رواية ولادة من جديد الفصل الرابع4 بقلم مجهول


 

رواية ولادة من جديد الفصل الرابع بقلم مجهول

عترضت فايزة بائسة: "لم أغرق بالمطر، وعلاوة على ذلك، فأنا بخير." ثم اتجهت نحو مكتب حسام، ووضعت تقرير الأمس على سطحه. "هذا ملخص الأمس، وقد قمت بتنسيقه. وحيث أنني لدي عمل يجب القيام به، فسوف أترككما للم الشمل الخاص بكما."
القت نظرة سريعة على رهف، التي ابتسمت على الفور لها. وعندما غادرت، كان حسام شديد العبوس.
‏" حسام؟"
لم يستفق من خواطره إلا عندما نادت رهف اسمه، وارتبكت لردة فعله، لكنها بدت لطيفة ومهتمة عندما قالت: "لا تبدو فايزة بحالة جيدة. ربما كانت سكرتيرتك الآن، لكنها كانت فيما مضى الابنة المدللة لعائلة صديق، قبل أن تعلن العائلة افلاسها. ترفق بها قليلاً، لا تكون شديد البأس عليها."   ضحك حسام في سره، شديد البأس عليها؟ من ذا الذي يمكنه أن يكون شديد البأس على تلك المرأة؟
إلا أنه لم ينطق بأي من هذا، واكتفى بالتذمر مستسلماً.
وفي هذه الأثناء، عادت فايزة إلى مكتبها بخطى ثقيلة ورأس مثقل. وبمجرد أن جلست، انكفأت على سطح مكتبها، فقد بدأ رأسها يدور بشدة. لم تشعر فايزة بالوقت، إلى أن سمعت أخيراً صوت يارا: "فايزة، لماذا لا تعودين إلى البيت وترتاحين؟"
كان الكسل والتعب قد تمكن في هذه اللحظة من فايزة، لدرجة أن ردها الوحيد كان: "أرجوك، يا يارا، دعيني أنام قليلاً." ثم راحت على الفور في نوم عميق.
جاءها حلم، كانت فيه في الثامنة عشر من العمر مرة أخرى، وكان ذلك يوم احتفالها هي و حسام ببلوغهما سن الرشد. لذا قررت العائلتان اقامة حفل مشترك. وفي المساء، اختارت أن ترتدي خصيصاً فستانها الأزرق المفضل، وموجت شعرها، وشذبت أظافرها. كانت تنوي أن تعترف له بحبها.
وبعد أن بحثت عنه طويلاً وبلا جدوى، وجدته أخيراً في الحديقة. وبينما كانت تتجه نحوه، سمعت أصدقاءه يغيظونه. وكان أحدهم يقول: "لقد صرت بالغاً الآن، يا حسام، فهل هناك أي فتيات أنت معجب بهن؟ ربما أمكنك إعلان خطوبتك."
وقال آخر: "فايزة لطيفة جداً، وهي دائماً موجودة معك."
عندما سمعت فايزة هذا، توقفت بشكل غريزي عن المشي، تتمنى أن تسمع ما سيقوله حسام . فاجابته حاسمة في تحديد ما ستفعله هي بعد ذلك.
لكنها لم تسمع له اجابة، فقد سبقه آخر قائلاً: "فايزة لا تحتمل. ولا يرى حسام فيها سوى أخت صغرى. فالجميع يعلم أن الوحيدة التي تشغل باله هي رهف."
رهف ...
اختلست فايزة نظرة إلى حسام . ففي ذلك المساء، كان حسام جالساً على مقعد حجري، وكانت ساقاه طويلتان بقدر أنهما بالكاد لامستا الأرض، وكانت ابتسامة خفيفة تداعب شفتيه، ولم يعترض على ما كانوا يقولونه.
"بل أن رهف أكثر أنوثة، ولطفاً، وجمالاً، أما فايزة، فهي مجرد فتاة صغيرة. أضافة، أن رهف منقذة حسام ." كان الفتى المتحدث هو خالد الرماح، واحد من أفضل أصدقاء حسام. وكان يحب اغاظة فايزة. فكلما التقيا، كان يصر على شد ضفائرها.
وكان واحداً من أكثر من كرهتهم فايزة. أنا لست بفتاة صغيرة.
وقال أحد أصدقاء حسام: "هذا صحيح. كانت التيارات خطيرة للغاية آنذاك، ولو لم تقفز إليك رهف، لكان حسام منصور اليوم في خبر كان."
أومأ حسام برأسه. أخيراً أبدى استجابة ما، إذ أخذ يهمهم بالموافقة.
كان وجهه يبدو هادئاً للغاية في ضوء القمر: "سيظل المكان الذي بجواري دائماً مخصصاً لها."
وفجأة، انفلق قلب فايزة حرفياً إلى نصفين عند سماعها هذا الكلام. ووقفت كالمشدوهة، وقد فرت الدماء من وجهها، وشحب لونها شحوباً صارخاً. فلم تتوقع أبداً أن يتم رفض اعترافها قبل أن تدلي به.
كانت رهف قد أنقذت حياة حسام ، وكان الجميع يتحدثون عن ذلك، فتقليدياً كان الأبطال من الرجال هم من ينقذون العذارى المكروبات. ولكن في حالة حسام ورهف، فقد جاءت الشابة لانقاذ الرجل.
أما فايزة، فلم تكن على علم بهذا الأمر.
كما سقطت هي الأخرى في النهر، مما نجم عنه ارتفاع حاد في درجة حرارتها. وعندما افاقت أخيراً، كانت قد نسيت ما حدث، ولم تعد لديها أية فكرة عن كيفية أو أسباب سقوطها في النهر. وقال أحد زملائها في الصف إنه سقوطها كان حادثة عرضية، نتيجة كونها شقية جداً.
ومع ذلك، فطالما شعرت وكأنها قد نسيت أمراً ما. ولكنها، ومهما حاولت، فإنها للأسف لم تتذكر أي شيء عن ذلك. ومع مرور الوقت تناست الأمر برمته تماماً.
إلا أن فايزة لم تكن تتوقع أن يكون حسام مهووساً بالشخص الذي أنقذ حياته.
ليتني كنت أنا من قامت بانقاذه.
بدا أن مشاعر ذاتها في الحلم بدأت تختلط بمشاعرها الحالية.
وفي تلك اللحظة، بدا قلبها وكأنه مثقل بصخرة. كان الدم يتدفق في رأسها، وأخذت تتفكر، لماذا لم أكن أنا من أنقذته آنذاك؟ ليت ... ليت ...
وفجأة، ظهر حسام أمام فايزة في الحلم، وكانت عيناه باردتين، لا مشاعر فيهما. "اجهضي الجنين، يا فايزة."
وفي هذه الأثناء، ظهرت رهف بجواره، يلتف ذراعيها حول جانبه وكأنها أفرع كرمة.
وسألت: "هل تحتفظين بالجنين، يا فايزة؛ لأنك تسعين إلى تدمير حبنا؟"
عندما سمع حسام كلمة "تدمير"، ازدادت عيناه برودة قاسية، وتقدم ليمسك بذقن فايزة: "تصرفي بشكل لائق، أو سأتحرك مبادراً."
كانت قبضته من القوة، لدرجة أنها شعرت وكأنه سيكسر فكها.
كانت تكافح بشق الأنفس، لكنها بعد حين استيقظت من الحلم، وقد غطى العرق البارد جسدها.
وبمجرد أن فتحت عينيها، رأت طريقاً سريعاً مزدحماً خارج النافذة.
هل هذا ... حلم؟ لماذا يبدو وكأنه حقيقي للغاية؟
ثم أصدرت تنهيدة.
"ياه، لقد استيقظت يا فايزة." عندما سمعت الصوت الناعم القادم من أمامها، رفعت فايزة رأسها لتجد رهف تحدق بها في قلق. "الحمد لله، لقد كنت قلقة جداً أن يكون قد حدث لك شيء."
ما الذي جاء بها هنا؟ سرعان ما أدركت فايزة الوضع. التفتت لتنظر إلى السائق – كان حسام ، وكانت رهف تجلس في المقعد الأمامي بجواره.
عندما سمع أن فايزة قد استفاقت، ألقى عليها نظرة خاطفة في المرآة الخلفية.
"لقد أفقت. ما الذي يؤلمك؟ عليك أن تخبر الطبيب بكل التفاصيل عندما نصل إلى المستشفى."
كان قلب فايزة يخفق بقوة من هذا الكابوس. وكانت أخيراً قد تمكنت من تهدئة قلبها، لكن كلمات حسام جعلته يخفق جزعاً من جديد. "لا. لا احتاج إلى الذهاب إلى المستشفى. أنا بخير."
ألقى إليها نظرة أخرى عندما سمع ذلك: "لماذا كل هذه الجلبة؟ ألا تعلمين أنك مصابة بحمى؟"
وافقته رهف قائلة: "نعم، يا فايزة، إنك ملتهبة بشكل مرعب حقاً. يجب أن تذهبي إلى المستشفى. لقد قال حسام أن مياه الأمطار أغرقتك أمس وأنت تمشين، ماذا حدث؟"
ماذا حدث؟ حدقت فايزة في رهف. تحركت شفتاها الشاحبتين، لكنها في نهاية الأمر لم تنبث ببنت شفة. لا شك أنها حضرت مقلب الأمس. لن تسأل إلا لتلمح لشيء ما.
بعد برهة من التفكير، أدارت رهف وجهها في قلق وتسأل كمن يشعر بذنب ما: "هل السبب لأن بالأمس ...؟"
قاطعها حسام بصوته العميق الواثق: "على أية حال، سنذهب أولاً إلى المستشفى، وسوف تنالين قسطاً من الراحة لعدة أيام إلى أن تشعرين بتحسن. ولا ضرورة أن تأتي إلى المكتب خلال تلك الفترة."
ألقت رهف عليه نظرة حائرة لمقاطعته إياها.
وفي هذه الأثناء، خفضت فايزة عينيها، فقد التمعت نظرة باردة تجمد الدم في العروق في عينيها الجميلتين. إنه حريص جداً على حماية من يحظى بأكثر رعايته واهتمامه.
استغرقت بضع دقائق طويلة قبل أن ترفع رأسها أخيراً وتجيب: "لن أذهب إلى المستشفى."
‏قطب حسام حاجبيه، تبدو شديدة العناد اليوم.
"ماذا تنوين إذا؟ كيف يمكنك عدم الذهاب إلى المستشفى وأنت مريضة؟"
أجابت وقد ذمت شفتيها: "أنا أدرى بجسدي."

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-