رواية أحببت كاتبا الفصل الثامن
خرابة من التراب قد أصبح فيها شكل بيتها بعد أن كان جنة تجمعها بوالديها ، لتتأمل بقايا حياتها التي قد انهدمت يوما مع هذا التراب
وتسرع بخطي سريعه كي ترحل من حارتها القديمه قبل ان تفقد صوابها الباقي وتصرخ كالمجنونه في كل من حاولها
ووقفت فجأه في أخر طريق حارتها ، وألتفت بأعين باكيه وذكريات أصبحت تدور كالرياح في عقلها ونار تحرق قلبها لتلقي بنظرة أخيره علي ماكان بيتها .. وابتسمت بحزن وهي تتذكر جملة والدها التي كان دوما يقولها عندما تصيبهم او تصيب غيرهم فاجعات الحياه : دنيا ملهاش أمان وكلنا ضيوف فيها ومسيرنا هنروحله .. ويابخت من كان ضيف خفيف عليها وسابها زي ماجيه فيها من غير ذنوب
فتتذكر صفا حنانه ، ويأخذها الحنين اليه لتقول بدعاء : ربنا يرحمك يابابا انت وماما ويجعلكم من اهل الجنه
وفتحت حقيبة يديها ونظرت لبعض الاموال التي اصبحت تحصل عليها من عملها في القصر كمرافقه وعملها في كمترجمه في شركة المتعجرف وانحنت لأحد كبار السن الذين يجلسون علي الارض بجانب حزم الجرجير ، وقالت باسمه
صفا : بكام الجرجير
فأبتسم الراجل لها بطيب خاطر ، فأخيرا نظر احد الي جرجيره وسيرزق
ليقول الرجل راضيا وهو ناظرا لجرجيره : الحزمه بجنيه يابنتي
فتبتسم صفا لطيبته قائله : طب والحزم كلها بكام
ليتأمل الرجل جرجيره .. قائلا برضي : بعشرين جنيه يابنتي
لتخرج صفا الاموال التي كانت تريد ان تتصدق بها لوالديها
حتي قالت بمزاح لطيف
صفا : طب انا هشتري الجرجير كله ، وبعدين هبيعه ليك من تاني بس بسعر أقل ..
ليتهلل اسارير الرجل الذي لا يعي معني كلامها سوا انها ستأخذ منه جرجيره وترحمه من شمس النهار ومن تطاول الناس عليه بكلام فظ
فتدفع صفا ثمنه .. ليندهش الرجل قائلا : بس انا معيش فكة ال 200 جنيه ديه يابنتي، استني اما اروح اشوف البقال اللي جنبنا وخليكي واقفه جنب جرجيرك .. وتابع حديثه ضاحكا برضي وسعاده : ما بقي بتاعك خلاص
وانصرفت صفا بعدما ابتسمت اليه علي مزحته الطيبه ، وخرجت وهي تحادث نفسه : محتاج يعطي لمحتاج
................................................................
ظلت علامات الصدمه علي وجه اكرم ..الي ان قال بعدما استوعب حديث صديقه : يعني عايز تتجوز صفا عشان تخلف منها بس .. يعني الفكره كلها انك تجيب واريث ليك
ليبدء عامر في اشعال سيجارته ، وينفث دخانها بتمهل وهو يحرك رأسه بالأيجاب
فيستشيط أكرم قائلا : عامر ، انت واعي لكلامك الجواز قبل ما يكون تفكير في اولاد .. في تفكير في مشاعرنا الاول عشان منظلمش معانا الناس .. حياة الناس مش لعبه ومتظلمش صفا زي ما ظلمت اميره
ليظفر عامر بضيق قائلا : انا فكرت وأخدت قراري خلاص ياأكرم ، وكمان قولي هظلمها ازاي انا هعيشها عيشها عمرها ماكانت تحلم بيها هخليها تشيل أسمي .. عارف يعني ايه تبقي مرات عامر السيوفي اللي مليون ست بتحلم تتجوزه
فيطيل اكرم النظر اليه حتي يقول بجمود : انت عايز تتجوز صفا ليه ياعامر وبصراحه ، سيبك من انك عايز يكون ليك واريث ، او انك فكرت زي تفكيري في اختيار الزوجه وطبعا ملقتش غير صفا
فيضحك عامر بقوه بعد ان أطفئ لهيب سيجارته ونهض من علي كرسيه وخطي بخطوات ثابته نحو شرفة مكتبه العريق ليقول باسما : للاسف مش هقدر اجاوبك دلوقتي يا أكرم عن السبب التاني
................................................................
أبتسمت ناهد بسعاده وهي تستمع الي مزاحتهم ودعاباتهم لتضحك من قلبها الذي قد كانت تظن انه قد مات من قسوة الزمن عليها
فتتحدث الخادمه صباح ذات اللسان الفكاهي قائله : والله ياناهد هانم الواحد مش مصدق ان حضرتك قاعده وسطينا في مطبغنا المتواضع وبتحتفلي كمان معانا بعيد ميلادي العشرين
لتبلع سعاد قطعة الكيك التي وقفت من حلقها اثر حديث صباح علي عمرها قائله : يامفتريه صغرتي نفسك تسع سنين مره واحده
فتضحك ناهد علي مزاحهم هذا ، وهي تعلم بأنهم لو كانوا تعرفوا علي سيدتهم منذ زمن لكانوا قد كرهوها تماما.. فمن يصدق ان ناهد المتعجرفه تجلس وسطهم الان في المطبخ وتأكل معهم وتضحك ..
لتقول صباح مداعبة لصفا ، وهي تتأمل حذائها الجديد من هدية صفا قائله : مش ناقص غير الفستان وابقي سندريلا .. وألتفت الي سعاد لتقول لها : هتجبيلي أمتا الفستان ياسعاد .. الروج والكحل اللي انتي جبتهوملي مش عجبني غيري هديتك
لتضحك سعاد علي رفيقتها المشاغبه لتقول بدعابه وهي تلتهم طبق الكعكه الممسكه به : الهديه لا ترد ، مبرووك عليكي
فتبتسم سيدتهم معهم .. لتتحدث قائله : مالك ياصفا من ساعة ماجيتي من مشوارك وانتي ساكته ، انتي مش مبسوطه اني قاعده معاكم
لتفيق صفا من شرودها وهي تتأمل أعينهم القلقه عليها .. فتبتسم اليهم بحب صادق وتمسك بأحد الاطباق الموضوعه علي الطاوله وتبدء في اطعام ناهد وهي تشاغبها : البت صباح بتعرف تعمل كيك حلو صح
فتمضغ ناهد الكعكه وهي تبتسم : فعلا ياصفا ، وبتعرف تضحكنا كمان
فتتابع صفا حديثها بمزاح وهي تنظر الي صباح بمشاغبه : وكمان صوتها حلو ..
لتبعد ناهد فمها عن الطعام لتقول بسعاده : طب خليها تغني لينا
فتقف صباح من علي مقعدها صارخه : لا لا اتكثف ياجماعه الله
فيضحكوا جميعهم علي مزاحها ..
صباح : هغني بشرط صفا ترقص ، وسعاد تطبل .. اومال هغني لفنانه العظيمه ليلي نظمي ازاي .. وتابعت بحديثها الفكاهي قائله : صاحبة الأغنية العريقه خليها مفاجأه بقي الاغنيه
وتستمر ناهد في المحايله علي صفا الي ان قالت
ناهد : متخافيش ياصفا انا مش هشوفك ما انتي عارفه ، بس عشان خاطري ارقصي وافرحي معاهم وكمان انا عايزه افرح وسطكم .. بقالي سنين مفرحتش
فوافقت صفا علي إلحاح ناهد بصعوبه .. ولكن
بدأو ثلاثهم في عرض دورهم بسعاده .. حتي ان صفا تناست احزانها قليلا بمغامرتهم البسيطه ، واخذت تتمايل وسط غناء صباح وحتي سعاد شاركتها في رقصها المفحم بالفرح والفكاهه
............................................................
دخل عامر القصر وهو يستمع الي اصوات الغناء الذي لا يدل علي سوا انه جالس بالشارع وليس قصر .. فيمتقع وجهه من الغضب
الي ان تأتي الخادمه فريده كالأفعه سريعا اليه قائله : شايف مستر عامر ، البنت اللي اسمها صفا قلبت قوانين القصر ازاي .. ديه بتاخد ناهد هانم تقعدها مع الخدامين في المطبخ ، ديه مش بتحترم قوانينك خالص مستر عامر ، سامع الغنوه البلدي ديه يا مسترعامر... ايه ادلع ياعريس وام فاروق ديه ييييه لوكل اووي
ليصرخ عامر قائلا : بس خلاص ، اسكتي شويه
وصار ناحية الصوت بغضب جامح وهبط عدت درجات لأسفل بتجاه المطبخ.. فقد كان المطبخ في الجزء السفلي من القصر
ووقف من علي بعد وهو يشاهدها تتمايل بجسدها وشعرها يتطاير من خلفها بخفه ..واعتدل عن موجة غضبه وبخطوات سريعه كان يصعد الي حجرته ليرمي بسترته علي احد الارائك الوثيره ويتسطح علي فراشه وهو يفكر في خطوته القادمه !
..............................................................
ورغم ظهور الشيب علي ملامح تلك المرأه الا ان بشاشة وجهها وطيبتها مازالت ظاهره علي ملامحها
فأمسكت بيد اخاه قائلة برجاء : ياحسن اتقي ربنا وادي اخوك ورثه ، وساعده في عمليته اخوك بيموت واحنا بأيدينا نساعده
ليرفع حسن جسده من علي الفراش والذي أصبح يلزمه دوما : صابر مالهوش ورث يامنيره انتي نسيتي ان ابوكي رفض يكتبله ورثه وحلف انه مش هيطول منه ولا حاجه
ويتذكر فجأه ابنه قائلا :هو جاسر وافق ولا لاء
فيمتقع وجه منيره من حديث اخاها لتقول بنفاد صبر : انت عارف ان جاسر ابنك بيكره سيرة اي ست ، ده حتي مرضاش يقابلها وبلغ عمه صفوت بكده .. وانت عارف صفوت ما صدق وبهدل البت وطردها
وابتسمت بحزن وهي تتذكر ملامح ابنة اخاها
منيره : البت حلوه اووي ياحسن لولا انك كنت في المستشفي كنت زمانك شوفتها ، ياحسن احنا كبرنا خلاص ياخويا والعمر مبقاش فاضل فيه كتير ليه لسا قلبكم قاسي علي اخوكم
حسن بغضب : نسيتي عمل ايه في بنت عمك ، وكنت انا الضحيه .. واتجوزتها واتخليت عن حبي الوحيد لسميره بنت خالتك عشان ارضي ابوكي وعمي .. نسيتي يامنيره
لتتذكر منيره الماضي قائله : ام جاسر بقيت في ذمه الله دلوقتي
حسن : فضلت تحبه طول حياتها يامنيره ، اخوكي كسر بقلبها وقلبي
منيره بأسف : ما انت لحد دلوقتي لسا بتحب سميره
ليضحك حسن ساخرا : حب ايه بقي خلاص .. انا خلاص بقيت بودع من الدنيا ومنكم .. ابقي خلي بالك من حنين يامنيره ديه لسا صغيره وكمان جاسر ربنا يسامحها اللي كانت السبب في عقدته
فتلمع احد الافكار في ذهن منيره حتي تقول : انا هجوز بنت صابر لجاسر
وقبل ان يعترض حسن علي تخاريف اخته. قاطعته منيره قائله : محدش هيستحمل جاسر ابنك غيرها .. انت ناسي ان جاسر كل شويه يتجوز واحده شكل ويطلع عليها عقده لحد ما تبوس ايديه عشان يطلقها ويرحمها ... ام بنت صابر اخونا من دمنا غير انهم محتاجين لفلوسك عشان العمليه وغير العلاج اللي بعد العمليه وغير الفلوس عشان يقدروا يعيشوا لانه اكيد مش هيقدر يشتغل تاني ..
ليدور الحديث في عقل حسن حتي يقول : سبيني افكر في الموضوع واقولك
.........................................................
ابتسمت صفا بسعاده وهي تتأمل وجه ذلك الرجل الذي افتقدته بكتبه ، فبعد ان اصبحت ناهد تحبها .. عادت تحب الحياه ثانية حتي انها اصبحت تشجعها بأن تحلم من جديد وتعود لعالمها القديم ... فالماضي لا يُنسي ولكن مازال يوجد حاضر ومستقبل نحيا به
فوقفت صفا خلف عم محمود قائله : وحشتني ياراجل ياطيب
لينصدم عم محمود عند سماع صوتها وتتهلهل اساريره ، وينهض من علي كرسيه المتهالك ويلتف اليها
عم محمود : صفا ! كنتي فين يابنتي ..
وتابع حديثه اليها بأسي قائلا : عارف يابنتي بكل اللي حصلك ..واحده من جاراتك اللي كانت بتيجي معاكي هنا ساعات ،سألتها عنك وقالتلي كل اللي حصل وانك روحتي تعيشي عند عمتك في الفلاحين.. ربنا يرحمهم يابنتي
وعندما وجد ان ملامح وجهها بدء يرتسم عليها الحزن ، تحدث قائلا: موحشتكيش كُتب عمك محمود القديمه ، وكُتب مراد زين
لتبتسم صفا لحديثه الطيب قائله : انت اللي وحشتني ياعم محمود .. انا جيت بس عشان اشوفك وادفعلك تمن الكتاب اللي اخدته منك اخر مره لان للاسف ضاع مني يوم الحادثه
عم محمود : طب وحبيبك مراد زين مش عايزه تشوفي اخر كتاب ليه نزل السوق .. وقرر بعدها انه يعتزل الكتابه خالص
لتتصدم صفا من الحديث قائله : ايه هيبطل يكتب تاني
وتابعت حديثها قائله : انا خلاص بقيت عايش مع الواقع ونسيت الخيال
ليمسك عم محمود الكتب ويحركه بين أيديه قائلا : ها ، مش هتاخدي الكتاب ده اسم( المواجهه) حتي
لتبتسم صفا لحركته تلك وتهز رأسها قائله : مدام اخر كتاب ليه يبقي خلاص هاخده
............................................................
لامست بأيديها وجهه الشارد وكأنه في عالم اخر، ليفزع احمد من حركتها
فتتحدث اميرة بأسف قائله : مكنش قصدي ياأحمد صدقني ، بس لقيتك سرحان فقولت احسسك بوجودي
لينتبه احمد اليها بعد شروده : اسف يا اميره معلشي سرحت شويه
اميره : احمد انا ..
ليقاطع حديثها رنين هاتفه فينظر لرقم المتصل بسعاده قائلا وهو ينهض من علي طاولتهم : عن اذنك يا اميره
فتتأمله اميره من علي بعد .. وهي متيمه بكل تفاصيله الرجوليه ، حتي تذكرت مهمتها الاساسيه ، فتنهدت بحراره ووضعت وجهها بين راحتي كفها واغمضت عيناها لتصارع افكارها
أميره : انا اتورطت في حبك يا احمد ، اعمل ايه انا دلوقتي ، مش قادره أذيك ولا ينفع ابعد عنك غير بعد ما أنفذ مهمتي
..................................................................
كان صوته الجامد خلفها ، هو من أفزعها ليسقط الكتاب الذي كان بين ايديها وألتفت اليه بخضه
صفا : افندم ياعامر بيه
ليتأملها عامر للحظات ، ويخفض برأسه أرضا كي يري ما سقط منها ويقترب منها لينحني قليلا فيلتقط احد الكتب ضاحكا
عامر : بتحبي تقري لمراد زين ، هايل
لتحرك صفا له رأسها بالايجاب .. حتي يقول عامر : صفا انتي بقيتي مصدر ازعاج في القصر ، وفريده علي فكره بتبلغني بكل حاجه ..
فيمتقع وجهه صفا من حديثه الذي سوف يتبعه فصلها من العمل ليقول وهو يشير اليها : تعالي ورايا علي المكتب .. مش هفضل واقف اكلمك علي السلم كده
وصارت خلفه لتسمع كلمة طردها الا انه نظر اليها بهدوء بعد أردفت بقدميها داخل مكتبه ، ومد بيده اليها بأحد الاوراق
عامر : مش ديه أمضتك ياصفا
لتمسك صفا بالورقه ناظره الي الامضه : اه امضتي ، هاله خلتني امضي علي اوراق كتير امبارح عشان اثبت تعيني في الشركه كموظفه .. هو في حاجه في الورق
فيبتسم عامر لنجاح خطته قائلا : طب اقري اللي جوه الورقه
لتطيل صفا النظر الي الورقه حتي شهقت باكيه ..
صفا: انا ممضتش علي ورقه زي كده .. كل الاوراق كانت خاصه بالشغل
عامر : شوفي بقي هتدفعي للشركه ال500 الف جنيه ازاي
وصمت قليلا قبل ان تصرخ هي بوجهها ليقول محظراً
عامر : بصي ياصفا هو عرض وفقتي بيه هتعيشي طول حياتك ملكه موفقتش اسف علي اللي هعمله فيكي .. ما انا عايز فلوسي اللي اعترفتي في الورقه انك اختلستيهم من شركتي
لتصرخ صفا قائله : انت اكيد اللي عملت اللعبه ديه ، طب انا عملتلك ايه ... انا عايزه امشي من هنا
عامر بجمود : امضتك علي عقد جوازنا ،هي اللي هتحميكي
واقترب منها قائلا : قدامك ربع ساعه تفكري ، عشان هنسافر البلد نكتب كتب الكتاب قدام جوز عمتك
اه وعلي فكره انا طلبتك منه وهو وافق هو وعمتك مش فاضل غير رأيك انتي
ومد بيده كي يلمس وجهها فصرخت قائله : انت حقير ياعامر ياسيوفي .. حقير، انا مش هشتغل عندك وألتفت كي ترحل من هذا المكان بأجمعه
فمسك مرفق ايديها بقوه لتصطدم به وكاد ان يصفعها علي وجهها لأهانته له ...ولكن
عامر : هعرف اربيكي كويس بعد اما اتجوزك ياصفا
صفا : انت شيطان .. انا كنت فكراك طيب .. طلعت شيطان ، صحيح اللي يكون قلبه جافي لدرجادي علي امه اكيد مش انسان ، مش هتجوزك
لتزداد سخرية عامر قائلا : برضوه حسابنا لما تبقي مراتي ، وكلها ساعات وانا هعرفك مين عامر السيوفي
ونظر الي ساعته ليقول بجمود : اه احب اقولك جوز عمتك كلها كام ساعه وهيدخل حجرة العمليات بفلوسي ، عايزه تضيعي مستقبلك في السجن ماشي ، طب وعمتك وبنتها ذنبهم ايه
لتنصدم صفا مما سمعت .. فيرفع هاتفه علي أذنيه بعدما بدء بالرنين
وأقترب منها ليضعه علي اذنيها، لتسمع صوت عمتها الباكي صافيه: ياحببتي ياصفا انا مش عارفه اقولك ايه يابنتي ، لولا عامر بيه ربنا يكرمه كان عمك صابر ضاع مننا .. مبرووك يابنتي متعرفيش انا وعمك فرحانين ازاي ان ربنا عوضك براجل زي عامر بيه
ليغلق عامر الهاتف .. وتبتسم هي بتهكم : راجل
فيمتقع وجهه عامر بقوه ويضغط علي كفيه بغضب حتي ظهرت عروقه ليقول : لسانك طول بزياده
لتغمض هي عيناها بألم وتحتضن ذلك الكتاب ، وتتذكر أحلامها الورديه مع عالم الخيال بالحب والزواج ليكون هذا مصيرها
صفا : انا موافقه اتجوزك ياعامر بيه !
وكانت هذه هي الصفعه الاخري للحياه لها ....
وتسرع بخطي سريعه كي ترحل من حارتها القديمه قبل ان تفقد صوابها الباقي وتصرخ كالمجنونه في كل من حاولها
ووقفت فجأه في أخر طريق حارتها ، وألتفت بأعين باكيه وذكريات أصبحت تدور كالرياح في عقلها ونار تحرق قلبها لتلقي بنظرة أخيره علي ماكان بيتها .. وابتسمت بحزن وهي تتذكر جملة والدها التي كان دوما يقولها عندما تصيبهم او تصيب غيرهم فاجعات الحياه : دنيا ملهاش أمان وكلنا ضيوف فيها ومسيرنا هنروحله .. ويابخت من كان ضيف خفيف عليها وسابها زي ماجيه فيها من غير ذنوب
فتتذكر صفا حنانه ، ويأخذها الحنين اليه لتقول بدعاء : ربنا يرحمك يابابا انت وماما ويجعلكم من اهل الجنه
وفتحت حقيبة يديها ونظرت لبعض الاموال التي اصبحت تحصل عليها من عملها في القصر كمرافقه وعملها في كمترجمه في شركة المتعجرف وانحنت لأحد كبار السن الذين يجلسون علي الارض بجانب حزم الجرجير ، وقالت باسمه
صفا : بكام الجرجير
فأبتسم الراجل لها بطيب خاطر ، فأخيرا نظر احد الي جرجيره وسيرزق
ليقول الرجل راضيا وهو ناظرا لجرجيره : الحزمه بجنيه يابنتي
فتبتسم صفا لطيبته قائله : طب والحزم كلها بكام
ليتأمل الرجل جرجيره .. قائلا برضي : بعشرين جنيه يابنتي
لتخرج صفا الاموال التي كانت تريد ان تتصدق بها لوالديها
حتي قالت بمزاح لطيف
صفا : طب انا هشتري الجرجير كله ، وبعدين هبيعه ليك من تاني بس بسعر أقل ..
ليتهلل اسارير الرجل الذي لا يعي معني كلامها سوا انها ستأخذ منه جرجيره وترحمه من شمس النهار ومن تطاول الناس عليه بكلام فظ
فتدفع صفا ثمنه .. ليندهش الرجل قائلا : بس انا معيش فكة ال 200 جنيه ديه يابنتي، استني اما اروح اشوف البقال اللي جنبنا وخليكي واقفه جنب جرجيرك .. وتابع حديثه ضاحكا برضي وسعاده : ما بقي بتاعك خلاص
وانصرفت صفا بعدما ابتسمت اليه علي مزحته الطيبه ، وخرجت وهي تحادث نفسه : محتاج يعطي لمحتاج
................................................................
ظلت علامات الصدمه علي وجه اكرم ..الي ان قال بعدما استوعب حديث صديقه : يعني عايز تتجوز صفا عشان تخلف منها بس .. يعني الفكره كلها انك تجيب واريث ليك
ليبدء عامر في اشعال سيجارته ، وينفث دخانها بتمهل وهو يحرك رأسه بالأيجاب
فيستشيط أكرم قائلا : عامر ، انت واعي لكلامك الجواز قبل ما يكون تفكير في اولاد .. في تفكير في مشاعرنا الاول عشان منظلمش معانا الناس .. حياة الناس مش لعبه ومتظلمش صفا زي ما ظلمت اميره
ليظفر عامر بضيق قائلا : انا فكرت وأخدت قراري خلاص ياأكرم ، وكمان قولي هظلمها ازاي انا هعيشها عيشها عمرها ماكانت تحلم بيها هخليها تشيل أسمي .. عارف يعني ايه تبقي مرات عامر السيوفي اللي مليون ست بتحلم تتجوزه
فيطيل اكرم النظر اليه حتي يقول بجمود : انت عايز تتجوز صفا ليه ياعامر وبصراحه ، سيبك من انك عايز يكون ليك واريث ، او انك فكرت زي تفكيري في اختيار الزوجه وطبعا ملقتش غير صفا
فيضحك عامر بقوه بعد ان أطفئ لهيب سيجارته ونهض من علي كرسيه وخطي بخطوات ثابته نحو شرفة مكتبه العريق ليقول باسما : للاسف مش هقدر اجاوبك دلوقتي يا أكرم عن السبب التاني
................................................................
أبتسمت ناهد بسعاده وهي تستمع الي مزاحتهم ودعاباتهم لتضحك من قلبها الذي قد كانت تظن انه قد مات من قسوة الزمن عليها
فتتحدث الخادمه صباح ذات اللسان الفكاهي قائله : والله ياناهد هانم الواحد مش مصدق ان حضرتك قاعده وسطينا في مطبغنا المتواضع وبتحتفلي كمان معانا بعيد ميلادي العشرين
لتبلع سعاد قطعة الكيك التي وقفت من حلقها اثر حديث صباح علي عمرها قائله : يامفتريه صغرتي نفسك تسع سنين مره واحده
فتضحك ناهد علي مزاحهم هذا ، وهي تعلم بأنهم لو كانوا تعرفوا علي سيدتهم منذ زمن لكانوا قد كرهوها تماما.. فمن يصدق ان ناهد المتعجرفه تجلس وسطهم الان في المطبخ وتأكل معهم وتضحك ..
لتقول صباح مداعبة لصفا ، وهي تتأمل حذائها الجديد من هدية صفا قائله : مش ناقص غير الفستان وابقي سندريلا .. وألتفت الي سعاد لتقول لها : هتجبيلي أمتا الفستان ياسعاد .. الروج والكحل اللي انتي جبتهوملي مش عجبني غيري هديتك
لتضحك سعاد علي رفيقتها المشاغبه لتقول بدعابه وهي تلتهم طبق الكعكه الممسكه به : الهديه لا ترد ، مبرووك عليكي
فتبتسم سيدتهم معهم .. لتتحدث قائله : مالك ياصفا من ساعة ماجيتي من مشوارك وانتي ساكته ، انتي مش مبسوطه اني قاعده معاكم
لتفيق صفا من شرودها وهي تتأمل أعينهم القلقه عليها .. فتبتسم اليهم بحب صادق وتمسك بأحد الاطباق الموضوعه علي الطاوله وتبدء في اطعام ناهد وهي تشاغبها : البت صباح بتعرف تعمل كيك حلو صح
فتمضغ ناهد الكعكه وهي تبتسم : فعلا ياصفا ، وبتعرف تضحكنا كمان
فتتابع صفا حديثها بمزاح وهي تنظر الي صباح بمشاغبه : وكمان صوتها حلو ..
لتبعد ناهد فمها عن الطعام لتقول بسعاده : طب خليها تغني لينا
فتقف صباح من علي مقعدها صارخه : لا لا اتكثف ياجماعه الله
فيضحكوا جميعهم علي مزاحها ..
صباح : هغني بشرط صفا ترقص ، وسعاد تطبل .. اومال هغني لفنانه العظيمه ليلي نظمي ازاي .. وتابعت بحديثها الفكاهي قائله : صاحبة الأغنية العريقه خليها مفاجأه بقي الاغنيه
وتستمر ناهد في المحايله علي صفا الي ان قالت
ناهد : متخافيش ياصفا انا مش هشوفك ما انتي عارفه ، بس عشان خاطري ارقصي وافرحي معاهم وكمان انا عايزه افرح وسطكم .. بقالي سنين مفرحتش
فوافقت صفا علي إلحاح ناهد بصعوبه .. ولكن
بدأو ثلاثهم في عرض دورهم بسعاده .. حتي ان صفا تناست احزانها قليلا بمغامرتهم البسيطه ، واخذت تتمايل وسط غناء صباح وحتي سعاد شاركتها في رقصها المفحم بالفرح والفكاهه
............................................................
دخل عامر القصر وهو يستمع الي اصوات الغناء الذي لا يدل علي سوا انه جالس بالشارع وليس قصر .. فيمتقع وجهه من الغضب
الي ان تأتي الخادمه فريده كالأفعه سريعا اليه قائله : شايف مستر عامر ، البنت اللي اسمها صفا قلبت قوانين القصر ازاي .. ديه بتاخد ناهد هانم تقعدها مع الخدامين في المطبخ ، ديه مش بتحترم قوانينك خالص مستر عامر ، سامع الغنوه البلدي ديه يا مسترعامر... ايه ادلع ياعريس وام فاروق ديه ييييه لوكل اووي
ليصرخ عامر قائلا : بس خلاص ، اسكتي شويه
وصار ناحية الصوت بغضب جامح وهبط عدت درجات لأسفل بتجاه المطبخ.. فقد كان المطبخ في الجزء السفلي من القصر
ووقف من علي بعد وهو يشاهدها تتمايل بجسدها وشعرها يتطاير من خلفها بخفه ..واعتدل عن موجة غضبه وبخطوات سريعه كان يصعد الي حجرته ليرمي بسترته علي احد الارائك الوثيره ويتسطح علي فراشه وهو يفكر في خطوته القادمه !
..............................................................
ورغم ظهور الشيب علي ملامح تلك المرأه الا ان بشاشة وجهها وطيبتها مازالت ظاهره علي ملامحها
فأمسكت بيد اخاه قائلة برجاء : ياحسن اتقي ربنا وادي اخوك ورثه ، وساعده في عمليته اخوك بيموت واحنا بأيدينا نساعده
ليرفع حسن جسده من علي الفراش والذي أصبح يلزمه دوما : صابر مالهوش ورث يامنيره انتي نسيتي ان ابوكي رفض يكتبله ورثه وحلف انه مش هيطول منه ولا حاجه
ويتذكر فجأه ابنه قائلا :هو جاسر وافق ولا لاء
فيمتقع وجه منيره من حديث اخاها لتقول بنفاد صبر : انت عارف ان جاسر ابنك بيكره سيرة اي ست ، ده حتي مرضاش يقابلها وبلغ عمه صفوت بكده .. وانت عارف صفوت ما صدق وبهدل البت وطردها
وابتسمت بحزن وهي تتذكر ملامح ابنة اخاها
منيره : البت حلوه اووي ياحسن لولا انك كنت في المستشفي كنت زمانك شوفتها ، ياحسن احنا كبرنا خلاص ياخويا والعمر مبقاش فاضل فيه كتير ليه لسا قلبكم قاسي علي اخوكم
حسن بغضب : نسيتي عمل ايه في بنت عمك ، وكنت انا الضحيه .. واتجوزتها واتخليت عن حبي الوحيد لسميره بنت خالتك عشان ارضي ابوكي وعمي .. نسيتي يامنيره
لتتذكر منيره الماضي قائله : ام جاسر بقيت في ذمه الله دلوقتي
حسن : فضلت تحبه طول حياتها يامنيره ، اخوكي كسر بقلبها وقلبي
منيره بأسف : ما انت لحد دلوقتي لسا بتحب سميره
ليضحك حسن ساخرا : حب ايه بقي خلاص .. انا خلاص بقيت بودع من الدنيا ومنكم .. ابقي خلي بالك من حنين يامنيره ديه لسا صغيره وكمان جاسر ربنا يسامحها اللي كانت السبب في عقدته
فتلمع احد الافكار في ذهن منيره حتي تقول : انا هجوز بنت صابر لجاسر
وقبل ان يعترض حسن علي تخاريف اخته. قاطعته منيره قائله : محدش هيستحمل جاسر ابنك غيرها .. انت ناسي ان جاسر كل شويه يتجوز واحده شكل ويطلع عليها عقده لحد ما تبوس ايديه عشان يطلقها ويرحمها ... ام بنت صابر اخونا من دمنا غير انهم محتاجين لفلوسك عشان العمليه وغير العلاج اللي بعد العمليه وغير الفلوس عشان يقدروا يعيشوا لانه اكيد مش هيقدر يشتغل تاني ..
ليدور الحديث في عقل حسن حتي يقول : سبيني افكر في الموضوع واقولك
.........................................................
ابتسمت صفا بسعاده وهي تتأمل وجه ذلك الرجل الذي افتقدته بكتبه ، فبعد ان اصبحت ناهد تحبها .. عادت تحب الحياه ثانية حتي انها اصبحت تشجعها بأن تحلم من جديد وتعود لعالمها القديم ... فالماضي لا يُنسي ولكن مازال يوجد حاضر ومستقبل نحيا به
فوقفت صفا خلف عم محمود قائله : وحشتني ياراجل ياطيب
لينصدم عم محمود عند سماع صوتها وتتهلهل اساريره ، وينهض من علي كرسيه المتهالك ويلتف اليها
عم محمود : صفا ! كنتي فين يابنتي ..
وتابع حديثه اليها بأسي قائلا : عارف يابنتي بكل اللي حصلك ..واحده من جاراتك اللي كانت بتيجي معاكي هنا ساعات ،سألتها عنك وقالتلي كل اللي حصل وانك روحتي تعيشي عند عمتك في الفلاحين.. ربنا يرحمهم يابنتي
وعندما وجد ان ملامح وجهها بدء يرتسم عليها الحزن ، تحدث قائلا: موحشتكيش كُتب عمك محمود القديمه ، وكُتب مراد زين
لتبتسم صفا لحديثه الطيب قائله : انت اللي وحشتني ياعم محمود .. انا جيت بس عشان اشوفك وادفعلك تمن الكتاب اللي اخدته منك اخر مره لان للاسف ضاع مني يوم الحادثه
عم محمود : طب وحبيبك مراد زين مش عايزه تشوفي اخر كتاب ليه نزل السوق .. وقرر بعدها انه يعتزل الكتابه خالص
لتتصدم صفا من الحديث قائله : ايه هيبطل يكتب تاني
وتابعت حديثها قائله : انا خلاص بقيت عايش مع الواقع ونسيت الخيال
ليمسك عم محمود الكتب ويحركه بين أيديه قائلا : ها ، مش هتاخدي الكتاب ده اسم( المواجهه) حتي
لتبتسم صفا لحركته تلك وتهز رأسها قائله : مدام اخر كتاب ليه يبقي خلاص هاخده
............................................................
لامست بأيديها وجهه الشارد وكأنه في عالم اخر، ليفزع احمد من حركتها
فتتحدث اميرة بأسف قائله : مكنش قصدي ياأحمد صدقني ، بس لقيتك سرحان فقولت احسسك بوجودي
لينتبه احمد اليها بعد شروده : اسف يا اميره معلشي سرحت شويه
اميره : احمد انا ..
ليقاطع حديثها رنين هاتفه فينظر لرقم المتصل بسعاده قائلا وهو ينهض من علي طاولتهم : عن اذنك يا اميره
فتتأمله اميره من علي بعد .. وهي متيمه بكل تفاصيله الرجوليه ، حتي تذكرت مهمتها الاساسيه ، فتنهدت بحراره ووضعت وجهها بين راحتي كفها واغمضت عيناها لتصارع افكارها
أميره : انا اتورطت في حبك يا احمد ، اعمل ايه انا دلوقتي ، مش قادره أذيك ولا ينفع ابعد عنك غير بعد ما أنفذ مهمتي
..................................................................
كان صوته الجامد خلفها ، هو من أفزعها ليسقط الكتاب الذي كان بين ايديها وألتفت اليه بخضه
صفا : افندم ياعامر بيه
ليتأملها عامر للحظات ، ويخفض برأسه أرضا كي يري ما سقط منها ويقترب منها لينحني قليلا فيلتقط احد الكتب ضاحكا
عامر : بتحبي تقري لمراد زين ، هايل
لتحرك صفا له رأسها بالايجاب .. حتي يقول عامر : صفا انتي بقيتي مصدر ازعاج في القصر ، وفريده علي فكره بتبلغني بكل حاجه ..
فيمتقع وجهه صفا من حديثه الذي سوف يتبعه فصلها من العمل ليقول وهو يشير اليها : تعالي ورايا علي المكتب .. مش هفضل واقف اكلمك علي السلم كده
وصارت خلفه لتسمع كلمة طردها الا انه نظر اليها بهدوء بعد أردفت بقدميها داخل مكتبه ، ومد بيده اليها بأحد الاوراق
عامر : مش ديه أمضتك ياصفا
لتمسك صفا بالورقه ناظره الي الامضه : اه امضتي ، هاله خلتني امضي علي اوراق كتير امبارح عشان اثبت تعيني في الشركه كموظفه .. هو في حاجه في الورق
فيبتسم عامر لنجاح خطته قائلا : طب اقري اللي جوه الورقه
لتطيل صفا النظر الي الورقه حتي شهقت باكيه ..
صفا: انا ممضتش علي ورقه زي كده .. كل الاوراق كانت خاصه بالشغل
عامر : شوفي بقي هتدفعي للشركه ال500 الف جنيه ازاي
وصمت قليلا قبل ان تصرخ هي بوجهها ليقول محظراً
عامر : بصي ياصفا هو عرض وفقتي بيه هتعيشي طول حياتك ملكه موفقتش اسف علي اللي هعمله فيكي .. ما انا عايز فلوسي اللي اعترفتي في الورقه انك اختلستيهم من شركتي
لتصرخ صفا قائله : انت اكيد اللي عملت اللعبه ديه ، طب انا عملتلك ايه ... انا عايزه امشي من هنا
عامر بجمود : امضتك علي عقد جوازنا ،هي اللي هتحميكي
واقترب منها قائلا : قدامك ربع ساعه تفكري ، عشان هنسافر البلد نكتب كتب الكتاب قدام جوز عمتك
اه وعلي فكره انا طلبتك منه وهو وافق هو وعمتك مش فاضل غير رأيك انتي
ومد بيده كي يلمس وجهها فصرخت قائله : انت حقير ياعامر ياسيوفي .. حقير، انا مش هشتغل عندك وألتفت كي ترحل من هذا المكان بأجمعه
فمسك مرفق ايديها بقوه لتصطدم به وكاد ان يصفعها علي وجهها لأهانته له ...ولكن
عامر : هعرف اربيكي كويس بعد اما اتجوزك ياصفا
صفا : انت شيطان .. انا كنت فكراك طيب .. طلعت شيطان ، صحيح اللي يكون قلبه جافي لدرجادي علي امه اكيد مش انسان ، مش هتجوزك
لتزداد سخرية عامر قائلا : برضوه حسابنا لما تبقي مراتي ، وكلها ساعات وانا هعرفك مين عامر السيوفي
ونظر الي ساعته ليقول بجمود : اه احب اقولك جوز عمتك كلها كام ساعه وهيدخل حجرة العمليات بفلوسي ، عايزه تضيعي مستقبلك في السجن ماشي ، طب وعمتك وبنتها ذنبهم ايه
لتنصدم صفا مما سمعت .. فيرفع هاتفه علي أذنيه بعدما بدء بالرنين
وأقترب منها ليضعه علي اذنيها، لتسمع صوت عمتها الباكي صافيه: ياحببتي ياصفا انا مش عارفه اقولك ايه يابنتي ، لولا عامر بيه ربنا يكرمه كان عمك صابر ضاع مننا .. مبرووك يابنتي متعرفيش انا وعمك فرحانين ازاي ان ربنا عوضك براجل زي عامر بيه
ليغلق عامر الهاتف .. وتبتسم هي بتهكم : راجل
فيمتقع وجهه عامر بقوه ويضغط علي كفيه بغضب حتي ظهرت عروقه ليقول : لسانك طول بزياده
لتغمض هي عيناها بألم وتحتضن ذلك الكتاب ، وتتذكر أحلامها الورديه مع عالم الخيال بالحب والزواج ليكون هذا مصيرها
صفا : انا موافقه اتجوزك ياعامر بيه !
وكانت هذه هي الصفعه الاخري للحياه لها ....