رواية عزلاء امام سطوة ماله الجزء الثانى الفصل السابع و العشرون 27 بقلم مريم غريب





 رواية عزلاء امام سطوة ماله الجزء الثانى الفصل السابع و العشرون 27 بقلم مريم غريب


_ لمن الغلبة ! _


رفعت رأسها ملقية نظرة شاملة حولهم و هي تقول :


-أومال فين مراتك يا أستاذ عثمان ؟ ياريت لو نتعرف عليها يعني و كمان سمعتك بتقول عندك ولد.. فرصة يقعد مع الولاد شوية و يلعبوا !


أجفل "عثمان" أمام عرضها هذا.. لبرهة جلس عاجزًا عن الرد... حتى أنقذه ذلك الصوت فجأة :


-مساء الخير حبيبي !!!


لم يكن مرتاحًا إلى الدرجة المرجوة.. فالصوت الذي سمعه في هذه اللحظة ليس لأحدٍ من شأنه أن يكون منقذًا له في هذا الوضع على الاطلاق.. بل العكس !


حاول "عثمان" أن يتماسك قدر استطاعته و هو يقوم من مكانه و يلتفت بهدوء ليواجه "نانسي" ...


-نانسي ! .. قالها "عثمان" بصوتٍ جاف و هو يرمقها بنظرة زاجرة


ابتسمت له بوداعة و كأن علائم غضبه الدفين لا تهمها في شيء... في الجهة الأخرى كان "أدهم" يغض من بصره محركًا شفاهه بعبارات الاستغفار الخافتة، فقد باغتته تلك السافرة و لم ينأى بنظراته بعيدًا عنها باللحظة المناسبة، لكنه يفعل الآن بينما زوجته على عكسه ...


انخرطت "سلاف" بالتفرس في تلك المرأة المتبرجة باصراف و التي لا تخلو ملابسها الفاضحة من الجرأة، لقد كانت مثلها تقريبًا فيمَ مضى، قبل أن تلتقي بزوجها و إبن عمتها.. لكنها أبدًا لم تصل إلى هذا الحد من الوقاحة في المظهر، كانت ترمقها باستنكار حقيقي، فستان أحمر لا يستر بقدر ما يكشف و زينة وجه صارخة في وضح النهار... أهذه زوجة مضيفهما حقًا !!!


-خير يا نانسي ؟ .. كانت لهجة "عثمان" تحذيرية أكثر منها متسوضحة


لكنها لم تأبه أيضًا، بل و نظرت نحو ضيوفه قائلة بصوتها الناعم :


-كل خير حبيبي.. مش تعرفني طيب على ضيوفك !


كان يعلم بأنها تستفزه.. أدرك هذا منذ رآها، لكنه آثر ألا يمنحها الفرصة خاصةً أمام ضيفيه، فأبتسم لها و يشير ناحية "أدهم" و زوجته قائلًا :


-ده دكتور أدهم عمران صديقي.. و دي مراته مدام سلاف. و دول ولادهم


-Hello ! .. هتفت "نانسي" ملوّحة بيدها


-Pleasure to meet you !


لم يرف لـ"أدهم" جفن أبدًا، بينما برز صوت "سلاف" مخاطبًا "عثمان" مباشرةً :


-هي دي مراتك يا أستاذ عثمان ؟ دي أم يحيى ؟!


همّ "عثمان" بالالتفات نحوها ليرد على السؤال، لكن "نانسي" قاطعته مسرعة و هي تميل مسندة ذقنها فوق كتفه :


-لأ يا مدام مش مراته.. أنا خطيبته. بس هاكون مراته قريب أوي. و أكيد حضرتكوا أول المعزومين على الفرح. مش كده يا قلبي !


كانت أعصابه على المحك الآن.. لكنه تمكن من اغتصاب ابتسامة صغيرة و هو يتوجه بالاعتذار من "أدهم" :


-دكتور أدهم أستأذنك بس أغيب دقيقتين. أنا آسف مش هتأخر و الله !


رد "أدهم" مشيرًا بيده دون أن يحاول التطلع إليه :


-إتفضل يا أستاذ عثمان. خد راحتك


عثمان بإيماءة قصيرة :


-متشكر أوي.. عن إذنكوا !


و تحرك من فوره متوجهًا إلى خارج الصالون و هو يجتذب "نانسي" خلفه من ذراعها بلا تحفظٍ ...


-ينفع إللي عملتيه ده يا سلاف ؟!! .. قال "أدهم" ذلك عندما اختفى مضيفهم بعيدًا


أدارت "سلاف" رأسها و نظرت له من خلال فتحتي النقاب و هي تقول بجفاف :


-عملت إيه يا أدهم ؟


أدهم عابسًا : لما تقولي للراجل بخاف من الحسد و بخاف على ولادي و و و.. هو ماله يا حبيبتي بالأمور دي ؟ 100 مرة أقولك إحنا متحصنين بالله و مش بنخطي خطوة بولادنا إلا بذكره. إنتي مش مؤمنة و لا إيه يا أم البنين ؟؟؟


سلاف بغلظة : بقولك إيه يا أدهم متحاولش معايا بطريقتك دي. إنت عارفني بتعامل إزاي مع الناس. لكن بصراحة الراجل ده أنا مش مستريحاله.. إنت شوفت البنت إللي جت دلوقتي و خدها الله أعلم على فين ؟!!


زفر "أدهم" بقوة مرددًا :


-أستغفر الله.. يا حبيبتي بلاش كلام يزعل ربنا منك. إنتي مش سمعتيها بودانك و هي بتقولك خطيبته ؟ و بعدين إحنا مالنا أساسًا دي خصوصيات و إنتي من الناس إللي مابتحبش حد يدخل في خصوصياتها.. و لا إيه ؟


صمتت "سلاف" و لم ترد عليه، بقيت تنظر إليه فقط.. فزم فمه مستنشقًا نفسًا عميقًا، ثم قال بلطفٍ :


-بصي يا حبيبتي. الراجل صاحب مراد و أكتر من أخوه. أنا جيت أعزمه على الفرح عشان مراد مايحسش إنه لوحده في اليوم ده.. يا سلاف الله يكرمك هما ساعتين زمن هانتغدا و هنمشي. مايصحش نزعل الناس مننا. إنتي عارفاني مابحبش أدخل بيوت حد و ماكنتش مخطط للظرف ده. بس اهو حصل غصب عني. هاناخد واجبنا و نروح.. خليكي هادية بالله عليكي بقى.. خلاص إتفقنا ؟


هزت "سلاف" رأسها بعدم رضا، ثم أشاحت عنه مصوّبة نظراتها نحو أطفالها ...


_________________


دفع "عثمان" بها داخل إحدى الغرف الخاصة بالطابق السفلي، ولج بعدها فورًا و أغلق الباب وراءه.. ثم استدار لها و هو يرتعش من قمة الغضب ...


مكث صامتًا للحظات، و تحرك فجأة تجاهها حيث قطع المسافة بينهما في خطوتين.. لم تهتز "نانسي" لاقترابه الشديد منها و لو لطرفة عين.. بل أنها رفعت وجهها حتى اختلطت أنفاسهما و قالت بصوتٍ هامس :


-وحشتني يا عثمان.. مع إنك سايبني قبل النهار ما يطلع بالظبط. يا خبر.. أومال لما نتجوز هاعمل إيه ؟ I think إني مش هاسيبك تبعد عني لحظة !


-إيه إللي جابك يا نانسي ؟؟ .. قالها "عثمان" بخشونة


دفعت "نانسي" بشعرها المسدل فوق عينيها للخلف و مالت صوبه مطوّقة خصره بذراعيها و هي تقول بغنج :


-ما قولتلك يا حبيبي. وحشتني.. و بعدين جيت أطمن على وضعي. إنت لسا ما أعلنتش خطوبتنا لأهلك و لا إيه ؟


أبعدها "عثمان" عنه بقسوة دون أن يؤذيها، ثم قال بفظاظة :









-وضع إيه إللي جاية تطمني عليه مش فاهم ؟ أنا مش سيبتك إمبارح و إحنا مسويين كل حاجة ؟ قولتلك زفت الجواز هايتم يوم الخميس.. قلت و لا ماقولتش ؟؟؟


أومأت "نانسي" قائلة بفتورٍ :


-قلت يا قلبي.. بس أنا فكرت إن أهلك محتاجين يشوفوني خلال الوقت ده كام مرة على الأقل يتعودوا عليا عشان نعرف نتعامل بسهولة مع بعض.. Specially مراتك. مش هاتبقى ضرتي ؟!


و كبتت ضحكة ساخرة ...


أغمض "عثمان" عيناه و تنفس بعمق ليهدئ نفسه، نظر لها ثانيةً و قال بصوت أجش :


-بصي.. مبدئيًا و عشان تبقي عارفة. مراتي بالذات خط أحمر. نصيحة مني.. إوعى تحاولي بس تحتكي بيها بأيّ شكل. لو حسيت بحاجة مش تمام. و إنتي فاهمة قصدي. شغل الضراير زي ما قولتي صدقيني مش هاكون متساهل معاكي أبدًا.. خليكي دايمًا فاكرة إنك إنتي إللي جيتي عليها. و إن لولا الظروف ماكنتيش هاتعتبي البيت ده و لا تتَّاوي تحت سقفه ليلة واحدة.. فاهمة ؟


كانت تسمتع إليه ببرودة أعصاب، لترد عليه فور انتهائه بنفس الاسلوب المستخف الواثق :


-أنا طبعًا فاهمة.. زي ما إنت فاهم بالظبط. فاهم أنا ماسكة استقرارك إللي فرحان بيه أوي إزاي و آ ا ...


أجفلت لثانية واحدة، عندما قاطعها ضاحكًا و هو يقول :


-تعرفي الممتع في اللعبة دي كلها إنك متخيلة نفسك بجد ماسكة حاجة على عيلتي. أو ماسكاني من إيدي إللي بتوجعني مثلًا !


ثم تحوّلت نظراته و لهجته معًا إلى درجة شديدة القتامة من الحدة :


-لأ يا شاطرة فوقي.. إنتي واقفة قصاد عثمان البحيري. و أظنك عارفة كويس مين عثمان البحيري و عمل إيه في أختك و ممكن يعمل فيكي إيه إنتي كمان. البؤ الحمضان إللي قولتيه بتاع إمبارح ده و لا يهز مني شعرة لعلمك. و الفيديو إللي معاكي لو عايزة ترفعيه من دلوقتي على الـPorn sites نفسها Go ahead يا بيبي. مايخصنيش أصلًا و مايمس إسمي أنا لو من بعيد حتى.. إن كنت وافقت على ابتزازك ليا و هاتجوزك زي ما طلبتي ف أنا مش هاعمل كده إلا عشان ولاد عمي بس. عشان صالح و هالة مايشوفوش أبوهم بعد العمر ده متورط في قرف مع واحدة قذرة زيك. و كمان عشان أجيب أخرك يا نانسي.. لأني واثق إن ده مش كل إللي رجعتي عشانه !


ظلت ترمقه بنظراتٍ خالية من التعبير لبضعة لحظات.. ثم أومأت برأسها مرارًا و هي تقول بجفاء :


-أوكي يا عثمان.. فهمتك. أنا ماشية دلوقتي و لما تجهز إبقى كلمني.. مستنياك.. باي !


و تجاوزته نحو الخارج بخطوات شبه مهرولة و كأنها تلوذ بالفرار... حقًا فرار !!!


استدار "عثمان" محدقًا في إثرها و الابتسامة تتراقص على محياه.. أخيرًا يبتسم من قلبه لأول مرة منذ وقعت تلك الكارثة، فقد كانت الغلبة له هذه المرة.. له وحده !!!!!!!!!!!!!!!!!!!! ............................................. !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

           الفصل الثامن والعشرين من هنا 

تعليقات



×