رواية الصندوق الفصل الثانى و الاربعون 42بقلم الهام عبده


 

رواية الصندوق الفصل الثانى و الاربعون بقلم الهام عبده


بصيص_ضوء_خافت
أغلق يوسف الكتاب بعدما أثار تفكيره قرار سالم بالعودة لدياره برغم الخطر الذي يحيق بتلك الرحلة، أراد أن يكمل قراءة و يعرف ماذا سيحدث لذلك الطائر الجريح و لكن النعاس غلبه فوضع الكتاب جانباً بصعوبة ثم خلد للنوم ..
في الصباح عندما فتح عينيه أمسك هاتفه فوجد رسالة من إدارة الموقع الاخباري التابع لجريدة بأحد الدول  الأجنبية التي سبق و حددوا له ميعاد بمقابلة عبر التقنية الإلكترونية، جاءت تلك الرسالة  لتذكره بالميعاد اليوم ، احس بالسعادة لاقتراب الفرصة التي انتظرها طويلا و هنا تذكر بطل الرواية سالم في انتظاره الطويل لأميرته، تلك التي مزقت قلبه تمزيقاً برفضها المتكرر و حتي عندما قبلت و ظن أن جروح قلبه ستلتئم، شطرته نصفين باعترافها الصادم له !!...
دعي الله الا تكون عاقبة انتظاره لتلك الفرصة مثل عاقبة انتظار بطل الرواية لكاريمان !! 
خرج من غرفته متمهلاً فذلك صباح الجمعة و لا داعِ للعجلة، الجو ساكناً تماماً، يظهر أن علاء قد سافر لبلده باكراً دون أن يوقظه .. 
المقابلة اليوم في تمام الواحدة بعد الظهر و يجب أن يستعد لها فالوقت جري من بين يديه يوم وراء يوم دون أن يدري!!
فتح الثلاجة فوجد بيضتين فأعد طبقاً من البيض مع الطماطم و كوب من الشاي بالحليب و جلس ليستمتع بوجبته .. 
فتح قناة علي اليوتيوب و بدأ بمشاهدة بعض المقاطع المصورة عن كيفية أداء المقابلات عبر برامج التواصل الإلكترونية باللغة الإنجليزية، مع دقات الساعة الثانية عشر ارتدي قميصاً سماوياً و فوقه معطف بني اللون و في الجزء الأسفل مازال يرتدي سرواله البيتي المريح الغير مرئي في شاشة التليفون المثبتة علي حامل فوق الطاولة!!..
بدأت المقابلة فرأي أمامه سيدة اربعينية ذات شعر أسود قصير بقصة شعر البيكسي، طلبت منه أن يقدم نفسه ثم يحكي عن رؤيته في الصحافة و تقديم الخبر ثم سؤل أيضاً عن خبراته في العمل الصحفي فذكر اسم الجريدة التي تدرب ثم عمل بها حتي الآن و في النهاية سألته هل يمكن أن يقبل بالعمل بأي قسم يرونه ملائماً فأجاب بنعم .. انتهي الأمر خلال أقل من نصف ساعة شعر يوسف بعدها أنه أبلي بلاءاً حسناً فأغلق الهاتف بأمل و تفاؤل منتظراً الرد الذي قد يغير وتيرة حياته بأكملها !!
_________بقلم elham abdoo
في السادسة مساءا تلقي اتصالاً من ريم تخبره فيه أن يأتي للمرسم في ميعاد فتحه لتريه مفاجأة صغيرة فوافق علي الفور و بعد ساعة او ما يزيد من المكالمة كان هناك، أدخلته ريم للداخل فرأي لوحة مغطاة موضوعة علي حامل الرسم فاخذه شغفه لرؤيتها لكن ريم منعته حتي تريه شيئا ما أولاً، دخلت للداخل ثم عادت و بيدها الصورة التي أرتهما اياها والدتها / مدام نيرة .. نظر للصورة مرة ثانية و لكن في تلك المرة كان يعرف من تلك الجدة، في المرة الاولي كانت امرأة مجهولة أما الآن فهي بسمة، تلك الانسانة العفوية سريعة التأثر بمن حولها، تأخذها الامواج هنا و هناك لكنها ضربت مثالاً جيداً في التحمل خلال احداث القصة حتي الان !! 
رأته ريم ضائعاً في تفاصيل الصورة علي الرغم من عدم وضوحها فقالت : ايه .. للدرجة دي عجباك ؟؟
يوسف : أصلي ببصلها دلوقتي كأنها لواحدة قريبتي أو معرفتي .. مش زي اول مرة !!
ريم : عشان قرأت عنها في الرواية .. صح ؟!
يوسف : بالظبط .. بسمة البنت الطيبة السمرا .. نفسي أعرف بس ايه اللي وقعها في عزيز ؟!!
ريم : سليل العائلة التقيلة ده .. مش كده ؟! 
ضحك يوسف و قال: آه.. بس هو مش سهل خالص 
ريم : تفتكر حبها  و اتجوزها عشان طيبتها دي؟!
يوسف : هو من اللي قريته في الرواية صعب .. صعب جدااا كمان .. عزيز ده صعب يحب حد اصلاً !! و بعدين بسمة مكانتش من وسطه و لا شبهه و لا فيه حاجه تجمعهم !!
ريم : شوقتني !! لو وصلت للسبب في الرواية ابقي احكيلي .. عندي فضول أعرف..
رد يوسف ب حيرة : و انا اكتر منك .. المهم هشوف اللوحة دي امتي ؟!!
ذهبت ريم إلي عند اللوحة و أمسكت طرف القماش المغطي لها و قالت : حالاً 
أزالت الغطاء فرأي صورة بسمة و لكن  بشكل مُرمم  و بألوان جديدة زاهية، حملت اللوحة المرسومة نفس ملامح بسمة التي في الصورة بنفس نظرة العين الوديعة و التفاصيل الصغيرة التي تُعطي ارتياحاً للناظر و الشعر الأسود المموج بشكل هادئ منسدل علي كتفيها، ضاع كعادته في التفاصيل فابتسمت ريم و قالت : بيعجبني تذوقك الراقي للرسم !! غير الناس اللي بيبصوا  ل اللوحات بسطحية و جمود  ف بيسيبوا أثر نفسي سلبي عند الرسام ممكن يوصل ل  احباط !!
لكن انت  بتعرف تميز  بين رسم الملامح اللينة من الحادة و بتدقق في الشعر و الوجه و العينين عشان تفهم رؤية الفنان في طريقة رسمهم .. 
يوسف بتعجب: ازاي فهمتِ كل ده؟!!
ريم :  قراءة الملامح هي لعبتي !! أنا ببص لعيونك رايحة فين و مركزة علي ايه ف اللوحة و بحس بتعابير وشك اللي بتوضح شعورك ناحية اللي بتشوفه .. 
يوسف : ايوة .. أنتِ نجحتِ زي عادتك في إنك تخلي  اللوحة تنطق بمكنون شخصية صاحبها علي الرغم من إنك  مقرتيش الرواية !!
ريم : اللي قلته عنها قبل كده فضل في عقلي ثم إني لما  دققت في ملامحها حسيت  باللي  ظهر قدامك في اللوحة و بصراحة فرحتني برأيك  أني نجحت في عمل توافق بين شكلها و شخصيتها .. 
يوسف : بصراحة انتي عاملة  عظمة !!
ردت قائلة : استني و متستعجلش أنا لسه هرسم باقي الشخصيات زي م اتفقنا و هستني تقييمك في كل مرة بناءاً علي قراءتك لشخصياتهم!!
يوسف بحرج : حاجه حلوة بجد بس أنا للأسف ممكن مبقاش موجود هنا في الفترة اللي جايه ..
ريم بتفاجؤ: هتسافر ؟!
يوسف: محتمل .. النهارده  عملت مقابلة لأحد الجرائد اللي  في مقاطعة اسكتلندا ببريطانيا، هي جريدة صغيرة و ناشئة لكن انا  نفسي  أخوض تجربة السفر من ناحية و العمل بالجرائد الأجنبية من ناحية تانية  !!
ظهر الاحباط في عيني ريم فانكسرت نظرتها للأسفل و قالت : مممم بالتوفيق 
رد يوسف محاولاً تلطيف الجو : لكن ينفع نتواصل طبعا و تبعتيلي صور اللوحات و انا هأقول رأيي  و لو أني شايف أنكِ متفوقة و مش محتاجة  لرأيي .. هتنجحي و هتبقي من اهم رسامي مصر .. و العالم كمان !!
فهمت ريم أنه يحاول تجميل هروبه فقالت : أنت عارف .. اللوحة و تفاصيلها صعب أن تنقلهم شاشة .. الرؤية الحية مفيش بديل عنها و عشان كده  مش هشغلك في غربتك بلوحاتي !! لكن لو جيت في زيارة ف هتلاقي باب صديقتك ريم مفتوح !!
فهم يوسف أن طريقتها في الضغط علي كلمة "صديقتك"  هي لإفهامه أن كل  شئ قد توضح و افترقت الطرقات و هذه رسالة قبول و وداع في ذات الوقت فقال بصوت ضعيف  : ريم ... 
ردت بفتور : نعم ... 
يوسف : اتضايقتي اني هسافر ؟! 
ريم : طبعاً .. لأني هفتقدك كصديق و لكن مهم انك تسعي للمستقبل اللي سعيت له !!
يوسف : ريم .. يمكن لو  تقابلنا في وقت كانت ظروفي فيه مناسبة أكثر لكان الكلام اختلف تماما  عن دلوقتي .. بس اعمل ايه ؟!!
ريم بأسي : يوسف .. أنت غلطان  .. الظروف ممكن تفضل مش مناسبة بس الانسان هو اللي بيطَوّعها أو يتحمل صعوبتها في سبيل انه يتمسك  باللي عايزه مش  العكس!!
يوسف :أنا  مستصعب أقول كلمة : استنيني !! مضمنش ظروفي و لا نفسي!!
ريم : و البني ادمين يا يوسف مش عرايس لعبة بنخليهم في صندوق حسب رغباتنا و ظروفنا .. نطلعهم و ندخلهم حياتنا وقت ما نعوز  أو نخبيهم و نتجاهلهم كأنهم مش موجودين لو الظروف صعبة!! 
هم لحم و دم و احساس ... عشان كده في مادة اسمها التفاضل!! فاكرها 
يوسف : قصدك ايه ؟!
ريم : في التفاضل احنا بنتعلم نشيل من الدوال الاقل بمعني أن الأمور الاقل أولوية ممكن نستغني عنها أو نأجلها أو حتي نأخرها عشان حاجات تاني اهم و ده اللي بيدي الحاجات أرقام في الاولوية واحد أو اتنين أو تلاتة !!
يوسف : كلامك صعب !!
ريم : يمكن عشان حقيقي و في الهدف بالظبط !!
يوسف : فعلا .. 
وقف يوسف ليستعد للذهاب و قال لها : ينفع لما احدد معاد السفر أجي و أسلم عليكي؟!!
ريم : طبعاً .. من غير كلام 
يوسف : سلام 
ريم : مع السلامة ..
أوصدت ريم الباب من خلفه و كأنما توصده علي حلم جميل لم تُكتب له الواقعية !!
___________بقلم elham abdoo
عاد يوسف لشقته بمزاج غير رائق فوجد علاء قد جاء من سفره و رائحة طعام والدته الشهية تملأ أرجاء المكان، ألقي التحية علي صديقه و جلس مغموماً و لم يسأل عن الطعام كعادته فتعجب علاء و قال : مالك .. شكله حصل حاجه ؟! أنت لما روحت لريم امبارح اتخانقتوا تاني ؟!
يوسف: بالعكس .. اتصالحنا  و كله كان تمام بس انهارده باظت تاني !!
علاء: لييييه !!
يوسف : اصلي عملت مقابلة الجريدة انهارده فقولتلها اني احتمال اسافر و اشتغل برا فزعلت 
علاء: مقولتلهاش ليه تعالي معايا يا بني آدم!! مش هي سافرت قبل كده و اهي تعرض شغلها هناك و تكملوا مسيرتك مع بعض ..
يوسف : هو انا عارف ظروفي هتبقي عاملة ازاي و لا هشتغل بكام ؟؟ ثم الجريدة صغيرة و ف حته بعيدة و مش مشهورة ف جايز جداا ميبقاش فيه مجال تعرض شغلها هناك  أصلاً 
علاء : مش مشكلة اهو تبقي فهمتها انك حاططها ف حساباتك حتي!!
ريم : م هي قالت كده بالظبط 
علاء: قالت ايه ؟! 
يوسف : قالت اللي معناه اني فضَّلت شغلي عليها طبعا و هي كأنها اتمسحت أو اتشالت من اولوياتي !!
علاء : عندها حق بصراحة !!
يوسف : هو انت شايف اني غلطت ؟؟!!
علاء : مش غلط علي قد م هو قلة تقدير .. قلة حب .. قلة اهتمام .. اللي هو فيه مشاعر بس مفيش ارادة تاخد المشاعر دي للواقع !!
يوسف : أنا مش عارف أرسي ع حال..بس كده احسن بدل م امرمطها معايا 
علاء:و هي قالتلك مش عاوزة اتمرمط !! مش يمكن ترضي بالمرمطة معاك و بعدين  يعني لو هي ارتبطت مش هتضايق؟!! قول بصراحة ؟!!
ظهر علي يوسف الضيق و قال : بصراحة  اه هتضايق  بس اعمل ايه ؟!! أنا مش جاهز لأي حاجه دلوقتي 
علاء: يا خيبتك !!! كنت شرحت الموضوع بطريقة لطيفة و كام شهر و هظبط اموري بعد كده ممكن نتجوز و تيجي معايا .. كده يعني !!
يوسف : لا .. مش بحب اللف و الدوران.. أنا مش بقول حاجه مش عارف هنفذها و لا لا ..
علاء : أنت حر .. اسلوبك ده هيضيع منك فرص و ناس  حلوة .. بس براحتك 
يوسف : قفل بقي أنا اتضايقت.  فين الفطير اللي قولتلك عليه ؟!!
علاء : عندك في المطبخ .. تعالي نجيب عسل بطحينة و ناكل و تحكيلي بقي القصة وصلت لفين عشان وحشتني القراية فيها معاك 
يوسف : يلااااا 
________بقلم elham abdoo 
بدأ يوسف بالقراءة مع علاء  من مكان التوقف ليبدأ فصلاً جديداً بعنوان 
                                ٨ - بين الحب و الألم
بعد انصراف مدبر التذاكر انسحب سالم من تلك الجلسة علي الفور ليمنع النقاش في موضوع تراجعه عن السفر و يقطع علي الجميع فكرة اثناءه عن العودة .. 
حل الليل و احتاروا كيف سيتم تقسيم نومهم في غرفتين فقط فاستقر الأمر أخيراَ علي بقاء كاريمان مع فاتن في الغرفة التي جمعتها مع والدها أمس بينما سينضم منصور بك لسالم و عزيز بعد أن نقل عزيز للغرفة سرير صغير كان في البدروم!!
_________بقلم elham abdoo 
في اسوان بدأ حفل افتتاح المبرة الجديدة، أقبل المدعوون تباعاً ووقفت ثريا بمفردها في استقبالهم و الترحيب بهم بينما أنضم إيفان للحفل في وقت متأخر مع بسمة و سيمون التي أغضبها كثيرا تغيير كل ما أعدته للحفل قبل قدوم تلك  الشقيقة للأميرة التي قلبت كل شئ رأساً علي عقب .. 
علي رأس المدعوين حضر الطبيب الكبير / غالي نجم و  لفيف كبير من الأطباء المصريين و الأجانب و شخصيات مهمة تمت دعوتها من قبل كاريمان و سيمون، أثار فضولهم و تعجبهم غياب كاريمان  فعللت غيابها بأن هناك عذراً قهرياً منعها من القدوم في آخر وقت  .. 
بعد استماعهم  لفقرة من الأناشيد التي ألقاها الشيخ سلامة حجازي اصطحبتهم ثريا في جولة داخل المبرة " المشفي " فرأي الطبيب غالي بذخ اللوحات و الانتيكات كما لو كانوا يسيرون بين أروقة متحف !! ثم رأي الأسرة ذات الأغطية الوردية و تتابعت الصدمات برؤية زي التمرجيات و معاطف الأطباء الملونة فلم يستطع الطبيب غالي الصمت أكثر فنظر لها و قال : من العظيم الذي تولي تنسيق كل شئ هنا يا أميرة ؟! 
قالت ثريا بفخر : أنا يا حضرة الطبيب .. بذلت مجهودا كبيرا و لكنه استحق!!
قال الطبيب متهكماً: ليتك ما اتعبتِ نفسك في جهود لا داعِ لها !! 
تغير وجه ثريا فقالت : و لمَ تقل عن جهودي انها بلا داعِ؟! 
الطبيب: منذ لحظة دخولي رأيت تنسيقاً أشبه بقصر أو فندق لاستضافة الأثرياء بأغراض باهظة لو بقي ثمنها لمعدات طبية أو لإعداد غرف بعدد اكبر  لاستقبال مرضي أكثر لكان الأمر سيختلف كثيراً ..
نظر إيفان و بسمة لبعضهما بسرور و ابتسما ثم عادا لسماع بقية تعليق الطبيب الذي اكمل قائلا: و أيضا .. متي رأينا الأطباء بمعاطف ملونة بغير الأبيض!!.. هل ظننتِ أنهم يرتدونها لفقر في الألوان؟! 
لأفهمكِ شيئاً مهماً : هذا اللون له دلاله علي مهنة الطبيب لأنها  تريح المرضي من الألم و تعطيهم الأمل قبل العلاج فالأطباء في معاطفهم البيضاء كجيش من الملائكة التي يبعثها الله لخدمة البشر  .. تلك الملابس التي اخترتها تليق بسيرك أو مسرح و ليس بمشفي !! للأسف اختيارات غير موفقة أطاحت بأساسيات و معايير لا غني عنها ..
 أتمني معالجة الأمر قريبا يا أميرة لو كنتم تحترمون هذه المهنة  !! 
ذهب الطبيب و من خلفه غالبية المدعوين و بقيت جميع الاطعمة و المشروبات كما هي لم يلمسها احد، أُطفِئت المشاعل و أٌغلق المشفي بعد تلك الفضيحة و عادت ثريا لمنزل اختها عاقدة العزم علي العودة للمنصورة صباح الغد علي الفور !!
________بقلم elham abdoo 
وصل فاضل أفندي للمنصورة في ساعة متأخرة من الليل بعد أن قطع طريقاً طويلاً، أشار للحارس الذي كان بين النوم و اليقظة ثم دخل فوجد القصر فارغاً و الخدم نيام فعاد للحارس و سأله عن أهل البيت  فروي ما حدث خلال الأيام الأخيرة من سجن و هرب و أحداث غير عادية، تعجب جداً مما سمع و قرر أن ينتظر الصباح ليذهب للمخفر و يسأل عن التفاصيل...
أما السيدة بثينة و أمينة فقد وصلتا لمنزل سالم مع أول خيوط الفجر ..
وجدتا المنزل فارغ و عندما سألت السيدة بثينة أحد الخدم قال ما حدث قبل أيام عن الشهيد و الانجليز و السجن و الهرب فلم تكد تصدق ما تسمعه أذناها فسالم لم يخبرها عن أي شئ مما فعل بل لم يقل سوي أنه جاء هنا كي يتمم اتفاق عمل!! 
هل يعقل أن يكون ابنها فعل كل هذا و الآن هو مطارد من الانجليز و هناك خطر كبير علي حياته ؟! أين هو الآن و ماذا سيفعل ؟! 
لم يأت ببالها سوي الذهاب لمنزل الراعي لكنه لابد و أن يكون فارغاَ فجميع أفراده مطاردون أيضاَ كما روي لها الخدم مما سمعوا و دار في جميع أرجاء البلدة !!
فكرت مع أمينة بصوت مسموع و قالت : إلي أين أذهب ؟! كيف سأجد أثر يصلني بابني ؟؟ 
أمينة : هل هناك أحدا قد يلجأ اليه هو و من معه ؟! المنطق يقول أن من أخرجهم من الحبس هو من يخبأهم الآن!! 
السيدة بثينة : كلامك منطقي جدا .. ليس هناك سوي السيدة حفيظة، لابد و أنها هي من ساعدتهم من اجل عزيز!!
أمينة : اذن هيا بنا إليها لنعرف هل لها صلة بما حدث  أم لا ؟!!
___________بقلم elham abdoo 
وصلتا إلي قصر ياقوت بك في وقت مبكر أيضاً فأيقظتا حفيظة هانم  من النوم بعدما أصرتا علي مقابلتها علي الفور في موضوع حياة أو موت ..
مع ثلاثة أكواب من القهوة بدأت جلسة السيدتين و الفتاة .. سألتها السيدة بثينة بقلق بالغ : طمئني قلبي و قولي أين هو .. لابد و أنكِ تعلمين ؟! أريد رؤيته الآن 
حفيظة هانم : نعم .. أعلم و لكن خطر كبير أن تذهبين اليه فالانجليز يراقبونني بالتأكيد للوصول اليه و لابد أنهم يعلمون الآن عن مجيئك إليَّ ..
السيدة بثينة : نعم ..محتمل جداا .. قد جاؤوا إلي أسوان و مازالوا يراقبون الطريق و المنزل أيضاً !!
حفيظة هانم : الموضوع في منتهي الخطورة لذا يجب أن نبقي بعيدين عنهم قدر المستطاع، هذا إلي جانب أنهم سيصبحون في مكان بعيد كثيراً بعد وقت قليل من الآن..
السيدة بثينة : مكان بعيد كثيرا ..... أين ؟! 
حفيظة هانم : سيسافرون بسفينة إلي جزيرة بعيدة علي الطرف الآخر من البحر 
السيدة بثينة بحزن و تفاجؤ: سيسافر ابني الوحيد خارج البلاد دون حتي أن أراه!!! هذا صعب و قاسي جدااا 
حفيظة هانم : هذا ما فرضته الظروف !! ليس بيدنا فعل شئ
السيدة بثينة : و لكن لابد أن هناك طريقة أذهب بها لأراه قبل أن يذهب !! من فضلك ساعديني .. أنا أم و يجب أن تقدري  شعوري ...
تأثرت حفيظة هانم و قالت : أمس غادرت فاتن إليهم لتسافر مع عزيز، خرجت من باب يفتح علي شارع خلفي من سرداب في بدروم القصر . ستغادرين منه إلي الطريق بعيداً عن عيون هؤلاء المحتلين و لكن كوني حذرة و سأقول للحوذي أن تسلكا طريقاً مبهماً لهم أيضاً 
أمسكت السيدة بثينة بيدي حفيظة هانم و شكرتها بحرارة و قالت : لأذهب علي الفور .. قبل أن يغادروا 
حفيظة هانم : ستلحقين بهم و سترين ابنك إن شاء الله  .. 
السيدة بثينة : بإذن الله .. 
أمينة: و انا ... أريد أن آتِ معكِ 
السيدة بثينة : هذا خطر يا ابنتي .. ابقي هنا بأمانة حفيظة هانم حتي أعود .. لا تذهبي خارج هذا القصر و لا تلفتِ النظر حتي أعود 
أمينة: كما تريدين و لكن كوني حذرة و لتصحبكِ السلامة يا ابنة العم 
السيدة بثينة : سأعود خلال وقت قصير إن شاء الله ..
تعانقا ثم اوصلتها حفيظة هانم خلال السرداب للعربة التي كانت تنتظرها في شارع خلفي صغير ثم انطلقت نحو الطريق إلي الإسكندرية بأقصى سرعة تتحملها الخيول لقطع المسافة في أقل وقت ممكن !!
________________بقلم elham abdoo 

ظل سالم  مستيقظاً للصباح و هي كذلك في غرفتها أيضاً قضت ليلتها ساهرة لا تعرف كيف ستتركه يذهب للخطر؟! و كيف ستبقي هناك بدونه ؟! يفصلها عنه البحر المتوسط بأكمله!! عللت لنفسها صعوبة ما فعلت بأنه هو المتسبب بذلك الوضع الحرج فعليه بتقبل النتائج!! لكنه غاضب و غضبه أعماه و سيذهب في طريق محفوف بالمخاطر .. لا تستطيع تركه و لن يُسمح لها بالذهاب معه و حتي إن قررت العودة لن يقبلها معه في نفس الطريق !! ماذا ستفعل الآن في وضع متأجج للغاية ؟!! 
___________بقلم elham abdoo
بدأ جميع من في البيت جمع أغراضهم تمهيدا للسفر فيما عدا سالم الذي جلس يحتسي شايه في هدوء .. 
غلب عليهم الانهمام لأنها الساعات القليلة المتبقية لهم في وطنهم و لكن تلك حالة لم تشمل فاتن التي ظهر عليها النشاط و الحماس و السعادة فذهبت لتعد افطاراً مميزاً للجميع و اصطحبت عزيز معها بعد أن اقتادته اقتياداً إلي المطبخ !!
لم يكن مستواها مبهراً في الطبخ مثلها مثل صديقتها سابقاً فمثيلاتهن من فتيات الطبقات الراقية لم يعتدن علي قضاء وقت كبير في الطبخ أو تعلم مهارات ربات البيوت !!.. 
استغرقت وقتاً طويلاً لتعد افطاراً بسيطاً مكون من بيض مسلوق و جبن و ابريق من الشاي !! و رغم ذلك فقد شعرت أنها نجحت بتحدٍ صعب !!
 
لم يأكل اغلبهم سوي شيئاً يسيراً و عندما وصلت العربة التي ستأخذهم للميناء توقفت بالخارج كان سالم بالداخل يعد أغراضه ليعود ادراجه نحو الجنوب!!
كانت كاريمان في الحديقة بينما  بقيت عينيها معلقتين بالداخل  لا تصدق ما يحدث و ان تلك هي  اللحظات الأخيرة التي ستراه فيها!! تساقطت دموعها دون أن تستطيع منعها فانزوت بعيدا كي لا يري ضعفها أحد ووجدت نفسها تسلك الطريق المؤدي للبيت ثم تتجه نحو  باب غرفته رغم أنها لا تملك كلاماً تقوله له لكنها ذهبت فحسب!!
طرقت الباب و فتحته ثم وقفت أمامه بصمت فنظر لها ثم عاد لجمع أغراضه فقالت : الن تتراجع ؟! 
نظر لها مرة أخري و لم يعلق فقالت : لا تجعل غضبك ينتصر عليك و يقتادك للهلاك!!
نظر لها بتهكم و قال : و انتِ ؟!! لا تجعلي ماذا ينتصر عليكِ؟!! أيتها العاقلة الحكيمة !!
كاريمان : انظر .. أنا مخطئة و لدي عيوب .. لا تكن مثلي .. يمكنك أن تسافر و لا تكن معي هناك .. غادر من وجه الخطر و بعدها أفعل ما يحلو لك..
سالم : لا ... لن أغادر، خلافي معكِ ليس هو السبب الوحيد في تراجعي و لكنني منذ البداية لا يروق لي هذا الحل و لذلك تراجعت و لن أسافر،  معكم أو بدونكم !! لذا اريحي نفسك من الكلام لانه لا فائدة منه !!
كاريمان : ماذا ستفعل ؟! هل ستظل مختبئاً من هوارد طيلة الوقت؟! 
سالم : و هل الهروب للخارج لا يعد اختباء؟!!
كاريمان : بلي،  لكن الخطر أقل بكثييير 
سالم : لا أريد أماناً كهذا !!
اقتربت كاريمان منه و قالت : لا أتصور وجودي في مكان بعيداً عنك لهذه الدرجة !! كيف فرطت بي هكذا لمجرد خلاف !!
سالم : مجرد خلاف!!! أنتِ من فرط أولاً عندما جعلتني أصدقك بكل سذاجة !!
كاريمان : كل كلماتي كانت صادقة و لم أكذب عليك قط !!
سالم : لكنكِ خدعتني ب نيتك في الهرب !! أظهرتِ رؤيتك الحقيقية  لعلاقتنا !!! كشئ تريدينه لكن بعيدا عن العيون كجريمة  أو فعل مشين يتم خلسةً !!
كاريمان بانفعال : نعم اعترف أنني أخطأت و لكن هل لم تخطئ انت بفعلتك عندما خطبت الوصيفة !! كن منصفاً قليلاً !!
سالم : لا داع لكل ذلك يا أميرة فقد انهارت قصور السعادة التي بنيناها منذ اول ليلة !!
دمعت عيناها فهربت من أمام عينيه و أغلقت الباب ثم ذهبت في طريقها للعربة لتنضم لوالدها و اخيها فوجدت عربة أخري أمام المنزل نزلت منها السيدة بثينة بلهفة و عندما رأتها أمامها قالت لها : حمداً لله أنكم مازلتم هنا .... 
__________بقلم elham abdoo
تهللت كاريمان في داخلها لرؤية السيدة بثينة فربما تستطيع والدته أن تقنعه بالهروب من وجه الخطر، اقتربت منها و قالت لها : الحمدلله أنكِ أتيتِ في الوقت المناسب .. سالم في أمس الحاجه لوجودك 
أصابتها تلك الكلمات بقلق بالغ فقالت : لمَ .. هل هو مريض ؟! أم أصابه شئ ؟! أين هو ؟! 
كاريمان : اطمئني .. هو بخير لكنه يرفض السفر معنا و سيعود لأسوان رغم الخطر المحيق به .. من فضلك حاولي اقناعه فأنتِ تمثلين له الكثير!!
السيدة بثينة : أين هو اذا؟! 
كاريمان : في الداخل ..
دخلت السيدة بثينة علي الفور بينما ذهبت كاريمان للعربة و ابلغتهم بالانتظار قليلا حتي يأخذ سالم قراره الأخير فنزلوا عن العربة و جلسوا بالحديقة و هنا تجدد الأمل بقلب كاريمان فلعل القدر سيجمعهما بمكانٍ واحد من جديد !!
______________بقلم  elham abdoo
ذهبت السيدة بثينة للداخل و طرقت الغرفة الاولي فلم يرد احد ففتحتها و إذ هي فارغة فذهبت للاخري و طرقتها فسمعت صوت سالم يقول : لن أسافر .. لا تحاولي مجدداً فابتسمت و فتحت فنظر سالم ووجد والدته قبالته فترك ما بيده من أغراض و ارتمي في حضنها و هو لا يصدق أنه يراها أمام عينيه !! أمسك بها في تشبث و كأنما ملك الأرض كلها بحضورها أما هي فذرفت الدموع اشتياقاً له و حزناً لما أصابه ... 
جلسا بعد العناق فقالت : هل كنت مسافراً دون حتي أن تعُلمني؟!
سالم : لا يا أمي .. تطور الأمر بشكل سريع لكنني اوصيت حفيظة هانم بإبلاغك ثم أنني تراجعت عن فكرة السفر من الأساس و كنت عائداً إليكِ لولا انكِ سبقتني بالمجئ .. 
السيدة بثينة : أحسنت يا بني .. لا تترك وطنك و تسافر لتبقي غريب علي جزيرة بعيدة مهجورة !! هذا لا يليق بك ..
سالم : نعم .. الهروب في الداخل سيكون أفضل حالاً 
السيدة بثينة : لا .. عودتك لأسوان ستجعلهم يمسكونك بسهولة، أتوا إلي هناك و اعدوا لك أفخاخا بالطريق، يراقبون المنزل و الأراضي و كل مكان قد ترتاده .. الحمدلله أنني لحقت بك قبل أن تأتِ
سالم: هوارد هذا جعل كل همه هو ايجادي!!
السيدة بثينة بفخر : نعم .. هو محق فقد سمعت أن ما فعلته مع شهيدنا رياض  لم يكن قليل !! جعلت معسكراتهم ويلاً و جحيماً عليهم !! أحسنت و بوركت يا بني 
ابتسم سالم و قال : هل انتِ فخورة بي يا سيدة بثينة!!
السيدة بثينة : و أي فخر .. لكن لي عتاب عليك .. لم تخبرني أي شئ فقد وقع قلبي عندما علمت و في طريقي حتي هنا قلقت حتي الموت خوفاً أن تغادر دون أن أراك .. 
قبّل سالم يديها ثم قال : سامحيني يا أمي فأنا لم أخطط لأي مما حدث بعد التفجير .. كل ما حدث كان نتيجة لما فرضته الظروف !!
السيدة بثينة : نعم .. أعلم و لكن .. تلك الأميرة تريدك أن تسافر  !! جيد أنك لم تطيعها!!
سالم بضيق: نعم .. ليسافروا هم أما أنا فلا ..  لكنني لا أعرف أين سأذهب الآن و ماذا سأفعل ؟!
مسحت السيدة بثينة علي خديه و قالت : بني .. أنت لديك أم قد تقلب العالم بأسره من أجلك !! لا تقلق فهناك أمل دائماً حتي و إن ساءت الامور 
سالم بتفاؤل: أحقاً .. هل ترين حلاً ؟! 
السيدة بثينة : نعم .. إلي حد ما 
سالم بتفاجؤ: كيف؟!!
السيدة بثينة : انظر .. مما سمعت عما حدث، أري أنه يمكننا نسف تلك القضية لكن أترك لي وقتاً كي ارتب و أعد لكل شئ .. ابق هنا فذاك أكثر مكان أمناً في الوقت الحالي 
سالم : هل أنتِ واثقة مما ستفعلي ؟!
السيدة بثينة : بني .. لا شئ أكيد في تلك الحياة فكل الاحتمالات موجودة و لكن اجعل الأمل في قلبك قوياً و انتظر خبرا  مني .. 
سالم : نعم .. سأنتظر يا أمي .. من حسن حظي أنكِ أمي .. 
احتضنته بقوة ثم تركته بعدما قالت : اعتنِ بنفسك جيدا... 
_______بقلم elham abdoo 
خرجت السيدة بثينة من المنزل فوقفت كاريمان و اتجهت نحوها و سألتها : ما الاخبار ؟! هل استطعتِ اقناعه؟!
بثينة : لم أبذل جهدا حتي !!
ابتسمت كاريمان و قالت : هل وافق علي الفور !!
السيدة بثينة: بلي .. ف لنا نفس الرأي .. أنا أيضا أفضل ألا يسافر !!
تعجبت كاريمان بشدة و قالت : لمَ ؟! ألا تخافين عليه ؟! 
السيدة بثينة : بالطبع أخاف و لكن ... هناك حلاً محتملاً لتلك الأزمة فاتفقت مع سالم علي البقاء هنا حتي أحاول حل الأمر أما أنتم فلكم مطلق الحرية بالبقاء من عدمه !!
منصور بك : ما هو الحل الذي ترينه يا سيدة بثينة ؟! 
السيدة بثينة : لا تؤاخذني يا منصور بك فلم ألقي التحية بسبب الظرف الراهن .. الحل في عقلي و يحتاج أن أجلس و أعد كل شئ مع حفيظة هانم و سيستغرق  بعض الوقت 
عزيز : هل سنؤجل السفر من اجل حل مبهم غير أكيد و حتي لا نعرفه  !!
السيدة بثينة : لذا قلت لكم أنكم احرار فيما ستقررون !!
فاتن : بالطبع لن نبقي هنا  بينما الخطر يحيط بهم هكذا .. نحن سنسافر !!
كاريمان : تحدثي عن نفسك فقط فأنا سأنتظر حل السيدة بثينة فخيار الهروب ثم السفر لم يكن ابدا الحل الامثل بالنسبة لي !!
فاتن : عزيز .. هل نسافر نحن مع عمي !!
منصور بك : و انا سأظل حتي تصلنا نتيجة حل السيدة بثينة فالعيش في غربة بلا وطن ليس سهلا!!
فاتن بانفعال  : عزيز .. ما قولك ؟؟!
عزيز : لنبقي اذن مثلهم حتي نري نتيجة ذلك الحل!!.. 
فاتن باحباط : إذن فقد ألغيت الرحلة بسبب بصيص ضوء خافت !!

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-