رواية ولادة من جديد الفصل التاسع9 بقلم مجهول


 

رواية ولادة من جديد الفصل التاسع بقلم مجهول

 هل تعرفني حقاً؟


شحب وجه الخادمة على الفور رداً على استفسار حسام : "لقد تخلصت بالفعل من التقرير، يا سيدي."
فجأة قطب حسام جبهته، وصاح: "ماذا قلت؟"
ذعرت الخادمة من هالة الوجوم التي أحاطت به، فكادت تنفجر بكاءً. وهرعت تشرح له وقد اصابها الهلع: "أنا اسفة، يا سيدي. لم اتخلص منه عمداً. لكن التقرير كان ممزقاً للغاية، لذا رميته دون التفكير في الأمر ..."
لم تكن الخادمة من النوع الذي يخوض فيما يتخلص منه المالك. علاوة على ذلك، فإن حسام كان عادة يمزق المستندات التي تحوي معلومات سرية للغاية. فهي، في نهاية الأمر، تعتمد على وظيفتها لتتدبر معيشتها، لذا كانت قد تخلصت من التقرير دون تفكر في ذلك اليوم.          خلال اليومين الماضيين، كانت ترسل الدواء لفايزة، ظناً منها أنه لعلاج مرضها. إلا أنه تبين أن الدواء كان لعلاج الحمى.
في هذه الأثناء، قطب حسام جبينه لما سمعه من الخادمة. ثم أدرك أن هناك خطب ما أصاب زوجته. حتى لو كانت قد أعطت المظلة لشخص آخر، كان بامكانها أن تبحث عن مأوى وتتصل بالسائق ليقلها، أو أن تنتظر حتى يتوقف المطر، قبل أن تعود إلى المنزل. لماذا اضطرت أن تركض إلى المنزل تحت المطر؟
في تلك الحظة، توجه فتحي نحو حسام ، وسأله بقلق: "هل السيدة منصور بخير يا سيدي؟"
قبل أن يقول أي شيء، سلم حسام مفاتيح السيارة وسترته لفتحي وقال: "سأصعد إلى الطابق العلوي لبعض الوقت."
فاخذهما فتحي بسرعة دون أن ينطق بكلمة.
‏...‏
‏في هذه الأثناء، وبعد أن غادرت الخادمة، كانت فايزة قد عزمت على أخذ قسط من الراحة، إلا أن مكالمة هاتفية قاطعتها.
كانت مكالمة من سكرتير نائب رئيس مجموعة مسعد، والذي أراد مناقشة المشروع الأخير الذي كانت فايزة مشغولة به. وبسبب غيابها عن المكتب في اليوم السابق، لم يكن هناك من يحل محلها.
بعد انتهاء المكالمة، اخذت تفرك حاجبيها. إن المكتب مشغول، وبعد غياب يوم، اكتشفت أن لدي الكثير من العمل الذي يجب أن الحق به. ليس لدي خيار سوى البدء في العمل اليوم. ثم أخرجت حاسوبها المحمول، لكن ما أن سجلت دخول على بريدها الإلكتروني، حتى سمعت خطوات تقترب من الباب.
ظنت فايزة أنها الخادمة، لذا تجاهلت الصوت، ونقرت على بريدها الإلكتروني للبدء في العمل. وفجأة سمعت الخطوات تتوقف، وشعرت بأنفاس خافتة باردة بجوارها، فاستدارت لترى من يكون.
بمجرد نظرة واحدة، التقت عيناها بعيني حسام السوداوين.
ذهلت عند رؤيته، وسألت: "ماذا تفعل هنا؟"
عندما سمع ذلك، ذم شفتيه قليلاً، وأجاب: "هذه غرفتي." كان صوته بغيض متباعد.
ومع ذلك، فوجئت فايزة بنبرته، وسألت لا شعورياً: "هل هناك من ضايقك؟ لماذا تبدو غاضباً هكذا؟"
"غاضباً؟" قطب حسام حاجبيه. لماذا تبدو أسئلتها سخيفة بهذا الشكل؟ أين يمكنني الذهاب في الصباح الباكر حتى أصبح غاضباً هكذا؟ بعد صمت للحظة، وقد بدى غارقاً في أفكاره، قال بصوت خالي من المشاعر: "كنت في المنزل ليلة أمس."
في تلك اللحظة اندهشت من رده.
ثم حدق بها: "لماذا تفاجأتي؟ لقد كنت نائماً بجوارك ليلة أمس، ألم تكوني واعية لذلك؟"
بعد سماعها ذلك، قامت فايزة بذم شفتيها دون أن تنطق بكلمة. يبدو أن الشعور الذي انتابني الليلة الماضية، بوجود ثقل يضغط على المرتبة، لم يكن من صنع خيالي. كان عقلها في حالة ضباب مع بقايا آثار النوم عندما حدث ذلك، وعندما استيقظت وشعرت ببرودة الجانب الآخر من السرير، ظنت أن حسام لم يأت إلى المنزل طيلة الليل.
عندما علمت أنه كان في المنزل، شعرت بالحماس يتصاعد في صدرها: "اعتقدت أنك لن تعود إلى المنزل."
وبعد جملتها هذه، ساد الصمت بينهما.
على الرغم من أن رهف لم تكن قد عادت سوى منذ يومين فقط، إلا أن علاقتهما قد أصابها التوتر. وعلى الرغم من ذلك، لم يكن لدى أي منهما الاستعداد لمجابهة الوضع المتأزم. بدا أن الاثنين كانا يتجنبان الموضوع باتفاق ضمني، لكن أحداً غيرهما لم يعرف سبب صمتهما.
بعد مرور بعض الوقت، سأل حسام فجأة: "لماذا لا تتناولين الدواء؟"
لماذا عاد ليتطرق إلى هذا الموضوع ثانية؟ اعادت فايزة انتباهها إلى شاشة المحمول وكأن شيئاً لم يحدث. ثم شرحت قائلة: "لم أشعر بالرغبة في تناوله يوم أمس، وبما أنني شعرت بتحسن كبير اليوم، قررت أنني لم أعد بحاجة إليه."
فجأة، جعل مظهرها الهادئ شفتيه ترتجفان، واستفسر قائلاً: "حقاً؟ ماذا عن التقرير، إذاً؟"
في هذه اللحظة، توقفت يداها عن تمرير الفأرة عندما ذكر "التقرير". كادت فايزة أن تعتقد أنها أخطأت السمع، لكن دغدغات أنفاسه بجوارها كانت دليلاً على أنه قد نطق بتلك الكلمات بصوت عال.
ومن ناحية أخرى، لاحظ حسام توقف أصابعها فجأة عندما ذكر كلمة "التقرير". ولهذا، ضاقت عيناه في تشكيك. إنها تحاول اخفاء أمر ما عني.
بعد لحظة، استعادت توازنها، ورفعت رأسها، لتواجه عينيه. كانت نظرتها متشككة، وسألت بصوت هادئ: "أي تقرير؟"
اكتفى، على سبيل الرد، بالتحديق بها. يا له من أداء مقنع، وتبدو شكلاً وكلاماً طبيعية تماماً، بدءاً من تعبيرات وجهها ونظراتها إلى نبرة صوتها. لو لم ألحظ حركاتها الخفية من قبل، لكنت صدقت هذه الواجهة.
وبينما أخذ يحدق بتركيز في عيني فايزة، تساءل حسام قائلاً: "أنا من بدأ بالاستجواب. أي تقرير، إذاً، هذا الذي تشيرين إليه؟"
صدمت للحظة عند سماعها لذلك: "نعم، كنت تسألني عن ذلك، لكنني لست متأكدة أي تقرير تقصد."
إن مجرد ذكر كلمة "التقرير" تفاجئني، وأول خاطر يدور ببالي أنه على الأرجح قد رآه. فهل علم بأمر حملي؟"
ومع ذلك، سارعت فايزة بتهدئة نفسها.
منذ أن أعلنت عائلة صديق إفلاسها، كانت قد تحولت من شابة مدللة إلى سكرتيرة محترمة. بل حتى رؤساء الشركات التي تتعاون مع مجموعة منصور كانوا يحيونها بدماثة وتهذيب عندما يرونها. ولم يفعلوا هذا لمجرد أنها زوجة حسام ، وإنما لأنهم يقدرون قدراتها. صقلتها سنتان من التدريب والخبرة حتى أمست شخصية مختلفة تماماً، ولم تعد ذات الشابة التي تهلع وتنزعج كلما ساءت الأمور.
لقد مزقت التقرير إرباً، وحتى لو لم أفعل، فإن مياه الأمطار كانت لتمحو أية آثار للكلمات التي حواها. اضافة إلى ذلك، فنظراً لطول تعرض التقرير للرطوبة، فإن محتوياته أمست غير مقروءة. في أعقاب اجراء هذا التحليل الذهني، بدأت تهدأ تماماً.
وفي هذه الأثناء، انفرجت شفتاه إلى شبه ابتسامة. ثم جلس حسام أمام فايزة، وتبادل الاثنان النظرات.
كانا عاشقان منذ الطفولة، وبعد مرور كل هذه السنوات، كيف أمكن له أن لا يلاحظ التحول الهائل الذي طرأ عليها خلال السنتين الماضيتين؟
عندما فاتح حسام فايزة أول مرة بشأن العمل لدى الشركة، كان ينوي تعزيز تطورها واستقلاليتها. خلال سنتين، كانت قد نضجت لتصبح الشخص الذي كان يتصوره، بل أنها أمست يده اليمنى المثالية. وعلاوة على ذلك، فقد كانت قادرة على التحدث بهدوء أمام مئات الأشخاص، ناهيك عن هدوئها أمامه.
عند تلك الفكرة، ضاقت عيناه وسأل: "هل أنت متأكدة أنك لا تعرفين؟ هل تعتقدين أنني لا أعرفك؟"
لكنها التقت بعينيه دون خوف: "أحقاً؟ هل تعرفني حقاً؟"
في اللحظة التالية، أطبق حسام يده حول عنق فايزة، ومال إلى أن تقاربت جبهتاهما بقدر جعل أنفاسهما تتداخل. واعتصرت شفتاه جملة: "لقد عرفتك 20 عاماً على الأقل، وشاركتك السرير لمدة عامين، من الذي يعرفك أفضل مني، يا فايزة صديق؟"
صعقت من فورها. هل نعرف بعضنا كل هذه الفترة الطويلة؟ يقول أنه يعرفني، لكنه ليس لديه أدنى فكرة أنني قد عشقته.

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-