رواية الصندوق الفصل السابع و الاربعون بقلم الهام عبده
انتقلت فاتن من قطف الفاكهة المرهق إلي توزيع الخدمة في مكان مبيت الفتيات !!
كل ذلك كان بمثابة عبث في عينيها فأكم من المرات جائت إلي هنا مع خالتها و شاهدت هؤلاء الفتيات من بعيد و هن يقطفن الفاكهة و يعملن بجد و الآن أصبحت واحدة منهن، أدخلتها السيدة كرامات إلي غرفة تضم خمسة فتيات و هي السادسة و أشارت لها علي سرير في جانب بآخر الغرفة موضوعاً عليه غطاءاً صوفياً بالياً، وقفت تحدق غير مصدقة أنها ستنام في ذلك المكان بعدما كانت غرفتها بها كل وسائل الراحة و وسادتها محشوة بريش النعام !!
جلست علي طرف السرير و نزلت دموعها في صمت فقاطعتها إحدي الخمس و قالت : انتِ جديدة هنا و لذلك سأخبرك بنظام الغرفة : كل يوم تقوم واحدة منا بالطهي للجميع و كذلك أيضا بالنسبة لجلي الأواني و في اليوم السابق للعطلة ننظف الغرفة معاً .. هل فهمت ؟!
أومأت فاتن بالموافقة فقالت لها : اذن .. هل تتولين مهمة الطبخ لنا غداً ؟!
اومأت برأسها بالموافقة أيضا في تلك المرة فردت عليها قائلة : اذن لنتذوق طبخك غداً .. هيا إذن لتتناولين من طعامي و تقولين لي كيف ستجدين مذاقه...
قالت فاتن في استسلام لواقعها الجديد : سأبدل ملابسي أولا ثم اتبعك
تركتها الفتاة الممتلئة هذه و المدعوة ب مفاتن و هي كانت اسم علي مسمي فملامحها جميلة و جسدها الفارع الثمين يُظهر جمالها أكثر!!
__________بقلم elham abdoo
بعدما تفحص عزيز المكان عاد للقصر مرة أخري لينتظر نوم الخدم و العاملين ليبدأ مهمته ..
أما كاريمان و ثريا فذهبت كلا منهما لغرفتها و بينما كانت ثريا تفكر في هدي .. أين هي و ماذا تفعل و هل تبكي عليها أم أن فاضل نجح في إلهاءها ؟! كانت كاريمان تفكر في طريقة تخلصهم من ضغط ابراهام و هوارد في آن واحد و لكن كيف ؟! ..
حزنت من اجل والدها، ذلك الرجل الذي لم يتحمل الصدمة فوقع كجمل عالٍ انحني فجأة و سقط!!
بكت من اجله و تذكرت كيف لم يتزوج بعد وفاة والدتها، أعادت في عقلها محاولاته الكثيرة لضبط سلوك عزيز منذ الصغر و لكن دون فائدة !!
ذلك الرجل المهذب الذي يحترم العادات و التقاليد، لم يجبرهم علي شئ منذ نعومة أظفارهم و ربما جعلهم ذلك متعاظمون في أنفسهم و تلك هي الصفة التي جمعت ثلاثتهم رغم الاختلاف الكبير بينهم !!
كان نصوحاً مقوماً لكنه استعمل معهم مبدأ النصح لا الإجبار فمن أصر منهم علي رغبة أو شئ ما كان يسمح به ليعرف الانسان أنه خطأ بالتجربة لا بالمنع و الإجبار!!
تعلَّمت كاريمان من ذلك السلوك أن تحسب خطواتها جيداً و أن يكون الخطأ قليل لأننا لا نستطيع منعه كلياً أما تأثير ذلك علي عزيز فكان مختلفاً فقد تمادي من خطأ لآخر يوما بعد يوم حتي نسي الصواب و طريقه !!
أما ثريا فقد اختارت السهل دائماً كي لا تتعب حتي عندما اختارت زوجها كان ذلك كي تكون حياتها سهلة مع زوج خنوع مطيع !!
تأوهت كاريمان ألماً علي والدها ثم عادت لتفكر بشأن مسألة التفجير ثم في سالم حبيبها .. الغريب في الحب أنه برغم الخطر و القلق و الاقتراب عدة مرات من حافة الهاوية و لكن .. لم تندم قط علي دخولها في الأمر من اجل سالم بل علي العكس شعرت بالإمتنان لكل وقت عصيب جمعها به و بكل لحظة قلق طمأنها ووقف إلي جوارها فيها ، لم يشعر قلبها بالخوف الشديد الا عندما كانت ستغادر خارج البلاد بدونه ..
ابتسمت و هي تتذكر كل تلك اللحظات ثم تخيلت أنهما لم يمؤا بفترة خطبته لبسمة و بأنها أصبحت عروس لسالم فارتسمت علي وجهها علامات الفرح و النشوة !! ثم تذكرت خلافهما الأخير و تأوهت متأملة أنه ربما بعد أن تهدأ الأجواء تستطيع افهامه مخاوفها ليستعيدا صفوهما من جديد!! ..
_____________________بقلم elham abdoo
بهدوء و بعد أن نام الجميع ماعدا هو، و رفع الغطاء المربع الموضوع في أرضية احد غرف الاسطبل المخصصة لتصنيع العلف من التبن و الذي يفتح علي غرفة سفلية خفية يتم النزول لها بسلم مهبطه في جانب الغرفة ..
هبط ووجد نفسه في الغرفة بسهولة، نظر حوله بسرور فالغرفة بها زكائب عديدة من المال، ربما أقل مما تمتلك حفيظة بكثييير و لكنها أموال كثيرة يستطيع الاخذ منها براحة لأن الوقت مناسب للغاية حيث فاضل هارب و أي اكتشاف للسرقة سيتم الصاقه به مباشرةً ..
قال بصوت مسموع بعدما اوصد الفتحة العلوية المربعة : توقيت خلافهما و تركهما للقصر أكثر من رائع!! يا لها من محاسن للصدف !! ثريا لم تخيب ظني و لم تغير أي شئ اطلاقاً، تسلمين لي يا صاحبة الاختيارات السهلة .. لم تضع اقفال أو حراسة أو أي شئ .. مرحي للمرة الثانية !!
أخرج ثلاثة زكائب مليئة بالقطع الذهبية من بين الزكائب و ربط اثنين منهم بحبل كان ملقي جانباً و جعلهما مثل الحقيبة التي تُحمل علي الظهر أما الثالثة فامسكها بيديه ثم صعد السلم ببطء و رفع الغطاء ليتأكد من عدم وجود احد من سياس الخيول ..خرج بالزكائب بسلام ثم وضعهم بين التبن المتراص في الخارج ليعد منه العلف الذي يوضع للخيول حتي يسهل عليه نقلهم خارج القصر غداً، نظر هنا و هناك فلم ير أحد قط فذهب للداخل ثم خلد في نوم عميق !!
_________بقلم elham abdoo
أما فاتن فبعدما تناولت بضع لقيمات مع الفتيات عادت لسريرها و استلقت علي ظهرها لتستريح من ألم تشنجه لانه بالطبع لم يعتاد علي الوقوف لساعات طويلة في العمل أو الانحناء أثناء نقل صناديق الفاكهة !! قدميها أيضا يؤلمانها و لعل أشد ما كان يؤلمها هو قلبها عندما انتظرت أن يبحث عزيز عنها و يُقبل ليراها و يطمئن عليها ثم ينقذها من ذلك العالم الذي لا يناسبها !! هي معاقبة و مطرودة بسببه فكيف لم يحرك من أجلها طرف اصبعه!! شئ مخيب للآمال و مخزِ للغاية فمن خسرت لأجله خالتها لم يكن قد اشتراها من البداية بل في أول فرصة للانسحاب لم يتردد ثانية واحدة !! لم تستطع تقبل تلك الحقيقة القاسية فعادت لتبحث له عن أعذار أو اسباب قد تمنعه، ظلت تبكي حتي لاحظتها مفاتن من سريرها المقابل و قالت : لم تبكين ؟! هل أنتِ متضايقة من شئ ما هنا ؟!
لم ترد فاتن فاكملت مفاتن و قالت : سمعت أنكِ ابنة اخت صاحبة المزرعة فلمَ اذن ألقت بكِ هنا في وسط الفقراء و العاملات ؟! لعلك فعلتِ شيئاً مشيناً أو رفضتِ عريساً غنياً فغضبت عليكِ و اخرجت من جنبها لجحيمها !!
استاءت فاتن و استدارت لتنظر للحائط ثم استمرت في البكاء حتي نامت دون أن تدري !!
_______بقلم elham abdoo
قبل أن يطلع الفجر و يبدد ظلام الليل ، استيقظ عزيز و بدأ في جمع أغراضه ثم خرج من القصر و كان جميع الخدم مازالوا نياماً ..
أخذ الثلاث زكائب و حملهم مثل البارحة إلي خارج أسوار القصر ثم انتظر حتي حل الصباح و استقل حنطوراً عابراً في الطريق و ذهب لأحد الفنادق الكبيرة و استقر به ..
_________بقلم elham abdoo
استيقظت كاريمان ب هم علي ما يدور في عقلها، ذهبت و أيقظت اختها لتذهبا إلي والدهما بالمبرة فقالت ثريا : تُري هل هدي نائمة الآن أم مستيقظة ؟! تُري أين هي الآن؟!
ردت كاريمان : لعلها بخير لأنها مع والدها الذي حتما يعتني بها فلا تقلقي ..
ثريا : الوقت يمر بصعوبة و أشعر أنني سأفقد السيطرة علي نفسي قريباً و أنهار ..
كاريمان : كوني قوية يا اختي و احتملي قليلا حتي نجدها
ثريا : هل وجدتِ حلاً لمشكلتكم مع الانجليز ؟!
كاريمان : للأسف لا .. عقلي مشوش بالكثير فلم أستطع التفكير بشئ محدد !!
ثريا : و ماذا ستفعلان اذن؟!
كاريمان : ربما وصل سالم لحل يخرجنا من ذلك المأزق، سأسأله عندما أراه..
نزلتا لأسفل ثم ركبتا العربة التي كانت تنتظرهما أمام القصر ثم توجهتا نحو المبرة ..
_________بقلم elham abdoo
في المبرة استيقظ منصور بك أولا و ذهب لغسل وجهه و استعادة نشاطه بعدما شعر بتحسن كبير عن الامس، ترك سريره و أبدل ثيابه ثم جلس عليه في قوة منتظراً مرور الطبيب و أخذ تصريح الخروج !!
بعد ذلك استيقظ سالم فوجد أنه قد فاته الكثير أثناء نومه فالمريض خلع عباءة التعب و استعد و تجهز تماماً دون أن يشعر ..
قام و جلس علي الاريكة ليستفيق ثم قال : صباحك سعيد يا منصور بك
منصور بك : صباحك سعيد يا سيد سالم .. أراك قد نمت جيداً و بشكل عميق !!
سالم : نعم .. هذا لأنني غفوت في وقت متأخر من الليل امس
منصور بك : و ما الذي ارقك بالأمس؟!
سالم لم يرد ان يقلقه ففضل عدم قول شى فرد قائلا : لا شئ .. فقط بعض الأفكار التي دارت برأسي جعلتني مستيقظاً و منعت عني النوم باكراً
منصور بك : هل اشتقت للعودة لديارك؟!
سالم : بالطبع .. و بشكل لا يصدق !!
منصور بك : رغم أننا سنشتاق لك و لكنني أتمني أن تعود لديارك و تزيل شوقك لها قريبا جدا ..
سالم : بإذن الله ..
أثناء حديثهما وصلت الاختان ودخلتا للغرفة و بعد الاطمئنان علي والدهما جلست ثريا بجوار والدها علي سريره أما كاريمان فجلست علي الطرف الآخر من الاريكة التي نام عليها سالم ليلة أمس !!
نظرت له بشكل قلق و ودت لو تحدثه عن موضوع الانجليز و لكنها تخشي علي والدها من التوتر فاختارت الصمت ..
جاء الطبيب و أعطاه اذنا بالخروج لكن مع تعليمات بالابتعاد عن الإجهاد و العصبية و التوتر ..
________________بقلم elham abdoo
خرج عزيز بعد تناول افطاره من الفندق و ذهب قاصداً كازينو عدوه الذي كان صديقه في السابق !! دخل و جلس علي طاولة المقامرة و بدأ في اللعب حتي خسر كل ما جاء به من مال بل حتي أنه قامر علي ساعته ذات الكاتينا و التي علقها في بذلته في الصباح متأنقاً بها !! لحسن الحظ أنه جاء بمبلغ قليل كي لا يفقد كل ما أخذ!!
جاء ذلك العدو صاحب المكان ووقف بجواره و استهزأ من خسارته و قال : يظهر أن الحظ ليس حليفك اليوم يا عزيز !! ربما إن لعبت مرة أخري اليوم تغادر دون بذلتك هذه و تُفضح انت و عائلتك !!
عزيز بانفعال : هذا أمر لا يخصك !!
الرجل : معك حق، إنه لا يخصني و لكن هناك أمراً آخر يخصني أريد سؤالك عنه ؟!
عزيز : ما هو ؟!
الرجل : الاتفاق الذي كان بيننا .. هل نسيته؟!
تذكر عزيز موضوع المحقق و حفيظة هانم و خطف فاتن بعد أن كان نسيه تماما بسبب الاحداث الأخيرة و قصة التفجير و الهروب للخارج فقال : نعم .. نسيته بسبب ظروف مرت بي مؤخراً
الرجل : اذن هل سنتممه أم سيتم الغاؤه ؟! ليكن بعلمك .. ما قبضته من مقدم لن يرد لك في حالة الالغاء فأنت من ألغي و لست أنا !!
فكّر عزيز فيما يمكن أن تفعله حفيظة في اي وقت إذا جمع ايلاريون معلومات توصلها اليه في النهاية فقال : لا .. اتفاقنا سارٍ كما هو
الرجل : جميل .. إذن متي التنفيذ ؟!
عزيز : سأسافر لأسوان اليوم و سأتفقد ما وصل اليه الأمر فور وصولي و بعدها أبلغك بالموعد . مفهوم ؟
الرجل : حسناً و لكن متي سأتسلم بقية المال ؟!
عزيز : فور تنفيذك المهمة سأرسله لك
الرجل : ليكن ...
وقف عزيز ليغادر و قال : إلي عدم اللقاء ...
ضحك الرجل بسخرية من خلفه ثم مضي ...
__________بقلم elham abdoo
بعد وصول العربة التي قلتهم من أمام المبرة إلي قصر الراعي جلس منصور بك علي كرسيه المعتاد في الردهة ليستريح و دخلت من خلفه ثريا بينما انفرد سالم بكاريمان في الخارج ليعرض عليها ما جاء بباله ليلة أمس
سالم : عندما كنت أفكر أمس في ما قاله ابراهام جاء ببالي شخص يمكنه مساعدتنا جيداً
كاريمان بحماس : من هو ؟!
سالم : اللورد دوفرين !!
كاريمان بتفاجؤ: هل فكرت في اللجوء اليه من اجل ما فعله معنا في المرة السابقة !!
سالم : نعم .. سياسته في حل المشكلات مرنة و يمكننا التوصل معه لاتفاق جيد لاسيما و أنه لا دليل يديننا حتي الآن!!
كاريمان : و ما هو الذي ستقدمه له في المقابل ؟! أنت تعرف أنه لا شئ يأتي هكذا دون ثمن !!
سالم بألم : نعم .. للأسف أعلم و قد جهزت اتفاقاً جيداً لهم في مقابل اظهار التعاون و حسن النية لهم كي يطلقوا سراح صلاح و البقية ..
كاريمان : كيف ؟!
سالم : سأتنازل عن قطعة أرض كبيرة بالمحلة كنت قد اشتريتها هناك كي يقام عليها مصنع الغزل ذاك الذي كنت احلم به كدليل لهم علي حسن النية و عدم حمل الضغينة!!
كاريمان بتعجب : أحقاً .. أستعطيهم أرضك لينفذوا مشروع أحلامك عليها ؟!!
سالم : هذا الحل مر و لكنه كدواء يجب أن اتجرعه!! لابد من صفقة رابحة تعيد لصلاح و رفاقه الحرية فهم ليسوا مثلنا كي يستطيعوا استخدام سلطاتهم أو أموالهم ليدبروا حريتهم !!
كاريمان : فعلت كل هذا من اجل حلمك و ها أنت تتنازل لهم عنه بارادتك .. إنه شئ مؤسف !!
سالم بثبات : لا أوافقك الرأي فأنا في البداية فكرت بمخطط التفجير للانتقام لكن التفجير أدمي قلوبهم و أسقط رجالهم قتلي أمام اعينهم و اريناهم كم نستطيع أن نفعل و كيف سنحوّل هذه الأرض لجحيم إن بقوا عليها .. كل تلك كانت مكتسبات للحادثة حتي و إن لم أستعيد مشروعي أو حتي إن تنازلت لهم عنه و ليكن بعلمك لن أخرج خاسراً للنهاية !! سأحاول الاستفادة قدر استطاعتي
كاريمان : كيف ؟!
سالم : ستعلمين عندما نقابله و الآن.. هل أنتِ علي استعداد للقدوم معي اليه ؟!
كاريمان : نعم .. بالتأكيد أود القدوم و لكن في مثل هذه الظروف صعب فأبي و ثريا ليسا بحالِ جيد
سالم: هناك ضرورة لوجودك معي لأن خالك هو من سيؤمن لنا اللقاء و أيضا قد عرفنا اللورد معاً في أثناء قضية تعنت دارسي و الآن سنحل معاً قضية هوارد و ابراهام لأن دخولنا معاً سيعطي ثقلاً أكبر !!
كاريمان ب حيرة : نعم .. أوافقك الرأي و لكن هل نؤجل الذهاب للغد ريثما أثق في أن أبي عاد لحالته تماما و ربما تُحل قضية ثريا ايضاً
سالم : أي قضية ؟!
كاريمان : زوجها تشاجر معها في فترة هروبنا عندما أرادت السفر إلينا و عليه أخذ هدي و ذهب بعد أن انفصل عنها !!
سالم بتفاجؤ: منٌ؟! فاضل أفندي فعل هذا؟!
كاريمان بضحكة سخرية : نعم .. تخيل هذا ؟! ثريا جعلته يثور كبركانٍ خامل منذ سنوات !!
سالم : لاكون صريحاً ..ربما لديه حق في ثورته !!
كاريمان : نعم و لكن ليس من حقه حرمانها من ابنتها !!
سالم : نعم بالطبع و لكن .. أين تبحثون عنه ؟!
كاريمان : أمر والدي مجموعة كبيرة من الحرس و الخدم هنا بالبحث عنه في كل مكان بالمنصورة و لكن لم يصلوا لأثرا له فطلبت منهم أمس بالبحث في قرية اقرباءه لأمه في البلدة المجاورة فذهبوا و لم يردوا لنا خبراً حتي الآن!!
سالم : اظنه سيبتعد أكثر حتي لا يعثر عليه أحد
كاريمان بتساؤل : اذن أين نبحث برأيك ؟!
سالم : لا أعرف بالضبط و لكن إن عصفت ثريا ذهنها و فكّرت في مكان قال عنه ذات مرة دون قصد أو وعي ، مكان بعيد لا يعرف عنه الكثيرين.. ربما يكون مختبئ هناك حتي تهدأ الأمور أو حتي يحدد خطوته القادمة
كاريمان : سأحاول أن أجعلها تتذكر فربما تفصيلة صغيرة تقودنا اليه، لأقول لك ثريا تموت من اجل هدي !!
سالم : هذا امر طبيعي لكل ام .. إذن سأتركك تقنعين والدك بالسفر و أعود بعد الإفطار.. إن تمت الموافقة سنذهب معاً و إن لم تتم فسأذهب بمفردي و حينها ادع لي بالتوفيق ..
كاريمان : حسناً و لكن لمَ لا تتناول افطارك معنا ؟!
سالم : أنا غائب عن المنزل منذ أمس ووالدتي لابد و أن قلقت بشأني و تنتظر عودتي لذا سأذهب و اتناول معها الإفطار ثم ساخبرها عن سفري و أعود اليكِ .. إلي اللقاء
كاريمان : إلي اللقاء
_________بقلم elham abdoo
بدأ العمل في مزرعة حفيظة هانم من الصباح الباكر، السيدة كرامات قاسية و منضبطة، اعتادت علي جعل جميع غرف الفتيات فارغة قبل أن تدق السابعة صباحاً ليكونوا في عملهم بالحقول دون تأخير ..
استيقظت فاتن علي صوت الانتهار و التحذير و دون حتي أن تغسل وجهها أو تستفيق وجدت نفسها في الحقل تقطف الفاكهة، اشتد بها الضيق ووصل لذروته فتركت الفاكهة من يدها حتي سقطت علي الارض و عندما حذرتها كرامات قالت بانفعال : لن أستطيع الاستمرار هكذا في هذا العبث .. أنا سأنصرف !!
كرامات: أين ستذهبي و تتركي عملك الذي كلفتك به خالتك ؟!
فاتن : لا يخصك !! سأخرج من ذلك المستنقع و قولوا لخالتي عندما تسألكم أنني أخطأت بالموافقة علي المجئ هنا من الأساس!! هذا ليس مكاني !!
كرامات : افعلي كما يحلو لكِ لكن اعلمي أنه إن خرجتِ من هنا فلا سبيل للعودة !! ذلك المكان له قوانين و نظام و ليس علي المشاع !!
نظرت لها فاتن باستهزاء ثم ضربت سل الفاكهة الذي كان ع الارض بقدمها و ذهبت غير مهتمة بتحذيرها علي الاطلاق !!
_______________________بقلم elham abdo
انطلق إيفان مع اخته ليذهبا إلي عند صانعة الأثواب السيدة رجاء و التي افتتحت لها دكانا في سوق البلدة و بينما هي في الداخل تأخذ القياسات و تختار القصات ذهب هو للتمشي بين الدكاكين ليري الوجه التجاري للبلدة و الذي لم يتمكن من رؤيته من قبل !!
جمعته الصدفة بشخص لا يفضل رؤيته كثيراً .. إنه عزيز !!
رآه أمامه واقفاً في دكان لصانع بذلات و ملابس رجالية يوناني وضع اسمه علي العتبه العليا للدكان بعنوان " كاليستو" . كان الرجل يأخذ قياساته ليعد له بذلات أنيقة تليق بالمبلغ الجديد الذي سرقه!!
نظر له إيفان بتعجب ثم اقترب و قال له بتهكم : عجيبة هي رؤيتك هنا أيها المناضل !!
خرج عزيز ووقف امام الدكان علي بعد خطوات قليله و قال له : من اري ؟؟ طبيب الفقراء !! هل تركت المشفي بأسوان و جئت الي هنا خلف كاريمان يا تُري !!
إيفان: لست انا من أركض وراء شخص لفظني !! أنت مخطئ بتقدير الأمور كعادتك !!
عزيز : علي العكس .. أقدر الأمور جيداً يا طبيب و ستري ذلك بأم عينك قريباً
إيفان: إلي الآن لا أصدق انك كنت مطلوبا علي ذمة قضية وطنية !! لابد و أن اسمك جاء معهم عن طريق المصادفة أو المصاحبة ليس إلا!!
عزيز : لا تتطاول و الا أنت تعلم ما يمكن ان يحدث لك !!
إيفان: أعلم ماذا.. هل ستعتدي علي مجددا و تحاول قتلي ؟!
عزيز : لا .. اكتشفت انك لا تستحق!!
إيفان: قل لي .. هل تركت والدك مريضا و أتيت هنا لتصنع لك بذلات جديدة؟ !!
تفاجأ عزيز و حزن في داخله لكنه تظاهر بالثبات و المعرفة و قال : هذا لا يخصك أيها المتطفل .. أذهب الي دكان رخيص يناسبك فالمكان هنا فاتورته ليست من مستواك !!
ابتسم له إيفان بتهكم ثم تركه و مضي بينما وقف الاخر في حيرة بعدما أصابه خبر مرض والده بنخسة في قلبه فكيف هو حال والده و هل هو في خطر ؟! يجب أن يعرف ..
_______بقلم elham abdoo
علي طعام الإفطار جلس الاب و ابنتيه معاً و بدأوا بتناول طعامهم فقالت كاريمان لثريا اختها : ثريا .. هناك شئ مهم فكرت به قد يساعدنا في العثور علي ابنتك ؟!
ثريا باهتمام : ما هو ؟!
كاريمان : فكري معي .. هل هناك مكان بعيد او غير معروف تعرفينه يمكن لفاضل اللجوء اليه كمخبأ ؟!
فكرت ثريا و قالت : لا شئ حاضر في ذهني الآن و لكن هذه فكرة جيدة فالبحث في أماكن اقرباءه يُعد فكرة ساذجة ..
كاريمان : بالضبط .. عليكِ بالتفكير جيدا ربما تتذكرين مكانا تحدث عنه فاضل أمامك يوما ما ..
ثريا : سأحاول بالطبع فأنا سأموت من الاشتياق لهدي و الانتقام من ذلك الوغد فاضل ..
منصور بك : نعم هو يجب أن يُحاسب لكنك يجب أن تحاسبي نفسك أولا.. لا شئ يا بنتي يحدث فجأة و لكل شئ سبب!!
ثريا باعتراض : هل تبحث له عن عذر و تلومني أنا يا أبي ؟!
منصور بك : لا ابحث له عن عذر بقدر ما أريدك أن تصلحي ما حولك من أجل سعادة ابنتك
ثريا : ماذا تقصد ؟! هل تري مجال للعودة بيني و بينه من جديد ؟!
منصور بك : و لمَ لا ؟! فكري في أخطائك و عالجي مشكلاتك فبرغم خطأ فاضل الكبير أجده رجل ليس سيئاً بل هو مضغوطاً و متأزماً من معاملتك له كأجير ليس أكثر !! لم تعطيني مكانه كزوج يوما ما !
وقفت ثريا و اعترضت بشدة قائلة: لا .. هذا ليس حلا مقبولا فأنا لا أريد سوي ابنتي أما هو فله عندي حساب عسير عندما أراه..
كاريمان : لنهدأ الآن حتي نجدهما و بعدها نفكر خطوة وراء خطوة فيما سنفعله ..
منصور بك :حسنا لننتظر اذا
كاريمان : اجلسي و اهدأي يا ثريا فهناك موضوع لا يقل أهمية يجب أن نتحدث به
جلست ثريا و انصتا الاثنين إليها باهتمام فقالت : يجب أن أسافر إلي القاهرة اليوم و بأسرع وقت
منصور بك : لمَ؟! هل حدث شئ !!
كاريمان : نعم .. حادثة التفجير ظهرت مرة أخري في المشهد و الانجليز يعيدون النبش بها و لذا وجب عليّ السفر مع سالم لمقابلة اللورد دوفرين ربما نتوصل معه لاتفاق جيد يحل الأمر..
منصور بك بتعجب : هل ستسافرين معه وحدك ؟!
كاريمان : ألا تثق بي أو به يا أبي؟!
منصور بك : بلي يا ابنتي .. بالطبع أثق بكِ و لكن هذا ليس من اللياقة !!
كاريمان : لا مكان ل اللياقة في اوقات الخطر يا أبي !!
ثريا : رغم كل شئ حدث لكنه رجل نبيل و شهم
منصور بك : إذن لأذهب معكما !!
كاريمان : لا يا أبي .. أنت مازلت متعب و أيضاً لا حاجه لذلك فأنا لست طفلة أو ساذجة !! و سالم ليس وحش أو ذئب سيفترسني .. من فضلك يا أبي اسمح لي بالذهاب ؟!
منصور بك بعد تفكير : لا اعرف ...
ثريا : اتركها تذهب يا أبي لان الأمر ضروري حقا كما أنني احتاجك هنا معي لنفكر في المخبأ المحتمل لفاضل زوجي العزيز السابق !!
منصور بك : حسناً .. متي ستسافران؟!
كاريمان : بعد قليل سيمر عليّ سالم و سنغادر .. هو طلب مني اخذ موافقتك ريثما يأتي ..
اومأ منصور بك بالموافقة برغم انه لم يحبذ ذلك الاختيار كثيراً !!
_________بقلم elham abdoo
خرجت فاتن من المزرعة و كل ما في عقلها كان العثور علي عزيز فربما مازال في قبضة خالتها أو ربما يعاني وضعاً صعباً منعه من البحث عنها و لكن من أين تبدأ ؟؟!
أوقفت عربة كان بها سيدتين فطلبت منهما ايصالها الي حيث قصر خالتها فوافقتا اشفاقا علي مظهرها الرث و ملامحها الحزينة و عندما وصلت خجلت من الدخول لخالتها فسألت الحارس الذي اخبرها أن عزيز خرج مقيداً صباح أمس مع خالتها و ركب بعربة منفصلة بصحبة زوج من الحراس فقلقت بشكل أكبر ثم قررت الدخول و سؤالها عنه..
عندما لمحتها عينيّ خالتها حزنت علي مظهرها و أشفقت في داخلها عليها و ظنت أنها أتت لطلب السماح و الاعتذار من جديد و كانت علي استعداد لقبولها و لكنها فوجئت بها تقول : ماذا فعلتِ بعزيز ؟! هل آذيته ؟!!
أصاب حفيظة هانم الذهول و قالت : ألازلتِ حتي الان تبحثين عنه ؟! رغم كل ما اوقعك فيه و فعله بكِ ؟! لماذا لم يفكر هو بالبحث و السؤال عنكِ أيتها الساذجة ؟!!
فاتن بعصبية : و هل تركته حراً و لم يأتي للبحث عني ؟!
ضحك حفيظة هانم بشفقة عليها و قالت : تركته حراً منذ صباح أمس بعدما اخذت اموالي من عائلته، ربما هو يستمتع الآن بحريته هناك و لا يتذكر حتي ملامح وجهك !!
فاتن : غير صحيح فنحن اقتربنا من بعضنا كثيرا في آخر فترة و هو بالتأكيد يشتاق لي الان
حفيظة هانم : هل تركتِ عملك بالمزرعة لتبحثي عنه ؟!
فاتن بانفعال : نعم فذلك ليس عمل بل إذلال و لن أعود لهناك مجددا أبداً !!
حفيظة هانم : افعلي كما يحلو لكِ و لكن ابحثي عن حبيبك المزيف ذلك بعيدا عني فأنا لا أريد أن اسمع عنكِ أو عنه ..
انسحبت فاتن من أمام خالتها بأمل أن تعثر علي عزيز في قصر الراعي !!
_________بقلم elham abdoo
ودّع سالم والدته و أمينة ابنة عمها التي قالت له : اليوم هو عيد ميلادي و كنت اتمني ان تكون حاضرا في الاحتفال الصغير الذي اعدته لي والدتك
سالم : عذرا يا أمينة و لكنني مضطر للسفر سريعا اليوم و لكن أعدك سأحضر لكِ معي هدية ستعجبك كثيرا عندما اعود من القاهرة ..
ابتسمت أمينة و قالت : كل ما أريده هو عودتك سالماَ ..
سالم : شكرا لكِ يا أمينة.. ادعوا لي يالتوفيق في ما أنا مسافر من اجله
السيدة بثينة : ليوفقك الله يا بني ..
انطلق سالم في عربته ليذهب لاصطحاب كاريمان معه في رحلة السفر ..
_________بقلم elham abdoo
لم تمر دقائق علي مغادرة كاريمان مع سالم من امام قصر الراعي حتي أقبل عزيز لداخل القصر علي استحياء، يُقدم ساقه ثم يؤخر الثانية خشية أن يزيد من تعب والده عندما يراه فهو لا يعلم كيف هي حالته، بعد تردد قرر الدخول فوجد والده و ثريا جالسين في الردهة في مكان جلوس والده المعتاد !! سُر لرؤية والده سليم مُعافي لكن منصور بك وقف و قال بانفعال شديد : ماذا أتي بك لهنا ثانيةً ؟! ألم اطردك أمس؟!
عزيز بصوت هادئ ضعيف : علمت أنك مرضت أمس فجئت لأطمئن عليك ثم سأذهب فوراً
ثريا : ما فعلته كان مشيناً يا أخي!! ويحك
عزيز : لا وقت لذلك يا ثريا .. ماذا حدث بالأمس .. هل مرضت كثيراً ؟!
أطلق منصور بك زفيرا طويلا حمل بعض من ألمه و غضبه ثم قال : ليتك تُحسِن من مسيرك بدلا من سؤالك عن صحتي التي اعتلت بسببك !!
عزيز : من فضلك .. طمئنني !!
ثريا : اطمئن .. سقط أمس مغشيا عليه من الإجهاد العصبي فبقي في المبرة ل ليلة واحدة ثم خرج اليوم لكنه بخير الآن.. لا تقلق
نظر له عزيز بحب و قال : أبي .. مهما أخطأت فأنا أحبك كثيرا و آسف جدا لما حدث
منصور بك : سئمت من اعتذاراتك الواهية فبسببك جاءت تلك السيدة المدعوة حفيظة و اهانتنا في عقر دارنا
عزيز : لا تحزن يا أبي فأنا سأحاسبها علي ذلك !!
قاطعه منصور بك بعصبية و قال : تحاسب من علي ماذا ؟! هل أخطأت هي عندما طالبت بحقها ام أنت الذي أخطأت و استحليت سرقتها أيها الفاسد .. اذهب من امامي و لا أود رؤيتك الا و قد أصلحت طريقك و سلكت كما يليق بابن لعائلة الراعي ..
نظرت له ثريا بلوم مختلط بشفقة أما هو فاستعد للمغادرة، استدار ليجد فاتن في مواجهته علي نحو مفاجئ للغاية !!
_______بقلم elham abdoo
داخل العربة التي تقطع الطريق من المنصورة للقاهرة جلس الحبيبان متقابلين ناظرين داخل أعين بعضهما البعض في صمت ملأته أمواج الحب التي تهادت علي شاطئ كلا منهما
حتي قطعت كاريمان ذلك الصمت قائلة بصوت هادئ : هل سننجح باقناع اللورد برأيك ؟!
سالم بعيون حائرة : ربما ...
كاريمان : أري بعينيك سؤال يحيرك!! قله و استرح
سالم : يعجبني ذكائك يا أميرة!!
كاريمان : اووووه.. هل تعرف أنني احب سماع ذلك اللقب من فمك مع أنني لا أعلم هل تقوله تقدير أم سخرية؟!!
ابتسم سالم و قال : بل لأنها حقيقة يا أميرة و الان سأسالك .. هل وافق والدك بسهولة علي سفرك معي بمفردك ؟!
كاريمان : في الحقيقة لا .. لكنه يثق بي و بك كثيراً أما اعتراضه تلخص في جملة " أري أن ذلك ليس من اللياقة "
ضحك سالم و قال : امممم .. و انتِ ؟! هل تخافين أو ترتابين من وجودك معي بمفردك علي طريق سفر !!
كاريمان : ابدااا .. بل علي العكس ..كما قلت لك من قبل أنت أمان بالنسبة لي !! لم أر رجلا شهماً بقدرك!!
سالم : أشكرك لكنني نسيت كلامك الجميل هذا بفعل كلامك الذي لحقه بعدها و مرّر حلقي !!
تذكرت كاريمان ذلك اليوم و تلك المشاجرة فتغيرت ملامحها و قالت : أنا و انت مثل زيت و ماء، صعب أن نمتزج!!
لم يعجبه ردها فقال: مثلما يعجبني ذكائك لا يعجبني أبداً طبقيتك !!
رفعت كاريمان حاجبها و قالت : أصبحت طبقية الآن!! أما انت فلم تضعني و تضع نفسك في موقف لا نحسد عليه يوم خطبت وصيفتي
سالم بانفعال : يا للهول .. هل ستظلين تذكرينني بذلك الأمر كأنه إثم لا يغتفر!! سئمت !!
رأت كاريمان انفعاله فقالت : ربما من الأفضل أن ننهي ذلك النقاش لانه بلا فائدة .. سأنام حتي نصل إلي قصر خالي ..
ارخت الأميرة جسدها قليلا و أغمضت عينيها متظاهرةً بالنوم أما سالم فتوجه بغضبه نحو نافذة العربة لينفث منها زفيره الي الخارج !!
_________بقلم elham abdoo
التفت عزيز لفاتن و في عقله تساؤلات بشأن ما حدث معها فقال بهدوء : فاتن .. هل تعرف خالتك عن قدومك هنا ؟!
فاتن : نعم .. هل يمكن أن نتحدث ع انفراد
ردت ثريا في تحدٍ : لم يعد هناك شئ سري يا فاتن .. جاءت خالتك بالأمس و قدمت عرضا مبهراً هنا و مضت !!
فاتن بضيق : مازال هناك حديثاً بيننا لم ننهيه !!
اجتذبها عزيز للخارج قليلا و قال : كيف سمحت لكِ خالتك بالقدوم لهنا ؟! هل سامحتك ؟!
فاتن : لا .. بل طردتني من قصرها و حياتها و بعثتني لأعمل أجيرة في مزرعتها .. هل تتخيل هذا ؟!
عزيز و قد ايقن أن فاتن أصبحت عديمة الفائدة بعدما خسرت خالتها فقال : اووووه .. أمر مؤسف !!
فاتن : تركت المزرعة و كل هذا العبث و أتيت فما هي خطتك القادمة ؟!
عزيز : اسمعيني جيدا يا فاتن .. أنا أيضا طُردت من بيت أبي قبل أن تأتي بقليل للمرة الثانية بسبب فعلة خالتك، الآن عودي لعملك و حاولي بناء حياتك من جديد و لعلها فرصة ذهبية لك كي تفعلي هذا دون الاعتماد أو الاستناد علي أحد !!
فاتن : احقاً؟!! بعدما فعلت كل ذلك من اجلك، تشردت و طُردت من اجل رغباتك .. هل تتخلي عني ؟
عزيز : لم اتخلي عنك و لكن الظروف لم تجعلنا نتوفق مع بعضنا البعض.. ألم تقولي أنتِ في بداية ارتباطنا أنها تجربة!! تقبلي الآن عدم نجاحها !!
فاتن باستياء: أنت مثل من يقفز من السفينة عندما تميل خشية الغرق!! بدلا من القفز كان عليك محاولة اصلاح الوضع !!
عزيز : كيف اصلحه ؟! الأمر صعب جدا فأنا أيضا احتاج وقتا بمفردي لأعيد حساباتي و ارتب افكاري .. دعينا لا نصبح ثقلا علي بعضنا من فضلك
فاتن: لقد أحببتك من عمق قلبي و حاولت دون تردد أن ألبي رغباتك حتي عندما جعلتني أسرق خالتي التي كانت بمثابة أمي !! أطعتك و خنتها!! هل هذا هو تمسكك بي ؟! هل هذا مقابل ما فعلته معك ؟!
عزيز : فاتن .. ليبقي كلُ منا في حاله لأننا اضررنا ببعضنا كثيرا .. أنا لن أعود بالنفع علي حياتك لذا أنجِ بنفسك مني .. ربما هذا إنقاذ لحياتك فأنا لا أصلح للزواج و قد قلت لكِ هذا من قبل!!
نظرت له فاتن بسخرية و قالت : أسفي علي نفسي مما فعلته لأجلك
نظر لها ببرودة فمضت من أمامه و خرجت نحو الباب الخارجي و ليس أمامها سوي منزل أباها ... هو ملاذها الأخير الآن !! نظرت لمفترق الطرق الذي يفصل بين الطريق لقصر خالتها و الطريق الاخر لمنزل أباها، للمرة الاولي تلاحظه فهو ليس مفترق مادي فقط بل هناك أيضا مفترق طرق اخر في عقلها بين ما مضي و ما هو آت..
أما عزيز فترك القصر متوجهاً للفندق الذي يقيم به ليستعد للسفر إلي أسوان!! لديه مهمة تأجلت منذ فترة و قد اقترب موعدها !!
_________________ بقلم elham abdoo
في المساء وصلت العربة التي تقل سالم و كاريمان لقصر خالها جمال الدين بالقاهرة، استضافهما و علم منهما عن سبب مجيئهما ثم وعد باصطحابهما ل لقاء اللورد غداً
بعدما انضما للعشاء مع العائلة ذهب كل منهما للنوم لكنهما كانا مؤرقين من انتظار موعد الغد و مما حدث بينهما في العربة فخرج كلا منهما من غرفته فتقابلا في الحديقة فقال سالم لها : هل جفاكِ النوم مثلي يا أميرة؟!
كاريمان : نعم لم أستطع النوم ..
سالم : سأسألكِ شيئا .. هل ما اعترفتي لي به في الإسكندرية مازال باقياً ؟!
ردت كاريمان بعينين مليئتين بالحب و قالت : بلي ..
سالم : في كل مرة اختلفنا ثم ابتعدنا عاودنا الاقتراب من جديد بسبب أو بدون لذا الاستمرار ع هذا الحال غير مقبول!! لا سلم لا حرب .. لا ارتباط لا انفصال . هذا الوضع لا يمكن أن يستمر !!
كاريمان : ماذا تقصد ؟!
سالم : أقصد انكِ يجب أن تحددي موقفك الآن قبل غدا و هذا لمصلحتك ؟!
تعجبت كاريمان كثيرا للهجته و قالت : هل هذا تهديد ؟!
سالم : نعم . يعد هكذا لأنك أن لم تحددي موقفك مني فبعد مفترق الطرق الذي ينتظرنا غدا مع زيارة ذلك اللورد سيكون هناك رد فعل منفرد مني و لا اعرف كيف ستجدينه!!
كاريمان و قد ازداد تعجبها : ماذا تقصد بالضبط ؟! لا أفهم ماذا تنوي أن تفعل ؟!
سالم : لن أقول الآن و لكن نصيحتي لك أن تحددي موقفك و تخبريني قبل أن نعود للمنصوؤة كي لا اتصرف بشكل منفرد يجعلك تقولين يا ليت !!
كاريمان بانفعال : انظر .. لا أحب تلك اللهجة المبهمة.. لا أفهم قصدك و تشوشت تماما فهل تقصد فعلاً حسنا ام سيئا ؟!!
سالم : ما أجمل الغموض و لكن تذكري موعدنا بعد مقابلة الغد لآخذ منكِ جواباً محددا بحيالنا
كاريمان : أليس من حقي معرفة كامل مخططك كي اختار بعناية ؟!
سالم : قد قلت ما لدي.. تصبحين علي خير ي أميرة
___________بقلم elham abdoo
أثناء بقاء ثريا في غرفتها قبل النوم جاء ببالها تفصيلة دقيقة حيث تذكرت بيتاً صغيراً في وسط قطعة ارض علي اطراف الزقازيق بالشرقية، كان قد اشتراها فاضل بشغف و قال حينها أنه لطالما حلم بحياة بسيطة هادئة ف مكان كهذا بعيد عن الأموال و الأراضي و الصراعات، قفزت عن سريرها و أيقنت من وجوده هناك لكنها عادت لتفكر بنصيحة ابيها فهي أيضا امام مفترق طرق فهل ستصنع بينها و بين فاضل طريقا جديدا يمشيان عليه مع ابنتهما ام ستهدم اي جسر بينهما و سيمضي كل منهما في طريق مختلف ؟!!