رواية أحببت كاتبا الفصل الثالث
وقفت صفا تمسح دموعها وهي ممسكه بأحدي المقشات التي تصنع من قش الارز .. وبدأت تكنس الاتربه من فوق الارضيات ، وانحنت بجسدها كي تزيل باقي الاغطيه الصوفيه البسيطه لتنضفها ،الي ان تذكرت حساء العدس الذي تطهوه
فركضت الي ذلك المطبخ الذي اصبح جزء منها بأرادتها فعمتها دائما تعاتبها علي تحمل اعباء المنزل ، لتتذوق طعم الطعام وهي تبتسم عن رضي
متذكره والدتها ووالدها بحزن قد اصبح محفورا في قلبها
ليأتي صوت والدتها في اذنيها عندما تذكرت
يابنتي ياحببتي اتعلميلك اي طابخه تنفعك
لتتدفق الذكريات الي اذنيها
فتمسح دموعها التي أنسابت علي وجنتيها كالمطر الي ان تنهدت قائله : شوفتي ياماما اه انا بقيت ست بيت شاطره ، وبقيت اتحمل المسئوليه ومبقتش مدلعه ...
وعادت للبكاء ولكن بحرقه
صفا : اصلا هدلع علي مين غيركم من بعدكم
ورفعت تلك السلسال التي في عنقها لتتأمل قلب السلسال ومايحتويه علي صورة والديها
فلم يتبقي لها من وجودهم سوا الذكريات وسلسال يحمل صورتهما
لتأتي جنة من خلفها وتدغدغها من الخلف ، فتشهق صفا من مزاحها
صفا: خضتيني ياجنه
جنه ضاحكه : الجميل سرحان في ايه ؟
صفا بأبتسامة باهته : سرحانه في حياتي ياجنه
فتتنهد جنه بحزن عليها قائله بحب : عارفه جبتلك معايا ايه وانا راجعه من الجامعه
لتشرد صفا ثانية ، فترفع جنه بأحدي الكُتب قائله : هو صحيح الكتاب ده مش لمراد زين ، بس انتي برضوه بتحبي تقري للكاتب ده ، بس عرفتلك خبر هيفرحك كاتبك الغالي هينشر كتاب جديد ليه قريب
فيهتز جسد صفا متذكره اخر ماكانت تحمله له ، وهي هائمة في عالمه .. وعالم الروايات
لتقول بوجع : انا خلاص قررت مقراش تاني ياجنه
فتنصدم جنه من حديث ابنة خالها رحمه الله
فتتأمل صفا ما يحاوطها من الفراغ قائله: كنت الاول بعيش الخيال وانا مطمنه من واقع محاوطني واقع كنت سعيده بيه ومدلله فيه ، بس دلوقتي مبقتش عايزه اتخيل حاجه غير صوره واحده بس
وتتساقط دمعه حارقه علي وجنتيها فتتابع بحديثها
صوره بيتنا وهو بيتهد وبيتحول الي تراب
لتحتضنها جنه بألم قائله : مر 6 شهور ولسا الوجع جواكي يابنت خالي وبتتظهري برضاكي ..طب اصرخي طيب فينا
وصمتت كلتاهما حتي تضحك جنه قائله وهي تشم رائحة الطعام
جنه بداعبه : حاسه اللي انا حساه
فتهز لها صفا رأسها بالأيجاب
فتتابع جنا قائله : طب شما اللي انا شماه
فتعاود صفا لتحريك رأسها مجددا
حتي صرخوا سويا : العدس شاط
..................................................................
اتسعت ابتسامتها وهي تتأمله وهو منكب علي حاسوبه الشخصي يريها كل شئ يخص ذلك المشروع المشترك بين شركتهم وشركة والدها لبناء احد المنتجعات الجديده
فتمدّ جينا بيدها لتمسك كفه الرجولي قائلة بهيام اصبح مدروسا : مش كفايه شغل
لينتفض احمد من لمستها الجريئه ، وينهض من علي كرسيه بجمود
جينا ببرأه : مكنتش اقصد صدقني يا احمد، انا اسفه
احمد بحده : اظاهر ان ازالة الالقاب اللي بينا هتنسيكي الحدود اللي بتربطنا .. يا انسه جينا
لتقترب هي منه هامسه بالقرب من أذنيه : احمد انا ...
ليقطع حديثهم رنين هاتفه ، فيبتعد عنها بضيق ليري اسم المتصل صديقه رامي
فيتذكر مقابلته لرامي التي اتفق عليها ، متأملا ساعته .. متنهدا بضيق من نسيانه للموعد
احمد : اسف يارامي بجد نسيت ميعادنا
ليحادثه رامي بهدوء : ولا يهمك يااحمد ، انا بس قلقت عليك.. نتقابل بكره في نفس الميعاد ،يناسبك ده
احمد : اه يناسبني
ويلتف خلفه وهو يتابع حديثه ، فيلاحظ نظرات جينا الحمقاء ، فينهي حديثه قائلا ببرود :
الاجتماع انتهي انسه جينا ، وياريت عز باشا يرجع يتابع معانا هو الشغل ... ويخرج سريعا من امامها لينهي اي احتكاكاً بها اليوم
وظفر بضيق متذكراً كل محاولاتها معه منذ ان دخل بعقلها وقلبها المراهق
لتستشيط جينا غضباً من افعاله قائله : ماشي ياأحمد السيوفي
..............................................................
جلست بينهم تتناول طعامها البسيط ، فتطلعت اليها عمتها بحنان قائله : تسلم ايدك ياصفا ياحببتي
ليشاركها زوج عمتها الرجل الحنون
صابر : ربنا يبارك فيكي يابنتي
فبتسم صفا اليهم بحب ، حتي تحدثت عمتها اليها ثانية
صافيه وهي تربط علي يديها : بقيتي شايله مسئولية البيت عننا ، واحتضنتها بحنان وهي تتابع بحديثها :
متجيش علي نفسك عشانا ولا عشان تشيلي علي الزفته اللي عماله تاكل من الصبح
لترفع جنه وجهها من علي طبقها قائله : ليه كده يا صافيه ياغاليه ، ده انا غلبانه
صافيه : ساعدي بنت خالك ، اه خلاص كلها كام شهر وهتخلصي وهطلعه عليكي في شغل البيت
جنه : ايد علي ايد بتساعد
صافيه : ما انا اه وابوكي شقينين ، عشان نصرف عليكي ومنخلكيش تحتاجي لحاجه
فتنظر جنه الي امها رافعة بكف ايديها قائله : ربنا يديكي الصحه يا ماما ، واتخرج واشتغل ومخلكمش تحتاجوا لحد
فيلاحظ صابر نظرات تلك المسكينه بينهم وهي تتابع حديثهم وكأنه يذكرها بحياتها السابقه
صابر بحنان : انا عارف انك بتحبي القصب ياصفا يابنتي ، يلا تعالي نقعد قدام باب البيت .. نتسلي لحد اما جنه وعمتك يخلصوا خناق ويعملونا الشاي
لتمسح صفا دمعه قد فرت منها دون قصد ، ونهضت خلفه قائلة بحب لحنانه معها: قصب !
صابر ضاحكا وهو يبسط احد القطع الصوفيه امام باب داره
قائلا : من وانتي طفله صغيره بتحبيه
ليعلو صوت جنه من خلفهم لتقول ضاحكه : انا جيت اقشرهولها زي زمان ، ما اصل انا بحب ادلعها
ولا ايه ياقطتي الغاليه
لتبتسم صفا لابنة عمتها بحب ، متذكرة طفولتها وتلك الايام التي كانت تقضيها في بلدة والدها ووالدتها بالعطله الصيفيه
.............................................................
وقفت الخادمه علي أستحياء منه وهي تفرك في كلتا ايديها
حتي قالت بأرتباك
حنان : سيد عامر انا مش عارفه اقول ايه لحضرتك
فينتبه اليها عامر بعد أن ايقن ان الحديث سيخص والدته
فتتابع حنان بحديثها قائله : انا مضطره اسيب الشغل ، عشان عشان
فينظر اليها عامر بقوه قائلا بجديه : عشان ايه ياحنان
حنان : عشان هتجوز ،وجوزي رافض اني اشتغل في البيوت حتي لو هكون مرافقه لحد
لينهض عامر من علي كرسي مكتبه الوثير بوقاره وجسده القوي ويسير ناحية شرفة مكتبه الضخم ، واضعا احدي سيجارات الكوبي بين شفتيه متنفساً دخانها بهدوء
وبعد لحظات خرج صوته وهو مازال يعطيها ظهره
عامر : تكلفة جوازك هتكون هديه مني لخدمتك الطيبه لأمي ، وده بعيد عن مكفأتك لنهايه الخدمه ياحنان
ليتهلل اسارير حنان ، وتتحدث بخجل لكرمه هذا معها
حنان : والله ياعامر باشا انا بحب ست ناهد اووي وكان علي عيني اسيبها ، واخفضت برأسها ارضا لتتابع بحديثها الذي التف عليه عامر ..فرأي نظراتها الخجله المرتبكه
فتكمل حنان حديثها قائله : بس سعد راجل طايب ومناسب لعمره ليا ، الامان بوجود راجل يخاف علي الواحده مننا ويحبها بالدنيا يابيه
ليبتسم عامر لحديثها ، متغلغلاً بداخله مشاعر جميله ولكن سريعا ما تلاشي كل شئ .. ليعود لجديته قائلا : مبرووك ياحنان !!
..................................................................
كانت الامطار تتساقط بغزاره وصوت الرياح يتعالا بالتدريج
ليشتدّ ضمها لنفسها أكثر وهي جالسة علي احدي الحجاره امام بيت عمتها ، فيصبح جسدها كله مُبتل فتزداد لضم عبائتها حول جسدها النحيل وتمسك بحجابها بقوه وهي ترتجف
فينفتح باب البيت وتشهق جنه من منظرها قائلة بخوف : صفا ، صفا ايه اللي بتعمليه في نفسك ده
وجثت علي ركبتيها امامها وهي تتشبع ايضا من ماء الامطار المتدفقه بغزاره
لترتجف صفا باكيه بأنكسار : ليه سابوني ياجنه لوحدي ، ليه مامتش معاهم قوليلي ليه
لتأخذها جنه بين احضانها قائله بألم : اصرخي ياصفا طلعي اللي جواكي كله ، متموتيش نفسك بالبطئ
صفا : انا انكسرت ياجنه ، انا دوقت فعلا مرارة الدنيا وشوفت قلبتها في غمضت عين
ونهضت من فوق ذلك الحجر بعد ان ازاحت ذراعي جنه الذي يضمها .. ورفعت بذراعها عاليا ، وهي تتأمل هبوط الامطار عليها بقوه وصوت الرعد بنوره القوي يتعالا حولها
حتي صرخت من بين شهقاتها : يارب ... يارب
وسقطت علي ركبتيها وهي واضعه بيدها علي قلبها ناطقه
صفا : اللهم لا تحملنا ما لا طاقة لنا به ، وظلت تردد ذلك الدعاء حتي وجدت جنه تضمها اليها وتساعدها علي الوقوف
.................................................................
أرخي بجسده بعد ان جلس علي كرسيه في ذلك الكافي ووضع بمفاتيحه الخاصه علي الطاوله وهو يفرك بأيديه البارده
احمد: الجو النهارده بارد اووي
وانحني بجسده نحو الطاولة ليحمل مشروبه الساخن قائلا وهو يرتشفه : امممم ، محتاج ادفي
فيبتسم رامي هو الاخر شاعرا بالبروده قائلا : اسبوع يا احمد عشان اعرف اقابلك
ليتنهد احمد قائلا : غصب عني والله يارامي المشروع الجديد بقي واخد كل وقتي
ليتناول رامي فنجان قهوته ويبدء بأرتشاف القليل منه ويعتدل في جلسته قائلا : عايز اهداء الكتاب يكون لمين المرادي
ليغمض احمد عينيه متذكرا حياته السابقه
أحمد بشرود : لكل انسان اجبرته حياته انه يكون مُنعزل
.............................................................
ظلت صفا تتمايل في فراشها وكأن النوم رافضاً هذه الليله ان يزور جفونها ، لتنهض من علي فراشها بتعب
فتتأملها جنه القابعه بين كتابها تذاكر علي ضوء الأناره الخافت
جنه بقلق : رايحه فين ياصفا
لتبتسم اليها صفا بحب : هروح اشرب ياجنه ، متقلقيش
فتطمئن جنه قائله : ماشي ياحببتي
.................................................
يعني هتشتغل شغل اضافي ياصابر
فيتنهد صابر بتعب : اعمل ايه يا ام جنه الحياه بقيت غاليه ، والحمل زاد ، مش عايزين نأثر مع بنت اخوكي في حاجه ..
لتصمت صافية ، قليلا وتعاود بحديثها : حد يصدق ان كل ده يحصل ، وتتذكر ملامح ابنة اخاها المنكسره قائله :
ربنا يقدرنا عليها ، لحد ما نجوزها لابن الحلال اللي يصونها
صابر: ما انا شايل هم اليوم ده .. مش عارف لو حد اتقدملها هقوله ايه واجهزها ازاي ، عشان كده يا ام جنه اي حاجه تجبيها لجنه تجيبي زيها لصفا في الجهاز واه نجهزهم من الشغل الاضافي اللي هشتغله في المزرعه
لتبتسم صافيه من حديث زوجها وطيبته علي ابنة اخيها اليتيمه
فيتذكر هو شيئاً
صابر : نسيت اقولك مش حنان بنت شلبي هتتجوز وسابت الخدمه في قصر السيوفي في مصر ورجعت البلد ، والبيه الكبير عايز واحده بدالها متعرفيش واحده ياحجه
ليتهلل اسارير صافيه قائله : ايه رئيك اروح انا ياحج بدل الشغل في المزرعه ، ديه حنان كانت بتقولي انها بس مرفقه للست هانم
فيختنق صوت صابر قائلا : لولا الحاجه وقلة الحيله عمري ما كنت هنتك وخليتك تشتغلي ، واقفلي علي الموضوع ده
صافيه : خلاص ياحج متزعلش مني، انا بس قولت الفلوس هناك اكتر واه نعرف نجهز صفا وجنه جهاز كويس .. بس يلا الحمدلله
صابر بتعب : طب نامي يلا ياحجه عشان اشغالنا اللي بكره
وينطفئ نور حجرتهم وهم لا يعلمون بأن شخصاً اخر قد أشتعل بداخله ألماً من حديثهم لم يقصدوا ان يزرعه بداخله
فترتعش ايدي صفا وهي تمسح دموعها
صفا : انا لازم ادور علي شغل ، حتي لو هضطر أخدم في بيت البيه اللي بيكلموا عنه ده
فركضت الي ذلك المطبخ الذي اصبح جزء منها بأرادتها فعمتها دائما تعاتبها علي تحمل اعباء المنزل ، لتتذوق طعم الطعام وهي تبتسم عن رضي
متذكره والدتها ووالدها بحزن قد اصبح محفورا في قلبها
ليأتي صوت والدتها في اذنيها عندما تذكرت
يابنتي ياحببتي اتعلميلك اي طابخه تنفعك
لتتدفق الذكريات الي اذنيها
فتمسح دموعها التي أنسابت علي وجنتيها كالمطر الي ان تنهدت قائله : شوفتي ياماما اه انا بقيت ست بيت شاطره ، وبقيت اتحمل المسئوليه ومبقتش مدلعه ...
وعادت للبكاء ولكن بحرقه
صفا : اصلا هدلع علي مين غيركم من بعدكم
ورفعت تلك السلسال التي في عنقها لتتأمل قلب السلسال ومايحتويه علي صورة والديها
فلم يتبقي لها من وجودهم سوا الذكريات وسلسال يحمل صورتهما
لتأتي جنة من خلفها وتدغدغها من الخلف ، فتشهق صفا من مزاحها
صفا: خضتيني ياجنه
جنه ضاحكه : الجميل سرحان في ايه ؟
صفا بأبتسامة باهته : سرحانه في حياتي ياجنه
فتتنهد جنه بحزن عليها قائله بحب : عارفه جبتلك معايا ايه وانا راجعه من الجامعه
لتشرد صفا ثانية ، فترفع جنه بأحدي الكُتب قائله : هو صحيح الكتاب ده مش لمراد زين ، بس انتي برضوه بتحبي تقري للكاتب ده ، بس عرفتلك خبر هيفرحك كاتبك الغالي هينشر كتاب جديد ليه قريب
فيهتز جسد صفا متذكره اخر ماكانت تحمله له ، وهي هائمة في عالمه .. وعالم الروايات
لتقول بوجع : انا خلاص قررت مقراش تاني ياجنه
فتنصدم جنه من حديث ابنة خالها رحمه الله
فتتأمل صفا ما يحاوطها من الفراغ قائله: كنت الاول بعيش الخيال وانا مطمنه من واقع محاوطني واقع كنت سعيده بيه ومدلله فيه ، بس دلوقتي مبقتش عايزه اتخيل حاجه غير صوره واحده بس
وتتساقط دمعه حارقه علي وجنتيها فتتابع بحديثها
صوره بيتنا وهو بيتهد وبيتحول الي تراب
لتحتضنها جنه بألم قائله : مر 6 شهور ولسا الوجع جواكي يابنت خالي وبتتظهري برضاكي ..طب اصرخي طيب فينا
وصمتت كلتاهما حتي تضحك جنه قائله وهي تشم رائحة الطعام
جنه بداعبه : حاسه اللي انا حساه
فتهز لها صفا رأسها بالأيجاب
فتتابع جنا قائله : طب شما اللي انا شماه
فتعاود صفا لتحريك رأسها مجددا
حتي صرخوا سويا : العدس شاط
..................................................................
اتسعت ابتسامتها وهي تتأمله وهو منكب علي حاسوبه الشخصي يريها كل شئ يخص ذلك المشروع المشترك بين شركتهم وشركة والدها لبناء احد المنتجعات الجديده
فتمدّ جينا بيدها لتمسك كفه الرجولي قائلة بهيام اصبح مدروسا : مش كفايه شغل
لينتفض احمد من لمستها الجريئه ، وينهض من علي كرسيه بجمود
جينا ببرأه : مكنتش اقصد صدقني يا احمد، انا اسفه
احمد بحده : اظاهر ان ازالة الالقاب اللي بينا هتنسيكي الحدود اللي بتربطنا .. يا انسه جينا
لتقترب هي منه هامسه بالقرب من أذنيه : احمد انا ...
ليقطع حديثهم رنين هاتفه ، فيبتعد عنها بضيق ليري اسم المتصل صديقه رامي
فيتذكر مقابلته لرامي التي اتفق عليها ، متأملا ساعته .. متنهدا بضيق من نسيانه للموعد
احمد : اسف يارامي بجد نسيت ميعادنا
ليحادثه رامي بهدوء : ولا يهمك يااحمد ، انا بس قلقت عليك.. نتقابل بكره في نفس الميعاد ،يناسبك ده
احمد : اه يناسبني
ويلتف خلفه وهو يتابع حديثه ، فيلاحظ نظرات جينا الحمقاء ، فينهي حديثه قائلا ببرود :
الاجتماع انتهي انسه جينا ، وياريت عز باشا يرجع يتابع معانا هو الشغل ... ويخرج سريعا من امامها لينهي اي احتكاكاً بها اليوم
وظفر بضيق متذكراً كل محاولاتها معه منذ ان دخل بعقلها وقلبها المراهق
لتستشيط جينا غضباً من افعاله قائله : ماشي ياأحمد السيوفي
..............................................................
جلست بينهم تتناول طعامها البسيط ، فتطلعت اليها عمتها بحنان قائله : تسلم ايدك ياصفا ياحببتي
ليشاركها زوج عمتها الرجل الحنون
صابر : ربنا يبارك فيكي يابنتي
فبتسم صفا اليهم بحب ، حتي تحدثت عمتها اليها ثانية
صافيه وهي تربط علي يديها : بقيتي شايله مسئولية البيت عننا ، واحتضنتها بحنان وهي تتابع بحديثها :
متجيش علي نفسك عشانا ولا عشان تشيلي علي الزفته اللي عماله تاكل من الصبح
لترفع جنه وجهها من علي طبقها قائله : ليه كده يا صافيه ياغاليه ، ده انا غلبانه
صافيه : ساعدي بنت خالك ، اه خلاص كلها كام شهر وهتخلصي وهطلعه عليكي في شغل البيت
جنه : ايد علي ايد بتساعد
صافيه : ما انا اه وابوكي شقينين ، عشان نصرف عليكي ومنخلكيش تحتاجي لحاجه
فتنظر جنه الي امها رافعة بكف ايديها قائله : ربنا يديكي الصحه يا ماما ، واتخرج واشتغل ومخلكمش تحتاجوا لحد
فيلاحظ صابر نظرات تلك المسكينه بينهم وهي تتابع حديثهم وكأنه يذكرها بحياتها السابقه
صابر بحنان : انا عارف انك بتحبي القصب ياصفا يابنتي ، يلا تعالي نقعد قدام باب البيت .. نتسلي لحد اما جنه وعمتك يخلصوا خناق ويعملونا الشاي
لتمسح صفا دمعه قد فرت منها دون قصد ، ونهضت خلفه قائلة بحب لحنانه معها: قصب !
صابر ضاحكا وهو يبسط احد القطع الصوفيه امام باب داره
قائلا : من وانتي طفله صغيره بتحبيه
ليعلو صوت جنه من خلفهم لتقول ضاحكه : انا جيت اقشرهولها زي زمان ، ما اصل انا بحب ادلعها
ولا ايه ياقطتي الغاليه
لتبتسم صفا لابنة عمتها بحب ، متذكرة طفولتها وتلك الايام التي كانت تقضيها في بلدة والدها ووالدتها بالعطله الصيفيه
.............................................................
وقفت الخادمه علي أستحياء منه وهي تفرك في كلتا ايديها
حتي قالت بأرتباك
حنان : سيد عامر انا مش عارفه اقول ايه لحضرتك
فينتبه اليها عامر بعد أن ايقن ان الحديث سيخص والدته
فتتابع حنان بحديثها قائله : انا مضطره اسيب الشغل ، عشان عشان
فينظر اليها عامر بقوه قائلا بجديه : عشان ايه ياحنان
حنان : عشان هتجوز ،وجوزي رافض اني اشتغل في البيوت حتي لو هكون مرافقه لحد
لينهض عامر من علي كرسي مكتبه الوثير بوقاره وجسده القوي ويسير ناحية شرفة مكتبه الضخم ، واضعا احدي سيجارات الكوبي بين شفتيه متنفساً دخانها بهدوء
وبعد لحظات خرج صوته وهو مازال يعطيها ظهره
عامر : تكلفة جوازك هتكون هديه مني لخدمتك الطيبه لأمي ، وده بعيد عن مكفأتك لنهايه الخدمه ياحنان
ليتهلل اسارير حنان ، وتتحدث بخجل لكرمه هذا معها
حنان : والله ياعامر باشا انا بحب ست ناهد اووي وكان علي عيني اسيبها ، واخفضت برأسها ارضا لتتابع بحديثها الذي التف عليه عامر ..فرأي نظراتها الخجله المرتبكه
فتكمل حنان حديثها قائله : بس سعد راجل طايب ومناسب لعمره ليا ، الامان بوجود راجل يخاف علي الواحده مننا ويحبها بالدنيا يابيه
ليبتسم عامر لحديثها ، متغلغلاً بداخله مشاعر جميله ولكن سريعا ما تلاشي كل شئ .. ليعود لجديته قائلا : مبرووك ياحنان !!
..................................................................
كانت الامطار تتساقط بغزاره وصوت الرياح يتعالا بالتدريج
ليشتدّ ضمها لنفسها أكثر وهي جالسة علي احدي الحجاره امام بيت عمتها ، فيصبح جسدها كله مُبتل فتزداد لضم عبائتها حول جسدها النحيل وتمسك بحجابها بقوه وهي ترتجف
فينفتح باب البيت وتشهق جنه من منظرها قائلة بخوف : صفا ، صفا ايه اللي بتعمليه في نفسك ده
وجثت علي ركبتيها امامها وهي تتشبع ايضا من ماء الامطار المتدفقه بغزاره
لترتجف صفا باكيه بأنكسار : ليه سابوني ياجنه لوحدي ، ليه مامتش معاهم قوليلي ليه
لتأخذها جنه بين احضانها قائله بألم : اصرخي ياصفا طلعي اللي جواكي كله ، متموتيش نفسك بالبطئ
صفا : انا انكسرت ياجنه ، انا دوقت فعلا مرارة الدنيا وشوفت قلبتها في غمضت عين
ونهضت من فوق ذلك الحجر بعد ان ازاحت ذراعي جنه الذي يضمها .. ورفعت بذراعها عاليا ، وهي تتأمل هبوط الامطار عليها بقوه وصوت الرعد بنوره القوي يتعالا حولها
حتي صرخت من بين شهقاتها : يارب ... يارب
وسقطت علي ركبتيها وهي واضعه بيدها علي قلبها ناطقه
صفا : اللهم لا تحملنا ما لا طاقة لنا به ، وظلت تردد ذلك الدعاء حتي وجدت جنه تضمها اليها وتساعدها علي الوقوف
.................................................................
أرخي بجسده بعد ان جلس علي كرسيه في ذلك الكافي ووضع بمفاتيحه الخاصه علي الطاوله وهو يفرك بأيديه البارده
احمد: الجو النهارده بارد اووي
وانحني بجسده نحو الطاولة ليحمل مشروبه الساخن قائلا وهو يرتشفه : امممم ، محتاج ادفي
فيبتسم رامي هو الاخر شاعرا بالبروده قائلا : اسبوع يا احمد عشان اعرف اقابلك
ليتنهد احمد قائلا : غصب عني والله يارامي المشروع الجديد بقي واخد كل وقتي
ليتناول رامي فنجان قهوته ويبدء بأرتشاف القليل منه ويعتدل في جلسته قائلا : عايز اهداء الكتاب يكون لمين المرادي
ليغمض احمد عينيه متذكرا حياته السابقه
أحمد بشرود : لكل انسان اجبرته حياته انه يكون مُنعزل
.............................................................
ظلت صفا تتمايل في فراشها وكأن النوم رافضاً هذه الليله ان يزور جفونها ، لتنهض من علي فراشها بتعب
فتتأملها جنه القابعه بين كتابها تذاكر علي ضوء الأناره الخافت
جنه بقلق : رايحه فين ياصفا
لتبتسم اليها صفا بحب : هروح اشرب ياجنه ، متقلقيش
فتطمئن جنه قائله : ماشي ياحببتي
.................................................
يعني هتشتغل شغل اضافي ياصابر
فيتنهد صابر بتعب : اعمل ايه يا ام جنه الحياه بقيت غاليه ، والحمل زاد ، مش عايزين نأثر مع بنت اخوكي في حاجه ..
لتصمت صافية ، قليلا وتعاود بحديثها : حد يصدق ان كل ده يحصل ، وتتذكر ملامح ابنة اخاها المنكسره قائله :
ربنا يقدرنا عليها ، لحد ما نجوزها لابن الحلال اللي يصونها
صابر: ما انا شايل هم اليوم ده .. مش عارف لو حد اتقدملها هقوله ايه واجهزها ازاي ، عشان كده يا ام جنه اي حاجه تجبيها لجنه تجيبي زيها لصفا في الجهاز واه نجهزهم من الشغل الاضافي اللي هشتغله في المزرعه
لتبتسم صافيه من حديث زوجها وطيبته علي ابنة اخيها اليتيمه
فيتذكر هو شيئاً
صابر : نسيت اقولك مش حنان بنت شلبي هتتجوز وسابت الخدمه في قصر السيوفي في مصر ورجعت البلد ، والبيه الكبير عايز واحده بدالها متعرفيش واحده ياحجه
ليتهلل اسارير صافيه قائله : ايه رئيك اروح انا ياحج بدل الشغل في المزرعه ، ديه حنان كانت بتقولي انها بس مرفقه للست هانم
فيختنق صوت صابر قائلا : لولا الحاجه وقلة الحيله عمري ما كنت هنتك وخليتك تشتغلي ، واقفلي علي الموضوع ده
صافيه : خلاص ياحج متزعلش مني، انا بس قولت الفلوس هناك اكتر واه نعرف نجهز صفا وجنه جهاز كويس .. بس يلا الحمدلله
صابر بتعب : طب نامي يلا ياحجه عشان اشغالنا اللي بكره
وينطفئ نور حجرتهم وهم لا يعلمون بأن شخصاً اخر قد أشتعل بداخله ألماً من حديثهم لم يقصدوا ان يزرعه بداخله
فترتعش ايدي صفا وهي تمسح دموعها
صفا : انا لازم ادور علي شغل ، حتي لو هضطر أخدم في بيت البيه اللي بيكلموا عنه ده