رواية ولادة من جديد الفصل الثامن8 بقلم مجهول


 

رواية ولادة من جديد الفصل الثامن بقلم مجهول

تقرير المستشفى


تفاجأت فايزة وومضت عيناها بالذعر. شعرت وكأنها ظبطت متلبسة، إلا أنها هدأت سريعاً، وذمت شفتيها الشاحبتين، ثم أدابت بصراحة: "ألم تر كل شيء؟"
أدت صراحتها بنظرة حسام الفاحصة أن تلين قليلاً، وتوجه نحوها، ونظر إلى وعاء الدواء الفارغ في يدها، وقال: "لقد أمرت المطبخ بالعمل على هذا الدواء، وأنت تتخلصين منه بهذه الطريقة؟"
دارت عيناها في مقلتيها غضباً وقالت: "قلت لك أنني لن أشربه."
بقولها هذا غادرت والوعاء الفارغ في يدها، لكنه تبعها وسألها بصوت واضح وحاد: "هل خرجت عن قصد تحت المطر أمس؟"
ترددت فايزة عند سماعها هذا، ثم هزت رأسها، نافية ذلك:"لا، لماذا أفعل شيئاً كهذا؟"
ومع ذلك، ظل حسام على شكه، حيث استمر في تفحصها: "حقاً؟ لماذا رفضت، إذاً، الذهاب إلى المستشفى؟ ولماذا ترفضين الآن شرب الدواء؟"
إلا أنها لم تستطع سوى تفسير الأمر بلا اكتراث، فقالت: "مذاق الدواء سيء جداً، لا أريد أن اشربه."
ضاقت عيناه وهو يقول: "أهذا كل ما في الأمر؟"
وأصر قائلاً، وكأنه يفكر في أمر ما: "أمس ...."
‏كان يود أن يسألها عن الرسالة النصية، وما إذا كانت قد لاحظت أي شيء، ولكن بعد التفكير في الأمر، شعر أن هذا مستحيل. ففي نهاية الامر، لم تكن فايزة قد دخلت النادى حتى في ذلك اليوم، فكيف لها أن تعلم؟
علاوة على ذلك، لم تكن فايزة ترغب في مواصلة مناقشة الأمور معه؛ فقد خشيت أن تتفوه بشيء ما. كان لديها أسرار الآن، ولا ترغب أن يعلمها.
في تلك اللحظة، دخلت الخادمة بالطعام، فاستغلت فايزة الفرصة لتبدأ في تناول الطعام. ونظراً لأنها كانت لا تزال تتعافى، فقد أعدت الخادمة لها وجبة خفيفة من السوائل. إلا أن فايزة لم تكن لديها شهية، ولم تأكل سوى القليل قبل أن تضع الوعاء، وجاءت الخادمة بعد قليل لتأخذه.
وقف حسام جانباً يراقب الموقف، وقد ذم شفتيه إلى خط مستقيم. لم يكن يعرف إن كان ذلك مجرد وهماً، لكنه شعر أن هناك خلل في كل شيء كان. كان هناك خلل في الغرفة كلها، بل حتى هو كان غريباً بشكل ما. وعلى الرغم من أنه لم يتمتع قط بطباع هادئة، إلا أنه نادراً ما شعر بهذا القدر من الاحباط والاضطراب. فجأة شعر وكأن الهواء في الغرفة ليس كافياً، فاستدار وخرج.
بمجرد أن ذهب، تلاشت دفاعات فايزة، وانهارت جالسة، وهي تحدق في أصابع قدميها. وقبل أن تخلد إلى النوم، أحضرت لها الخادمة وعاءًا آخر من الدواء. أدركت فايزة أنه ليس بالمنزل، فقررت أن تكف عن التظاهر. ثم تحدثت بصراحة قائلة: "لا أريد أن اشربه. وعلاوة على ذلك، لا داعي من إعداده مرة أخرى لاحقاً."
أمسكت الخادمة وعاء الدواء، وبدت مشوشة قليلاً. نظرت إليها فايزة بشكل قاطع وأضافت قائلة: "إن لم يكن هناك شيء آخر، ينبغي أن تخلدي للراحة مبكراً، فأنا متعبة اليوم."
رمشت الخادمة في حيرة، ثم خرجت من غرفة النوم.
أما حسام، فلم يعد إلى الغرفة. كانت غرفة النوم هادئة، ولم يكن أحد بها سواها. ونظراً للحمى، فقد شعرت ببعض الدوار عندما استلقت نائمة، وكان رأسها مثقلاً، ولكن عقلها كان صافياً. لم يعد من الخارج ... من الواضح أين هو.
ثم استدارت على جانبها، وأغلقت عينيها، لا تراودها سوى فكرة واحدة. لو كنت أنا من قفزت لانقاذه، هل كنا سنحصل على الطلاق؟
للأسف ... لم يكن باستطاعتها أن تعيد الزمن إلى الوراء.
وسرعان ما دخلت فايزة في حالة من الغفوة مرة أخرى، وانزلقت دمعة على خدها دون أن تلاحظها هي نفسها.
وفي منتصف الليل، شعرت بثقل يضغط على المرتبة، وتساءلت إن كان قد عاد. إلا أن ظلام لا نهائي عاد وغمر وعيها.
وفي اليوم التالي، عندما استيقظت واستدارت على جنبها، كان أول رد فعل لها أن تمد يدها، وتتلمس ما بجانبها. لكنها لم تجد سوى البرودة.
لذا، ذمت شفتيها، وانطفأ لمعان عينيها تدريجياً.
في الصباح الباكر، جلبت الخادمة مرة أخرى الطعام، ووعاءًا من الدواء. وعندما اشتمت فايزة رائحة الدواء النفاذة، قطبت ما بين حاجبيها. وقالت الخادمة: " هذا الدواء، يا سيدتي، ...."
إلا أن فايزة لم تعد تحتمل ذلك، واكتست نبرة صوتها بالصرامة وهي تقول: "ألم أقل لك أن لا تحضريه مرة أخرى؟ لماذا جلبته إلى هنا؟"
كانت فايزة عادة لطيفة، لذا فإن الصرامة المفاجئة أثارت دهشة الخادمة. إلا أن فايزة أدركت أنها فقدت السيطرة على انفعالاتها، فعادت من فورها إلى رشدها. ومدت يدها وقرصت جبينها، وقالت: "أنا آسفة، لست على ما يرام، رجاء، ابعدي هذا الدواء عني."
لم يكن أمام الخادمة خيار سوى أن تبتعد بالدواء. وعند عودتها إلى المطبخ، رأى فتحي وعاء الدواء الذي تم إعادته، فأطبق جبينه وقال: "هل لا تزال السيدة ترفض شرب الدواء؟"
أومأت الخادمة، ثم شرحت له ما كان قد حدث قبلاً. وعندما سمع فتحي نبرة الاستياء في صوت الخادمة، قال بصوت حازم: "تعلمين أن معاملتها عادة جميلة. ربما لأنها مريضة، لذا فمزاجها ليس رائقاً. لا تحملي ضغينة ضدها بسبب هذا."
عندما سمعت الخادمة توبيخ رئيس الخدم الصارم، احمر وجهها، ثم هزت رأسها بسرعة وقالت: "لا،لا، وكيف لي أن أحمل ضغينة ضدها بسبب هذا؟"
"هذا جيد، إذاً. فبغض النظر عن كل شيء، فإنها لا تزال السيدة منصور بالنسبة لنا."
لا تزال السيدة منصور؟ ألم يقال بالأمس أن رهف عبد الرؤوف هي التى يحبها السيد منصور؟ ألن يتم استبدال دور "السيدة منصور" قريباً برهف؟
‏بينما غرقت الخادمة في التفكير، قاطعها صوت بارد فجأة: "هل لازالت مصرة على عدم شراب الدواء؟"
ذهل فتحي والخادمة عندما رفعا نظريهما إلى الشخص الذي كان قد وصل.
"سيدي ..."
‏وقف حسام في مكانه بوجه بارد، حاملاً بدلة ومفاتيح سيارته. كان قد تناول الفطور بالفعل وكان يستعد للذهاب إلى المكتب عندما رأى صينية الخادمة وبها وعاء الدواء ممتلئاً. لذا توقف ليسأل فتحي عن الأمر.‏
أومأ فتحي وقال: "نعم، يا سيدي." ثم أضاف: "سيدي، ما هو هذا الدواء؟"
لم يكن حسام راضياً عن رفض فايزة المستمر لتناول الدواء، لم تتناوله طوال اليوم بالأمس، والآن لا تزال ترفض تناوله اليوم؟
أجاب قائلا: "إنه لتخفيض الحرارة."
شعر فتحي بالارتياح، واعتقد أن من ثم الأمر ليس ذا أهمية كبرى، فالدواء مجرد خافض للحرارة. إلا أن الخادمة الواقفة خلفه تفاجأت عندما سمعت أن الدواء يخفض الحرارة، وأفشت فجأة قائلة: "أوه، إنه لخفض الحرارة؟ كنت أظنه لـ...." لم تكمل جملتها قبل أن تشعر بنظرات فتحي و حسام تحدق بها.
أدركت الخادمة أنها لن تتمكن من قول المزيد، وبدلت كلماتها سريعاً بابتسامة: "على أية حال، المهم أن السيدة بخير."
استشعر حسام ، اليقظ دائماً، على الفور أن الجملة غير المكتملة للخادمة تحتوي على الكثير من المعلومات، فسألها: "ماذا تقصدين؟"
اندهشت الخادمة للهجته الحادة، فلم تملك سوى أن تحني رأسها وتهمس قائلة: "لست متأكدة. لكنني رأيت ما يشبه تقرير مستشفى أثناء تنظيف سلة المهملات في الحمام أمس."
ضاقت عيناه بشكل خطير عند سماعه ذلك، وقال: "ماذا تقصدين بتقرير مستشفى؟"
هزت الخادمة رأسها: "لست متأكدة. كان ممزقاً، وبدا وكأن مياه المطر قد بللته. رأيت فقط بضع كلمات من التقرير أثناء التنظيف."
فسألها حسام : "وأين هو؟

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-