رواية عزلاء امام سطوة ماله الجزء الثانى الفصل السابع عشر بقلم مريم غريب
جف حلقها بعد سماع سؤاله.. لم ترد فورًا، رغم أنها توقعت أن يسأل منذ البارحة، بعد وصولهما إلى هذا البيت...كانت مستعدة لأيّ ما سيقوله و كانت تنتظر حتى ظنت بأنه لن يتكلم في هذا أبدًا
لكنه يفعل الآن.. الآن بالذات، كانت الإجابة معها، إنما فقدتها... في هذه اللحظة لم يعد شيئًا حاضرًا على خاطرها، أهو مسؤولًا عن ذلك بطريقةً ما !!!
-مش فاهمة تقصد إيه ؟! .. تمتمت "هالة" مجفلة و هي تحاول إخفاء إرتباكها قدر إستطاعتها
رفع "فادي" حاجبيه و هو يقول متعجبًا :
-ليه هو أنا بتكلم ياباني ؟ سؤالي كان واضح جدًا.. تحبي أكرره يمكن ماسمعتيش كويس ؟
و إرتعش فكها السفلي لثانية عندما رأته يزجرها بعينيه الحادتين قبل أن يستطرد بلهجة جلفة :
-طليقك كان يقصد إيه.. لما قال إنك كنتي هاتموتي على إبن عمك ؟ محدش جابلي سيرة إنك كنتي على علاقة بالباشا بتاعكوا. لو كنت أعرف ..
-عمر ما كان في بينا حاجة ! .. هكذا قاطعته "هالة" بشجاعة جهلت مصدرها
و أكملت بنفس الإسلوب :
-أنا و عثمان مش أكتر من ولاد عم و طبيعي بحكم اننا إتربينا في بيت واحد كانت علاقتنا قوية و زي الأخوات. مراد بقى من ساعة ما إرتبط بيا و هو إنسان غيور أوي.. و غيرته دي صورتله حاجات مش صح. و أنا في النهاية ماستحملتش.. أومال إنت فاكرني إطلقت منه ليه و إتجوزتك ؟
و رمقته بنظرة متحدية ما هي إلا قشرة تخفي وجهها الحقيقي المرتعب من ردة فعله ...
كان "فادي" هادئًا و هو ينظر إليها و يستمع إلى كلامها، حتى فرغت.. لم يدوم صمته طويلًا ، فقال مصوّبًا نظراته المكهربة إلى عينيها مباشرةً :
-ده على إعتبار إني هاسيبلك الحبل على الغارب يعني !
لم تستطع "هالة" كبح إبتسامة ملتوية إعتلت ثغرها بعد سماع تلك الكلمات منه... رفعت ذقنها و نظرت له بكِبر و هي تقول :
-و أنا كمان أعتبر إنك بتغير زيه ؟ أنا لسا قايلالك أنا مش بستحمل الشغل ده
تصلبت تعابير وجهها في هذه اللحظة و تقلصت، عندما شاهدته يحدق فيها بتلك الطريقة الخطرة، حيث إختفى أيّ أثر للفكاهة أو حتى سِعة النقاش ...
-قومي ! .. هتف "فادي" آمرًا فجأة
عبست "هالة" بذهول مرددة :
-نعم ؟!
فادي بصرامة : قلت قومي.. في ماتش جاي دلوقتي و أنا مابعرفش أتفرج على ماتشات و جمبي حريم. قومي أقعدي في الأوضة و لا شوفيلك أي حاجة أعمليها لحد ما يخلص !
و أدار رأسه نحو شاشة التلفاز الكبيرة من جديد ...
لا زالت "هالة" مشدوهة من طريقته، لكنها أطاعت أمره بالنهاية و قامت متجهة صوب غرفة النوم.. التي تشاطره إياها منذ ليلة أمس
أغلقت الباب ورائها و مضت تجاه السرير الذي عاد لوضعه الصحيح بعد إصلاح الكسر، بل و أفضل كما قال لها.. إرتمت فوقه و هي تسحب هاتفها من أسفل الوسادة
و بدون تفكير أجرت الإتصال بوالدها.. كانت تشعر بغربة شديدة و وحشة، كان قلبها منقبضًا كلما فكرت بأنهم قد نسوها بهذه السرعة و لم يتكلفوا عناء الإتصال بها و الإطمئنان عليها.. أقلها في زواجها الأول كان أبيها يهاتفها مرة يوميًا كل صباح، لكنه لم يفعل هذه المرة ...
-آلو ! .. آتى صوت "رفعت" وسط جلبة إزدحام مرور شديدة
عقدت "هالة" حاجبيها و هي ترد عليه بلهجة مسموعة :
-آلو.. بابي. أنا هالة. سامعني ؟!
-أيوة يا هالة سامعك. معلش يا حبيبتي لسا طالع من الإشارة ! .. ثم قال بتوجس :
-خير يا حبيبتي إنتي كويسة ؟!!
إبتلعت "هالة" الآسى الذي يفيض منها الآن و طمأنت أبيها :
- I'm fine.. بس كنت مستنياك تتصل تطمن عليا. إنت أو صالح !
رفعت معتذرًا : معلش يا حبيبتي حقك عليا. أنا كنت هاتصل كده كده. بس قلت كمان شوية أحسن تكوني مشغولة مع جوزك و يضايق مني. ماتنسيش إنه عريس لأول مرة لازم مانحسسوش بإختلاف
تنهدت "هالة" و قالت :
-أوك. مش هانحسسه ! .. ثم قالت بإهتمام :
-أومال إنت فين كده يا بابي ؟
-أنا خارج أقابل جماعة صحابي يا حبيبتي. لما أرجع بالليل هاكلمك أطمن عليكي
-أووك ! .. قالتها "هالة" بشيء من الإمتعاض
-لو عوزتي حاجة كلميني في أي وقت.. يلا باي يا روحي !
و أغلق الخط أولًا ...
قلبت "هالة" فمها و هي ترمق شاشة الهاتف بسأم، ثم أطلقت زفيرًا قويًا و إنقبلت على وجهها واضعة الوسادة فوق رأسها.. حيث بدت و كأنها تريد الهرب من هذا الواقع الغريب و المخيف الذي سقطت فيه
لا شفقة على حالها.. بل إستنكارًا من أسبابها و أفعالها التي أفضت بها إلى ذلك البيت، تحت سقف واحد و في غرفة واحدة مع رجل أمسى زوجها فعلًا، لطالما حاربت ليكون "عثمان" من نصيبها و قامرت على كل ما إمتلكته يداها
لكن ها هي الآن.. سجينة تهورها الجنوني، و على ما يبدو أنها لن تتحرر من هذا السجن بسهولة !
________________
كانت تلك أول زيارة للبر الثاني لمدينة الأسكندرية بالنسبة لـ"سمر".. بل أول زيارة لأرضٍ خارج يابستها و مسقط رأسها
و قد وعدها زوجها بقضاء رحلة خيالية، لن تنساها طوال حياتها، و بالفعل أصدق وعده لها، و كانت الأيام الثلاثة الأولى أشبه بالحلم الجميل.. على ظهر تلك الجزيرة بشكلها المستدير الذي كان قريب من شكل الهلال
تقع غالبيّة الفنادق في الجزيرة على الحواف الجبليّة، للتمتع بإطلالات رائعة على البحر مباشرةً، ومن أهمها وأجملها فندق ( جريز سانتوريني ) الذي قام "عثمان" بحجز جناح فاخر و ساحر به.. حيث النوافذ الممتدة من الأرض للسقف و المطلة على الجزيرة كلها، و الجدارن المغطاة بورق حائط أزرق مقلم بخطوط بيضاء
كانت "سمر" مبهورة و سعيدة حقًا لأول مرة بحياتها، و سعادتها الفعلية تكمن بوجوده إلى جوارها، كل هذا بدونه ما كان ليعني لها شيء.. و بدوره لم يقصر بأيّ شيء
في أول يوم لهما على الجزيرة أخذها للتنزه بالمزارات السياحية و أماكن التسوق و المنحدرات الخلابة
و اليوم التالي إصطحبها إلى متحفٍ أثري يضم العديد من المقتنيات التي تعود معظمها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، و إنتشت "سمر" بروعة هذه القطع الأثريّة و العديد من الأواني و التماثيل الإغريقية و المخطوطات و غيرها من آثار تحمل الطابعين الروماني و الهيليني
أما ليلة اليوم الثالث.. فقد حرص "عثمان" على أن تكون كليًا مفاجأة لها، حتى الثوب القرمزي المنسوج من الحرير الخالص، ذهلت عندما رأته ملقى فوق السرير بعد خروجها من دورة المياه مرتدية بُرنس الإستحمام
جمدت للحظات أمام تلك القطعة الرائعة، هذا الثوب أبدت إعجابها به قبل يوم واحد أثناء مرورها أمام متجر يعرض أشهر تصميمات بيوت الأزياء العالمية.. لقد إشتراه لها
بالطبع يفعلها.. ماذا كانت تتوقع منه ؟ ذاك "عثمان البحيري"... لا يترك أمانيها معلقة أبدًا !!!
صرخت "سمر" بإبتهاج كبير و هي تستدير مهرولة إلى دورة المياه ثانيةً.. دفعت الباب لتجد زوجها يقف أمام المرآة العريضة، بمنشفة بيضاء تحيط خصره، يقوم بتسوية لحيته بالميكنة الكهربائية
كان هادئًا و كأنه كان يتوقع ردة فعلها هذه و تلك الإبتسامة المدوخة رأت "سمر" إنعاكسها بالمرآة ...
و بدون مقدمات إندفعت نحوه و قفزت فوق ظهره دافسة وجهها في عنقه و هي تغمغم مقبلة إياه بكتفه :
-إنت مش ممكن تكون إنسان زينا.. إنت معجزة. عارف يعني إيه معجزة ؟ إنت حبيبي.. إنت عارف إن أنا بحبك و لا لأ ؟!!!
إرتفعت ضحكات "عثمان" المرحة، فترك المكينة من يده و أمسك بها من الوراء، لفها لتصبح في مواجهته دون أن تمس قدمهاها الأرض.. تعلقت به أكثر بينما يضعها فوق مسند الحوض الرخامي ...
-عجبك الفستان يا حبيبتي ؟ يارب يكون مقاسك بس ! ..قالها "عثمان" بنعومةٍ و هو يطوق خصرها بقوة
إزدادت "سمر" إلتصاقًا به و هي تقول بسعادة لا تخلو من الإمتنان :
-بجد أحلى مفاجأة منك. ربنا يخليك ليا يا حبيبي
طبع "عثمان" قبلة فوق أرنبة أنفها و هو يقول بخفوت :
-أصلي أول مرة أشوف حاجة تبهرك بالشكل ده من يوم ما عرفتك.. كنت مهما أعمل عشانك بحس إنه مش كفاية. أو مش هو ده إللي إنتي عايزاه. كنت فاقد الأمل إني ممكن أعمل حاجة تأثر فيكي كده.. و تقدري تقولي ما صدقت شوفتك نفسك في حاجة
إبتسمت له بحب و قالت برقة :
-إنت كل حاجة أنا نفسي فيها.. عشان كده ماتفكرش كتير. إنت كفاية عليا أوووي !
و رفعت وجهها لتقبله، لكنها أطلقت صرخة ملتاعة فجأة و هي تتمسك بكتفيه ...
ضحك "عثمان" بقوة على شكلها و هو يهدئها قائلًا :
-ماتخافيش يا بيبي ماتخافيش. ده الـAir freshener !
و أشار بيده إلى تلك العبوة المثبة بالحائط خلف زوجته، والتي لم تكن سوى بخاخ معطر چل ...
زفرت "سمر" بضيق شديد، فهذه ليست المرة الأولى التي تهلع من ذلك الشيء.. نظرت إلى زوجها الذي لا يزال يضحك عليها و قالت بغيظ :
-قولتلك عشرين مرة خلي حد يشيل البتاعة دي من هنا.. قلبي هايقف منها
-سلامة قلبك يا قلبي ! .. تمتم "عثمان" بإبتسامة صغيرة
و بهدوء طبع قبلة متأنية على جانب فمها قائلًا بصوت هامس :
-أنا أشتريتلك الفستان ده عشان تلبسيه الليلة. كنت عاملك مفاجأة تانية. بس شكلي هاغير رآيي و هأجلها لبكرة
إجتاحتها قشعريرة إضطراب لذيذة، مع تردد أنفاسه الساخنة على بشرتها.. إزدردت ريقها بتوتر و قالت :
-و هتأجلها لبكرة ليه ؟!
عثمان بغمزة : تعالي ندخل أوضتنا و إسأليني تاني السؤال ده جوا !
و رفعها بين ذراعيها، لتكتم شهقتها ثم تضحك و هي تضرب الهواء بقدميها، بينما يسير بها إلى داخل الجناح متنويًا إستئناف أهم محطات شهر العسل خاصتهما و الذي تأخر كثيرًا ...
__________________
هل وزنها نقص ؟ أم أن عينيها مريضتان من كثرة البكاء ليلًا ؟!!
كانت هذه تساؤلات "هالة" و هي تقف أمام طاولة الزينة خاصتها، ترمق نفسها بالمرآة و تقيّم حالها.. لم يمر على زواجها سوى بضعة أيام قليلة... و لكن بالنسبة لما تراه أمامها فقد مرت أشهر، أو ربما سنوات !
لأول مرة تظهر حول عينيها هالات زرقاء.. عملت على إخفائها بمساحيق التجميل، حتى شعرها الطويل الكثيف الذي لطالما سمعت عنه عبارات حسد صريحة من صديقاتها و معارفها، كان صحيًا و متماسكًا، منذ ذلك الزواج و هو آخذًا بالتساقط
لا تعلم أهذا من تأثير حزنها.. أم بسبب أمرًا آخر ؟
و لكن لماذا هي حزينة !
بسبب الزواج ؟ .. لا، كانت تعلم بأنه سوف يتم و أعدت نفسها لتقبل ذلك... فلما إذن ؟!!
أيعقل أن يكون كل هذا الضيق الذي تشعر به من فعله هو ؟ بسببه.. بسبب جفائه غير المبرر ؟؟؟
إنه لم يقترب منها منذ ليلة الزفاف.. ينام إلى جوارها بفراشٍ واحد، لكنه يتجاهلها، إنه يتصرف عكس ما عهدته عليه لأول وهلة... البرود التام، البرود وحده هو ما يتخذه مذهبًا معها في كل شيء خلال الأيام الماضية
و لا تعرف إلى متى يظل هكذا، يعاملها كالنفاية !
كان السوق مزدحمًا.. عندما نزلت "هالة" لإستقضاء بعض لوازم مطبخها من الخضروات و الفاكهة الطازجة، و أيضًا كانت الشمس حارقة، رغم أنه الخريف !!!
تقريبًا تجولت بالسوق كله لتتعرف على كل شيء بالحي الذي تقطن فيه، و كانت تضع علامات حتى لا تضيع بالزحام.. لكنها لم تفطن حتى رأت فجأة و هي تلتفت لتدفع ثمن الطماطم بأن هناك تجمهر من الشباب متوسطي العمر و ما فوق يسيرون خلفها تمامًا
إنقبض قلبها لمرآى منظر كهذا، و بسرعة أخرجت النقود من جزدانها و رمتهم بوجه البائع المسن الذي كان يرمقها بنظرات ملؤها الإستنكار
لم تآبه لإسترداد الفكة و مشت مهرولة بين الناس و هي تلهث من شدة الخوف ...
-الله الله يا وتكة إيه الجمال الأصلي ده كله !
-ياما نفسي يبقى ليا حبيب يا مسكرة زي الزبيب إنتي !
-لو الحلوة إسمها هند أنا نفسي أبقى جوز هند !
-ما تخليكي وطنية يا أطعم من المهلبية !
كانت تستمع لكل هذه المضايقات و التلوثات السمعية و إنتابها غثيان قوي، ربما لأنها تركض تقريبًا أسفل حرارة الشمس و قد نزلت دون أن تضع لقمة بفمها، منذ أفاقت بالصباح الباكر لتحضر الفطور لزوجها قبل أن يذهب لعمله.. أبت أن تشاركه ...
-بــس بقـى. إبعد عنـي يا حيوااان إنت هـو بدل ما أعملكوا مشكلة !!!
هكذا طفح كيلها فجأة، و خاصةً عندما باتت قريبة من المنزل.. خشت لو تصل بهم الوقاحة للصعود ورائها
و هنا يتدخل صاحب متجر اللحوم و الجزارة المقابل لها ...
-إيه ده في إيه ؟ نوش على الصبح كده و عيني عينك يا نطع منك له ! .. قالها المعلم "خميس" صائحًا بفجاجة و هو يمضي نحو التجمهر بعباءته الملطخة بالدماء
أبدى الشباب رهبةً و إحترامًا له و قال أحدهم بمزاح :
-معلم خميس.. يا صباح القشطة. مافيش نوش و لا حاجة يا كبير ده إحنا بس شمينا حاجة جرجرتنا كلنا قدام دكانك
خميس بإستهجان : شميتوا إيه يا حيلتها ؟!!
رد الأخير رامقًا "هالة" بنظرة منحطة :
-اللحمـة.. اللحمة شكلها نزلت يا سيد المعلمين !
خميس بغضب و قد بدأ يشمر عن ساعديه :
-لا وحياة أمك منك له و أنا مايخلصنيش ترجعوا منغير ما تاكلوا لحمة.. وديني لأكلكوا. خووووود يالاااا !
لاذوا بالفرار من فورهم عندما سمعوا و رآوا تهديد "خميس" بأم العين... تنفست "هالة" الصعداء و إلتفتت تشكر الرجل الشهم :
-ميرسي أوي لحضرتك. مش عارفة الكائنات دي معمولة من إيه بجد !
خميس بتهذيب : العفو يا أبلة. أنا ماعملتش حاجة إنتي بقيتي واحدة من الحتة و رقبتي ليكي أول واحد.. بس نصيحة ماعدتيش تنزلي من بيتك بالهدمة القصيرة دي. في هنا عيال ولاد حرام
عبست "هالة" و لم يعجبها كلامه، لكنه شكرته مرة أخيرة و إستدارت متجهة نحو المنزل ...
........................
عندما صعدت إلى الشقة أسرعت إلى المطبخ فورًا لتضغ الأغراض بالبراد.. و لعلها لم تلاحظ وجود زوجها في البادئ
إلا حين فاجأها و هي تخرج إلى الصالة، تسمرت مكانها عندما رأته يقف عند مدخل الشقة، إلتفت نحوها بعد أن أغلق الباب ...
-كنتي فين ؟ .. كان هذا السؤال المقتضب أول ما خرج من فمه
و إذا لم تكن مخطئة فإن الكثير من الدماء سبغت بشرة وجهه البرونزية في تلك اللحظات و هو يطالعها بنظراته، و خاصة ما ترتديه من ملابس مؤلفة من تنورة جلدية قصيرة سوداء اللون، و كنزة بيضاء تعلوها سترة زرقاء من القماش الناعم، و شعرها كان متهدلًا حول وجهها بإغواء ...
-كنت بشتري حاجات من الـMarket ! .. تمتمت "هالة" بهدوء ردًا على سؤاله
فادي بإستنكار : قولتي كنتي فين ؟!!
كررت "هالة" رافعة حاجبها بغرابة :
-كنت في الـMarket ده إللي ورا البيت. في خضار ناقص و كنت محتاجة أجيبه ضروري !
عقد "فادي" حاجبيه و إلتهب محياه المخيف أكثر و هو يهدر بشراسة أرعبتها :
-نزلـتي السـوق باللبس ده ؟؟؟ نــهاااارك إسـوووود !!!
و أقبل عليها كالعاصفة.. لتقفز "هالة" للوراء فورًا دون تفكير، هربت إلى غرفة النوم و أغلقت الباب خلفها بوجهه ظنًا منها أنه لن يلج
لكنه أخبرها منذ أول يوم.. ما من أقفال هنا تحميها منه ...
دفع "فادي" الباب بقدمه و دخل إليها و الشر يتطاير من عينيه، بينما تتراجع "هالة" للخلف شاخصة العينين و هي تقول بصوت مرتجف متأثرًا بنبضات قلبها المرتفعة :
-إنت إيه إللي بتعمله ده ؟ و مالك زعلان أوي كده ؟ ماله لبسي.. أنا متعودة عليه و مش أول مرة ألبسه إنت بنفسك شوفتني بحاجة زي كده من فترة. إيه الجديد ؟؟!!
فادي و هو لا يزال يقترب منها على مهل كالنمر :
-الجديد إنك بقيتي مراتي. فاهمة الكلمة دي و مستوعباها ؟ إنتي كلك على بعضك ملكي دلوقتي. يعني مش من حقك تعري نفسك و تخرجي تعرضي جسمك للي يسوا و إللي مايسواش. مش أنا إللي أقبل بالمسخرة دي. أنا مش زي الهفأ إللي كنتي متجوزاه هاسرحك على حل شعرك
-إخــرس ! .. هتفت "هالة" بغضب مفاجئ
-إوعى تتكلم عليه نص كلمة كمان.. ده كان أحسن منك. و أنا. أنا إللي غلطانة إني سيبته عشان في الأخر أتجوز واحد زيك أقل مني في كل حاجة. سامع ؟ في كــل حــااااجة !!!
و صرخت برعب حين دفعها بقوة لتسقط فوق الفراش.. إتسعت عيناها بفزع و هي تراه يفك طوق خصره بسده السليمة، بينما يقول بصوت هادئ لا ينذر بالخير :
-إنتي فعلًا غلطانة. و حالًا هاتكتشفي حجم غلطك لما وافقتي تتجوزيني ! .. و فرد الطوق الجلدي لأعلى
-هاتعمل إيــ .. آااااااااااااااااااه !
لم تكمل جملتها إلا و هي يعطيها الرد على شكل لسعات محرقة، ضربات مبرحة نزلت على جسمها منتزعة منها صرخات رجت أركان المنزل الأربعة !!!!!!!!!!!!!! .......................... !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!