رواية عزلاء امام سطوة ماله الجزء الثانى الفصل التاسع و العشرون 29 بقلم مريم غريب





 رواية عزلاء امام سطوة ماله الجزء الثانى الفصل التاسع و العشرون 29 بقلم مريم غريب

_ مشاعر ! _


بضعة أيام قليلة.. مرت هكذا ...


لكن في ظل تلك الظروف و الوقائع الصادمة كانت كالدهور.. لم يكن التعايش مع هذا الكم من القرارات المجحفة سهلًا.. على الإطلاق


إنما اضطر الجميع إلى تقبل الأمر الواقع و الحقيقة المقررة، بالرغم من صمت كبير العائلة مقامًا و ليس سنًا "عثمان البحيري".. بعد أن أعلن عن خبر زواجه و بعد العاصفة التي زعزعت استقرار منزل العائلة كله و هددت بالتفكك للبعض... هدأ كل شيء فجأة.. حتى الزوجة.. "سمر"... لم يُسمع لها حسًا البتة، كان كل شيء على ما يرام بشكل يثير الريبة، مارس الجميع حياتهم بشكل طبيعي بعد رحيل "رفعت" الذي ما كان بالخطب الجلل بالنسبة لأفراد العائلة، حيث كان دائم الهجرة و السياحة بالبلاد، كلهم تابعوا حياتهم الطبيعية، عدا "عثمان" و "سمر".. لم يكونا كذلك


بل كان كلٌ منهما على حدة منذ ذلك النهار... لم يقرب "عثمان" غرفة النوم أبدًا، و بدورها "سمر" لم تخرج من هناك، قرابة الثلاث أيام و هذا الوضع قائمًا، و الغريب أنه لم يتجاسر على إتخاذ أيّ خطوة للإقتراب منها، و كأنه خائفًا من مواجهتها مرةً أخرى ..


و لكن أليس هو الذي فعل كل ذلك ؟ و هو أيضًا الذي ألقى عليها الخبر المفجع الذي من شأنه أن يحطم قلب أيّ امرأة و يمزقه إلى أشلاء ؟ .. مِمّ يخاف إذن ؟ لقد رفعت المسكينة الراية البيضاء و أطبقت فاها و رضت بحكمه الظالم و القهر الذي فرضه عليها دون شرح أو مبرر واحد فقط !


ماذا تفعل و عمّا تتنازل هذه المرة ؟ .. لقد استنزفها بالكامل ...


_______________


تلك المواجهة الأخرى كان لا بد منها.. لم يكن بإمكانه أن يعرض عن الشرح لوالدته بالذات... رغم أن الشرح صعب حتى لها هي.. لكن لا مفر أمامه.. أساسًا لم تكن لتسمح له بإلمضي إلى تلك الخطوة الأخيرة دون أن تفهم


و هذا ما حدث ...


كان جناح أبويه يعج بصياح أمه الجهوري، بينما كان يقف هو أمام الشرفة العريضة أمام أشعة شمس الظهيرة، عاقدًا يديه خلف ظهره، يستمع إلى التوبيخ القاسٍ الذي أخذت تكيله له السيدة "فريال" دون أن يبدي ردة فعل


حتى أتمت عبارتها الأخيرة و هي تقترب منه و تقف خلفه مباشرةً تتوهج غضبًا :


-ما إنت لازم تعرف ده كويس.. أنا عمري ما هاسمحلك تروح و تعمل إللي إنت ناوي عليه ده منغير ما أفهم. لازم تقولي أسبابك يا عثمان !


أطبق "عثمان" جفنيه بشدة و هو يسحب نفسًا عميقًا مهدئًا أعصابه التي لا تنفك والدته عن استثارتها... ثم إلتفت نحوها ببطء و هو يقول بهدوء :


-نعم يا ماما !

أؤمريني.. عايزة تعرفي إيه بالظبط ؟!


فريال بحدة : هاتتجوز على مراتك ليه يا عثمان ؟ سمر عملت إيه تستاهل عليه تصرف زي ده منك ؟ فهمني من فضلك !!!


نظر "عثمان" لها و أجابها بنفس الهدوء :


-ماعملتش حاجة.. بس أنا مضطر


إنفعلت "فريال" من جديد :


-يعني إيه مضطر ؟ يعني إيه قولي ؟ إيه إللي يغصبك تتجوز على مراتك و كمان إللي هاتتجوزها أخت طليقتك ؟ ده كمان لسا سمر ماتعرفش المعلومة دي.. لو عرفتها هايحصل إيه ؟ إنت بتعمل كده ليـــه ؟ رد عليـــا ماتسبنيـش تايهـة و مصـدومـة فيـك كــده !!!


-عشان أنا السبب يا فريـال هـانـم !!!! .. صاح "عثمان" بعنف شديد و قد تصاعدت الدماء كلها إلى وجهه


تسمرت أمه بمكانها و هي تسأله مستنكرة :


-إنت السبب في إيه يا عثمان ؟ إتكلم و قولي.. إنت السبب في إيه ؟؟!!!


قال "عثمان" بخشونة و عيناه تعبران أخيرًا عن مكنون صدره الذي حرص منذ البادئ على إخفائه حتى عن نفسه :


-القلم جالي من حتة تانية آه.. عن طريق أقرب الناس ليا. لكن كان لازم يحصل.. لأني كنت أعمى. أعمى و ماكنتش هاشوف إلا بالطريقة دي يا ماما. أنا دمرت حياة ناس كتير و كلهم كانوا أضعف مني. حتى سمر.. في فترة كنت حاطتها تحت رجلي و دايس. منغير إحساس بالذنب. منعير ندم.. بس فوقت متأخر و رجعتها


عبست "فريال" قائلة :


-و أديك أهو هاتخسرها.. هاتخسرها للأبد عشان كلام أنا مش فاهمة منه أي حاجة !!

قلم إيه إللي جالك من أقرب الناس ليك ؟ و إيه علاقة نانسي الحداد باحساسك بالندم ؟ إنت عملت فيها إيه ؟ الفيديو بتاع أختها مش إنت إللي نشرته.. و بعدين ربنا أكيد له حكمة في كده. ربنا مش بيشيل ستره عن حد إلا إذا كان يستحق عقابه. لو فاكر إنك مذنب في حق چيچي و ممكن تعوضها سمعتها عن طريق جوازك من أختها تبقى غلطان. بالعكس.. الناس مش هاتفهم كده. و سمر عمرها ما هاتفهم كده. سمر لو عرفت أصلًا إن عروستك هي أخت طليقتك كل إللي هايجي في بالها حاجة واحدة بس.. عثمان للدرجة دي كان بيحب چيچي. عشان كده إتجوز أختها. عشان تفضل تفكره بيها.. إنت إزاي مش مستوعب تباعيات قرارك ده و تأثيره على أسرتك !!!


نظر "عثمان" إليها بعينين ضيقتين، ثم قال بعد برهة بصوت خالٍ من التعابير :


-أنا مش هاتجوز نانسي عن حاسس بالذنب تجاه چيچي.. أنا هاتجوز نانسي عشان نانسي. و إنتي أول و أخر واحدة تسمعي مني الكلام ده يا فريال هانم !


لم تقوَ "فريال" على الرد.. بقيت جامدة في مكانها، كانت مشدوهة لدرجة أنها لم تنفعل عند سماع عبارته الصادمة ...


لكنها ما لبثت أن عادت إلى الحياة و سألته بصوت أكثر هدوءًا :


-إنت معقول حبيتها ؟ حبيت نانسي ؟ طيب و سمر يا عثمان ؟!!!


قدح الغضب في داخله فجأة و من جديد.. لتجده يصيح في المقابل بغلظة كبيرة :


-سمر زي ما هي يا فريال هانم.. و لا مليون واحدة تاخد مكانها جوا قلبي. أنا مابحبش نانسي. قلبي لو كان ملك ست فهو ملك سمر و بس.. و جوازي من نانسي مجرد شكليات و بناءًا على رغبتها هي في الأصل


هزت "فريال" رأسها للجانبين و هي تقول :


-أنا.. أنا مش فاهمة حاجة. مش فاهمة أي حاجة آ ا ..


-يبقى ماتتعبيش نفسك ! .. هتف "عثمان" مقاطعًا بحزمٍ


-الجواز هايتم.. بس مافيش أي حاجة هاتتغير. كله هايفضل في مكانه


انبعثت أنفاسها لاهثة و هي تقول بلهجة أقرب إلى الانهيار :


-كله في مكانه إزاي ؟ سمر مش هاتسكت.. هاتمشي. المرة دي هاتمشي و هاتاخد يحيى معاها. أنا مقدرش أعيش منغير يحيى. مقدرش يا عثمان حرام عليك إللى بتعمله فينا !


و هطلت دموعها بغزارة شديدة ...


قطع "عثمان" المسافة بينهما في خطوة و ضم أمه إلى صدره، أخذ يمسح على رأسها بحنو و هو يتمتم بصرامة ليطمئنها :


-ماتخافيش يا ماما.. إوعى تخافي أو تقلقي. سمر مش هاتمشي. و محدش هاياخد يحيى منك.. أوعدك !


_______________


في منزل "فادي حفظي"... تقف "هالة" بغرفة المطبخ، أمام منضدة بجوار الموقد


كانت تباشر بتقطيع الخضروات فوق قطعة الرخام، بينما يعمل "فادي" ورائها و يساعدها بالمساهمة في اعداد صنفٍ من أصناف وجبة العشاء و هو يقول :


-بقالك كام يوم يعني مش بتطلبي مني نزور بيت أهلك يا هالة ؟ من ساعة ما باباكي سافر.. إنتي مش بتحبي تبقي هناك و هو مش موجود و لا إيه ؟!


تنهدت بثقل، ثم ردت و هي تُلقي بطبق الخضروات بقِدر الحساء الأبيض المغلي :


-لأ يا حبيبي مش الفكرة.. كل الحكاية بس إني شايفاك تعبان في شغلك و بترجع هلكان. مش بحب أتقل عليك بطلباتي !


كانت على دراية تامة بِما يدور بمنزل عائلتها، و نبأ زواج "عثمان" المزعوم.. كانت تعلم أن الغد ليلة عرسه، فقد أخبرها شقيقها.. و الغريب أنها استقبلت الخبر بردة فعل طبيعية للغاية، حتى عندما علمت بهوية الفتاة التي سيتزوجها... تفاجأت قليلًا، لكنها سرعان ما أدركت بسخرية بأن هذا هو "عثمان".. هذا إبن عمها... أيّ شيء متوقع منه خاصة أطواره و أساليبه الغدارة.. كل صفات مألوفة و فُصَّلت على قياسه


كان كل همها الآن ألا يصل شيء من هذا لـ"فادي".. على الأقل حتى يتم ما تريد... فها هي.. تقريبًا شارفت على نيل مرادها.. لم يتبقى الكثير !!!


-طيب ما أنا بكرة أجازة !


أفاقت على صوته في هذه اللحظة، فاستدارت ناحيته بينما يستطرد و هو يعد الأطباق و يغرف بعض الأطعمة :


-تعالي نروح بعد العشا شوية.. سمر و ملك وحشوني أوي. و بعدين أنا مش عارف قلقان على سمر ليه.. بقالي يومين بكلمها و صوتها مش عاجبني


تناولت "هالة" منشفة اليدين الصغيرة من أمامها و مسحت يديها بسرعة، ثم تركتها جانبًا و مضت صوب "فادي" قائلة بتظاهرٍ متقن :


-خير يا حبيبي.. إنت علطول قلقان كده ؟ أكيد مافيش حاجة. هي تلاقيها مشغولة بيحيى أو عثمان أو حتى ملك. إنت عارف مسؤولياتها بقت كتير مش زي الأول


مط "فادي" فمه للأسفل و هو يقول :


-مش عارف يا هالة.. أنا أصلي بحس بسمر أوي. دايمًا بعرفها من أقل حاجة. من صوتها. من وشها. أقل حركة بقدر أعرف منها هي مضايقة و لا كويسة


-حبيبي قولتلك ماتقلقش نفسك ! .. قالتها "هالة" و هي تقبض على كفه و تشد عليه بقوة، و أردفت بجدية :


-لو كان في حاجة كانت قالتلك.. مافيش أي سبب يخليها تخبي عنك. إنت أخوها و كل عيلتها. مين غيرك ممكن تحكيله و يسمعها ؟ ماتفكرش كده تاني. هي أكيد لو فيها حاجة هاتجري عليك أول واحد صدقني


كانت عبسة متململة قد تشكلت على جبينه و قد بدا أيضًا غير مرتاحًا.. لتهرع "هالة" إلى استخدام أكثر أسلحتها فتكًا بزوجها.. ألا و هو الدلال ...


فألقت بذراعيها حول عنقه و تعلقت به و هي تزيد إلتصاقًا بجسمه قائلة برقة بينما يتصلب كل عصب بأوصاله الآن تحت تأثير حرارتها :


-و بعدين تعالى هنا.. إنت عاوز تقضي ليلة أجازتك برا ؟ إذا كنت أنا بستنا الأيام دي بفارغ الصبر عشان بكون معاك أطول وقت. و لا إنت ابتديت تزهق مني ؟!


ابتسم "فادي" على الفور و قال و هو يشد ذراعه السليمة حولها :


-أنا أزهق بردو. و منك إنتي ؟ مستحيل ! .. و أضاف و هو يقبّل أنفها و شفتها العلية بتقربٍ مدروس :


-أنا ببقى قاعد في الشغل.. كل إللي شاغل بالي إمتى الساعات تعدي بسرعة.. عشان أرجع البيت و أشوفك بس... قولتلك يا هالة.. أنا مابقتش أقدر أبعدك عني.. و لا حتى أبعد !


-حبيبي ! .. غمغمت "هالة" و تستسلم لقبلته المتلهفة تاليًا


و بعد أن ضمنت استسلامه الكامل هو الآخر.. ابتعدت قليلًا و هي تقول بخبثٍ :











-يبقى نتعشا و نقضي الليل كله سوا. و بكرة بطوله بردو سوا.. عارف لو شوفتك اتحركت من جمبي هاعمل فيك إيه ؟!


ضحك "فادي" و أنفاسه الملتهبة تضرب بشرتها بحماسة و هو يقول :


-و أنا بعد كلمتك دي أقدر أفكر أسيبك لحظة أصلًا ؟ أنا معاكي أهو. مش متحرك خطوة منغيرك. لازق فيكي كده خلاص !


و ضحكا معًا، ضحكات ما لبثت أن خالتطها مشاعرهما المتأججة و طغت عليها.. إذ صحيح... هناك ثمة جزء منها يتوق له و لقربه بهذا الشكل... جزء تعجز كليًا عن مقاومته أو قمعه.. فلا ترى سوى القبول به و التعاطي معه.. تمامًا كما تفعل الآن !


_______________


بعد صراع طويل و شاق مع نفسه... أخيرًا يقرر "عثمان" الذهاب إليها.. أخيرًا يقدم على تلك الخطوة... يمضي لمواجهتها بعد مرور أيامٍ من الجفاء و الاختفاء خشية إلتقاء النظرات و التواجد بمفردهما داخل مساحة محدودة !!!


لكنه يفعلها الآن ...


و الحقيقة أنه دهش.. بالفعل... حين ولج لم يتوقع أن يرى هذا.. مرح و بهجة يشيعان داخل الغرفة بشكلٍ أذهله !


حيث طفله الذي تجاوز مرحلة الحبو و صار بإمكانه الوقوف و المشي على قدميه.. و "ملك".. تلك الطفلة التي ساهم بتربيتها بطريقةٍ ما بل و يكنّ لها محبة و غلاوة.. و زوجته ...


كان ثلاثتهم يركضون وراء بعض بفسحة دائرية تتوسط الجناح.. كانوا يلعبون كما يرى.. فـ"سمر" تعصب عينيها و تتظاهر بأنها على وشك القبض على طفلها أو أختها، و هؤلاء لا يسعهما إلا الركض هربًا منها و الضحك


و في غمرة اللعب... كان "عثمان" يقترب منهم على مهلٍ، و بدون أن تدرك "سمر" بأنه هنا، جاءت لتلتفت فجأة، اصطدمت به بقوة و كادت تسقط فوق ظهرها ..


لولا ذراعه التي امتدت بسرعة البرق و أمسكت برسغها و شدتها صوبه، لترتطم بصدره، و فورًا ترفع يدها لتزيل العصابة عن عينيها ...


حبس "عثمان" أنفاسه لوهلة، حين تشابكت أعينهما لأول مرة منذ ليالٍ طوال.. و آهٍ كم اشتاق لتلك العيون الخضراء الوساع،و تلك الرائحة التي تنبعث من جسمها صاعدة إلى أنفه... رائحة سائل الاستحمام المفضل لديها _ خوخ و فانيلا _ أيّ الخشونة و النعومة، الأنوثة و البراءة في آن


لطالما كانت بريئة و دائمًا ما يفضلها هكذا.. و لا يريد أن يغير فيها شعرة !


-عثمان !.. هتفت "سمر" متفاجئة


و كأن ظهوره أمامها الآن أخر ما توقعت حدوثه، فسارعت بالابتعاد عنه فورًا و هي تقول بلهجةٍ فاترة :


-أهلًا.. وشك و لا القمر. لسا فاكرني !


حمحم "عثمان" و هو يودع يديه بجيبي سرواله بانطباعٍ مسترخٍ، ثم قال بصوتٍ ثابت :


-أنا من إمتى نسيتك يا سمر ؟ أنا علطول فاكرك. و لا إنتي إللي نسيتي ؟؟


-لا أبدًا مانسيتش ! .. غمغمت "سمر" و هي تشمله بنظرة غريبة لم يفهمها


و استدارت لتتابع لعب الطفلين قائلة :


-خير.. كنت جاي عاوز حاجة ؟


تضايق "عثمان" من ردة فعلها الباردة و كلماتها و حركاتها و كل شيء.. فقال بانزعاج واضح :


-هو أنا محتاج إذن يعني عشان أدخل أوضتي لمراتي ؟ إيه سؤالك ده !!


رمقته "سمر" بنظرة جانبية و قالت :


-أنا مقصدش طبعًا.. ده بيتك و دي أوضتك. و أنا مراتك و تحت أمرك في أي وقت !


نظر لها بدهشة للحظات.. ثم فقد تماسكه هذا على حين غرة و قبض على ذراعها مجتذبًا إياها صوبه... تأوهت "سمر" من خشونته معها، لكنه لم يعبأ و قال من بين أسنانه و هو يطبق أصابعه حول لحم ذراعها أكثر :


-بلاش الاسلوب ده يا سمر.. لو في حاجة في قلبك من ناحيتي طلعيها أحسن و بلاش نلعب على بعض كده. أنا مابحبش اللف و الدوران و إنتي عارفة !!!


-إنت إتجننت يا عثمان نزل إيدك ! .. زجرته "سمر" بعبارتها التحذيرية و هي تشير برأسها نحو الطفلين و تكبت صيحة ألم بجهد مضنٍ


كانا الطفلين على وشك الانتباه للمشاجرة الكلامية بين الزوجين، لكنه سرعان ما سيطر على أعصابه و أفلتها مشيرًا بكفاه أمام عينيها و هو يقول :


-تمام.. هديت أهو. ممكن تتكلمي بقى ؟!


-تكلم أقول إيه ؟ .. تساءلت "سمر" بغرابة و هي تدلك ذراعها موضع الألم بأصابع يدها الأخرى


- هو إحنا لسا هانتكلم ؟ ما خلاص.. إنت قلت كل حاجة


عثمان باستنكار : سمر أنا هاتجوز بكرة !


-بالسلامة !


حملق فيها بصدمة حين قالت ذلك.. و قال غير مصدقًا :


-قولتي إيه ؟!!


كررت "سمر" ببساطة شديدة :


-قلت بالسلامة.. يعني عادي بالنسبة لي. روح إعمل إللي إنت عايزه و مع السلامة زي ما بيقولوا. مافيش حاجة هاتتغير لو عملت كده.. لو قلقان من ناحيتي.. لأ إطمن. أنا كويسة. و هافضل عايشة معاك عادي. و مع إبني... في أكتر من كده ؟ محتاج تسمع حاجة تاني ؟؟


و بقيت محلها لثوانٍ تحدق فيه بقوة دون أن يرف لها جفن... ثم أولته ظهرها و عادت للطفلين لتستأنف المرح و اللعب معهما


بينما لم يطيق أن يراها تتبارد و تفعل كل هذا أمامه و كأنه حقًا لا يمهما كما نجحت و أوصلت له الرسالة توًا... إستدار من فوره و غادر الغرفة في إثره شياطينه و مشاعرها غير المبالية !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! .............................................. !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

           الفصل الثلاثون من هنا 

تعليقات



×