رواية عزلاء امام سطوة ماله الجزء الثانى الفصل الرابع عشر14بقلم مريم غريب


  رواية عزلاء امام سطوة ماله الجزء الثانى الفصل الرابع عشر بقلم مريم غريب




_ هدنة ! _

هذه هبة لا يحظى بها أيّ شخص عادي.. و لعلها ليست هبة واحدة، لكن الأبرز الآن تتمثل بنعمة وجودها وسط عائلة مثل عائلتها

إنها بالطبع تكرههم جميعًا و تنفر منهم خاصةً بالآونة الأخيرة، لكنها لا تستطيع أن تجزم بأنهم يبادلونها نفس المشاعر.. بل هي تدرك تمامًا من أعماقها بأنهم يسعون لأجل مصلحتها

لكن أليس في طريقتهم ظلمًا كبيرًا لها ؟ حتى و لو كانت مخطئة منذ البداية !!!

اليوم هو المتمم _ بعد أشهر عدتها _ للمهلة التي طلبتها كي ما تستعد للزواج ...

ثلاثون يومًا بالتمام و الكمال، دون رؤية خطيبها أو حتى التحدث إليه و لو بمكالمة هاتفية.. ذاك كان شرطها، ألا يراها أو يسمع صوتها حتى يوم عقد القران

و كان لها ما طلبت، حقق لها أبيها رغبتها و جعلها تقضي الفترة الفائتة كلها في إستقضاء حوائج جهازها الجديد، و بما أن "فادي" لم يقبل بأن تساهم إلا بأغراضها الشخصية فقط، فلم تجد "هالة" شقاء بالقيام بهذه المهمة

بل أنها كانت بحاجة ماسة للخروج من هذا البيت مرة او مرتين على الأقل كل إسبوعًا، كانت تفيدها خلوتها مع نفسها و لو بضعة ساعات بعد كل الضغوطات التي مرت بها ...

كان فستانًا من اللون الأسود، بلا أكمام، ذي فتحة ساق جريئة، و مطرزًا بالآلئ الفاحمة.. كان معلقًا أمامها فوق "مانيكان" بمنتصف غرفتها

بينما كانت تجلس على حافة السرير و تتأمله و هي تضم ساقيها إلى صدرها ...

يتوقع الجميع أنها قد إختارت إطلالة بيضاء كحال أيّ عروس بمكانها حتى إذا كانت ستتزوج للمرة الثانية.. لكن لا ريب أنها ستخيب ليلة غد آمالهم، حين تطل عليهم بالأسود !

بزغت إبتسامة على ثغر "هالة"، و بدت لا تطيق صبرًا على رؤية ردود الأفعال المصدومة التي ستراها قريبًا ...

إنتفضت بخفة عندما سمعت فجأة قرعًا على باب الغرفة، قفزت من مكانها بلحظة و أسرعت نحو الـ"مانيكان".. أسدلت فوقه غطاء سميك و هي تصيح بشيء من التوتر :

-إدخـــل !

سمعت صوت "صفية" و هي تلج :

-صاحية يا هالة !

إستدارت "هالة" لها بعد أن تأكدت بأن الفستان موارى تمامًا.. إبتسمت لها و هي تقول بحيادية :

-صافي.. تعالي حبيبتي

-صباح الخير ! .. قالتها "صفية" برقتها المعهودة و هي تغلق الباب و تتجه نحوها

-بصراحة ماتوقعتش إنك تصحي بدري أوي كده. الساعة لسا 7 و نص.. بس قلت أجرب !

و توقفت على بعد قدم منها ...

هالة بلطف : يا قلبي حتى لو مش صاحية أصحالك إنتي بتقولي إيه يا صافي !

صفية و هي تضحك :

-ماشي يا ستي بالبكش ده متشكرة أوي .. ثم قالت و هي ترفع يدها لتريها تلك العلبة الصغيرة المغلفة بالقطيفة الأزرق :

-إتفضلي !

عبست "هالة" متسائلة :

-إيه دي يا صفية ؟

-دي يا حبيبتي شبكتك. صالح أخدها من فادي بقاله فترة بس بما إنك مضربة عن التعامل مع خطيبك و كده لحد يوم كتب الكتاب صالح قال يديهالك قبلها بشوية و تلبسيها و إنتي بتجهزي و كده قبل ما عريسك يجي

إبتسمت "هالة" و هي تقول بسخرية :

-هو كمان جايب شبكة ؟ ما شاء الله بجد طموح أوووي إللي إسمه فادي ده

صفية بإرتياب : هالة ! إحنا قولنا إيه يا حبيبتي ؟ الموضوع ده إتكلمنا فيه كلنا و إنتي وافقتي محدش غصبك. بتتكلمي على الراجل كده ليه دلوقتي ؟؟

-راجل ! .. علقت "هالة" و هي تطلق ضحكة مجلجلة لم تستطع كبحها

رمقتها "صفية" بنظرات حانقة، لتكف "هالة" عن هزأها بعد لحظات قصيرة حتى لا تثير حفيظة إبنة عمها أكثر من ذلك فتذهب لتخبر أخيها أو أبيها ...

-عمومًا أنا إستحالة ألبسها ! .. قالتها "هالة" و هي تلتقط العلبة من يدها

أخذت تلهو بها و تقلبها بين يديها أمام أنظار "صفية" المشدوهة، ثم قالت بنصف إبتسامة :

-عريس الهنا لما يجي بالسلامة. هو إللي لازم يلبسهالي

و تطلعت إليها قائلة بمكر :

-مش هي دي الأصول ؟!

___________________

كان يستطيع القبول تمامًا بدور المساعد الشخصي الذي عيّن فيه زوج أخته نفسه بنفسه.. بدا هذا غريبًا جدًا، غريبًا إلى حد غير معقول.. أن يصير فجأة تجانس من أيّ نوع بينهما

لكن بعد مضي كل تلك المدة في خصومة محتدمة، لم يرى "فادي" مانعًا من أن يستغل "عثمان" و لو لمرة في حياته لأجل مصلحته ...

لكنه لا يدري نوايا ذاك الأخير.. و إلى أين يصطحبه يا ترى !!!

-أنا صحيح وافقت أخرج معاك نتكلم بعيد عن البيت و الدوشة. بس ماظنش إني وافقت أتساق كده و أبقى عامل زي الأطرش في الزفة. ممكن أعرف إنت موديني على فين ؟!

هكذا أبدى "فادي" تذمرًا فجائيًا، بينما يبطئ "عثمان" من سرعة سيارته حتى أوقفها تمامًا و هو يتمتم :

-لو صبر القاتل على المقتول ! .. ثم إلتفت إليه قائلًا بهدوء :

-أكيد مش خاطفك يا باشا.. و بعدين إنت مستعجل أوي على الكلمتين إللي هاقولهم عن هالة هانم ؟ أحب أقولك إنها أتفه بكتير من الصورة إللي وصلتهالك عن نفسها و بكرة تكتشف بنفسك

فادي بإمتعاض : طيب ياريت تنجز عشان أنا خلقي ضيق أصلًا و وجودي معاك لوحدنا بيعصبني أكتر. إخلص و خلي اليوم ده يعدي هات إللي عندك

عثمان بإبتسامة مستفزة :

-أوي أوي.. هاقولك كل إللي محتاج تعرفه عنها طبعًا. يسلام إنت تؤمر.. بس بعد ما نخلص مشوارنا

فادي عابسًا بشدة :

-مشوار إيه ؟!!

أشار "عثمان" بذقنه له نحو بناية مجاورة لهما ...

نظر "فادي" حيث أشار صهره، مد رأسه عبر نافذة السيارة و رفع بصره قليلًا.. ليقرأ تلك اللافتة الكبيرة التي كتب عليها عنوان أكبر المراكز الطبية بالمدينة قاطبةً

أدار "فادي" رأسه صوب "عثمان" ثانيةً و قال بحذر لا يخلو من الجفاف :

-إيه يعني ده ! جايبني هنا أعمل إيه ؟؟

عثمان بنفس الإسلوب الهادئ :

-Simply جايبك هنا عشان تركب طرف أحدث من إللي معاك ده. إنت لازم تعرف يا فادي إن في أنواع أحسن بكتير تقدر تتحكم من خلالها في حركتك بمنتهى السهولة كأنك طبيعي و آ ...

-و مين قالك إني عايز أبدل الطرف بتاعي ؟!! .. قاطعه "فادي" بحدة شديدة، و تابع :

-أنا مبسوط و مرتاح كده كتر خيرك

يزفر "عثمان" بضيق، لكنه يتذرع بقليلًا من الصبر و هو يرد عليه بحليمية متكلفة :

-يا فادي إنت مش في موطن قوة يخليك تعند بالذات إنهاردة. إسمع كلامي أنا مش هاضرك

فادي بإنفعال : و أنا كنت إشتكيت لك !!

-أستفغر الله ! .. تمتم "عثمان" لنفسه بسأم

هو يعلم جيدًا بأن عليه أن يبذل مجهودًا مضنيًا حتى يصل إلى بغيته مع شقيق زوجته العنيد.. لكن يبدو أن "فادي" لا يدخر جهدًا لصد أيّ محاولة يقوم بها "عثمان"

لا يجب أن يسمح له بإفساد مخططاته على كل حال ...

-هو إحنا ماينفعش نكون أصدقاء ؟! .. تساءل "عثمان" و هو يعاود النظر إليه من جديد

ضحك "فادي" قائلًا بإستخفاف :

-و ده إيه الطلب العجيب ده ؟ إنت عارف كويس إن أنا و إنت مش ممكن نكون أصدقاء

أومأ "عثمان" له و قال :

-تمام.. بلاش أصدقاء. بس على الأقل نعمل هدنة بينا. مش عشان حد فينا. عشان إللي يخصونا يا فادي.. أختك مراتي و إبني هايكبر يقولك يا خالي. و إنت هاتتجوز بنت عمي. أنا عارف إنك مش هاتصفى من ناحيتي ببساطة. بس من فضلك تجاهل كل ده شوية بس عشان حياتنا كلنا ماتبقاش جحيم بدون أي سبب

قطب "فادي" جبينه ممعنًا التفكير بكلامه.. لم يستطع أن ينكر قدر صحته، و في نفس الوقت راقته فكرة الهدنة التي إقترحها زوج أخته.. فهو سيكون بحاجة إليه خاصةً بالفترة المقبلة، إذ لا يدري أيّ شخصية سيعامل.. عروسه الغامضة لا بد أن ورائها الكثير ...

-موافق ! .. هتف "فادي" بإقتضاب

عثمان مبتسمًا : حلو أوي.. دلوقتي بقى نطلع الـCenter نشوف موضوع الطرف الجديد بتاعك و بعدين نـ ...

-إستنى إستنى إستنى ! .. قاطعه "فادي" للمرة الثانية

-أنا قلت موافق على الهدنة بس ماقولتش موافق إني أقبل منك أي عطف أو إحسان. أنا راضي بإللي في إيدي و الحمد لله مش محتاج حاجة من حد خصوصًا إنت

تآفف "عثمان" قائلًا :

-يابني أنا مش حملك صدقني. مش ممكن يعتي هاقعد أصححلك كل حاجة أقصدها يا فادي. أولًا أنا مابحبش الكلام ده. ثانيًا أنا لا بعطف و لا بحسن عليك. لو كنت سبتني أكمل كلامي كنت عرفت إن بعد ما نخلص هنا هانطلع على شركة البحيري عشان نحطك في function مناسبة. إنت كده كده إللي هتختار

فادي بخشونة : و مين قالك أصلًا إني هاوافق على دي كمان ؟ إنت شايفني عاطل ؟ أنا بشتغل و معايا إللي يكفيني و يكفي بيتي

رفع "عثمان" حاجبه و قال بسخرية مبطنة :

-أظن موظف كاشير في hypermarket حاجة ماتلقش بيك يا بشمهندس. و لا إيه ؟

إتسعت عيني "فادي" بصدمة، ثم قال بغضب :

-إنت بتراقبني كمان ؟؟؟

عثمان و هو يشيح بيده :

-ماسمهاش مراقبة.. إسمه إهتمام. إنت دلوقتي فرد من عيلتي Want or not. و مصلحتك تهمني

فتح "فادي" فمه ليرد عليه... فإستبقه "عثمان" بلهجة أكثر لينًا :

-بص يا فادي أنا و الله مش بتحكم فيك. بالعكس أنا هاقدملك حرية الإختيار. هاتيجي معايا الشركة و تشوف المكان الأنسب ليك إللي هاتقدر تساهم فيه بقدراتك. هاتشتغل معانا و هاتجرب فترة لو الجو ماعجبكش ممكن تنسجب و صدقني مش هاتسخر أي حاجة. هاتكون زيك زيي و زي كل موظف في الشركة. كلنا Team work كلنا بنتشغل مع بعض. و بالنسبة للطرف الجديد اعتبره دين سدده من مرتبك لما تبدأ شغلك معانا.. ها. قلت إيه ؟؟

صمت "فادي".. و لم يرد عليه بعد ذلك، فقط إكتسح الوجوم وجهه.. فإبتسم "عثمان" قائلًا :

-أوك هاعتبر السكوت ده موافقة.. إستأذنك بس أنزل أعمل مكالمة صغيرة و أرجعلك علطول !

و ترجل "عثمان" من السيارة فورًا، أخرج هاتفه و إبتعد قليلًا بالقدر الكافٍ حتى لا يستمع "فادي" إلى مكالمته

أجرى الإتصال بزوجته و وضع الهاتف على أذنه منتظرًا.. ليأتي صوتها بأسرع مما توقع :

-حبيبي !

قفزت الإبتسامة على وجهه بلحظة و هو يرد عليها :

-إنتي كنتي مستنياني و لا إيه ؟ إيه السرعة دي ؟!

سمر بصوت متوتر :

-أنا قاعدة قلقانة أوي. طمني عامل إيه مع فادي ؟؟!!

طمأنها "عثمان" بثقة :

-ماتقلقيش يا بيبي كل حاجة تحت السيطرة.. أنا وعدتك إن كله هايبقى تمام. المهم بس قوليلي وضبتي كل حاجة ؟

-أيوة كل حاجة جاهزة تقريبًا. شنط هدومي أنا و ملك خلاص خلصوا فاضل بس العشا بتاع العرسان لسا هبدأ فيه عشان يكون كله جاهز على التسوية بكرة

-لالالا ماتعمليش حاجة. أنا هاوصي على أوردر كويس و هابعتهولك بكرة. إنتي بس جهزي نفسك و حضري شنطة صغيرة كده خدي فيها شوية هدوم ليكي تكفي خمستيام

بدا الحماس في صوتها و هي تسأله :

-ليه هانروح في حتة و لا إيه ؟؟؟

عثمان بإبتسامة : أيوة. عاملك مفاجأة هاتعجبك أوي

سمر مخمنة : في اليخت بتاعك مش كده ؟!!

-مش بالظبط.. بس وعد هاتتبسطي

-أوووكي.. هاعمل إللي إنت عايزه. يحيى جاي معانا صح ؟

عثمان بإستهجان : لأ طبعًا. إنتي هاتبقي مركزة معايا أنا و لا مع يحيى !!

ضحكت "سمر" و قالت :

-طيب خلاص. كان مجرد سؤال بس.. أنا طبعًا هاركز معاك كويس أوي ماتقلقش

-أوك. ماتنسيش حاجة بقى. بعد كتب الكتاب هانتحرك علطول.. يلا. باي يا بيبي !

و أغلق الخط

إستدار ليجد "فادي" لا يزال ينتظر بالسيارة و يبدو إنه مستغرقًا في تفكير عميق.. إلتوى فم "عثمان" بإبتسامة متفاخرة، إذ كان مزهوًا بنفسه و قدرته على تحقيق كل هذه الإنتصارات ...

-بروفيسور يابن البحيري بروفيسور ! .. تمتم "عثمان" لنفسه و هو يشق طريقه عائدًا ليستكمل رحلته مع شقيق زوجته

______________

في قصر "البحيري" ...

إنها الليلة الموعودة.. و قد كان كل شيء جاهزًا، على الرغم من بساطة الحفل.. حيث أنه يقتصر على العائلة و المقربين فقط

إلا أن السيدة "فريال" بنفسها هي التي أشرفت على التجهيزات، و أصرت أن يبدو الزفاف حقيقيًا و مبهجًا، بنظرها كان ذلك التعويض الوحيد الذي تستحقه "هالة" و تستطيع هي تقديمه لها ...

كانت الزهور البيضاء تزين قاعة الصالون الفخم، و غصون الخزام التي تلتف حولها الرياحين الصغيرة تتدلي من السقف و تشيع رائحة شذية تنعش القلوب.. على الطرف الآخر يضع كبير الخدم اللمسات الأخيرة على مائدة الطعام المفتخرة

وقفت "فريال" إلى جواره تتابعه و هي تحمل الصغير "يحيى" على ذراعها، بينما يجلس "رفعت" في الجهة الأخرى مع المأذون و بعض الأصدقاء، كانت أصداء ضحكاتهم تتردد بصخب حيث كان الرجل ذي العمامة و القفطان خفيف الظل مرحًا إلى أقصى حد

حتى "عثمان" الذي كان يقف متأنقًا بحلة سوداء ثمينة، و متكئًا من الخلف على الكرسي الذي يجلس إليه عمه.. لم يستطع منع ضحكاته على دعابات المأذون و قصص مغامراته العديدة خلال مسيرة عمله الطويلة ...

لم يقاطع كل هذا المرح سوى صوت السيارة التي أرسلها "عثمان" لتقل زوجته و أسرتها من ليتهم إلى هنا... إعتذر من الحضور و ولىّ خارجًا بسرعة ليستقبلهم

بضعة دقائق قليلة و عاد بهم.. كانت زوجته تتأبط ذراعه من ناحية، و من ناحية أخرى تتأبط ذراع أخيها السليمة

و كانت "ملك" تمسك بيد الشخص المفضل إليها على الإطلاق.. و هو زوج أختها، لم تترك يده لحظة، بينما تقبل "فريال" عليهم و هي تهتف بحفاوة :

-أهلًا أهلًا أهلًا.. إيه الجمال ده كله يا حبايبي. ما شاء الله منورين !

و بالواقع أنها لم تكن تنظر إلا لزوجة إبنها.. حيث كانت مبهورة بها كليًا و هي قريبة من زوجها إلى هذا الحد، و ترتدي ذلك الفستان الوردي اللامع، كان فضفاضًا بحزام ضيق فقط حول الخصر فضي اللون، و وشاح رأسها عصريًا يظهر رقبتها و جزء بسيط ظهر من شعرها رغمًا عنها.. أما مساحيق التجميل لم تكن مبالغة، فقط كانت تضع القليل من حمرة الشفاه و الخدين، و محدد للعيون أبرز سعة عينيها و لونهما الأخضر الصافي الجميل ...

أخيرًا، ألقت نظرة على أخيها، صهر العائلة الجديد

لتجده يرتدي بذلة بسيطة و ثمينة في آن زرقاء اللون.. كان متواضعًا بتفاصيله كالمرة السابقة و أنيقًا، فإستشفت من ذلك بأن ذوقه يتشابه مع ذوق إبنها نوعًا ما.. و ربما شخصياتيهما أيضًا.. كما ترى !!!

صافحت "فريال" الأخوة الثلاث و رحبت بهم كثيرًا، إنضم إليها كلًا من "رفعت" و "صالح" و "صفية".. قاموا بدعوتهم إلى الداخل، و تطوع "صالح" ليذهب و يحضر شقيقته

كان الموقف متوترً في البادئ خاصةً على "فادي" الذي جلس متصلبًا يدعي الثقة و الثبات بين حفنة الأثرياء المتغطرسين هؤلاء.. لكنه سرعان ما إسترخى مخبرًا نفسه بأن يأخذ الأمور ببساطة أكثر من هذا

و لكن تظهر العروس فجأة.. مشتتة مرح الأجواء، معيدة التوتر إلى عريسها و مضيفة عليه لمحة غضب، و في الحقيقة لم يكن وحده الذي ذهل و غضب، حتى أخيها الذي سار بها تجاههم بدا عليه العبوس و الحنق الشديد ...

تركزت الأنظار حول "هالة" في هذه اللحظات... الجميع يرمقها بنظرات غير مصدقة، بينما مشت غير مبالية و هي تختال بفستانها الأسود الذي ناقض لون طلاء الشفاه الـ"فوشيا" الذي وضعته، و تسريحة شعرها الغجرية المثيرة

كانت راضية تمامًا عن كافة الإنطباعات التي أثارتها على الحضور، و خاصةً إبن عمها و خطيبها المزعوم، أخذت تنقل نظراتها بين الإثنان و إبتسامة ساخرة تزين ثغرها المغرٍ ...

لم يستطع أحد التفوه بكلمة رغم هذا، كمت أفواه الجميع و جلسوا في صمت مكهرب.. "هالة" إتخذت مكان أبيها فبقيت على حدة

ليجاور كلًا من "فادي" و "رفعت" الشيخ المأذون فوق الآريكة الصغيرة من الجانبين ...

و بعد الخطبة المعتادة في كل زيجة، قدم المأذون دفتر التوقيع للشهود أولًا فكان من ضمنهم "عثمان"، ثم للعروسين.. وضع "فادي" إمضائه فكاد الورق يثقب من فرط ضغطه على القلم

أخذ "رفعت" الدفتر و قربه من إبنته و أعطاها القلم.. و لكن قبل أن تمسك به دوى ذلك الصياح الذي تعرفه و يعرفه أغلب الحاضرين جيدًا ...

-مبـــرووووووووك يـا عـرووسة. يا ترى الكتاب إتكتب و لا لســـا !!!!!!!! .................... !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

تعليقات



×