رواية عزلاء امام سطوة ماله الجزء الثانى الفصل السادس و العشرون 26 بقلم مريم غريب
_ دعوة ! _
للمرة الثانية يتهرب منها بشقَّ الأنفس... لا يجرؤ على مواجهتها بالحقائق.. و في نفس الوقت لا يتحمل أن يقسو عليها هكذا.. لقد كابدت معه الكثير.. أو بمعنى أصح كابدت بسببه الكثير
لقد بدأ يشعر بالفعل بأنه غدار كما وصفته.. فما الذي يمكن أن يكونه بعد ما فعله بها ؟ أخذها إلى الجنة.. و منحها أجمل الأيام و الليالي الرومانسية الحميمية..أمطرها بعاطفته الرجولية الحادة اللذيذة.. ثم فجأة و بدون سابق إنذار سحب البساط من تحت قدميها.. لتهوى إلى الأرض بمنتهى القسوة و تنكسر
أجل.. لقد كسرها مرةً أخرى... يعترف بذلك.. و يعرف أنه بصدد خسارتها إن لم يفصح لها عن كل شيء.. رغم أنه ليس واثقًا إذا كانت ستتقبل قراره لو عرفت القصة كلها.. لا يريد أن يغامر بشيء.. و أيضًا لا يمكن أن يسمح لها بالتخلّي عنه... ليست هي فقط التي تحبه.. هو يحبها.. بل يعشقها بجنون و كأن العالم خلى من النساء و الحسناوات فلم تبقى إلا هي !
لا بد أن يجد حلًا.. لا يستطيع أن يتركها حزينة و كسيرة... لعله لم يكن متأكدًا من صدق مشاعرها تجاهه طوال تلك السنوات الثلاثة المنصرمة.. لكنها قد أعترفت له للتو في زلة غضب بأنها أحبته حقًا بملء جوارحها... إذن لا ينبغي أن يفرط في هذا الحب.. لا يتعيّن أن تكرهه بعد كل ذلك ....
كان "عثمان" في طريقه للعودة إلى غرفة أمه بعد أن ترك زوجته في حالة يرثى لها.. لكنه لم يكد يقطع نصف المسافة.. ليستوقفه صوت الخادمة فجأة :
-عثمان بيه !
إلتفت "عثمان" نحو الصوت هاتفًا بكل ما فيه من حنقٍ :
-نعم ! خير ؟!!!
لوهلة ارتعبت الخادمة الشابة من ردة فعله، لكنها بلغته في الأخير و هي تتراجع قليلًا مطرقة الرأس :
-الأمن بيسأل حضرتك. في ضيف مستني برا على البوابة يدخلوه و لا لأ ؟
عثمان عابسًا : ضيف ! ضيف مين ؟ إسمه إيه ؟؟
-قال إسمه أدهم.. أدهم عمران !
-أدهم عمران ! .. تمتم "عثمان" مكررًا الاسم و هو يحاول أن يتذكر أين سمع به
لتنفرج قسماته المتقلصة بعد لحظة واحدة و هو يهتف :
-آه أدهم عمران.. إبن عم مراد. خليهم يدخلوه طبعًا. بسرعة
-يا بيه هو طالب يشوف حضرتك برا على البوابة.. بيقول مش هايقدر يدخل
عادت ملامحه تعبس من جديد و هو يغمغم لنفسه :
-إيه ده ! إيه حكاية ده كمان !!
و لم يمكث محله طويلًا، تجاوز الخادمة نحو الدرج، هبط للأسفل بخفة و مشى مهرولًا صوب الخارج.. أستطاع أن يلمحه من بعيد، ذاك الرجل الحليم نبيل الأخلاق، حتى وجهه عبر تلك المسافة منيرًا بشوشًا يبث الطمأنينة و الراحة النفسية بالقلوب إلى أقصى الحدود
لقد حاز على تقدير و احترام "عثمان" لشخصه بالفعل، فهو رجل يأمنه المرء على حياته إن وصل الأمر دون أن يوجس منه طرفة عين ...
-دكتور أدهم ! .. هتف "عثمان" فور وصوله عند البوابة الرئيسية للقصر
أشار لأفراد الأمن ليفتحوها بسرعة و هو يقول مبتسمًا :
-أهلًا أهلًا يا دكتور.. خطوة عزيزة. نورت اسكندرية و جليم كلها
رد "أدهم" الابتسامة و هو يقول بصوته العميق :
-أهلًا بيك يا أستاذ عثمان. متشكر أوي الله يعزك إنت. اسكندرية منورة بأهلها و الله !
كان "عثمان" يشمله بنظرة فاحصة سريعة، اطمئن عندما رآى مزاجه المعتدل و ملابسه العصرية الأنيقة المؤلفة من سروال من القطن الثقيل و كنزة صوفية بيضاء أضفت عليه بهاءًا و فخامة أكثر... على الأقل فطن من ابتسامته بأن صديقه بخير، و أن تلك الزيارة حميدة.. كما يرى ...
-لأ حقيقي شرفتني مفاجأة حلوة أوي ! .. قالها "عثمان" عند زوال الحائل المعدني بينهما
أقبل عليه و صافحه بحرارة، بينما يقول "أدهم" بلطف :
-ألف شكر.. أنا سعيد إنك بخير و أحوالك تمام إن شاء الله
-الحمدلله !.. ثم تنحى "عثمان" قليلًا و هو يحثه :
-إتفضل طيب يا دكتور أدهم.. ماينفعش تفضل واقف على الباب كده
-لا و الله يا أستاذ عثمان مش هقدر. أنا بس كنت بقضي أجازة هنا بقالي إسبوع و مروح ف قلت أعدي عليك. أصل عندي خبر مهم أعتقد إنه يهمك
عثمان باهتمام : خير يا دكتور ؟!
أدهم بابتسامة : خير إن شاء الله.. صديق عمرك يا سيدي. مراد بيه عقد قرانه على أختي الكبيرة كمان اسبوعين. قلت مايصحش ماتبقاش جمبه حتى لو هو مش بيتواصل معاك في الفترة الأخيرة دي
دهش "عثمان" كليًا و هو يقول :
-مراد ! مراد هايتجوز ؟!
أوما "أدهم" له :
-أيوة يا سيدي هايتجوز. بعد فترة قصيرة قعدها معانا نشأت روابط الإعجاب بينه و بين إيمان أختي و قرر يخطبها. بس لأن أنا مش بعترف بالخطوبة و لا فترات التعارف صممت على كتاب الكتاب أول ما جه يطلبها مني و سمعت موافقتها هي كمان. أعمل إيه بقى قفل و متعصب زي ما بيقولوا
و ضحك بخفة، ثم استطرد بجدية :
-أنا عارف إن العلاقات بينكوا بقت حساسة. لكن إللي شجعني أجيلك و أطلب منك طلب زي ده لما حسيت من كلامي معاه إنه لسا باقي عليك و مش حابب يخسرك.. خدها عليا كلمة مراد بيعتبرك أكتر من أخ يا أستاذ عثمان
تشكلت الابتسامة على ثغر "عثمان" شيئًا فشيء، ليقول تاليًا بلهجة أكثر إلحاحًا :
-طيب إتفضل أدخل يا دكتور. ما هو أنا مش هاسيبك تمشي كده إستحالة.. على الأقل تتغدا عندنا و تاخد الواجب التمام. إنت أكيد ما سألتش مراد عن بيت البحيري !
قهقه "أدهم" قائلًا :
-لا و الله منغير ما أسأله بيشكر فيكوا و بيقول عليكوا عيلته التانية.. بس أعذرني فعلًا مش هقدر. أصل معايا مراتي و ولادي !
و أشار للوراء حيث سيارته الكبيرة التي كنفت بداخلها زوجته و ثلاث ذكور توائم هم أطفاله ...
ألقى "عثمان" نظرة مستطلعة صغيرة حيث أشار، لكنه عاود النظر إليه و أصر قائلًا :
-يا دكتور أهلًا بيك و بمراتك و ولادك في إيه حد قالك إننا بخلا ؟ أنا ماليش دعوة حضرتك هاتروح تجيبهم و هاتدخلوا و مش هاتمشي قبل ما تتغدا
كاد "أدهم" يفتح فمه ليعترض مجددًا، فاستبقه "عثمان" و هو يقول بصرامة :
-ده أخر كلام عندي و مش هاتنازل عنه !
__________________
في مركز التحاليل الشهير، و الذي لا يبعد كثيرًا عن محل اقامتها الجديد.. أنهت "هالة" كافة الفحوصات الطبية، و تم أخذ عيّنات الدم منها، ثم أودعت استمارة بأسمها على أن تحضر الأسبوع المقبل لتستلم النتائج
كان "فادي" إلى جوارها، في كل خطوة لم يتركها أبدًا.. حتى خرجا معًا من البناية الشاهقة، همّ "فادي" باخراج هاتفه ليطلب سيارة تقلهما إلى المنزل
لكن "هالة" أمسكت بيده فجأة قائلة :
-لأ يا فادي.. بليز ماتطلبش عربيات. أنا زهقانة و عاوزة أتمشى لحد البيت. ممكن ؟
ابتسم "فادي" لها و قال :
-ممكن طبعًا !
و مد يده السليمة لها.. بادلته الابتسامة و مدت يدها فورًا لتشبك أصابعها بأصابعه... أخذها "فادي" متجهًا بها نحو الكورنيش، حيث العراء التام و البحر يحاصرهما، و هواء شمس تموز الدافئة بصورة نادرة في هذه المدينة خلال هذا الوقت من العام.. بدا "فادي" سعيدًا و هو يرى ابتسامتها تنير وجهها الجميل هكذا
لا يمكن أن يكون أحدًا أكثر سعادة منه أصلًا، و كأن الله يعوضه.. إذ وقعت المعجزة و غرقت "هالة" بحبه.. و أيضًا صارت تنفذ كل طلباته و أوامره دون أن شكوى أو تذمرٍ أو حتى تكبر كما كانت في بادئ علاقتهما
ثيابها المحتشمة، و وجهها الخالِ من مساحيق التجميل، و التهذيب الذي لقنّها إياه.. لم تنحرف عن شيء واحد مِمّ قال، لقد صارت كما تمنى أن تكون تمامًا، لا ينقصها سوى الحجاب لتكون ملكًا له بالكامل، له وحده من دون الناس... لكنه لا يريد أن يقفز بها تلك القفزة الكبيرة الآن.. فهي أمست امرأة مطيعة و محببة.. لا يريد أن ينفَّرها منه بعد كل ذلك.. لا يريد أن يعودا إلى نقطة الصفر من جديد
إنها تجتهد لتكسب رضاه، و لتبقَ على هذا النحو، كل شيء سيأتي تدريجيًا.. يكفيه هذا القدر من الطاعة و السعادة الآن، لا يجوز أن يطمع في المزيد فيخسر ما حصل عليه كله مرةً واحدة ...
-مش عارفة إنت ليه صممت نروح سنتر التحاليل ده ! .. قالتها "هالة" و هي تتناول من يده كأس المثلجات الذي أحضره لها من داخل أشهر متجر للحلوى بالمدينة
تأبطت ذراعه الاصطناعية حتى يتمكن هو من تناول كأسه بيده الأخرى، بينما يرد عليها بلهجة حازمة :
-الدكتور إللي جه كشف عليكي قال لازم تعملي تحاليل عشان نطمن. إنتي ماكنتيش حاسة بنفسك ؟ إنتي كنتي تعبانة أوي و نزفتي كتير أوي
-ما أنا قولتلك دي حاجة طبيعية لما بكون متوترة في الفترة دي بتحصلي. و الدكتور بردو قالك ممكن يكون النزف راجع للــMood إللي كنت فيه
نظر لها "فادي" و قال بصوت شديد اللهجة :
-و الله أنا ماتعودتش أسيب حاجة للاحتمالات. أنا ليا إللي شوفته بعيني. منظرك يوميها مش رايح من بالي و أنا مش هاستريح إلا لما أطمن عليكي
منحته "هالة" ابتسامتها الحلوة و هي تقول برقة :
-بتخاف عليا بجد يا فادي ؟!
لانت نبرات صوته و هو يقول مؤكدًا لها :
-طبعًا.. بخاف عليكي أومال هخاف على مين ؟؟
إزدادت "هالة" إلتصاقًا به و همست أمام وجهه بحرارة :
-بتحبني ؟
لولا أنهما يسيران وسط الناس لكان أجابها على هذا السؤال و برهن لها بطريقة من شأنها ألا تثير شكوكها أبدًا مرةً أخرى ...
لكنه اكتفى بإيماءة صغيرة و هو يشيح بنظراته عنها للأمام منتبهًا للطريق، و قال بنفس الوقت :
-بحبك يا هالة.. دي حقيقة مش عايزك تشكي فيها لحظة. إنتي أول و أخر حب في حياتي.. عمر ما في بنت قدرت تأثر عليا أو تشدني ليها زي ما عملتي إنتي. أنا من أول نظرة عرفت إني هاحبك مهما حاولت أقاوم المشاعر دي. كانت هاتغلبني.. و ده فعلًا إللي حصل و بيحصل كل مرة بتبقي جمبي. مابقدرش أبعدك أو أبعد عنك كتير. بقيتي جزء مني مش ممكن أستغنى عنك !
شعر برأسها تميل على كتفه، فعلت زاوية فمه بابتسامة مستكينة.. بينما تغمغم له و هي مشغولة بتناول قطعة المثلجات اللذيذة :
-طيب بمناسبة الكلام الحلو ده.. ممكن أطلب طلب كمان لو مش هضايقك ؟
فادي بحنان : طلبين ياستي مش طلب واحد.. أؤمريني !
-ممكن نروح إنهاردة القصر ؟ أنا نفسي أشوف ديالا أوي يا فادي. دي أول مرة أكون أنطي و بعدين إحنا من ساعة ماتجوزنا ماروحناش خالص. ف بالمرة نروح نشوفهم كلهم و نبارك لصافي و صالح على البيبي.. هه. قلت إيه ؟
صمت قصير.. ترقبت "هالة" خلاله غير واثقة... لتسمع صوت زوجها يقول فجأة :
-موافق.. بس بشرط !
رفعت رأسها عن كتفه لتتطلع إليه ...
-شرط إيه ؟
نظر لها من طرف عينه قائلًا :
-تقعدي تتفرجي معايا على الماتش قبل ما نروح.. و تشجعي بحب و حماس كمان
علّقت "هالة" على كلامه بضحكة قوية، ليزجرها فورًا و هو يقول :
-إيه ده صوتك يا هانم.. قولتلك ضحكتك دي ماتعلاش كده في الشارع. ماتبتسميش أصلًا طول ما إحنا ماشيين في الشارع
كبحت "هالة" ضحكتها على الفور و قالت :
-آسفة آسفة ماكنش قصدي.. أوكي يا فادي. هقعد أتفرج معاك على الماتش و هاشجع فريقك كمان رغم إني بشجع نادي تاني بس عشانك أعمل أي حاجة
عادت البسمة تغزو شفاهه من جديد، ليتنهد بعمق و يقول :
-تمام.. إتفقنا. بعد الماتش نروح نزور أهلك !
__________________
جلست الأسرة الصغيرة في ضيافة "عثمان البحيري".. إذ قبل "أدهم" دعوته تحت إصراره الشديد، فذهب و أحضر زوجته و أطفاله، و ها هم تقريبًا يملأون مقاعد الصالون الصغير المطل على الواجهة الوسطى لحديقة القصر المنيف
كانت الزوجة.. و هي تكون "سلاف" كما أشار لها "أدهم" خلال التعارف... كانت تجلس إلى جوار زوجها، لم يكن يبدو منها شيئًا إذ كانت منتقبة، و لم يحاول "عثمان" من الأساس التدقيق فيها و لو للحظة
لكن كان يرمق الصغار بنظرات اعجاب و لسانه لا ينفك عن الترديد :
-الله أكبر.. ما شاء الله.. ربنا يبارك فيهم و يخليهم ليك يا دكتور !
-الله يخليك يا أستاذ عثمان تسلم ! .. قالها "أدهم" بكياسته المعهودة
-هما آه توائم بس مش متطابقين.. أساميهم إيه قولتلي ؟
أجابه "أدهم" و هو يشير بالترتيب :
-آدم.. نور.. عبد الرحمن !
عثمان بابتسامة : ربنا يحفظهم. أنا كمان عندي يحيى بس أصغر شوية
-الله يباركلك فيه و يجعله من الصالحين. إن شاء الله تشوفه في أعلى المراتب
-آمين يارب !
لاحظ "عثمان" من جانب عينه حركات الزوجة العصبية التي تقوم بها خلسة من حينٍ لآخر، فلم يقاوم فضوله و نظر لها.. ليجدها توخز زوجها بكوعها بينما يحاول هو تهدئتها عبثًا ...
-هو في حاجة يا دكتور ؟! .. تساءل "عثمان" بريبة
نظر "أدهم" له و قال متحرجًا :
-لا أبدًا يا أستاذ عثمان مافيش. سلامتك
عثمان بقلق : أصلي حاسس إن المدام مش مرتاحة أو مضايقة من حاجة !
لم يكد "أدهم" يرد على كلماته، ليقفز فجأة صوت الزوجة الناعم بشيء من الحدة :
-بصراحة آه.. أنا مضايقة !!
-سلاف ! .. غمغم "أدهم" محذرًا
تدخل "عثمان" بلطفٍ :
-ثواني بس من فضلك يا دكتور.. شوفها مالها لو في حاجة نقدر نعملها !
قال "أدهم" محاكيًا لطف الأخير و لكن بطريقة لا تخلو من الحرج :
-مافيهاش حاجة و الله. هي بس طبعها كده.. أو بقت كده بسبب مواقف حصلت معانا في الماضي
عبس "عثمان" مرددًا :
-أنا مش فاهم قصدك !
تنهد "أدهم" و هو يرمق زوجته بنظرة معاتبة، ثم نظر إلى "عثمان" ثانيةً و قال :
-المدام يا سيدي بقت ارتيابية زيادة عن اللزوم من ناحية أي حاجة تخص الولاد. مش قادرة تنسى موقف حصل كده في أول جوازنا. أعمال و سحر و دجل و الكلام الفاضي د آ ا ..
-كلام فاضي !!! .. قاطعته "سلاف" هاتفة باستنكار
-دلوقتي بتقول كلام فاضي ؟ أومال ساعتها ماقولتش كده ليه ؟؟!!!
أطبق "أدهم" جفونه ضائقًا ذرعًا بما تغعله زوجته أمام الرجل الغريب عنهم، ليسارع "عثمان" إلى القول و قد فهم ما تعنيه كلماتهم :
-حصل خير يا دكتور.. مافيش حاجة يا مدام. اطمني. إنتي عندك حق طبعًا تخافي من الحسد و الحاجات دي خاصةً لو كان ليكي تجربة زي ما قال الدكتور..أنا عاذرك و الله و متفهم لأن أبويا الله يرحمه كان بيؤمن بالحسد جدًا لدرجة إنه كان بيخاف يبصلي أو يبص لأختي كتير و إحنا صغيرين. لكن صدقيني و الله أنا مش قصدي أحسد الولاد. أنا بس معجب بيهم أوي و غصب عني حابب أبصلهم. أول مرة أشوف توائم أكتر من إتنين. و لو نظراتي مضايقكي مش هابص خلاص
صدرت عنها نهدة مطوّلة، ثم انبعث صوتها أكثر لينًا من وراء حجاب وجهها القاتم :
-أنا آسفة لحضرتك.. مقصدش حاجة إنت والد طبعًا و مش هايبقى قصدك تحسد. بس أنا إللي بقيت حساسة من ناحيتهم زي ما قال أدهم. و الله مابقتش أخرج بيهم بقالي فترة طويلة لأنهم هما كمان حساسين و بيتعبوا بسرعة.. آسفة مرة تانية
عثمان مبتسمًا : و لا يهمك طبعًا.. و ربنا يحفظهملك و يخليكي ليهم
-اللهم آمين ! .. ثم رفعت رأسها ملقية نظرة شاملة حولهم و هي تقول :
-أومال فين مراتك يا أستاذ عثمان ؟ ياريت لو نتعرف عليها يعني و كمان سمعتك بتقول عندك ولد.. فرصة يقعد مع الولاد شوية و يلعبوا !
أجفل "عثمان" أمام عرضها هذا.. لبرهة جلس عاجزًا عن الرد... حتى أنقذه ذلك الصوت فجأة !!!!!!!!!!!!!!!!!! ............................................ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!