رواية الهجينه الجزء الثاني الفصل الستون 60 بقلم ماهي احمد

 



رواية الهجينه الجزء الثاني الفصل الستون   بقلم ماهي احمد




تائه في حياتي كما التائهُ بين ظُلماتِ غابةٍ موحشة لا أعرف لي طريق أو رفيق حتى جائت هي وكانت  لي كالقارب الذي أنجَدَ الغريق أنارت عتمتي كما تنير الشمس الكون الواسع نعم هي شمس.. شمسي أنا  

الخاطره دي مش بتاعتي دي بتاعت بنوته جميله اسمها روفان كتبتها لياسين وشمس ومن كتر اعجابي بيها قررت احطها في بارت النهارده اتمنى اعرف رأيكم فيها واللي حابب يتابعها هحطلكم صوره الاكونت بتاعها في اخر البارت 

-------------------------------------
لطالما اعتقدت بأنه ليس خطأي ولكنه وزر من حولي ، تكرار الشعور بالذنب ألف مره يوحي بالعذاب القادم ، ربما كان خطأي من البدايه ، ربما لا اعلم حتى النهايه هل هو ذنبي ام ذنب من حولي 

اقترب منه "الدمنهوري"  بخطوات ثابته يجلس القرفصاء يحكم بقبضته على وجهه بعنف نبرته لا توحي بالخير أبداً وهو يقول : 

_حلو اوي عرفني بقى مين هو الغريب وكل تفصيله البت دي حاكيتهالك 

اعاد  "بدر" رأسه للخلف يحرر ذقنه من قبضه يدهُ ، واستجمع شجاعته قائلاً : 

_أنا مش هنطق بأي كلمه الا لما خالتي تطلع من هنا الاول 

طالع "خالته" وجدها تطالعه بنظرات ملامه نظرات يعرف معناها ، ولكنه أكمل رغم ذلك :

_أنا عارف أني مش هطلع من هنا سليم لا انا ولا خالتي يبقى اقتلني واقتلها دلوقتي احسنلك عشان ماضيعش وقتك معايا 

عاد يرمقها بخوف عليها ورأي "الدمنهوري " الجديه بعينيه اشار بعينيه للحارس بقول :

_خليها تروح 

حرر " الحارس " يدها هرولت "خالته " اليه ناطقه وقد تسابقت دموعها:

_ مين دول يابدر ورطت نفسك في ايه يابني 

طلب منها برجاء وقد ظهر الألم في نبرته اثر ما قالت واثر لومه لنفسه:

_مش وقته ياخالتي خليني اطمن عليكي دلوقتي امشي من هنا روحي مكان انا نفسي معرفلكيش في طريق 

وهذا دفع "خالته" لسؤاله : 

_ وانا مين يطمن قلبي عليك 

صمت لثواني ثم استرسل :

_ماتقلقيش عليا انا هبقى بخير هعرف اوصلك بس عشان خاطري ياخالتي امشي دلوقتي ماتخلنيش اشيل همك 

يخبرها بما يعلم انه لن يحدث قاطعهما "الدمنهوري " بغضب :

_ ما يلا ياروح خالتك أنتَ وهي عشان انا خلقي ضيق وصبري بدأ ينفذ

أشار بعينيه اليها يطالبها برجاء التخلي عنه ، جذبها "الحارس " من مرفقها بعنف الى الخارج تحت نظراته وما أن خرجت حتى هتف الدمنهوري بأنزعاج :

_ انا سامعك ، ارغي 

نطق "الدمنهوري" كلمته الأخيره ببطىء وهرب "بدر" بعينيه بقول :

_لما اتأكد انها طلعت بره خالص وبقت في امان

استنفذ صبره وأخذ يركله بقدمه  بعنف وهو يسبه بأبشع الألفاظ قائلاً :

_ياض يابن ال **** 

----------------( بقلمي ماهي احمد)---------------
دخلت "غدير " في نوبه بكاء عميقه  ، أثر محادثتها مع "يزن" حين أخبرها بأن "بدر" اختفى وكأنه تبخر ، بعدما علم حقيقته  ونيته الخادعه ، 
هو و "أبو المعاطي " دلفت الى المرحاض وأغلقت الباب خلفها بقوه صمت اذنيها عن نداء " ساره " المتكرر وذهبت بذهنها حين دلفت الى دكانه  تلتقط انفاسها بصعوبه تتأسف لهُ عما بَدر منها ليله البارحه ولكن نظراته القلقه لها عند رؤيتها هي ما ازعجتها ، ابتلع ريقه وكأنه غصه مريره بحلقه وهو يقول : 

_ امبارح 

تصنع انه تذكر شيئاً يرمق الواقف امامه بتوتر :

_اه تقصدي على حوار الاسبوع اللي فات ده انا نسيته 

لم تفهم تلميحه حين أكملت بعدم فهم :

_اسبوع اللي فات ايه يابدر ، ده كان لسه امبارح بالليل لما كنت عندي و

فقطاعها هو بقوله يشير بعينيه الى ذلك الواقف خلفها :

_أحب اعرفك ابو المعاطي صحبي 

غزت الحمره وجهها عند رؤيته لم تكن منتبهه لهُ ، صافحها "ابو المعاطي " بقول : 

_اهلاً يا انسه غدير سمعت انك من عيله الصاوي 

لم يتلقى رد ولكنها اومأت برأسها فقط وعادت تنظر لـ "بدر " وهي تقول :

_مكنتش اعرف ان في حد معاك طيب اسيبك انا بقى واجيلك وقت تاني 

هنا تيقن "بدر" بالقادم فور مغادرتها اقترب منها يمسح كف يده بالمنشفه وهو يقول : 

_استني هوصلك ماتمشيش لوحدك 

جذبها من مرفقها بقوه خلفه ، واستدار
" ابو المعاطي " بعينيه الى "بدر " يسأله بنبره ذات مغزى :

_ هتتأخر يابدر 

وقبل أن يجيبه قاطعه وهو يجلس على المقعد بأريحيه يسترسل حديثه  : 

_مش مشكله انا كده كده مستنيك انا فاضيلك النهارده 

أدرك "بدر" ان هذه الكلمات هي نتيجه متوقعه للقاء "ابو المعاطي " بـ "غدير" هز برأسه بالموافقه يجذبها خلفه من مرفقها بغضب وحين ابتعد عن المحل بأمتار قليله بان الغضب بنبرته بقول :

_ ايه اللي جابك دلوقتي ياغدير 

حررت مرفقها من كفه بعنف بعدما تسلل القلق اليها وقامت بسؤاله :

_ في ايه يابدر ومين الراجل ده ومال وشك اتقلب كده ليه اول ما شافني 

اسئله ، اسئله كثيره لا يستطيع الرد عليها تخطاها يتحرك أمامها بقول :

_أنتِ لازم تروحي واوعي تطلعي بره البيت لوحدك ، ولو حبيتي تطلعي خلي حسان دايماً مـ

بترت كلماته بتساؤل : 

_ في ايه يابدر  ، ماتفهمني في ايه 

طالعته بعتاب فلمع الاستعطاف في عينيه وهو يقول   :

_سامحيني مكنتش اقصد أني أأذيكي في يوم بس انا عند وعدي ليكِ انا مش هقول لحد عنك او عن عيلتك حاجه ، انا هبعد خالص هبعد عشان اقدر احميكي 

اجابته اربكتها هتفت بضجر وقد سأمت من حديثه المبهم : 

_ انا مش فهماك 

قاطع حديثهما اتصال اتاه من "خالته " اجاب بلهفه 
وبدون مقدمات قد اصر عليها مغادره المنزل دون طرح اسئله اغلق الهاتف عند اقترابه من منزل 
"ال صاوي "  وقد غزا الارتباك وجهه :

_انا مش هبقى موجود في القريه اليومين دول مش عارف اذا كنت هعرف اشوفك تاني ولا لاء بس اللي متأكد منه أني مش هنساكي ، ادخلي بيتك ياغدير وزي ما قولتلك ماتطلعيش بره البيت لوحدك لازم حد يبقى معاكي 

اعترضت  ولكنه هتف بحزم وقد قست تقاسيمه وهو يأمرها بالتالي : 

_قولتلك ادخلي 

لم تعترض على ما قال توجهت بخطوات ثقيله الى المنزل وتبع ذلك نظرات "يزن" الواقف على الدرج
يتابع ما يحدث تفحصه "يزن" بعينه جيداً  لاحظ "بدر" نظراته المريبه لهُ فأسرع بالتحرك بخطوات واسعه بعدما تأكد من دخولها الى المنزل بأمان ، 
توجه "يزن" الى المنزل خلفها يجذبها من مرفقها بعنف سائلاً :

_مين الواد اللي كنتِ معاه ده ياغدير 

تلعثمت في الأجابه ولكن الرد الأسرع اتى من "حسان" بقول :

_ ده الواد العجلاتي اللي الهانم ماشيه معاه 

نظر الأثنان لبعضهما وهتفت :

__احترم نفسك ايه ماشيه معاه دي 

طالعها "حسان" بسخريه :

_اومال تسميها ايه ياست البنات يامحترمه

وجه " بربروس " حديثه لـ"غدير " : 

_ ألم أحذرك منه من قبل أيتها الصغيره 

لم تستطع الرد ولكن  رد "حسان" بدلاً عنها ساخراً :

_ الهانم كل يوم والتاني عنده ولما قولتلك ياشيخنا دافعت عنها وقولتلي ماتقولش عليها كده 
وخرستني وحسستني بالذنب انت وابله مارال فاكر ولا افكرك 

فكرهُ بحديث لهُما سابقاً حين امضت الليل بأكمله بالخارج ولم تأتي الا الصباح برفقه "بدر" في ليله ممطره  ، تذكر "بربروس" هذه الليله يوجه حديثه اليها  : 

_ ما نوع العلاقه التي تجمعك بهِ ايتها الصغيره 

من جديد لا رد وبتر الحديث حين انضمت " الخاله والطبيب  " اليهم بقول :

_ العيب مش على "غدير " الفتره اللي فاتت كلنا كنا مضغوطين ومحدش فينا اخد باله منها ولا حاوط عليها

غزو من التوتر صار بكامل جسدها ولكنها دافعت عن نفسها بقول :

_ انا مش صغيره عشان حد ياخد باله مني ياخاله

تفحصها "يزن "  بعينيه وكان رده هو الاصعب  :

_ اخرسي ياغدير ،  الواد ده انا مش مرتاحله 

جذب المقعد بجواره يشير اليها بعينيه بقول :

_أنتِ هتقعدي دلوقتي تحكلنا كل اللي حصل عنيكي اللي بتهرب مننا ومش قادره تبصي في وش واحد  فينا ، ارتباكك ،  وفركت صوابعك ، رعشت صوتك بتقول ان في حاجه غلط وانتِ عملتي مصيبه فتحكيلنا كل حاجه كده بسرعه والواد ده عرف عننا ايه بالظبط 

هنا حيث تسابقت دموعها على وجنتيها وخرجت ساره ومارال من غرفه "ياسين" حاوطها اعين الجميع حتى "زهره" باستثناء "شمس" التي فَضلت الجلوس بغرفه "ياسين" حتى لا تواجه والدتها ومع ذلك انقبض قلبها تحاول استراق السمع ولو قليلاً  وبدأت "غدير " بسرد ما حدث من اللحظه الأولى التي رأتهُ بها حتى هذه اللحظه ومقابلتها لصديقه "أبو المعاطي " وما ان ذكرت أسمه حتى بتر "بربروس" حديثها بقول :

_أبو المعاطي !!

تحولت تقاسيمه وهو يستفسر  بقول : 

_ أيمكنك وصف ملامحه أيتها الصغيره 

وبالفعل بدأت بوصف ملامحه حتى تيقن "بربروس" من أنه هو نفس الشخص ولكن يبقى السؤال يطرح نفسه ما العلاقه التي تجمعهما سوياً
ولم ينتظر كلاً من "الطبيب" و"يزن "حتى أجمعوا الخيوط سوياً  

دقات متتاليه من "ساره" اجبرت "غدير الى العوده  الى واقعها ، ثم تركت نفسها للبكاء وهي تغطي وجهها ، تتمنى لو تتبخر من هذا العالم حتى تنسى فعلتها 

----------------( بقلمي ماهي احمد)-----------------
مشيره الأن بمنزلها  بالقاهره تريد التدخل وبشده ، ما الذي  يحدث بقريه" ال صاوي " وما يحدث لياسين  ، الف سؤال وافكار متزاحمه بداخل رأس"مشيره" تناولت كوب الماء من جوارها وارتشفت منه ثم اعادته مكانه ، تصفحت هاتفها على موقع" الفيس بوك"  تتصفح حسابات كل من لهُ علاقه بياسين  لمعرفه اي شىء عنه لكن دون جدوى ، واخيراً تصفحت الحساب الشخصي لـ"حسان" لتجد منشور تم تحديثه منذ ثواني محتواه عباره عن :

_الدنيا وحشه اوي من غيرك ياياسين ممكن الكل يدعي لعم ياسين ربنا ينجيه على خير

وجدت فرصتها حادثته عبر تطبيق الرسائل سائله :

_في ايه ياحسان ياسين ماله 

تنكر معرفتها بكل شىء ولا بد لها من سؤاله حتى تتخذ خطوتها التاليه ، رأى رسالتها ولم تتلقى رد بالرغم من قراءته لرسالتها فقررت مهاتفته وحين اتاها الرد حاولت تصنع الهدوء بقول :

_انا مش بكلمك ياحسان على الماسنجر  مابتردش عليا ليه ؟

اخبرها بنبره شبه باكيه:

_عم ياسين البوليس جه اخدو ياطنط مشيره اتهموه انه قتل فريد  ومش عارفين نوصله من وقت ما البوليس جه وخدوا  بس عرفنا مكانه والخاله والباقي عايزين يهربو من البلد  عايزينه يطلع من القريه  سمعتهم بيقولوا انه عايزينه يهرب  على المانيا بس مش عارفين ازاي ،  الدمنهوري عامل عليه زي الكماشه ومقفل عليه من كل حته أنتِ عارفه هو واصل قد ايه وايده طايله تعالي ياطنط مشيره شوفيلك حل انا خايف على عم ياسين اوي 

تنهيده طويله خرجت منها حين أخبرها بكل شىء ،  نجح مخططها كم رسمت له ُ، خفض صوته واصبح شبه هامس وهو يخبرها:

_بس أوعي تقولي لحد أني قولتلك أعملي نفسك أكنك عرفتي من بره 

ردت وهي تحاول تهدئته :

_ماتخافش ياحسان مش هقول لحد انا عايزاك تهدى انا هاجي القريه في أقرب وقت ومش همشي  منها الا وياسين معايا 

اغلقت الهاتف بعدما طمأنته بابتسامه وذهب عقلها في جوله للقائها الذي تم منذ أيام مع "فريد"
يوم مقتله حين قابلته في أحدى الملاهي الليليه حيث الموسيقى الصاخبه والحشد الذي يتراقص هنا وهناك دارت بعينيها بالمكان تضع حقيبتها على طاولته ناطقه بملل:

_خير جايبني هنا ليه في نصاص الليالي ياسي فريد 

تجرع من كأسه كالمجنون وسألها بنبره عاليه لتسمعه من بين الموسيقى الصاخبه :










_بتحبوه على أيه 

قطبت حاجبيها سائله :

_هو مين 

ضغط بقبضته على ذراعيها بعنف :

_أنتِ عارفه مين بطلي استعباط ، إذا كنتِ أنتِ ولا شمس ، دماغي هتنفجر من كتر التفكير ، بتحبو واحد مش من البشر ازاي 

تصنعت عدم معرفتها وغزت الربكه وجهها بقول :

_أنا مش فاهمه أنتَ قصدك على مين 

اطاح بمحتويات الطاوله وأخذ يلهث بعنف  وقد حملت نظراته غضب أمتزج بألمه هاتفاً :

_لا أنتِ فاهمه كويس أنا اقصد ايه ، أنتِ عارفه أن ياسين مش بشري ومش عايزه تعترفي بده عشان بتحبيه ، مش فارق معاكي أي حاجه كل اللي فارق معاكي انه يحبك ويبقى معاكي في يوم وبس 

افقدتها صدمه معرفته بحقيقه "ياسين" النطق ، جذبت كفه لتنزله بقوه من على ذراعيها ونجحت بالفعل استدارت تستعد للمغادره ولكنه جذبها بقوه أكبر من مرفقيها بقول :

_أستني هنا ، مش هتمشي غير لما افهم بتحبو على ايه الاول ، أنا عندي استعداد ان شالله ادفع عمري كله بس اعرف ايه اللي بيجذبها لواحد زي ده وتفضله عليا ، واحد لما يغضب بيتحول زي الشيطان عنيه بتبقى بلون الدم ، سرعته مهوله ، وقوته اضعاف 

طالعت الجوار بارتباك تحذره :

_هووووش وطي صوتك 
_مش هوطي صوتي وهفضحه في كل حته هخلي العالم كله يعرف حقيقته 

وضعت يدهُ على فمه فلم يستطع الحديث عيناه تقابل عينيها وقد لمحت  بهما الاصرار فأردفت بقول :

_عايز تعرف بنحبه ليه 

نجحت بجذب انتباهه يشير برأسه بالأيجاب ابعدت كف يدها عن فمه تطالعه باشمئزاز : 

_عشان راجل ،  مش زيك ، خايب ، مابتعرفش تاخد خطوه واحده غير لما ترجع لبابا الوزير ، لما يحصل حاجه بتلاقيه في ضهرك ، سندك ، عيلتك ، عزوتك انا عيشت مع ياسين عشر سنين مالاقيتش منه غير الحنيه والخوف عليا ، لما تبقى معاه ماتبقاش عايز حاجه تاني من الدنيا ، ولما يقرر يبقى ضدك بيعرف يبعدك عنه من غير ما يأذيك 

طالعت رجفه جسده تسترسل :

_واضح انه عملك زياره قريب لدرجه انك بتترعش بس من سيرته وخلاك تيجي هنا عشان تشرب وتنسى ، ياسين اخد شمس منك عشان أنتَ مش راجل ومافيش ست بتحب عيل ، 
فهمت بقى بنحبه ليه من الأخر عشان هو يتحب 

كاد ان ينطق ولكنها بترت حديثه بقول :

_حتى لو كان شيطان مع انه مش كده 

غزا حصونه الدموع التي صارت أقرب رفيق لهُ ، اقتربت منه بخبث قائله :

_لا لا ماتعيطش يافريد أنتَ اقوى من كده 

اخرج حبيبات الدواء الخاصه بهِ من جيب بنطاله لمحاربه الاكتئاب ابتسمت حين رأتها وعلمت بمرضه واردتها فكره وقبل ان تخبره نطق هو بقول  :

_انا طول عمري فاشل في حياتي ، ابويا عمره ماشافني ، دايماً شايفني ماليش لازمه وان لولا وجوده كنت هبقى ضايع من غيره ، لحد ما خلاني مابقيتش عارف اتصرف ، مش عارف اتحرك من كتر القيود اللي حاطتها حواليا ، كل الناس بتعاملني باحترام عشان انا ابن الدمنهوري ، لو طلبت اي حاجه من حد ماحدش بينفذلي اللي  عايزه الا لما يرجع لوالدي الاول ،  ماحدش بيرغب فيا عشاني انا ، كله بيكلمني عشان انا ابنه هو لحد ما خلاني ادور على الحب بره وكل ما احب واحده ماتحبنيش 

هو ايضًا يعاني الخوف ولكن زاد عليهِ الشعور بالوحده ، ولكنه نفض شعوره عنه سريعًا وازاح بيدهِ الطاوله حتى تهشم ما تبقى عليها واعتلاهُ الكبر 
بقول :

_بس أنا مش هسيب ياسين  ياخد شمس  مني حتى لو فيها موتي ، أنتِ فاهمه 

اقتربت منه تهدئه وهي تربت على كتفه بقول :

_ طب اهدى ، اهدى عشان نفكر ، أنتَ عايز شمس وانا عايزه ياسين يعني المصلحه واحده  ولو وافقتني هنعرف ازاي نفرقهم عن بعض وكل واحد فينا يبقى عمل اللي هو عايزه ، اتفقنا 

نجحت بجذب اهتمامه يخرج  علبه الدواء الخاصه بهِ مره اخرى يتجرع منها دواءه 

فاقت من شرودها على احدى مكالمات شقيقها المعتاده طالعت الهاتف بتذمر وقامت بأغلاقه وهي تقول :

_خلاص ياياسين هانت كلها شويه ونرجع المانيا 
ونسيب البلد دي خالص وقتها بس هترجع ياسين اللي اعرفه معايا دايماً بتاع زمان 

----------------( بقلمي ماهي احمد)-------------------

ما يحدث لـ "ياسين"  جعله في أشد الحاجه الى الراحه استجمع قواه  يزحف ببطىء شديد محاولاً الوصول الى الحائط وقد نجح بذلك ، سند ظهره  ، يتأمل زنزانته يحاول الشعور بما شعرت بهِ "شمس"  طوال سته عشر عاماً ، شعور بالندم يعتصر قلبه الأن ، يريد عيش ما عاشته من الالام لعل ذلك يخفف شعور الندم الذي بداخلهُ،  وكأن في داخله طفل وحيد يصرخ بدون كلمات على أمل أن يعثر عليه أحد لينتشله من ندمه ، ذهب بذهنه الى كلماتها حين قالت :

_انا حبيتك ياياسين 

ابتسم بهدوء ، وسرعان ما انمحت بسمته 
حين وقع على مسامعه صوت "عمار" حين قال :

_مبسوط عشان قالتهالك مش كده

يعلم جيداً أنه ما سوى خياله يحادثه ولكنه افتقده ، افتقد عمار وبشده فسيقبل بأي شىء ليبقى بجانبه حتى لو كان مجرد خيال قرر مجاراته بقول :

_مش عارف 

جلس "عمار " بجواره بعدما اسند ظهره على الحائط هو الأخر وقام بأخراج زجاجه شيري كولا من جيب سترته وهو  يخبره : 

_لا عارف 

فتح الزجاجه مسترسلاً :

_جزء منك كان نفسه يسمعها بس انا جواك ، فمش قادر تجاريها ، عاوز تعرفها أنتَ قد ايه بتحبها بس دي كانت حبيبه ابنك اللي كان بيتمناها من الدنيا ، لو قولتلها وانا كمان واعترفتلها هتحس انك خنتني ، جواك احساس انك مش هتقدر تلمسها وكأنها متحرمه عليك علشان المفروض كانت هتبقى ليا في يوم 

غمز لهُ بعينيه اليسرى بعدما تجرع من زجاجته  : 

_وكمان عشان انتَ بتحبني ومش قادر تنساني زي ماهي نستني 

انتظر "عمار" رده ولكنه ابتسم واتسعت بسمته حتى علت صوت ضحكاته ، تهكمت تقاسيم "عمار" 
وسبقه فضوله بسؤاله :

_بتضحك على ايه 

فأخبره من بين ضحكاته التى لم يستطع التحكم بها بقول :

_انا ازاي كنت اعمى كده ، أزاي مكنتش شايف اللي أنا شايفه دلوقت 

لمع غضبه في عينيه وهو يسأله :

_تقصد ايه بكلامك ده 

تنهد "ياسين"وتابع :

_أنتَ اصلاً مابتشربش شيري كولا  ، أنا اللي بشربها  وانا كل امنيتي في الحياه دلوقتي أني اخد بوق واحد منها  ، وأنتَ دلوقتي بتشربها ، أنت مجرد انعكاس للي جوايا في صورة اكتر شخص اتمنى وجوده في حياتي وهو "عمار" 

قال كلماته الأخيره بحزن ظهر جلياً على وجهه ، وأختفت زجاجه الشيري كولا  من بين يدي "عمار" وهز "عمار"  رأسه وهو يخبره : 

_أنتَ مابقيتش عايز تشرب الكولا  خلاص عشان كده مابقيتش بين ايديا ياياسين ، خلاص أنتَ من جواك عرفت وبقيت متأكد أني مش موجود أنتَ من جواك خفيت مني ،  وبقيت تقدر تتخلص مني في أي وقت 

تسابقت الدموع على وجنتيه يكمل حديثه :

_مستني ايه ، طلعني من جواك أنتَ كمان ياياسين انساني عشان تقدر تعيش وتكمل حياتك 

اجابه بدموع ممتزجه بقهره :

_مش قادر ياعمار ، مش قادر اسيبك تمشي حتى لو عارف انك خيال وانك مش حقيقه ، خيالك ده اللي مصبرني على دنيتي اللي عايشها ، فكرة اني مش هشوفك تاني مخلياني مرحب بالموت بعد ما زهدت دنيتي من غيرك ، حتى قربي من "شمس" بيوجعني عشان بشوفك فيها أنتَ أحق مني بيها

الحمره التي غزت عينيه ، وتقاسيمه تدل على بكاء شديد ، الخيبه التي تطل من عينيه ، ممزوجه بالقهر فيراه كل من لمحها ، حتى انعكاس صورته رأى ذلك حين قال :

_جوه قلبك شرخ كبير حيره خلتني مصدقك المره دي ، بس موتك ياياسين مش هيرجعني لكن هيتعب اللي حواليك ، عارف انك استسلمت بعد موت "فريد " موته أكدلك ان شمس بقت في امان ومابقيتش عايز حاجه تاني من دنيتك وزي ما قلت بقيت زاهد في الدنيا ، الدنيا مارحمتكش وانت مش عايز ترحم نفسك ، بس فكر انا لما سيبتكم ومشيت ، اللي حواليا اتأذوا وتعبو من غيري أنتَ ويزن وشمس كلكم وأنتَ لو استسلمت للموت هتأذي برضوا اللي حواليك وأولهم شمس ، كفايه أذيه ياياسين ، كفايه لحد كده روحك تعبت من أذيتك ليها 

أخبره وروحه تنفر من هذا وبشده :

_نفسي أنساك وابدأ حياه جديده مافيهاش وجع تاني ، بس مش قادر ياعمار مش قادر أنساك ، أنتَ جزء مني مهما حصل هتفضل جوايا ياحبيبي 

اقترب منه يرفع كفه وبالرغم من علمه بأنه مجرد وهم لا اكثر الا ان اشتياقه له يرغمه على فعلها بقول :

_ نفسي المسك ، نفسي اخدك في حضني ، لو كنت حقيقي مكنتش سيبتك لحظه ، كنت عوضتك عن سنين كتير اتظلمت فيها ، كنت هبقى جنبك وضهرك وسندك ، كنت هبقى العوض ليك ياريتني كنت عرفت انك اللي بدور عليه من سنين قبل المعركه ياريتك كنت حقيقي 

ابتسم "عمار" ابتسامه حب وهو يقول :

_بس أنا مش حقيقي ، انا مجرد وهم في خيالك ، 
مش موجود ياياسين ، بس في غيري محتاجك ولسه عايش ومستنيك تطلع من اللي أنتَ فيه عشان تعوضه باللي اتحرم منه زمان زي ما انا اتحرمت منه ،  عوض شمس ياياسين بوجودك جنبها مش في بعادك عنها انا مت بس هي لسه عايشه  

رجاء من جديد وهو يستعطفه :

_ماتقولش على نفسك ميت ياعمار ، ماتقولهاش ياحبيبي

هتف بما جمده مكانه :

_حقيقه بلاش ننكرها عشان تقدر تكمل وتعيش ياياسين ، أنتَ تستحق انك تكمل وتعيش ، حاسس اني لو كنت عايش كنت هحبك عشان من جواك نضيف 

وقف " عمار " من مكانه وطالعه "ياسين " ليتبين خطوته التاليه حتى وجده يقف أمامه :

_قوم ، قوم أنتَ مش هتستلم قوم في ناس محتاجينك ، بس بشرط  مش هتستسلم من غير ما تضر حد اوعدني ياياسين 

مد كف يدهُ له ،وتفوه بما جمده بنبره حانيه :

_اوعدني يابابا

هل قالها ، هل حقاً هتف بها للمره الاولى فقد سمع منه كلمه "بابا " بالأخير ابتسم على قوله حتى لو كان من الخيال فقد ارضاه هذا حقاً وشعر بتصالح مع الذات اخيراً ، حاول الوقوف مجدداً ولكن كثره العقاقير التي حقن بها ، خذله جسده  ، أن الألم قاتل ليس  ألم قاتل فقط بل مميت ، مميت الى حد لا حد لهُ

---------------(بقلمي ماهي احمد)--------------------

تشعر بالأسى والحزن  وكأنها فتاه في الاربعين من عمرها ، بداخلها بركان يود لو ينفجر الأن ، تنصت "شمس" لحديث الضابط "أحمد " وهو  يجلس أمام "الخاله" بالحديقه خارج المنزل والجميع حوله بلا استثنا يهتف بما لديه :

_انا جتلك النهارده ياخاله عشان مش بس ياسين اللي في خطر ، القريه كلها في خطر هدوء القريه وصفوها اللي فضلتي تبني في سنين هيتهد على دماغنا كلنا ياخاله ، لازم نهرب ياسين في اقرب وقت الدمنهوري بيحاوط القريه برجالته يوم عن يوم رجالته بتكتر حوالين القريه  ومش هيخلي فيها واحد سليم بس لمجرد انه من عيله الصاوي ، 
حرقته على ابنه مخليه ناره ماتهداش الا بحرق كل اللي حواليه واللي من ريحته ومعاه ، انا حاولت اتواصل مع ياسين كام مره تحت في القبو بس معرفتش  ، وكأنه مستسلم للموت ، ده حتى مش بيقاوم وهو بياخد الحقن  ومش عارف اعمل ايه مالقيتش حل غير أني اجيلك هنا رغم ان انا مدرك لخطر مجيتي لحد بابك بس القريه كلها هتنهار لو معملناش حاجه ومحدش هيسمع بينا 

انتبهت لهُ بهدوء وردت : 

_واحنا في ايدنا ايه نعمله يابني 

انكمش حاجبي "الضابط " احمد وسأل "الخاله " :

_ازاي يعني ياخاله اللي بتقوليه ده ، أنتِ كبيرة القريه ولازم تتصرفي 

بررت سريعاً متهربه من اسئلته :

_يعني زي ما قولتلك ياولدي احنا مش بأيدينا شىء نعمله ،  انا ست العجز اكل روحي قبل ما ياكل جتتي ،  الزمن هد حيلي بزياده ومستنيه أمر ربنا في اي وقت ياسين حفر قبره وقبر كل اللي حواليه بأيده لما قتل فريد وبعدها استسلم 
للمـ ـوت ومش عايز ينجى بحياته ومهمهوش حياتنا من بعده هتبقى عامله ازاي ، وقريتي انا مش هسيبها انا عيشت واتربيت فيها وهندفن برضوا فيها 

علم ان هناك شىء خفي ولكنه لم يضغط عليها جذب قبعته الخاصه ببذلته العسكريه  من على الطاوله يستعد للنهوض ، فجذبت "مشيره " أحد المقاعد لتنضم الى جلستهم ، هذا الانضمام الذي تبعه توتر ساد على الجلسه وصمت الجميع لم يقطعه الا قول مشيره الغاضب : 

_ يعني هنسيب ياسين يضيع مننا ونقعد نتفرج عليه ياخاله 

قست تقاسيم "الخاله " وردت السؤال بسؤال اخر :

_ايه اللي جابك يامشيره من تاني وعرفتي منين اللي بيحصل في قريتنا 

تحدثت "مشيره" تشير بعينيها على "حسان " وهي تردف :

_شوفت حسان وهو منزل بوست على الفيس بوك بقد ايه هو زعلان وحزين دخلت وكلمته وحكالي على اللي حصل 

شهق "حسان " وهو يطالعها بعدم تصديق ثم رمقه "الطبيب" بنظره ملامه على ما فعله كسا عينيه بريق نادم على فعله وهو يقول :

_أنا ماقولتش حاجه انا بس كنت خايف على 

_خلاص ياحسان خلصنا 

كانت هذه كلمات "الطبيب" كلمات خرجت منه حاده ، تخبره برساله غير مباشره أن يلتزم الصمت
فأكملت "مشيره "حديثها تسترسل :

_ اما بقى انا جيت هنا ليه انا جايه عشان ياسين انا وياسين مش مجرد اتنين تجمعهم صداقه ياخاله وبس ، كتير كان بيحصل بينا مشاكل وكان بيقولي ابعدي ولما كان بيحس انه غلطان كان بيرجعلي تاني ، وانا برضوا نفس الكلام كنت ببعده عني لما بضايق منه وبرجعله تاني ، ياسين بالنسبالي مش مجرد صديق 











_اكملت بعينين تفننت بأظهار البراءه فيهم بقول :

ياسين عشره عمر  "ياخاله " ومن الطبيعي لما اشوفوا في مصيبه زي دي ومش اي مصيبه دي مصيبه كبيره لازم اقف جنبه حتى لو هو مش عايزني جنبه 

نجحت في جذب الانتباه وأكملت متصنعه ببراعه انها المظلوم:

_انا معملتش حاجه وحشه ولا اذيت اي حد فيكم في يوم عشان اشوف نظرت الكُره دي في عنيكم 

وزعت نظراتها على الجميع وهي تردف :

_من اول لحظه شفتوني وانتوا مش طايقني مع اني حبيتكم حتى من قبل ما اشوفكم من كتر  كلام ياسين عنكم

رمقت تلك الواقفه بالجهه المقابله بقول :

_حتى أنتِ ياشمس حبيتك من كتر كلام  ياسين عليكي ، صدقيني ياخاله انا مش وحشه زي ما انتوا فاكرين ، انا لو كنت وحشه مكنتش خليت ياسين يرجع تاني ليكم كنت ممكن اخليه يفضل عايش في المانيا على طول 

أغمضت عينيها بحزن من كثرة دموعها المصطنعه وهي تنطق عكس ما بداخلها :

_بس انا اللي اصريت انه ييجي عشان يبقى وسطكم ومعاكم اعمل ايه تاني عشان تصدقوا اني معاكم مش عليكم 

تصنعت "شمس" الشفقه وهي تقول لها مستهتره بمشاعرها :

_ياحرام صعبتي عليا 

فوجدتها تطالعها بعينين برعا في قول الحقيقه :

_اختلافك في حبك او كرهك ليا ياشمس مش هيغير حقيقه ان ياسين في مشكله كبيره ولازم كلنا نبقى ايد واحده ونفكر هنطلعه منها ازاي 

انتظرت "مشيره" رد حتى اردف "يزن" بقول :

_مشيره عندها حق ياخاله ، احنا لازم نعمل اي حاجه عشان نطلع "ياسين" من اللي هو فيه

وجه حديثه الى "الضابط  احمد " ورد " الطبيب " بدلاً عنه :

_وكمان عشان ننقذ اهل القريه لازم نهرب ياسين من هنا خالص ، اهل القريه مالهمش ذنب في اللي بيحصل 

اشار بعينيه الى " الضابط احمد " يسأله :

_تعرف تجيبلنا اخباره وتوصله رسالتنا 

انتبه لهُ ، وهز رأسه موافقًا :

_اكيد اعرف اجيب اخباره ، بس مش عارف اذا كنت هعرف اوصله رسالتكم ولا لاء 

نطق "بربروس " باصرار :

_ليس بمقدورنا أن نطلب منك سوى المحاوله ، فمحاولتك تكفي وتوفي 

طالعه "الضابط  " يجيبه بنظره بدا فيها التعب واضحًا :

_هحاول ، ايه هي رسالتكم 

لاحظ " يزن" ثقل عينيه اقترب منهُ وهو يخبره :

_باين عليك تعبان 

وافقه "الضابط " الرأي بقول :

_فعلاً مانمتش بقالي يومين 

اشار "يزن" برأسه لبوابه المنزل وهو يقول :

_طب تعالى هقولك ايه الرساله اللي توصلهاله وانا بوصلك لبره

تبعتهم " مشيره " بعينيها حاربت برفع عينيها من عليهم ولكن فضولها كان له الجانب الاكبر في معرفه الرساله التي يخبرهُ بها " يزن " الأن 

---------------(بقلمي ماهي احمد)-------------------

اكثر الأشواق قتلاً ، هو الشوق لمعرفه الحقيقه ، نهرول بحثاً عن السر  ، سر انتحاره ، هي الأن بغرفته تبكي وبحرقه  تعلم والدة فريد جيداً بأنه انتحر ولم يتم قُتله ممسكه بيدها ورقه مدون بها اعترافه ، اعترافه الذي قرأته مئات المرات حتى حفظت كلماته عن ظهر قلب ولكنها لم ترى ما بين السطور رأت فقط ما تريد رأيته من بين اعترافاته التي دونها برسالته :

_ أنا خلاص زهقت من العيشه واللي عيشينها كل يوم الخوف بيزيد اكتر جوايا  ، انا ياسين وصل لحد بيتي ، لحد اوضه نومي وهدد بموتي لو سببتله مشاكل  ومقدرتش اعمله حاجه ،
وقفت قدامه زي الاهبل لحد ما عملتها على روحي من خوفي منه  ياسين دخل اوضتي ووصلي رغم الحراسه الشديده اللي بره وعرف يدخل الخوف جوه قلبي اكتر ما انا خايف ،  وابويا واقف يتفرج عشان خاطر منصبه وعلشان مايطلعش من الوزاره  عمر ما حد فيكم فكر فيا فكر في ابنه ، كان هيجرى ايه لو كنتِ زي الامهات تبقي معايا ، تحتويني ،  تسألي عني ، تحبيني ، بس ازاي وانتِ مش فاضيه الا لصحابك والشوبينج والنادي واللي بيتقال وبيجرى فيه ، انا مش مسامحك ولا مسامح والدي ومش هسامحكم اكتر لو ما جبتوليش حقي من ابن الصاوي هو جالي وسابني حي بس ياريته كان قتلني بدل ما يسيبني عايش مستني الموت على ايده لو عملت حاجه معجبتهوش في يوم  ، انا قررت انتحر  لما عرفت ان مافيش حد هيقف قصاده ومافيش حد معايا وكل ما اكلم والدي يقولي اصبر ، اصبر ، اصبر لحد امتى لحد ما هو يموتني بأيديه انا مش هستنى لما ياسين يموتني ولا هعيش في خوف انا هموت نفسي بنفسي ممكن وقتها سياده الوزير يتحرك ويعمل اللي معملهوش وانا عايش ، يمكن موتي يحركه ويتصرف زي اي اب زعلان على موت ابنه وياخدلي حقي من ابن الصاوي اللي لو كان من البشر ممكن وقتها كنت اعرف اتصرف 

قبضت بيدها على رسالته تردد بتفكير زائد هامسه لنفسها اخر كلماته :

_اللي لو كان من البشر كنت  ممكن وقتها اعرف اتصرف ، يعني ايه ، يعني ايه الجمله دي يافريد 

بتر حديثها الهامس لنفسها دخول " الدمنهوري " الغرفه  وقد جلس على المقعد وهو يتطلع الى الرساله بنظره جانبيه سائلاً :

_قرأتي الرساله للمره الميه النهارده 

سألها ، فطعمت حديثها بالدموع وكانت بصادقه حقاً في مشاعرها:

_لاء الألف ، الالف يادمنهوري قرأتها لحد ما بقيت حفظاها وحافظه كل حرف فيها 

مدت كف يدها برسالته بغضب عارم:

_واللي مش فهماه اخر جلمه انه ياريت اللي اسمه ياسين ده يكون من البشر ، جملته الاخيره دي هتجنني يعني ايه مش من البشر ، يقصد ايه بالجلمه دي

ترك مقعده واستقام واقفاً ، هبت هي الأخرى منتظره اي حديث يرضي فضولها ولكنها سمعت منه ما زاد في تشتت عقلها :

_يقصد انه كائن غريب عنا ، انا في الاول ما صدقتش لما قرأت الرساله وقولت اكيد من كتر الشرب ولا من كتر المهدئات اللي كان بيشربها لحست مخه ، بس لما جبت ياسين وحبسته التعذيب ما بيأثرش فيه  فهمت قصده وعرفت انه فعلاً كائن غير البشر مابيموتش لا بالرصاص ولا الزمن بييجي عليه 

صدمه حديثه افقدتها النطق ، مسحت دموعها بعنف وقد ظهر الغل في عينيها:

_علشان كده لما جه لفريد هنا من خوفه ، من خوفه ماقدرش يمسك نفسه قدامه 

أشار برأسه بالأيجاب وتابعت بسؤاله:

_وبعدين ايه العمل يادمنهوري 

تردد على ذهنه ما حكاه "بدر " لهُ عن " الغريب " بعدما اطمئن على خالته :

_عرفت من واحد اسمه بدر ان في عالم اسمه الغريب الوحيد اللي يقدر يصنع سم موته ، ولازم يموت بأسرع وقت بس الاول اشوفوا بيتعذب قدامي قبل ما الخبر ينتشر لو حد من الداخليه عرف انه كائن غريب هياخدوا مني  ، وهتعمل عليه مشاريع وهيبقى حديث الناس ومش هقدر اقتله ولا اتشفى فيه انا عايزه يتعذب وهو حي ويشوف حبايبه كلهم بيموتو من حواليه واخر حاجه يقتل نفسه بنفسه عايزه يتمنى الموت ومايلقهوش انا حاوطت اهل قريته كلها وهخليه يشوفهم كلهم بيموتو قدام عنيه ، قولتهاله قبل كده هيتمنى الموت ومش هيطولو وده وعد اخدته على نفسي لي 

دقات متتاليه على الباب من احد حراسه تبعها فتحها للباب سمع صوت الحارس بقول :

_دمنهوري بيه ، الغريب دلوقتي وصل القريه 

لم يستدر بل أمره وهو يقول :

_ارمي في القبو مع ياسين  خلي يشوف اللي هيحصله لو مانفذش اللي احنا عايزينه 

تبع حديثه نبرة زوجته المحذره وهي تشير بسبابتها :

_اوعى تسيبه يادمنهوري لازم تجيب حق ابننا منه 

تنهيده طويله خرجت منه تبعها قوله : 

_ده أكيد 
-----------------( بقلمي ماهي احمد)----------------

يجلس "ياسين"  وحيداً بالقبو على حالته ولكنه وجد الباب يفتح وقد أتت منهُ دفعه قويه لشخصً ما  من حارس القبو تبعها غلق الباب بقوه ، دار بعينيه في ارجاء المكان فالظلام حالك هنا لا يوجد سوى ضوء بسيط يتسلل من بين قضبان الباب الحديديه الصغيره دار بعينيه بالمكان على أمل ان يستطيع رؤيه اي شىء هذا المكان قاتم بالنسبه لهُ رفع نظارته من  على أنفه يتحسس الحائط بقول : 

_أعوذ بالله من من من من 

انكمش حاجبي "ياسين" عند سماع صوته فهذا الصوت مميز بالنسبه لهُ هل ما يسمعه صحيح ، هل هو هنا حقاً بعد هذه الأعوام ، ابتسم يستكمل جملته على طريقته :

_مني ياغريب 

انتفض "الغريب" عند سماع صوته ، حول 
"ياسين " عينيه للون الأحمر القاتم يتابع  :

_  أعوذ بالله مني ، اصل انا  الشيطان 

عاد "الغريب" للخلف بخطوات سريعه عند رؤيه عينيه الحمراء وسط الظلام الدامس ارتطم ظهره بالحائط ودون قصد اشعل زر الضوء بسبب ارتطامه ،  ابتلع ريقه عند رؤية حالته هكذا مكبل بالأصفاد عاري الجسد رفع نظارته من على انفه وهو يلهث :

_يا ، يا ، يا  ياسي ، ياسي ، ياسين 

نطق اسمه بأسى لا يعرف أسى على حاله الذي اصبح عليه اليوم او اسى منه ، اقترب بحذر يتفحصه بعينيه ، أنه لم يتغير ، بل شىء واحد فقط حدث ، ازدادت جاذبيته ناهيك عن ما وصل اليه حاله ولكنه لم يتغير بتاتاً قاطع تفحصه لهُ جمله "ياسين"  ببسمه ساخره  :

_ ايه بقيت قمور ، هتكلم بابا امتى بقى 

فلتت ضحكه منه رغماً عنه ، لم يتغير البته حتى في حديثه الساخر ،  احتشدت مشاهد كثيره برأس "الغريب" يتذكر اخر ما حدث بينهم منذ عشر سنوات وهو اتفاقه مع الخاله بأنه سيوافق عما يطلبه منه العربي  فأسرع يبرر سريعاً لهُ وبأعتقاده أنه هو من أتى بهِ الى هنا ليعاقبهُ على فعلته :

_احنا ، احنا اخر اخر مره لما كنا قبل قبل الحرب الخاله ، انا مابعتكمش الخاله هي ، هي ، هي 

اوقفه بنفاذ صبر :

_غــــــريــــب ، ارحم متوفين أمي و العيانين كلهم خد نفس وأنتَ بتتكلم ياغريب انا على أخري 

تنفس بعمق وأخرج حديثه دفعه واحده :

_اخر مره قبل المعركه بيوم انا مابعتكش والله للعربي ده انا كنت متفق مع الخاله علشان اوقع العربي حتى اسألها 

أسرع "ياسين" يضيف قول ما فهمه ساخراً :









_هو أنتَ فاكر أن انا اللي جايبك هنا عشان حاجه حصلت من عشر سنين فاتت 

رفع كف يدهُ امام عينيه بالأصفاد مسترسلاً :

_طيب وبالنسبه للحديد اللي في أيدي ده والبهدله اللي أنا فيها دي ملفتش نظرك لحاجه 

رفع نظارته من على أنفه  بتوتر يعتذر منه :

_ انا اسف ، انا كنت ، كنت فاكرك جا، جا ، جايبني هنا علشان ، علشان ، عش، عشان 

استوقفه "ياسين " بضجر :

_ طب تصدق بالله مش عايز اعرف عشان ايه  

بدا وكأنه لا يبالي وهو يستفسر  : 

_ياترى الدمنهوري عرفك ازاي وجابك عندي هنا ليه ؟

جلس "الغريب" بجواره ولكن على بعد متر تقريباً سائلاً :

_مين ال .. الدمن.. الدمنهوري ده 

_هوووش

خرجت من" ياسين" بنبره محذره يحاول تجميع الخيوط ببعضها قائلاً :

_هو أكيد عرف ان انتَ الوحيد اللي تقدر تصنع الحقن اللي تموتني بيها بس ياترى عرف ازاي وجابك عندي هنا ليه ؟ 

سأل وكانت الأجابه حاضره من الدمنهوري حيثُ دلف الى القبو قائلاً :

_ مممممم عرفت منين دي بتاعتي انا ، انا الدمنهوري لو عايز اعرف أنتَ بتفكر في ايه هعرف 

_لاء شاطر 

قال "ياسين" كلمته ثم طالع " الغريب" بجواره ساخراً :

_سقفه للقرد ياغريب مستني أيه 

استدار " الدمنهوري " لهُ وردعه بنظراته المحذره ، ثم رفع " الغريب" نظارته بارتباك سائلاً :

_ اسقف بجد 

تلقى ركله قويه بأحشائه جعلته يخرج صرخه عاليه وهو يقول :

_أنا ، أنا ، أنا كنت بسـ ، بسأل بس 

أكمل "الدمنهوري حديثه وهو يقترب منه قائلاً :

_ أما بقى أجابه السؤال التاني بتاع ياسين ، جيبتك هنا مع ياسين ليه ، ده علشان تشوف ياسين اللي  بكل قوته قاعد مذلول قدامك،  وأنتَ لو ما اتعاونتش معايا ونفذت كل اللي اطلبه منك بالحرف هتبقى زيه واكتر منه أنتَ فاهم ياغريب

ضحك "ياسين " وارتفعت صوت ضحكته وهو يخبره :

_ الغريب مش محتاج كل ده ، ده ممكن يقولك اسرار الدوله كلها لو شخطت فيه مش اكتر 

اضاف تحت نظراته المستنكره :

_مش محتاج كل ده صدقني 

اشار بعينيه للـ "غريب" ساخراً :

_مش كده ياغريب 

هز "الغريب" رأسه مؤكداً على حديث الجالس جواره :

_ أه ، أه صدقني أنا ، أنا ممكن أعملك أي ، أي حاجه بس ، بس ما ، ما تأذنيش 

ابتسم  ياسين ساخراً :

ـ اخلاقك احرجت متوفيين اهلي ياغريب

اشار "الدمنهوري " بعينيه للحارس يأمره :

_هاتوه ورايا 

عاد "الغريب"  للخلف ناحيه "ياسين " من كثرة ذعره ، شعر بقرب ياسين منه استدار بجسده سريعاً لهُ فرأى في عينيه نظرات غاضبه كاد ان تفتك بهِ ، هب ياسين ناحيته وقبل ان يقدم على خطوته التاليه شعر بشىء يخترق جسده ، شىء اوقفه عن ما يريد دون ان ينطق بحرفٍ واحد 
رحل "الغريب" تحت أنظاره مسح وجهه بتعب خاصهً أن ما حدث من "الغريب" للتو لم يكن في حسبانه  

----------------------

في نفس التوقيت كان "بربروس" يستلقى بجانب 
زوجته على الفراش طالع ساعته وجدها قرب الفجر تقريباً  ، رمقها بعينين زاد بريقهما عند رؤيتها مستغرقه بنومها كالطفل الصغير بعد يوم تعب كبير ، قبلها على جبينها بحب وتحرك ببطىء اقرب للتسحب حتى لا تستيقظ ، فهي عادةٍ تستيقظ في مثل هذا التوقيت لتحضر لوالدتها مياه الوضوء لتستعد لصلاه الفجر اتجه "بربروس" الى غرفه والدتها ووجدها مستيقظه اقترب منها ببسمه زادت من نور وجهه قائلاً :

- اعلم جيداً أنك بأنتظار مارال  ،ولكن قد غلبها النوم الليله فقد حدث الكثير في اليومين الماضيين وجئت أنا بدلاً عنها ، أتقبلين بي أن أساعدك وسأفعل ما تفعله هي 

أجبرت عينيها ألا تلتفت ناحيته  فقد شعرت بالحرج منه ، حركت رأسها الى الناحيه الأخرى  ، فتحرك هو ليصبح أمامها هاتفاً بأسمها بنبره حنونه :

ـ أمـــــاه 

عادت تطالعه من جديد ، فجلس بجوارها على الفراش يقبل يدها ببسمه مطمئنه :

ـ أعلم بأنك قد تشعرين بالحرج مني ، 
ولكن إذا سمحتي لي أريد أن أخبرك بشىء فمن اللحظه التي عقدت على ابنتك بها فقد أصبحتِ محرمه ، فقال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ  

كرر " بربروس " اخر أيه ببطىء وهو يضيف :

- وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ، بمعنى أنك قد أصبح لكِ ولداً جديداً يتمنى أن تعتبريه أبنً صالح لكِ ويود التقرب منك اذا سمحتِ لهُ ، وسيفعل أي شىء حتى ينول رضاكي يوماً 

ابتسمت "الأم" ابتسامه رضا فنبرته الحنونه ونظراته الحانيه تذيب الجليد ، أشارت برأسها بالموافقه  ببسمة لطف ، ووقف هو يحملها بين ذراعيه يتجه الى المرحاض قضت حاجتها ومن ثم اعادها الى الفراش مره أخرى ، اسرع بأحضار دلوٍ كبير من الماء وجلس بجوارها يمسح بيدهُ على وجهها بالماء ، يحضرها استعداداً لصلاة الفجر ويحكي لها عن نفسه لكي تعرف عنه المزيد 

-------------------
انتفضت "مارال" من نومها تطالع  الساعه بهلع ، نظرت الى الشباك الخشبي وقد تسلل منه
اشعه الشمس الذهبيه ، تسلل الخوف الى قلبها فهي تعلم جيداً  كم تحب والدتها اداء صلاة الفجر حاضر ، هرولت الى غرفتها وهي ترتدي ملابسها سريعاً وحين دلفت الى غرفه والدتها رأت "بربروس" يجلس تحت قدمي والدتها يمسد بيده على قدميها لتدفق الدم اليهما  مثلما تفعل كل صباح جحظت عيناها عند رؤيته هكذا وقد رأت بسمه عريضه ظهرت على وجه والدتها وهو يخبرها استكمالاً لحديثه  :

- هكذا وقعت بحب ابنتك وكان من فضل ربي معرفتها يوماً فأصبحت لي الصديق قبل الحبيب الأقرب لي من حبل الوريد 

رؤيته هكذا صدمتها مع كلماته التي تصل الى القلب لأنها من القلب ، كلماته جعلتها وكأنها تحلق في السماء ، وكأن العالم توقف ولم يعد بهِ سوى "بربروس" الذي أسرها بخُلقه ومواقفه الطيبه التي تدل على أنه رجلٍ يعتمد عليه ، استدار
" بربروس" والقى عليها نظره دافئه يشير اليها برأسه سائلاً :

-هيا ، انضمي الينا يامارال فقد انتهينا من صلاة الفجر حاضر للتو ،  و كنت أروي لوالدتك كيفيه معرفتنا ببعضنا البعض 

جحظت عيناها وبدت على ملامحها الدهشه ، تمتمت بنبره منحفضه  ليسمعها هو فقط :

ـ قولتلها ايه يابربروس اوعى تكون قولتلها أنك 

بتر حديثها واقترب منها يميل عليها مبتسماً وهو يهمس :

ـ لا تقلقي ياعزيزتي فلم أخبرها بأني مستذئب

شعرت بأنفاسها ترد اليها من جديد فأضاف ممازحاً :

ـولكني سأخبرها اذا لم احصل على قبله الصباح المعتاده 

وكزته بخفه في معدته وابتعد وهو يضحك ثم أقترب من "والدتها " طالباً :

- سأرحل لكي احضر لكِ وجبه الافطار وانا الذي سأطعمك بيدي 

مال عليها يُقبل رأسها ، ثم اقترب من "مارال "  هامساً :

-ما زلت بأنتظار قُبلتي

قالها وهو يتخطاها ، ابتسمت بخجل ورحل هو تتتبع أثره بعينيها جلست بجوار والدتها واخرجت تنهيده مصاحبه لكلماتها :

ـ بحبه اوي ياماما 









------------------(بقلمي ماهي احمد )-----------------

حين تنتهي الحلول وتقف متحيراً ، لا تدري ما العمل ، تشعر بضياع روحك وأنتَ حي ترزق ، هكذا هو شعور "شمس" يماثله شعور "ساره" كلٍ منهم تهون على الأخرى بكلمات ربما هي أحق بها لنفسها ،  اعتدلت "ساره" من على الفراش تجيبها  بنبره منفعله :

- أنتِ بتقولي ايه  ياشمس ، يعني ايه مش عايزك  ، بعد كل ده عايزه تقولي أن ياسين مش عايزك

لم تهتم بل تحدثت بنبره مماثله لأنفعالها :

- مش عايزني ابقى معاه ، أنتِ ليه مش قادره تفهميني ، أنا اعترفتله بحبي وهو رفضني 

صرحت بنبره شبه باكيه :

- قالي ماينفعش ، عارفه يعني ايه قالي انه ماينفعش ، ياسين قبل ما يسافر كان بيتمنى أنه بس يسمعها مني كان بيعمل كل حاجه عشان يحس بخوفي عليه ، كان نفسه حتى اقوله اني اه بخاف عليك ، لكن دلوقتي ، دلوقتي 

بترت "ساره"  جملتها واحتدت نبرتها تخبرها :

- دلوقتي ايه ياشمس ، ها دلوقتي ايه ، اقولك انا دلوقتي ايه ، دلوقتي عرف ان عمار يبقى ابنه اللي مات عشانك فمش قادر يقولهالك اللي مستغرباله أنتِ ازاي طلعتي من بوقك اصلاً كلمه انه مش عايزك  ، ياسين الحب باين في عنيه ليكي حتى لو مانطقهاش 
هتفت بعينين برز فيهما قلقها من القادم :
- بس انا خايفه يسبني ومايقولهاش  ، محتاجه اسمعها منه عشان اقدر ابقى معاه  ،  كل افعاله بتقول انه بيحبني لكن لسانه لاء ، لسانه مابيقولش غير كلمه اوعي تحبيني ياشمس 
مسحت دموعها تضيف:
ـ هو مش فاهم حاولت وماقدرتش ، حتى بعد موت عمار حاولت ابعده عن تفكيري وشيله من قلبي وماقدرتش ،  أنا حتى ياساره مش عارفه ماحبهوش ازاي ، وهو كل حاجه بيعملها تخليني اتعلق بي واحبه اكتر  

-يبقى تدافعي عن حبك ده وتمسكي ايده لحد ما توصلوا لبر الامان 

كان هذا جواب "ساره" الذي ردت عليه "شمس " وهي تتخطاها :

-ازاي ، ازاي عايزني امسك ايد بتفلت ايدي 
كل حاجه ضدي ، امي اللي لو بقيت معاه مش هتعرفني ولا الدمنهوري وقتل فريد 

اقتربت منها تضع كفها على جبينها تقف خلفها تسألها بتعب :

ـ أنتِ مصدقه فعلاً انه قتل فريد ياشمس 

هزت رأسها نافيه :

- معرفش ، حقيقي مش عارفه 

هذا ما صرحت بهِ "شمس"  وهي تستدير تراها وقد شحب وجهها وفقدت توازنها لحقت بها قبل ان ترتطم بالأرضيه فاقده للوعي بلحظه واحده صرخت بأعلى صوتها هاتفه للمساعده :

- حد يلحقني ، يــــزن ، دكتور علي  ، بربروس 

هرول الجميع ناحيه الغرفه على صرختها وكان الأقرب لها هو يزن رأها على حالتها هكذا انتفض قلبه يهرول ناحيتها يضمها الى صدره بقول :

-حصل ايه ، حصلها ايه ياشمس انطقي 

هزت رأسها بارتباك:

ـ معرفش والله ما اعرف احنا كنا بنتكلم وفجأه لاقيتها وقعت من طولها لحقتها بسرعه ومسكتها قبل ما تقع على الأرض 

اقترب "الطبيب" بعدما امسك بمعصمها لثواني وهو يقول :

ـ النبض ضعيف لازم نوديها المستشفى حالاً 

توجهت "مشيره" الى الخارج وهي تقول :

ـ انا هاروح ادور العربيه بسرعه 

اتى "بربروس " لكي يراها ولكنه رأها بملابس النوم لذا اسرع بالخروج وهو يقول :

- من الأفضل ان ترتدي شيئاً قبل الخروج 

اسرعت "مارال" الى الخزانه وانتشلت اول شىء وقعت عليه عيناها  ، هرول "يزن" والجميع الى الخارج ما عادا " الخاله" التى رمقت الجميع بأسى على ما وصلوا اليه لا تعلم ماذا تفعل بل اتكأت على عصاها بتعب وسارت بين الخضرا والنتيجه هي هنا تجد نفسها امام كوخه من جديد 
رمقها " نصير " باستغراب من حضورها وهو يقول :

- والله ياحكيمه ما عملت حاجه تاني ، أخر مره شمس مشيت من عندي هي وياسين ومن وقتها ماشفتهمش 

اغتصبت بسمه وهي تقول :

- انا تعبانه يانصير ، حكيمه اللي مهما حصل مابيهدهاش شىء عمايل الزمن هدتها 

قاطعها سائلاً باهتمام :

-مالك ياحكيمه اول مره اشوفك كده 

اشار بعينيه على المقعد المجاور لها وهو يطلب بحنو  :

- تعالي ، تعالي اقعدي ياحكيمه ، عرفيني مالك ، طالما جيتي لحد هنا يبقى محتاجه اللي يسمعك وانا موجود 

أشارت برأسها والدموع تسبقها بالموافقه تجلس على المقعد ، اشعل "عم نصير " النار بالأخشاب يضع أبريق الشاي يخبرها ببسمه بسيطه :

ـ هعملك كوبايه شاي ماشربتيش زيها في حياتك 
عشان مش هتلاقي اوحش منها في يوم 

ابتسمت على حديثه ثم أردف :

ـ نشرب الشاي بقى واحكيلي على كل حاجه ايه رأيك 

-------------------(بقلمي ماهي احمد)----------------

الدقائق تمر كالساعات هنا ،و القلق عرف طريق قلوبهم ، هم الأن بالمشفى ينتظرون خروج 
الطبيب من الداخل ،  جلست "شمس " على أحدى المقاعد المتواجده بالردهه  بجوارها مارال وغدير اما عن "يزن" فقد كان يشعر بأن جسده كتله من الثلج ولم يلن صلابته الا فتح الباب وخروج "الطبيب " هرول الجميع ناحيته وبادر "يزن" بالسؤال:

ـ ايه يادكتور طمني 

اخبره الطبيب بهدوء حيث قال :

ـ ماتقلقوش هي فاقت دلوقتي ، سبق وقولتلك قبل كده يايزن أنها لازم تكمل علاجها 

رد مؤكداً بكلمه واحده  :

ـ وهتكمل 

ـ مافتكرش ، الوقت مش في صالحها وهي من وقت ما دخلت المرحله الرابعه وهي فقدت الأمل في كل شىء 

صاح بحده منفعلاً :

ـ انا هسفرها بره ، وهخليها تكمل علاجها مش هسيبها ولا لحظه حتى لو اجبرتها على العلاج

وافقه الطبيب متمنياً :

ـ أتمنى ده 







سألته "شمس " برجاء :

ـ انا ممكن ادخل اشوفها 

سمح لهم " الطبيب" بالدخول قبل انصرافه دخل الجميع بالفعل ما عدا " الطبيب علي " الذي اتجه الى غرفه  "الطبيب  المعالج"  بعدما أمعن تفاصيله اليائسه على وجهه وقال :

ـ انا عايز اعرف تفاصيل الحاله بتاعت ساره بالظبط يادكتور 

رأى الاهتمام  على وجهه فلم يتركه يلتهمه بل أجابه وهو يضع نظارته الطبيه على المكتب :

ـ ساره للأسف حالتها كل يوم بتدهور عن اليوم اللي قبله سرطان الدماغ وصل عندها للمرحله الرابعه ولما عرفت ان متوسط الناس اللي عاشوا بالمرض ده من 12 : 18 شهر بس قررت تعيشهم من غير أدويه ومستشفيات ووسط عيلتها عشان كده هي رافضه العلاج عايزه تفضل وسط اهلها وناسها وده اللي قالتهولي أخر مره حاولت اخليها تتمسك بالأمل وتكمل علاجها 

فقاطعه " الطبيب علي" بأسى ونبره تكاد تكون معدومه:

ـ بس هي بنت ذكيه وعرفت أن مافيش أمل وفضلت تموت وسط اهلها بدل ما تموت وسط الدكاتره والممرضين انا اه مش متخصص بس كلنا عارفين ان سرطان الدماغ ده من ابشع انواع السرطانات والأمل في يكاد يكون معدوم خصوصاً لو وصل للمرحله الرابعه 

ترك " الطبيب المعالج "  المقعد وجلس على المقعد امامه :

ـ احنا دكاتره زي بعض واعطاء الأمل للمريض ده واجب حتى لو مافيش أمل يادكتور علي ودي حاجه أنتَ عارفها كويس 

أخذ الطبيب بكلماته منه الأمل وأعطاه الألم حين أردف بيأس :

ـ ربنا معاها ، ربنا كبير 

-------------------(بقلمي ماهي احمد)---------------
الهواء البارد في مثل ذلك التوقيت لم يمنع "نصير و "الخاله " من الجلوس في الخارج حيث البقع الخضراء المريحه للعين مد " نصير " كف يده بكوب الشاي وهو يجلس جوارها على مقعده الخشبي قائلاً :

- مش ناويه بقى تتكلمي ياحكيمه دي تالت كوبايه شاي اعملها وماتشربهاش وتحطيها جنبك وتفضلي ساكته وسرحانه قدامك وبس 

طالعت اكواب الشاي بجوارها تجاوب على سؤاله بسؤال اخر :

ـ فاكر يانصير ايام المهدي ، لما كان بيبقى شايل هموم الدنيا على راسه والمشاكل محوطاه من كل ناحيه بسبب العربي والضبع ده غير مرض علي فاكر 

ابتسم بهدوء حيث أكد :

ـ اكيد فاكر ، كان راجل بجد مكانش بيشيلنا هم شىء ودايماً يقول انا عيشت كتير وشوفت اكتر ومهما يحصل من بلاوي يقول ربك هيهونها 

طالعت البقع الخضراء بابتسامه أمل :

ـ كان بيحب يتمشى ما بين الخضرا اوي ، ويعمل المستحيل عشان يخلينا منشلش همه ونعيش ايامنا زي بقيت الخلق لحد اخر يوم ما مات فيه وانا لما شوفته بيموت قدامي قررت وقتها ابقى قويه وابقى في حكمته وهيبته واخد مكانه لحد اخر يوم في عمري بس الظاهر اني معرفتش يانصير 

نزلت عباراتها الساخنه على وجنتيها وهي تضيف :

ـ كل حاجه بتتهد من حواليا ، حاسه ان عمدان بيت الصاوي بتقع عمود ورا التاني 

اظهرتله ضعفها حين قالت :

ـ مابقاش فيا حيل للمعافره من جديد 
التقط " عم نصير " حبل سميك  بجواره فأكملت حكيمه وهي تخبره :
ـ ياسين ووقع  
عقد "نصير " عقده بالحبل الذي أتى بهِ فأكملت حكيمه بقول :
ـ وساره وبتموت ، وزهره وهتسيب البيت وهتاخد معاها شمس وحسان 
ثم اخذ يعقد عقدتين بالحبل بجوار بعضهم البعض :
ضايقها فعله ولكنها أكملت رغم ذلك :
ـ وعلي قلبه اتكسر من مراته وخسر أخوه عشانها 
عقد العقده الرابعه فتنهدت بغيظ واخرجت حديثها بنبره حاده :
ـ وميرا ورعد سافروا وبعدوا عننا ، وانا واقفه عاجزه حواليهم ، لما كنا بنحارب العربي كانت الحرب اسهل عشان كلنا كنا واقفين ايد واحده لكن هما دلوقتي واقفين لبعض على الواحده وكل واحد في اللي مكفيه وخصوصاً يزن اللي هيخسر لتاني مره اقرب شخص لي
مسحت دموعها بعنف :
ـ ده غير العساكر والحراسه اللي واقفه بره القريه 
مستنين في اي وقت اشاره من الدمنهوري عشان يولعوا القريه باللي فيها وانا مش هتحمل اشوف ناس مالهاش ذنب يموتوا بسببنا يانصير 
عقد أخر عقده بالحبل السميك وظل يرمقه باهتمام ، أنهت حديثها ولم تتلقى رد ، رمقته باستغراب على ما يفعله وهبت واقفه وهي تقول :
ـ لما أنتَ مش مهتم بكلامي وماسك في الحبل ده قولتلي احكي ليه يانصير 
ابتسم وهو يهدىء من روعها بقول :
ـ اهدي ياحكيمه ، واقعدي 
ـ مش قاعده 
رفضت وبشده فوقف هو يمد لها الحبل بكفه قائلاً :
ـ الحبل ده ترابط عيله الصاوي اه في مشاكل وفي كلاكيع ومتعقد وحالته ميؤوس منها بس ما اتقطعش ياحكيمه وطول ما هو ما اتقطعش يبقى ينفع نحل عقده واحده واحده لو بصينا لمشكله كل واحد هنعرف نحلها ويرجع تاني الحبل من غير عقد والود هيعود ، أنتِ طول عمرك حكيمه أخدتي حقك من اسمك وزياده أنتِ بس مش شايفه الصوره واضحه علشان كل المشاكل وقعت عليكي مره واحده 
ابتسمت لهُ بعدما فهمت مقصده يتخذ نفس اسلوب المهدي بحل مشاكله قديماً ردت عليه وهي تقول :
ـ ده نفس اسلوب المهدي
اكمل جملتها بقول :
ـ اللي أنتِ مانستهوش  ، وعايز اقولك أنا معاكي وقريه الصاوي محدش هيقدر يقرب منها في يوم علشان كلنا هنرجع نقف في ضهر بعض من جديد موافقه ياحكيمه 
كلماته اعادت لها الامل واخذت الألم ، عادت الأنفاس اليها من جديد رفع كف يده يربت على ذراعها ببسمه رأت بها ان كل شىء سيصبح على ما يرام 

------------------(بقلمي ماهي احمد)-----------------

هجرتها الراحه في هذه الليله فمنذ الصباح و
"شمس"  بالمشفى بجوار "ساره " التي طلبت منها احضار بعض الملابس المناسبه للمبيت وعند مغادرتها اوقفتها "مشيره " للرحيل معها ولكن اعترضت " مارال " طريقها واجبرتها على المكوث معهم والنتيجه هي هنا بمفردها بمنزل الـ "صاوي اتجهت الى غرفتها مباشرةً ثم فتحت الخزانه تحضر بعض الملابس الثقيله في ليله شديده البروده كهذه ،  وفي طريقها للخروج رمقت باب القبو مفتوحاً ، عرف الخوف طريقه اليها ، اقتربت بحذر وضاعف خوفها عند سماع صوتٍ يأتي من الأسفل ، وقفت على عتبه القبو  سائله بصوتٍ عال نسبياً:

ـ في حد تحت 










انتظرت لثواني ولم تأتِ لها اي اجابه ، اطمأنت تستدير مسرعه تستعد للرحيل ولكنها سمعت صوت خطوات اقدام بالأسفل وهذا ما جعلها تضع ما بيدها على الأرضيه ، ابتلعت ريقها تهبط الدرج بحذر ، تعود الى القبو من جديد ، ذاك القبو الذي بدأ معهُ كل شىء تمقته وتمقت ريحته ، ولكنها هبطت مجبره وما ان لامست قدمها الأرضيه تزاحمت افكارها وعادت لها  ذكرياتها المريره من جديد ،  عاليمين هنا تذكرت خليله وعقابها المؤلم ، تحركت نحو اليسار حتى تذكرت الضبع وضربه المبرح ، تحركت خطوات للأمام تذكرت "العربي" ولحظه قتل "عمار" وهو يلفظ انفاسه الأخيره هنا ترقرقت الدموع بعينيها ، لم تستطع نسيان طريقه موته البته وكأنه حدث البارحه ، قاطع شرودها صوت النافذه الخشبي يتمايل بشده من شده الرياح رمقت النافذه التى لطالما تمنت الخروج منها عند رؤيتها للطائره الورقيه من خلالها اقتربت ووقفت باتجاها كما كانت تقف وهي صغيره ابتسمت بسمه حانيه وهي تتذكر تلك الطائره فسمعت من الخلف ما جعل عينيها تتسع للضعف :

ـ غريبه أن مكان يأثر على مشاعر انسان بالشكل ده  ، ركن منه  يخلي دموعك تنزل وركن تاني يخليكي تبتسمي 

تيبس جسدها ، أنه صوته نعم انه صوته هي لا تتوهم ، استدارت وعادت تنظر خلفها وعند رؤيته شعرت بالأمان وغزا الأمل قلبها غير مصدقه  : 

ـ أنتَ بجد هنا وانا مش بتخيل صح 

ـ لو حابه تلمسيني عشان تتأكدي اني واقف قدامك فعلاً ومش بتتخيلي أنا موافق 

جذبها فجأه واصبح كفه محاوط لخصرها بذراعه صمتت بذهول بسبب فعلته المفاجئه لها واردف:

ـ لسه مش مصدقه اني هنا بالرغم من أنك بقيتي في حضني 

شعرت بتجمد أطرافها حين شعرت بأقترابه أكثر ،
حضنت عيناها عينيه ونظراته المحبه جعلتها اسيره لهُ ، تعالت أنفاسها وأجبرت عيناها للنظر للاسفل ، رمقت حينها جرح على صدره ، وقد ظهر جزء صغير منه اسفل قميصه ، تفحصت جرحه بعينيها بهلع مدت كف يدها تتحسس جرحه 
بخوف وقد عرفت الدموع طريق عينيها وهي تفتح زر قميصه لترى مدى عمق جرحه ، حاوط كفها بكفه يمنعها عن فعلتها بقول :

ـ بلاش ياشمس ، عشان خاطري بلاش 

لم تستمع لهُ بل أكملت فتح زر قميصه فتحت عينيها على وسعيهما بصدمه حين رأت عمق جرحه توالت دموعها بحرقه دون بكاء وحينها فقط قامت بسؤاله بنبره وضح بها خوفها عليه :

ـ حاسس بأيه ياياسين ،  بتوجعك 

لاحظت اقترابه أكثر ، واحتضن عينيها بعينيه نافياً :

ـ أنا مش حاسس بحاجه حتى الوجع مابقيتش احس بي 

ابعدت طرف قميصه أكثر  لترى جرحه كاملاً ثم مالت بوجها تقبل جرحه ، قبله بسيطه طبعتها على صدره بحنان شعر حينها بفقدان روحه منه ، حاول التماسك اكثر ولكن كيف ؟ فقد هزمته عينيها التي لطالما احبهما في يوم ، طالعته بعينيه وقد كسرت الصمت بينهما بسؤاله :

ـ هربت ازاي ؟ 

تجاهل سؤالها هاتفاً :

ـ مش مهم  هربت ازاي عشان مافيش وقت اقولك الأهم اللي جيت عشانه ياشمس 

كانت نبرته جاده بأخر جمله قالها ابتعدت عنه خطوه للخلف وتابع حديثه :

ـ انا جاي اقولك اني مسافر راجع المانيا من جديد ، هقعد كام يوم عند ناس معرفه في سينا لحد ما مشيره تدبرلي طريقه اهرب بيها من هنا

كمشت حاجبيها بدهشه تردد خلفه :

ـ مشيره 

اكمل وتجاهل ما قالت :

ـ عشان انتوا تبقوا في أمان طول ما انا هنا الدمنهوري مش هيسيب حد فيكم وهيظهر حقيقه الكل ومش هيسيب القريه في حالها ياشمس 

استدارت واعطته ظهرها اقترب منها برجاء :

 ـ بلاش دلوقتي بالذات تزعلي مني انا مش عارف اذا كنت هشوفك تاني ولا لاء 

اعترضت على قربه منها قائله :

ـ وجيت ليه طالما هتمشي ياياسين 

ـ عشان اطلقك 

هتف ما لم يرده كل أنش بهِ ، اجابته جعلتها تنتفض وتستدير مسرعه تطالعه بذهول ، الصدمه جليه على وجهها ، شعرت بالألم يختذل روحها ، فنظر لها يتفحص ملامحها فوجدها تجاهد لكي لا تنهار اقترب منها يقبلها على جبينها وكأنه يضع بصمته الأخيره قبل ان يرحل وهو يقول :

ـ أنتِ طــ

وقبل أن يكمل جملته وضعت كف يدها على فمه 
بتلقائيه وأنهارت باكيه وهي تقول بصعوبه من بين شفتيها :

ـ بلاش دلوقتي ، عايز تطلقني انا موافقه بس مش دلوقت ، طلقني لما تسافر المانيا ابعتلي ورقتي وهبقى راضيه بيها ، بس ارجوك مش دلوقت 
وافقها دون حتى أن يرد ، وافقها وكل أنش بجسده يريد الموافقه على اقتراحها فلا أحد يعلم كم هي جمله ثقيله على قلبه قبل لسانه 

-----------------(بقلمي ماهي احمد )----------------

الأيام سريعه ، سريعه كأحتراق ثقاب الكبريت عند اشعاله من يصدق أنه بمرور يومين قد حدث الكثير حتى أوصلته نتيجه ما حدث الى هنا يقف بمنتصف صحراء سيناء  العتمه والنيران المشتعله بكل مكان  ، الجميع يهرول هنا وهناك  يسمع صراخ الأطفال والأمهات من حوله ، يحيط بهِ رجال الدمنهوري بكل أتجاه ، اصبحت الصحراء ملكه من كثره عدد رجاله ابتسم الدمنهوري ساخراً :

ـ فاكر نفسك هتقدر تهرب مني ده أنا اجيبك لو روحت المريخ يلا 

لم يتوقع "ياسين" أن يجتمعا من جديد وخصوصاً بعدما رتب كل شىء لسفره  يعلم ان لقاءهم هذا ستصبح نتيجته الكوارث طالعه "ياسين" باستخفاف وتحدث:

ـ بس أنا عمري ما هاروح المريخ ، بس ممكن اوديك  لو عايز 

نطق " الدمنهوري " مراوغاً :

ـ لسانك ده موديك في داهيه محلتكش غيره الا اما شوفتلك كلب حتى من فصيلتك يدافع عنك ولا حتى شوفت خلقت حد من أهلك ، حتى وأنا حبسك ذليل عندي ما شوفتش خلقت حد فيهم للدرجه دي مش عايزينك ، ده أنا كده بقى  هعمل ليهم خدمه واخلصهم منك خالص المفروض يشكروني بقى 

غزت الرعشه " جسده " حاول جاهداً ان يتماسك 
حتى لا يكتشف أمره أمام الجميع لا يهمه نفسه فالأهم عنده هو حياتهم ، ولكن فجأه خرج جسده عن السيطره حين شقت أظافره طريقاً للخروج وقبل أن يتحول أمسك " داغر " كف يده يقف بجواره يحثه على الهدوء هاتفاً :

ـ فعلاً ،  هنشكرك ، بس بطريقتنا 










قفزت "ميرا " أمامه تسند بيدها على الأرض تحفر أظافرها بداخلها :

ـ عيلته تقيله عليك قولنا يلعب بيك لوحده حبه 

وفي لمح البصر وجد " الطبيب " يقف خلفه وهو يقول :

ـ جيت في ملعبنا 

أتى بربروس من الخلف بابتسامه عريضه على وجهه :

ـ يافرحتــــاه ، لقد وقع الفأر بالمصيده 

ظهورهم من العدم اربكه ولكنه حاول اخفاء ارتباكه حين قال :

ـ والتلات دكوره والحرمه دول هما اللي هيحموك ، من الجيش ده 

اقترب " عز " ووقف من الناحيه الأخرى بجانبه يشهر سلاحه وينشر رجاله بكل مكان يحيطون برجال " الدمنهوري " يخبره بابتسامه ساخره:

ـ لاء ، انت ماتعرفش أن الحرمه دي بجيشك كله 

نظرات العيون لو انها تنطق لكانت حرب طاحنه الأن ، نعم انها ساعه الحرب وقد دقت الطبول ولكنها ستدق على رأس كل من يفكر في التقرب بالأذى من عائله الصاوي 


تعليقات



×