رواية فراشة في جزيرة الذهب
الفصل الثامن
سوما العربي
تاهت في وقفتها، تشعر بالضياع خصوصاً وهي تلمح تلك البسمة الملتوية بخبث بيّن على جانب ثغره وقتامة عينه المرتكزة عليها تخبرها أنه يكشف كل نواياها والأحسن لها أن تعدل عن تلك الفكرة.
غاب صوتها ولم يسعفها الرد حتى بعدما فتحت فمها عدت مرات تحاول التحدث...والمحصلة صفر.
فتحدث هو بكياسة:
-من تظنين نفسك يا صغيرة؟ هااا؟ ومن تظنيني؟ أنظري لي.... أنا راموس...ملك جزر الذهب وما حولها.
رفع رأسه وأكمل بغضب:
-أتعلمين.... أنا غاضب وبشدة.
إستدار عنها يوليها ظهره وهي مازلت تحبس أنفاسها لا تستطيع أخذها براحه وهو يكمل بضيق واضح:
-ليس لأنك تحاولين خداعي...لا .. الأمر أكبر من هذا.
واجهها وأقترب منها يشير عليها بحدة قائلاً:
-بل لأنك لم تبذلي جهداً كبيراً في خداعي..هل هذه هي حدود ذكائك أم إنك تعتقدين أنني ربما ساذج ولا يستحق عقلي عناء التفكير والتدبير؟
حاولت رنا أن تجلي صوتها وتتحدث حتى نجحت اخيراً فقالت:
-أنا... أنا..
قاطعها يردد:
-أنتي ماذا؟
أقترب منها أكثر يخبرها:
-ألم تأتي لي طائعه تطلبين الوصل والبدء بصفحة جديدة؟ إذا فليكن... إنتي جاريتي الآن وأنا اريدك ما المانع؟
على الفور أمتقع لون وجهها وعلت وتيرة أنفاسها، الرفض الشديد للفكرة من الأصل واضح على كل جسدها فأكمل:
- أنا أفهم جيداً المانع.
ضحك ضحكة مدوية و تبختر حتى وصل لأحد الطاولات والتقط كأسه من عليها ثم تجرعه كاملاً وعاد ينظر لها من جديد ثم صرح:
-ما رأيك بأن نكشف أوراق اللعبة؟
-أأأي..أي لعبة؟
-لعبيتنا ...يا إللهي إنها مسلية كثيراً..أتعلمين منذ زمن لم اشعر بتلك السلوى..ربما قد دخلتي مملكتي في الوقت المناسب...بالفعل أنا كنت بحاجة إلى لعبه مثلك.
أتسعت عيناها بمقت تردد:
-أنا لعبه؟!
تغاضى عن مقتها أو رفضها أو حتى غضبها وأكمل مراده:
-سأخبرك أي لعبة.
تقدم بعض خطوات بينما يتحدث:
-بما إنك جارية في بلاطي وملك يميني وأنا أريدك فلا مانع في ذلك، والكثيراات من الجواري يعرفن ذلك، لكنك تخشين أن يحدث أتعلمين لماذا يا صغيرتي؟
لم تجيب عليه لكنه لم يبالي وتقدم حتى باتا وجها لوجه معاً فقال بوضوح:
-تحسباً لعودتك لديارك.. أو بالأحرى هربك.. لأنك لم ولن تتخلي عن فكرة الهرب وستعيدي المحاولة ألف مرة حتى لو فشلتي في كل مره إلى أن تجي ذات مره، أنتي تعيشين على هذا الحلم وتلك اللحظة وذلك هو سبب وقوفك على قدميك حتى الآن.
كان يتحدث بثبات وهي كذلك أمامه ثابته رغم كلامه الصحيح مئة بالمئة فردت بصوت وضح فيه الإباء وعزت النفس:
- وهل تكره أن ترى إنسانه تحيا على أمل الحرية والكرامة؟
لمعت عيناه لثواني لكنه وئد تلك اللمعه في مهدها و قال:
-إظن ظني صحيح.
-صحيح.
نظر لها بغضب من ثباتها إمامه فهددها:
-سأضعك بالسجن.
-ضعني.
-ستموتين هناك حتى تتعفن جثتك.
-ربما ذلك أفضل لي
أهتزت شفتيه من شدة الغيظ وصرخ:
-يا حراااس.
فتح أحد الحراس الباب يحني رأسه تحيه للملك الذي قال:
-خذها من هنا...هيااا.
لكنها تحركت على الفور قبلما يتقدم الحارث أو يسحبها وخرجت وحدها بأتجاه العوده للحرملك تاركه الملك ورائها ينظر على تصرفها الأبي بحقد ولم يجد له متنفس سوى ضرب المنضدة المجاورة له فسكتت من عليها الكؤس والمزهرية و الورود.
في الحرملك
تقدمت رنا للداخل وكان الصبح قد تنفس لكن معظم الفتيات نيام.
لكن سوتي تقلبت على فراشها لتبصر رنا وقد عادت نظرت حولها لتفطن الساعه ثم قالت:
-لم تتأخر عنده...هل تردها كحال كل الفتيات؟!
ظلت تكفر بتمعن تربط الخيوط ببعض ملاحظة بدقه لتعابير الغضب و السخط المرتسمه على ملامح رنا لتوقن بإجابة واحدة..
_________________________________
تقدم ناحية المطبخ بوجه محتقن وبصوت عاصف نادى:
-حورية.
إلتفت له مجفلة، فسأل بحدة:
-محمود كلمك؟
استغربت سؤاله وردت:
-لأ.. ايه اللي فكرك بيه؟
-أخويا ...مش هينفع أنساه..بس هل أنتي نسيتيه؟
نظرت له بتمعن لثواني ثم قالت:
-لأ
-نعم؟!
تركت حورية كيس الذرة من يدها والقت المعلقة بغضب ثم ردت بشئ من الحدة:
- هو إيه إلي نعم؟ زي ما تكون مستغرب مثلاً؟
-أنتي كمان بتعلي صوتك؟
-مانت بتعلي صوتك عليا.
-أنا جوزك.
أُغلق فمها وفمه كذلك...أنخرسا...فقط أتسعت عينا كل منهما ... كانت لحظة مضيئة، توقف كلاهما عندها ..
وما كان منه إلا أن أنسحب من المطبخ وتركها تقف متسعة العين انفاسها مسلوبة تفكر فيما قيل منذ ثواني لتجفل مجدداً على صوت إغلاق باب الشقه لتفطن أنه قد ترك الشقه وبهذا الوقت المتأخر .
نزل زيدان درجات السلم بهدوء وتروي يتمنى ألا يراه أي من والديه أو أبناء عمه وعلى ما يبدو أنه قد نجح وخرج من المنزل دون أن يشعر به أحد.
تمشى في الشارع قليلاً منذ يوم الزفاف الذي كان مقرر أنه زفاف شقيقه ليتحول بقدرة قادر إلى زفافه هو لم يخرج.
ظل يسير دون هدف يفكر فيما حدث وما صار وما أراده ولما تشاجر معها من الأساس وإلى أين أنتهى الأمر...لقد أخبرها إنه زوجها حينما أحتجت على رفعه لصوته عليها.
قالها وكأنه يبرر كل تصرفاته بها (أنا جوزك) وكأنه هكذا أمتلك الحق لأن يفعل بها أي شيء، إن يرفع هو صوته وهي لا تفعل لأنه زوجها .
فكرة أنه يعتبر نفسه زوجها وهي زوجته من الأساس توقفا عندها
ظل على مشيه يهيم في الشوارع حتى وصل للقهوة التي أعتاد أن يجلس عليها مع أصدقائه، كان سيمر متجاوزاً إياها ، يتمنى ألا يكن عليها أي من أصدقائه فلا ينقصه أسئلة و إستفسارات سخيفه الآن بالتحديد.
فمر سريعاً بخفه كي يجتازها لكن اوقفه صوت صديقه العالي يردد بتفاجئ:
-زيدان؟ أيوه ده زيدان... والنبي هوو...واد يا زيدان.... أنت ياولاااا.
تمتم زيدان بسره:
-صالح ... الله يخربيتك.. هو أنا وقعت في ايدك أنت...مش هسلم منك أنا عارف.
حاول التظاهر بعدم الأنتباه له واستكمال سيره بسرعه لكن صالح رفع صوته اكثر وأكثر حتى انتبه بقية الشباب الجالسين يتسامرون على القهوة في هذا الوقت المتأخر من الليل.
وصدح صوت صالح:
-واد يا زيدان...خد يا ولا... خد تعالى.
فلم يجد زيدان بد من أن يلتف له ويذهب إليه.
تقدم منه يحيي الشباب ثم جلس أمام صالح الذي قال:
-تعالى يا عريس..مالك كده واخد في وشك وطالع... ايه...عامل مش سامعني؟ بس على مين كنت هجيبك هجيبك
-صالح بقولك إيه... وحياة أبوك مش طالبة، أطلب لي واحد عناب وحجر قص ألا أنا دماغي مش فايقه.
ضحك صالح وقال:
-وايه إلي شاغل دماغك بس يا معلم زيدان.. ده أنت حتى عريس جديد.
صفق صالح بكفيه ينادي صبي القهوة الذي حضر يردد:
-عنيا يا معلم صالح
-واحد عناب وشيشة للمعلم .
صمت قليلا ثم قال:
-بس خليها تفاح....ثم ضحك
زجره زيدان يقول:
-قص قولتلك.
أسبل صالح عيناه يردد بهيام:
-القص حامي على صدرك يا سيد المعلمين..التفاح خفيف ولا نخليها نعناع.. أهو حتى ريحتها حلوة..القص شديد...ههههعععهععع.
وقف زيدان محتج:
-ده أنت بارد يالا.
-طب أقعد بس.. أنت من أمتى بقيت قماص كده..أقعد.
ثم نظر للعامل وقال:
-واحد عناب وشيشة المعلم يا دقدق.
-عنيا حاضر.
غادر دقدق وبقى صالح ينظر على صديقه بتدقيق ثم قال ببعض الجدية:
-مالك بقا...مغمقها ليه؟ ده انا قولت النحس اتفك وبقيت عريس جديد وهتزهزه وتحلو معاك ..في إيه؟
رفع زيدان عيناه لصديقه يطالعه بإستغراب فسأل صالح متفهماً:
-مالك بتبصلي كده؟
-أصلك بتتكلم زي ما تكون مش فاهم وراسي على كل حاجه.
-كل حاجه زي إيه يعني؟
نفذ صبر زيدان وردد:
-صااالح.
-بقولك إيه يا زيدان....ربنا إلي فوق سبع سماوات ده مش بعمل أي حاجة كده والسلام... أنا وأنت متربيين في السوق والشارع هو إلي علمنا ...ربك له حكمة في كل نفس بنتنفسه مافيش حاجه إسمها صدفه.
تحير زيدان أكثر..لا يريد كلام عام.. يعرفه عن ظهر قلب..يرغب في الإستماع إلى حديث موزون بصلب الموضوع فسأل:
-من غير فذلكة وحياة أهلك.
-من غير فذلكة يا عم... دلوقتي إنت مش ملاحظ إن في حاجات كتير حصلت ربك إلي مدبرها بس أنت في لسه غشاوة على عينك مش شايف.
-حاجات زي إيه؟
-زي الشقه إلي اتجوزتوا فيها.
أنتبه زيدان لما قيل وبدأ عقله يتفتح وتتضح معه الرؤية مع كلام صالح يتذكر:
-الشقه دي بتاعتك ... أنا أكتر واحد عارف أنت بتحبها أد إيه واختارت كل حاجه فيها على مزاجك وعملتها بدراعك وتعبك..اتنازلت في الأول عنها لاخوك بس لفت ورجعت لك..وفاكر بردو ايام تجهيز الشقه.. حتى بعد ما طمع فيها محمود وخدها أنت إلي كنت مختار النجف والأنتريه والكنب ولون الحيطان ... فاكر لما جيت لك الشقه ولاقيتك واقف مع العمال...قولت لي إنك أختارت اللون ده مع حورية بعد ما أقنعتها بيه وأقتنعت ..ده حتى الستاير أنت إلي مختارها ومعلقها بأيدك ... تفتكر بقا كل ده صدفه.
وأثناء حديث صالح تكونت على فم زيدان إبتسامة جميلة يتذكر كل ما حدث وصار...صالح معه حق.
رفع عيناه لصالح ثم قال:
-أنت تقصد إيه... عايز توصل لأيه يا صالح؟
-أنت إلي عايز توصل لأيه.
سحب صالح نفس من أرجيلته وأكمل:
-أنا صاحبك وفاهمك ... إنت جاي عايز تسمع كلام معين بس وماله ..اسمعهولك.. عارف ليه؟ عشان أنا كمان عايز كده.. وبصراحه بقا أنا شايف إن إلي أنت فيه ده فرصة كبيرة مش هتتعود وإلا هتعنس وتقعد في ارابيزي.
-أعنس...ماتنقي ملافظك يا قفل إنت هو ايه اللي هتنعس دي.
-عندك حق انا فعلاً لازم انقي ملافظي أنت مش هتعنس يا زيدان أنت هتبور.. أيوه زي ما بقولك كده مافي رجالة بتبور عادي.
رفع زيدان منفضدة السجائر في وجه صالح يهدده:
-ما تتلم يالا.
-ياض أسمع أنا بكلمك بالأمانة
-أمانة؟
-أيوة أمانه.... أنا عايز مصلحتك...وحورية دي فرصه..لقطة مش هتتكررلك تاني.. خدها على الهادي وقربها منك و...فاهمني.
نظر زيدان أرضاً وقال:
-فاهمك... أنا حتى لسه مزعق لها.
ضرب صالح وجهه بكفه وردد:
-هقول أي..طروبش.. طول عمرك طروبش ومدب..ده بدل ما تقربها منك وتأخدها عليك ...لا جدع خليك وراها لحد ما تطفشها وساعتها نبقى نشوف كلبة تبص لك.
-أنت بتتكلم عني كده ليه ياجدع أنت.
تنهد صالح بسأم ثم قال:
-يا دغوف... أنا عايز مصلحتك.. خد البت على الهادي..شربها طبعك وحببها فيك بدل ما ييجي أي عصفور ياخدها ويطير وتقعد أنت جنبي...فاهمني طبعاً
صمت زيدان تماما فسحب صالح نفس من أرجيلته وهو ينظر عليه بجانب عينه ثم ردد:
-فاهم بس مستكبر تقول.. عايز تسأل تعمل إيه ومستكبر بردو..... أنا أقولك.
أشرقت شمس الصباح واخترقت السماء والنافذة، لا تعلم لما ولكنها لم تستطع النوم منذ خرج، ترجع الظن بأنها لم تعتاد البيت ...ليست قلقة عليه ولا شئ من هذا القبيل هي فقط لم تستطع النوم هنا بعد بدليل أنها حاولت من قبل ولم تستطع.
لم تستطع بالفعل و وجدت نفسها تسير ناحية الشرفة تتفقد الشارع .
لا تعلم لما فعلت، وقادها تفكيرها ليجد مبرراً....إنها مازالت عروس ولم يمر الكثير على زفافهم كي يخرج العريس هكذا سريعاً وهم من منطقة شعبية لها عادات وأعراف ...ماذا يقول الجيران؟ لم يطق عريسها البقاء معها؟ الفضيحة فضيحتان؟
تنهدت وهي تراه قادم بأول الشارع و قد أقترب من البيت وسيدخل.
فدلفت للداخل قبلما يبصرها تنتظره... لكنه قد تأخر.
ولما القلق بالتأكيد سيأتي ... أين سيذهب يعني.
ومجددا لم تستطع وخرجت تفتح باب الشقه لترى أين هو؟
و وقفت مستغربه وهي تراه يقف مع زوجة عمه على السلم أمام شقتها تتبادل معه الحديث وبعدها خرجت رشا .
لا تعلم.....لكن الوضع لم يعجبها مطلقاً...هي متأكدة أنهم يتحدثون عنها وعن وضع زيجتهم.
فدلفت للداخل وهي تشعر بضيق شديد.
دقائق وسمعته يفتح باب الشقه بمفتاحه وما أن رأها حتى أنبلجت إبتسامة خفيفة على محياه...يسأل إلى متى سيظل هكذا كلما نظر إليها سرته.. أنها بهية بالفعل.
زعزعت إبتسامته ضيقها قليلاً..باتت تعلم سر تلك البسمة... وهل يوجد مايذهب حزن الأنثى أكثر من شعورها بنظرة الإعجاب خصوصاً لو كانت من شخص محدد.
تقدم زيدان يقول:
-السلام عليكم
-وعليكم السلام.
زادت إبتسامته وهو يسمعها تردد بعدم رضا فسأل:
-ومالك بتقوليها كده؟
-مالي؟ بقولها إزاي؟
-أنتي زعلانه مني ولا حاجة ؟
نظرت له بجنون تفتح فمها ثم قالت:
-نعم؟ على أساس مين كان بيزعق لي من شويه... لأ وخرجت وأحنا ماكملناش يومين متجوزين...عايز فضيحتي تبقى فضيحتين والناس تتكلم عليا
قاطعها يردد بحزم:
-لا عاش ولا كان إلي يتكلم عليكي...هتخيبي ولا ايه؟ هو أنتي متجوزة أي حد؟
نظرت له تطالعه بتأمل وتساؤل ... هي للأن لم تتجاوز بعد ما قاله قبلما يغادر حين برر كل إنفعالاته و تصرفاته بأنه زوجها.
فقالت بإهتزاز :
-اه...بأمارة مرات عمك وبنتها إلي وقفوك على السلم.
-دي كانت عايزاني أغير لها لمبة السلم
-يا سلااااام... صدقت أنا كده
-على أساس أني بكدب ولا إيه... ما تظبطي يا حورية في إيه ؟
كانت جملته الأخيره حادة عاليه خوفتها حقيقة..فأنتفض جسدها وأبتعدت عنه خطوة كأنها تنهي النقاش.
وما أن ابصرها تفعل حتى أنتبه مرددا بسره:
-حمااار...هتخوفها منك تاني ... صالح لسه قايل إيه...قربها منك مش تخوفها...شكله عنده حق.. انت دغوف ومدب.
حمحم بضيق ثم قال بصوت لين متحشرج:
-حورية...أحممم..حورية.
نظرت له بطرف عينها...لا ترغب حقاً في الحديث معه..طبعه حاد وصوته دائمتً عالي غاضب..تسأل هل بات هذا هو نصيبها و واقعها.
وحينما طالعها زيدان فهم نظرتها... حقاً رعبته..خاف.
حورية تسأل نفسها بمرارة ...فكر لثواني..ربما بات عليه التحكم في غضبه و صوته العالي على كل شيء...فما ذنب شريكة حياته إن أرادها شريكة.
تقدم لعندها وجلس على ركبتيه حتى أصبح بمستواها وهي تجلس على الأريكة ثم قال:
-حقك عليا... أنا عارف إني بتعصب على الفاضي و على المليان وإنه مش ذنبك...بس اوعدك إني هغير الخصلة دي فيا... عشانك يا حورية.
رفعت عيناها تنظر له بذهول وأنبهار وهو يردد مؤكداً:
-فهماني يا حورية؟؟
هزت رأسها إيجاباً وهي تبتسم مما أعطاه إشارة بالقبول فنظر على يدها يرى خاتم خطبة عصفور .
استجمع شجاعته و قال:
-مش المفروض تقلعي الدبله دي بقا؟
نظرت لخاتم الخطبة وكأنها للتو تذكرته وفاجئته بل صدمته وهي تخلعه بغيظ من إصبعها كمن ينتشل القاذورات ويلقيها أرضاً بينما تردد:
-عندك حق... أنا كنت نسيته أصلي كنت أتعودت عليه من كتر السنين إلي لبسته فيها..الله يسامحه بقا.
تحرك زيدان وجلس لجوارها وهو يقترب من أهدافه هدف هدف كما خطط له صالح فقال:
-حورية ....أيه رأيك لو...أحمممم..لو...أنا بقول يعني إننا أتجوزنا قدام المنطقة كلها فأزاي هتدخلي. تخرجي من غير دبلة في إيدك.. فأنا بقترح اني أخدك بكره أعزمك على الغدا وأخرجك شويه و بعدها نعدي نشتري دبل ليا وليكي...أاأ..أ..على فكرة أنا أول مرة ألبس دبلة.
نظرت له بإستغراب وهو بدأ يتعرق ينتظر ردها إلى أن أبتسم متنفساً الصعداء وهو يراها تهز رأسها إيجاباً.
_____________________________
في حرملك الملك راموس لا مكان للراحة...تعب ومشقة طوال اليوم علاوة على دروس قواعد الحرملك وتقاليد المملكة وأعرافها.
ضف لكل ذلك هو الإستعدادات القصوة التى يعدها القصر لإستقبال أحد الشخصيات المهمة للحقيقة لم تهتم رنا بهوية الشخصية فقد كان كل همها هو كونها تحولت إلى خادمة هنا... البكاء والمرار لا يفارقها.
كلما وجدت نفسها متفرغة كانت تجلس في أحد الزوايا تبكي بقهر.. والفتيات ينظرن عليها ويصفنها بالغباء والدراما...للآن لا أحد يفهم شخصية رنا المركبة.
كانت منهكة ومتعبه لم تشتغل بعمرها كل تلك الأعمال بيوم واحد..قدميها حقاً تؤلمها بالإضافة لشعور الهوان والذل وسحب أداميتك وحريتك منك.
وبتلك الأثناء وصلت أنجا ومعها سيدة سمراء البشرة لكنها ليست بنفس الدرجة كانت درجتها أفتح كثيرات من سيدات وفتيات الجزيرة حتى ملامح وجهها تختلف عن ملامحهم المتشابهه ترتدي زي ملكي فخم وترفع رأسها بكبر وما أن دلفت وصرخ أحد الخدم أنتباه حتى وقف الجميع في صفين وأحنو رأسهم جميعاً لها وهي تمر بينهم بخيلاء وغرور حتى كادت أن تجتاز الممر المؤدي للعرفة لكنها توقفت وهي تبصر فتاة لم تقف لها إحتراماً.
تقدمت حتى وقفت أمامها مباشرة و قالت:
-هاي أنتي.
رفعت رنا وجهها وما أن رأتها تلك السيدة وطالعت بياض و نقاء بشرتها وجمالها الصارخ حتى زاد غضبها وقالت:
- كيف تجرؤين على عدم الوقوف والإنحناء لي.
لم تنتبه رنا من هذه ومتى أتت هي كانت تجلس هنا تبكي ماذا حدث فيما بعد؟
بينما هتفت تلك السيدة بحدة:
-أنچاااا.
تقدمت أنچا تردد:
-أمر مولاتي
-تلك الفتاة لم تقف إحترام وانتباه لي...قولي لي أنچا ما هي عقوبة من يحاول التقليل من شأن أي فرد من أفراد الأسرة المالكة؟
-القتل يا مولاتي.
فقالت السيدة بترفع وبرود:
-خذوها وأقتلوها إذاً
-ماذا؟
-ماذا أنچا...قلت تقتل الآن و في ساحة القصر أمام الجميع لتكن عبرة كي لا يتجرأ أحد على فعلها مجدداً.
-لكن سيدتي.
كان هذا صوت أنكي حاولت التدخل بينما رنا مبهوته وقد أمتقع لونها .. بالبداية سلبوا حريتها وبسهولة حبسوها و غيرو إسمها والملك كان سينتهك حرمة شرفها والآن ستقتل بإشارة من سيدة كأنها تملك حياة وموت أي شخص...كم أن هذا جميل...وماذا بعد.
أنتفضت مجفلة على صوت السيدة الحازم تردد:
-لكن ماذا.... أنا ماديولا شقيقة الملك راموس وابنة الملك جارديولا أمرت بقتلها و الأن هياااا.
عم الهرج و المرج في قلب الحرملك..ستُعدم الفتاة البيضاء الآن..