رواية جوازة نت الفصل الثامن 8 بقلم مني لطفي

 


رواية جوازة نت الفصل الثامن

نظرت نشوى الى الوجوه التي تطالعها هي ومنة بدهشة وتساؤل، وقالت برجاء وتوسل حتى انها كادت تبكي:
- منة أبوس إيدك اقعدي بس وانا هفهمك ، الناس بتبص علينا..
زفرت منة بحنق وجلست قائلة بحدة مفرطة:
- هي الناس هتبص وبس؟!، دا لسه الناس هتتفرج وتتكلم وتضحك كمان!!، انت اتجننت؟!، عريس مين دا ان شاء الله اللي انت فرحانة بيه اوي؟..
أجابت نشوى باستعطاف:
- مدحت!، اسمه مدحت... وعلشان خاطري اهدي وأنا هفهمك..
أجابت منة بحنق شديد:
- تفهميني ايه بس؟!، حد عاقل يا ربي يقول كدا؟، واحد تتعرفي عليه من #الفيس بوك وعاوزة تتجوزيه؟، فين العقل في دا؟...
أجابت نشوى مقطبة:
- أنا مش فاهمه ايه وجه الغرابة في اللي بقوله؟، اتعرفت على مدحت عن طريق #الفيس، زي ما كنت ممكن اتعرف عليه في الكلية او الشغل او النادي، #الفيس دا سبب...، ايه اللي منرفزك كدا عاوزة افهم؟..
نظرت اليها منة بغير تصديق وكررت سؤالها:
- ايه اللي منرفزني؟، تابعت ساخرة بقوة:
- لا ابدا عادي، ثم تحدثت محتدة بجدية شديدة:
- علشان يا هانم لو كنت قابلتيه لأي سبب من الاسباب اللي انت قلتي عليها دي.. كان هيبقى سبب طبيعي وعادي وهتعرفيه الاول وتشوفي الحاجات اللي شدتك ليه، من الآخر مافيش حد فيكم هيرسم نفسه قودام التاني، لكن #الفيس دا يا هانم عامل تمام زي غرام التليفونات بتاع زمان، لما كان الولد بيعلق البنت بمعاكسة تليفون!، #الفيس مش هيخليكي تشوفيه على حقيقته، هيرسم لك احلى صورة عنه، ويعيّشك في دنيا تانية خالص، تقدري تقوليلي هتعملي ايه لما تطصدمي بالواقع؟!، لما تكتشفي أن كل كلامه ليكي دا كان وهم، وانه كان بيقولك الحاجه اللي انت نفسك تسمعيها؟!، انت ما شكّتيش ولو 1% ان كلامه مش صح؟، دا #الفيس دا معروف انه الواحد يقدر يرسم له حياة تانية ويقابل بشر بـوِشّ غير وشّه الحقيقي، اذا كان الاسم بتاعه ع #الفيس بيبقى مش حقيقي!، يعني مثلا ممكن يكون قاعد في اودة فوق سطوح ويقولك انا ساكن في فيلا في الرحاب مثلا؟، ممكن يكون عاطل ويقولك دكتور، ممكن يكون من غير أهل ويقولك أبويا عمدة ..، انت هبلة أوي كدا؟، أد كدا رغبتك انك تهربي من الحياة الباردة اللي انت عايشاها مع اهلك تخليكي ترمي نفسك في النار بإيديكي؟!..
أجابت نشوى بمرارة تقطر من بين أحرف كلماتها:
- تصدقي لو قلت لك مش فارقة؟، قاطعت منة التي همت بالكلام وقالت:
- اسمعيني يا منة..، انا فكرت في اللي انت قلتيه دا، بس انا اعرف مدحت من شهرين واكتر، الموضوع ابتدى اننا فانز في جروب ميكس، وبوستاته شدتني، وبعدين أترفع أدمنز في الجروب ، وكان بيعمل بوست ثابت اسمه حياتي، البوست دا كل مرة بيناقش موقف من حياتنا اليومية، واحيانا بيعرضوا مشاكل، اللي حصل انى كنت مخنوقة وباعت له قلت له انا عاوزة اتكلم وبس، وفعلا اتكلمت معاه، طبعا كله شات، كنت عاوزة أفضفض وبس، سمعني وقاللي كلام ريحني، ومن هنا شوية بشوية علاقتنا ابتدت تقوى، انا عرفت انه خريج تجارة انجليش ومعاه كورسات كتير في الكمبيوتر ولغات كمان، وبيشتغل في شركة استيراد وتصدير بس عاوز يسافر برّه، علشان يشتغل ويحضر دراسات عليا، عجبني طموحه ، وفي نفس الوقت انسان متفهم اوي، انا ما حاستش انه كداب بصراحه، وبعدين تقدري تقولي انها مقامرة يا صابت.. يا خابت!، لو صابت يبقى أنا الكسبانة...
قاطعتها منة بسخرية:
- ولو خابت يا فالحة؟، ... نظرت اليها نشوى بحزن وأجابت بابتسامة أسى تلون شفتيها الكرزتين:
- عادي يا منة.... مش هخسر كتير، ما انا خسرت في حياتي كتير لغاية ما خلاص اتعودت على طعم الخسارة...
نظرت اليها منة بأسى وقالت:
- بس للأسف يا نشوى، الخسارة المرة دي هتكون أكبر من أي خسارة تانية!، المرة دي لو خسرتِ.... هتخسري نفسك!!..
شردت نشوى في كلام منة التي سألت ببرود:
- والاستاذ هيتقدم لأهلك امتى ان شاء الله؟....
أجابت نشوى بصوت منخفض:
- هنتقابل انهرده ونحدد!!...
أومأت منة برأسها ثم ما لبثت فجأة وهي تصيح بذهول:
- تتـ....ايه؟، تتقابلوا؟، انت اتجننت اكيد؟،،
حركت نشوى يدها أمام منة وهى تقول بتوسل:
- وطي صوتك أبوس ايدك، ايه بس اللي مضايقك؟، هنتقابل عادي، وفي مكان عام، مش هينفع نتكلم ونتفق لا.. فون ولا.. شات!...
هزت منة رأسها وقالت بجدية مفتعلة وهي تشيح بنظرها بعيدا:
- آه فعلا، مش هينفع لا فون ولا شات!!،...ثم سلّطت نظراتها على نشوى وقالت بابتسامة صفراء:
- وانت يا نشوى ما شوفتيهوش قبل كدا؟
أجابت نشوى باضطراب وهى تتحاشى النظر الى منة فهي تعلم أن منة على شفا ارتكاب جريمة فيها:
- لا.... شوفته!،.....، لعبت بأصابعها مشبكة اياهم تارة ومفلتة لهم أخرى وتابعت:
- اتكلمنا.. كام..( كاميرا ).. كذا مرة!!...
كادت منة أن تصرخ ولكنها سارعت بوضع يدها على فمها، ونظرت الى نشوى قليلا وهى تهز قدمها بعصبية شديدة قائلة بحدة:
- ماشي يا نشوى .... انا مش هقولك حاجه، اظن انك كبيرة كفاية وعارفة مصلحة نفسك كويس، انا هقوم...،
امسكت نشوى بيد منة ما ان وقفت الاخيرة ونظرت اليها برجاء حار قائلة وهي تقضم شفتها في توتر واضطراب ملحوظ:
- لا يا منة علشان خاطري ما تسيبينيش، أنا...أنا اتفقت انا ومدحت اننا نتقابل هنا انهرده وهو زمانه على وصول، مش هقدر اكون لوحدي، عاوزاكي معايا، علشان كدا اديته المعاد هنا!!...
ارتمت منة جالسة الى مقعدها بذهول وقالت بدهشة حادة وغير تصديق لما سمعته:
- انت... انتِ بتقولي ايه؟، اللي اسمه مدحت دا... جاي دلوقتي؟، أومأت نشوى ايجابا، وما إن همت منة بالكلام حتى قاطعها رنين هاتفها المحمول فرفعته ليطالعها اسم سيف يزين الشاشة، اغمضت عينيها قليلا ثم فتحتهما مستنشقة نفسا عميقا، محاولة التماسك كي تستطيع الاجابة على سيف بهدوء، فتحت الخط وبعد السلام بادرها سيف قائلا:
- انت لسه مع نشوى يا منون؟، أجابت منة:
- ايوة يا سيف، احنا بنتغدى دلوقتي، وشوية كدا وهنروّح....
بعد أن علم منها اسم المطعم قال بينما يحاور أحدى السيارات المارة بجانبه:
- لا حبيبتي...، انا جنب المطعم اللي انتو فيه، استنيني ما تمشيش مع نشوى، انا هفوت عليكي أوصّلك وبالمرة فيه حاجه عاوز اقولك عليها!!..
فتحت منة عينيها على وسعهما هلعا وقالت بينما تطالع نشوى بذهول واضح:
- إنت ايه؟، اعاد سيف حديثه فحاولت منة التنصّل من العودة برفقته قائلة بضحكة وهمية:
- لا أصلك مش عارف، احتمال نلف شوية على المحلات، فيه مول فتح جديد جنبنا هنا عاوزين نشوفه!!..
كادت منة تبكي وهى تتحدث لسيف بينما تطالع نشوى في غيظ وقهر، أجابها سيف ضاحكا ما جعل الدم يهرب من وجنتيها:
- ولا يهمك حبيبتي، هاجيلك ولفِّي انت وصاحبتك براحتكم وانا هستناكي في أي كافيه هناك، خمس دقايق بالكتير وهكون عندك!!..، وأغلق سيف الهاتف تاركا منة تطالع في محمولها وقد ارتسم الوجوم على ملامحها، قالت نشوى في تساؤل :
- فيه ايه يا منة؟، سيف عاوز ييجي ولا ايه؟..، لتطالعها منة بدهشة مجيبة بحيرة وخوف مما هو آت:
- سيف جاي، خمس دقايق ويبقى هنا، يعني هيشوف ....، لتقاطعها نشوى هاتفة:
- مدحت!!، انتبهت منة لترى نشوى وهي تشير بيدها ، فاستدارت مستفهمة لمن تشير له نشوى خلفها، فطالعتها قامة طويلة، اقتربت شيئا فشيئا حتى وقفت بجوار طاولتهما ومال صاحبها عليها قائلا بابتسامة مرسومة:
- ازيك يا نشوى، وقفت نشوى مصافحة اياه، بينما منة نقلت نظراتها بينهما وهي تقول في سرها:
- احلوّت!....
نظرت نشوى الى منة وقالت وهى تقوم بالتعارف بينهما مشيرة الى مدحت:
- منة ..أقدم لك مدحت، ثم اشارت الى منة قائلة:
- منة صاحبتي وأكتر من أختي كمان!!، مد مدحت يده مصافحا وهو يقول بابتسامة:
- تشرفنا يا آنسة منة..
نظرت منة الى يده الممدودة ثم رفعت نظراتها اليه قائلة ببرود:
- شكرا، بس آسفة... ما بسلّمشِ..
أعاد مدحت يده بينما تكلمت نشوى محاولة اضفاء المرح الى صوتها لإزاحة موقف منة البارد جانبا من ذهن مدحت:
- بس انت جاي في معادك تمام، الواحد يظبط عليك ساعته بقه بعد كدا؟!...
أشار مدحت لها بالجلوس بينما لم تكن منة قد قامت للترحيب به من البداية بل مكثت جالسة في مكانها وعيناها زائغتان بين مدخل المطعم وساعتها وهي تتحين الفرصة للاستئذان والانصراف، فهي لن تستطيع الجلوس برفقتهما، أما نشوى فهي من رتب الموعد مع هذا الـ.... مدحت دون الرجوع اليها وبالتالي هي غير مُجبرة على الجلوس معهما!!...
كان مدحت يوجه الحديث الى منة الشاردة، فكررت نشوى كلام مدحت وهي تحاول جذب انتباه منة:
- منة.. مدحت بيسألك .. تحبي تشربي ايه؟،..انتبهت منة وقالت بينما نظرها مثبت على المدخل:
- ها...، لا مالوش لزوم شكرا، انا هضطر أقوم...، لتبتر عبارتها ما ان طالعتها هيئة سيف وهو يتلفت يمينا ويسارا يجوب المطعم مفتشا عنها بين الرواد بعينيه، همست في سرها بوجل:
- جالك الموت يا تارك الصلاة!!، ياللا... هي بايظة بايظة....، لتصطدم عيناها بعيني سيف الذي سار باتجاهها وابتسامة عريضة ترتسم على وجهه بدأت تخبو ما ان اقترب من طاولتهما ولاحظ وجود رجل غريب برفقتهما حتى غابت كليّة ليحل بدلا منها تقطيبة عميقة ونظرات.....شكٍّ وريبة!!...
**************************************************
كانت منة تجلس في صمت تام بجوار سيف وهو منطلقا بسيارته في سرعة عالية الى منزلها، استرقت النظر اليه بين فينة وأخرى مؤثرة عدم الكلام وهى تعلم يقينا ان صمته هذا ما هو الا الهدوء الذي يسبق العاصفة والتي ستقرع فوق رأسها حتما ما إن يصلا منزلها....
قبيل وصولهما الى وجهتهما سعلت لتجلي حنجرتها وقالت بابتسامة صغيرة:
- سيف... أنا مش عارفة إنت...، ليقاطعها سريعا وبحسم ونظره معلّق أمامه:
- مش هنتكلم دلوقتي،.... ثم التفت اليها بحدة وتابع بنظرات غضب سوداء وصوت مكتوم يحمل لهجة نذير لم تفُتها:
- الكلام و.....الحساب لما نوصَل!!...، فسكتت منة تماما وغاصت في مقعدها وعقلها يعمل كالماراثون لإيجاد حل لهذه الكارثة التي أوقعتها فيها نشوى بغبائها!!...
*************************************************
ما إن أغلقت عواطف باب غرفة الجلوس خلفها بعد أن رحبت بسيف وأصرت عليه المكوث لتناول طعام الغذاء قائلة أن زوجها على وشك الوصول، حتى تناول سيف مرفق منة بقوة فاجئتها وجعلتها تشهق وهى تنظر اليه بوجل ومال عليها وهو يقول من بين اسنانه بغضب مكتوم:
- ممكن بقه تشرحيلي يا مدام معناه ايه اللي انا شوفته دا؟، وازاي تسمحي لنفسك انك تقعدي مع واحد غريب عنك؟...، لم يمكثا بعد وصول سيف سوى دقائق معدودة رحب فيها سيف بالضيف وقد قامت نشوى بالتعارف بينهما معرفة سيف انه خطيب منة بينما مدحت بـ.. مدحت فقط!، الأمر الذي استشاط له سيف غيظا وصمم على المغادرة ولم تفلح محاولات نشوى في بقائهما وغادرت منة برفقة سيف وسط نظرات الرجاء والخوف من نشوى لئلا تكون السبب في شجار يحدث بينهما، فحالة سيف لا تبشر بأي خير!!
عادت منة الى الواقع وحاولت امتصاص غضبه قائلة بينما تشير بيدها ليهدأ:
- سيف ممكن تهدى شوية علشان نعرف نتكلم، انا مش فاهمه ايه اللي منرفزك اوي كدا؟...
قبض سيف على مرفقها الآخر وصرخ وهو يجذبها بقوة ناحيته:
- انت هتجنينيني؟، يعني ايه.. ايه اللي منرفزني؟، انت شايفه انه ما فيش حاجه حصلت؟، اشوف مراتي قاعده مع واحد متعرفوش القاعده اللي انا شوفتها دي، وما اتضايقش؟، وما تقوليليش ان نشوى كانت معاكم... كل اللي حصل من تحت راسها ... انا مش قايلك اني مش موافق على الصحوبية بتاعتكم دي؟، وانها نوع تاني خالص غيرك أرفض انك تحتكي بيه؟!، واتفضلي .. اللي حصل انهرده أكبر دليل ان كلامي صح .... قاعدين مع واحد الله اعلم إتلمت عليه منين... تقدري تقوليلي شكلك كان هيبقى ايه لو حد من معارفك شافك؟، كنت هتبرري دا بإيه؟، دا لا أخو واحده فيكم ولا جوزها ولا خطيبها، يبقى ايه ان شاء الله المبرر غير انها واحده منحلة وعاوزة تجرّك معاها؟!...
نظرت منة اليه باستنكار وقالت بحدة بالغة وهى تحاول جذب مرفقيها من قبضته القوية ولكن دون جدوى:
- يعني ايه تجرّك دي؟، انا مش معزة ولا بقرة بتجرّها وراها في كل حتة؟، وبعدين انا سبق وقلت لك ايه اللي معصبك اوي كدا؟، انك شوفتني قاعده مع نشوى ومعانا واحد غريب؟، لتشتد قبضته بدون شعور فأطلقت آهة ألم بالرغم منها ولكنها تابعت متجاهلة ألمها:
- انت شوفتني اعترضت على كلامك؟، انت عندك حق!، قاعدتنا كان شكلها مش ظريف، لكن اعمل ايه هو جِه قبل وصولك بدقايق وحمدت ربنا انك جيت!!..
وكأن دلوا من الماء البارد قد انصب فوق سيف الذي نظر اليها مبهوتا، فهي تعترف أمامه بخطئها بمنتهى التلقائية ولم تحاول المجادلة او الغضب، بل انها تكلمت بطبيعية شديدة موضحة انها حمدت الله لدى وصوله وعدم تركها برفقتهما أكثر من ذلك!!..
قطب سيف جبينه واقترب منها وهو يقول بشك بينما استطاعت منة جذب نفسها بعيدا عنه ما ان خفّت قبضته:
- انت عاوزة تقولي انك ما كنتيش تعرفي بوجوده وانك اتفاجئتي بيه؟، ...
مسّدت منة موضع قبضته لمرفقيها وقالت وهى تنظر اليه بثقة:
- وهو انت عندك شك في كدا؟، تعتقد انى ممكن اكون عارفة انه فيه حد هيكون موجود معانا ووافق؟!!....
حان الوقت لتتبدل المواقع ويتخذ سيف موقع المدافع بينما اتخذت منة موقع الهجوم ، قال سيف نافيا بشدة:
- لا طبعا!، انا متأكد انك مش ممكن تعملي حاجه زي كدا!...
وقفت منة أمامه بكل عنفوان ونظرت في عينيه سائلة بجدية بالغة:
- أومال ايه اللي مضايقك بقه؟، انى اضطريت لموقف زي دا وان نشوى هي اللي حطتني في الوضع دا لما وافقت انى اقابلها؟!، وبفرض نشوى فري وحياتها أوبن أوي، .. هزت كتفيها بلامبالاة وتابعت ببرود:
- أنا ماليش فيه!، هي حرة ...، وما تقوليش انه هينقال عليا أني زي صاحبتي... لا ... انا هو أنا، اللي هيتكلم عليا علشان مصاحبه فلانه ممكن جدا فلانة دي تكون احسن من ناس كتير اووي مش بيقوموا من على سجادة الصلاة لكن للاسف مابيطبقوش ولا حرف من ديننا!، تلاقيها بتكدب وبتنم وبتخون وكله، بس قودام الناس الست اللي ما فيش منها، وممكن واحده عادية زي نشوى بس واضحة، اللي بتعوز تعمله بتعمله طالما واثقة انها صح!،انا مش بدافع عنها واقول انها مش غلط وانه فيه حاجات كتير لازم تعمل حسابها، لكن انا ارفض الاحكام السطحية المسبقة على الناس!!...
ابتسم سيف ابتسامة صغيرة وتقدم منها ليمسك بيديها فيما أشاحت هي بوجهها بعيدا عنه، تحدث بهدوء قائلا:
- منة حبيبتي، احنا عايشين وسط مجتمع وناس، أقل تصرف أو كلمة محسوبة علينا، ما ينفعش اعيش براحتي واعمل اللي في دماغي حتى لو صح من وجهة نظري، لازم أراعي الحدود والضوابط اللي حاطها المجتمع اللي انا عايش فيه، وعلى فكرة الموضوع مش كبت حرية ولا حاجه، بالعكس دا بيحافظ على كرامة الكل، احنا مش عايشين في المدينة الفاضلة، انت عايشة وسط بشر، منهم الكويس ومنهم الوحش، متقدريش تمنعي الوحش انه يأذيكي، لكن تقدري تحدي من أذيته ليكي، مجتمعنا للاسف بيحكم على المظاهر، انت مش هتقدري تغيري عادات وتقاليد مجتمع كامل، لكن نقدر اننا نحاول ما نعملش الشيء اللي ننتقد عليه، انا واثق فيكي ومتأكد انك عمرك ما هتعملي حاجه غلط لكن ممكن تقوليلي كان أحمد أخوكي مثلا هيتصرف ازاي لو شافك زي ما انا شوفتك انهرده؟، او باباكي؟!. ابسط شيء هيلوموكي زي ما انا عملت.. خصوصا ان البنت اللي كنتِ معاها مُنتقدة في كل حاجه من أول لبسها لغاية تصرفاتها المنفتحة اوي، بنت فاهمه الحرية غلط، وللاسف واضح انه ما فيش حد في اهلها واخد باله منها او بيحاول انه يصلح من شخصيتها، وبالتالي منظر زي اللي انا شوفته انهرده دا أي حد هيقول منة ونشوى شوفناهم قاعدين مع راجل، مش هيسأل الراجل دا مع مين فيهم ولا هيهتم انه يعرف التفاصيل، انا بردو مش بقول انه دا صح، لكن هرجع واقولك اننا عايشين في مجتمع بتحكمنا عادات وتقاليد وحدود، لازم نراعيهم كويس اوي....
نظرت اليه منة في انتظار انتهائه من الحديث ثم جذبت يديها من قبضته وتكلمت ببرود:
- خلاص .... خلصت كلامك؟، بص يا سيف.. انا عارفة ومقتنعه بكل اللي انت قلته دا، بس دا مش سبب زعلي منك، انت اتصرفت على اساس انى كنت قاعده مع واحد من وراك!، انت قلت أي حد يشوفنا مش هيفكر يسأل او يستفسر.. جميل..، بس انت المفروض تسأل وتستفسر قبل ما تُحكم وتدين!!...
زفر سيف بيأس وقال بانفعال:
- علشان منظركم استفزني!، لو انت شوفتيني قاعد القاعدة دي مع واحده متعرفيهاش مش هتتضايقي؟، عقدت منة ساعديها امامها مجيبة ببرود شديد:
- كنت هاجيبها من شعرها!، ما ان ابتسم سيف منتصرا وهمّ بالكلام حتى قاطعته رافعة يدها وهى تكمل بذات البرود:
- بس دا لو كان شكل القاعده غلط!، لكن لو انت معاك صاحبك ومعاكم واحده وقاعدين في مكان عام، على طول كنت هسألك واستفسر منك، مش ألوم وأعاتب، وبعدين طالما بنتكلم بقه على المجتمع،...تابعت باستخفاف:
- يبقى للأسف محدش هيلوم ويعاتب... عارف ليه؟، لم تنتظر اجابته وتابعت ردا على نظرة التساؤل التي تلوح في مقلتيه:
- لأن مجتمعنا مجتمع ذكوري بالدرجة الأولى، يعني الراجل مسموح له انه يعمل أي شيء وعذره في الآخر انه راجل، لكن الست انفاسها محسوبة عليها، مع ان الفرق دا فرق بيولوجي الراجل مالوش أي فضل فيه، وديننا ما فرقش بين الذكر والأنثى في أي احكام او واجبات او ثواب او عقاب، الشيء الوحيد اللي فرق فيه الميراث.." وللذكر مثل حظ الأنثيين"، وليه لان الراجل هو اللي له القوامة، واللي عليه كافة الالتزامات المادية اتجاه اسرته ولو له أم هو المتكفل بيها، ولو اخته مش متجوزة بردو متكفل بيها، والست لو متجوزة وعندها مال قارون جوزها الملزوم انه يصرف عليها، هي حابيت تساعده من مالها ما فيش مشكلة لو ما رضيتش حقها وما تتعاقبش على كدا، يعني في الأول والآخر ديننا بيراعي حقوق الست كويس أوي ، وللاسف المجتمع اللي احنا عايشين فيه هو اللي ظالمها وبيجور عليها، وهرجع تاني واقولك... انا مايهمنيش من دا كله غير طريقتك في كلامك، ونبرة الاتهام اللي كلمتني بيها واللي انا برفضها، انا ما بعملش حاجه غلط، ولما واجهتني اول حاجه قلتهالك ايه؟، قولتلك انت صح، عندك حق!، واندهاشي من نرفزتك لأن الموضوع كان ممكن يكون أسهل من كدا بكتير لو كنت سألتني الأول قبل ما تهاجمني بالاسلوب دا!!...
نظر سيف اليها وأجاب وهو ينظر الى عينيها بقوة:
- طيب ممكن تقوليلي مين دا؟، وايه اللي خلاكي ما تقوميش اول ما جِه؟!..
زفرت منة بعمق مغمضة عينيها وما لبثت ان فتحتهما ناظرة اليه بيأس وهى تجيب محاولة التماسك:
- دا يبقى خطيب نشوى!، هما لسه ما أعلنوش الخطوبة رسمي، وأظن سبق وقلتلك انك جيت بعد ما هو وصل بدقايق، وعلشان انا ما بعملش حاجه غلط، ما رضيتش اقوم أتسحب زي الحرامية، بالعكس انت جيت واتعرفت عليه وعرف انك خطيبي، أي استفسارات تانية!!...
أجاب سيف مقطبا:
- خطيب نشوى؟!، وليه ما اعلنتش دا؟..
زفرت منة بيأس واحتدت بالرغم منها قائلة بحنق:
- وانا مالي، إسألها هي السؤال دا!، أظن دي حاجة خاصة بيها هي؟!، بقولك ايه يا سيف انا تعبت من الكلام في الموضوع دا، انا زي المتهم بجريمة مش عارف ايه هي وانت عمال تحقق معاه علشان يعترف بحاجه معملهاش!!...
نفى سيف بشدة قائلا:
- لا طبعا!!..، لتنظر اليه منة مجيبة بحدة مماثلة وقد عقدت جبينها:
- آه طبعا!! ، ما تشوف نفسك بتتكلم ازاي، بقولك ايه يا سيف انا زهقت بجد...، عن اذنك ...
وتأهبت للانصراف عندما التفت يده حول معصمها جاذبا اياها لتقف امامه ومال فوقها لتضرب انفاسه الساخنة صفحة وجهها المرمري وهو يقول بعتب:
- عاوزة تسيبيني وتمشي؟!، أهون عليكي أمشي وانا زعلان؟، واذا أنا هونت عليكي، انت ما تهونيش عليّا!!، .....قطبت منة وقد خالجتها الريبة من معنى كلامه، لتُفاجأ به وهو يميل باتجهها محاولا تقبيلها فحاولت الابتعاد عنه وهي تشيح بوجهها جانباً قائلة باعتراض:
- استنى بس، انت بتعمل ايه؟، يا سيدي أنا عاوزة أهون عليك!، سيف مش ممكن....، لتغيب باقي عبارتها بين شفتيه التي اقتنصت شفتيها في قبلة ضارية وقد جذبها بشدة بين ذراعيه، حاولت منة الافلات منه ولكن دون جدوى، وكأن سيف قد انفصل عن واقعهما، وهو يحاول بثّها عشقه السرمدي وشوقه اللامتناهي ليقوّض مقاومتها فترفع راية الاستسلام لطوفان مشاعره الهادر الذي جرف ممانعتها بعيدا لترفع رايتها وقد طوقت عنقه بذراعيها البضتين غارقة في لجّة مشاعرهما العاصفة!!...
بعد فترة لا يعرف منهما كم طالت، حاولت منة الافلات من قبضته طلبا للهواء، وشهقت بعنف عندما شعرت بأصابعه وهى تعبث بأزرار بلوزتها، حاولت إمساك يده وهى تتحدث من بين شفتيه النهمتين:
- سيف.. مش كدا، سيف ... بابا ممكن يدخل..، سيف انت هيِّست؟! ، لم تجد أي صدى لتوسلاتها فلم يكن أمامها سوى سبيل واحد، فرفعت ركبتها لتهوى على قصبة ساقه بركلة قوية مؤلمة من مقدمة حذائها جعلته يفك قيدها فجأة وهو يسب ويلعن من بين أنفاسه الثائرة ممسكا ساقه وهو يقفز على قدم واحده متأوها بألم، بينما وقفت هي أمامه وثغرها يحمل علامات هجومه القوي، وقد أفلت شعرها من ربطته فأحاطت بوجهها بعض خصلاته الثائرة، حاولت ترتيب هندامها الذي اشعثه أصابع سيف المجنونة ووضعت يديها في خصرها قائلة بسخط واستنكار شديدين:
- انت وقح وقليل الأدب يا سيف، واحمد ربنا ان الضربة جات في رجلك المرة دي، المرة اللي جاية هتدفع تمن قلة أدبك دي غااااالي أوووي!!، قال سيف وهو يمسّد موضع الألم في ساقه المُصابة بينما يرفع حاجبه بخبث وابتسامة مكر تزين ثغره الذي لا يزال مستشعرا لمذاق شفتيها الشهيّ:
- آه، احنا فينا من ضرب؟!، ماشي يا منة أما أشوف يوم الفرح مين اللي هينقذك من ايدي؟، الحساب يجمع يا حبيبتي، العد التنازلي خلاص ابتدى.... كلها شهرين الا 3 ايام ويتقفل علينا باب واحد، أبقي وريني هتقدري تهربي ازاي!!...
زاغ بصر منة لثوان وقد تعالت دقات قلبها خوفا من وعيده لها، ثم وقفت أمامه محاولة التماسك وهى تقول بتحد:
- كويس انك نبهتني، سيف أحب أبشّرك ان الفرح من انهرده ، لا من دلوقتي إتأجل ولأجل غير مسمى!، فياريت ما تتعبش نفسك بعدّ الأيام لأنك هتتعب نفسك ع الفاضي!!..
أعاد سيف ساقه الى الأسفل واعتدل واقفا أمامها قائلا بدهشة وقد ارتفع حاجبيه بغير تصديق حتى كادا يلامسان مقدمة شعره:
- متقدريش!، الفرح انا اتفقت على معاده مع باباكي خلاص، هو مش لعب عيال!!..
حركت منة كتفيها بلامبالاة أغاظته وقالت ببرود:
- لا طبعا أقدر، تحب تشوف؟....، وقبل ان تكمل وكأن والدتها قد شعرت بها، إذا بها تقطع عليهما خلوتهما وهى تدخل قائلة بابتسامة مرحبة:
- ياللا يا منة علشان تساعديني، بابا كلمني وكلها خمس دقايق ويكون هنا، ياللا علشان نحضر السفرة، ام محمود اجازة انهرده انت عارفة....
لفت انتباه عواطف صمت منة التام، فنظرت اليها في تساؤل ولم تغب الابتسامة عن شفتيها فيما أسبلت منة أهدابها في خجل مصطنع، نظرت عواطف الى سيف متسائلة في دهشة:
- هي مالها؟، أجاب سيف بحيرة وذهول من تلك الممثلة القديرة الواقفة أمامه:
- معرفش!، قبل ما حضرتك تدخلي بثانية واحده كانت عماله تناكف فيّا!!....
نظرت اليه منة ببراءة مزيفة وقالت وقد بدأت شفتيها بالارتعاش بعد أن استدعت دموعها التي سرعان ما لبّت ندائها وقالت بصوت خرج مهزوزا وباتقان جعلها جديرة بالفوز بجائزة الأوسكار في التمثيل:
- يا سلام .. بقه متعرفش!!، اندفعت الى أمها التي احتوتها بين ذراعيها مطالعة بحيرة سيف الواقف امامهما يراقب ما يحدث باندهاش تام ، وتابعت منة وسط بكائها المفتعل:
- أنا.... أنا مش مصدقة انى خلاص... أقل من شهرين وأبعد عنكم!!، ابتمست عواطف وقد انزاح حملا ثقيلا من فوق أكتفاها عندما علمت سبب حزن أبنتها، وقالت وهي تربت بحنو على شعرها:
- دي سُنّة الحياة حبيبتي، وبعدين انت هتبقي معانا هنا، المشوار كله ربع ساعه بالعربية بيننا وبينك!!...’ حركت منة كتفيها وقالت باعتراض طفولي:
- بردو، ماليش دعوه!!، قالت أمها مهادنة بينما قطب سيف بحيرة لا يعلم الى ما ترمي تلك المشاكسة الصغيرة:
- طيب انت عاوزة ايه يا حبيبتي واحنا نعمله؟، لترفع منة عينين مليئتين بالرجاء الحار هاتفة بتوسل جعل قلب أمها يهفو لصغيرتها التى كبرت ولكنها لا تزال ترفض مفارقة عائلتها الصغيرة:
- نأجل الفرح!!،... قالت الأم بتردد وهو تنظر الى سيف الذي شهق دهشة و...غضبا!، وان كان قد نجح في السيطرة على غضبه وحنقه منها:
- ايوة يا منون.. بس ما ينفعش .. بابا وسيف اتفقوا، وبعدين انت مسيرك لبيتك وجوزك ان ماكانش انهرده هيبقى بكرة!..
نظرت منة بتضرع الى والدتها وقالت بلهفة:
- نأجله شوية بس، انا لسه حاسة انى مش مستعدة للجواز، علشان خاطري يا ماما ، علشان خاطر منونتك حبيبتك!!...ارتبكت الأم من توسلات ابنتها الحارة ورفعت نظرها الى سيف الذي لمح بدء موافقة مهتزة في عيني أمها جعلت قلبه يطرق بعنف، فها هي تلك المشاغبة الممثلة القديرة تكاد تنجح في اقناع أمها بتأجيل حفل الزفاف، ولكن على جثته لو نجحت في تنفيذ ما تصبو إليه!!...
قاطع تأمله صوت الباب وهو يُفتح، ليظهر من خلفه عبدالعظيم الذي انبسطت اساريره ما أن طالعه وقال وهو يسير اتجاهه مادّا يده للترحيب به وابتسامة عريضة ترتسم على وجهه الصّبوح:
- اهلا اهلا يا سيف يا بني نوّرت، ..... صافحه سيف قائلا بابتسامة صغيرة:
- منورة بيك يا عمي، ليلتفت عبدالعظيم الى عواطف وهو يقول بمرح تعليقا على احتضانها لمنة:
- ايه يا أم أحمد اخبار الغدا؟، يا ترى يا منون ساعدتي ماما ولا زي كل مرة؟!، لتبتعد منة عن أمها وتهرع الى ابيها الذي تلقفها بين ذراعيه مقبلا جبهتها بحنان أبوي بينما قالت هي بدلال الإبنة على والدها:
- مش عيب يا أستاذ عبدالعظيم يا ناظر المدرسة؟، ربنا ما يقطع لي عادة!، زي كل مرة أومال ايه، ما انت عارفني كلمتي واحده!!.....
أطلق عبدالعظيم ضحكة عميقة ثم وجّه حديثه الى سيف قائلا وهو ينظر الى وجه إبنته المبتسم:
- انا مش عارف هتعمل معاها ايه يا سيف؟، خلِّي بالك مش هتعرف تاخد معاها لا حق ولا باطل، أديك شايف أهو!..
تحدث سيف بشرود قائلا بينما نظراته معلقة بتلك التي تتغنج على والديها تاركة إياه يتلظى بنار الحسد لعبدالعظيم، حيث كان يريد ان يكون هو من تتدلل عليه بهذا الشكل وتتمسح به كالقطة المدللة!!، قال سيف بصوت أجش:
- أنا راضي تعمل فيّا ما بدالها، ولو عليّا أنا نتجوز من بكرة، واللي عاوزاه هنفذه!!.....
نظرت اليه منة بغرور بينما علّق والدها قائلا:
- خلاص يا سيف، هانت كلها شهرين والعفريتة دي تبقى معاك، وساعتها وريني شطارتك!!،،،
قاطعته منة بتردد مفتعل:
- بابا.... انا عاوزة نأجّل الفرح شويّة!!، أبعدها والدها عن ذراعيه ونظر اليه مقطبا وهو يقول:
- نأجّل الفرح؟، ثم حانت منه نظرة تساؤل الى سيف الذي أطبق شفتيه غيظا وغضبا منها، ولكنه لم يرد التعليق على ما سمعه منها حتى يرى رأي والدها أولا، ولم ينتظر كثيرا فقد سمعه وهو يقول بحيرة:
- ليه يا منون حبيبتي؟، حصل حاجه؟،، لتبادر عواطف بالاجابة قائلة وهى تتنهد في عمق:
- أبدا... كل الحكاية ان منة مش عارفة ازاي هتقدر تسيبنا وتبعد عننا!!، صدح صوت ضحكة والدها عاليا وقال موجها حديثه الى ابنته:
- انتِ بتتكلمي بجد يا منون؟، طيب دا كلام ناس عاقلين؟، على كدا بقه كل ما يقرب معاد الفرح تقولي لأ... أجّلوه!، ونقعد نأجّل الى ما شاء الله!، .... هتف سيف بانفعال :
- يا سلام يا عمي، هو دا الكلام!!، نظرت اليه منة بامتعاض، والذي لم يلبث أن تحول الى استعطاف ورجاء وهى تنظر الى والدها قائلة بحزن:
- يعني أنا بئيت تقيلة أوي كدا عليكم يا بابا؟، انا عاوزة الفرح يتأجل شوية بس، وبعدين احنا فيه حد بيجري ورانا؟، احنا لسه صغيرين وقودامنا العمر كله، حقي يا بابا انى أعيش يومين حلوين كدا في خطوبتي، مش من الدار للنار، ولا انتو زهئتوا منِّي خلاص؟، ليسارع والدها الى احتضانها وهو يقول بعتب:
- معقول الكلام دا يا منون؟، انت يا بنتي مش عارفة غلاوتك عندنا ولا ايه؟، عموما يا ستي ماتقلقيش، انا عندي كم منة!!، نظرت منة الى سيف الواقف خلف والدها يطالعهما بذهول تام، واخرجت طرف لسانها الوردي له بإغاظة سهوا عن الباقين، بينما راقصت حاجبها الأيمن له بإغاظة، مما جعل الدم ينفر في عروقه، وقد انتفخت أوداجه غضبا وقهرا من هذه المشاغبة الصغيرة، قاطع استرساله في أفكاره الانتقامية صوت عبدالعظيم قائلا:
- ياللا نتغدى الأول وبعدين نتكلم ، قالت منة :
- معلهش يا بابا أنا سبقتكم، كنت برّه مع واحده صاحبتي واتغدينا سوا...
حرك والده رأسه يسارا ويمينا معترضا وقال بحزم:
- ماينفعش، اقعدي معانا علشان خاطر سيف على الأقل!، لتعاجلها والدتها :
- افتحي نفس جوزك يا منة، ياللا اتفضلي معايا علشان نجهز السفرة!!...
بعد الانتهاء من تناول طعام الغذاء، جاءت عواطف بصينية مصفوف فوقها أكواب الشاي وصحون بها قطع من الكعك البيتي المحلّى بالشوكولاته والذي صنعته منة في اليوم السابق، قدمت عواطف لسيف طبق الكعك قائلة:
- على فكرة، دي عمايل ايدين منة، احمد اخوها بيحب كيكة الشوكولاته بطريقة مش ممكن، وبيطلبها منها بالذات، دوقها وهي هتعجبك....، تناول سيف الصحن وقال قبل ان يهم بتناول قطعة منه:
- انا متأكد، أغمض سيف عينيه متلذذا بطعم الكعك الرائع ثم فتحهما ناظرا الى منة يداعبها بعينيه وهو يقول:
- فعلا ممتاز، تسلم ايديكي يا منة،،، بعد ان تداولوا بعض من الاحاديث الخفيفة التفت والد منة الى سيف قائلا:
- انت ابتديت تدور على قاعة للفرح يا سيف ولا لسه؟، انتهز سيف الفرصة وقال:
- أنا دوّرت ولاقيت فعلا يا عمي!، وكنت جاي انهرده اقابل منة علشان أفرّحها واخدها ونروح نشوف القاعه، لكن هي بقه فاجئتني بطلبها الغريب دا انها تأجل الفرح!!..
لم تعلم منة أتصدقه أم لا؟، هي لم تسأله عن سبب موافاتها الى المطعم الذي كانت فيه هي ونشوى، وبدلا من سؤاله تشاجرا بسبب إتيان نشوى بهذا الـ.. مدحت لتراه!، ولكنها تعلم تماما أن سيف لن يكذب في أمر كهذا، ولكن... معنى ذلك أنها قد أصابته بالإحباط نتيجة طلبها لتأجيل الزفاف وكأنها تكافئه على نجاحه في إيجاد قاعة زفاف مناسبة!!...
قال الأب موجها حديثه الى منة بحكمته المعهودة:
- منة حبيبتي، انا بقولك قودام سيف أهو، انت لو عاوزة تأجلي علشان مش متأكده من موافقتك على سيف دا شيء أو أنك عاوزة الفرح يتأجل خوف مش اكتر؟، لم تستطع منة سوى الاجابة بصدق قائلة وهى تنظر الى موضع قدمها:
- لا يا بابا، خوف مش اكتر، موافقتي على سيف مافيهاش أي تردد!!، ابتسم الاب ابتسامة عريضة وقال:
- يبقى على خيرة الله، بعد الشاي خد مراتك وحماتك وروحوا شوفوا القاعه... انا مش هقدر آجي معكم، راجع تعبان من الشغل وعاوز أريّح شويّة!!...
تهلل وجه سيف فرحا، بينما رمقته منة بحنق طفولي سافر، وانطلقت زغرودة فرح من فم أمها....
مرّت فترة الشهران سريعا، خطب أثناءها احمد ايناس، والتي وافق والديها على عقد القرآن فورا رافضين فكرة أن يكون زفافهما مع زفاف منة شقيقته، على أن يكون الزفاف في اجازتهما السنوية، أي بعد حوالي 6 أشهر..
كما خطب مدحت نشوى والتي لم تعد تتحدث مع منة كثيرا كما السابق، فقد شعرت برفض سيف لصداقتها بمنة ولم تكن تريد أن تتسبب بمشاكل بينهما، ولكنها كانت تهاتفها يوميا لتلقي اليها بما يعتمل في صدرها من ضيق سببه زواجها الذي تقرر في ظرف شهر واحد ودهشتها من موافقة أهلها على هذا الارتباط،وكأن والديها قد انتهزا فرصة تقدم خاطب لها لإزاحة عبئها عن كاهلهما!!، فقد أبلغها والدها انه قد سأل عنه فعلم أنه من أصل طيب ويعمل بشركة تجارية كبيرة لها وزنها في عالم المال والاعمال وقد عرّض عليه أن يعمل لديه نظير مبلغ ضخم من المال كمُرتب شهري فوافق مدحت بعد ممانعة بسيطة من ناحيته..
حكمت منة على سيف بألّا يراها لمدة أسبوعين قبل الزفاف كي يشتاق اليها الأمر الذي سبب له ضيقا رهيبا، خاصة وانها قد امتنعت عن الذهاب الى العمل وقد قامت بتقديم طلب اجازة لمدة شهر فوافق احمد مسرورا غيظا في سيف!!..
أتى يوم الزفاف، والذي تجلّت فيه منة بأروع حلّة للزفاف، كان الفستان قمة في الأنوثة والجمال يظهر جمالها الفاتن وقدّها الرشيق وقد بدت كالملاك فيه..وقد ارتدت سترة بيضاء قصيرة من قماش الساتان الأبيض الناعم لتغطي ذراعيها، وقامت المزينة بتصفيف شعرها وربط الوشاح الابيض الساتان بطريقة انيقة محببة، بينما قامت بتزيينها بألوان مبهجة براقة ما جعلها تشهق في المرآة ما ان انتهت المزينة من عملها غير مُصدقة لما تراه عيناها !!...

كان سيف بانتظارها في بهو الفندق المقام فيه حفل الزفاف حيث قام بحجز جناح العرائس والذي قامت المزينة والمصففة بتجهيز منة فيه.....، كانت منة تهبط على الدرج اللولبي متأبطة ذراع والدها بينما سيف يطالعها كأنها ملكة متوجة تهبط للقاء مملوكها!!...، وما إن وصلت أسفل الدرج حتى تقدم سيف متناولا يدها من أبيها مقبلا جبهتها بحب قبل أن يشبك يدها بمرفقه لتبدأ حفلة الزفاف على اغاني الزفاف الشهيرة...
لم يستطع سيف رفع عينيه عنها طوال حفل الزفاف وكان يتيحين الفرص ليقبل يدها المشبوكة بيده، والذي لم يفلتها طوال الحفل....
انتهى الحفل الذي امتد لساعات الصباح الأولى، وودّعت عواطف وعبدالعظيم صغيرتهما بعد أن قاما بتوصية سيف عليها، ان يراعيها ولا يُغضبها أبدا، وقد تعهد سيف لهما بذلك، واحتضنها شقيقها احمد الذي كادت أن تبكي بين أحضانه فربت عليها ممازحا اياها أن زينتها سوف تفسد وقد يجعل هذا سيف يعود في كلامه ويوقف اتمام الزيجة!، فضربته بخفة على يده وسط ضحكاته !، في نفس الوقت الذي بارك لهما والدا سيف وقد أوصت زينب والدته منة بولدها بالوصايا العشر،وبارك لها اخواته الأربع متمنين لهما الذرية الصالحة ، بينما شدد والده عليه ألا يصدر منه ما يغضب زوجته، وأن يراعي الله فيها، ونصح منة بأن تطيع الله في زوجها....
انصرف الجميع بعد أن ودعا العروسين اللذان استقلا المصعد المتجه الى أعلى حيث جناح العرائس ، وسط زغاريد الفرح التي صدحت تملأ المكان...، وكان من المقرر أن يبيت العروسين في الفندق ليطيرا في صباح اليوم التالي الى شرم الشيخ حيث حجز سيف في أحدى المنتجعات السياحية الشهيرة لقضاء شهر العسل......
ما إن وقف المصعد وأشار سيف لمنة بأن تتقدمه، حتى خرجت يتبعها سيف والذي فاجئها بحمله لها والسير في اتجاه جناحهما وسط اعتراضها ولكنه قال مبتسما:
- ماينفعش، لازم العريس يشيل عروسته ليلة الفرح، دا تقليد في الدنيا كلها، هييجي عندي أنا ويقف ليه؟...
صمتت منة وهي تكاد تذوب خجلا، بينما ناولها سيف البطاقة الممغنطة لتفتح الباب، وما ان دخلا حتى أغلق سيف الباب بركلة من قدمه، وسار بها حتى أنزلها في وسط الجناح، وهو يقول بابتسامة سعيدة:
- مبروك يا عروسة، اضطربت منة وابتعدت عنه قليلا ثم نقلت نظراتها في الأرجاء لتشاهد وجود ردهة واسعه حيث يقفان ثم بابين خمّنت ان احدهما يؤدي الى غرفة النوم الرئيسية بينما الآخر غرفة الجلوس، وحمام كبير وزاوية صغيرة بها طبّاخ كهربائي وبعض الأدوات اللازمة لمطبخ صغير عصري...
تحدث سيف من خلفها وهو يشير الى باب كبير قائلا:
- دي اوضة النوم، لو عاوزة تغيري، انا هاخد هدومي واطلع آخد شاور في الحمام اللي هنا...
اتجهت حيث أشار ودخلت يتبعها سيف، لتفاجأ بفراش وثير عريض مفروش بملاءة من الساتان الابيض منثور عليها ورود حمراء على هيئة قلب في منتصف الفراش، وقد اصطف على طول الممر الصغير الذي يوصل الى الفراش شموع كثيرة يصدر منها رائحة عطرية خلابة، أعملت النظر حولها، لتسقط عيناها عليه في بدلته السوداء التي أكسبته جاذبية ساحقة جعلت دقات قلبها تكاد تبلغ عنان السماء، فهي لم تنفك تنظر اليه طوال حفل الزفاف مفتونة بمنظره الرجولي الجذاب وكانت سرعان ما تشيح بنظراتها خوفا من أن يقبض عليها متلبسة بالنظر اليه بوله شديد!،.. اتجه سيف الى خزانة الثياب وفتحها متناولا منامة له وقال وهو يحاول التحدث بطبيعية:
- أنا هغير هدومي بره، خدي راحتك ولما تخلصي حصليني علشان نصلي ركعتين السنة ....
خرج سيف لتغلق منة الباب خلفه مستندة عليه، لم تفتح منة فمها بكلمة واحده منذ أن وطئت قدميها عتبة الجناح، اتجهت الى خزانة الثياب لتختار منامة لها فصُعقت بوجود فساتين للنوم لم تكن أبدا مما ابتاعته!!، هي على يقين أنها لم تنتقي مثل هذه الاشياء التي يطلق عليها خطأً لفظة ثياب!، كما أنها لم تبتاعها من الأساس، لتعلم أنها لا بد نشوى وإيناس وسحر اللاتي أخبرنها انهما قد قاما بصنع مفاجأة صغيرة لها وأنهما ولأول مرة يقتنعان بشيء تقوله نشوى!!..
أقسمت في سرها أنها لن تمرر لهن فعلتهن تلك بسهولة، ولكنها الآن في مأزق!!، فهي لا تملك سوى ما هو موجود بالفعل في خزانتها، كما أنها لن تستطيع المكوث بفستان الزفاف..، أطلقت لعنة من بين شفتيها ، ثم اتجهت محاولة انتقاء أكثر الثياب حشمة، ليقع اختيارها على ثوب للنوم باللون الابيض من الساتان الناعم، طويل حتى الكاحل ولكن بشق طولي من القدم حتى منتصف الفخذ!، وفتحت عنق عميقة على شكل مثلث، وبحمالات رفيعه للغاية لا تكاد تثبت في مكانها ،وفوقه مئزر حريري بنفس لون الثوب...وكان هذا أكثر فستان نوم حشمة!!
أنهت اغتسالها وقد أسدلت شعرها الذي وصل الى نهاية خصرها، وقامت بإزالة زينة وجهها مستعيضة عنها بكحل أسود خفيف أبرز جمال عينيها اللوزتين ومسحة من أحمر الخدود وأحمر شفاه زهري اللون، وقامت برش بضع قطرات من عطر الزهور الخاص بها، ثم ارتدت إسدال الصلاة لتلحق بسيف ليؤديا ركعتي السنة....
ما أن أبصرها سيف والذي كان جالسا يقلب في قنوات التلفاز أمامه حتى وقف مشدوها من منظرها الملائكي الفاتن، بينما تخضبت وجنتيها خجلا من منظره في منامته الكحلية اللون من القماش الناعم، وقد أبرزت بنيته القوية وعضلات صدره التي تكاد تفتك ببلوزة المنامة ....
قال بهمس:
- ياللا علشان نصلي، فأطرقت برأسها موافقة، افترشا سجادة الصلاة وأقام سيف للصلاة....، كان صوت تلاوته للقرآن شجيّا، يخضع المستمع للانصات له، ترقرق الدمع في عينيها لشدة ما أثرت بها كلمات الله والتي تلاها سيف بخشوع وحلاوة لم يسبق لها أن سمعته قبلا...
بعد أن أنهيا ركعتي الصلاة وضع سيف يده فوق جبهتها ودعا ربّه قائلا : " اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جُبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جُبلت عليه"، ثم انهى دعائه بالصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام...
ما ان أنهى سيف دعائه وتأهب للقيام من مكانه، إذ به يفاجأ بمنة وهى تقوم مسرعة لتتجه الى غرفة النوم، فناداها لاحقا بها وهو يقول:
- ايه ، مش هتاكلي؟، التفتت اليه لتفاجأ بنظرات الشوق اللاهب التي تتصاعد من فحم عينيه المشتعلتين بأتون رغبة حارقة وعشق سرمدي ، ابتعلت ريقها بصعوبة وقالت بتلعثم طفيف وهي توليه ظهرها:
- لا.... مش... مش جعانه!، أوقفها سيف ممسكا كتفها ما ان همت بالابتعاد وهو يقول:
- ومين سمعك، بيتهيالي ننام أحسن!!،،،تسمرت واقفة في مكانها بينما سيف يديرها اليه، وقد أخفضت وجهها الى أسفل، وضع طرف سبابته تحت ذقنها رافعا وجهها اليه وقال بخفوت:
- مش هتقلعي الاسدال؟!، نظرت اليه وكأنها لا تعلم بأي لغة يتحدث، فأعاد عبارته ثانية، لتحاول الابتعاد وهي تقول نافية بشدة :
- لا ... انا بردانة، لم يأبه سيف لاعتراضاتها وبدلا من ذلك حاول خلع الاسدال عنها وهو يقول بلهفة وتوق شديدين:
- بردانة ايه بس، عموما يا ستي ولا يهمك هطفي المكيف!...
لم تستطع منعه، وقام بخلعه وسط اعتراضها حتى انها كادت تبكي خجلا منه، ما ان أبعد الاسدال عنها حتى وقف مبهوتا لا يستطيع تصديق ما تراه عيناه، اقترب منها يلمس بشرة ذراعيها الذهبية بافتتان وهو يقول:
- ماشاء الله، ايه الجمال دا، الجمال دا ملكي أنا...، ابتعدت منة وهى ترفع سبابتها في وجهه وقد عادت قدميها الى الحركة بعد أن كانت مسمرة من شدة الخوف والخجل، قالت منة بتحذير وهى تعود الى الوراء بضعة خطوات:
- سيف بقولك ايه... ابعد عني دلوقتي أحسن لك، انت نفّذت اللي في دماغك واتجوزنا في المعاد اللي انت عاوزه، عاوز ايه تاني بقه؟، اقترب سيف منها غير آبه بتحذيراتها وهو ينظر الى جسمها بمنحنياته الأنثوية الفاتنة البارز من خلف هذا الرداء المسمى مجازا رداء للنوم، وقال بابتسامة ملهوفة:
- عاوز ايه؟!، عاوزك يا مُنايا...، ركضت منة من امامه وقالت وهى تهرع باتجاه غرفة النوم:
- وانا عاوزة أنام يا سيفي، أشوفك الصبح يا عريس!، لتسبقه مغلقة باب غرفة النوم خلفها مديرة المفتاح مرتين في القفل بينما يطرق هو الباب محاولا جعلها تفتح له وهو يقول بمهادنة:
- افتحي يا منون وليكي عليا أكون مؤدب خالص!، نظرت منة الى الباب المغلق بينهما وأجابت ساخرة وهي تضع يديها في منتصف خصرها:
- والله؟!، انت يا سيف تعرف يعني ايه أدب!، أنا بيتهألي ان قلة الأدب اتعلمت ازاي تبقى قليلة الأدب منك!!، لم تسمع صوتا من جهته فقطبت مقتربة من الباب ووضعت أذنها فوقه مصيخة السمع وهى تنادي بتساؤل:
- سيف!، وأيضا لم يصلها سوى الصمت، فتحدثت مخاطبة نفسها بحيرة:
- راح فين يا اخواتي الجدع دا؟، سيـ.....، لتشهق عاليا ما إن أمسكتها يد من خصرها وسمعت صوتا ضاحكا يقول بمرح:
- يا عيون سيف!، التفتت اليه تطالعه بذهول وعدم تصديق وتحدثت بإرتباك تام :
- إنت... إنت دخلت ازاي؟، اقترب منها وهو يقول بضحك:
- انت متعرفيش اني أقدر أقرا أفكارك!، ثم غمزها بخبث وهو يتابع:
- من الباب يا قطة، بس اللي بيوصل بين أودتنا و...الحمام اللي بره!، تعرفي اني مختار الجناح دا مخصوص علشان كدا!، أصلي خلاص حفظتك..، انتبهت منة لنظراته الملتهبة فخطت الى الخلف بضعة خطوات وهي تقول بتلعثم:
- إيـ..إيه؟، اهدى بالله بس،.... ناورها سيف وهو يقول :
- ونعم بالله يا ستي، بس اهدي انت الله يهديكي، وتعالي هقولك حاجه مهمة....
استطاعت منة الافلات منه وقالت وهى تركض وهو في أثرها فقفزت فوق الفراش مشيحة له بسبابتها:
- خليك عندك، يا نحلة لا تقرصيني ولا عاوزة عسل منك، مافيش أي مواضيع بيني وبينك دلوقتي خالص، واتفضل بقه من غير مطرود...،لم تكد تنهي جملتها حتى جذبها سيف من قدمها طارحا اياها فوق الفراش فصرخت عاليا باسمه ولم تكد تلتفت حتى وجدته مشرفا فوقها يطالعها بنظرات ماكرة وقد ظهرت غمازته المختبأة خلف لحيته الخفيفة وقد انسدلت خصلته الثائرة دوما فوق جبينه العريض بينما همس بصوت اجش:
- يعني هو ايه اللي انت ريحتيني فيه من اول يوم شوفتك؟، على طول بتخليني أجري وراكي، ايش معنى انهرده ... ياللا بجِملة الجري، بس عارفة...، سكت قليلا مداعبا خصلات شعرها المفترش الملاءة الحريرية حولها وقال :
- انت تستاهلي انى أجري وراكي عمري كله!، وكأن هناك شعاع انبثق من مقلتيه لتتسمّر في مكانها بينما يميل فوقها ليخطف شفتيها في قبلة رقيقة تحولت بالتدريج لأخرى متطلبة بينما يده اليسرى مدفونة بين طيات شعرها الكستنائي واليد اليمنى تحاول خلع مئزرها ليظهر أخيرا كتفيها المرمريتين، شهق سيف عاليا طلبا للهواء وقال وأحرف كلماته تنضح شوقا لاهب:
- أنا بحبك.. بحبك أووي أووي يا منة، أجابته منة والتي تشعر بحرارة عالية تغزو سائر جسدها بينما تعالت دقات قلبها فغدت كقرع الطبول وهي تهمس بصوت منخفض كهمس العصافير:
- وأنا... بحبك!، بحبك أوي يا سيف،... أطلق سيف تأوها عالٍ وقال :
- يااااه، أخيرا يا مُنايا، أخيرا قلتيها!، من هنا ورايح عاوز أسمعها منك في كل ثانية، وعهد عليا يا أغلى حاجه في عمر سيف انى ما هخلي الحزن يعرف طريقه بيننا، حبنا هيبقى أجمل قصة، ولا تقولي قيس وليلى ولا روميو وجولييت، قاطعته منة وهى تتلمس لحيته الخفيفة حتى وصلت الى خصلة شعره الشاردة على الدوام فأعادتها الى الخلف مع باقي خصلات شعره الابنوسي الجذاب كما كانت تحلم دائما منذ أن وقع بصرها عليه أول مرة، همست بحب بصوتها الجذاب:
- هتبقى قصة منة وسيف أجمل قصة #حب، مش ممكن تتكرر...
ليميل عليها سيف مُسكِتًا إيّاها بأجمل طريقة ممكنة بين العاشقيْن، ويحملها على جناح الحب الى عالم وردي حيث العشق اللانهائي ليتحدا تماما روحا و...جسدا، فتصبح روحيهما روحا واحده ولكن... في جسديْن!!........

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-