رواية ولادة من جديد الفصل الخامس5 بقلم مجهول


 

رواية ولادة من جديد الفصل الخامس بقلم مجهول

لم يكن بامكان فايزة الذهاب إلى المستشفى. إذا فعلت ذلك، سينكشف حملها في لحظتها. كان الأمر يبدو مصيراً للضحك، لكنها لم تكن تريد لأي شخص آخر أن يعلم بأمر الطفل. كانت تحاول الحفاظ على آخر بقايا كرامتها. كانت تدرك أن كبريائها كان قد انتهى بالفعل عندما وافقت على زواج صوري مع حسام . فأي كرامة لها الآن في مواجهته هو ومن يحبها؟ ومع ذلك ...
ثم أطرقت برأسها، فهي لم ترغب في الكشف عن أي شيء قد يزيد من سخرية الآخرين منها.
أما حسام ، فعبس عندما سمع ذلك، وانعطفت السيارة فجأة، وتوقفت بصرير عند جانب الطريق.
ظنت فايزة، في تلك اللحظة، أنه سيطلب منها النزول من سيارته، فمدت يدها لتفتح الباب.   تكتك! وانغلقت الأبواب فوراً.
كان يحدق بها بنظرة غاضبة عبر المرآة الخلفية، وسألها: "لماذا لا تريدين الذهاب إلى المستشفى؟"
لقد كانت تتصرف بشكل مريب منذ أن مشت تحت المطر مساء أمس.
وأجابته فايزة في هدوء: "إن لم أشعر بتحسن، يمكنن زيارة الطبيب بنفسي."
ضاقت عينا حسام بشكل مخيف عندما سمع ذلك.
وسألت رهف بعجلة: "يا حسام، هل أنا السبب؟ لماذا لا ... لماذا لا أنزل أنا هنا، بينما تأخذ أن فايزة إلى المستشفى؟ فلا شك أن حالتها خطيرة للغاية، ولا يمكن تأخير علاجها." ثم انحنت نحو حسام ، وكأنها تريد اعادة فتح أبواب السيارة.
راقبت فايزة وهو يمنع رهف، ممسكاً بيدها.
قطب حسام بين حاجبيه وهو يقول: "لا تقولي ذلك." وألقى نظرة خاطفة على فايزة قبل أن يضيف: "لا تبالغي في التفكير، فأنت لست السبب."
ثم نظرت رهف إلى أيديهما، بينما ومض في عينيها بريق احراج.
وفي هذه الأثناء، ظلت فايزة تراقبهما في صمت، وعندما التفتت رهف إليها، أجبرت فايزة نفسها على مضض أن تبعد عينيها عنهما.
قالت رهف: "أنا آسفة على سوء التفاهم هذا يا فايزة، كنت اظن أنك غاضبة من حسام بسببي. أنا آسفة جداً."
تطلعت فايزة إلى رهف في هدوء، ولولا أنها كانت مدينة لرهف لمساعدتها مرة واحدة، لظنت أن الأخيرة تتلاعب بها. إلا أن رهف كانت منقذتها هي أيضاً.
أجبرت فايزة نفسها على الابتسام وقالت: "لا بأس."
فسألتها رهف بابتسامة عريضة: "هل عدم رغبتك الذهاب للمستشفى لأنك تخافين من المستشفيات؟ لي صديق فتح عيادة خاصة به بعد عودته من الخارج. لماذا لا نذهب إليه؟"
ثم التفتت إلى حسام وسألته: "ما رأيك، يا حسام؟"
لم يبد حسام موافقته على الفور، وإنما قطب بين حاجبيه وسأل: "عيادة؟ هل هي موثوقة؟"
أجابت رهف بشيء من الارتباك: "بالطبع، هل كنت سأقدمه لك لو لم يكن موثوقاً به؟ ألا تثق بي؟"
وبعد لحظة تفكير، أومأ حسام برأسه وقال: "لنذهب إليه."
عبست فايزة قائلة: "أنا ..."
إلا أن السيارة كانت قد انطلقت بسرعة بالفعل، وكان اعتراضها سدى.
من ناحية أخرى، كانت رهف تهدئ من روعها: "لا تقلقي، يا فايزة، صديقي هذا رجل طيب، وهو لطيف وصبور، وسوف أضمن أن يعلم مسبقاً أن علاجك سيتم مناقشته لاحقاً، حسناً؟"
بدت فايزة، بالمقارنة مع رهف العطوفة الرقيقة، على العكس تماماً. فعلى الرغم من مرضها، ظلت فايزة رافضة الذهاب إلى المستشفى، كم هي أنانية لا تراعي الآخرين.
فهل كان لفايزة أي رأي في هذا؟ لذلك ظلت صامتة، بينما استمرت السيارة في طريقها.
عند الوصول إلى العيادة، ساعدتها رهف على النزول من السيارة، وسألتها بلطف: "هل تشعرين بالدوار؟ إذا كنت تشعرين بالغثيان، يمكنك الارتكان عليّ."
كان صوتها هادئاً للغاية، كما كانت يديبها المساندة لها. وكانت رائحة الياسمين الخفيفة تفوح من حولها.
إلا أن فايزة أطرقت عينيها في تفكير. رهف ليست فقط مذهلة الجمال، بل هي شخص رائع أيضاً. وعلاوة على ذلك، فقد أنقذت حياة حسام في الماضي. ولو كنت مكان حسام ، لا شك أنني لأقع في غرامها أيضاً.
بعد أن وصل صديق رهف، تحدثت معه لبعض الوقت. ألقى الرجل في المعطف الأبيض نظرة خاطفة على فايزة، ثم أومأ برأسه لرهف، وتوجه إليها.
"مرحبا، أنت صديقة رهف، أليس كذلك؟ أنا رامز رزق."
‏أومأت فايزة برأسها تحية وقالت: "مرحباً."
كان صوته حنوناً وهو يسأل: "هل تعانين من الحمى؟"، ووضع ظهر يده على جبينها.
انتفضت جانباً عند اقترابه غير المتوقع، إلا أنه رأى بعض الحس الفكاهي في رد فعلها، فقال: "إنني فقط أجس درجة حرارتك."
ثم استدار رامز وأخرج ميزان الحرارة من جيبه: "لنقم بقياس درجة حرارتك."
تقبلت فايزة ميزان الحرارة.
سألها حسام وهو يقف خلفها: "تعرفين كيفية استخدامه، أليس كذلك؟"
أعجزها سؤاله عن الكلام، إلا أنها آثرت تجاهله. ما الذي يجعلك تعتقد أنني لا أعرف كيفية استخدام ميزان الحرارة؟
ومع ذلك، كانت حركتها بطيئة بسبب مرضها الشديد الذي جعل رأسها يدور بها.
بمجرد احكام وضعها للميزان، طلب منها رامز أن تتركه.
‏ورأت رهف ذلك، فانتهزت الفرصة لتقدم صديقها إلى حسام .
" حسام، أقدم لك رامز. وقد سبق أن تحدثت عنك إليه عبر الهاتف. إنه طبيب رائع، لكنه يعشق حريته، لدرجة أنه قرر تأسيس عيادة عند عودته من الخارج. رامز، هذا حسام ، إنه ..."
صمتت لحظة قبل أن تستطرد قائلة بخجل: "صديقي."
"صديق؟" رفع رامز حاجبيه عندما سمع ذلك، ثم نظر سريعاً إلى فايزة، قبل أن يعود وينظر إلى حسام ، وقال: "مرحباً. أنا رامز رزق. من دواعي سروري أن ألتقي بك."
مرت بضع لحظات طويلة قبل أن يصافح حسام رامز: " حسام منصور."
"أعلم هذا."
كان هناك ابتسامة متغطرسة على وجه رامز عندما قال بايحاء: "تحدثني رهف عنك كثيراً، فهي تكن لك احترام كبير."
تورد وجه رهف فور سماعها ذلك، وكأنها كلمات ضربت وتراً حساساً، وهتفت: "رامز!"
"ماذا؟ هل أنا مخطيء؟ إنك دائماً ما تمتدحينه أمام الجميع."
"كفى. لا داعي لذكر ذلك."
ألقى حسام نظرة على فايزة، بينما كان الاثنان الآخران يتبادلان أطراف الحديث.
كانت فايزة جالسة، عينيها نصف مغمضتين، وشعرها ينسدل على جبينها، حاجباً عينيها عن الأنظار، وخافياً أي اشارة عن انفعالاتها. جلست في صمت وهدوء وغير مبالية، وكأنها كانت غريبة.
ثم عبس وجهه مباشرة عند رؤية هذا.
بعد مرور خمس دقائق، التقط رامز ميزان الحرارة من فايزة، وقطب بين حاجبيه، "حرارتك مرتفعة بعض الشيء، سوف اعطيك حقنة."
رفعت فايزة رأسها بسرعة وقالت: "لا حقن."
نظر إليها رامز وابتسم: "هل تخافين أنها ستؤلمك؟ لا تقلقي، سأكون حذراً."
وأومأت رهف موافقة: "صحتك غالية، يا فايزة."
ومع ذلك أصرت فايزة على الرفض وقالت: "لا أريد أية حقن أو أدوية."
جعل موقفها العنيد حسام يقطب حاجبية مرة أخرى.
"إن خيارنا الوحيد هو العمل على خفض الحرارة خارجياً، سأخبر الممرضة بجمع ما تحتاجينه. أما الآن، فضعي منشفة باردة مبللة على جبينك، لا نريد أن تواصل الحرارة ارتفاعها."
عندما ترك رامز الغرفة، قالت رهف: "سأذهب لمساعدته."
بعد أن غادر الاثنان الغرفة، لم يبق سوى حسام وفايزة.
وفي هذه الأثناء، كانت فايزة لا تزال تعاني الدوار، وأرادت أن تتناول المنشفة المبللة لتضعها على جبينها، لكنها لم تتمكن من استجماع أقل القليل من قوتها.
ثم فجأة، نطق حسام الذي ظل صامتاً نسبياً طوال الوقت.
"ما هذه الميلودراما!"

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-