رواية ولادة من جديد الفصل السادس و الخمسون 56بقلم مجهول


 

رواية ولادة من جديد الفصل السادس و الخمسون بقلم مجهول

 حان دورنا


بعد أن أخذت منه الكيس اكتشفت فايزة أن ما اشتراه حسام كان كله من
الوجبات السريعة، ولم تكن لديها شهية لذلك. لذا اكتفت بالقاء نظرة ثم وضعت
الكيس جانباً.
لاحظ حسام ، الذي كان يقف بالقرب منها حركتها : "ألا يستهويك أي منها؟"
هزت رأسها عندما سمعت ذلك: "لا لا اشعر حالياً بشهية للأكل."
لم يقل أي شيء رداً وجلس بجوارها بعد لحظات قليلة.      ربما لأنه لم يكن يرتدي طبقات كثيرة من الملابس أو لأنه كان قد عاد للتو من
الخارج، لاحظت فايزة انخفاض درجة حرارة المحيط حولها في اللحظة التي
جلس فيها حسام .
وفي الثانية التالية، لاحظت أنه لا يرتدي شيئاً سوى قميص رقيق.
حرکت شفتيها كأنها تريد أن تقول شيئاً، لكن لم تنبث بشفا.
فجلس الاثنان في صمت.
على الرغم من التقارب الجسدي، إلا أنهما شعرا بتباعد بينهما.
لاحظت فايزة النساء الأخريات اللاتي كانت تتسامر معهن سابقاً، يدخلن مع
أصدقائهن، ثم يخرجن بشهادات الزواج، واحدة تلو الأخرى. عندما يغادر كل
زوجين كان الرجل يلف ذراعه حول خصر المرأة أو تمسك المرأة بذراع الرجل
وكان كلاهما يبتسمان بسعادة.
نظرت إليهم وتذكرت اليوم الذي جاءت فيه مع حسام إلى المكتب الحكومي.
كانت ذكرى جميلة لها على عكس الأمور الآن.
بينما كانت فايزة في حالة ذهول، سمعت شخصاً ينادي اسمها واسم حسام .
عند سماعها ذلك، تمالكت نفسها، لكنها لم تحرك ساكنة، وإنما قالت ببساطة:
"حان دورنا."
ظل حسام صامتاً أيضاً لم يعرف أحد ما يدور في ذهنه.
لم ينهض واقفاً هو أيضاً.
لم يتحركا إلا بعد أن دعاهما الموظف في الداخل مرة أخرى. فأخذت فايزة
نفساً عميقاً وقامت أخيراً .واقفة وقالت لحسام: "هيا بنا."
ثم بدأت تمشي.
قال حسام لا اراديا: "انتظري لحظة." موجهاً لها إيماءة للتوقف.
توقفت فايزة عند سماعها ذلك، وعضت شفتها السفلى لتمنع نفسها من الالتفاف
إليه.
امتلأ فمها كله بمذاق الدم، كما أن الألم الذي كانت تشعر به جعلها أكثر يقظة
عما كانت عليه من قبل.
في
اللحظة التالية، سمعت نفسها تسأل: "ما الأمر؟"
لم تلفت حتى وجهها إليه لتواجهه عندما رأى حسام هذا السلوك منها، قطب
بين حاجبيه وكان على وشك تحريك شفتيه لينطق قائلاً شيئاً، عندما رن
هاتفه.
وكأن المكالمة كانت منقذته التي كان ينتظرها، فقالت بسرعة: "أجب على
مكالمتك أولاً سأنتظرك هناك "
واصلت المشي على الفور بعد كلماتها.
إلا أنها لم تتمكن من أن تخطو سوى خطوة واحدة فقط قبل أن يمسك حسام
يمعصمها.
انتظريني لحظة" أمسك حسام بمعصمها بيد واحدة، وأخرج هاتفه باليد
الأخرى.
عندما رأى الشاشة تظهر اسم المتصل، قطب جبينه: "إنها من دار المسنين"
عندئذ، استدارت وتوقفت عن محاولتها تحرير معصمها من قبضته.
" هل حدث شيء لجدتي؟ أجب عن المكالمة بسرعة " حثته فايزة، بينما تمسكت
يداها بشدة بيد حسام.
لم يعر حسام الكثير من الاهتمام لأيديهما المتشابكة، وأجاب بسرعة على
المكالمة.
عندما أجاب على المكالمة كانت فايزة قلقة للغاية.
لم تكن لديها فكرة لماذا لكن عندما قال حسام إن المكالمة كانت من
المسنين انتابها شعور سيء في عليها.
دار
لاحظت الوجوم يعتلي وجه حسام وهو يتحدث، ولم تملك سوى أن تقطب
حاجبيها أيضاً.
عندما أنهى الاتصال امثلاً قلب فايزة بالخوف ضغطت يدها على يده بشدة
وسألت: "ماذا حدث؟"
وقف حسام بسرعة رداً على ذلك، وكشفت حركاته قلقه: "حدث .
لجدتي"
لم تجد فايزة كلمات تنطق بها.
شيء
ما
بعد دقيقة واحدة، لم يكن أي منهما في المبنى الحكومي، ولم يملك الموظف
المسؤول، الذي كان ينادي أسميهما من قبل، إلا أن يأسف لغيابهما، قبل أن
يستدعي التاليين في الدور.
عندما كانا في طريقهما إلى دار المسنين كانت فايزة قلقة جداً، حتى أنها لم
تتمكن من التوقف عن عض شفتها السفلى. كانت أصابعها متشابكة معاً، وكان
قلبها ينبض بقوة، وكان عقلها مشوشاً.
كنت مخطئة . لم يكن يجب أن أذهب إلى المكتب الحكومي أولاً. كان يجب أن
أذهب إلى دار المسنين منذ أن استيقظت . لا ... ما كان يجب أن أعود إلى البيت
ليلة أمس . كان يجب أن أبقى في ( دار المسنين لمرافقة جدتي.
أعلم أنها ستخضع لجراحة اليوم، فلماذا أكون حمقاء وأتركها وحدها لمجرد أنها
رفضت عرضي مرة واحدة؟
أغلقت فايزة عينيها واستندت للخلف تلوم نفسها دون هوادة.
كان عقلها فوضوياً ويدور حول نفسه - صور واضحة أو باهتة، أخذت تبرق
في بالها.
كان حسام يقود بسرعة، لكنه تأكد من أنه يمتثل لقوانين المرور. توقف بانتظام
عندما وصل إلى إشارة المرور، لكن جبينه ظل مقطوباً بشدة.
أثناء الانتظار عند إشارة المرور، شعر بأن فايزة ليست بخير، لذا التفت لينظر
إليها.
اللحظة التالية رأى بقع دم على شفتها.
سألها: "ماذا حدث لك؟" وكان لا يزال قاطباً جبينه.
ومع
ذلك، لم يحصل على أي رد منها.
كانت فايزة بوجه شاحب قاطبة جبينها كانت رموشها ترتجف، وقد ذمت
شفتيها بشدة. وبدا أنها لم تسمع صوته على الإطلاق.
ذهل حسام بهذا، وسرعان ما أمسك بذقنها، محاولاً فتح شفتيها، لكن جميع
محاولاته باءت بالفشل.
كانت فايزة تعض شفتها بقوة، وبدأت سيل خفيف من الدم في الانسياب من
فمها، بينما ظلت تقاوم محاولات حسام
"ماذا تفعلين يا فايزة؟ افتحي فمك!" حاول حسام أن يبذل المزيد من القوة،
لكنه كان خائفاً من ايذائها. لذلك، لم يملك سوى أن يصرخ فيها، على أمل أن
تتمالك نفسها.
إلا أنها بدت وكأنها مغمورة في كابوس لا يمكن لأي صراخ أن يعيدها إلى أرض
الواقع.
فجأة، تذكرت شيئاً في هذه اللحظة ذاتها.
كانت فايزة قد نشأت دون أم منذ كانت طفلة كان والدها يعشقها ويدللها حتى
أنها بدت مثالية في نظر الآخرين، وكأنه لا يوجد ما قد يثيرها. إلا أنه إذا ما قام
أحدهم بالمزاح أو جاء بذكر والدتها، فإنها تنفجر.
هذا كان يدل على أنها كانت لا تزال تهتم بوالدتها الت لم تكن أبدأ بجوارها.
وبالتالي ذهبت إلى عائلة منصور. كانت فضيلة تحب فايزة كأنها حفيدتها.
وبهذا، لم تحصل فايزة فقط على الحب والرعاية بخلاف التي تحصل عليها من
والدها، ولكنها أدركت أيضاً الاختلاف بين حب الرجل وحب المرأة الأبوي
وشعرت به.
كما أنها أخبرت فضيلة الكثير من الأسرار أيضاً.
وكان هذا شيئاً اكتشفه حسام بالصدفة عندما كان صغيراً.
كانت فايزة تزور عائلة منصور بشكل متكرر عندما كانت صغيرة في البداية
جاءت لتبحث عن حسام ، ولكن مع مرور الوقت أدركت أن الشخص الذي كانت
تبحث عنه هو فضيلة. في احدى المرات عاد حسام إلى المنزل وقيل له أن
فايزة مع فضيلة في الحديقة، فذهب إليهما أيضاً.
وسمع فايزة الصغيرة تخبر فضيلة عن دورتها الشهرية.
كانت فايزة تشتكي من نزيف غزير وآلام بطنها، وأعربت عن رغبتها في عناق
دافئ من فضيلة.
ثم سمعها أيضاً تشتكي من تلطخ فستانها الأبيض المفضل بسبب دورتها
الشهرية، وكيف أنها شعرت بالأسف لعدم قدرتها على غسله ليصبح نظيفاً.
كانت تفصح عن كل شيء لفضيلة ، حتى تلك التي لم تخبر بها أي شخص آخر.
كان حسام يعتزم في الأصل البحث عن فايزة في ذلك الوقت. ولكن عندما
ما كانت تشتكي منه أصيب بالحرج ووقف هناك دون حراك.
سمع
بالطبع، لم يقترب منهما في النهاية.
عاد بأفكاره إلى الحاضر ولاحظ أن فايزة كانت الآن لديها شعور مختلف وأعمق
تجاه فضيلة، بناء على حالها الآن.
بدت وكأنها قد خصصت كل مشاعرها التي كانت لأمها ووجهتها إلى فضيلة.
بعد أن هدأ قليلاً، ربت حسام برفق على خدي فايزة الشاحبة. "فوقي يا فايزة.
جدتي بخير."

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-