رواية أحببت كاتبا الفصل الرابع 4 بقلم سهام صادق

 

رواية أحببت كاتبا الفصل الرابع 

ظلت الأنظار عالقه بين ثلاثتهم ، حتي تنهدت عمتها قائله : لاء ياصفا ، أزاي أوافق تعيشي بعيد عني وفي بيت ناس غريبه
ليكمل صابر حديث زوجته قائلا : ليه يابنتي عايزه تحسسينا بعجزنا ناحيتك ، طب احنا قصرنا معاكي في حاجه
لتبتسم صفا إليهم برضي ،وهي تحاول أقناعهم بشتي الطرق صفا : مين قالكم انكم مقصرين معايا ، انتوا من ساعة اللي حصل وانا ماليش غيركم ، وانسابت دموعها دون قصد لتتابع بحديثها : انتوا اهلي اللي فضلين ليا ، بس انا عايزه أعتمد علي نفسي وأواجه الدنيا واخرج من حزني ، مافيش حاجه هتخليني أنسي غير المواجهه .. واكملت بضعف : مش عايزه أكون عبئ ، جنه أحق مني بشقاكم وتعبكم
لتنهض عمتها من علي ذلك المقعد المتهالك محتضناها بقوه وهي تبكي
صافيه : طب اقول لأخويا الله يرحمه ايه ، اقوله أني مقدرتش اتحمل مسئولية بنتك .. اقوله سيبتها للدنيا تلطش فيها .. يابنتي الحياه مش بسيطه زي ما انتي فاهمه وبالاخص الحياه اللي انتي داخله عليها
لتخفض صفا بوجهها ارضا قائله : انا طول المُده اللي فاتت كنت بدور علي اي شغل أشتغله اي حاجه .. بس للأسف مافيش، كل حاجه في الجرايد بتكون اعلانات روتينيه وفي النهايه الوظيفه بتكون لصاحب الوسطه
ارجوكي ياعمتي متضيعيش مني الفرصه ديه ، انتي قولتي ان البيه بتاعكم طالب بس مرافقه لوالدته الكفيفه .. وديه مش هتكون اهانه ليا ، بالعكس ده ثواب عند ربنا
لتنظر صافيه لزوجها القابع مكانه بضعف ، تتوسل اليه بنظراتها بأن يقول شيئا فيجعلها تتراجع عن تلك الوظيفه ،ليخرج صوت صابر راجياً : فكري تاني ياصفا يابنتي ، متضيعيش مستقبلك عشان خاطر متحملناش مسئوليتك أكتر من كده، والله انتي غاليه عندنا زي جنه بالظبط
فيسير شريط أحلامها أمام اعينها ، وهي تتذكر أحلامها الورديه بأن تصبح يوما ما ذات شأن وتتخيل كم كانت تنظر للحياه بنظره اخري ولكن احلامها أنستها ان للحياه صفعات وانها ليست بالأمر الهين كم كان عقلها الحالم يخيل لها
فتخفض برأسها بألم أصبح ساكن في قلبها ، وظلت تفكر وتفكر الي ان رفعت بوجهها بقوة أمتلكتها أعينها فقط لتنطق اخيرا
صفا بحنان : مش يمكن هو ده مستقبلي اللي ربنا كتبهولي ، وانا راضيه بيه .
ولا تعلم بأنها في تلك اللحظه قد خطت بأول سطر في صفحة حياتها القادمه ، فبقرار واحد يتغير مصيرنا ربما يكون للأفضل او ربما يكون للأسوء وفي النهايه نوايانا هي من تحدد ذلك
..................................................................
ظلت تشم رائحة عطره المتناثره في أنحاء غرفتها بأشتياق ، وأبتسمت وهي تُنادي بأسمه دامعة العينين ، مشتاقة القلب اليه
ناهد : انت هنا ياعامر صح ، انا شامه ريحتك ياحبيبي
ليبتلع عامر تلك الغصه التي بحلقه ، ناظراً اليها طويلا وكأنه يشبع عيناه منها
فتتحدث هي بأمل واضعه بيدها علي حافة الفراش مستنده عليه لتحاول النهوض
ليتحدث هو أخيراً
عامر : المرافقه الجديده هتوصل بعد أسبوع
وتسير نحوه وهي تتحسس بعصيتها مقتربة منه علي أثر صوته ، فتمسك وجهه بعشوائيه بين كفيها
ناهد : بقيت جافي عليا اووي ياعامر ، هتفضل لحد امتا تحملني ذنب موت ابوك
ليغمض عامر عينيه بألم وهو يتذكر الماضي ، حتي سمع صوتها الباكي
ناهد : يابني الدنيا مش بتعلم بالساهل ، وانا لازم كنت أتعلم واتعلم اووي كمان ، بس صدقني انا ماليش ذنب... موت ابوك كان قضاء وقدر !
ليصرخ عامر بوجهها بعد ان أشاح وجهه عنها قائلا بألم : يوم ما أحتاجك جنبه ، اتخليتي عنه .. اترجاكي تفضلي معاه في محنته .. بس للأسف اول كلمه قولتيهاله طلقني انا مش هقدر استحمل الفقر معاك وفضيحة أفلاسك سنتين ألم وعذاب قضاهم علي ذكراكي وهو بيحاول يقف علي رجليه ، لاء وكمان رفعتي عليه قضيه نفقة عشان تخدي كل حقك وانتي عارفه ان الديون بقيت كتير وانه خسر كل فلوسه في صفقه طلع في الاخر جوزك وصاحب عمره هو السبب فيها ، وضحك ساخرا واتجوزتي صاحب عمره اللي أذاه ياناهد هانم وعيشتي حياتك معاه وانتي ناسيه ولادك عشان الحب
الحب اللي خلي جوزك يبعد عنك ويطلقك.. بعد ...ولم يستطع ان ينطق بالكلمه الاخيره
لتقول هي بألم : بعد ما بقيت كفيفه صح ، مش هو ده اللي تقصد تقوله يابني ...
ودارت بيديها تبحث عنه في أنحاء غرفتها وهي تسمع تنفسه المضطرب ، حتي تحدث بألم أصبح متغلغل في اعماق قلبه
عامر :مش شرط الموت يكون اني اقتل حد، ممكن اموت بالقهر
ولاحت أبتسامة حزينه علي شفتيه ليتابع حديثه : القهر ، كلمه بسيطه اووي وسلاحها أبسط ، بس معناه قووي
وأمسك بيدها المرتعشه بعدما سقطت عصاها من أيديها ، واتجه بها ناحيه الفراش ليقول بجمود : انا شرطت علي حنان متسبكيش لحد ما المرافقه الجديده تيجي
وصار بخطي سريعة نحو باب الغرفه وقبل ان يغادرها التف اليها ليتأمل معالم وجهها الحزين ، ولكن مازالت والدته الجميله كما هي جميله
وأبتسم بحزن وهو يردف خارج غرفتها ،هابطا بسرعة نحو مكتبه ، لينكب علي أعماله .. فبرغم نضوج سنه الا ان ذكري الماضي مرسخه بذهنه وقلبه الذي ماتت مشاعره منذ زمن
ليتذكر حبيبته الوحيده أميره التي فقدها بسبب الماضي المرسخ بداخله
وضحك بعمق وهو يحادث نفسه : انت فاكر نفسك انك حبيت اميره ياعامر ، انت مكنتش عايز غير حبها ليك وبس
وتذكر كلمتها لينطقها ضاحكا : حب التملك !!
.................................................................
ظل ينظر اليها طويلا وهي جالسة أمامه بفستانها القصير العاري حتي تحدث ببرود اصبحت تستشعره هي بحديثه
احمد : هو ده الموضوع اللي انتي كنتي عايزاني فيه يا انسه جينا ، عايزاني احضر معاكي مسابقه الخيل اللي النادي عاملها
لتتحدث جينا بأضطراب ممسكه بأحدي الدعوات قائله : انا عارفه انك بتحب الخيل ، وكنت بطل في الفروسيه
وتابعت بحديثها وهي تتأمل معالم وجهه التي تغيرت عندما ذكرته ببطولاته في الفروسيه ،
ليحادثها بجمود قاتل
احمد : ودلوقتي مبقتش احب ولا الخيل ولا ركوب الخيل ، وده من سنين طويله .. أختيارك كان غلط يا انسه جينا
ونهض من امامها بعدما الاقي بالنقود علي طاولتهم لينهي تلك الجالسه السخيفه
لتقف جينا قائله بلا وعي : انت لسا منستهاش يا احمد ، مها ماتت من 6 سنين
ليقف متجمدا من تلك النار التي اشعلتها بقلبه مجددا بعد ان بردتها السنين
وتحدث بجمود وهو يعطيها ظهره : للاسف محاولاتك كلها فاشله !
وغادر المكان سريعا تحت انظارها لتتذكر صديقتها عندما اخبرتها بقصة حبه القديمه لزميلته منذ أيام الجامعه، والتي توفت اثر حادث بفرسها عندما انجرف بها ، ورغم انه كان انجراف بسيط الا ان دخول ذلك السيخ بجسدها انهي عمرها
لتنهض هي الاخري بضيق من غبائها وتلعن حماقتها وثرثرت صديقتها بهذا الماضي أمامها
................................................................
ابتسم أحمد بحنان وهو يمسك صورتها بين ايديه ويري ضحكتها الجميله وهي تداعب فرسها ، ويقف هو جانبها بطوله الفارع
فقد كانت صوره من اجمل صورهم معاً ، ليتنهد بضيق لاعناً تلك الغبيه جينا
ناهضا من علي سريره ليتأمل صفو السماء ببدرها المكتمل الذي يذكره دوما بها
احمد ببتسامة باهته : وحشتيني اووي يامها ، وحشتني ضحتك
ولمعت عيناه بالدموع ، وقبل ان تفر دموعه التي جمدها الزمن
ذهب الي عالمه في صفحات الخيال ، وامسك بقلمه وظل يكتب ويكتب
حتي وقف قلمه عند احد العبارات التي لم يشعر بنفسه عند كتابتها
سيظل القلب دوما ينبض بالماضي ، مهما صنع له حاضره فللماضي حياه قد اشتاقت لها قلوبنا ... !!
...............................................................
ظلت طيلت ليلتها ، تتقلب في فراشها وتسأل نفسها سؤالاً واحد
هتقدري تستحملي ياصفا اللي جاي ، وضحكت بحزن وهي تسمي تلك المهمه التي يدعونها مرافقة وهي بالأصل خادمه لسيده ثرية
لتغمض عيناها بألم ، حتي اقتربت منها ابنة عمتها بحزن
جنه : حاسه بيكي ياصفا ، وعارفه كويس انتي اختارتي الشغلانه ديه ليه
وتابعت جنه حديثها بألم : عشان هتلاقي مكان تعيشي فيه وده اهم من الفلوس عندك ، عايزه تريحينا من عبئ سكنك معانا يابنت خالي ولقمتك
لتمسح صفا دموعها بعدما صارحتها ابنة عمتها بما داخلها حقا ، واحتضنتها قائلة بعمق : اوعي تقولي الكلام ده لعمتي ياجنه ، لو عايزه راحتي سيبيني اعمل اللي انا عايزاه ..
وضحكت ضحكه بسيطه كي تغير مجري حديثهما : وكمان انا عايزه اجرب عيشة القصور.. ماليش نفس يعني ياختي الله
لتضحك جنه بحزن قائله : قصور ، ده انتي بتحبي كتابات مراد زين عشان ديما ضد حياة الترف والثراء
..................................................................
ظل يدور في أنحاء حجرة مكتبه بسعاده ، ناظرا للفاكس القابع بين يديه ، وتقدم ناحية كرسي مكتبه ليجلس عليه بأرتخاء وراحة وهو يبتسم
احمد : ياا اخيرا الفرصه جات
ليدخل حجرته في تلك اللحظه صديقه رامي ناظرا اليه بغرابه من هالة السعاده الغريبه التي تحاوطه
رامي بسعاده : ماشاء الله ، طب ما تفرحني معاك ياابن عيلة السيوفي ، اكيد مبسوط عشان الكتاب عامل ضجه جامده ومعجبينك كل يوم بيزيده
لينهض احمد من علي كرسيه المتحرك ، ويقترب من صديقه بسعاده
أحمد : الشركه الامريكيه وافقت علي المشروع السياحي اللي قدمته ليها ، وموافقه اني اكون شريك معاهم بنسبه40%
ليندهش رامي مما سمع قائلا : احمد انت بتهزر
احمد بجديه : كان حلم حياتي اوصل للشركه ديه وانضم ليها ، انت عارف انها بتضم أكبر مهندسين العالم في المعمار
فتطيل نظرات رامي اليه الي أن تحدث بوجوم : طب والكتابه وشركتك هنا
احمد : الشركات هنا في عامر وهو أجدر مني في كل حاجه ، اما كتابة الروايات ...
فأنا قررت اوقف كتابه خلاص ، جيه الوقت الي اوقف خداعي للناس انا مش مراد زين صحيح انا الكاتب الاصلي بس مراد زين مات يجي من 15 سنه ، ولا انا برضوه الانسان الحالم بالمثاليه والحب .. انا شخص مات من زمان مات مع اول صدمتين كانوا في حياته موت ابويا الله يرحمه وموت الانسانه الوحيده اللي حبتها
مراد زين اللي كتبه غرقة السوق سواء عن الحب او الظلم او العداله او الرضي .. كان عالم بيحاول يبنيه لنفسه عشان يقدر يعيش والانسان اللي جواه ميموتش
وابتسم برضي الي صديقه المقرب اليه : مراد زين أعتزل خلاص ، زي ما أعتزل الفروسيه زمان
ومد ذراعيه لصديقه قائلا : محدش يعرف حقيقة مراد زين غيرك انت وعامر ، انا واثق ان عامر هيفرح لانه من زمان اوي كان معترض علي العالم ده .. هو شايف ان العالم اللي لازم نعيشه هو الفلوس والترف وبس
وتابع بحديثه قائلا : اما انت ، فأنا واثق انك هتزعل علي فراقي ياصاحبي
ليبتعد عنه رامي بجمود ولكن سرعان ما أتسعت أبتسامته لصديق عمره ، فدعابه بحديثه
رامي : اهم حاجه عندي ياابن السيوفي انك تنجح وتنجح ، تنجح بقي في عالم الادب ، تنجح في عالم المال ، تنجح في عالم الهندسه والعلم .. المهم انك تنجح لانك تستاهل ياصاحبي
وابتسم بحزن وهو يعاود بحديثه : هفتقدك اووي يا أحمد ، اوعي رحلتك تطوول في أمريكا
ليربط احمد علي كتف صديقه الغالي ويمد بيده له بأخر شئ قد كتبه
أحمد : المواجهه !
ثم تابع بحديثه : الكتاب ده متنشرهوش دلوقتي غير لما ابعتلك ، وهو ده اللي هتكتب فيه قرار اعتزالي للأبد
ليندهش رامي مما سمع ، فيشعر أحمد بأندهاشه
احمد : الكتاب ده انا كتبته من مده طويله ، بس مكنتش مقرر انشره غير وقت أعتزالي من عالم الأدب او بالأصح عالم رفض الواقع
رامي بتسأل : مواجهه ايه بالظبط اللي انت عايز توصلها لقرائك
احمد ببتسامة واسعه : مواجهة حزنك !

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-