رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل السابع و العشرين 27 بقلم مريم غريب





رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل السابع و العشرين 27 بقلم مريم غريب



_ تراجع ! _


تدخل "سمر" إلي "عثمان" ... تقف أمام مكتبه في برودة أعصاب ، تتقصد التظاهر بهذا الشكل أمامه


فقد تمت الصفقة التي عقداها بالنسبة لها ، و هي لم تعد تبالي له بعد الآن ..


-صباح الخير يافندم ! .. حيته "سمر" بفتور ، و تابعت :


-نجلاء قالت إنك سألت عليا كتير . أنا آسفة إني إتأخرت إنهاردة بس كنت مضطرة . الصبح روحت أجيب أختي من المركز.


زمجر "عثمان" .. أطلق صوتا مفاجئا مرعبا .. و تجمع غضب أسود في وجهه كما تتجمع السحب قبل العاصفة ..


-إنتي عارفة أنا كلمتك كام مرة من إمبارح للنهاردة ؟ .. سألها بنبرة هادئة تشي بحلول غضبه القريب


سمر ببراءة :


-موبايلي كان silent و ماسمعتوش !


عثمان بإستهجان :


-و الله ! و ده من إمتي إن شاء الله ؟ من إمتي بتصل بيكي و مابتسمعيش ؟!


سمر ببرود :


-أهو إللي حصل يافندم . أعمل إيه يعني ؟


في هذه اللحظة وثب "عثمان" من مكانه و مشي ناحيتها و الشرر يتطاير من عينيه ..


-إنتي بقالك إسبوع سايقة العوج ! .. قالها "عثمان" بحنق شديد و هو يقبض علي ذراعها و يلويه بقوة خلف ظهرها


سمر بألم :


-آااه آه آاه . إيه إللي بتعمله ده ؟ أنا عملتلك إيه سيب إيدي !


عثمان بغضب :


-إنتي بتلعبي بالنار يا سمر . و إوعي تكوني فاكراني مش واخد بالي من وش البرود إللي بترسميه قدامي ده بقالك كام يوم . أنا عارف كويس إنتي بتفكري في إيه ؟ بس أنا بقي مش هاسيبك بالسهولة دي . إللي بينا مش لعبة تقدري تنسحبي منها وقت ما تحبي . لأ . في قوانين و أنا بس إللي أقول إمتي تنسحبي أو إمتي تخلص اللعبة.


سمر متصنعة عدم الفهم :


-أنا مش فاهمة إنت بتتكلم عن إيه ! و أنا أصلا مابفكرش في حاجة أنا فعلا كنت مشغولة أوي إنهاردة و تليفوناتك غصب عني ما ردتش عليها .. ثم قالت بألم أشد :


-سيب إيدي بقي !


تركها "عثمان" بحركة غاضبة ، لتتآوه و هي تدلك مكان أصابعه الغليظة علي جلد معصمها ..


-كنتي بتعملي إيه طول الإسبوع إللي فات ؟ .. تساءل "عثمان" بخشونة ، لترد "سمر" بنبرة مهزوزة و هي تحاول السيطرة علي أعصابها :


-ماكنتش بعمل حاجة . كنت بشتغل ما إنت عارف.


عثمان بلهجة صارمة :


-برا الشغل . كنتي بتعملي إيه برا الشغل ؟


سمر بحيرة ممزوجة بإلإرتباك :


-ماكنتش بعمل حاجة !


عثمان بحدة :


-طالما كده . كنتي بتتهربي مني ليه ؟؟؟


سمر بضيق :


-ماكنتش بتهرب . فادي خلص إمتحاناته و قاعد في البيت . مقدرش أعمل أي حاجة تلفت نظره.


عثمان بإنفعال :


-أنا ماليش دعوة بالكلام ده . أنا وقت ما أعوزك لازم ألاقيكي . مشاكلك مع أخوكي تشوفلها حل منغير ما تزعجيني أنا.


سمر و قد تملك منها الغضب أخيرا :


-إنت مش من حقك تؤمرني و تكلمني بالطريقة دي . أنا مش جارية عندك يا عثمان بيه . أنا حره و مش مضطرة أقولك أمين علي أي حاجة تطلبها مني.


ضحك "عثمان" بسخرية و قال :


-مش تتأكدي من كلامك قبل ما تقوليه يا سمر ؟ إنتي مراتي . تبقي حره إزاي ؟ إنتي نسيتي الورقتين إللي كتبناهم سوا ؟


سمر و هي ترمقه بمقت :


-لأ مش ناسية . إنسي إزاي الكابوس إللي مابيفارقش أحلامي كل يوم ؟!!


عثمان بنفاذ صبر ممزوج بالحدة :


-أنا عايزك إنهاردة . بعد الشغل إستنيني برا ماتمشيش.


-لأ مش هينفع ! .. قالتها "سمر" برفض قاطع ، ليرد بغضب :


-ليـــــه ؟ مش هينفع ليه ؟ إنتي بقالك إسبوع بتقوليلي مش هينفع.


سمر بشئ من العصبية :


-قولتلك فادي قاعد في البيت . مقدرش أشوفك و لا أقابلك برا الشغل ممكن يحس بحاجة.


أمسك "عثمان" بكتفيها و حني رأسه إلي الأمام ، ثم قال بصرامة تامة :


-بكره . بكره بعد الشغل هتيجي معايا . تقوليلي بقي أخوكي جن أزرق مش هيهمني . إتصرفي و حلي مشاكلك كلها إنهاردة عشان بكره مش هقف أتناقش معاكي كده . بكره هتسمعي كلامي كله من سكات .. فاهمة يا بيبي ؟!


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


عند "صالح" و "صفية" ... بعد إنتهاء الجلسة ، يتم نقل "صالح" إلي جناحه مجددا


يحملوه رجال التمريض و يضعونه علي سريره بحرص ، ثم يخرجون بعد أن شكرتهم "صفية" ..


-آاااااه آاااااه .. هكذا راح "صالح" يتآوه بخفوت ، لتجلس "صفية" بجواره علي حافة السرير ، و تربت علي شعره قائلة :


-سلامتك . سلامتك يا حبيبي !


صالح بحزن :


-لأ . لأ يا صافي أنا زعلان منك.


صفية بدهشة :


-ليه بس يا حبيبي ؟ أنا عملت إيه ؟!


-فضلت أترجاكي و أقولك إبعدي عني الدكتور إبن الـ---- ده و لا سألتي فيا.


صفية برقة :


-يا قلبي علي أد ما قدرت خليته يخفف عنك . هو كان لازم ينهي الجلسة كاملة يا صالح عشان تخف بسرعة يا حبيبي.


صالح و هو ينظر لها بضيق :


-أنا زهقت من المستشفي يا صافي . عشان خاطري إسألي الدكتور الحيوان ده لو ينفع أكمل العلاج في البيت !


صفية بإبتسامة :


-حاضر يا حبيبي . هسأله.


صالح و هو يهز رأسه بخيبة :


-و ربنا أنا إتحسدت.


ضحكت "صفية" و سألته بإستغراب :


-و مين يعني إللي هيحسدك يا صالح ؟


صالح بتبرم :


-كل الناس يا حبيبتي . أنتي مستقلية بخطيبك و لا إيه ؟ ده أنا صالح . يعني ماتكونيش فاكرة إن أخوكي لوحده يبقي دونچوان .. ثم قال بخبث ليغيظها :


-ده أنا البنات بتجري ورايا لحد دلوقتي و أنا علي وضعي و مش عارف أتحرك.


صفية بسخرية :


-لا يا راجل !


صالح بغرور :


-أومال إيه يا بنتي . ده أنا بفتح الـChatting عندي بلاقي الـInbox هينفجر من الرسايل . إللي تقولي سلامتك يا صالح و إللي تقولي وحشتني يا صالح و إللي تقولي هموت و أشوفك يا صالح.


صفية بغيظ و هي تلكمه علي كتفه :


-طب ما تتلم بقي يا صالح . بدل ما ألمك !


ضحك "صالح" بخفة و غمز لها قائلا :


-إنتي بتغيري يا صفصف ؟


صفية بصدمة :


-صفصف ! إيه صفصف دي ؟


-بدلعك يا حبيبتي.


صفية بغضب :


-لأ مادلعنيش كده . أنا صفية أو صافي لكن مش صفصف !


صالح بإبتسامة مرحة :


-أوك يا عمري . إنتي أصلا حياتي كلها أحلي حاجة في الدنيا بالنسبة لي بنات إيه دول إللي هبصلهم و إنتي جمبي ؟!


إبتسمت "صفية" بخجل و قالت :


-حبيبي يا صلَّوحي . ربنا يخليك و يقومك ليا بالسلامة يا رب.


صالح بحب :


-و يخليكي ليا يا قلب صلَّوحك.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في مكان أخر ... تحديدا بمطار العاصمة الإنجليزية ( لندن )


يقف "يحيى البحيري" أمام شباك ختم بطاقات السفر ، فيأتي شخص و يضع يده علي كتفه ..


يلتفت "يحيى" ليكتشف هويته ، ليجده "محمود أبو المجد" والد "مراد" و أحد أصدقاؤه القدامي


ينظر له "يحيى" و يقول بسرور :


-مش ممكن . محمود أبو المجد بحاله . إزيك يا رااجل عامل إيه ؟


محمود و هو يصافحه بحرارة :


-إزيك إنت يا يحيى ! أخبارك إيه ؟ و باقي العيلة إزيها ؟


يحيى بإبتسامة :


-كلنا كويسين الحمدلله .. ثم نظر إلي السيدة التي تأبطت ذراع زوجها و تقف مستمعة في هدوء ، و قال :


-إزيك يا مدام رباب ؟


رباب بإبتسامة رقيقة :


-الحمدلله كويسة . أنا كنت بقول لمحمود إننا لازم نكلمك من مدة عشان نشكرك.


يحيى بإستغراب :


-العفو . بس تشكروني علي إيه ؟!


-علي إستقبالك لمراد في بيتك من ساعة ما نزل لحد دلوقتي . هو كلمنا و قالنا إنكوا بتراعوه و بتعاملوه أحسن معاملة . بجد إحنا متشكرين أووي يا يحيى بيه.


يحيى بإبتسامة :


-لا شكر علي واجب يا مدام رباب و بعدين مافيش بينا شكر . محمود صاحبي قبل ما يكونوا ولادنا أصحاب و بعدين مراد ده زي عثمان إبني بالظبط.


محمود بإمتنان و هو يربت علي كتفه :


-طبعا . طبعا يا يحيى . ربنا يديم المحبة.


-أمين يا سيدي .. ثم قال بتخمين :


-إنتوا شكلكوا قررتوا تنزولوا أخيرا . صح و لا إيه ؟


محمود بإبتسامة :


-مش بالظبط . إحنا قولنا ننزل نشوف مراد عشان وحشنا أوي و بالمرة نزور مصر . بس هنرجع تاني .. إنت إللي كنت بتعمل إيه هنا و ماجتش تزورنا ليه ؟


-أنا ماكنتش فاضي و كان عندي شغل مهم أوي والله لسا مخلصه و روحت قاطع التذكرة علطول حتي مش قايل لحد إني راجع عاملها مفاجأة.


محمود بحماسة :


-إحنا كمان مش قايلين لمراد إننا راجعين . كانت فكرة رباب قالتلي يتفاجئ بينا أحسن.


-طيب طالما كده بقي يبقي هنسافر مع بعض و هتيجوا معايا علي القصر هتبقوا في ضيافتي لحد ما تقرروا ترجعوا تاني إن شاء الله.


محمود بشئ من الخجل :


-إحنا مش عايزين نتقل عليكوا يا يحيى كفاية إبننا لحد دلوقتي . إحنا ممكن ننزل في أوتيل أو نأجر شقة أو حتي ڤيلا جمبكوا.


يحيى بإستياء :


-مش عيب تقول كده يا محمود ؟ أوتيل إيه إللي تنزل فيه و لا بيت إيه إللي تأجره ؟ ماتزعلنيش منك لو سمحت و إوعي تقول الكلام ده تاني.


-بس آا ..


-مابسش .. قاطعه "يحيى" بصرامة ، و أردف :


-هتقعدوا معانا في القصر طول مدة سفاركوا . خلاص إنتهي !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في منزل "سمر" ... تفتح باب الشقة عند دقات السادسة مساءً


كانت "ملك" مستيقظة ، رأتها جالسة علي الأرض و معها "فادي" ..


كانت تلعب بكومة صغيرة من المكعبات خاصتها و عندما شاهدت أختها قذفت بالمكعبات فأحدث قرقعة خافتة علي الأرض ، ثم أشارت إليها بحركة إستحواذية آمرة


لاحظ "فادي" وصول أخته هو الأخر ، فوثب علي قدميه للحال و هرول صوبها و هو يقول بإبتسامة عريضة :


-باركيلي يا سمر باركيلي !


سمر و قد إنفرجت أساريرها تلقائيا :


-مبروك يا حبيبي . إيه إللي حصل ؟؟؟


فادي بفرحة غامرة :


-أنا نجحــــــــت . نجحت يا سمر.


صرخت "سمر" من فرط سعادتها و قفزت محتضنة أخيها بشدة و هي تقول :


-مبرووووووووك . مبرووك يا حبيبي ألف مبروك يا فادي .. ثم نظرت له و سألته بإهتمام :


-المهم درجاتك و لا التقدير إيه ؟؟؟


فادي بضحك :


-إطمني يا سمر الدرجات كويسة و إحنا لسا في أول ترم أخر السنة هتشوفي التقدير إللي هيعجبك بإذن الله.


سمر بسعادة شديدة :


-إن شاء الله يا حبيبي.


في هذه اللحظة وصلت "ملك" عند قدمي شقيقتها و هي تحبو علي قوائمها ، فإنحنت "سمر" و رفعتها عن الأرض بسرعة ..


تبادلت معها إبتسامة واسعة ، ثم قالت و هي تقرص وجنتها بمنتهي اللطف :


-مش تقولي مبروك لأبيه فادي يا لوكا . ها ؟ قوليله مبروك يا حبيبتي.










-سمر كنت عايز أقولك حاجة كمان ! .. قالها "فادي" بجدية تامة و ما زالت البسمة تزين ثغره


إلتفتت له "سمر" متسائلة :


-خير يا فادي ؟


-إللي جابلي النتيجة يبقي دكتور عندنا في الكلية و كمان يبقي صاحب شركة بترول كبيرة أوي هنا في إسكندرية.


سمر بعدم فهم :


-طيب !


تنفس "فادي" بعمق ، ثم قال :


-هو إنهاردة عرض عليا شغل عنده.


سمر بجدية :


-شغل إزاي بس يا فادي ؟ هتعرف توفق بين شغلك و دراستك إزاي ؟!


-هو راجل كويس جدا و بيعزني يا سمر . فاهم وضعي و قالي طول الأجازة دي هشتغل و لما الدراسة تبدأ هقعد من الشغل و بعدين دي أخر سنة ليا و فاضل كام شهر و هتفرغ للشغل علطول.


سمر بتفكير :


-طيب . هو عرض كويس بصراحة .. ثم قالت بإبتسامة :


-إعمل إللي يريحك يا فادي . أنا واثقة في قراراتك.


فادي و هو يرد لها الإبتسامة :


-ربنا يخليكي ليا سمسمة إنتي و لوكا . إن شاء الله قريب وضعنا هيتحسن أوي و مش هخليكوا تحتاجوا لحاجة .. ثم صاح مستذكرا :


-صحيح يا سمر نسيت أقولك كمان . الدكتور ده هيجي يزورنا بكره . أنا عزمتو علي الغدا . لازم بقي تاخدي أجازة من شغلك عشان تطبخي . معلش لو بتقل عليكي يا حبيبتي.


سمر بلطف :


-لا يا حبيبي و لا يهمك . هو أنا عندي أغلي منك يعني !


و فجأة برزت صورته في ذهنها ..


يا للكارثة .. التي ستحل لو لم تذهب غدا إلي الشركة !!!

              الفصل الثامن والعشرين من هنا 

تعليقات



×