رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الخامس 5 بقلم فاطيما يوسف



رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الخامس 5 بقلم فاطيما يوسف 

 #بسم_الله_الرحمن_الرحيم

#لا_إله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ_قدير


#البارت_الخامس

#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي

#بقلمي_فاطيما_يوسف


نظر إلى الخارج مرددا وهو يفسح المجال للضيف أن يدخل :


_ اتفضل ياعامر ياأخوي بيتك ومُطْرحك ، 


ثم وجه كلامه الي أبنائه مرددا :


_ تعالوا سلموا على عمكم ياولاد اتوحشتوه قوي .


أما هي منذ أن رأته أمامها تشنج جسدها وبهتت ملامحها وطار الكلام من على لسانها ، 


وأصبحت واقفة بمشاعر شتى ولكن يغلبها ويسيطر عليها فقدان الراحة من الآن ،


لاحظ مجدي شحوب وجهها فقوس فاهه وهو يردد باستغراب:


_مالك يامها إكده واقفه متنحة مش تسلَمي على عامر صديقك الصدوق قبل ما يسافر .


تحمحمت بهدوء وفاقت من شرودها عقب استماعها لكلام زوجها هاتفة بترحاب وهي تنظر داخل عيناي عامر وتبتلع أنفاسها بصعوبة:


_ حمد لله على السلامة ياعامر رجَعت ميتي من السفر ؟


ابتلع الآخر أنفاسه بصعوبة أمامها فهو قد عاد من السفر منذ يومان ولم يأتي إليهم كعادته كي يسلم عليهم لحاجة ما في نفسه ولم تكن إلا ضعفه أمامها حينما يراها ولكن احتقر حاله في ذاك الوقت ، وتذكر كلام صديقه وعاد إلى رشده ورد سلامها وهو يؤكد على أنها امرأة أخيه:


_ الله يسلمك يامرت أخوى ، كيفك إن شاء الله تكوني زينة ، 


وتابع كلماته وهو يملس على شعر الصغيرين بحنان بكلتا يداه :


_ رجعت من يومين إكده ، بس كنت بظبِط اموري ، بعت للي بتاجي تنضف الشقة فوق لما أخدت منك المفتاح يا أم الزين بس قلت لها متقولش إني جيت .


تحدث مجدي وهو يفسح المجال بيده كي يدلف أخيه إلي الداخل:


_ وه ماتدخل عاد هنتكلموا واحنا واقفين على الباب ، ادخل ياخوي بيتك ومُطْرحك ،


واسترسل حديثه وهو ينظر إلي زوجته آمرا اياها:


_بقول لك ايه يا مها عامر هيتعشى ويانا همي جهزي الوكل واحنا مستنينك عقبال ما تخلصي .


كأنه أعطاها إشارة الإنقاذ كي تنأى بحالها وتهرب من أمامهم كي تستطيع لملمة شتاتها في وجودهم الاثنين، وفرت من أمامهم وهي تردد :


_ حاضر هجهزه حالا دلوك.


دلفت إلى مطبخها وهي تضع يدها على صدرها تهدئ من ضر باته حينما رأته ، 


نعم لن ولم تستطيع لملمة حالها في وجوده ولم تنساه بل مجرد أن رأته أمامها دقات قلبها تمردت عصيانا عليها فهي في حضرته تنسى قوانين الفراق ، 


حدثت حالها برعب:


_ ماذا بكي ياامرأة اهدئي كي لاتنكشفي وحينها حتماً سيسطر وفا،تك وستصبحين في عداد المو،تى ! 


اهدأ قلبي ولا تخن،قني برجفتك حينما رأيته واستمعت إلى صوته وتجسدت صورته لحما ود،ما أمام محياك ، 


كانت تحدث حالها وتفكر وهي تطهي طعام العشاء بعدم تركيز فتركيزها كله مع ذاك المفاجئ بعودته بل ورأته أمامها على حين غرة ،

دخل عليها زوجها وجدها مرتبكة فسألها بتعجب:


_مالك في ايه عاد عماله تلفي حوالين نفسك وبكلمك مش دريانة مالك ؟


أجابته بتوتر:


_انت ازاي تعزم اخوك من غير ما تعرِفني علشان اعمل حسابي واجهز نفسي؟


افرض ما عنديش امكانيات وانت داخل بيه فجأة إكده ولا دي عادتك الاهمال مش هتبطِلها يا مجدي .


تأفف مجدي من ثرثرتها واجابها بضيق:


_هو انتي بقى مش هتسيبك من الحجج الفارغة داي عمال على بطال !

ولا انتي بتم،وتي في الخناق اخلصي جهزي العشا والموجود هاتيه مش قصة هي .


القى كلماته وتركها وغادر المطبخ وذهب الى اخيه ووجده يلعب مع اطفاله بحب وحنان ظاهران على وجهه فهو ابيهم ولم يلهو مع ابنائه كمثل ذاك العامر الذي انتبه الاطفال اليه فهم محرومون من حنان الأب الذي افتقدوه في ابيهم والذي لم يروه الا صدفه،


فمجدي كل حياته يقضيها في العمل ولم يشغل باله بزوجته ولا أطفاله ،


فتحدثه الى عامر قائلا:


_والله ما انا عارف كيف بيبقى ليك طول بال تلعب مع الاطفال إكده لساتك عقلك اصغير يا عامر مع ان اللي يشوف شكلك المتغِير من السفر يقول نضوجك اكتمل وما بقاش ليك في الحوارات الفارغه داي .


اندهش عامر من حديث اخيه الذي يخلو من الرحمة بأطفاله وهتف منزعجا:


_واه لساتك على حالك يا اخوي وما تغيرتِش وما تعرِفش ان الدنيا منفاتة ومش هناخد منيها غير ضحكة حلوة في وش اطفال او دعوة من زوجة علشان رافقين بحالتها وبيت دافي يلمنا وقت الوجع والشدة !


العواطف عمرها ما كانت ليها نضوج والحنية ما بتتشحتش يا ولد أبوي،


العب مع ولادك واستمتع بكل لحظه معاهم علشان ما تندمش بعد اكده وسيبك من العملية البحتة اللي انت عايش فيها داي عاد .


وكأن اذناه صماء فلم يشغل باله بأي حرف مما قاله له اخيه وسأله عن حاله:


_سيبك انت من الحوارات التافهة داي وقول لي نويت على ايه هترجع السفر تاني ولا هتشوف شغلانه هنا وتستقر بقى ونجوزك ؟


كانت في المطبخ تطهي الطعام واذناها معهم في الخارج كي تستمع الى كل حرف يتفوهانه لم يحزن قلبها من كلام زوجها القاسي فهي اعتادت على بروده ولم تتفاجئ ولكن الذي جعلها تنتبه اكثر أسئلة زوجها لأخيه وبالتحديد عندما سأله عن زواجه ،

القت اذنيها ناحية المكان الذي يمكثان فيه كي تستمع الى رد ذاك العامر ،


اما في الخارج اجابه عامر بإبانة :


_لا مش هسافر تاني تعبت يا اخوي من السفر والغربه نويت استقر وكمان ادور لي على عروسه علشان خلاص دخلت على ال 30 وما ينفعش اتاخر اكتر من اكده .


حينما استمعت الى اجابته دقات قلبها اعلنت العصيان ونسيت كل اتفاقاتها معه وهربت الد،ماء من وجهها وحدثت حالها:


_احقا سيتزوج ويعرف امرأة اخرى غيري !


لا لن اسمح بذلك ،


أحقاًّ كان يتخذني نزوة كي يتسلى معي في اوقات فراغه وهو في غربته !


امسكت سكي،نتها الحادة في قبضة يدها وغر،زتها في المنضدة الموضوعة أمامها بكل قوة مرددة بشراسة :


_الله الوكيل لو حوصل وعرف واحده واتجوزها ما هنيه عليها يوم واحد ويانا يا هي .


كأنها نسيت انها امرأة أخيه !

وأنها وعدته أن تنساه وأن تبتعد عنه وبذاتها أرشدته ان يتزوج ويرى حاله بعيدا عنها ولكن حينما رأته انقلبت موازينها وصارت تهذي بتلك الخرافات بلا جدوى ،


واندلعت الني،ران الحار،قة في صدرها وتأججت في جميع جسدها وهي تقسم بأن القادم نا،ر لا محالة فوالدتها رفضت طلاقها وحبيبها اقسم على فراقها وزوجها مستمر في بروده وحرمانها حسنا فليكن ما يكن وستقلبها نا،را ود،مارا على الجميع،


ولكن حينما تذكرت ابنائها سالت دموع العين ق،هرا وحزنا فهم نبض وجعها ولم تستطيع ان تتخلى عنهم او ان تتركهم فماذا عنها ان تركتهم ؟


فأبيهم لم يمتلك ذرة حنان واحدة لأبنائه وعند هذه النقطة تراجعت واعتبرت أيمانها لغواً وهدأت من حالها رويدا رويدا وأصبحت الآن في موقف مهزوز بين مشاعرها التي توجعها وتؤلمها بغزارة ،


فإحساس الخذلان والكسرة هما طريقاها الآن، أكملت طهي العشاء وخرجت اليهم وهي تضع الأواني على السفرة ثم نظرت اليهم قائلة بفتور:


_اتفضلوا العشا جاهز ،


توجهوا ناحية الطعام وجلسوا جميعا فمنذ عدة اشهر لم يجتمع زوجها معهم على طاولة طعام واحدة فهو يتناوله وحده دائما ،


تناولوا طعامهم بشهية مفتوحة عدا هي ثم ردد مجدي وهو يوجه حديثه الى زوجته بحديث جعلها تسعل بشده


بقول لك ايه يا مها عايزينك تشوفي عروسة لعامر تكون زينة إكده وتليق بيه هو خلاص قرر انه مش هيسافر تاني وقرر هيفتح مكتبة كبيرة ايه رايك ؟


سعلت بشدة من طلب زوجها أما عامر أحس بها منذ ان رآها وشعر بتغيرها والآن تيقن باحت،راق روحها عندما طلب مجدي ذاك الطلب منه فهو لم يكن يتوقع ان يفتح ذاك الموضوع بتلك السرعة فتحدث سريعاً:


_لا يا اخوي مش دلوك ما تشغلهاش ،


اموري أني هدبرها لحالي كفاية عليها مسؤولية الأولاد أني مش بفكر في الموضوع ده دلوك ، لما استقر واشوف أمور المكتبة اللي هفتحها .


___________________________


في مكتب المحامي ماهر البنان استدعى جميع المحامين الجدد الذي قام بتعيينهم منذ أسبوع قائلاً إليهم بعملية:


_من تلت ايام اديت لكل واحد فيكم ملف على انفراد وقلت له إنه ملف مهم جدا ،


دلوك أني عايز الملف من كل واحد فيكم وخلي بالكم اللي الملف بتاعه مش موجود وضايع يعتبر نفسه مرفود من دلوك علشان اني كنت محذر ومنبه بشدة ان كل واحد يخلي باله من الملف ، يالا انا مستني الملف بتاعكم واحد واحد اتفضلوا.


رددوا جميعاً بصوت واحد :


_تمام يا فندم هنروح نجيبه حالا .


أشار اليهم بالخروج كي يأتوا بالملفات انطلق كل منهم الى مكتبه وصار كل منهم يبحث عن ملفه وهو يتابعهم عبر الكاميرات وهو يعلم جيدا من الذي ضاع منه ملفه ومن يحتفظ به وسيأتي به اليه الآن فهو ثعلب ماكر ولن يسمح بالخطأ ان يتواجد في مكتبه ولن يسمح للظروف ايا كانت أن تجعله يخسر قضية وتضيع سمعته التي عاش سنوات يبنيها ،


اما عنهم واقفين في مكاتبهم كل منهم يبحث عن الملف فهم لم يتوقعوا أن يُسرق الملف منهم أو أن ذاك الماهر يدبر لهم اختبارا كي يرى من المستحق بوجوده في ذاك المكتب ولم يكن الا اثنان فقط اللائي وجدوا الملف ولم تكن الا رحمة ومتدرب آخر كان حريصا على اصطحاب الملف معه الى منزله دون أن يدري اذا كان اختباراً أو يعلم شيئا عن طبع ذلك الماهر ولكنه الحرص ،


بعد ربع ساعة بالتحديد وصلوا جميعاً أمامه وضعت رحمة وذاك الآخر الملف أمامه اما الباقيين نظروا اليه متأسفين فتحدثت إحداهن نيابة عن الأخريات:


_للاسف احنا كنا حاطين الملف في درج المكتب الخاص بينا وقافلين عليه وما لقيناهوش وما توقعناش ان ده اختبار من حضرتك أو إن حد يفتح درج المكتب وياخد الملفات .


بعيون ثاقبة نظر إليهم ثم تفوه قائلا بعملية:


_أول يوم جيتوا المكتب اهنه عرفتكم ان مفيش حاجه اسمها احنا اسفين يا فندم دي ممنوعة في قانون ماهر البنان نهائيا والدليل على اكده الاتنين دول رجعوا لي بالملف وهما ميعرفوش اي حاجه زييكم بالظبط،


فيؤسفني اقول لكم ما لكوش مكان في المكتب ده وبدون اي اعتذارات لأن ما بقبلش أعذار اتفضلوا وملكمش فرصة تانية .


اما رحمة فرِح داخلها فهي تعلم كل شيء عن ذاك الثعلب المكار فنظر اليها ماهر قائلا بحنكة:


_تعجبيني عرفتي تهربي من الكاميرات وتعيني الملف في مكان ما حدش يتوقعه ولحد دلوقتي ما عرفتوش يا ترى كنتي عيناه فين ؟


وتابع حديثه وهو ينظر الى ذاك المتدرب الآخر مرددا بإشادة :


_اما انت الملف مفارقش شنطتك اللي رايح وجاي بيها ودي حاجة حلوة انك ما تامنش لاي حاجة ولأي حد ونجحت في الاختبار الأول ليك مبروك وجودك وسط فريق ماهر الريان .


ابتسم الآخر لإشادته ، 

ثم وجه ماهر انظاره كي يستمع الى جواب تلك الماكرة الصغيرة والتي لم تخرج بالملف من المكتب واستطاعت ان تخبئه بمهارة أذهلته والى الآن لم يعرف اين خبأته ؟


أجابته رحمة بثقة :


_كنت عيناه في دولاب الأرشيف اللي مليان تراب ومحدش بياجي ناحيته خالص وكنت حريصة جدا ان محدش ياخد باله والحمد لله نجحت في اكده و ياريت اكون عند حسن ظن حضرتك .


هز رأسه بإعجاب وهتف:


_اه شلتيه في سلة الزبالة يعني ،


فعلا مكان محدش يتوقعه ، عجبتيني مشلتيش هم الملف تاخديه معاكي وعنتيه في مكان محدش يتوقعه ،


شابووو ليكي انتي أول متدربة تاجي عِندي المكتب وتُبقى بالمكر ده علشان اكده اعملي حسابك هتبقي مديرة المكتب بتاعي والمسؤولة عن كل الملفات والقضايا الخاصة بالمكتب ،


بعد شهرين لما عزه تمشي لأنها خلاص قررت مش هتشتغل تاني وطول الشهرين دول هتفضلي معاها تتدربي على شغلي وطريقتي كويس جدا ، تمام يا انسه .


لم تصدق ما قاله ذاك الماهر لتوه ففي لحظة وضحاها أصبحت مديرة مكتبه ، وظيفة لم تحلم بها ولن يستطيع حدسها ان يصدق تلك المفاجأة فهي الآن مديرة مكتب خط المحاكم بذاته ،

يا له من تقدم عظيم وفرصة أعطاها لها الزمن ولم تتوقعها ،


فأجابته بموافقه وعيناها فرحتين:


_تمام يا فندم وان شاء الله اكون عند حسن ظن حضرتك وبإذن الله هتشوف مني شغل واجتهاد ينال اعجاب حضرتك .


اما عن ذاك الواقف تحدث اليه قائلا:


_اما انت يعتبر نجحت في الاختبار لكن عملت المعتاد انك اخدت الملف معاك في كل مكان علشان تضمن أمانُه ، لكن ما فكرتش تشغل دماغك زي ما هي عملت علشان اكده اتفضل على مكتبك وهتعرف هتعمل ايه بالظبط .


ثم وجه حديثه الى رحمة:


_وانتي يا انسة اتفضلي مع عزة برة هي هتعرفك كل حاجة وهتفهمك هتعملي ايه بالظبط .


غادروا المكتب اما هو عاد إلى ملف القضية الموضوع أمامه كي يدرسه بعناية وكأن شيئا لم يكن فذاك المعتاد لدى ماهر البنان .


اما هي خرجت وتوجهت الى عزة مديرة مكتبه قائلة بفرحة :


_تصوري هبقى مديرة مكتب الاستاذ ماهر البنان مرة واحدة !

والله ما مصدقه حالي .

ابتسمت إليها عزة قائلة بمباركة :


_مبروك يا انسه رحمة شفتي ربك عاد كنتي هتمشي في اليوم اللي جايه تختبري فيه ودلوك هتبقي مديرة المكتب وداي حاجة تعلمك ان التسرع في القرارات ما يكونش بالسهولة داي وانك ما تضيعيش الفرص من ايديكي مهما كانت العقبات وده قانون من ضمن قوانين الاستاذ ماهر اللي انا هعلمك كل حاجه عن قوانينه وباذن الله هيوبقى ليكي مستقبل باهر في المجال ده بس اهم حاجة الصبر .


كانت تستمع إلى نصائحها بآذان واعية وسجلتها جميعها في عقلها بتركيز والآن ستنطلق رحمة المهدي الى أول طريق نجاحها في مهنتها المحببة الى قلبها .


_______________________________


في منزل ماجدة وبالتحديد في الساعة الخامسة عصراً كانت تجلس هي وبناتها كل منهم تتصفح هاتفها ، فوضعت ماجدة هاتفها على المنضدة ووجهت أنظارها إلى مكة مرددة :


_ عاملة ايه في مذاكرتك يامكة هتقفلى السنة داي وتجيبي الامتياز ولا هتفضلي متابعة شغل السوشيال ميديا بتاعك ده اللى ممنوش فائدة ولا مُصلحة.


قبل أن تجيب تدخلت سكون هاتفة باندهاش:


_ اسكتي ياماما إنتي متعرفيش عِملت ايه ، دي كانت رايحة سلم المجد والشهرة بطيارة لكن بتك وش فقر .


نظرت إليها مكة بسخط وهي تضع يدها على فمها كإشارة تحذيرية لها أن تصمت فهي علمت عن ماذا تقصد ، رأت ماجدة طريقة مكة فأردفت بتحذير :


_ والله ! ياترى عِملتي ايه عاد ومش عايزاني أدرى بيه وبتكتميه يابت بطني ، ماني عارفاكي وش فقر زي ماهي قالت .


أشاحت سكون برأسها لمكة باعتراض ثم تحدثت باستفاضة:


_ البرنسيسة عِملت حوار مع نَجم كَبير ومرضيتش تنشره على صفحتها واللى كان هيجيب لها ملايين المتابعين وقال ايه حرام ومش عايزاهم واصل .


مطت ماجدة شفتيها بامتعاض واردفت بسخرية :


_ خليكي معقدة ودماغك ناشفة وهتفضلي طول عمرك إكده امبارح عنديكي زي النهاردة وبكرة ماهتتقدميش .


كانت مكة تتصفح هاتفها ولم تستمع إلى حرف واحد من حديث والدتها المعتاد عن تدينها ورؤيتها الدائمة بأنها متمسكة بشدة ، 


وأثناء حديثهم استمعوا الى جرس الباب ،قامت مكة كعادتها إلى غرفتها ترتدي نقابها عند وصول ضيف ، أما سكون قامت بفتح الباب ونظرت بدهشة إلى الضيفة الآتية وشكلها غير مألوف ويبدوا عليها الإرهاق ، 


فتحدثت الضيفة بابتسامة هادئة:


_ السلام عليكم ، انا الإعلامية هند كامل وجاية هنا للأستاذة مكة عايزاها في موضوع شغل ، هي موجودة ولا لا ؟


رحبت بها سكون بعلامات وجه يبدوا عليها الاندهاش ثم أفسحت لها المجال أن تدلف :


_ أهلاً وسهلاً بحضرتك ، اتفضلي هي موجودة .


دخلت الإعلامية منزلهم وهي تنظر إليه تتفحصه بعناية ثم أدخلتها سكون حجرة الصالون ونادت على والدتها ، 


أتت ماجدة إليهم وتحدثت وهي تنظر إلى الضيفة نفس نظرات سكون مرددة :


_ أهلا وسهلا مين حضرتك ؟


أجابتها سكون تلك المرة:


_ دي الإعلامية هند كامل وبتقول إنها عايزة الأستاذة مكة في شغل .


رفعت ماجدة حاجبها باندهاش مرددة بتلقائية مغلفة بالذهول:


_ شغل وأستاذة مكة في جملة واحدة ! إنتي متوكدة من انك جاية المكان الصح ياأستاذة ؟


اندهشت تلك الهند من ذهولهم الغير مفهوم مما جعلها تشعر أنها أتت مكانا خاطئاً ثم سألتهم مرة أخرى:


_ إزاي يعني ده مش بيت أستاذة مكة الجندي الطالبة بكلية الصحافة والإعلام ؟


أجابتها سكون وهي تنظر إلى والدتها بأعين محذرة :


_ أه ياحبيبتي هو ثواني هندهالك ، تحبي تشربي ايه ؟


رفضت أن تتناول أي مشروب وعللت بأنها حين تشعر باحتياجها لشئ ما ستطلب ،


ذهبت سكون كي تنادي مكة وهي على نفس ذهولها ، دخلت غرفتها وهتفت بدعابة :


_ الأستاذة مكة ممكن تتكرم وتاجي تقابل ضيوف عايزينها برة في شغل مِهم .


انزعجت مكة من طريقتها ورددت بضيق:


_ شوفي بقى أني مخن،وقة منيكي ولو مبطلتيش مقلتة وانظبطي معاي هطلع عفاريتي عليكي .


قهقهت سكون على طريقتها بشدة ، ثم أردفت بتأكيد :


_ الله وأني مالي عاد هو إنتي بتقولي شكل للبيع ، في إعلامية برة بتقول إنها عايزاكي في شغل واسمها هند كامل ، يالا همي عاد علشان مينفعش إكدة نتأخروا عليها.


حينما استمعت إلى الاسم عرفتها على الفور فهي متابعة جيدة لصفحتها علي الفيسبوك والانستجرام فهتفت باندهاش:


_ إنتي متوكدة عاد ان الأستاذة هند كامل بنفسيها برة وعايزة تقابلني ؟!


ضر،بت سكون كفا بكف من ذهولها وهتفت بتأكيد :


_ والله هي قالت إكده هو أني كنت أعرف جنابها يعني ، 


يالا اخرجي عاد وكفاية قر وتتأخري عليها ، 


خرجت مكة كالبلهاء من غرفتها وهي تكذب حدسها أن من بالخارج هي من ببالها ، 

ولكن خرجت ببجامتها القطنية وشعرها الأسود اللامع ينسدل على ظهرها ويصل إلى منتصفه بل ويزيد وبعض من خصلاته تنسدل على عيونها ذات اللون الأزرق ونسيت أن ترتدي حجابها ولا نقابها ، 


ولكن سكون لاحظت ذلك وكادت أن تنادي عليها الا انها انطلقت مسرعة ووصلت الى مكان تلك الإعلامية ،


دخلت اليهم وعيناها تترصد رؤية تلك الهند وقد كان وجدتها هي بذاتها ،


وقفت امامها وهي تردد السلام بانبهار فهي تعشقها بشده وتعتبر مثلها الأعلى في الإعلام نظرا لثقافتها الشديدة واهتمامها بالمواضيع الجادة وكما انها إعلامية ممتازة من الدرجة الأولى ،


فتحدثت مكة بلباقة وهي تسلم عليها :


_ نورتي المكان يا أستاذة والله ما مصِدقه حالي اني شايفاكي قدام عيوني وبسلم عليكي ، 

هو ده بجد ولا خيال ؟


بادلتها هند مصافحتها بحرارة وأجابتها بابتسامة وهي تنظر الى ملامحها الجميلة بانبهار وشبهتها بإحدى بطلات الأساطير من شده جمالها الأخاذ:


_لا بجد يا ستي انا جاية لك مخصوص علشان عايزاكي في شغل مالك مسهمة كده ليه .


انتبهت مكة لحالها وأجابتها وهي تجلس أمامها:


_ معقولة عايزاني اني في شغل ! ممكن حضرتك تفهميني اكتر .


اما والدتها تحدثت اليها بسخرية:

_ ايه الجمال ده كله يا مكة يا بتي ، شكلك كيف القمر النهاردة .


فهي تعلم جيدا مدى تشبث ابنتها بأن تلتزم بنقابها حتى أمام السيدات وترفض الجلوس في الأماكن التي تجتمع فيها النساء وهي رافعة النقاب خشية من ان تحكي احداهن او تصف شكلها الى أي مخلوق ولكن عندما ذكرتها والدتها بكلامها ذاك احست بتسرعها ووضعت يدها على شعرها تلقائيا وهي تنظر الى هند بابتسامة شاحبة ،


ثم استأذنت منها مرددة وهي تقوم من مكانها:


_بعد اذنك يا أستاذة ثواني وراجعة لحضرتك .


انطلقت من أمامهم وذهبت الى غرفتها وارتدت الاسدال الفضفاض الخاص بها ووضعت حجابه على راسها ولم تلبس النقاب فهي راتها ، 


خرجت اليهم فتحدثت هند بتعجب:


_ليه لبستيه ما انتي كنت زي القمر دلوقتي على راي والدتك ؟


تحمحمت بهدوء واجابتها:


_معلش يا استاذة اعذريني برتاح إكده ، 


وتابعت حديثها وهي تسألها باستفسار:


_حضرتك بتقولي عايزاني في شغل ممكن أعرف طبيعة الشغل ده ايه مع العلم ان لسه في آخر سنه في الجامعة .


شرحت هند ما تحتاجه منها باستفاضة:


_شوفي يا ستي انا عرفت ان انت عملتي حوار صحفي مع النجم ادم المنسي وبصراحة شفت الحوار وعجبني جدا ومن مصادري الخاصه عرفت ان انتي صاحبة الحوار عجبتني طريقتك جد ا وحابه ان انت تنضمي لفريقي الإعلامي ايه رايك؟


بنبرة ذهول نطقت متسرعة وكأنها تقلل من حالها:


_عجبك شغلي أني متأكده ان انا اللي تقصديها؟


ابتسمت بخفة وأجابتها :


_اه يا بنتي مالك مستغربة كده ليه؟


تحدثوا مع بعضهم كثيرا وطلبت منها هند ان تأتي اليها غدا وأعطتها عنوان الاستوديو الخاص بها ثم استأذنتهم في المغادرة ،


وبعد ان غادرت نظرت مكة الى سكون مرددة باستعطاف:


_ طبعا إنتي هتاجي معاي ومش هتهمليني اروح لحالي ولا ايه يا دَكتورة .


اجابتها سكون وهي ترفع قامتها بكبر مصطنع:


_دلوك بتحترميني عاد وبتناديني بالدكتورة من شوي كنتي عايزه تبلع،يني،


على العموم اني مش فاضية وراي شغل كَتير في المستشفى شوفي لك حد غيري .


تحايلت عليها مكة وهتفت بإصرار :


_يارب تاخدي الماجستير بتقدير امتياز يا رب يخليكي بالله عليكي ماتسبيني لحالي ....


وظلت تحايلها فأسكتتها سكون :


_خلاص خلاص هاجي معاكي اكتمي عاد جبتي لي صداع بس ابقي افتكري وما تنسيش واصل .


قامت مكة مسرعة من مكانها واحتضنتها ثم ذهبت الى غرفتها وهي سعيدة للغايه بأن حلمها بان يصبح اسمها في الإعلام يحلق الآن امام عيناها ،


اما هند صعدت سيارتها وامسكت هاتفها وقامت بالاتصال على رقم ما وما ان اتاها الرد فتحدثت بإشادة عن حالها :


_طبعا وافقت ومن بكره هتيجي اول ميتنج هنتفق على كل حاجه دي اصلا اول ما شافتني انهبلت .


كان المتحدث مضطجعا على مكتبه ومستمتعا لأدنى حد فقد بدأ يقترب منها ويصل لمبتغاه ، 


فسألها بجدية :


_ وامتى المعاد يانودي بالظبط ؟


أجابته :


_ بكرة الساعة اتنين الضهر ، هتيجي ؟


_ياسلام أمال أنا باعتك ليه ياهانم لله وللوطن مثلاً... جملة تهكمية نطقها ذاك المتحدث وتابع كلماته:


_ طبعاً متعرفش حاجة زي مامتفقين ؟


أراحت باله وطمأنته :


_ of course baby 

وأكملت بانبهار:


_ بس ايه المزة الجامدة دي يابيبي ده أنا كنت حاسة إني قاعدة قدام باربي ، ده انت وقعت واقف .


نطق ذاك المتحدث :


_ باربي ! إنتي شوفتيها إزاي ؟


______________________________


يجلس عمران في الاسطبل الخاص بمهرته الغالية والمحببة إلى قلبه ، يجلس أمامها ويحدثها وكأنه يتحدث مع إنسان مثله ، يملس على جسدها بحنان وهو يردد :


_ تعرِفي إنتي فيكي شبه منيها قوي ، هي اسمها لايق عليها هادية ورقيقة ، وانتي كيف النسمة ياغالية ، ياترى هترتاحي معاها وتحبيها زي صاحبك عاد ياغالية ؟


وكأنها تتفهم حديثه فحركت رأسها بهدوء يليق بها ، وعندما رأى هدوئها أحس بارتياحها لمجرد ذكر اسمها فقط ، فردد بسعادة:


_ عال عال ياغاليتي شكلكم هتتفقو علي عاد وهتعملوا حلف ضدي، 


ثم تذكر أمره الذي ينغص حياته ويمررها كالعلقم بل وأمر :


_ بس أني خايف ياغالية أقرب منيها خطوات وعند الخطوة الأخيرة والمهمة أبعد ألاف الأميال ، وقتها هتنك،سر وهخاف عليها مني ومن اللي هتحس بيه .


أحست بوجيعته وكأنها تعي مايقوله فتحركت برأسها ونظرت بعيناها وثبتتها في عيناه ونظراتها تعي الحزن على صديقها ، 


رأى نظراتها الحزينة والغير معتادة فعلم أنه سيدخل حرب العشق الممنوع بشراسة وأنها ستكن معركة شرسة ولكن قلبه يحثه على التقدم فقد وقعت أمامه بمحض الصدفة وانجذب إليها بلا هوادة ، وبات يفكر بها بلا عقل ولا منطق وحينها ينسى مابه وما يحياه من رحلة غامضة لايستطيع تفسيرها إلى الآن ،


وحينما وصل إليها عقله وقلبه تبسمت عيناه وهو يتذكر عيناه ودق قلبه وهو يتذكر نظراتها وارتعش جسده بخفة وهو يتذكر رجفة جسدها حين تراه ، وابتسم سنُّه وهو يراجع ماقالته شفتاها في إغمائها ، 


وحدث حاله وهو ينظر إلي السماء اللامعة بشغف وكأنه بها ينسى ألامه وتتبدل إلى أمال:


_ لاتلومنى ياقلبي فأنا الفارس الذي أغرم بها ووقع بأسرها هياما ، 


فحرب العشق مباحُ بها كل شيء وما عليها قوانين أخضع لها وما علىَّ ملامة ، 


أحببتها نعم أحببتها وقلبي أخيراً وجدها وعرف طريقها ولن يندم علي شقائه ولن يستسلم فاهدئي نفسي اللوامة ، 


فعمران قد عشق السكون ولها سيكون وبها سيكشف عن المكنون وبعد أن وجدها لن يضيعها فحقا ذاك الجنون .


ثم وجد حاله يمسك هاتفه وبلا تفكير أتى برقمها وقام بالضغط على زر الإتصال وهو في حالة نشوته بها وانتظر ردها ، 


أما هى كانت تجلس ممسكة هاتفها تشاهد صوره وكأن القلوب تآلفت وتناغمت وصارت تشعر بمحبيها ، ولكن تلك حالتها منذ أن رأته وعشقته ودق قلبها غراماً لذاك العمران ، وجدت هاتفها يهتز بيدها ورأت نقش اسمه "عمران" على الهاتف اتسعت مقلتيها بذهول ودقات قلبها كادت تقفز من بين ضلوعها وعقلها لم يصدق ، عمران يحادثها !


العشق الخفي أخيراً ظهر على شاشة هاتفها ، 

أحقا ستسمع صوته في أذناها !


أحقا سيتحدث معها وتجيبه ، علي الفور قررت أن تسجل تلك المكالمة قبل أن تضغط زر الإجابة كي تعيدها على مسامعها مرات ومرات، 


ثم ضغطت على زر الإجابة بأصابع ترتعش وأحابته بهدوء ورقة :


_ السلام عليكم ورحمة الله.


كان نائما على الأريكة الموجودة في استراحة الإسطبل ، حينما أتاه صوتها الهادئ الرقيق مثلها اعتدل من نومته وقام ثم ذهب تجاه البحيرة الموجودة بجانب الإسطبل وهو يردد بنبرة صوت رجولية أسرت تلك السكون :


_ وعليكم السلام ورحمه الله ، كيفك ياداكتورة ،يارب تكوني بخير .


ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة ورددت :


_ زينة الحمد لله ، إنت أخبارك ايه ؟


أجابها برد صريح يليق بشخصية العمران :


_ حسيت إني هبقي زين لما أكلمك ، لقيت نفسي بمسك التليفون وبجيب رقمك وبرن عليكي وأني معِنديش سبب لاتصالي غير إني عايز أتكَلم معاكي ، هو أني إكده غُلطت صح .


أحست بحرارة تنبعث من وجهها من عدم تصديقها بصراحة ذاك العمران ، وقررت أن تنطلق في الرد عليه بما يشعر به قلبها وأن تتبع نفس صراحته فهي تعشقه وتريده وتحتاج وجوده في حياتها وفي قانون المحبين التى تحياه سكون ماعلي العاشق ملام ، وبالرغم من أنها على يقين بأن هتافه لها وردها عليه خطأ وحرام إلا أنها لم تستطيع مقاومة قلبها ، 


وأجابته بنفس صراحته :


_ وأني كمان هكَلَمك بصراحة أني عايزة أسمعك وانت بتتكلَم وإني مش مضايقة من مكالمتك خالص .


ابتسم وجهه بتلقائية لردها وتحدث وهو يجلس أمام البحيرة :


_ حاسس وكأني أعرِفك من زمان وانك كمان تعرِفيني ، والاحساس ده مسيطِر عليا وإني من ساعة ماشوفتك أول مرة ووقعتي بين ايدي وأنا بفكِر فيكي ، معندكِيش علاج لحيرة عمران ياطبيبة .


لااااا كفى عمران فمفاجئتك بجبر قلبي قد قاربت على الاقتراب ، 


اهدأ قلبي واستعد كي تقدر على مواجهة معركة عشق العمران ، 


أجابت عليه يخجل:


_ طيب وبتحس بإيه تاني ؟


مسح على شعره واجابها بنفس صراحته :


_ حاسس إني عايز أتكَلم معاكي في كل الأوقات واشوفك بنفس الأوقات وأقضي معاكي كل الأوقات ، 


ثم بنبرة صوت مبحوحة انطلق لسانه :


_ أنا عشقتك ياسكون عشقتك عشق الليل للقمر ، هو ده إحساسي وهو ده أملي انك تكوني من نصيبي. 


كادت وعيها أن يذهب منها وتسقط مغشياً عليها ، استمع الى أنفاسها المتسارعة ونبضات قلبها التي وصلته ، فأكمل :


_ عارف وحاسس بيكي دلوك وانك خجلانة ،بس مقدِرتش غير إني أعبر لك على اللي حاسس بيه ومحبتش إني الف وأدور وأكذب والف مواضيع ، احساسي بيكي هو اللي خلى لساني ينطقها بالسرعة داي ومش عايز منك رد دلوك بس طمنيني بكلمة ياسكون إني مش بتوهَم .


نطق لسانها قبل أن تضغط زر الهاتف وهي مستمتعة بانتشاء لاعتراف العمران :


_ مبتتوهَمش ياعمران طمن قلبك ده أحب اعتراف لقلبي .


قالتها وأغلقت الهاتف ثم احتضنته فهو شهد علي اعتراف عمران ، 


وحدثت حالها وهي غير مستوعبة لما سمعته الآن :


_ أخيراً قالها وأخيراً سمعتُها قال لي أعشقك قال لي أنا في احتياجك ، 


مابها تلك الكلمات التى هزتني وجعلت قلبي يرفرف وجسدي يهتز بعنف من اعتراف العمران ، 


ماذا بكي سكون اهدأي فتلك البدايات فعدي حالك لطوفان غرامه الذي حلمتي به أعوام ، 


ثم أفاقت من شرودها علي رسالته :


_ هجي لك المستشفي بكرة إن شاء الله أني وحبيبة أختي علشان نعمل إللي اتفقنا عليه .


أرسلت إليه ايموشن تأكيد فهي الآن ستراه غداً ولكن بنظرات مختلفة فقد اعترف بحبها وسترى نظرته غدا بعد ذاك الإعتراف ، نظرة عشق لها تمنتها يوماً منه ثم ردت على رسالته :


_ ياهلا وغلا هتنوروا المستشفى.


فأهلا بك أيها العمران فقد سكنت الوجدان منذ قديم الزمان والآن كفاني منك حرمان وعدني بأنك ستأتي إليَّ طالبا قربي وأعدك أنا بأني سأعطيك كلي بنفس راضية وقلب ارتاح بعد ظمآن .


____________________________


بعد مدة عاد عمران الى منزله وجد والدته وأختاه وتلك البغيضة التى يكرهها تجلس أوسطهم وحينما رأته نظرت إليه نظرة اشتهاء كعادتها ألقى عليهم السلام بفتور ثم اتجه ناحية الأدراج منتويا الصعود إلى غرفته ،


فنادت عليه والدته مرددة :


_ عمران على فين ياولدى لسه بدري على النوم ، تعالى اقعد معاي شوية اتوحشت قعدتك .


أدار جسده إليها وهو في مقدمة الأدراج قائلا وهو يدعى النوم فهو لايريد مجالسة تلك الملعونة:


_ مَعلش ياحاجة كابس على النوم ، أوعدك بكرة إن شاء الله أزهِقك مني .


هنا تحدثت وجد قاصدة إياها بحديثها:


_ وه ده إنت لساتك اصغير على النوم بدري ميعملش إكده إلا اللي عضمته كبرت .


كانت تتحدث بطريقة دعابية كي لا تستدعي غضب زينب عليها ، وبالرغم من أنها امرأة تتلون كالحية إلا أن زينب تعاملها كبناتها ولم تنبذها يوماً أو تمنعها من دخول منزلها ، 


وعمران الوحيد في هذا المنزل الذي يعرفها ولم يريد الكشف عن لعنتها كي لا يرفع غطاء الستر الذي يمنحها ربها إياه وكما أنه يشعر بشعور الكتمان على تلك الوجد بالتحديد ولكن هذا الشعور يجعله يخت،نق دوماً وبدون اسباب ،وكما أنه يخشى أن يتكلم عنها أو يخوض في سيرتها ليس خوفاً عليها ولكن على أختيه فهو يتقي الله فيهم ،


فضر،بتها زينب على فخذيها مرددة باستنكار:


_ وه تفي من بقك عاد يابت ياوجد ده عمران زينة شباب قنا كلياتها ومحدش زييه واصل ، 


وتابعت حديثها وهي تشاور إلي عمران أن يدلف إليهم :


_ حلفتك بالغالي ياولدي تاجي اني عاملة صنية رز معمر بالسمن البلدي تستاهل فمك ، تعالى دوق منيها وهتعجبك قوووي هي لساتها في الفرن وخلاص باقي يجي عشر دقايق وأطلِعها تعالى ياولدي تعالى .


هبط الدرجة التى صعدها فهو يعشق والدته ويخاف على ضيقها بشدة ، 


دارت عيناه في المكان كي يرى مقعداً بعيدا عن التى تأكله بعيناها ولكن لم يجد ، 


فاضطر أن يجلس أمامها ، أما هي ظلت نظراتها تحاوطه بتلاعب دون أن تأخذ كل منهن بالا من نظرات تلك اللعوب ، 


اخرجت هاتفها من جيبها وأرسلت إليه رسالة عبر الواتساب:


_ طالع كيف البدر النهاردة ياعمران ، ايه متوحشتش وجد ومش عايز تقعد وياها .


اعلن هاتفه عن وصول رسالة وتلقائيا جالت سكون بخاطره وابتسم تلقائيا ،


ففتح الرسالة وجدها من رقم لم يعرفه فقرأ محتواها وغضب داخله عندما رآها من تلك الوجد والذي حظرها من عشرات الخطوط كي لاتصل إليه ولكنها لم تيأس ،


رفع أنظاره إليها بحدة ولكنها قابلت حدته بغمزة من عيناها تشاكسه بها ، 


اختنق بشدة من حركتها فلفظ لاإراديا :


_ قليلة حيا صحيح قبر يلم العفش.


انتبهن جميعهن إلي توبيخه فسألته والدته باندهاش:


_ وه مالك ياولدي في ايه مين داي .


وعى لحاله فتحمحم بهدوء وهو يعيد ثباته مجيبها:


_ لا سلامتك يا امي دي واحدة إكده شوفتها قدامي علي المحمول ولية من إياهم اللى عايزين الح.رق بجاز أسود ينكب فوقيهم نخل،صوا منيهم .


لوت حبيبة شفتيها مردفة :


_دول بقوا اكتر من الهم على القلب وبقو يتعروا بجسمهم وواخدينَه تجارة يلموا من وراها ألوفات ودولارات ربنا يجحِمهم مكان مايكونوا البعدا دول .


أمرت زينب رحمة أن تتابع ما بالفرن فتأففت بشدة :


_ وه هو مفيش غير رحمة عاد ماحبيبة ووجد اهم .

اتسعت مقلتيها بذهول وأردفت وهي تنهرها بحدة :


_ أما إنتي قليلة الادب بصحيح يعني البَعيدة عميا مشيفاش اختك وبطنها هتدلى منيها اسم الله عليها !


قومي يابت فزي تك طلق .


ابتسمن جميعاً على مشاغبتهن المعتادة وقامت وجد من مكانها قائلة :


_ خلاص خلاص ياحاجة سبيها قاعدة مستريحة البرنسيسة رحمة وأنا عيوني ليها.


_وه يابتي هنشغلك عندينا في الحبة اللى بتقعديهم ويانا.. جملة اعتراضية عقبت بها زينب .


رددت زينب وهي تتجه ناحية المطبخ :


_ لع ولا تعب ولا حاجة ياحاجة أني زي بناتك بردك ومش غريبة عنيكم ولا ايه ؟


شكرتها زينب بامتنان:


_ والله يابتي بعتبرك كيفهم بالظبط وزيادة كماني ، ده إنتي بت ناس والعيبة عمرها ماطلعت منيكي واصل.


هنا احت،رق داخل عمران بسبب طيبة والدته الزائدة عن الحد بسبب نعت والدته لتلك الوجد بالطيبة ، 


دلفت وجد إلي المطبخ وجدت الأرز قد اكتمل طهيه وضعته على المنضدة ثم أحضرت الأطباق ثم أخرجت من صدرها كيسا صغيرا وأسكبت محتواه على جميع الأطباق عدا طبق واحد مختلف ومتميز عنهم سكبت عليه شيئا اخر وهي تنظر إلي الخارج خوفاً من أن يراها أيا منهم ، ثم قامت بوضعهم على الصينية الكبيرة وخرجت اليهم بملامح مبتسمة وأعطتهم كل واحد طبقاً وأعطت طبق عمران لزينب قائلة :


_ اتفضلي ياحاجة ادي لسي عمران بيدك .


اخذ عمران من والدته على مضض وهو كارها أن يتناول شيئا من تلك الحية ،


صاروا يتناولون وجبة الارز باشتهاء وتلذذ وهم يتبادلون أطراف الحديث ،


ثم وجه عمران حديثه الي حبيبة مرددا:


_ أني حجزت لك عند داكتورة في المستشفي سمعت أنها شاطرة وزينة هنروح بكرة إن شاء الله اعملي حسابك ، علشان هي دي اللي هتولدي عنديها مهتولديش عند دكاترة رجالة عاد .


أجابته بحنق:


_ طيب ليه إكده ياعمران أني مرتاحة مع الدكتور اللي بتابع وياه فيها ايه داي .


كاد أن يجيبها الا أن وجد أكدت على كلامه :


_ لاا ياحبيبة سي عمران عنديه حق متتكشفيش على راجل اسمعي الكلام وروحي معاه .


وضع عمران الطبق الذي بيده بعد أن أكل مايقرب من نصفه ثم قام مستئذنا وهو منتوي الخروج :


_ تسلم يدك ياامي اني هروح الاستراحة اللي برة أخلص شوية شغل وراجع تاني ، معايزاش حاجة واصل .


أذنت له بالخروج وهي تدعي له أن يكون النجاح والتوفيق حليفه ، 


ذهب إلي الاستراحة وجلس فيها بهدوء واسترخاء وقام بخلع قميصه وجلس عاري الصدر فهو وحده وأحس ببعض الدوار في رأسه فأغمضت عيناه واستسلم للنوم ، 


بعد ربع ساعة بالتحديد استئذنت وجد في الخروج ، 


ثم ساقتها قدماها الي مكان استراحته وهي تتلفت يميناً ويساراً كي ترى ماإذا كان يتابعها أحدا من المارين أمام البوابة ولكن لم تجد ، 


انطلقت مسرعة حتى وصلت ونظرت من نافذة الاستراحة ودققت النظر حتي رأته وهو مستلقيا باسترخاء على الأريكة ، انبهرت من جماله ومن بروز عضلات جسده ففتحت باب الاستراحة بهدوء دون أن يشعر أحد بدلوفها ، 


ثم ذهبت إلى النافذة وأغلقتها بإحكام وأسدلت الستار عليها وذهبت ناحية الباب وأوصدته بالمفتاح ،


وصارت تتسحب على أقدامها كاللص ثم اقتربت منه وجدته مغمض العينين ، أكلته بعيناها برغبة ثم اقتربت من رأسه تشتم رائحته من الخلف وكل ذلك لم يشعر بأنفاسها ، وصارت تتحسس عضلات جسده بلا حياء ثم أخرجت هاتفها وقامت بالتصوير معه في أوضاع مختلفة وهو يبدو كأنه مغشي عليه ، 


اغمضت عيناها وهي مستمتعة بقربها منه وهي تتنفس رائحته ، فحقا تلك اللعينة تعشقه بشدة وتريده بشراهة ، تفعل المستحيل كي تصل إليه ولكنه متيبس الرأس ،


فعلت معه مالا يخطر على قلب بشر كي تجعله يأتي إليها راكعا في النهاية ولن يرى إمرأة غيرها ، وكل مرة ترى منه نبذا فتزيد مما تفعله به ولن ترأف بحاله ، 


فحقا جنس حواء مكرهن عظيم وعندما تمشي إحداهن في جعل أحدهم يخضع لها لن تستكين قبل أن تصل وتلك الوجد لديها تصميم متشبسة به ولن تيأس حتى تصل إلى عمران ، 


لم تستطيع مقاومته فأكملت يدها تتحسس عضلات صدره برغبة جامحة اجتاحت أوصالها ، ظلت على وضعها هكذا ولم تحسب للوقت حسبان فهي في حضرة عمران تنسى الزمان والمكان وهاتفها يسجل ما تفعله بكل جرأة وعدم خجل من حالها ،


انتفض عمران مسرعاً واعتدل من نومته ونظر إليها وجدها تلك الحية التي لم تخشى احدا واقتحمت عزلته وفعلت مافعلت يالها من امرأة قادرة كما يسمون ، 


ثم نظر إليها بعيون غاضبة مرددا بج،حيم ....


الفصل السادس من هنا


تعليقات



×