رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل العشرين 20 بقلم مريم غريب





رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل العشرين 20 بقلم مريم غريب


_ عقد زواج ! _


تدخل "سمر" إلي غرفة مكتبه بوجه صارم متصلب ... صحيح أنها شكلت لنفسها درع حماية من الخارج ، لكنها كانت تعلم جيدا أنها أضعف المخلوقات من الداخل


جدار الثقة الذي شيدته واهيا ، بإمكانه أن ينهار بأي لحظة ، بينما هو القوي الذي يملك كل شيء ، و لا يتأثر بأي شيء


كان واقفا في إستقبالها و قد بدا مسترخيا إلي أبعد حد ، علي عكسها تماما ..


-أهلا أهلا . أهلا بيكي يا سمر ! .. هتف "عثمان" مرحبا ، ثم قال و هو يبتسم بشدة :


-تعالي . تعالي أقعدي معايا هنا.


و أشار إلي مقعد شاغر في الصالون الأنيق


لتمشي "سمر" ناحيته محاولة السير علي نهج إسلوبه البارد ..


مد لها يده بالمصافحة فرفضتها ، ليهز رأسه قائلا ببساطة :


-ماشي .. إتفضلي أقعدي طيب.


جلست "سمر" دون أن تنطق بحرف ، ليجلس "عثمان" هو الأخر قبالتها واضعا ساقا فوق ساق كعادته ..


إنتظر حتي تبدأ هي الحديث ، يريد أن يستمتع بإنتصاره كاملا عندما تتكلم هي أولا و تطلب منه بنفسها ما سبق و عرضه عليها !


و لكن ظل الصمت مخيم لأكثر من خمس دقائق ... و قد بدأ "عثمان" يشعر بالضجر من صمتها و يتآفف بضيق ظاهر ، بينما لم تستعجل نفسها إطلاقا و هي ترفع وجهها إليه .. ثم تقول أخيرا :


-ماكنتش فاكرة إنك شيطان للدرجة دي !


نطقت بغل ممزوج بالندم ، غل لشدة حقدها عليه ... و ندم لأنها تحامقت و صدقت طيبته الزائفة ..


-نعم ! قصدك إيه ؟ قالها "عثمان" بتساؤل رافعا حاجبيه .. ثم أكمل بحدة :


-إنتي جاية تهزأيني يا سمر ؟!


سمر بإبتسامة مريرة :


-العفو يا عثمان بيه . هو أنا أقدر ؟ ده حضرتك خيرك عليا أنا و أخواتي !


رمقها "عثمان" بنظرات مستغربة ، فتابعت "سمر" متجاهلة تعابير الإستفهام علي وجهه :


-مقدرش أزعلك . مقدرش أبدا .. أحسن تغضب عليا و تمنع العلاج عن أختي . دي حياتها في إيدك يبقي أزعلك إزاي بس ؟!


و هنا فهم "عثمان" ما ترمي إليه ..


فتنفس بعمق و هو يشيح بوجهه عنها ، ثم قال ببرود :


-إنتي إللي إضطريني أعمل كده.


سمر بغضب ممزوج بالإنفعال :


-إنت إللي مش بني آدم . إنت .. ماعندكش قلب ماعندكش رحـــــــــــمة . دي طفلة . مجرد طفلة مسكينة صغيرة لا حول ليها و لا قوة . ذنبها إيه ؟ عملتلك إيه عشان تمنع عنها العلاج ؟ عملتلك إيــــــــه ؟؟؟


نظر لها عثمان و قال بنفس البرود :


-بإيدك كل حاجة يا سمر . بإيدك تنقذي نفسك و تنقذي أختك و تضمنلها حياتها الجاية كمان . لو قبلتي عرضي هتكسبي مش هتخسري أبدا .. إنتي بس إللي مغمية عينك و مش عايزة تشوفي مصلحتك فين.


سمر بسخرية :


-و مصلحتي بقي معاك إنت ؟!


عثمان بثقة :


-طبعا . عندك شك في كده و لا إيه ؟ و لا مش مقدرة إمكانياتي كويس ؟


سمر بإبتسامة تهكمية :


-لأ طبعا إزاي .. ده كل الناس عارفين إمكانيات حضرتك كويس أوي . مافيش حاجة ممكن تقف قصادك . ده إنت عثمان بيه البحيري !


إشتدت عضلات فكيه و هو يداري ملامحه الغاضبة قبل أن تظهر علي وجهه ..


-يا ريت تبطلي الإسلوب ده في كلامك معايا .. قالها محذرا ، ثم أردف بإقتضاب و هو يشيح بوجهه ثانيةً :


-و دلوقتي أنا عايز أعرف قرارك النهائي . إتكلمي بسرعة من فضلك عشان أنا مش فاضيلك لسا ورايا حاجات أهم.


نظرت له بغضب و قد أحست بالإهانة ، فقامت فجأة دون أن تفه بكلمة و إستدارت لتغادر


لكنها وجدته يعترض طريقها فجأه ..


عثمان بحدة :


-إنتي رايحة فين ؟


سمر بغضب :


-إوعي من قدامي لو سمحت.


قبض "عثمان" علي رسغها بقوة و قال :


-طيب تعالي . تعالي أقعدي و هنتكلم بهدوء.


سمر و هي تحاول سحب يدها من قبضته الفولاذية :


-مافيش كلام بيني و بينك . إنت مش مستقوي بفلوسك و بتدوس عليا أنا و أختي إللي ملهاش ذنب في حاجة ؟ أنا ندمانة إني صدقتك . و إبقي عبيطة لو كررتها تاني .. سيبــــــني بــــــقي !


عثمان بصبر :


-طيب معلش . تعالي . تعالي نتفاهم . هنوصل لإتفاق ماتقلقيش .. تعالي بقي و لو ماتفقناش هسيبك تمشي . وعد.


رمقته بعدائية شديدة ، ثم قالت بحدة :


-سيب إيدي.


إمتثل "عثمان" لطلبها و ترك يدها و لكنه بقي متأهبا لأي ردة فعل قد تصدر عنها ..


بينما عادت "سمر" و جلست بمكانها علي مضض و هي تتحاشي النظر إليه


-تمام . ممكن بقي أسمع طلباتك ؟ لو كان ليكي طلبات ! .. قالها "عثمان" و هو يجلس قبالتها مرة أخري


-أنا ماليش طلبات .. ردت "سمر" بإقتضاب ، فإنفعل رغما عنه و قال :


-أومال إنتي جاية ليه ؟؟؟


نظرت له بصدمة ، فزم شفتاه بنفاذ صبر و قال :


-سمر . أنا واضح معاكي . من فضلك خليكي واضحة معايا إنتي كمان.


سمر ... بعد صمت :


-طيب . هكون واضحة .. أنا مش هعمل حاجة في الحرام.


عثمان بحدة :


-و أنا قولتلك أنا مش بتاع جواز . أنا جربت الجواز مرة و مش ناوي أعيد التجربة تاني علي الأقل دلوقتي.


سمر بإصرار :


-و أنا مستحيل أسلمك نفسي منغير جواز . لو هموت أنا و أختي .. مش هغضب ربنا و أخسر نفسي عشانك أو عشان فلوسك.


و كادت تقوم من أمامه مرة أخري ، ليمد يده بسرعة و يمسك بيدها يجمدها بمكانها ..


-أقعدي مكانك ! .. هتف بغضب ، ثم قال علي مضض :


-خلاص ... هتجوزك عرفي.


-إنت بتقول إيـ آاا ..


-هو ده إللي عندي .. قاطعها بحزم ، ثم قال بصرامة :


-إنتي عايزة جواز . تمام . بس هو ده الجواز إللي أنا أعرفه حاليا و مش هتكوني بتعملي حاجة في الحرام كمان . أظن كده أنا قدمت تنازلات جامدة .. الدور عليكي.


ضمت حاجبيها بتفكير ، تشعر بالحيرة ..


هل هذا يسمي زواجا ؟ هل ستكون آثمة إذا قبلت الزواج منه بهذه الطريقة ؟؟؟؟


إذا رفضت ستكون الخسائر جسيمة أيضا ، و أكبر الخسائر "ملك" .. لن تتحمل خسارتها أبدا


ربما تتحمل خسارة نفسها ، و لكن "ملك" ... مستحيل !!!


-ها قولتي إيه ؟؟؟ .. إنتبهت علي صوته ، لتتظر إليه بصمت


تململ "عثمان" بعصبية خفيفة و هو ينتظر ردها ، بينما حدقت فيه بتركيز ... ثم قالت :


-موافقة !


برقت في عيناه نظرة إنتصار خبأها بسرعة و قال برصانة :


-حلو .. كده نبقي متفقين . و أخيرا وصلنا لإتفاق .. ثم أكمل بجدية و هو يخرج هاتفهه من جيبه :


-أنا هكلم المحامي بتاعي دلوقتي عشان يجهزلنا العقد.


سمر و هي تزدرد ريقها بتوتر :










-دلوقتي ؟ قصدك الموضوع هيتم دلوقتي ؟!


-أه طبعا . هنتجوز إنهاردة.


-بسرعة أوي كده ؟ .. تمتمت "سمر" بخفوت ، إلا أنه سمعها و قال و هو يقلب بالهاتف :


-و إيه إللي يخلينا نستنا ؟ طالما إتفقنا و كله تمام . مافيش داعي للتأخير . أنا إستنيت بما فيه الكفاية.


و لم يتسني لها الكلام مجددا ..


إذ وضع الهاتف علي أذنه و إنتظر للحظات ، ثم بدأ بمكالمته ..


إستغرق بضعة دقائق ، تحدث خلالهم برسمية مع المحامي الخاص به


إتفقا علي كل شئ ، و أعطاه "عثمان" ميعادا بعد نصف ساعة ..


أقفل الخط ، ثم نظر إلي "سمر" و قال بحماسة :


-نص ساعة و المحامي هيكون هنا . يعني ممكن نقول كمان ساعة بالظبط و هتبقي مراتي.


إبتسمت "سمر" بسخرية من جملته الأخيرة و أشاحت عنه بوجهها ..


-إيه إنتي مش مبسوطة و لا إيه ؟! ..قالها "عثمان" بتساؤل ، لتقابله "سمر" بالصمت


-عموما سيبيها عليا . أنا هعرف أبسطك كويس أوي .. ثم أكمل بإبتسامة خبيثة :


-هنقضي أول ليلة سوا علي اليخت بتاعي . هلففك إسكندرية كلها إنهاردة.


و هنا نظرت "سمر" إليه و صاحت :


-إنهاردة ؟ لأ . لأ مش هاروح معاك لأي مكان إنهاردة !


عثمان بحدة :


-و ده ليه بقي ؟!


-إنت فاكر إني ممكن أقابلك بسهولة ؟ و أضافت بمقت :


-أنا ليا حدود في كل حاجة بعملها . و كمان عندي بيت و أخ مسؤولة عنه و مسؤول عني.


تنهد "عثمان" ثم قال بفتور :


-خلاص .. يبقي بكره . هستناكي بكره يا سمر !!!


       الفصل الواحد والعشرين من هنا 

تعليقات



×