبط للخارج

-أنا قولتلك خليها زي الهوا ياباسم ، جاي تقولي كدا بعد ايه

-جواد وقت ماجالي التقرير اتصلت بيك ..تحرك للخارج يصرخ على صهيب

-فين عز؟!

كان يستند على الجدار خلفه

-ايه ياعمو خير، يارب ميكونش بنتك المجنونة رفعت قضية خلع علشان شكلي هخلع عيونها من وشها

دنى منه يلتهمه بعيناه حتى اقترب منه يمسكه من تلابيبه

-اختك فين ياله..رفع جانب وجهه وابتسامة ساخرة

-ليه ابنك مش عارف يوصل لمراته

تحدث صهيب قائلا:

-عز انت مش قولت انها راحت لجاسر

صفعة قوية من جواد على وجهه

شهقت غزل بوصولها ، تقف متسمرة ممافعله جواد بعز

امسكه يهزه بغضب

-قولي أعمل فيك ايه ياحيوان، اموتك علشان ارتاح من غبائك

-جواد ايه اللي حصل

استدار إلى صهيب

-ابنك الحيوان دا مش هيبعد عن غبائه الا لما يموتنا كلنا

-اختك اتخطفت ياغبي، غبييييي

دفعه بقوة، يرجع خصلاته بعنف يريد اقتلاعها، وقف عاجزا ثم نظر لصهيب

-البنت حامل، تفتكر ممكن يعملوا فيها لو عرفوا أنها حامل، دي مرات ظابط ياغبي

-عمو اسمعني..صرخ به اخرص ، رفع هاتفه بعدما استمع لرنينه

-أيوة ياباسم

-شعر بإنسحاب أنفاسه وكأن الأرض تسحب من تحت قدميه فتسائل بلسان ثقيل

-جاسر حصله حاجة

-إيه، قالها ثم هوى على مقعده، انت بتقول ايه ياباسم ..ابعتلي اللوكيشن بسرعة، توقف وكأن غمامه تداهمه بقوة ..أما صهيب الذي هوى جالسًا يردد بلسان ثقيل

"جنى"

الفصل السادس عشر من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-