رواية ولادة من جديد الفصل السابع7 بقلم مجهول


 

رواية ولادة من جديد الفصل السابع بقلم مجهول

 اسكب الدواء

‏تحدثت فايزة بصراحة وبشكل مباشر، على عكس أسلوب رهف المهذب غير المباشر.
وفجأة، شعرت رهف بالحرج: "أنا – أنا لم أقصد ذلك."
ومع ذلك، لم تأبه فايزة، بل وغيرت الموضوع. وقبل مغادرة العيادة، أعطاها رامز بعض الدواء، ونصح رهف قائلاً: "على الرغم من أن صديقتك لا تريد تناول الدواء، لكن يفضل أن تأخذ بعضاً منه إن أمكن. لقد وصفت لها دواء تقليدياً، ولن يضر جسدها. لتشربه بضع مرات فقط."
"حسناً."وسرعان ما ترك ثلاثتهم العيادة، وعادوا إلى منزل عائلة منصور، وحالما وصلوا إلى المدخل، حاولت فايزة، التي كانت لا تزال تشعر بعدم الارتياح، أن تخرج من السيارة. لم تكن تريد شيئاً سوى أن تعود إلى غرفتها وأن تنال قسطاً من النوم المعافي. لكنها للأسف تعثرت، وكادت أن تقع عندما خرجت من السيارة. عندئذ، تلقفها حسام سريعاً من ذراعها، وقطب بين حاجبيه: "إنك في هذه الحالة، ومع ذلك تصرين على رفض أي دواء أو حقنة. إنك مثيرة للابهار."
تبعتهما رهف خارج السيارة، ورأت أيديهما يتلامسان. فسارعت لمساعدة فايزة وهي تقول: "دعني أساعدها يا حسام."
ساعدت فايزة على دخول المنزل، وعندما رأت الخادمات، رحبت بهن. ونظرت الخادمات إلى رهف والدهشة في عيونهن.
"هل أخطأت عيناي؟ أليست هذه الآنسة عبد الرؤوف؟"
"ومن هي الآنسة عبد الرؤوف؟"
‏كانت معظم الخادمات العاملات منذ زمن في الفيلا يعرفن رهف، لكن بعض الخادمات الجديدات لم يعرفنها.
"رهف عبد الرؤوف. إنها المرأة التي يعشقها السيد منصور. ألا تعلمن ذلك؟"
"السيد منصور يعشقها؟" اتسعت عيون الخادمة الشابة. "أليس السيد منصور متزوجاً بالفعل؟"
قالت الخادمة الأكبر عمراً بثقة: "إن معظم الزيجات داخل العائلات الثرية مجرد صفقات تجارية ليس إلا. لا يوجد حب حقيقي في الأمر." وكانت قد أمضت سنوات طوال في منزل عائلة منصور. "أنتن جديدات هنا، لذا لن تفهمن الأمر. أما أنا، فكنت هنا عندما حدث كل ذلك. رهف ليست مجرد امرأة عشوائية، اعجب بها السيد منصور، بل إنها في الواقع انقذت حياته. ثم سافرت إلى الخارج لتكمل دراستها لبعض الوقت، وكان هو ينتظرها هنا منذ ذلك الحين."
سألت احدى الخادمات المستمعات: "لماذا تزوج السيد منصور غيرها، إذاً؟"
"حسنا، كان هذا بسبب مرض السيدة منصور الكبيرة، التي كانت تتمنى أن تراه مستقراً ومكوناً عائلة. لم يكن أمامه خيار سوى العثور على شخص آخر. وفي ذلك الوقت، كانت عائلة صديق قد أعلنت افلاسها، وتعرفن كيف تسير هذه الأمور." وختمت الخادمة الأكبر عمراً بابتسامة رامزرة: "إنه سر من أسرار مجتمع الطبقة العليا، لا يعرف به الكثيرون، لذا لا تنشروا الأمر."
قالت احدى الخادمات الأخريات، وقد أصابها بعض الاحباط: "كنت في الحقيقة قد اعتقدت أن السيد منصور وزوجته يحبان بعضهما البعض. لم أكن أعلم أن هذا مجرد تمثيل."
ردت الخادمة الأكبر سناً: "بالطبع، كله هذا مجرد تمثيل. دعك من هذه السذاجة."
كن على وشك قول المزيد، لكن قاطعتهن سعلة، فالتفتن ليجدن فتحي واقفاً، وقد طغى على وجهه تعبير مظلم صارم.
وسأل: "أليس لديكن عمل لتقمن به؟" وتفرقت المجموعة كالطيور المذعورة.
بمجرد انصرافهن، وقف مكانه. كان رجلاً في الخمسينات من العمر، شاب الشعر الأبيض حاجبيه. واطبق بين حاجبيه عندما سمع أن رهف كانت قد عادت.
هذا يفسر تصرفات سيدة المنزل الغريبة ليلة أمس.
في الوقت ذاته، كانت رهف تساعد فايزة للعودة إلى غرفتها.
وقالت فايزة: "شكراً لك."
وردت رهف بابتسامة: "لا داعي للشكر. يجب أن تستريحي الآن.
"حسناً." خلعت فايزة حذاءها واستلقت على ظهرها. وعندئذ لاحظت أن حسام كان قد دخل الغرفة ببطء، وعيناه تتجول بعدم اكتراث حولها حتى وقعت على رهف.
سألها: "هل أرسلك إلى المنزل؟" فقد كانت رهف في منزل عائلة منصور ولا يوجد مبرر لبقائها هنا. فأومأت رهف برأسها وقالت: "بالتأكيد، شكراً."
وقبل أن تغادر، ألقت نظرة حول الغرفة، ورأت بدلة رجالية مصنوعة يدوياً على حامل المعاطف. لا يرتدي أحد سوى حسام هذا الطراز. فجأة، شحب وجهها قليلاً، وتبعته بصمت وقد ذمت شفتيها. وعندما كان الجميع قد ذهب، فتحت فايزة عينيها ونظرت إلى السقف الأبيض، وهي تشعر بالضياع.
ما الذي سأفعله بشأن الطفل؟
لم يكن الحمل له مثيل. يمكنها أن تخفي مشاعرها تجاهه بشكل جيد لمدة عام، أو عامين، أو حتى 10 أعوام، ولكن ماذا عن الحمل؟ لن تتمكن من اخفاؤه عندما يحين وقت ظهور بطنها. وكلما فكرت في الأمر أكثر، كلما زاد دوران رأسها، إلى أن غابت تدريجياً في نوم طويل عميق.
وفي حلمها، شعرت فايزة بشخص يفتح ياقتها، ثم غطى شيء بارد جسدها. كان جسدها محموماً، وشعرت بالارتياح. تنهدت وأمسكت غريزياً بذراع الشخص بين ذراعيها وساقيها، ثم سمعت تأوهاً مكتوماً وزفيراً ثقيلاً. وجدت عنقها ممسوكاً بقوة ولكن برفق، ووجدت شفتيها مغطاة بغطاء مبلل، وبعد قليل وجدت ما يحوم داخل فمها.
قطبت حاجبيها وعضت الجسم الغريب، فشعرت بطعم الدم في فمها وشهقة الألم للرجل. ثم وجدت نفسها دفعت جانباً قبل أن يقوم أحدهم بقرصها في خدها. وسمعت الشخص يهمس بصوت خافت يقول: "لقد أفرطت في تدليلك، أليس كذلك؟ لقد قمت حتى بعضي."
تأوهت ألماً، وتذمرت، ودفعت يد الشخص بعيداً قبل أن تنام نوماً عميقاً.
عندما استيقظت فايزة، كان المساء قد حل.
كانت هناك خادمة بجانبها، وكانت سعيدة لرؤيتها تستيقظ: "لقد استفقت يا سيدة منصور."
اقتربت منها الخادمة، ووضعت يدها على جبينها: "الحمد لله، أن حرارتك اعتدلت أخيرا، يا سيدة منصور."
تطلعت فايزة في الخادمة التي أمامها، وهي تفكر في ذكريات محددة متفرقة، ثم سألت: "هل كنت تعتنين بي طوال هذا الوقت؟"
التمعت عيون الخادمة وهو تومئ برأسها، وبمجرد أن سمعت فايزة ذلك، تلاشت تعابير الأمل عن وجهها، واشاحت بوجهها. كانت تلك الذكريات المتفرقة أدت إلى اعتقادها أن حسام هو من كان يعتني بها طوال تلك الفترة، لكنه لم يكن هو.
كانت فايزة غارقة في التفكير عندما أتت الخادمة بوعاء من الدواء: "من الجيد أنك استيقظت الآن، يا سيدة منصور، لا يزال دافئاً، وينبغي أن تشربيه الآن."
فاحت في الهواء رائحة السائل النفاذة، مما جعل فايزة تعبس وتتجنبه بشكل غريزي.
قالت الخادمة: "يا سيدة منصور، يرجى شربه بينما لا يزال دافئاً. سيبرد بعد قليل"، وأخذت تقرب الوعاء منها.
ابتعدت فايزة إلى الوراء، وأدارت وجهها بعيداً: "ضعيه هناك أولاً، سأشربه لاحقاً."
"ولكن ..."
"إنني جائعة بعض الشيء، هل يمكنك الذهاب إلى الطابق السفلي، وجلب شيء لآكله؟ لا تقلقي، سأتناول الدواء عندما تعودين بالطعام." كانت قد نامت فترة طويلة، وكانت حقاً جائعة الآن.‏
فكرت الخادمة للحظة، قبل أن تومئ برأسها: "حسناً، سأذهب إلى الطابق السفلي، وأحضر شيئاً لك، رجاء أن تشربي الدواء، يا سيدة منصور."
"نعم ..."
خرجت الخادمة في نهاية الأمر، ورفعت فايزة الأغطية وخرجت من السرير. حملت فايزة الدواء التقليدي الداكن، وسارت إلى الحمام لتصبه في المرحاض. وبينما كانت تشاهد الدواء وهو يتدفق مختفياً، دون أن يترك أي أثر، تنفست الصعداء. لن يضطرها أحد الآن إلى شربه.
ثم استقامت رمة أخرى وفي يدها الوعاء الفارغ، قبل أن تستدير، لترى أن حسام كان قد حضر دون انذار. كان متكئاً على باب الحمام، وينظر إليها بعيون صاقبة: "ماذا تفعلين؟"

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-